الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

يديعوت 3/6/2024

المخطط أهون الشرور

بقلم: ناحوم برنياع

لو كان خطاب بايدن فيلما سينمائيا لكان بدأ بجملة “بالهام قصة حقيقية”: يوجد قرب ثابت بين المخطط الذي اقر في كابنت الحرب والمخطط الذي عرضه بايدن في يوم الجمعة، لكن في كل ما يتعلق بالجوهر اخذ بايدن لنفسه حرية إبداعية بعيدة المدى. هكذا تصرفت إدارات أمريكية في الماضي وهكذا اليوم أيضا: حيال حكومات إسرائيلية تراوح في المكان، مشلولة بسبب ضغوط داخلية متضاربة او طموحات رؤسائها، فانهم يعرضون صيغتهم لما تريده إسرائيل.

في اثناء حرب يوم الغفران وبعدها اقتاد وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر حكومة إسرائيل الى وقف النار، انهاء الحرب والانسحاب في سيناء في يد فنان. عندما نشأت الحاجة صور مطالب الأطراف، بما في ذلك مطالب كابنت الحرب لغولدا. “بالاحابيل تنهي حربا”، هكذا سمي الكتاب الذي كتبه الدبلوماسي مارتين ايندك، بتعاون مع كيسنجر، عن الطريق الملتوية التي أدت من الحرب الى السلام. هذا بالضبط ما يحاول بايدن عمله الان.

نتنياهو يعرف الشعور: قبل أربع سنوات، في مؤتمر صحفي عاجل، على سطح اعد على عجل في رمات غان، عشية الانتخابات، اعلن عن ضم أجزاء من الضفة. لجارد كوشنير، صهر الرئيس ترامب كانت أفكار أخرى. الضم لم يكن: اتفاق مع الامارات وقع، لمنفعة كل الأطراف. الضم نسي: كوشنير فقط يتذكره.

شيء ما في خطاب الرئيس لا يستوي، قال المتظاهرون الذين ملأوا في منتهى السبت الميادين. بايدن يدعو مواطني إسرائيل للضغط على حكومة إسرائيل لقبول مقترح حكومة إسرائيل. كيف يمكن لهذا ان يكون؟

في عائلات المخطوفين فهموا الحيلة. ولهذا فقد قرروا ان يسموا المخطط الذي عرضه بايدن “مخطط نتنياهو”، “مقترح نتنياهو”، “صفقة نتنياهو”. شاء أم أبى، المخطط سيسجل على اسمه، وكذا التهمة.

الفجوة بين المقترح الإسرائيلي كما فسره بايدن والمقترح الإسرائيلي كما فسره نتنياهو يتركز في انهاء الحرب – ليس موضوعا بسيطا. بايدن يوثق العلاقة بين وقف النار المؤقت في المرحلة الأولى، الإنساني والانهاء التام للحرب في المرحلة التالية. انهاء الحرب ضروري ليس فقط لاجل الحصول على موافقة حماس للصفقة بل وأيضا لاجل شق الطريق للتطبيع مع السعودية، ائتلاف إقليمي ضد ايران وإقامة مجمع دولي لاعمار غزة. هذه هي الخطوة الاستراتيجية لامريكا.

اما نتنياهو فيسعى الى جدول اعمال معاكس. استمرار الحرب هو خطوته الاستراتيحية: فهو لا يمكنه أن يسمح لنفسه ان يؤيد مخططا يتحدث صراحة عن انهاء الحرب. “نتنياهو”، قال لـي إسرائيلي كان مشاركا في المفاوضات، “قال نعم فقط عندما كان لديه أساس للافتراض بان حماس ستقول لا. فقد عول على السنوار”.

هكذا، الى أن القى بايدن خطابه واجبر نتنياهو على أن يكشف نواياه الحقيقية. مخطط بايدن ليس نقطة انطلاق، هذه كانت كلمات “البيان بالانجليزية لمكتب رئيس الوزراء، والذي نشر في السبت. نتنياهو كفيل بان يغير رأيه لكن هذا لن يحصل الا بعد أن يمارس عليه ضغط شديد، من الداخل ومن الخارج.

في 7 أكتوبر وقعت إسرائيل في حفرة عميقة. والوضع تفاقم فقط منذئذ، في كل الجبهات. المحللون يتحدثون عن سلم يفترض أن ينزل نتنياهو عن الشجرة، لكن التشبيه غير ناجح. هو في حفرة، الى جانب تسعة ملايين إسرائيلي آخرين، وما يقترحه بايدن علينا هو سلم للصعود من هناك. ليس سلما يضمن يقينا – مخططه هو في افضل الأحوال اهون الشرور – لكن لا يبدو أنه يوجد سلم آخر. “انتم تلعبون الان في كازينو ليس فيه آلات كسب”، قال لي صديق امريكي. “خذوا ما يوجد وارحلوا”.

في جلسة الكابنت الموسع صباح يوم الجمعة طرح الوزراء مطالب: كل وزير ومطالبه. واحد طلب قتل السنوار؛ واحد طلب التمترس الى الابد في محور فيلادلفيا وباقي القطاع؛ ثالث تساءل لماذا نحن لا نحتل جنوب لبنان؛ رابع اقترح تصفية الحوثيين في اليمن وخامس شن حرب ضد ايران. في النهاية تبين ان الجميع يتفقون على امر واحد: لا حاجة لزيادة ميزانية الدفاع.

هذا كابنت غير جدي على نحو ظاهر، صبياني، هواشي وفي اطرافه خطير ومسيحاني. لا يمكن الاعتماد عليه. ليس خيرا ان إسرائيل تضطر الى زعيم اجنبي كي تصحو، لكن مقايسة بالمشاكل الأخرى التي علقت بنا منذ أكتوبر هذا هو الجانب الأكثر صغرا.

——————————————–

يديعوت 3/6/2024

عن غياب البديل: رئيس الوزراء التالي

بقلم: عيناب شيف

حسب استطلاعين اجريا مع حلول نهاية الأسبوع الماضي في أخبار 12 وفي “معاريف” يقف بنيامين نتنياهو امام إنجازه السياسي الأعظم وعلى ما يبدو أيضا غير المسبوق على المستوى العالمي: في هذه اللحظة هو يبقى رئيس وزراء حتى بعد الانتخابات القادمة، رغم أنه في ورديته وقعت المذبحة الأخطر بحق اليهود منذ المحرقة، تقلصت أراضي الدولة في الشمال وفي الجنوب وهو لا ينجح في هزيمة منظمة إرهاب، جمعت معظم قوتها على مدى سنوات حكمه الطويلة. ليندون جونسون فاز في الانتخابات للرئاسة الامريكية في 1964 في 44 (!)  ولاية، لكنه تنازل عن التنافس على ولاية ثانية أساسا بسبب مراوحة الحرب في فيتنام في المكان. اما نتنياهو، في ولايته التي لا يدري احد كم هي، فلا يذكر إمكانية كهذه حتى ولا بالمزاح.

