افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
يديعوت 9/6/2024
نجاح القوة، قيود القوة
بقلم: ناحوم برنياع
الفرح بتحرير أربعة المخطوفين مضاعف. أولا، خرجوا من أسر ليس ثمة أصعب وأخطر منه؛ وثانيا، تحرروا وهم يسيرون على أقدامهم؛ وثالثا، قواتنا انقذتهم من هناك في عملية جريئة، ذكية، تبعث على الفخر؛ ورابعا، عدنا لبعض ساعات من التوافق الوطني من الحائط الى الحائط، توافق يستند ليس الى نزعة الثأر او القلق الوجودي بل الى التكافل الاجتماعي والاعتراف بالخير. من لم يفرح لمشهد الناجين الذين نزلوا من المروحية العسكرية؛ من لم يفرح لمشهد العائلات التي تعانق اعزاءها من جديد.
لقد علمتنا العملية بضعة أمور أخرى ينبغي ان تقال حتى لو لم تكن مفرحة. أولا، يتبين الجيش الإسرائيلي بكل فخاره بالعمليات المبادر اليها والتي توظف فيها استخبارات نوعية وتخطيط دقيق – والمسؤولية عنها تسلم الى وحدات خاصة مدربة جيدا، موجهة الى المهمة. وهو اقل جودة في الأوقات العادية، في الأيام المعتادة. العملية الناجحة امس والفشل الرهيب في 7 أكتوبر يجلسان على قطبي محور واحد: هذا الجيش الإسرائيلي وذاك الجيش الإسرائيلي. أحيانا يدور الحديث عن القادة ذاتهم.
ثانيا، الجهد الاستثنائي التي بذل في انقاذ أربعة المخطوفين أمس والثلاثة الذين انقذوا من قبل يذكرنا بقيود القوة. يوجد في هذه اللحظة في غزة قرابة 120 مخطوفا. وحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي فان نحو نصفهم على قيد الحياة. لا توجد طريقة لانقاذهم جميعهم ولا حتى معظمهم – في عمليات عسكرية. اذا كان ثمة احد ما يؤمن بان العملية أمس تعفي الحكومة من صفقة فانه يعيش في فيلم. العكس هو الصحيح. الفرح على انقاذ الأربعة يجسد فقط بالملموس الحاجة الى الصفقة، ثمة من ينبغي انقاذهم وجميل ساعة مبكرة اكثر.
ثالثا، في المظاهرات امام الكريا امس، مظاهرات معارضي الحكومة ومظاهرات عائلات المخطوفين، كان يبدو أن الرسائل تتحد في رسالة واضحة واحدة: صفقة الان. الإنساني تغلب على السياسي، الملح تغلب على الأقل الحاحا، الصرخة تغلبت على الاحتجاج. الصفقة معناها وقف القتال: لا توجد صفقة أخرى. لا يمكن تأييد الصفقة واستمرار القتال في الوقت نفسه.
رابعا، العملية لم تعفي احد من المشاكل التي تواجهها إسرائيل منذ 7 أكتوبر؛ لا المشكلة في الشمال؛ لا المشكلة في غزة، ولا جملة المشاكل التي تهدد إسرائيل في الساحة الدولية. في كل واحد من هذه المواضيع تواصل الحكومة الغرق في الحفرة التي حفرتها لنفسها. لن يضر العودة في هذا السياق الى المشورة الخالدة لدنيس هيلي، الذي كان وزير الدفاع البريطاني: “عندما تكون في حفرة، كف عن الحفر”.
خامسا، توقيت العملية اثبت للمرة الالف لماذا محظور على السياسيين ان يوقعوا الإنذارات على انفسهم. لقد اخطأ غانتس بالتفكير بانه من خلال الإنذار سيقنع ناخبيه بانه ليس هو الذي هجر نتنياهو بل نتنياهو هو الذي هجره. وفي النهاية علق مع انسحابه في السبت غير الصحيح، اجله اضطرارا وترك نتنياهو ان يعرض عليه بفروسية ان يبقى. غانتس يخرج من الحكومة وهو اصغر مما دخل اليها.
سادسا، نتنياهو جدير بالتقدير على اقراره العملية؛ يمكن أن نفهم لماذا سارع في ذروة السبت وسافر الى مستشفى شيبا لسلسلة صور مع المخطوفين الذين انقذوا ومع اقربائهم. السياسيون يعيشون على البشائر الطيبة. وعندما وقعت له فرصة، بعد ثمانية اشهر من البشائر الصعبة جدا، قفز عليها بكل القوة.
شيء واحد يصعب علي أن افهمه: ما هي مكانة السبت في حكومة نتنياهو. اذا كان مسموحا تدنيس السبت – ليس فقط رئيس الوزراء بل كل كتيبة مساعديه وحراسه – من اجل صورة علاقات عامة ومن اجل استباق سياسيين منافسين بعدة ساعات، فلماذا عندما يدور الحديث عن بناء جسر قطار حيوي محظور حظرا باتا تدنيس السبت. على حد قول سوليل بونيه، الشركة التي تبني الجسر فوق طريق واحد، فان القرار لتقسيم العمل عرض للخطر حياة المسافرين في الطريق وضخم الثمن. على حد قول وزيرة المواصلات فان الحظر مبرر “لأننا دولة يهودية”. وانا اسأل: اين الحريديم؟، اين هم ليصرخوا من فوق منصة الكنيست، اين التهديدات بالانسحاب. لماذا، هل السبت مقدسة للعلمانيين فقط.
——————————————–
إسرائيل اليوم 9/6/2024
نقترب من تغيير السياسة تجاه لبنان
بقلم: يوسي كوبرفاسر
حرب الاستنزاف الذي يديرها حزب الله ضد إسرائيل منذ 8 أكتوبر تواصل التميز بتصعيد مستمر، مضبوط ومسيطر عليه. بين الحين والآخر تدخل المنظمة الى المعركة مناطق إضافية في عمق الشمال الإسرائيلي وتستخدم أسلحة جديدة. وذلك، بشكل عام، ردا على ضربة أليمة وجهها الجيش الإسرائيلي لرجال المنظمة او لبناها التحتية او لابداء تضامن ملموس أكثر مع حماس في غزة ومع سكان القطاع الذين يعانون من احداث الحرب وفي محاولة للتضييق على حرية عمل الجيش الإسرائيلي في الجنوب وفي الشمال. سياسة حزب الله هذه تنشأ عن الطريقة التي توازن فيها المنظمة أهدافها، قدراتها واضطراباتها. وكذا اهداف وقدرات واضطرارات إسرائيل وباقي الجهات في المعركة. من ناحيتها، فان استخدام القوة ضد إسرائيل، مع التشديد على اهداف عسكرية في شمال البلاد حيوي لاجل الحاق الضرر بها، ردعها عن تصعيد واسع في لبنان والزامها بتقييد قسم كبير من قدراتها للشمال وخلق ضغط دولي عليها، أمريكي أساسا لوقف الهجوم في غزة – خوفا من أن يؤدي هذا الى اشتعال إقليمي. كل هذا في ظل الاستجابة لتوقعات منظمة تحت رعاية لبنانية، تشكل الحجر الأساس لمنظومة بنتها طهران حول إسرائيل، مجندة كلها لتحقيق أهدافها وفي نفس الوقت مع ابداء الانصات لمعاناة سكان لبنان الذين يخشون الضربة الشديدة لهم اذا أدى التصعيد الى حرب واسعة.
