الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 23/7/2024

انهيار السلطة الفلسطينية سيناريو يجب تجنبه

بقلم: يوحنان تسوريف

لقد تم ذكر انهيار السلطة الفلسطينية في العامين الأخيرين كاحتمال حقيقي على خلفية تثبيت الحقائق في الضفة الغربية من قبل الحكومة الإسرائيلية، أي توسيع المشروع الاستيطاني الذي لا رجعة فيه إلى حد كبير ويتحدى الدولة الفلسطينية. موقف السلطة الفلسطينية ضعيف بالفعل. إن انهيار السلطة الفلسطينية، أو دفعها إلى الانهيار، سيعيد النظام الإسرائيلي الفلسطيني إلى أكثر من 30 عاماً للوراء، ويضع إسرائيل في وضع سياسي ودولي صعب، لأنه سيعتبر بمثابة علامة نهاية للحقبة المنظمة، بل وسيبعد الدول العربية المعتدلة من محاولة تعزيز التطبيع معها. بالإضافة إلى ذلك، فإن انهيار السلطة الفلسطينية سيضع حداً لشراكة المصالح بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التي تم التعبير عنها في التنسيق الأمني، بما يرضي إسرائيل في كثير من الأحيان، وقد يكون هناك تحول ضد إسرائيل من قبل أولئك الذين يخدمون في أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية – عشرات الآلاف من المسلحين الذين سينضمون إلى النضال العنيف الذي تخوضه الفصائل الفلسطينية ضد إسرائيل. وفي غياب سلطة فلسطينية رادعة، قد تندلع انتفاضة شعبية في “المناطق” [الضفة الغربية].

منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية عام 2022، تسارعت عملية إضعافها وسحب شرعية السلطة الفلسطينية، وفي الخلفية “خطة الحسم” لوزير المالية ووزير الدفاع سموتريتش، الهادفة إلى حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دون عملية سياسية، فضلاً عن ادعاء وزير الأمن الوطني بن غفير تحميل الفلسطينيين عبء استخدام القوة. إن الثقل السياسي لهؤلاء الوزراء يعطي، في نظر الفلسطينيين والأطراف ذات العلاقة على الساحة الدولية، شرعية السياسة الإسرائيلية الرسمية. وهذا هو أحد التهديدات الحقيقية التي يواجهها الفلسطينيون الآن. ومن بين أمور أخرى، ليس من الواضح كيف سيخدم انهيار السلطة الفلسطينية فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني، التي تدعمها بعض أحزاب اليمين في إسرائيل كحل للصراع الذي سيُفرض على الفلسطينيين. ففي نهاية المطاف، من المشكوك فيه أن يتم العثور على قيادة بديلة، وأن إسرائيل ستضطر بعد ذلك إلى تحمل مسؤولية إدارة حياة الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية.

أثار السابع من تشرين الأول (أكتوبر) والحرب على قطاع غزة غضباً هائلاً في إسرائيل تجاه حماس والفلسطينيين عموماً. كما ساهم إعلان رئيس الوزراء نتنياهو أن “فتحستان = حماستان” في تأجيج الأجواء العامة في إسرائيل، والذي يدعم حذف مصطلحي “الدولة الفلسطينية” و”حل الدولتين لشعبين” من المعجم العبري وكل خطوة تضعف السلطة الفلسطينية. اتخذت إسرائيل سلسلة من القرارات تهدف إلى معاقبة السلطة الفلسطينية وإضعافها. ومن بين أمور أخرى، تمت زيادة الاقتطاع في أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل كل شهر وتحولها إلى الفلسطينيين، وتم إقرار مشروع قانون يسمح لضحايا الإرهاب بالمطالبة بتعويضات من السلطة الفلسطينية، وتجري محاولات لقطع الاتصال بين البنوك الإسرائيلية والبنوك الفلسطينية، ويُمنع العمال الفلسطينيون من الدخول إلى إسرائيل ممن يعملون بشكل رئيسي في قطاع البناء، وحدثت زيادة كبيرة في عدد الوحدات السكنية المقامة في المستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية، وتغير الوضع القانوني للبؤر الاستيطانية وتعزز الاستيطان، وقررت الحكومة الإسرائيلية حرمان السلطة الفلسطينية من صلاحياتها في المناطق (ب) التي تعرف بـ«احتياطيات الاتفاق»، وأخذتها لنفسها. وقد أضاف الكنيست الإسرائيلي طبقة لهذه التحركات عندما صدر قرار بمعارضة إقامة دولة فلسطينية بأغلبية 68 عضو كنيست مقابل تسعة معارضين.

ولهذا السبب، يتزايد القلق في محيط أبو مازن، وفي صفوف الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، وفي الساحة الفلسطينية برمتها، من العقوبات التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية. إنهم يريدون أن يصدقوا أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لن يسمحوا لإسرائيل بحل أو انهيار السلطة الفلسطينية بسبب التزامها بعملية أوسلو.