حسب الاستطلاعات، يمكنه أن يخرج من الانتخابات مع حكومة موسعة أخرى برئاسته (“طواريء”) او  انتزاع جولة انتخابات أخرى. الحساب بسيط: طالما كانت الكتلة المضادة، في كل وضعية (مثلا حزب يمين مع نفتالي بينيت، يوسي كوهن وما شابه)، لا تحظى بـ 61 بدون الموحدة، فالمعنى هو انه لا احتمال لحكومة ليست برئاسة نتنياهو. حكومة بمشاركة الموحدة تفككت بسرعة، وكان هذا قبل حدث مصمم للواقع مثل 7 أكتوبر. فبعد 7 أكتوبر لا يوجد كائن حي كهذا، مثلما اعلن افيغدور ليبرمان. فضلا عن ذلك، فان نهج يئير غولان الهجومي وغير المعتذر يجر منذ الان حملة نزع شرعية من اليمين يصوره كـ “فوضوي”  كان ايتمار بن غفير هو مواطن قدوة. ومن يعول على الكلمتين الأكثر اثارة للشفقة في العالم – “تمرد في الليكود” مدعو لان يسجل ابناءه في مؤسسات التعليم في الشمال للسنة الدراسية القادمة.

يحتمل أن يكون التحول يكمن في شخصية خارجية، مثابة أنبوب اسود ونظيف. سيكون من الغباء استبعاد مثل هذه الامكانية، لكن ينبغي الاعتراف بان المخزون محدود جدا: يخيل أن الجميع سبق أن جربوا وجُروبوا. وعلى أي حال، اجتازت كتلة نتنياهو تغييرا هاما: اليمين المتطرف لم يعد الذي الذي يهزه بل يشكل جزءا هاما من الامر ذاته. عندما قال يوآف غالنت “نحن مواصلو درب بيغن وليس درب بن غفير”، سألت النائبة تالي غوتليف: “ما الضير في بن غفير؟” وبن غفير نفسه عقب: “الغالبية الساحقة من الليكوديين… يؤيدون خطي الحازم”. وعليه، بالمناسبة، استطلاع اخبار 12 نرى أنه حتى اذا ما قام حزب يميني جديد، فان مقعدا واحدا فقط ينتقل من كتلة نتنياهو الى الكتلة المضادة”.

يمكن أن نحلل السياسة التي من خلف هذا ومرة أخرى اتهام بيني غانتس. صحيح أن هذا جميل وصحيح بعض الشيء، لكن هذا أيضا جبن وانعدام استقامة. القصة هي الجمهور الذي يختار كيف يصمم مستقبله، بالتأكيد في نقطة زمنية حرجة لم يشهد لها مثيل منذ 1948. من الاستطلاعات، وكذا من حقيقة ان ذاك الانفجار في الشوارع الذي وعد به المرة تلو الأخرى خبراء شؤون مشاعر الشعب لا يأتي، ينشأ خياران: إما أن يكون نتنياهو لم يفشل وكل شيء على ما يرام أم أن نتنياهو فشل لكن هذا اقل أهمية من جوانب أخرى (مثلا حكومة بدون عرب).

وبالاساس، يبدو أنه عندما يكون نصف الجمهور الإسرائيلي ببساطة لا يؤمن بتغيير الحكم (ومرة أخرى، ليس بين يمين واضح ويسار واضح) كقيمة بحد ذاتها، رغم كل الشواهد والأدلة على الفشل، التعفن والسأم. لعل إحساس الانتماء والتماثل اهم من اختبار النتيجة. لعل هذه هي الأجواء الخطيرة المتمثلة بـ “كلهم هم الامر ذاته”. هذا لا يهم: من السهل توجيه الاصبع لنتياهو، لابسطته، للقناة 14 وما شابه، ولكن في النهاية إسرائيل ستصل بالضبط الى حيث يأخذها الإسرائيليون والاسرائيليات. لا اكثر ولا أقل.

——————————————–

هآرتس 3/6/2024

تحقيق الجيش وصور الأقمار الصناعية تظهر: تخطيط عليل أدى الى قتل العشرات في رفح

بقلم: ينيف كوفوفيتش

صور الاقمار الصناعية والتحقيق الذي اجراه الجيش الاسرائيلي حول موت اكثر من 40 مواطن فلسطيني في رفح في اعقاب اغتيال اثنان من كبار نشطاء حماس، تدل على أنهم في الجيش لم يقدروا بشكل صحيح الاضرار التي ستنتج عن هذا الهجوم. الاكواخ التي كان يوجد فيها هؤلاء الاثنان، كانت جزء من منشأة مكتظة، التي بعد ذلك تبين أنه يعيش فيها عشرات الأشخاص.

الهجوم في يوم الاحد الماضي، 26 أيار، كان موجه لرئيس قيادة حماس في الضفة الغربية ياسين ربيع، وناشط كبير في هيئة القيادة، خالد النجار. حسب السلطات في غزة فان 45 شخص قتلوا في الحريق الذي اندلع في منشأة الاكواخ، على بعد 200 متر لمخيم مؤقت للنازحين تابع للامم المتحدة في مخيم تل السلطان.

التحقيق العسكري وتحليل صور الاقمار الصناعية تشير الى أن تخطيط مسبق عليل أدى الى هذه النتائج الصعبة. في الجيش اوضحوا بأنه جرت فحوصات مسبقة للتأكد من أن الكوخ الذي كان يوجد فيه ربيع والنجار لا يوجد فيه مدنيون. ولكن يبدو أن هذا الفحص لم يتم على الاكواخ القريبة المصنوعة من الصفيح الرقيق. الكوخ الذي كان يوجد فيه اعضاء هيئة قيادة الضفة في حماس كان جزء من مجموعة تتكون من 13 كوخ، المسافة بين كل كوخ وآخر هي 2 – 3 متر.

الى جانب هذين الكوخين هدف الهجوم، اللذان كان يوجد فيهما ربيع والنجار فان الحريق الذي اندلع في المكان اصاب ثلاثة اكواخ قريبة، هذا ما يتبين من تحليل صور الاقمار الصناعية والخرائط والرسوم البيانية التي نشرها الجيش الاسرائيلي كجزء من عملية الفحص.

في الجيش يتمسكون بادعاء أنهم لم يعرفوا أنه كان يوجد في الاكواخ القريبة عشرات المدنيين. واوضحوا ايضا في الجيش بأنه في هذا الهجوم تم استخدام ذخيرة دقيقة، تؤدي الى تدمير محدود بشكل نسبي حول الهدف.