ميزان إنجازات حزب الله حتى الان مختلط. فقد ابدى تضامنا مع غزة ولطف حدة الاحتجاجات الفلسطينية عليه، الحق ضررا جسيما بالجليل، دفع إسرائيل لان تفرغ المنطقة المجاورة للحدود من سكانها، جسد قوته الرادعة بل وساهم بالضغط الأمريكي على إسرائيل لوقف القتال دون أن يؤدي الى اشتعال واسع في لبنان. لكن هذا بثمن كبير من نحو 350 قتيلا من رجاله، بمن فيهم كبار المسؤولين، والاهم من ذلك – بدون النجاح في منع إسرائيل من تنفيذ خططها في غزة.
قصر نفس متزايد
علامات الاستفهام في لبنان حول مبرر الثمن الذي تدفعه دولة الأرز لقاء عملية حزب الله وفقا للمنطق تمليه عليه ايران، دون التشاور مع الساحة اللبنانية، تواصل ازعاج نصرالله. مع ذلك فانه متمسك بموقفه وفي هذه المرحلة يرفض المبادرات السياسية لتسوية تؤدي الى تهدئة. فالربط الذي خلقه الرئيس بايدن بين انهاء الحرب في غزة وبين الهدوء في الشمال يعكس تسليما أمريكيا بنهج حزب الله مما يشجعه على التمسك بموقفه.
أما إسرائيل بالمقابل فتبدي قصر نفس متزايد في ضوء استمرار المواجهة بهذه المزايا. فالتصعيد المضبوط، الضرر الموصوف كضرر لا يطاق في الأرواح وفي الممتلكات، معاناة السكان المخلين وانعدام اليقين بالنسبة لما سيأتي وكذا الحاجة للتأكد من أن هذا الواقع يزيل تهديد هجوم إرهابي على نمط 7 أكتوبر في الشمال – وفوق كل شيء، إحساس الجمود العام والتطورات في الساحة الدولية، تقرب إسرائيل من اتخاذ قرار بتغيير السياسة تجاه لبنان.
مع ذلك، قبل الانتقال الى معركة مكثقة في لبنان غايتها لم تتضح بعد بما يكفي، من المهم خلق شروط فضلى لنجاحها، بخاصة حين يكون واضحا بانها ستنطوي على اثمان لا بأس بها. فضلا عن تأهيل القوات الذي يجري هذا الوقت منذ زمن بعيد، توجد أهمية لضمان اسناد امريكي، ليس موجودا في هذه اللحظة، لتحديد اهداف الحرب وخلق الأساس الاستراتيجي المريح للخروج الى هذا المعركة.
هذه القاعدة يجب أن تقوم على أساس تحقيق اهداف الحرب في غزة: النصر على منظمة حماس بمفهوم تقويض أطرها العملياتية والمس بشدة بقادتها وبنشطائها؛ هزيمتها، بمعنى اسقاطها عن الحكم والايضاح بانها لن تعود لتحكم في غزة؛ وتحرير المخطوفين بما في ذلك في عملية عسكرية. عندها سيكون ممكنا التصدي لتحدي حزب الله وسيدته ايران من موقع قوة وإنجاز الأهداف بطريقة عسكرية أو سياسية.
كل هذا على أمل الا يريد حزب الله المواجهة مع إسرائيل حتى تحشد قواتها في المعركة ضده، وان كانت هذه اثبتت قدرة على أن تجبي ثمنا باهظا من يخرج ضدها وتتمتع باسناد أمريكي. لاجل تحقيق هذه الأهداف لا معنى لتحديد مواعيد لا تجدي وتخلق ضغطا زائدا. من الحيوي رص الصفوف في اوساطنا، فيما أن الساحة السياسية تسير عمليا في الاتجاه المعاكس.
——————————————–
هآرتس 9/6/2024
طرد حماس من قطر لن يحمل السنوار على التوقيع على اتفاق مخطوفين
بقلم: تسفي برئيل
“لا تعتقدوا أن مكاتب حماس في قطر ستغلق، ليس لأننا نريد فقط أن تبقى حماس في قطر، بل لأننا نريد التسهيل على المفاوضات مع الطرفين من اجل الوصول الى حماس بشكل مباشر”، هذا ما قاله وزير الدفاع في قطر، خالد بن محمد العطية، في محاضرة القاها في يوم الجمعة في المؤتمر الذي عقد في جامعة هبوسبورس في تركيا. العطية، الذي هو طيار حربي سابق ووزير خارجية سابق والذي يدمج بين اعماله الشخصية ومنصبه الرفيع، طرح موقف قطر التقليدي الذي يقول إن استضافة حماس لا تستند الى اسباب ايديولوجية، بل هي لاسباب عملية.
للوهلة الاولى اقوال الوزير تبدو كرد على ما نشر في “وول ستريت جورنال”، الذي مفاده بأنه تحت ضغط واشنطن فان مصر وقطر حذرت قيادة حماس من طرد قادة الحركة من قطر وستجمد ممتلكات حماس. لكن حتى الآن لم تسمع الردود الرسمية لقطر ومصر على هذا النشر. مع ذلك، قطر سبق لها ورمزت في شهر تشرين الثاني بأنها ستكون مستعدة لـ “اعادة فحص” علاقتها مع حماس دون التطرق الى قضية اغلاق مكاتبها، ومرة اخرى في شهر نيسان عندما أوضح وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن الثاني، بأنه على خلفية الصعوبات التي تواجهها المفاوضات والهجمات على قطر من اعضاء كونغرس امريكيين فان “قطر ستعيد فحص مشاركتها في الوساطة”. هذه الاقوال التي اثارت عاصفة تم تفسيرها كنية لابعاد قيادة حماس من قطر. بعد فترة قصيرة نشر أن ايران توجهت الى سوريا وطلبت فحص استيعاب قادة حماس الذين سيتم طردهم من قطر، لكن سوريا رفضت ذلك بشكل قاطع.
طرد قادة حماس، مثل اسماعيل هنية وخالد مشعل ومحمود الزهار وعزت الرشق، ربما هو عقوبة شخصية شديدة على زعماء يعيشون في ترف في الدوحة عاصمة قطر، والذين اصبحوا رمز يمثل الفجوة الكبيرة بين قادة الداخل التي تحارب في غزة بقيادة يحيى السنوار وقادة عز الدين القسام وبين قيادة حماس الخارج. ولكن هناك شك اذا كانت هذه العقوبة ستؤثر على السنوار، الذي هو وليس قيادة حماس الخارج، يمسك بيديه المخطوفين، وبالتالي القرار الفعلي على مصير المفاوضات لاطلاق سراحهم وعلى مستقبل حماس. السنوار قلب التركيبة الهرمية لقيادة حماس رأسا على عقب. فقد نجح في استخدام الحرب واختطاف جنود اسرائيليين ومدنيين، ليس فقط من اجل اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين أو التوصل الى وقف كامل لاطلاق النار، بل هو دفع قيادة حماس السياسية الى مكانة ثانوية، مكانة مبعوثين ووسطاء يعتمدون عليه. “ترتيب العمل” هذا الذي يمليه السنوار وضع في الظل ايضا مجلس الشورى لحماس، الجسم الايديولوجي المخول باتخاذ القرارات الاستراتيجية والسياسية والعسكرية. والذي هو ايضا قام بتعيين السنوار كرئيس للمكتب السياسي لحماس في غزة وصالح العاروري الذي تمت تصفيته في كانون الثاني في بيروت كمسؤول عن الضفة، وصادق على تولي هنية رئاسة المكتب السياسي لحماس.