حتى قبل مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول، أشار رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن والعديد من المتحدثين الفلسطينيين إلى العواقب الخطيرة لسياسة إسرائيل على المستوى الأمني ​​الضعيف للفلسطينيين في الضفة الغربية والاحتكاك المتزايد بينهم وبين المستوطنين اليهود. وفي الساحة الفلسطينية نفسها يدور جدل منذ عدة أشهر حول اتهام حماس بجلب الكارثة على الفلسطينيين. إن الجدل الذي سيشتد بعد الحرب سيزيد من صعوبة تعزيز جهود المصالحة بين المنظمات، وفي الوقت نفسه يزيد من مخاوف أوساط فتح ومن هم حول أبو مازن من الإجراءات التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية والتي تهدد بانهيار السلطة الفلسطينية. لم يعد الأمر مجرد حل استباقي احتجاجاً على عدم إحراز تقدم في العملية السياسية (مثلما في 2012 و2013، عندما تم الاعتراف بقدرات السلطة الفلسطينية دولياً واعتبارها عاملاً فعالاً وبناء)، بل خوف جدي من الإجراءات العقابية الإسرائيلية التي تهدف إلى تدهور السلطة الفلسطينية أو انهيارها.

على هذه الخلفية، من الواضح أن مكانة السلطة الفلسطينية كرمز وطني فلسطيني أهم من جودة عملها. متحدثون باسم حركة فتح من البيئة المقربة من أبو مازن، يؤكدون في حواراتهم مع حماس وأنصار المقاومة الإسلامية، حتى بعد 7 أكتوبر، على إنجازاتهم تجاه إسرائيل في الأيام التي سبقت اتفاق أوسلو: العودة إلى الوطن، إطلاق سراح أسرى بخروج أكثر من 6000 أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية بضربة واحدة، وإنشاء مؤسسات وطنية في قلب فلسطين، واعتراف متزايد في المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية. ومن وجهة نظرهم، فإن السلطة الفلسطينية هي المؤسسة المركزية في فلسطين، وفي الوقت نفسه، تبنت حماس نفسها هذا الموقف تجاه السلطة، ولو كمنبر للسيطرة “الشرعية” على الساحة الفلسطينية، عندما قررت خوض الانتخابات الرئاسية والمجلس التشريعي الفلسطيني في عام 2006، وكانت تنوي الترشح مرة أخرى في عام 2021 – عندما تم إلغاء خطة الانتخابات. أبو مازن الذي يقدم اتفاقات أوسلو كأحد إنجازات منظمة التحرير الفلسطينية ويرى في المقاومة المسلحة لحماس حماقة منظمة ترفض التعلم من تجربة أسلافها، يصر على أهمية السلطة الفلسطينية وإبرازها كتعبير عن الحضور الوطني في فلسطين.

مخاطر استمرار الضعف

إن استمرار عملية إضعاف السلطة سيؤدي إلى تفاقم الآثار الخطيرة التي ظهرت منذ أشهر عديدة، ومن بينها:

  • دفع جزئي لرواتب موظفي السلطة الفلسطينية، ما يشكل تأثيره على تحفيز وعمل الأجهزة الأمنية مصدر قلق عظيم لجهاز الأمن الإسرائيلي، لأنه قد يشجع على انضمام موظفي هذه الأجهزة إلى العمليات الإرهابية مقابل الأموال المحولة من إيران.
  • ضعف أداء الأجهزة الأمنية، رغم التزامها بالتنسيق الأمني، وذلك بسبب نزع شرعيتها لدى الجمهور الفلسطيني على أنها تخدم الاحتلال الإسرائيلي.
  • توسيع نطاق الإرهاب إلى جنوب “السامرة ويهودا”، من بين أمور أخرى، بتشجيع ومساعدة من حماس وإيران.
  • تزايد الاحتكاك بين المستوطنين والفلسطينيين، الذي يؤدي إلى تفاقم التوتر في الضفة الغربية، ما يزيد من دوافع الفلسطينيين لارتكاب الأذى ويغذي الخطاب الداخلي الإسرائيلي المثير للانقسام.
  • إضعاف صمام السلطة الفلسطينية ضد نزول الحشود إلى الشوارع. لقد تجنب الجمهور الفلسطيني حتى الآن أعمال الشغب بسبب الخوف من الثمن الذي سيدفعونه مقابلها وبسبب سياسة السلطة الفلسطينية في إحباطها ومعارضتها.
  • ظهور القدس الشرقية كنقطة احتكاك وهجمات إرهابية من قبل السكان الفلسطينيين الذين يرغبون في التعبير عن تضامنهم مع قطاع غزة ومناطق الصراع في الضفة الغربية.
  • الحفاظ على التنسيق الأمني يتطلب ​​استثمار المزيد من الجهود والموارد من جانب الجهاز الأمني ​​الإسرائيلي.
  • قلق من جانب المواطنين العرب في إسرائيل، الذين يعرفون أنفسهم أيضاً على أنهم فلسطينيون، والذين امتنعوا حتى الآن عن الاحتجاج والتعاطف مع إخوانهم عبر الخط الأخضر، وقد ينظمون احتجاجات شعبية تصب في مصلحة حماس ومحور المقاومة، المهتم بتوسيع ساحات النضال إلى داخل إسرائيل نفسها.