بشكل استثنائي فانهم في الجيش قدموا تفاصيل اخرى حول نوع الذخيرة واشاروا الى أن الامر يتعلق بقنابل وزن الرأس المتفجر فيها 17 كغم. ولكن الوزن الشامل لكل قنبلة من التي القيت على الكوخين كان 100 كغم. الضرر الشمولي الذي ينتج عن مثل هذا الهجوم هو دائرة نصف قطرها بضعة امتار. وهذا رقم يجب أخذه في الاعتبار، مع ضرورة ايضا احتمالية وجود اشخاص غير متورطين بالفعل في الاكواخ المحاذية. صور الاقمار الصناعية في نهاية الاسبوع تظهر أنه بعد ثلاثة ايام على الهجوم فان منشأة الاكواخ تم اخلاءها بالكامل، ايضا الخيام في مخيم الامم المتحدة القريب.

في الجيش قالوا إن الحريق في المكان كان بسبب انفجار ذخيرة أو مواد قابلة للاشتعال كانت موجودة قرب هدف الهجوم. في احدى الصور التي نشرت بعد الفحص الاولي تمت الاشارة ايضا الى منصة لاطلاق الصواريخ تم دفنها تحت الارض في المكان، لكن في الجهة الاخرى لمنطقة الاكواخ. ولكن مصادر في جهاز الامن، مطلعة على التفاصيل، تعتقد أنه ايضا بدون الحريق كان هناك مصابون مدنيون يعيشون قريبا، حتى لو أن عددهم أقل بكثير. حسب هذه المصادر فان التخطيط المسبق للهجوم كان اشكالي.

مصدر امني قال للصحيفة بأنه لو أنهم كانوا يعرفون عن وجود مدنيين في الاكواخ القريبة لما كان الهجوم سيخرج الى حيز التنفيذ، حتى بثمن هرب الشخصين هدف التصفية. الادراك في الجيش هو أن موت المدنيين في الحريق له تداعيات كبيرة على استمرار القتال في رفح. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال إن الهجوم تم توجيهه ضد “اهداف ارهابية مهمة في رفح، من بينها شخصيات رفيعة في هيئة قيادة الضفة في المنظمة الارهابية حماس، التي اعطت التعليمات لنشطاء حماس في يهودا والسامرة لتنفيذ عمليات فتاكة ضد المواطنين الاسرائيليين. وقد تم تنفيذها بناء على معلومات استخبارية مسبقة عن وجود المخربين في المكان”.

وقد ورد أنه “قبل الهجوم تم اتخاذ عدة خطوات لتقليص المس بالاشخاص غير المتورطين، شملت الفحص من الجو واستخدام ذخيرة دقيقة ومعلومات استخبارية اخرى. الهجوم تم تنفيذه بواسطة قنبلتين مع رؤوس متفجرة صغيرة مناسبة لمهاجمة اهداف من هذا النوع. الحادثة يتم فحصها من قبل جهاز الفحص التابع لهيئة الاركان، وهو جسم مستقل مسؤول عن فحص الاحداث الاستثنائية في القتال. هذا الجهاز يقوم بفحص ظروف قتل مدنيين كانوا في مجال الهجوم. في الجيش الاسرائيلي يأسفون على المس بأشخاص غير متورطين اثناء القتال”.

———————————————

 هآرتس 3/6/2024

غياب التقدم في قطاع غزة يؤثر على حدود الشمال وإسرائيل قريبة هناك من فقدان السيطرة

بقلم: عاموس هرئيلِ

بعد القنبلة التي قام الرئيس الامريكي بالقائها في نهاية الاسبوع الماضي، فان اطراف المواجهة دخلت مرة اخرى في قطاع غزة في حالة الانتظار. بايدن، كما عمل رجاله على التوضيح منذ خطابه، في الحقيقة استند الى وثيقة تمت المصادقة عليها في مجلس الحرب الاسرائيلي وحصلت على موافقة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الاسبوع الماضي. اقتراح التقدم ارتكز على ما تم الاتفاق عليه في السابق بين دول الوساطة رغم أنه توجد فجوات في التفسير بخصوص الانتقال بين مراحل الصفقة المقترحة. بدرجة كبيرة فان عملية الادارة الامريكية استهدفت الصاق بنتنياهو في نظر الجمهور الاسرائيلي نفس التفاهمات التي وافق عليها في المحادثات خلف الكواليس.

هذا لا يزعج نتنياهو، في عدة بيانات واحاطات في محاولة للحفاظ على مسافة آمنة من التفاهمات والتوضيح أنه ينوي مواصلة القتال ضد حماس الى حين تفكيكها وتدميرها، دون صلة باعادة المخطوفين. شركاؤه في الحكومة من اليمين المتطرف اصدروا بيانات رفضت خطاب بايدن وهددوا بالانسحاب من الائتلاف اذا تم قبوله. ايضا وزراء واعضاء كنيست من الليكود تحدثوا ضد التفاهمات، مع تجاهل أن رئيس الوزراء التزم بها في السابق. ومثلما في السابق فانه ربما قيادة حماس في القطاع ستحل هذه الورطة لنتنياهو. بدلا من تبني العرض الذي حسب الغمز الامريكي سيضمن لهم انهاء الحرب رغم تهديدات نتنياهو، فان حماس تمط الوقت كالعادة. مجلس الحرب عقد أمس في القدس وهو ما زال ينتظر الرد من غزة.

إن غياب التقدم في الجنوب ينعكس على تفاقم الوضع في الشمال. الولايات المتحدة تعول على وقف اطلاق النار في غزة كنقطة انطلاق لاتصالات كثيفة تؤدي الى وقف اطلاق النار لفترة طويلة بين اسرائيل وحزب الله في لبنان. ولكن في غضون ذلك فان النار في الشمال ما زالت مشتعلة. المواجهة مع حزب الله، كما يشعر بذلك مواطني اسرائيل، تشمل اضرار كبيرة ومنهجية لمواقع الجيش والمستوطنات على طول الحدود مع لبنان نتيجة اطلاق الصواريخ ومضادات الدروع والمسيرات. عدد الخسائر في الجانب الاسرائيلي غير كبير اذا أخذنا في الحسبان حجم اطلاق النار، لكن الاضرار المعنوية كبيرة. بالنسبة لكثير من الاسرائيليين فان الدولة اهملت وتخلت عن الحدود الشمالية وتركتها لحزب الله: ليس فقط أنه تم اخلاء 60 ألف مواطن، بل إن حزب الله يستمر في القصف في العمق الاسرائيلي (مؤخرا تسمع بشكل ثابت صافرات الانذار ايضا في عكا، اضافة الى الجليل الاعلى والجليل الغربي وهضبة الجولان). في الخلفية، لا يبدو أن هناك أي شيء مما يفعله الجيش ينجح في ردع حزب الله.

