باحث إسرائيلي: نتجه لحرب واسعة في لبنان بغباء السياسيين وكآبة الجمهور

 

“الجيش كان يعلم مسبقا بالحقيقة حول الإنجازات المحدودة بالضرورة للمعركة في غزة، ووضع ونفذ خطة تضمن ألا يكون هناك أكثر من إنجاز محدود، ويحاول الآن تسويق انتصار كبير هناك وبالأساس كي لا يقولوا له أن ينتقل إلى لبنان”

شكك الباحث في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب والرئيس الأسبق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عوفِر شيلَح، في جدوى توسيع إسرائيل الحرب في لبنان، في وقت تتزايد فيه الأصوات التي تتعالى في إسرائيل التي تطالب بتصعيد القتال ضد حزب الله إلى حرب واسعة.

ولفت شيلح إلى أن “لا أحد (في إسرائيل) أشار حتى الآن إلى أي جدوى ستنشأ من ذلك. فلا يوجد سيناريو معقول لنهاية الحرب وسيسمح بتغيير الوضع من أساسه وعودة سكان شمال إسرائيل إلى بيوتهم؛ وحتى أنه لا توجد أدنى فكرة حول ما هو الإنجاز الحقيقي الذي سيبرر الضرر الأكيد الذي سيلحق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية”، وفق ما مقاله المنشور في صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم، الثلاثاء.

ورأى أن تصعيدا مقابل لبنان سيؤدي إلى “تبادل ضربات بحجم لم نشهد مثله، وسيؤدي إلى دمار هائل عندهم وبالغ عندنا، وفي نهايته ثمة شك إذا كان سيتغير شيئا. فلا أحد في القيادة السياسية والمؤسسة السياسية كلها، وكذلك في القيادة العسكرية وفي أوساط الجمهور ووسائل الإعلام، يضع بديلا لذلك، لأن البديل الوحيد يستوجب وقف الحرب في غزة. وهذه ليست مسيرة أغبياء، وإنما أمر أسوأ بكثير”.

وأشار إلى أن معظم الجمهور الإسرائيلي لا يثق بالمؤسسة السياسية والجيش ووسائل الإعلام، لافتا إلى أن “الجيش كان يعلم مسبقا بالحقيقة حول الإنجازات المحدودة بالضرورة للمعركة في غزة، ووضع ونفذ خطة تضمن ألا يكون هناك أكثر من إنجاز محدود، ويحاول الآن تسويق انتصار كبير هناك وبالأساس كي لا يقولوا له أن ينتقل إلى لبنان”.

نتنياهو ورئيس أركان الجيش هليفي (مكتب الصحافة الحكومي)

وتوقف شيلح عند موقف الجمهور في إسرائيل حيال تصعيد القتال مقابل لبنان، حيث أظهر استطلاع أجراه “معهد أبحاث الأمن القومي” أن أغلبية بنسبة 46% قالت إن على إسرائيل المبادرة إلى عملية عسكرية واسعة، حتى بثمن حرب إقليمية. وفي المقابل، انخفضت نسبة الذي يعتبرون أن الجيش الإسرائيلي سيتمكن من الانتصار في حرب كهذه من 91%، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى 67%. ووصف ذلك بأنه “حضيض تاريخي للثقة في قدرة الجيش على استيفاء غاياته. كما تراجعت نسبة الثقة برئيس هيئة الأركان العامة وبالمتحدث باسم الجيش إلى حضيض غير مسبوق”.

ورأى شيلح بهذا التناقض في موقف الجمهور دليل على “الكآبة والشعور بعدم وجود مخرج. ولن يكون هناك انتصارا حقيقيا في غزة، وصفقة مخطوفين، التي قد تشكل مخرجا لوقف الحرب، تبتعد من يوم إلى آخر، والقيادة تعمل بشكل مناقض للمصلحة الإسرائيلية، وأداء الجيش مخيب للآمال وضائقة سكان الشمال، الذين تم نفيهم عن بيوتهم منذ ثمانية شهور، تجعل القلب ينقبض. وإذا كان الوضع هكذا، دعونا نحارب ونرى إذا كان سيحدث شيئا، حتى لو أننا نقدر أنه لن يحدث أي شيء جيد، ونعلم أنه سنتضرر بأنفسنا – وانظروا إلى هلع شراء مولدات الكهرباء بعد أقوال مدير عام شركة إدارة قطاع الكهرباء” حول انقطاع متوقع للكهرباء من جراء قصف متوقع من جانب حزب الله.

وأشار شيلح إلى تراجع كفاءات الجيش الإسرائيلي بعد ثمانية أشهر من الحرب على غزة وإفراغ جزء كبير من مخزون الذخيرة “وإفراغ الشرعية في العالم لعملية عسكرية إسرائيلية”. وأضاف أن “المشكلة الأساسية في هجوم واسع كهذا تكمن في فائدته المشكوك فيها وأضراره الأكيدة. ولكن حربا إقليمية؟ هل توجد فكرة لدى أي كان كيف ستبدو؟”.

ووفقا لشيلح، فإن الجيش الإسرائيلي اليوم، “الذي يتوحل في غزة منذ ثمانية أشهر”، لا يمكنه حسم حرب ضد حزب الله خلال فترة قصيرة، ولا يردع إيران، ولم يبرم تحالفات إقليمية ولم يتوصل إلى تفاهمات مفصلة مع الولايات المتحدة، “وهذه بعض القدرات التي يؤمن قادة الجيش الإسرائيلي بأنها ضرورية”.


وخلص شيلح إلى أن “الطريق الوحيدة هي ليست فقط الامتناع عن استمرار إلحاق الضرر بأمن إسرائيل، وإنما البدء في بناء القدرات المطلوبة كي نخرج كمنتصرين من المواجهة مع محور المقاومة الذي تقوده إيران، هي وقف الحرب في غزة – بواسطة صفقة مخطوفين إذا أمكن؛ التوصل إلى تسوية في الشمال التي إلى جانب الاستعداد دفاعيا ستسمح بعودة السكان إلى بيوتهم؛ والبدء في بناء القوة بكافة عناصرها، السياسية والإقليمية والعسكرية وغيرها، استعدادا للمعركة الحقيقية. وأي شيء آخر هو بمثابة غباء مليء بالأضرار، وثمة من يسير نحوه بأعين مفتوحة وبدوافع شخصية، وثمة من ينجر إليها نتيجة كآبة واستسلام”.