انهيار أو فشل وظيفي للسلطة الفلسطينية

لن تعلن السلطة الفلسطينية نهايتها بنفسها، فالتوتر السائد بين إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي في هذا السياق سيساعدها على البقاء. ولكن باعتبارها هيئة حاكمة، سيتعين عليها أن تواجه تحديات صعبة للغاية سيفرضها عليها الواقع على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي. وسيكون لانهيار السلطة أو فشلها الوظيفي آثار بعيدة المدى:

  • سيكون لزاماً على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية أن يعترفا بفشل المسار السياسي أمام منافسيهما المحليين والدول العربية التي تدعم هذه الترتيبات. هذه هي النهاية “الرسمية” لعهد أوسلو.
  • رفع مكانة حماس وغيرها من التنظيمات الإسلامية في المنطقة كبديل للحكومة القائمة.
  • ستظل علامة استفهام كبيرة تحوم حول استراتيجية الاستيطان التي ميزت العلاقة بين إسرائيل ودول المنطقة الساعية للتطبيع، والتي يشكل حل المشكلة الفلسطينية ركيزة أساسية ترتكز عليها هذه الاستراتيجية.
  • في غياب قيادة بديلة لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، فقد يتجاهل المجتمع الدولي الواقع الذي سيتطور في أعقاب هذا الانهيار.
  • في هذا الوضع، سيُطلب من إسرائيل أن تتحمل مسؤولية الإدارة المدنية للمدن والبلدات الفلسطينية، التي كانت تحت السيطرة الفلسطينية طوال الثلاثين عامًا الماضية، بسبب العبء المالي الذي ينطوي عليه ذلك.
  • سيتم إثقال العبء الاقتصادي الملقى على عاتق إسرائيل. سيكون على إسرائيل أن تتعامل مع التزامات السلطة الفلسطينية و/أو عدم رغبة المؤسسات المالية الدولية في تزويدها بالائتمان.
  • يرجع ذلك إلى حرب الاستنزاف المتعددة الساحات التي تخوضها إيران ضد إسرائيل عبر وكلائها، وستظهر ساحات إضافية لا تزال خاملة حتى اليوم.

الجانب الأمني

سيكون التحدي الأمني ​​هو الأثقل الذي سيُلقى على عتبة إسرائيل في حال انهارت السلطة الفلسطينية. وفي هذا المجال، هناك تعاون منذ سنوات عديدة، بمستوى معقول حتى خلال فترات الأزمات والكساد في العلاقات بين الطرفين، على أساس الاعتراف المتبادل بالمصلحة المركزية المشتركة. بل إن أبو مازن وصف في كثير من الأحيان التنسيق بأنه مقدس. ولذلك، فإن انهيار السلطة أو فشلها الوظيفي سيطرح أسئلة صعبة بشكل خاص على إسرائيل:

  • ماذا سيحدث للأجهزة الأمنية الفلسطينية؟ كيف يمكن حل هيئة موالية للسلطة الفلسطينية، وملتزمة بالاتفاقيات مع إسرائيل، وتتعاون معها، وتحظى باحترام زملائها الإسرائيليين؟
  • هل يمكن جمع أسلحة ما يقارب 45 ألف عضو من الأجهزة في الضفة الغربية؟ كيف سيتم تحديد موقعها؟ ومن المحتمل أن يقوم بعض أعضاء الأجهزة بتسليم السلاح لإسرائيل أو لطرف ثالث، لإدراكهم لفجوة القوة بينهم وبين إسرائيل، وهو ما سينعكس في حال نشوب صراع بين الطرفين. السلطة بين الطرفين في حالة الخلاف معها، لكن ماذا عن الجزء الذي لن يتم تحصيله؟
  • كيف تتعاملون مع خطر حقيقي أكثر مما كان عليه في الماضي، وهو “انقلاب الأعشاش” – انضمام الأجهزة إلى النشاط الإرهابي؟
  • كيف يمكن الحفاظ على أمن المستوطنات التي تناثر الكثير منها في أعماق الأراضي الفلسطينية المأهولة في السنوات الأخيرة؟ كيف نحمي المحاور المرورية والحدود الأردنية ومنطقة التماس مع الضفة الغربية؟
  • كيفية التعامل مع اتجاه إضعاف النظام في الأردن ومع تهريب الأسلحة من العراق وسوريا عبر الأردن إلى الضفة الغربية، في ظل ضعف قدرة القوات الأمنية في الأردن على منع التهريب، في نفس الوقت الذي يتعاملون فيه مع التخريب الإيراني وجهود تسلل المقاتلين الشيعة إلى المملكة؟ وسيكون هناك خطر في تحول الحدود الأردنية من حدود سلام وتعاون إلى ساحة صراع.
  • كيف ستتعامل إسرائيل مع الوضع الذي ستتضرر فيه منطقة تل أبيب ذات الكثافة السكانية العالية ووسط البلاد، الذي يتمتع حالياً بسلام نسبي على الرغم من الحرب في الشمال والجنوب، من جراء التصعيد كنتيجة محتملة لانهيار السلطة الفلسطينية؟
  • ما هي عواقب هذه التحديات على المرونة الوطنية والقدرة على التكيف لدى الجمهور الإسرائيلي إذا زاد العبء الاقتصادي وتفاقم التهديد الأمني؟ كيف سيتم تجنب الاضطرابات في القدس الشرقية حول المسجد الأقصى، الذي يشكل نقطة احتكاك ساخنة في أوقات الأزمات.
  • هل سيمتنع المواطنون العرب/الفلسطينيون في إسرائيل عن الاحتجاجات والمظاهرات التضامنية مع إخوانهم شرقي الخط الأخضر، وهل سيتم الحفاظ على السلام في المدن المختلطة؟

التوصيات

إن انهيار السلطة الفلسطينية ليس مسألة ثنائية إسرائيلية فلسطينية، بل مشكلة إقليمية ودولية. وتشارك الدول العربية الرائدة ومعظم الدول الغربية في العمليات السياسية التي تهدف إلى تعزيز الاتفاق الإسرائيلي الفلسطيني. اتفاقات أوسلو، رغم فشلها في تمهيد الطريق للمحادثات حول قضايا الاتفاق الدائم، لا تزال تعتبر آلية تحافظ على الاستقرار النسبي وتمنع التدهور. وهذا نوع من التقصير في ظل المأزق الذي وصلت إليه العملية السياسية منذ عام 2009.