أمس اندلعت حرائق كبيرة في كتسرين، في وسط الجولان، بعد قصف من لبنان. لا يمكن نسيان العطلتين الاخيرتين اللتان قضاهما الزوجين نتنياهو في الصيف الماضي هناك، قبل بضعة اسابيع على اندلاع الحرب. في واحدة منهما اهتم رئيس الحكومة بالتقاط صورة وهو يضع نظارات بلون وردي، حتى لو كان في حينه من الصعب استيعاب الرسالة التي قام مستشاروه بتسويقها، حيث في الخارج تأججت النفوس حول الانقلاب النظام، الآن بنظرة الى الوراء، هذا ظهر كخداع مطلق.

في القتال في الشمال فان نسبة الخسائر في الطرف اللبناني أعلى بكثير (حزب الله أحصى في السابق 330 قتيل في صفوفه)، عدد المدنيين الذين تم اخلاءهم من منطقة الحدود ضعف العدد في الجانب الاسرائيلي. وحزب الله فقد الكثير من البنى العسكرية قرب الحدود. الكثير من الاسرائيليين شاهدوا وهم في حالة صدمة صور الدمار في قيادة اللواء القطري 769، بعد اصابتها بصاروخ بركان في نهاية الاسبوع الماضي. في نفس اليوم نشر في الانترنت فيلم من القرية الشيعية عيتا الشعب، قبالة موشاف زرعيت. الدمار هناك الذي تسبب به الجيش الاسرائيلي يُذكر بما حدث في غزة. عمليا، عدة مرات اسرائيل هي التي تهاجم في العمق، في منطقة البقاع في لبنان. وفي بعض الحالات فان القصف الشديد لحزب الله هو رد على احداث قتل فيها الجيش الاسرائيلي بالقصف مدنيين في لبنان. الطرفان يحاولان ايضا بشكل عام عدم المس بالمدنيين، وتركيز النيران على القوات العسكرية. هذا الامر لا ينجح دائما والامور لا تكون هكذا في حرب شاملة، التي سيكون فيها الدمار كبير جدا بدرجة لا يمكن تقديرها.

الجمهور في اسرائيل غير مقتنع أن الجيش الاسرائيلي في وضع متفوق. الضغط الاعلامي على الحكومة وعلى هيئة الاركان من اجل “فعل أي شيء” يزداد. يمكن تفهم ذلك، والاخطر من ذلك هو وضع السكان. فقد تم الحكم عليهم بالنفي لثمانية اشهر بعيدا عن بيوتهم، وفي هذه الاثناء لا يوجد أي موعد هدف لعودتهم، باستثناء أمل غامض بأن الحل في غزة سيؤدي الى وقف النار وتسوية سياسية في لبنان. ولكن من يطالب باحتلال جنوب لبنان وهزيمة حزب الله يجب أن يأخذ في الحسبان التداعيات: العبء على القوات النظامية والاحتياط، التي تآكلت بعد القتال الطويل، والحاجة الى كمية كبيرة من السلاح الدقيق لتنفيذ خطط الجيش الاسرائيلي، والاضرار غير المسبوقة للجبهة الداخلية، بما في ذلك منطقة حيفا والكريوت وغوش دان. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اعلن أمس عن استكمال مناورة قيادات على مستوى هيئة الاركان، فحصت استعداد الجيش لحرب في المنطقة الشمالية. اضافة الى الاعدادات فان هذه محاولة اخرى لارسال اشارة لحزب الله. ولكن لا يمكن تجاهل الدلائل المتراكمة: نحن قريبون من فقدان السيطرة على الوضع على طول الحدود.

نقاشات حرة في هذه الاثناء

حتى بدون حرب شاملة في الشمال فانه في هذه الاثناء مسألة العبء على وحدات الاحتياط اصبح قضية حاسمة في ادارة الحرب. الحكومة وهيئة الاركان لا تدرك بما فيه الكفاية حجم الصعوبات، وهي تتعامل مع جنود الاحتياط كمورد لا ينفد. عمليا، الجنود الذين تم استدعاءهم للجبهة للمرة الثالثة بانذار قصير، يشعرون كيف أن التسامح في البيت وفي مكان العمل آخذ في النفاد، ناهيك عن الثمن النفسي المرتبط بالخدمة الطويلة والخطيرة.

خطورة هذه الامور برزت اكثر على خلفية النقاشات أمس في المحكمة العليا حول التماسات ضد القانون الذي استهدف استمرار اعفاء الحريديين من الخدمة العسكرية. المحامون من قبل الدولة وجمعيات للحريديين حاولوا تجنيد تعاطف القضاة لصالح وضع طلاب المدارس الدينية، الذين يتوقع تجندهم للجيش، أو على الاقل عدم التمتع بدعم مالي مبالغ فيه دون اعادة للدولة أي شيء في المقابل. في الجلسة ظهر بوضوح أن القضاة يحافظون على مشاعر التضامن مع الجنود في الخدمة النظامية وفي الاحتياط، المعروفة لهم بالتأكيد من محيطهم الخاص.

على هامش هذه الامور فان الاسئلة الشديدة التي طرحها القضاة على ممثلي الدولة (التي رفضت المستشارة القانونية للحكومة الدفاع عن هذه الحالة المشكوك فيها)، ذكرت بما اخرج مئات الآلاف الى الشوارع قبل مذبحة 7 تشرين الاول. لو أن نتنياهو وياريف لفين وسمحا روتمان واصدقاءهم حصلوا على غايتهم في التسعة اشهر، بين أداء الحكومة لليمين واندلاع الحرب، فان المحكمة العليا ما كانت ستكون قادرة على تحدي اجراءات التشريع في الحكومة وفي الكنيست. وحقيقة أن التغييرات في التشريع التي هدفت الى تشويه منظومة الكوابح والاتزان في الطريقة الديمقراطية، هي التي ما زالت تسمح بالنقاش الحر والعميق في هذه الاثناء.

هذا ايضا هو السبب في أن اعضاء في “اخوة في السلاح” هددوا في حينه بوقف التطوع للخدمة في الاحتياط. من يؤيدون الانقلاب النظامي يمكنهم الاستمرار في البكاء والعويل على الضرر الذي تسبب به “رفض اليسار”، الذي بدونه كنا سنتمتع الآن بتجربة مزدوجة لحرب استنزاف مقرونة بنظام شبه ديكتاتوري. مع ذلك، هذا الخطر لم يختف كما يتبين من الاجراءات التي تتخذها الحكومة في كل اسبوع.

——————————————–

معاريف 3/6/2024

على بلينكن ان يبلور السياسة على أساس واقع الشرق الأوسط المتفجر

بقلم: يورام اتينغر

يعمل وزير الخارجية الأمريكي بلينكن على الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط. لكن يوجهه واقع بديل لسيناريو مستقبلي تخميني، منقطع عن واقع الشرق الأوسط. فمثلا، يقدس الخيار الدبلوماسي الذي ساهم كثيرا في جعل نظام آيات الله عنصرا مركزيا في الساحة الإقليمية والعالمية. يعارض خيار تغيير النظام، ويرفض الخيار العسكري رغم السلوك المناهض لامريكا لنظام ايات الله منذ شباط 1979، الذي يتميز بالإرهاب، تهريب المخدرات، تبييض الأموال ونشر الأسلحة في ارجاء العالم بما في ذلك في أمريكا اللاتينية وعلى أراضي الولايات المتحدة.