من ناحية السنوار فانه لا توجد أي أهمية لمكان اقامة قادة حماس الخارج، وهناك شك اذا كان سيذرف الدموع على أنه في الوقت الذي يدير فيه المعركة على حياته تحت الارض اذا انتقل خصمه اللدود خالد مشعل ليعيش في خيمة. ولكن، كما اوضح وزير الدفاع القطري، فان نقل مكان اقامتهم يمكن فقط أن يصعب على ترتيبات الاتصال مع السنوار، لا سيما اذا اضطرت هذه القيادة الى العثور على ملجأ في ايران أو الجزائر أو ماليزيا. صحيح أن جزء من نشاطات الوساطة يجري في فرنسا وفي مصر وفي تركيا، وزعماء حماس يمكنهم مواصلة اجراءها حتى لو لم يكونوا في قطر، لكن العلاقة المباشرة بين القيادة في قطر وبين المنظمة توجد لها اهمية كبيرة بسبب التجربة التي راكمتها قطر في الاشهر الثمانية الاخيرة أو بفضل العلاقات القريبة التي بنيت مع ممثلي اسرائيل والولايات المتحدة.
مهمة بلينكن
في المقابل، بالتحديد قطر رغم الموقف الفعال الذي قدمه وزير دفاعها فان لها مصلحة في الاستمرار في استضافة قيادة حماس للحفاظ على مكانتها كوسيط، طالما أنها تقدر بأنه توجد فرصة لعقد صفقة تشمل اطلاق سراح الرهائن وانهاء الحرب. قطر تتمتع منذ العام 2022 بالمكانة الرسمية كحليفة كبيرة للولايات المتحدة رغم أنها ليست عضوة في الناتو. وقد حصلت على هذه المكانة من خلال سلسلة مبادرات الوساطة الناجحة التي شملت، ضمن امور اخرى، الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين الولايات المتحدة وطالبان حول ترتيبات انسحاب الجيش الامريكي من افغانستان، واتفاق تبادل الاسرى بين الولايات المتحدة وايران، وتقديم خطة لحل الصراع الدموي في التشاد. جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وايران لم تثمر حول الاتفاق النووي الجديد، ومؤخرا نشطت بشكل كبير في الجهود لحل الازمة السياسية الخطيرة في لبنان، واصبحت وساطة قطر في الصراعات الاقليمية أمر استراتيجي، الامر المهم بالنسبة للادارة الامريكية، على خلفية لامبالاة أو عجز دول عربية اخرى مثل مصر أو دولة الامارات أو السعودية، وبالتالي فان قرار ترحيل قادة حماس سيتم تفسيره كاستسلام قطر في قضية غزة، ايضا يمكن أن يضر بالسجل والمكانة التي حصلت عليها بجهود كبيرة، وقد يضر بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، لا سيما أنه تم ادراجها في قائمة الاهداف لاعضاء في الكونغرس الامريكي، الذين يطالبونها باستخدام المزيد من الضغط على حماس، ويدفعون الرئيس بايدن الى اعادة النظر في علاقاته مع قطر.
مشكلة اسرائيل والولايات المتحدة ليست هي ثقل الضغط الذي يمكن أن تستخدمه قطر على قيادة حماس الخارج. على الطاولة توجد صفقة متفق عليها، يجب أن يصادق عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار، وليس قطر أو اسماعيل هنية. طرد قادة حماس من قطر لن يحل هذا الخلاف. عندما سيصل وزير الخارجية الامريكي غدا الى المنطقة للمرة الثامنة منذ اندلاع الحرب، فان مهمته لن تكون فحص كيف يمكن لقطر لي ذراع السنوار، بل لاقناع نتنياهو بالموافقة على الخطة التي سبق وصادق عليها، وأن يعمل على انهاء الحرب وتطبيق خطة لادارة القطاع.
قبل عملية انقاذ المخطوفين الاربعة فان حماس اعلنت بأنها سترسل في يوم السبت الرد المكتوب على الاقتراح. حيث الطلب الرئيسي فيه هو انهاء الحرب والحصول على تعهد امريكي مكتوب بأنها ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ هذا الطلب. ومن غير الواضح اذا ارسلت حماس الرد حتى الآن، وكيف ستؤثر عملية الانقاذ على موقفها. ولكن اتفاق وقف اطلاق النار، حتى لو تم التوصل اليه، فانه لا يحل القضية المتعلقة به بشكل وثيق، التي تتعلق بالادارة المدنية في غزة، لأنه في المرحلة الاولى في الاتفاق الجيش الاسرائيلي يتوقع انسحابه من التجمعات السكانية في القطاع في الوقت الذي ما زالت فيه اسرائيل ترفض السماح لممثلي السلطة الفلسطينية بادارة ولو منظومة المساعدات الانسانية أو تشغيل الطرف الغزي في معبر رفح. واذا كانت هناك اداة ضغط حقيقية على السنوار فهي تكمن في الادارة البديلة التي سيتم تشكيلها في غزة، وليس في السكن المحمي الموجود لهنية في قطر أو الذي سيتم عرضه عليه في دولة اخرى.
———————————————
هآرتس 9/6/2024
رغم بطولة عملية النصيرات: اعادة المخطوفين ستكون ضمن صفقة تقتضي تقديم تنازلات
بقلم: عاموس هرئيلِ
العملية المثيرة للانطباع لانقاذ اربعة من المخطوفين من يد حماس في مخيم النصيرات، وفرت أمس جرعة تشجيع حيوية للجمهور في اسرائيل بعد اسابيع كثيرة من الشعور بالمراوحة في المكان والبشرى السيئة من الحرب في القطاع. لقد أخرج “اليمام” والشباك والجيش الاسرائيلي الى حيز التنفيذ عملية مثالية ضمن الظروف العملياتية الصعبة جدا، وتمت اعادة الى البيت بدون أي اصابات المخطوفين الاربعة، وهم شلومي زيف ونوعا ارغماني واندريه كوزيلوف والموغ مئير جان، الذين تم اختطافهم من حفلة “نوفا” في 7 تشرين الاول.
العملية انطلقت في وضح النهار، مع مخاطرة كبيرة تصل الى حدود غير الممكن. النتيجة العملية الناجحة هي الدليل على بطولة الجنود (الرائد في الشرطة امنون زمورا من “اليمام” وقائد أحد طواقم الاقتحام، قتل عندما قام باقتحام الشقة التي تم احتجاز المخطوفين فيها)، ودليل على التخطيط وجمع المعلومات الاستخبارية الدقيقة والتعاون الوثيق بين الاذرع الامنية المختلفة.
هذا الانجاز بالتأكيد سيبعث على الروح القتالية في جنود الجيش الاسرائيلي الذين ما زالوا يحاربون في رفح وممر نتساريم في وسط القطاع ومخيمات اللاجئين المحيطة به، لكنه لا يبشر بتغيير استراتيجي على صورة الحرب. في الاشهر الثمانية التي مرت منذ اختطاف اكثر من 250 جندي ومدني اسرائيلي تم انقاذ بسلام 7 مخطوفين في ثلاث عمليات مختلفة. ومن المرجح أن حماس ستعمل الآن على تعزيز حراسة المخطوفين الاحياء الذين بقوا في الأسر، وستحاول تعلم الدروس من نقاط الضعف التي تم اكتشافها في المنظومة الدفاعية لها. من غير المنطقي توقع أنه سيتم تحرير المخطوفين المتبقين، 120 مخطوف، الذين جزء كبير منهم اموات، بطريقة مشابهة.