ولم يفت الأوان بعد لتجديد الجهود لتعزيز السلطة الفلسطينية وجعلها عنواناً مسؤولاً ومستقراً وعاملاً، وملتزماً بمسار التسويات، وفحصها وفق المكاسب المدنية والأمنية التي تنتجها وتلك المطلوبة منها. من المهم أن نتذكر:

  • تعتبر السلطة الفلسطينية أحد الأقطاب الفاعلة في الشرق الأوسط في الصراع الدائر بين القومية العربية والإسلاموية. الاحتكاك مع إسرائيل، الذي يقع التعامل معه في قلب الخلاف بين هذين الطرفين، سيعطي الطرف الفائز أفضلية كبيرة على الساحة العربية الشاملة. ويتعين على إسرائيل، التي ترغب في الاندماج في تحالف إقليمي إلى جانب الدول العربية المعتدلة، أن تعمل على تمكين التيار الرئيسي الفلسطيني من قيادة فتح وليس معسكر المقاومة الذي تقوده إيران. إن انتصار السلطة الفلسطينية وتفكك سلطة حماس يشكل ركيزة أساسية في هذا الصراع الذي يتوجه إليه كثيرون في العالم العربي والغرب.
  • كما أن محور المقاومة الإيراني، وحزب الله، والمنظمات الإسلامية الفلسطينية، يستثمرون جهودهم في هذا الصراع ويدركون جيداً الفوائد التي قد يجلبها لهم انهيار السلطة الفلسطينية.
  • إن الديمقراطية في إسرائيل، على الرغم من الصراع بين التوجه المحافظ والتوجه الليبرالي، لا تزال تعتبر مصدراً للتقليد – سواء بين الفلسطينيين أو بين العديد من سكان دول الخليج وغيرها من البلدان. إن تعزيز السلطة الفلسطينية وتشجيع طبيعتها الديمقراطية قد يساهم في الحفاظ على هذه الصورة لإسرائيل.

سيكون لانهيار السلطة الفلسطينية آثار سلبية على دولة إسرائيل على الساحات الداخلية والإقليمية والدولية. ويجب تجنب ذلك، خاصة في ظل الواقع الحالي للحرب مع حماس ومعسكر المقاومة بقيادة إيران وحزب الله. وعلى إسرائيل أن تركز جهودها على حل وإزالة التهديد الذي تشكله حماس و”الجهاد الإسلامي” في قطاع غزة والضفة الغربية، وتجنب التحركات التي قد تضعف السلطة الفلسطينية إلى حد الانهيار أو الخلل الوظيفي، وشراء تذكرة الدخول إلى الأمن الإقليمي- تحالف اقتصادي تقوده الولايات المتحدة ويمهد طريقاً جديداً لحل الصراع مع الفلسطينيين المعتدلين.

———————————————

هآرتس 23/7/2024

كغزة والحديدة.. الرد الإسرائيلي: سندمر “لاهاي” على رؤوس قضاتها.. ولا بأس من أضرار جانبية

بقلم: ب. ميخائيل

يبدو أنه لا مناص: يجب قصف “لاهاي”، ومحو كل أعشاش القضاة هناك عن وجه الأرض.

في نهاية المطاف، لا شك بأن لاهاي ومحاكمها هم الأسوأ من بين أعداء إسرائيل والشعب اليهودي؛ فهم لا يشوهون ويحرضون ويدعون إلى تحرير النزوات اللاسامية فحسب، بل ويفعلون بنا الأسوأ، ويقولون عنا الحقيقة. بالضبط يلقونها في وجهنا! من يقول الحقيقة بهذا الشكل في وجه الشخص؟ أين الأدب، أين السلوك السليم والاعتبار للآخر؟

لا فرصة للتغلب على مثل هذه الفظائع الحقيقية بدون القنابل. لذلك، علينا قصف محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية فوراً. عانينا من ذراعها الثقيلة مرتين، ولا شك بأن المرة الثالثة على الطريق. مذكرات الاعتقال تكاد تكون مطبوعة. في الحقيقة، صدرت ضد بيبي وغالانت، لكن قد تكون هناك أوامر أخرى ضد بن سموتس وقائد سلاح الجو ورؤساء الإدارة المدنية، لن يمر وقت طويل حتى تسقط علينا إذا لم نتحرك وبسرعة.

في نهاية المطاف، هذا أيضاً موضوع أخلاقي. ففي النهاية، هذه هي طريقة إسرائيل وطريقة الإسرائيليين للتعامل مع كل مشكلة: ضربة سريعة بالنبوت (يفضل أن تكون على الرأس)، ونزاع على الحدود، ونزاع على موقف سيارة، ونزاع مع الجيران، ونقاش سياسي، ونقاش ديني، ونقاش في البرلمان، وشتائم، وشجار على الطابور، وضرب في غرفة الطوارئ، وشجار في مباراة كرة قدم، وهدف أو غير هدف – كل ذلك يتم حله بواسطة النبوت.