يضغط بلينكن على إسرائيل للانتقال من الخيار العسكر الى الخيار الدبلوماسي، رغم أن درس 17 سنة من حكم حماس يوضح بان وقف النار والمفاوضات يرفعان مستوى إرهاب حماس، يشكل فرعا لارهاب “الاخوان المسلمين”، منظمة الإرهاب السنية المناهضة لامريكا الأكبر في العالم. استجابة إسرائيل لبلينكن ستنقذ حماس من تدمير بنيتها التحتية الإرهابية، تشكل انتصارا دراماتيكيا لحماس ومواصلة تآكل قوة الردع الإسرائيلية. ان المس بقوة الردع الإسرائيلية سيحفز الإرهاب والحرب متعددة الجبهات ضد إسرائيل وضد كل الأنظمة العربية المؤيدة لامريكا، يمنع عودة النازحين من الشمال ومن الجنوب، ويقلص المصلحة العربية لتوسيع دائرة السلام.

يرفض بلينكن الاعتراف بحقيقة أن شرطا مسبقا لتحقيق الاستقرار والسلام هو تغيير النظام في ايران، مما يحرر السكان الإيرانيين من حكم وحشي يزيل عن الدول السُنية المؤيدة لامريكا تهديدا وجوديا فوريا، يزيل العائق الأكبر امام توسيع دائرة السلام الإسرائيلي – العربي، وينزع من الإرهاب الإسلامي المناهض لامريكا بؤرة عمل مركزية.

لا يوافق بلينكن على ان قوة الردع هي العنصر المركزي في اعتبارات الامن القومي الواقع العنيف والمتقلب في الشرق الأوسط، وحيوي اكثر من المفاوضات والاتفاقات التي لا تكون اكثر استقرارا من الأنظمة التي تبلورها.

يتجاهل بلينكن حقيقة أن مفاوضات مثمرة لا يمكنها أن تكون الا مع كيانات تحقق رؤياها ليس مشروطا بتصفية الطرف الاخر للمفاوضات. من هنا اتفاقات السلام مع مصر، الأردن، اتحاد الامارات، البحرين، المغرب، جنوب السودان والتعاون مع السعودية. صحيح أنها كانت تفضل شرق أوسط بدون كيان يهودي “كافر” لكن هذا ليس شرطا لتحقق رؤياها القومية. كما أنها ترى في إسرائيل حديثا امام تهديدات آيات الله والاخوان المسلمين. وهي لا ترى في إقامة دولة فلسطينية شرطا مسبقا للسلام وللتعاون مع إسرائيل.

بالمقابل، فان المفاوضات المثمرة لا يمكنها أن تكون مع حماس التي تحقق رؤياها مشروط بتصفية الكيان “الكافر” الصهيوني. هكذا أيضا بالنسبة للسلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها م.ت.ف وفتح، والتي رؤياها التصفوية منصوص عليها في مواثيق فتح وم.ت.ف في 1959 و 1964 ويشدد عليها في جهاز التعليم، التحريض في المساجد، التعظيم الرسمي والعلني للإرهابيين، المنح الشهرية لعائلات الإرهابيين والنشاط الإرهابي المباشر وغير المباشر.

على وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ان يبلور السياسة على أساس واقع الشرق الأوسط المتفجر والمحبط، وليس على أساس واقع بديل ينعش القلب لاجل قطع سلسلة طويلة من إخفاقات وزارة الخارجية الامريكية في الشرق الأوسط. ان المساعدة الإنسانية المباركة لعرب غزة هي إبادة حماس. اما نقل المساعدة الإنسانية قبل إبادة حماس فيشكل مساعدة خارجية لحماس ويضيف وقودا وليس ماء لشعلة الشرق الأوسط.

——————————————–

هآرتس 3/6/2024

ماذا سيحدث لو أن غانتس ولبيد نسقا فيما بينهما

بقلم: رفيف دروكر

الرئيس الامريكي، جو بايدن، فعل ذلك بعبقرية. في يوم السبت ليلا، قبل استيقاظ المجانين لدينا، وتجنيد دعم الدول الاوروبية، الرئيس الفرنسي عمانويل ميكرون حتى غرد باللغة العبرية من شدة الانفعال، باقناع دول الوساطة بدعمه وتسويق الاقتراح على أنه اقتراح اسرائيلي من جهة، ولكن الصاق عنوان “انهاء الحرب” من جهة اخرى، من اجل أن توافق حماس بشكل غير مباشر على الضمانات التي طلبتها، والتي بحسبها لن تسمح الولايات المتحدة لاسرائيل بالعودة الى القتال.

هذا “كمال”. هذا “الكمال” ادخل مكتب نتنياهو الى حالة هستيريا. نتنياهو اشار بخط على الحريديين، وأصدر في يوم السبت بيانات متحفظة، وارسل “شخص رفيع” لتقديم احاطة، وبدأ في احصاء عدد النجوم في السماء بعصبية.

الاقتراح الموضوع امام اسرائيل يخدم مصالحنا بشكل جيد. هو ليس اقتراح جديد، لكنه اكثر جاذبية بعد فقدان جزء من رافعة التهديد التي كانت مرتبطة بـ “سندخل رفح”. من يعرض معادلة المخطوفين أمام تدمير حماس يعيش واقع تشرين الاول – كانون الاول 2023. الآن المعادلة هي المخطوفين، التطبيع مع السعودية، تسوية في الشمال، ترميم الاقتصاد، هدنة ضرورية للجيش الاسرائيلي. وفي الجهة الاخرى كل ما ينتظرنا هو حرب استنزاف نهايتها ليس ازالة تهديد حماس أو تحييد تهديد حزب الله، بل ادراك مؤلم لقيود القوة (رغم الخطابات الانفعالية لعباقرة الاستراتيجية بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير). ورغم ذلك، لا يوجد أي شخص في القيادة العليا في اسرائيل يؤمن بأن نتنياهو سيوافق على ذلك. واضح للجميع أن الحبل الذي اعطاه لهذا الاقتراح ينبع فقط من ثقته بأن حماس سترفضه. عندما تأخرت حماس في رفضها فان نتنياهو اهتم بالتأكيد على أن “لا” حماس ستأتي بمساعدة التصريح حول الاستئناف المؤكد للقتال.