زئيف وارغماني وكوزولوف ومئير جان تم احتجازهم فوق الارض في شقق لعائلات فلسطينية، وحسب الانطباع الاولي لمظهرهم الخارجي الآن فانه يبدو أنهم حصلوا على معاملة معقولة نسبيا مقارنة مع الفظائع التي ابلغ عنها بعض المخطوفين الذين تم اعادتهم في الصفقة في تشرين الثاني. الكثير من المخطوفين المتبقين يبدو أنهم محتجزون في الانفاق في ظروف اصعب، ليس لديهم وقت طويل لانتظار تحقق ظروف عملياتية مناسبة. اسرائيل غير قريبة من النصر المطلق في القطاع، واعادة عدد كبير من المخطوفين سيحدث فقط كجزء من صفقة، التي ستقتضي تنازلات كبيرة.
التوثيق المؤثر للمخطوفين الاربعة وهم يعانقون اعزاءهم، قدم لنا تذكير مشجع على قدرة الجيش الاسرائيلي والاذرع الامنية الاخرى. ومؤثرة ايضا بنفس الدرجة تقريبا الافلام على شواطيء تل ابيب التي شوهدت فيها مظاهر الفرح العفوية للمستجمين بعد المعرفة عن عملية الانقاذ من الاعلان من خيمة المنقذين. احيانا نحن نحتاج الى تذكير ايضا لمظاهر استثنائية من التضامن التي تميز الكثيرين في المجتمع الاسرائيلي. توجد هنا اشارات للاعداء، حماس (التي تتلقى ضربات قاسية في القتال)، وحتى حزب الله، بشأن ما تعرف اسرائيل القيام به. عندما سمع يعقوب ارغماني، والد نوعا، وهو يصرخ “أي جيش لدينا؟” بعد أن سمع بأن ابنته تم انقاذها بسلام، هذه مشاعر تقريبا لم نسمعها منذ يوم المذبحة.
هذه العملية يجب أن نذكر قادها رئيس الشباك ورئيس الاركان وقائد قيادة المنطقة الجنوبية، الذين يتلقون وابل من الانتقادات منذ بداية الحرب. هؤلاء الثلاثة وقادة كبار غيرهم في جهاز الامن تحملوا المسؤولية عن اخفاقات 7 تشرين الاول. هناك نقاش حول الموعد الصحيح لتطبيقها، ويبدو أنه في بعض الحالات هناك تباطؤ مبالغ فيه في الاعلان عن الاستقالة أو الاقالة. ولكن محظور ايضا تجاهل الانشغال الكبير لكبار قادة جهاز الامن والجيش الاسرائيلي في القتال منذ ذلك الحين، وبالتأكيد حقيقة أن بعض الذين يتلقون الانتقاد وبانفعال وحشي، يفعلون ذلك لاسباب سياسية بهدف حرف الانتقادات عن المسؤولية الكبيرة للمستوى السياسي عن هذه الاخفاقات.
الاستعداد على مدى اشهر
امكانية انقاذ مخطوفين من النصيرات تمت مناقشتها منذ فترة، والجيش الاسرائيلي امتنع تقريبا بشكل كامل عن القيام بعملية برية في المخيم، ايضا خوفا من المس بالمخطوفين. عملية الفرقة 98 في المنطقة التي بدأت قبل بضعة ايام، استهدفت ايضا أن تكون عملية تمويه قبل عملية الانقاذ. المعلومات عن مكان ارغماني تم طرحها عدة مرات، وكان في السابق استعداد لانقاذها. في الاسابيع الاخيرة تم الحصول على معلومات استخبارية موثوقة بأنها هي والشباب الثلاثة يحتجزون في شقق مختلفة، في مبان من عدة طوابق تبعد بضعة امتار الواحدة عن الاخرى في المخيم المكتظ. الخطة العملية تم تطويرها والتدرب عليها بشكل كثيف مع الاعتماد على التكنولوجيا وجمع المعلومات.
في هذا الشأن كان دور مهم لقيادة الاسرى والمفقودين برئاسة الجنرال احتياط نيتسان الون (هو هدف آخر محبب على ماكنة السم البيبية)، الى جانب الدفع قدما بالمفاوضات من اجل التوصل الى صفقة فان هذه القيادة تشارك في جميع الاجراءات العملياتية قبل عمليات الانقاذ وتعتمد على تجربة الون الكبيرة في هذا المجال. ايضا وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الاركان هرتسي هليفي ورئيس الشباك رونين بار هم من خريجي الوحدات الخاصة ولديهم خلفية كبيرة في عمليات مشابهة. مع ذلك، الادعاء اليوم كان أنه في هذه المرة تم اخذ المخاطرة المثيرة للقشعريرة، مع الادراك بأن طريقة العملية التي تم اختيارها، في وضح النهار وبمفاجأة مطلقة لحماس وبسرعة كبيرة، تجلب معها احتمالية جيدة للنجاح. كل ذلك لم يكن ليحدث بالطبع بدون تفاني المقاتلين أنفسهم.
في الوقت الذي مر فيه انقاذ ارغماني بشكل سلس نسبيا فان اقتحام الشقة التي يوجد فيها الشباب واجه الصعوبات. الرائد زمورة اصيب اصابة بالغة اثناء تبادل اطلاق النار اثناء الاقتحام (وتوفي بعد بضع ساعات في المستشفى)، الذي قتل فيه الحراس من حماس. بعد ذلك تعطلت سيارة الانقاذ التي تنقل الثلاثة في وسط المخيم. في المكان تجمع الكثير من المخربين الذين يحملون الرشاشات وصواريخ الـ آر.بي. جي. كان مطلوب استخدام كثيف للنار من قبل سلاح الجو وقوات اخرى لانقاذ المخطوفين والمنقذين بسلام من المخيم. في هذه العملية قتل كما يبدو عشرات الفلسطينيين، من بينهم مدنيون ايضا.
يجب عدم التأثر كثيرا بدموع التماسيح التي تذرفها حماس، التي تقول بأن ارغماني تم احتجازها “من قبل مدنيين فلسطينيين”. هذا غريب، لأنه عندما تم نشر فيلم، الذي وثقت فيه وهي تتوسل من اجل اطلاق سراحها، هذا الامر تم من قبل الذراع العسكري لحماس. المنظمة الارهابية التي قتلت مئات المدنيين غير المسلحين اثناء اقتحام بلدات الغلاف، وبعد ذلك قام بوضع المخطوفين بشكل متعمد بين المدنيين لا يمكنها امساك الحبل من الطرفين. لقد كان لاسرائيل الحق الكامل في العمل على تحرير ابنائها، بالتأكيد عندما تقوم حماس بتأخير عقد الصفقة.