حقاً، النبوت هو أسرع وأسهل حمله وكاف أكثر. إلقاء النبوت على “لاهاي” يحتاج بالطبع إلى الاستعداد الكبير. مع ذلك، الحديث يدور عن هدف يبعد عن إسرائيل 3 آلاف كم، حتى أبعد من اليمن. لحسن الحظ أننا تعلمنا مؤخراً بأنه مسموح لنا قتل 100 شخص بريء إذا كانت هناك احتمالية لإصابة مطلوب واحد. هذا هي الأخلاق العسكرية، كما يقول خبراء. ضرر جانبي مقبول لا يحتاج إلى معاملة خاصة، أو لا سمح الله أي انتقاد ذاتي. ولأن 33 قاضياً دولياً (18 في محكمة العدل الدولية و15 في محكمة الجنايات) يعملون في لاهاي الكبرى، فإنه وفقاً للأهمية العسكرية المذكورة آنفاً، يبدو قتل 3300 مواطن في هولندا سيكون بالتأكيد في سياق الضرر الجانبي المعقول. في الحقيقة، من هم الـ 3300 هولندي قتيل، من غير اليهود، مقابل الدفاع عن دولة إسرائيل، ربما أيضاً إنقاذ كل الشعب اليهودي (إذا تجرأ أحد في هولندا على فتح فمه والاحتجاج، فسنذكره على الفور بأنا فرانك).

في نهاية العملية يستطيع العميد داني شوبري، رجل العلاقات العامة المخلص والذي يرتدي البدلة، أن يعلن للجمهور المنفعل بأن العملية نجحت أكثر مما كان متوقعاً: “لقد تم تفجير القضاة كما هو مطلوب، وتم تدمير كل الأهداف، بما في ذلك الـ 37 مركزاً للقضاء الدولي، وعشرات السوابق وعدد كبير من بنود القانون الدولي اللا سامي”. وسيقول بتفاخر: “وزارة الصحة في هولندا، التابعة لحكومة هولندا المعادية للسامية، تدعي بأنه لم يقتل في الهجوم إلا 1476 شخصاً، لكن يبدو أن معظمهم من الإرهابيين الذين لم يمتثلوا للمشورات التي رماها سلاح الجو والتي أمر فيها سكان لاهاي بالتحرك غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً، والعودة”.

بلهجة احتفالية بشكل خاص، قال العقيد شوبري إن “الجالية اليهودية في لاهاي بخير، ولم تتضرر قط”، وأضاف: “من نافل القول الإشارة إلى أن قواتنا استخدمت الذخيرة الدقيقة: الجراحية، قليلة السعرات، الخالية من الغلوتين والعضوية”.

——————————————–

 هآرتس 23/7/2024

إسرائيل متوقعة تعاظم العقوبات بعد قرار “لاهاي”: حتى أنت يا يابان؟

بقلم: أمير تيفون

عدد من الدول التي تعتبر صديقة لإسرائيل تنوي في الأيام القريبة القادمة تشديد العقوبات ضد أشخاص ومنظمات ترتبط بالمستوطنات. هذا القرار الذي يلوح في الأفق جاء عقب قرار “لاهاي”، القائلة إن وجود إسرائيل في الضفة غير قانوني.

مصادر رفيعة في إسرائيل تقدر بأن جميع الدول التي فرضت حتى الآن عقوبات تتعلق بالمستوطنات، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وكندا، ستنشر دفعة جديدة من العقوبات. إضافة إلى ذلك، قدرت هذه المصادر بأن دولاً أخرى التي لم تفرض عقوبات حتى الآن ستنضم لهذه العملية.

إسرائيل تربط التشديد المتوقع أيضاً بخطوات وتصريحات وزير المالية سموتريتش، الذي في إطار منصبه الثاني كوزير في وزارة الدفاع، يعمل على ضم فعلي للمستوطنات في الضفة الغربية. “جميع الدول التي عملت في السابق على هذا الموضوع، تخطط الآن لخطوات أخرى”، قال للصحيفة مصدر إسرائيلي رفيع مطلع على النقاشات في هذا الشأن. “جولة العقوبات القادمة ستكون أكثر إيلاماً من سابقاتها”.

في نهاية الأسبوع الماضي، نشر أن الإدارة الأمريكية ناقشت إمكانية فرض عقوبات على سموتريتش وعلى وزير الأمن الوطني بن غفير. هذه الخطوة إذا صودق عليها ستكون غير مسبوقة وستضع سقفاً جديداً للضغط الأمريكي على نشاطات اليمين المتطرف في إسرائيل. مصدر أمريكي رفيع قال للصحيفة بأن القرار لم يتخذ بعد، “لكنهم يتحدثون عن ذلك في الوزارات ذات الصلة في الإدارة” منذ فترة. “في السابق، كان في البيت الأبيض معارضة شديدة لهذه الفكرة. ولكن توجد في الإدارة الآن جهات مؤثرة تتحدث بطريقة مختلفة”.

والاتحاد الأوروبي يفحص الآن تشديد الخطوات ضد المستوطنات عقب قرار “لاهاي”. في الفترة الأخيرة، أعلن الاتحاد عن فرض عقوبات على منظمة “الأمر 9″، التي أغلقت الطريق أمام قافلات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

قسم العقوبات في وزارة الخارجية في الاتحاد، كتب للمحامي الإسرائيلي ايتي ماك، الذي يمثل منظمات حقوق الإنسان، بأن “الاتحاد يفحص معلومات تتعلق أيضاً بجهات إسرائيلية رسمية رفيعة”. لم تذكر أسماء معينة في الرسالة. وقال دبلوماسي أوروبي رفيع للصحيفة بأنه إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سموتريتش وبن غفير، فإن “الاتحاد الأوروبي لن يتخلف في هذا الأمر”.

