دولي

بوريل غاضب من رئيسة المفوضية الأوروبية لعرقلتها الإعتراف بالدولة الفلسطينية

في سابقة من نوعها، وجَّهَ الممثلُ الأعلى للسياسة الخارجية والدفاع في المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل انتقادات لرئيسته أورسولا فون دير لاين، متهماً إياها بالانحياز إلى إسرائيل.

ووفق معطيات حصلت عليها “القدس العربي”، لم يكن يقصد فقط دعمها للكيان الصهيوني، بل عرقلتها لأي محاولة اعتراف جماعي بالدولة الفلسطينية.

رئيسة المفوضية تضرب مساعي الاتحاد الأوروبي لإرساء سياسة خارجية خاصة به تراعي قربه الجغرافي من العالم العربي والإسلامي

وكان بوريل قد وجّه انتقادات لاذعة لرئيسة المفوضية الأوروبية، في حوار مع جريدة “الباييس”، الأحد ما قبل الماضي، متهماً إياها بانحياز تام لإسرائيل، وتهديد مصالح الاتحاد الأوروبي في العالم. وكان هذا هو الانتقاد القوي والمباشر، إلا أنه سبقته مواقف مماثلة لم تلفت انتباه المراقبين والرأي العام الدولي.

وكان بوريل قد أعرب، يوم 23 أكتوبر الماضي، عن امتعاضه من الزيارة التي قامت بها فون دير لاين إلى إسرائيل، مباشرة بعد “طوفان الأقصى”، وإصدارها تهديدات ضد الفلسطينيين. وأوضح أن “السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي تحدّدها الدول، وليس المفوضية الأوروبية”. غير أن فون دير لاين استمرّت في انحيازها، حتى جاء التنبيه القوي، في الحوار المذكور الذي أجراه بوريل مع جريدة “الباييس”، ينتقدها بشكل واضح، وبلهجة تحذيرية من مغبّة الاستمرار في الانحياز للكيان.

ومن خلال المعطيات التي حصلت عليها “القدس العربي” من مصادر إسبانية مقرّبة من الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والدفاع بوريل، الذي كان في الماضي وزيراً لخارجية مدريد، يوجد قلق وسط المفوضية المكلفة بالسياسة الخارجية والدفاع التي يديرها، ووسط عدد من الدول الأوروبية، من سياسة فون دير لاير، وهي:

أولاً، تماهي رئيسة المفوضية الأوروبية مع أطروحات لندن وواشنطن في النزاعات الدولية، وخاصة فلسطين وأوكرانيا، حيث يبدو أنها ممثلة للأنجلوسكسونيين، وليس الأوروبيين. ويتضح جلياً كيف تصدر مواقف سياسية موافقة لقادة لندن وواشنطن، دون العودة إلى عدد من قادة الدول الأوروبية مثل فرنسا واسبانيا وبلجيكا.

وترى هذه المصادر أن رئيسة المفوضية تضرب مساعي الاتحاد الأوروبي لإرساء سياسة خارجية خاصة به تراعي قربه الجغرافي من العالم العربي والإسلامي.

ومن أبرز تحديات الاتحاد الأوروبي سياسة خارجية موحدة للبقاء في نادي الكبار، إلى جانب الصين والولايات المتحدة وروسيا، وحتى لا يبقى الاتحاد الأوروبي قوة إقليمية.

هناك انقسام وسط دول الاتحاد الأوروبي بشأن تسريع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتعمل بعض العواصم، مثل مدريد وبروكسيل، على الدفع نحو اعتراف جماعي بالدولة الفلسطينية

ثانياً، من جانب آخر، يرى قادة أوروبا الغربية، بنوعٍ من الامتعاض، مساعي رئيسة المفوضية الأوروبية لتوظيف دول أوروبا الشرقية لخدمة أجندة لندن- واشنطن في القضايا الدولية. وهي بهذا تعيد سيناريو دور دول أوروبا الشرقية في دعم الحرب ضد العراق سنة 2003، ودعم محور واشنطن- لندن، ومواجهة محور باريس- برلين. وكان الرئيس الفرنسي، جاك شيراك وقتها، قد صرح مخاطباً قادة دول أوروبا الشرقية “يا ليتهم يصمتون”.

ثالثاً، يوجد انقسام وسط دول الاتحاد الأوروبي بشأن تسريع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتعمل بعض العواصم، مثل مدريد وبروكسيل، على الدفع نحو اعتراف جماعي بالدولة الفلسطينية، لإظهار موقف موحّد في السياسة الخارجية، لا سيّما أن جميع الأوروبيين يتبنّون مبدأ حلّ الدولتين. ويعمل بوريل في هذا الاتجاه، إلا أن رئيسة المفوضية الأوروبية تعرقل كل هذه المساعي خدمةً لسياسة الكيان ومحور لندن- واشنطن. ولهذا، تهدد بعض الدول، مثل إسبانيا، على لسان رئيس حكومتها بيدرو سانشيز، بأنها قد تتخذ قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية دون انتظار الباقي.