في هذا السياق من المخيب للآمال رؤية الى أي درجة نجح نتنياهو في تخويف المستوى السياسي في اسرائيل والمعارضة، من التعبير عن صوت آخر. بما يشبه قليلا الصمت المدوي للقيادة العليا في اسرائيل عندما دفع نتنياهو دونالد ترامب الى الانسحاب من الاتفاق النووي، الامر الذي أخذ ايران الى مسافة قريبة من القنبلة. ايضا الآن نفتالي بينيت يصمت، افيغدور ليبرمان يتحدث فقط عن التجنيد، آريه درعي لا يتحدث، بني غانتس انتظر حتى خروج السبت وفي النهاية نشر بيان، ثلاثة الارباع فيه نعم، وربع لا. يبدو أن بيان غانتس اجبر غادي ايزنكوت، رجل القيادة الاكثر شجاعة ووضوح في هذه الحرب، على الصمت ايضا. الشخص الوحيد الذي قال “نعم” هو يئير لبيد. هناك من سيقولون إنه لا يوجد لديه ما يخسره. ولكني مستعد لاعطائه الفضل، أنه ببساطة يدرك بأن هناك أمور مهمة اكثر حتى من الوضع في الاستطلاعات.

هذا الاسبوع، ربما حتى غدا، سينسحب المعسكر الرسمي من الحكومة. هذا لن يضعضع الائتلاف، لكن يوجد وقت لاجمال قصير ومؤلم. أنا كنت من الذين اعتقدوا أن غانتس فعل الخطوة الصحيحة عندما انضم. ايضا الآن أنا اعتقد أنه في الوضع الذي كان هنا بعد 7 اكتوبر، لم يكن امامه أي خيار للبقاء في الخارج. ولكن في نفس الوقت يجب القول بأنه في اختبار النتائج هذا هو لم ينجح. أنا لا اختلف مع حقيقة أنه كان لغانتس وايزنكوت تأثير مهديء وجيد في عدة نقاط رئيسية. ولكن بعد ثمانية اشهر لا يمكن تجاهل النتيجة القاسية لادارة الحرب، “تسونامي” سياسي مناهض لاسرائيل غير مسبوق، تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، مصر والاردن، الشعور بعدم الأمن الشخصي في معظم ارجاء الدولة، الشمال متروك، الاقتصاد متدهور، الجنوب مهمل، حماس ما زالت كما هي، حزب الله يعمل و125 مخطوف ما زالوا في أسر حماس. بقي فقط لعب لعبة “ماذا لو”. لو أنه فقط قام لبيد بتنسيق انضمامه للحكومة مع غانتس في 7 اكتوبر، ولو أنهما قاما بعرض طلب موحد على نتنياهو، “سنوافق اذا اخرجت بن غفير وسموتريتش”، لو أن هذا حدث لربما كنا سنكون الآن في وضع مختلف كليا.

——————————————–

هآرتس/ ذي ماركر 3/6/2024

مقاطعة اسرائيل اصبحت قائمة ومتزايدة، لكن الحكومة الحالية لا يوجد لديها أي ردود

بقلم: سامي بيرتس

حكومة اسرائيل الحالية لا يوجد لها أي انجاز لتتفاخر به. فقط سلسلة طويلة من الاخفاقات والاضرار في كل المجالات، السياسي والامني والاقتصادي – الاجتماعي. عندما سئل كل من رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير الاقتصاد ماذا سيفعلون مثلا من اجل وقف غلاء المعيشة الرهيب، هم تمتموا بشيء ما حول الاصلاحات، “ما هو جيد لاوروبا جيد لاسرائيل”، الامر الذي سيسمح بالاعتماد على المعايير الاوروبية بدون نقل المنتجات المستوردة من هناك في طريق آلام بيروقراطية.

عندما صادقت الحكومة في آذار 2023 على الاصلاحات وعلى هذا الشعار لم تقدر بأنه بعد مرور سنة ستواجه تسونامي من القرارات الاوروبية التي ستضر باقتصاد اسرائيل وبمكانة الدولة في اعقاب الحرب في غزة. مؤخرا تنزل على اسرائيل كل يوم بشرى تعمل على تآكل ما اطلقت عليه حتى قبل فترة قصيرة “الدولة الناشئة”، التي كانت مغناطيس يجذب الاستثمارات من ارجاء العالم. أي بشرى كهذه تضاف الى البشائر الاخرى وتخلق الشعور بأن الشركات الدولية والدول الاوروبية تشعر بالحاجة الى معاقبة اسرائيل أو الابتعاد لمسافة معينة عنها.

في مجال السياسة فان اسبانيا والنرويج وايرلندا اعلنت في الاسبوع الماضي عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. دول اخرى في اوروبا تفحص خطوة هذه الدول ويمكن أن تحذو حذوها. في خطوة خطيرة اعلنت الحكومة في جزر المالديف بأنها ستحظر دخول الاسرائيليين اليها على خلفية الحرب في غزة.

في مجال الاقتصاد فان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان فرض مقاطعة على تصدير البضائع والمواد الخام الى اسرائيل. هذا الامر لم يكن مفاجئا على ضوء عدائه لاسرائيل. الامر المفاجيء هو قرار فرنسا الغاء مشاركة اسرائيل في معرض السلاح الذي سيعقد هناك بعد ثلاثة اسابيع، وذلك احتجاجا على عمليات الجيش الاسرائيلي في رفح. هذا المعرض هو أحد معارض السلاح الكبيرة في اوروبا. والشركات الامنية الاسرائيلية يوجد لها الكثير مما تعرضه هناك في الوقت الذي فيه دول اوروبية كبيرة تتسلح بالسلاح المتقدم على خلفية الحرب بين روسيا واوكرانيا.

الشركات الاسرائيلية لها ميزة كبيرة تنبع من أن منتجاتها توجد قيد الاستخدام في الحرب الحالية، وهي يمكنها الاشارة الى أداء حقيقي. الوزير بني غانتس توجه لرئيس حكومة فرنسا، غبريئيل ايتل، وطلب منه الغاء القرار بذريعة أنه “هدية للارهاب”.

بدون تسهيلات للجنود

في مجار التجارة تم اتخاذ عدة قرارات مؤخرا تنبع من اطالة الحرب، منها قرار شبكة المقاهي والفطائر البريطانية “بيرت أآنجا”، التي قررت الغاء الامتياز الذي منحته لشركة “فوكس” من اجل فتح عشرات الفروع في اسرائيل. “فوكس” ابلغت البورصة بأن الشبكة البريطانية اوضحت بأن الحرب تعتبر قوة عليا تؤثر على “القدرة على تنفيذ نشاطات مسبقة ومطلوبة من اجل افتتاح النشاطات حسب اتفاق الرخصة”.

هذا ظهر كطريق التفافي للقول: “نحن تدبرنا أمرنا بدون النشاطات في اسرائيل حتى الآن. ولا يوجد أي سبب كي نغضب الزبائن المسلمين في اوروبا. الشبكة تم انتقادها من قبل جهات مؤيدة للفلسطينيين، التي تظاهرت أمام الفروع في لندن ووقعت على عرائض تدعو لمقاطعتها”.