فرنسا وبريطانيا، الدولتان اللتان فيهما أحزاب يسارية، حققتا منذ فترة إنجازات ملموسة في الانتخابات، وتخططان لتشديد العقوبات. وزير خارجية بريطانيا، ديفيد لامي، حذر في الأسبوع الماضي أثناء زيارته لإسرائيل وقال لجهات رفيعة في الحكومة إن خطوات سموتريتش في الضفة الغربية ستزيد منحى العقوبات ضد أشخاص ومنظمات متماهين مع حركة الاستيطان. إضافة إلى ذلك، حذر لامي من أن المنظمات التي فرضت عليها عقوبات حتى الآن، مثل “لاهافا” و”الأمر 9″ كانت رصاصة البداية.

ثمة شك في أوساط دوائر في اليمين الإسرائيلي بأن العقوبات ستتسع وستصل إلى “أمانة”، التي لها دور رئيسي في البناء في المستوطنات. في الشهر الماضي، دخلت هذه المنظمة إلى قائمة العقوبات في الحكومة الكندية. وهم يخشون من فرض عقوبات على جمعية “ريغفيم”، التي يفحص الاتحاد فرض العقوبات عليها. وقال دبلوماسي أوروبي للصحيفة بأنه لم يتخذ بعد قرار نهائي بشأن “ريغفيم”. “هذا شيء لم نفكر فيه قبل سنة، لكننا نقوم الآن بمناقشته”، قال هذا المصدر. “هناك تغيير حقيقي، ولا تستمع إسرائيل إليه بشكل كاف”.

وحكومة اليابان، التي تعد من الدول الصديقة لإسرائيل في شرق آسيا، تخطط هي الأخرى لنشر قرار في الفترة القريبة القادمة حول فرض عقوبات على أشخاص في اليمين المتطرف، المتورطين بأعمال العنف ضد الفلسطينيين. مصدر إسرائيلي رفيع قال للصحيفة بأن حالة اليابان قد تكون المحك المهم. “هذا يظهر أن هناك توجهاً”، قال المصدر. “ثمة دول لم تشارك حتى الآن في هذا الضغط على إسرائيل، ولكنها ستنضم الآن إلى هذا الحفل”. تأمل الحكومة بأنه إذا ما فاز الرئيس السابق ترامب في الانتخابات فسيلغي معظم قرارات العقوبات للإدارة الأمريكية ضد جهات في اليمين المتطرف في إسرائيل، وربما جميعها. مع ذلك، حتى مع سيناريو فوز ترامب في الانتخابات، فهناك نصف سنة أخرى لإدارة بايدن في الحكم، ويمكن خلالها لرجال الرئيس الذي يتولى منصبه المضي بخطوات عقابية أخرى. في كل الحالات، حتى لو انتخب ترامب وألغى العقوبات، فهو أمر لا يتوقع أن يؤثر على العقوبات من قبل بريطانيا والاتحاد الأوروبي ودول في الاتحاد.

الجمعة الماضي، نشرت المحكمة فتوى تقول إن إسرائيل تتخذ خطوات غير قانونية في “المناطق”، منها الاستيلاء على الأراضي، وهدم البيوت، وإخلاء السكان المحليين. رئيس المحكمة، القاضي اللبناني نواف سلام، خصص الجزء الأكبر في قراءة الفتوى لتفصيل الأعمال التي تقوم بها إسرائيل، منها بناء المستوطنات وتوسيعها والمس بالفلسطينيين.

حتى إن المحكمة قالت إن إسرائيل تدير في الضفة وفي شرقي القدس نظاماً يشبه بخصائصه نظام الأبرتهايد، بسبب القوانين المنفصلة، والفصل المادي في الفضاء بين السكان الفلسطينيين والمستوطنين. شبيهاً بكل أقوال المحكمة، فهذه أقوال لا تلزم إسرائيل بتغيير سلوكها.

——————————————–

هآرتس 23/7/2024

بايدن ذكرنا أن السياسة المسمومة لترامب ونتنياهو ليست الخيار الوحيد

بقلم: يوعنا غونين

من غير المهم ما الذي تفكرون به حول ولاية الرئيس جو بايدن. فنزوله عن المنصة هو اللحظة التي لا يمكن أن تثير الندم والتعاطف. مثل بطل شكسبيري بمجده وعماه جلب على نفسه سقوطه، فان الزعيم العجوز يرى رجاله المخلصين يتركونه واحدا تلو الاخر، وحتى جسده يخونه، وهو غارق في مشكلة كبيرة ويواجه صعوبة في فهم كيف حدث كل ذلك.

في لحظة كهذه ايضا اعداء لدودين اعتادوا على اعطاء القليل من الرحمة واظهار مستوى معين من التسامح، سواء من خلال تأكيد السخاء أو من خلال الاعتراف الصادق بالانسانية المشتركة لنا جميعا، التي تمكننا من تشخيص اجزاء فينا في كل مأساة كبيرة. دونالد ترامب ليس كذلك. فهو شخص لا يعرف التسامح حتى لو تم تثبيته على الحائط.