الحفاظ على العلاقات العامة يعفي من حرمة السبت
أحد الاسئلة التي تطرح الآن هو كيف سيؤثر نجاح عملية الانقاذ على استمرار الاتصالات من اجل عقد الصفقة. ربما أن حماس ستحاول استخدام حرب نفسية وتعلن عن موت مخطوفين آخرين، الذين مصيرهم لم يكن واضحا، في محاولة لربطه بعملية الأمس. حسب التصريحات الاولية لكبار قادة حماس فيبدو أنها ستحاول التشدد في طلباتها. يحيى السنوار، رئيس حماس في القطاع، حتى الآن لم يرد على اقتراح اسرائيل – امريكا الاخير الذي تم طرحه في خطاب الرئيس الامريكي في 31 أيار الماضي.
نجاح العملية اعاد الحمرة الى وجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فهي ليست فقط وفرت له اخيرا انجاز للتفاخر به بعد فترة طويلة من خيبة الأمل؛ حتى توقيت العملية أدى الى تأجيل الانذار النهائي لرئيس المعسكر الرسمي، الوزير بني غانتس، حول انسحابه من الحكومة. نتنياهو يستحق، وغالنت ايضا، الفضل الكبير على قرار المصادقة على تنفيذ العملية.
حتى الآن لم يكن بالامكان عدم الانتباه الى السخرية المطلقة التي يتصرف فيها نتنياهو الآن. فجأة هذا الشخص الذي غاب عن الصورة تماما عندما كانت تصل بيانات عن موت مخطوفين في الأسر، يزيح من امامه وبشكل ناجع أي منافس عندما يدور الحديث عن المعركة على الفضل. مكتب رئيس الحكومة اغرق وسائل الاعلام أمس بالافلام والتصريحات. حتى احترام يوم السبت لم يعد له قيمة (مصطنعة) بالنسبة له. فهذه يتم تجنيدها فقط عندما تكون حاجة الى القاء مهمة البشرى السيئة على ممثلي الجيش. معروف أن الحفاظ على العلاقات العامة يعفي من حرمة السبت، على الاقل اعطيت اليوم للمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، دانييل هاجري، فرصة البدء بالمؤتمر الصحفي له بابتسامة.
هذا كان يوم انتصر فيه الخير اخيرا على الشر. هناك المزيد من الايام القاسية امامنا، لكن للحظة يمكننا الفرح حتى بذلك.
——————————————–
هآرتس 9/6/2024
يجب الحفاظ على البحر الميت، وترسيخ الشراكة مع الاردن
بقلم: موتي كابلن
البحر الميت، النقطة الاخفض في العالم، هو ثروة وطنية معروفة في كل العالم. في العقود الاخيرة تدهور وضع البحر الميت. فقد انخفض مستوى المياه فيه ويهبط 1.2 متر في السنة، ويترك خلفه مستنقعات وانجرافات وحفر تعرض للخطر البنية التحتية، بل وحياة الناس، وتجعل من الصعب على سكان المنطقة التصرف. هكذا يتم خلق صورة البحر الميت كمنطقة منكوبة لا تتحقق فيها الامكانيات الكامنة. امام هذه الامور فقد فرضت الحكومة على وزارة حماية البيئة بلورة سياسة تطوير هذه المنطقة والحفاظ عليها. وقد تم اقتراح عدد من البدائل.
احد البدائل هو استمرار سحب المياه كالعادة، التي ستؤدي الى انخفاض المنسوب 60 متر حتى العام 2070. الخيار الثاني الذي يتم فحصه هو اقامة قناة البحرين. في اطار فحص البدائل تم اقتراح ايضا مقاربة مختلفة. “البديل الشمالي”، الذي يرتكز على افتراض أنه لا يمكن تجاهل احتياجات مياه نهر الاردن، التي لا توجد لها مصادر طبيعية ومنفذ للبحر. المصدر الوحيد للمياه بالنسبة لها هو تحلية مياه البحر المتوسط ونقلها عبر اسرائيل. هنا يناسب “البديل الشمالي” الذي يهدف الى استعادة اكبر قدر ممكن من النظام البيئي القديم.
في هذا البديل بحيرة طبرية ستصبح خزان مياه اقليمي، يتم فيه تجميع كمية كبيرة من المياه لصالح اسرائيل والاردن. وستتم تحلية المياه بحجم كبير قرب شواطيء البحر المتوسط وضخها الى بحيرة طبرية، مع استغلال خطوط الناقل العكسي، الذي ينقل الآن المياه التي تتم تحليتها الى بحيرة طبرية، ومن هناك يتم ضخها الى الاردن، الى المدن الاردنية والمزارعين في الاغوار. هكذا يتم ضخ مياه المجاري المكررة الى نهر الاردن جنوب جسر الملك عبد الله ومن هناك الى البحر الميت.
نهر الاردن سيتحول الى نهر حي ومحور لهجرة الطيور وموقع تراث عالمي، الذي على طوله توجد مواقع دينية وأثرية، وسيكون بالامكان جني فوائد سياحية واقتصادية منه. هكذا ايضا نؤسخ حدود سلام واستقرار وشراكة بين اسرائيل والاردن. البحر الميت والشواطيء فيه ستستقر، وبعد ذلك سيتم تحقيق السيطرة على المستنقعات الجارفة وتراجع الشاطيء. مع تجديد الامتياز للتعدين بعد بضع سنوات سيتم فرض على من فاز بالامتياز كل تكاليف المياه وتأثيرات البيئة.
في حينه وزارة حماية البيئة تجاهلت البديل الشمالي، لكنه عرض في مؤتمر الرابطة البيئية وحصل على دعم رجال بيئة ورجال اعمال ورجال أمن. في اعقاب ذلك أمرت وزيرة حماية البيئة في حينه، تمار زندبرغ، بتشكيل طاقم لفحص البديل الشمالي.
في هذه الايام نشرت وزارة حماية البيئة نتائج الفحص، وهنا تنتظرنا المفاجأة: البديل الشمالي لم تتم مناقشة ولم يتم فحصه. في المقابل، تم فحص مرة اخرى بدائل رفضت في السابق مثل قناة البحرين، التي حسب منظمات البيئة والمهنيين ستعرض للخطر شعب المرجان النادرة في خليج ايلات والمنظومات البيئية على طول وادي عربة. اضافة الى ذلك تم اقتراح حفر قناة بين البحر المتوسط والبحر الميت، عملية حفر مخيفة مع المس بسطح واسع من الارض وتغيير تركيبة مياه البحر الميت.
هذه البدائل ترتكز على منظومات هندسية ثقيلة، التي تحتاج الى تدخل كبير في سطح الارض وتعرض للخطر منظومات بيئية ولا تأخذ في الحسبان اصلاح وترميم وتجديد الانظمة الطبيعية التي كانت موجودة في السابق، هي بمثابة تصحيح ظلم بيئي واحد من خلال خلق مظالم جديدة. اضافة الى أن هذه بدائل لا رجعة عنها، عندما يحدث خطأ فانه لا يمكن اعادة الوضع الى ما كان عليه.
البديل الشمالي هو اضافة، ويمكن اقامته على مراحل. من المدهش كيف أن وزارة حماية البيئة المسؤولة عن تطوير ثابت، الذي في اساسه الحفاظ على استقرار المنظومات البيئية الطبيعي، توجهت الى حلول هندسية تستمر في التشويش على استقرار منظومات طبيعية، وتجاهلت الامكانية الكامنة في ترميم واحياء نهر الاردن، وتخفيف تراجع البحر الميت، واستقرار شواطئه واعادة قيمه. ايضا من غير الواضح كيف غابت من ناحية البدائل الرؤية الاقليمية التي تشمل تزويد المياه لجيراننا في الشرق، الاردن الذي هو بحاجة ماسة الى المياه.