“ماكدونالدز” ايضا واجهت مقاطعة مؤيدة لفلسطين، التي تسببت بالضرر لمبيعاتها في العالم، حسب تقاريرها. في نيسان اشترت الشبكة بصفقة مستعجلة النشاطات الاسرائيلية التي تشمل 225 فرع، من عمري بدان، صاحب الامتياز، الذي افتتح هذه النشاطات في اسرائيل في 1993.

عمليا، اختراق ماكدونالدز لاسرائيل كان من البشائر الاولى التي بشرت بانتهاء المقاطعة العربية التي واجهتها اسرائيل منذ اقامتها. شراء نشاطات اسرائيل من قبل الشبكة العالمية استهدف تقليص احتكاك الشبكة مع الزبائن المسلمين في ارجاء العالم، ضمن امور اخرى، من خلال تقليص تماهي النشاطات المحلية مع جنود الجيش الاسرائيلي والمخطوفين الموجودين في غزة.

بعد 7 اكتوبر قاد بدان عملية غير مسبوقة وهي خصم 50 في المئة للجنود في كل الفروع، الامر الذي زاد الضغط على الشبكة. التقدير هو أنه بعد استكمال الصفقة فان ماكدونالدز ستقوم بتقليص هذا الخصم أو الغائه على أمل اضعاف انتقادها ومقاطعتها في العالم.

تجنيد الاستثمارات يتقلص

في فرع الهايتيك، المقطورة الرئيسية للاقتصاد في اسرائيل، توجد صعوبات نابعة من الحرب. ولكن هناك الوضع لا يعتبر مقاطعة، بل خفض مؤقت للعلنية الى حين انتهاء الحرب. حسب بيانات عرضها في الاسبوع الماضي محافظ بنك اسرائيل فان حجم تجنيد رأس المال في الربع الثاني في 2024 سيبلغ 3.5 مليار دولار، ارتفاع كبير بالنسبة للارباع الستة الاخيرة التي فيها حجم التجنيد المتوسط للربع هو 2 مليار دولار. استمرار هذا التوجه هو امر حاسم لاقتصاد اسرائيل في فترة فيها النظر اليها اصبح اكثر سلبية.

هذه المقاطعات ستؤثر لفترة طويلة على غلاء المعيشة والمنافسة. وقد اصبحنا نرى مؤخرا رفع للاسعار لأن الطلبات المحلية كبيرة في اعقاب انخفاض عدد المسافرين الى الخارج ونقص العمال في فرع البناء والزراعة. واذا اتسعت المقاطعة فان المستهلكين في اسرائيل سيشعرون بذلك من خلال الجيب. ما هو جيد لاوروبا الآن، أقل جودة بالنسبة للاسرائيليين.

——————————————–

نتنياهو: يمكن البدء في تنفيذ خطة غزة قبل الاتفاق على كل الشروط

نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوله اليوم الاثنين إن المرحلة الأولى من الخطة التي تروج لها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة، والتي تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، يمكن تنفيذها دون الاتفاق على كل شروط المراحل اللاحقة.

وقال نتنياهو إن الأولوية القصوى بالنسبة لإسرائيل في غزة هي القضاء على حماس.

وأضاف أن هذا الهدف سيستمر إلى جانب هدف استعادة المحتجزين وأن كلا الهدفين موجودان في خطة لإنهاء الحرب تمت الموافقة عليها على أعلى مستوى في حكومته.

وقال نتنياهو في بيان مصور “هذا ليس شيئا أضيفه الآن. هذا ليس شيئا أضيفه لأنني أتعرض لضغوط داخل الائتلاف. إنه شيء اتفقنا عليه بالإجماع في حكومة الحرب”.

وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية نقلا عن نتنياهو إن بايدن طرح “نسخة جزئية” من خطة غزة.

بن غفير يهدد بحل الحكومة.. ولبيد يكرر عرضه بتقديم شبكة أمان لنتنياهو إذا وافق على الصفقة

ونقل ديفيد مينسر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية عن نتنياهو قوله إن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم ينشر سوى بعض التفاصيل في أثناء طرحه لخطة إنهاء الحرب في غزة.

وأضاف أن نتنياهو قال “الحرب ستتوقف بهدف إعادة الرهائن وبعد ذلك سنمضي قدما في مناقشات أخرى”، وذلك فيما يبدو أنه تكرار لرفض إسرائيل الوقف المستدام للحرب قبل القضاء على حماس.

في المقابل، اتهم شريك من اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم في إسرائيل اليوم الاثنين نتنياهو بمحاولة “تبييض” مقترح بايدن، وكرر التهديد بالاستقالة من الحكومة.

وقال وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير أمام كتلة حزبه في البرلمان إن نتنياهو دعاه للاطلاع على مسودة خطة غزة لكن مساعدي رئيس الوزراء لم يقدموها له، وذلك لمرتين.

وأضاف أن أي خطة لا بد وأن تتضمن القضاء على حماس.

وتابع: “تظهر تفاصيل الصفقة كما عرضها الرئيس بايدن، أنها صفقة تعني استسلام إسرائيل وإنهاء الحرب دون تحقيق الهدف الأساسي وهو تدمير حماس”.

وتابع: “في نهاية يوم السبت، طلبت التحدث مع رئيس الوزراء (نتنياهو)، وفي الحديث الذي دار بيننا ادعى رئيس الوزراء أن الاتفاق ليس كما عرضه بايدن، وأنه لن تكون هناك صفقة غير شرعية ونهاية للحرب دون حل حماس”.

وقال مدعيا تنصل مكتب نتنياهو من عرض المسودة عليه: “وصلت يوم الأحد إلى مكتب رئيس الوزراء للاطلاع على المسودة، وبدأ الحدث يصبح غريبا: مساعدوه زعموا لي أنه مشغول في تلك اللحظة، وعندما صرخ أحدهم: أي مسودة؟ لا يوجد مسودة، قال مساعد آخر: هناك مسودة، تعال غدا لرؤيتها”.

وأضاف: “هذه المرة، قمنا بترتيب وقت محدد لهذا الصباح (الاثنين)، حتى أتمكن من مشاهدة المسودة، وصلت هذا الصباح أيضا إلى مكتب رئيس الوزراء، وهناك رفضوا مرة أخرى تقديم مسودة الاتفاقية لي”.

وتابع: “بعد ذلك اتصل بي رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، وطلب أن يشرح لي الخطوط التي اتفقت عليها الحكومة المصغرة، وكررت طلبي أن أرى مسودة الاتفاق بأم عيني، ولكن رئيس الجمعية الوطنية نفى وجود مثل هذه المسودة”.

وقال بن غفير: “أنا أسأل سيادة رئيس الوزراء، ماذا لديك لتخفيه؟ إذا لم تكن الصفقة غير شرعية ولا تتضمن التزاما بإنهاء الحرب بالقضاء على حماس، فلماذا ترفض عرضها علي؟”.

