مقررة أممية تتحدث عن انتهاكات كبيرة ضد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية

كشفت أليس جيل إدواردز، مقررة الأمم المتحدة المعنية بالتعذيب، عن انتهاكات عدة تعرض لها المعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينها الضرب والتهديد بالعنف الجنسي والتصوير في أوضاع مهينة.

وقالت، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “لقد تواصل مكتبي مع الحكومة الإسرائيلية بشأن مزاعم التعذيب وسوء المعاملة للفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وتتضمن المعلومات التي قمت بمراجعتها أفرادًا تعرضوا للضرب، واحتُجزوا في زنازين معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي لفترات طويلة، وحرمانهم من النوم، وتهديدهم بالعنف الجسدي والجنسي”.

حوادث التعذيب والمعاملة اللا إنسانية لها تأثير سلبي كبير على قدرة الأطراف على تحقيق السلام في أي صراع

وأضافت: “وتشير تقارير أخرى إلى أن السجناء تعرضوا للإهانة وتعرضوا لأعمال إذلال، مثل التقاط صور لهم وتصويرهم في أوضاع مهينة، في حين أن الاستخدام المطول للأصفاد المضغوطة تسبّب في إصابات وجروح احتكاك. لقد سجلت أيضًا مخاوفي بشأن الاكتظاظ وظروف الاحتجاز العامة في بعض المواقع”.

لكنها أكدت أنها لم تتلق حتى الآن “ادعاءات محددة ذات مصداقية بشأن العنف الجنسي ضد المعتقلين الفلسطينيين“.

واستدركت بالقول: “إذا كانت لدى المنظمات غير الحكومية والمحامين وغيرهم تقارير عن مثل هذه الحوادث، فإنني أحثهم على الاتصال بمكتبي لإبلاغهم بالتفاصيل. وأنا مصممة على التحقيق في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة أينما حدثت. ولا يمكن أن يكون هناك سوء معاملة لأي فرد محتجز. هناك حظر مطلق على التعذيب بموجب القانون الدولي”.

كما رحبت، في المقابل، بالتقارير التي تفيد باتجاه السلطات الإسرائيلية لإغلاق معتقل “سدي تيمان“، مضيفة: “أذكّر الجيش وإدارة السجون الإسرائيلية بأنه يجب عليهما الالتزام بالقانون والمعايير الدولية في معاملة جميع المعتقلين”.

من جانب آخر، تحدثت إدواردز عما سمتها “انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، شملت عمليات القتل واحتجاز الرهائن والتعذيب، بما في ذلك التعذيب الجنسي”، خلال الهجوم الذي نفذته فصائل المقاومة الفلسطينية على مناطق غلاف غزة.

وأضافت: “الأدلة التي راجعتها مروعة، ويجب أن تكون هناك محاسبة على الجرائم التي ارتكبت في ذلك اليوم. إن السياق الذي وقعت فيه هذه الجرائم وتاريخ هذا النزاع لا يمكن أن يوفرا أي مبرر للجرائم المزعومة التي ارتكبتها “حماس” وغيرها من الجماعات المسلحة”.

كما دعت “حماس” إلى الإفراج عن المعتقلين الإسرائيليين لديها، والذين قالت إن مصيرهم لا يزال مجهولاً، كما تعرض عدد منهم للموت خلال هجمات لجيش الاحتلال.

وفي السياق، رفضت إدواردز التعليق على اتهام البعض لها بـ”المساواة” بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحركات المقاومة الفلسطينية فيما يتعلق بارتكاب انتهاكات ضد “المدنيين”.

واكتفت بالقول: “باعتباري خبيرة مستقلة في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومحامية دولية أيضاً، فإنني أتعامل مع الأدلة المقدمة إلى مكتبي وفق القانون. وليس من شأني الدخول في نقاش حول التصورات المتعلقة بعملي”.

ومن جهة أخرى، اعتبرت إدواردز أن “حوادث التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة لها تأثير سلبي كبير على قدرة الأطراف على تحقيق السلام في أي صراع، كما أن ممارسة التعذيب يمكن أن تكون واحدة من أعظم مصادر الكراهية والعداوة التي تديم المظالم ودوائر العنف”، في إشارة إلى إمكانية تحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مستقبلاً.

المعتقلون في السجون الإسرائيلية تعرضوا للضرب والحرمان من النوم والتهديد بالعنف الجنسي والتصوير في أوضاع مهينة

وأضافت: “سيكون من المهم في أي تسوية سلمية أن تكون هناك عملية مصالحة يقودها الشعب، وإجراء تحقيق محايد ومحاكمة مرتكبي الجرائم الخطيرة، وأن يعترف كل جانب -قانونياً وسياسياً- بحق الطرف الآخر -ليس فقط في الوجود، ولكن أيضاً في مناقشة حل الدولتين- وأحث جميع أطراف النزاع على التقيد بالتزاماتهم القانونية، وخاصة الحظر المطلق للتعذيب”.

وأثار مقال لإدواردز في مجلة “فورين بوليسي” جدلاً واسعاً، وخاصة بعد دعوتها مصر لفتح الحدود أمام اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما اعتبره البعض “دعوة مبطنة” لتهجير سكان قطاع غزة.

وعلقت إدواردز على ذلك بالقول: “كان مقالي في مجلة فورين بوليسي بمثابة تعليق على الالتزامات القانونية الدولية الملقاة على عاتق مصر وإسرائيل لضمان عدم الإعادة القسرية للاجئين. لأنه يُحظر على الدول إرسال أي شخص إلى مخاطر الحرب والتعذيب والاضطهاد”.

وأضافت: “ويشمل هذا الالتزام العالمي إلزام الدول بالسماح للناس بالهروب، وتوفير الملاذ الآمن لهم طالما استمر التهديد، وتمكينهم من العودة بأمان عندما تسمح الظروف بذلك”.