من بين المعارضين للبديل الشمالي كان هناك من يخشون من أن يسحب الاردنيون مياه نهر الاردن. ولكن هذا هو جوهر البديل الشمالي، تعاون الاردن مع رقابة وادارة مشتركة على مياه نهر الاردن، وتهدئة الحدود والحفاظ على الاستقرار الامني على الحدود الاطول مع اسرائيل. اردن متعطش للمياه ومعاد سيشكل خطر حقيقي على اسرائيل. في حين أن اردن هاديء ومستقر سيعيش بسلام الى جانب اسرائيل. وثمن يوم قتال واحد، بالقتلى والجرحى، يزيد بأضعاف على مئات ملايين الامتار المكعبة من المياه سنويا، وهي الكمية المطلوبة لاستهلاك الاردن.
يجب العودة وفحص قضية ترميم حوض البحر الميت، وضمن ذلك نهر الاردن وبحيرة الحولة، مع تحليل وفهم العوامل التي تضر بها، وامكانية الترميم على اساس الظروف الطبيعية التي سادت في السابق، ويجدر رؤية ذلك بنظرة اقليمية شاملة وليس بحل هندسي معين.
——————————————–
إسرائيل اليوم 9/6/2024
فلنتوقف عن المشاركة في لعبة حزب الله
بقلم: ايال زيسر
النار في الشمال لا تتوقف للحظة، شديدة وفتاكة أكثر من أي وقت مضى. ومقابلها تكتفي قيادتنا السياسية والعسكرية بالتصريحات المتبجحة والتهديدات العابثة التي لم يعد احد يتعاطى معهد بجدية – لا عندنا ولا في لبنان أيضا. فبعد كل شيء، كم مرة يمكن الإعلان انه نفد صبرنا والتهديد بان نعيد لبنان الى العصر الحجري.
في الوقت الذي تكتفي فيه إسرائيل بتصريحات فارغة من المضمون واعمالها محدودة وحذرة وتأتي دوما كرد على هجمات العدو، فان حزب الله لا يتجمد في مكانه. بعد سبعة اشهر من القتال والتي فقد فيها القتلى والجرحى عثر على نقطة ضعف في منظومة الدفاع العسكرية الاسرائيلية – الصعوبة في التصدير للمُسيرات، وبهذه الحلقة الضعيفة يضرب بكل قوته ويهاجم أهدافا في الاراضي الاسرائيلية. الى جانب ذلك وسعت المنظمة مدى وشدة النار التي تمطرها علينا بل ووسعت مدى إصابة صواريخها ومسيراتها.
الضعف الذي تبثه القيادة الإسرائيلية يشجعها على مواصلة طريقها.
مع ذلك، يشرح زعماء حزب الله بانهم غير معنيين بحرب شاملة، وكأن ما يحصل على الحدود الشمالية ليس حربا… فبعد كل شيء، حقق حزب الله ما يريد ولا يحتاج الى تصعيد من شأنه أن ينزع إنجازاته. وهو يسوق نفسه كدرع غزة كمن نجح في طرد عشرات الاف الإسرائيليين من بيوتهم، وأخيرا كمن يهاجم بلا انقطاع أهدافا إسرائيلية على طول خط الحدود.
القيادة الإسرائيلية يتملكها خوف من حزب الله، وينتقل خوفها الى الجمهور بكامله. هذا خوف شال يمنع كل قدرة على التفكير بمنطق وتفكر، او من خارج الصندوق. في كل ما يتعلق بمسألة كيف من المناسب التصدي لحزب الله وانهاء الحرب التي يخوضها ضدنا في حدود الشمال.
لشدة الحظ، لسنا وحدنا يتملكنا الخوف من حزب الله. هو أيضا يخاف منا. حقا، الردع الإسرائيلي يتآكل في ضوء العجز الذي تبديه حكومة إسرائيل في حدود الشمال، مثلما في غزة أيضا، لكن حزب الله لا يزال يخاف من أنه في حالة ان فرضت علينا حرب في الشمال فاننا سنرد الصاع صاعين وهو أيضا يعرف جيدا ما يرفض الجمهور عندنا فهمه – لانه في حالة حرب شاملة، وان كان سيوجه ضربات أليمة في عمق إسرائيل لكن قوته لن تصمد امام إسرائيل مرصوصة، مجندة ومصممة وهذه ستضرب لبنان مثلما ضربت غزة.
لقد اختارت إسرائيل في الأسابيع الأولى من الحرب ان تركز على حدود الجنوب وتدخل في دفاع تجاه حزب الله. غير ان ما كان ممكنا ومرغوبا فيه في بداية الحرب يصبح بالتدريج لا يطاق. هذ الواقع من حرب الاستنزاف في الشمال يجبي منا اثمانا متزايدة ويقضم أيضا ما تبقى من قدرة ردع لدينا.
من هنا فان مواصلة القعود مكتوفي الايدي والالتصاق بسياسة الاحتواء والرد المقنون استنفدت نفسها. حرب الاستنزاف التي فرضها حزب الله علينا يجب ان تتوقف، وما يجدر التشديد عليه هو أن ليس معنى الامر بالضرورة حرب شاملة.
إسرائيل لا تستغل تفوقها العملياتي والاستخباري على حزب الله ولا أيضا خوف المنظمة من الحرب.
ما ينبغي عمله إذن هو البدء بالرد بقوة وبحزم – ولا، لا حاجة للبدء بتصفية نصرالله او بتسوية الضاحية بالأرض، معقل المنظمة في جنوب لبنان. يمكن أن نتخذ قبل ذلك سلسلة من الردود التي ترسم للمنظمة خطوط حمراء واضحة دون التدهور في المنطقة الى حرب. مثلا ان نهاجم في عمق لبنان عندما يعترض حزب الله مُسيراتنا. لماذ لا نرد هكذا في كل مرة يضرب فيها حزب الله البلدات والمواطنين على حدود الشمال.
بعد كل شيء من لا يتجرأ ويبادر ويخاطر أيضا نهايته ان يجد نفسه يجر رغم أنفه وفي موعد ليس مريحا له الى مواجهة شاملة مع حزب الله بالضبط مثلما حصل لنا مع حماس.
——————————————–
هآرتس 9/6/2024
اسرائيل قتلت حوالي 15 ألف طفل، ما الغريب في أنها دخلت الى القائمة السوداء؟
بقلم: جدعون ليفي
الصومال، سوريا، ميانمار، بوكو حرام واسرائيل. ليس بالصدفة أنها معا. فقرار الامين العام للامم المتحدة، انطونيو غوتيريش، بضم اسرائيل الى القائمة السوداء للدول التي تمس بالاطفال، أهان وفاجأ اسرائيل. نحن وسوريا؟ نعم، نحن وسوريا. في اسرائيل الجميع هاجموا ولم يسأل أحد ما الذي فكرنا فيه عندما يقوم الجيش بقتل آلاف الاطفال؟ هل اعتقدنا أن العالم سيصمت؟ هل الامم المتحدة ستضبط نفسها؟. إن مهمتها هي الصراخ، وهذا ما فعلته في نهاية الاسبوع.