وأضاف: “إن سبب الإخفاء لا يمكن أن يكون إلا سببا واحدا؛ هو عبارة عن مسودة لصفقة غير شرعية، كما قدمها رئيس الولايات المتحدة، ويتم الآن محاولة تبييضها”.

وأردف: “ولهذا السبب أكرر كلامي وأقول لرئيس الوزراء: إذا وقعتم على اتفاق غير شرعي ينهي الحرب دون القضاء على حماس، فإن “القوة اليهودية” سيحل الحكومة”، في إشارة إلى حزبه المشارك في الائتلاف الحكومي.

أما زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، الاثنين، فجدد عرضه لتقديم شبكة أمان في الكنيست لنتنياهو لإبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس ووقف إطلاق نار بقطاع غزة.

وقال لبيد، عبر منصة “إكس”: “يجب على الحكومة الإسرائيلية الموافقة على مقترح نتنياهو، وإرسال وفد إلى القاهرة اليوم لوضع اللمسات النهائية على التفاصيل”.

ويطلق إسرائيليون على ما أعلنه بايدن اسم “مقترح نتنياهو”؛ لأن مسؤولين إسرائيليين قالوا إن حكومة الحرب الإسرائيلية صاغت المقترح نفسه الأسبوع الماضي.

وأضاف لبيد، زعيم حزب “هناك مستقبل” (24 مقعدا بالكنيست): “أكرر عرضي بمنح نتنياهو شبكة أمان سياسية لتنفيذ الصفقة”.

في السياق، قال مصدر فلسطيني اليوم الاثنين، إن حركة حماس تجهز نفسها للرد بإيجابية على المقترح الأمريكي بشأن التوصل لصفقة مع إسرائيل في حال حصلت على ضمانات مكتوبة “تجبر إسرائيل على الالتزام بأي اتفاق مع الحركة”.

وقال المصدر الفلسطيني المقرب من حماس وأحد المطلعين على سير عملية المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل “إن الحركة تنظر بإيجابية للمقترح الذي قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، خاصة وأنه يتضمن غالبية مطالب حماس ولكننا لن نعطي ردنا النهائي ما لم نحصل على ضمانات رسمية ومكتوبة”.

وأضاف المصدر الفلسطيني الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن “حماس ترى بأن مقترح بايدن يمكن أن يكون مقدمة لوضع حد نهائي للحرب الإسرائيلية على غزة في حال مارس ضغوطا رسمية على إسرائيل ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو”.

ومع ذلك، يشرح المصدر أن حماس تخشى أن يكون المقترح الجديد هو مجرد “مراوغة جديدة تمارسها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بهدف تحرير المحتجزين من غزة دون وقف نهائي للحرب مما يضع الشعب الفلسطيني تحت وطأة المعاناة لشهور وربما لسنوات قادمة”.

وقال المصدر إن حماس أبلغت ردها المبدئي الإيجابي بشأن المقترح، ولكنها شددت على أن موقفها النهائي سيبقى مرهونا “بتلقي وثيقة مكتوبة من الوسطاء تتضمن كافة البنود التي سيتم الاتفاق عليها دون أن يكون أي غموض في تفاصيل التنفيذ”.

——————————————–

هآرتس 3/6/2024

هل يخضع نتنياهو لتهديدات اليمين المتطرف ويرفض ما صاغه هو في الغرف المغلقة؟

بقلم: أسرة التحرير

في بيان ألقاه الرئيس الأمريكي بايدن عشية السبت، قال إن إسرائيل تقدمت بمقترح جديد لحماس يشكل “خريطة طريق لوقف نار طويل وتحرير كل المخطوفين”. وشدد بايدن على أنه مقترح إسرائيلي.

سارعت حماس للتعقيب على تصريحات الرئيس الأمريكي بالإيجاب، لكن إسرائيل تعاطت مع المقترح كمقترح أمريكي وليس إسرائيلياً، ينبغي الآن الرد عليه بإيجاب أم بسلب. وقد لاقى هذا تعبيره في ردود فعل رئيس الوزراء في أثناء السبت، وفي شكل تطورها وبرودها من صيغة إلى صيغة، مع توقع تهديدات للانسحاب من الحكومة من قبل معارضة وزراء اليمين المتطرف.

هذه الدينامية الغريبة ينبغي أن تعزى لانفصام شخصية سياسية لدى الحكومة، انفصام رافق طوال أشهر الحرب ويمنع إجراء بحث في اليوم التالي أو السعي إلى إنهاء الحرب. ليس صدفة أن يفضل نتنياهو هدفاً مبسطاً كـ “النصر المطلق”. لا يملك القوة السياسية لتحديد أهداف ملموسة. والنتيجة أن إسرائيل عالقة في حرب لا قدرة سياسية لها على الخروج منها.

يمنع التعاون مع أي محاولة تبعد الحكومة (رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكابنت الحرب) عن المخطط الذي عرضه بايدن. فاقتراحه يمثل الموقف الإسرائيلي، ذاك الذي قيل في الغرف المغلقة ولا يتراجع أمام تهديدات اليمين المتطرف. وحسب المخطط، تعترف إسرائيل بضرورة وقف الحرب، ومستعدة لذلك أيضاً.

المخطط الإسرائيلي الذي عرضه بايدن والذي ردت عليه حماس بالإيجاب هو الأمل الوحيد لإعادة المخطوفين وإنهاء الحرب. وشدد بايدن على أنه “محظور تفويت الفرصة ومواصلة الحرب سعياً وراء مفهوم غير محدد يتمثل بـ النصر المطلق”.

على إسرائيل أن تستمع للرئيس الأمريكي، الذي هو صديق حقيقي لها وأثبت ذلك من اليوم الأول بعد 7 أكتوبر. وإلا فستبقى بلا شيء، بلا نصر على حماس، مع جبهة شمالية مشتعلة، واقتصاد في حالة انهيار، وهبوط حر في مكانتها في العالم، وأوامر “لاهاي”. الأمر الوحيد الذي يمنع نتنياهو من “قبول” المقترح الإسرائيلي ورغبته في الحفاظ على ائتلافه وعلى حكمه. بن غفير وسموتريتش وبعض من المحافل المتطرفة في الليكود، يفضلون استمرار الحرب ومستعدون للتضحية بالمخطوفين الأحياء، كما أنهم معنيون باحتلال غزة وإقامة مستوطنات يهودية هناك، بل وتنفيذ ترحيل للفلسطينيين.

لم يتبقَ الكثير من الفرص للقيام بالأمر الصحيح ولوضع حد للكابوس الذي بدأ قبل ثمانية أشهر. لقد وضع بايدن على الطاولة فرصة كهذه. ملزمون باستغلالها.

——————انتهت النشرة—————-