“جو بايدن الفاسد هو الرئيس الاسوأ في تاريخ الأمة”، كتب ترامب في شبكة “تروث سوشيال” في اعقاب اعلان بايدن عن انسحابه. من هناك نزل كالعادة الى سلسلة اقوال منفلتة العقال، أن بايدن تم تحطيمه في المواجهة بينهما، وأنه غير مصاب بالكورونا، وأن وضعه الذهني سيء جدا الى درجة أنه لا توجد لديه أي فكرة عن مكان وجوده. لم يظهر أي ذرة من الرحمة ازاء سقوط عدوه، فقط عداء وكراهية وتطاول مخجل يصل الى مدى رؤية العين.

ترامب هو في الحقيقة شخص نرجسي ومتخلف عقليا. لكنه يفهم بعض الامور في التسويق، ويعرف كيفية تشغيل الناس. هو يتصرف بهذا الشكل لأنه يعرف أن من يؤيدونه ليس فقط يوافقون على ذلك، بل هم متعطشون اليه. هم يطمحون الى رؤيته وهو يركل شخص مصاب ويتبول على مسلمات الحشمة واللباقة ويكشف الجوانب السادية المظلمة للنفس البشرية.

زعماء مثله يحولون السياسة الأنيقة الى ساحة مصارعة، مكان يأتون اليه ليس من اجل امور مهمة مثل الدفع قدما بالسياسة والقيام بمهمات عامة، بل من اجل المتعة والمال والسلطة، ويجرون خلفهم اشخاص نسوا أنه في مثل هذه الساحة كل واحد، ايضا هم، يمكن أن يتم رميه مثل فريسة للأسود على خلفية هتافات الجمهور.

لا يمكن الكتابة عن ترامب باللغة العبرية بدون الكتابة عن بنيامين نتيناهو: سياسي لا توجد لديه أي كوابح أو قيم، وهو لا يرتدع عن استخدام أي شيء، وهو مستعد للكذب والتحريض وتدمير دولته من اجل الحفاظ على بقائه في الحكم.

هذا الزعيم لا يوجد في فضاء فارغ. فهو بحاجة الى جمهور كبير من المؤيدين الذين يستمتعون معه بالشعور بالثمل لغياب القانون والاخلاق، والحلم الصبياني بوجود غير مقيد وبايذاء الناس عندما يكونون في ذروة الضعف (تل ابيب، أيار 2024: شخص ابن 67 سنة فقد ابنته وزوجها واولادهما الثلاثة في 7 تشرين الاول، مرمي على الارض واثنان يقومان بركله في رأسه وظهره).

اللاهوت البيبي مثل اللاهوت الترامبي، يقسم العالم الى خير مطلق وشر مطلق، ويعتبر القائد نوع من المسيح الذي يثير الخوف ويوجد فوق القانون، والذي يجب أن ينتصر بأي ثمن كي ينقذ الأمة من الكارثة. ولكن في نهاية المطاف هذا القائد هو الكارثة التي ستدمر الأمة بعد ادخالها في دوامة الكذب والفساد، ويفكك أسسها من اجل تحقيقه مآربه الشخصية.

في قرار انسحابه فعل بايدن العكس، فقد وضع مصالح الدولة فوق مصالحه الشخصية وذكرنا أن السياسة المسمومة لترامب ونتنياهو ليست الخيار الوحيد. القوة التي لا حدود لها هي المادة التي منها يتم بناء الديكتاتوريات، ومن هذا الوهم الخطير كان لدينا ما يكفي وزيادة.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 23/7/2024

هل يتبع بايدن في نهاية ولايته سياسة أوباما مع إسرائيل؟

بقلم: نداف ايال

سيكون الأمر مختلفاً هذه المرة، يقولون في “القدس”. نتنياهو لن يهاجم الإدارة الأمريكية، ولا حتى بالتلميح. ولن تكون هناك لحظة ذروة في حالة انتخابات إسرائيلية، بل حضيض غير مسبوق في العلاقات بين الدولتين. لن يفهم من أقوال رئيس الوزراء نقداً حاداً على رئيس ديمقراطي داعم لإسرائيل، يشعر مؤيدوه بإهانة وغضب يذكران لسنوات طويلة. بكلمات أخرى: خطاب 2024 لن يكون تكراراً لذاك الحدث البائس إياه مع إدارة أوباما. ثمة يهود في الولايات المتحدة، بمن فيهم أولئك المقربون من ترامب أيضاً، حذروا نتنياهو ورجاله: لا تظهروا وكأنكم تتدخلون في الانتخابات. مجرد وصولكم خطير في هذا الوقت. ابتعدوا عن مياه سامة للسياسة الأمريكية العاصفة. ضعوا لأنفسكم هدفاً: أن تعودوا إلى الديار بسلام.

ثمة جو حار وبارد الآن في واشنطن. أمس، مرت بضع سحب سريعة في سمائها. آخر ما يهم العاصمة في هذه اللحظة هو الشرق الأوسط. الحقيقة، آخر ما يهمها هي أوكرانيا، لكن الشرق الأوسط ملتصق بها تماماً.