عندما وصل الامر الى قتل جماعي للاطفال انتهت جميع التبريرات، حتى تبريرات اسرائيل. جلعاد اردان يمكنه مواصلة خدعه القبيحة في الامم المتحدة. أمس نشر تسجيل الفيديو لمحادثته مع الامين العام للامم المتحدة، وهو عمل غير مسبوق حسب مدونة السلوك الدبلوماسي، الذي كله يستهدف فقط مركز الليكود قبل منصبه القادم؛ بنيامين نتنياهو يمكنه مواصلة الادعاء بأن “الامم المتحدة ادخلت نفسها في القائمة السوداء للتاريخ”. الامم المتحدة؟ كم من الاطفال قتلت؟ الجيش الاسرائيلي قتل 15.517 حسب وزارة الصحة في غزة، موت 8 آلاف تم التأكد منه من قبل الامم المتحدة. كثيرون ما زالوا مفقودين. 17 ألف طفل فقدوا على الاقل أحد الوالدين. 3 آلاف طفل فقدوا على الاقل أحد الارجل (في كانون الثاني قالت المنظمة الدولية “انقذوا الاولاد” بأن عشرة اطفال يفقدون كل يوم على الاقل أحد الاطراف). في قناة “الجزيرة” تم أمس تصوير طفل فلسطيني وهو يسأل أمه: هل يده ستنمو من جديد. 9 اطفال من بين عشرة اطفال في غزة يعانون من سوء التغذية الشديد، حسب معطيات اليونسيف. منظمة الصحة العالمية قالت إن 4 اطفال من بين 5 اطفال لم يأكلوا أي شيء على الاقل في يوم من بين ثلاثة ايام.
جميعهم في القائمة السوداء للتاريخ، فقط ليس اسرائيل. جميعهم يكرهون اسرائيل وهم لاساميون، فقط اسرائيل بريئة. “الجيش الاكثر اخلاقية في العالم”، عاد وتوج أمس نتنياهو، بما يمكن أن يثير الضحك المحرج لدى سامعيه في العالم. الشهادات قاطعة، وهي تتراكم بصورة لا لبس فيها ولا يمكن غفرانها. ثمانية اشهر من الحرب ضد الاطفال. ثمانية اشهر لاطفال مبتوري الاطراف، ايتام، جائعين، مرضى، مصابين بالصدمة، يحتضرون ويموتون. الارقام مخيفة، لكن لا يقل عن ذلك التنصل المطلق لاسرائيل من المسؤولية. حوالي 10 آلاف طفل على الاقل قتلوا بذنب آبائهم، حماس، الامم المتحدة واليونسيف، فقط ليس بذنب القتلة، جنود الجيش الاسرائيلي والطيارين الاكثر اخلاقية في العالم.
عندما نصل الى هذا المستوى من التسبب بمعاناة هذا العدد الكبير من الاطفال، كان يمكن توقع درجة من الصدمة حتى في المجتمع الاسرائيلي. في نهاية المطاف ايضا يوجد لنا اطفال، لكن هنا الحزن شيء ممنوع بالأمر. الرحمة اصبحت غير قانونية. الاحتجاج موجه فقط على مصير اطفالنا، الذين لا يوجد كما هو معروف مثلهم. في الوقت الذي لا نحصي فيه مئات الآلاف من اطفالهم ولا نراهم.
اطفال غزة، الذين سيبقون على قيد الحياة، لن ينسوا في أي يوم. الآن هم يبحثون تحت انقاض بيوتهم ويحدون على آبائهم واخوتهم، ويحاولون تضميد جراحهم في بلاد لا يوجد فيها أي مستشفى تعمل لتقديم العلاج، ويصابون بالهستيريا بسبب الكوابيس في الليل، لكنهم سيكبرون ولن ينسوا. المساعدات الانسانية تواصل التعثر، المستوطنون يقومون بتخريب الشاحنات ويمنعون دخولها، ايضا اسرائيل تصمت على ذلك. ولكن الاطفال لن ينسوا أبدا ما فعلته بهم اسرائيل. كيف سينسون؟ الى الأبد لن ينسوا. الآن العالم ينضم اليهم. ايضا حتى الساخر والبارد مصاب بالصدمة من قتل الاطفال هذا. نتنياهو واردان وكل الاسرائيليين يمكنهم مواصلة ادعاء البراءة، لكن ايديهم ملطخة بدماء الاطفال الذين لن يتمكن أن مبرر من تغطيته. يجب البدء في التعود: الصومال، سوريا واسرائيل. هذا هو النادي. لا يجب أن نصاب بالصدمة من تشكيلته، بل من السبب الذي أدى الى انضمام اسرائيل اليه. ضمها العادل يجب الاعتراف به.
——————————————–
هآرتس 9/6/2024
متظاهرون يعتقلون و”زعران” يطلق سراحهم وقضاء خائف: دولة أم عصابة؟
بقلم: مردخاي غيلات
هناك سؤال لا يغيب عن أي عاقل في إسرائيل، وهو: كيف وصلنا إلى هذا المكان الذي تظهر فيه إسرائيل الآن كأنبوب مجار كبير تنبعث منه رائحة كريهة؟ كيف وصلنا إلى درجة سيطرة مجرمين وزعران ومحتالين متسلسلين على الدولة ويفعلون بممتلكاتها كل ما يخطر ببالهم؟ كيف لم يتم فتح تحقيق جنائي حتى الآن ضد الوزير ايلي كوهين، بصفته وزير الخارجية، في قضية توزيع جوازات السفر الدبلوماسية للمقربين (كما كشف في تقرير غيدي فايس، “هآرتس”، 7/12/2023)؟ هل هناك شخص في النيابة العامة يمنع الشرطة من فعل المطلوب في هذا الملف وفي ملفات أخرى؟ لماذا تحاول الشرطة التهرب من التحقيق مع موظفي مكتب الوزير بن غفير في قضية توزيع السلاح على المدنيين، رغم أمر المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، قائد الوحدة القطرية للتحقيق في حالات الخداع بفعل ذلك؟
لماذا لم يتم إرسال المجرم السابق (الليكود)، الذي سجل ووثق نفسه وهو يحرض على العصيان والتمرد في الجيش، إلى السجن حتى نهاية الإجراءات؟ لماذا يتم جر المتظاهرين ضد الحكومة وإنقاذ المخطوفين إلى غرف الاعتقال بذرائع لا أساس لها وهم مكبلون، في حين أن هذا المجرم المتسلسل، والخطير على سلطة القانون والديمقراطية، يطلق سراحه؟
ولماذا لم يرسل نتنياهو إلى إجازة ميري ريغف عقب نتائج تقرير رفيف دروكر؟ لماذا لم تؤد كشف أفعال الفاسدين إلى نشر بيان من قبل المدعي العام للدولة حول فتح تحقيق جنائي؟ لماذا تصمت النيابة العامة بدلاً من خلق الردع؟ هاكم إجابات على بعض هذه الأسئلة: لم تعد في إسرائيل خدمة عامة حقيقية، لقد لفظت أنفاسها؛ لأن مراقب الدولة غير موجود بالفعل، بفضل نتنياهو؛ لأنه منذ سنوات لا توجد ممثلية ذات تأثير لخدمة الدولة، وهذا طبعاً بفضل نتنياهو؛ ولأن قسم التحقيق مع رجال الشرطة يغلق عيونه، وبفضله لا توجد شرطة مهنية، تهتدي إلى قانون؛ ولأن قسم التحقيق الذي قائمة إنجازاته طويلة لم يعد موجوداً وبحق؛ ولأنه لا توجد نيابة عامة أو مدع عام حقيقي، ولا يوجد أشخاص يخلقون جواً من محاربة فساد الحكومة. في هذا المناخ، مع عدم وجود القانون والقاضي، يحتفل العنف مثلما لم يحتفل في أي يوم.
هاكم الوقائع: رجال الشرطة يضربون المتظاهرين ضد الحكومة دون شفقة؛ ويُعتقل المشاركون في الاحتجاج بذرائع لا أساس لها؛ ورجال الشرطة يكذبون في جلسات طلب تمديد الاعتقال في المحاكم بدون خوف؛ ورئيس الحكومة يكذب بوقاحة في محاولة يائسة للتغطية على إخفاقاته؛ والنيابة العامة تختفي وتصمت أمام زعران يسيطرون على الدولة؛ ولا يقل عن ذلك غياب قضاة جديين يكرسون حرباً ضد الفاسدين ويعطون إشارات بأن الفساد والجريمة لا تساعد؛ ينقصنا قضاة حقيقيون مثل مئير شمغار واهارون براك ودوريت بينيش والياهو ماتسا ومريم ناؤور، قضاة يصعب خداعهم. لو وجد قضاة كهؤلاء في محاكمة نتنياهو، لما تجرأ المتهم بتلقي الرشوة والتحايل بالقدوم إلى المحكمة المركزية في القدس بمرافقة عشرة من الوزراء الخانعين، ثم يلقي خطاب تحريض وتهديد على منظومة إنفاذ القانون أمام العدسات، بل كان سيخاف من مكانتهم ويتصرف معهم باحترام، وكان سيحترم حراس العتبة الأوائل لسلطة القانون، لا أن يستخف بهم بشكل استعراضي. هو ليس بطلاً كما تعتقد جماعته الهستيرية.
لكن عندما لا يحترم القضاة مكانتهم، فلماذا سيحترمهم ويحترم ما يمثلونه. عندما يملك القضاة الوقت الكافي لإجراء المحاكمة الأهم في الدولة بتباطؤ مع المعرفة بأن هذا في صالح المتهم، فلماذا سيأمر المحامي بالإسراع. عندما يتم كشف عار القضاة في مقاطع من الواضح فيها أنهم لا يعرفون خطورة الأدلة، وأحياناً لا يعرفون بنوداً في لائحة الاتهام، فإنهم لا يضيفون نقاط فضل لأنفسهم. هذا عار.
عندما يشاهد هؤلاء القضاة شهوداً معادين بشكل واضح ويرفضون نقش علامة العار على جبينهم لشاهد معاد، أي شاهد كذب على الشرطة أو المحكمة، فلماذا لا يتراجع شهود آخرون عن شهاداتهم التي قدموها في التحقيق، شهادات مدعومة بوثائق وشهود آخرين؟ لماذا يسمح القضاة للدفاع بعدم الامتثال لهم وتحويل قاعة النقاشات إلى سيرك؟ ألا يعرفون أن الاستخفاف بنظام العدالة ونظام إنفاذ القانون يبدأ لديهم ويتسرب بشكل سريع نحو الأسفل؟
كنت هناك وشاهدت وخجلت. خجلت من أجل كرامتهم، كما أخجل من أجل المنظومة كلها. خجلت وأخجل من أجل المحكمة العليا وهي تعقد كمحكمة عدل عليا. يجب الاعتراف بالحقيقة: هنا تبدأ المشكلة الكبيرة للدولة المتفككة. هنا دليل على أن الانقلاب النظامي حقق ويحقق النجاح. هنا يسقط الحصن.
——————————————–
إسرائيل هيوم 9/6/2024
عملية أكثر تعقيدا من عملية عنتيبة
بقلم: اللواء احتياط عاموس ملكا
رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق
عملية إنقاذ المخطوفين يوم السبت هي إنجاز استخباري عملياتي في المستوى الأعلى. فالفرح مفهوم ومبرر. ومع ذلك علينا أن نتذكر بأنه لا يمكن التعويل على مثل هذه العمليات وعلى مثل هذه النجاحات كالطريق الوحيد أو المتصدر لتحرير كل باقي الـ 120 مخطوفا، الأحياء والأموات.
تعقيد عملية إنقاذ كهذه يتضمن عشرات العناصر الاستخبارية والعملياتية، يكفي ألا ينجح أحدها كي تفشل العملية. فالاستخبارات المطلوبة للعملية يجب أن تصل إلى أقصى حد ممكن من الوضوح. المبنى الدقيق، الشقة، الغرفة، من يوجد في الشقة، كم حارس، كم قطعة سلاح في أيديهم، المباني المجاورة، قوات المقاومة في المحيط الفوري والواسع. كل عناصر الاستخبارات يجب أن تؤكد في الزمن الحقيقي حتى لحظة الانطلاق.
إن القدرة على تحويل المعلومات الاستخبارية إلى قدرة عملياتية، في ظروف صعبة وأساسا في وضح النهار ليست أمرا مسلما به، وقليلة الوحدات القادرة على أن تنفذ ذلك بنجاح كامل. هذه هي مهمة وفنية وحدات خاصة في الجيش، اليمم والشاباك. خطوة أعداد عملية كهذه يستغرق أياما طويلة، وأحيانا أسابيع وربما أشهر. إلى أن نعرف كيف نعرض كل الحالات وردود الأفعال والإدارة وتقليص المخاطر، لا يأتي الإذن للانطلاق إلى العملية.
يجب خلق مفاجأة، ولا سيما عند الحديث عن وضح النهار. القدرة على الوصول في صفر زمن إلى الغرفة المحددة التي يحتجز فيها المخطوفون، بشكل يمنع الحراس من قتل المخطوفين وهي ثوان وأجزاء من الثواني خلق مجال عمل عملياتي يعزل عن المقاومة وعن مشاركة قوات توجد في المحيط. وبالطبع – إنقاذ المخطوفين بلا أذى تحت النار، وبعد ذلك إنقاذ عموم القوات المشاركة. بمفاهيم عديدة، تعقيد هذه العملية أعلى حتى أكثر من عملية عنتيبة البطولية.
يستحق التحية الكثيرون في المنظومة وعلى رأسهم رئيس الأركان، رئيس الشاباك، رئيس أمان، اللواء احتياط نيتسان الون، قائد حرس الحدود، قائد سلاح الجو وقادة الوحدات العملياتية. تستحق التقدير الجهات التي صادقت على العملية – رئيس الوزراء ووزير الدفاع. هنا بودي أن أنتقل من النشوى اللحظية والمهمة إلى عظمة التحدي التي أمامنا وإلى عمق الفشل الإستراتيجي الذي نوجد فيه. كلي أمل ألا يستغل قادة الدولة هذه اللحظة السامية لصورة النصر لغرض مكاسب سياسية، تتجاهل عمق الأزمة والخطر القائم على باقي المخطوفين وعلى أمن إسرائيل بعامة. عمليات كهذه لن تعيد عموم المخطوفين، وإن كان ينبغي الإفادة من كل الفرص الاستخبارية والعملياتية. بدون صفقة، بدون روافع ضغط، بدون شجاعة قيادية، بدون إقلاع وبدون رؤيا سياسية لن ننجح في إنقاذ باقي المخطوفين.
هذا هو الوقت للصحوة والانتقال من إستراتيجية حزبية إلى إستراتيجية أمنية – سياسية.
——————انتهت النشرة—————-