يحاول الحزب الديمقراطي تهدئة نتيجة الانقلاب الداخلي ضد الرئيس بايدن وإعطاء إحساس بالوحدة. تضميد جراح حرب أهلية قصيرة ووحشية ينسحب في نهايتها رئيس قائم من السباق، بعد أن فاز في الانتخابات التمهيدية. حدث غير مسبوق. يبذل الجمهوريون كل جهد مستطاع للمس بفرص كمالا هاريس إن لم يكن شطبها تماماً حتى قبل أن تبدأ في رواية أي قصة جديدة عن انتخابات 2024. يقول ترامب إن هاريس أسوأ من بايدن (الذي هو “الرئيس الأسوأ في التاريخ”). لكن من خلف الكواليس، قيادة ترامب قلقة. الطريق التي مست بها المحكمة العليا بحقوق النساء في موضوع الإجهاض قد تؤدي إلى جرف في صالح مرشحة امرأة خطت على علمها حقوق النساء. حملة بايدن صفت نفسها في المواجهة، أما هاريس فلا تزال كاملة وربما تحاول توحيد الحزب من خلفها. لا حاجة للمبالغة في القلق: فنائبة الرئيس لا تعتبر سياسية مميزة حتى الآن، في منصبها الحالي. وهذا على أقل تقدير. في كل الاستطلاعات، ترامب هو المفضل للنصر. صورته بعد الاغتيال صورة منتصر.

يصل نتنياهو إلى هذا المعمعان، مع سؤال خفي ومركزي واحد: ما معنى قرار بايدن للأشهر القريبة القادمة. إسرائيل تعمل بضعة أيام إلى الأمام، أسابيع في الحد الأقصى. والأشهر القادمة، حتى أداء الرئيس أو الرئيسة الجديدين لليمين الدستورية حرج لمصير الحرب في غزة، والوضع في الشمال، وصفقة المخطوفين، والتطبيع، والتصدي لإيران. الخوف في حكومة نتنياهو هو أن الرئيس بايدن، بعد أن تحرر الآن من كل حساب سياسي، محوط بطاقم ذي حساب طويل مع الحكومة الحالية، سيتطلع لتقرير حقائق حادة: من جهة، دعم حل سياسي وأعمال على نمط أوباما في نهاية ولايته، ومن جهة أخرى ضربات ضد اليمين المتطرف اليهودي، بشكل غير مسبوق. هذه مسيرة بدأت الآن.

الأمل ليس معاكساً تماماً: في ضوء إحساس بايدن، الرجل الذي يعلن عن نفسه أنه صهيوني، بات عليه التركيز من الآن فصاعداً على إرث اتفاقات سلام، وتحقيق التطبيع مع السعودية، ووضع كل الحسابات السياسية والغمز للجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي– الذي يوجه انتقاداً لاذعاً للغاية لنتنياهو وللحرب- جانباً.

أمس، قبل لحظة من صعوده إلى الطائرة، وعد نتنياهو بأنه سيشكر بايدن على ما فعله من أجل إسرائيل على مدى السنين. هناك ما يمكن الشكر عليه. إلى جانب وقفة استثنائية للرئيس الأمريكي إلى جانب الإسرائيليين بعد 7 أكتوبر، بما في ذلك إرسال حاملات الطائرات، فإن بايدن ورجاله هم الذين أصدروا المقترح الإسرائيلي لحماس؛ فقد اتخذوا خطوة استثنائية، غير دبلوماسية على نحو ظاهر، ورفعوا مبادرة نتنياهو إلى الوعي العام – الشرق أوسطي والعالمي. فهموا أنهم بهذا يثبتون حكومة إسرائيل بالمقترح الذي صاغته هي نفسها. وعانقوا، عانقوا بقوة، وهنأوا رئيس وزراء إسرائيل على مبادرته غير المسبوقة.

بالتوازي، اتخذ الأمريكيون سياسة ثابتة، منذ شهرين، تلقي المسؤولية الكاملة على حماس. لو لم يناور البيت الأبيض بايدن بهذا الشكل ربما ما كنا سنصل إلى اللحظة شبه المتفائلة الحالية: صفقة على جدول الأعمال، تعيد المخطوفات والمخطوفين الذي يذوون ويقتلون ويموتون في أسر حماس. هذا أهم من كل خطاب أو لقاء في واشنطن.

——————————————–

هآرتس 23/7/2024،

المزيد من الحريديين، المزيد من “نيتسح يهودا”

بقلم: يغيل ليفي

شعار كتيبة نيتسح يهودا

حتى قبل أن تخفت قضية العقوبات التي كانت الادارة الامريكية تنوي فرضها على كتيبة “نيتسح يهودا”، قام الجيش الاسرائيلي بمضاعفتها، وفي الواقع ضاعف ثلاث مرات نفس الاخطار. هو ينوي، كما قيل، اقامة لواء من الجنود الحريديين، يشمل ثلاث كتائب. لنضع جانبا مسألة هل توجد احتمالية لتجنيد حوالي 3 آلاف حريدي؟. الخوف الذي يظهر هنا هو أن تنجح هذه الخطوة.

الدعوات لحل كتيبة “نيتسح يهودا” تستند الى الافتراض البسيط بأن كتيبة تقوم على تجانس ديني، التي جنودها ترعرعوا على نظريات قومية متطرفة، وفي المقابل يشعرون بأنه تم اقصاءهم الى هامش المجتمع، سينمي ثقافة تنظيمية تشجع على العنف ضد العرب، من خلال الاستثناء من المعايير التي تبلورت بشكل كبير في الجيش. ولكن بدلا من حل هذه الكتيبة يقومون بتشكيل لواء كامل بتركيبة مشابهة.

اللواء الحريدي سيتطور كنموذج، الذي سيكون الجميع ملزم بنجاحه. في نهاية المطاف الحرب لم تعزز قدرة مساومة الجيش امام الحريديين، بل العكس، تم الادعاء بأن من يريد تجنيدهم يجب عليه تلبية شروطهم. الجيش بشكل خاص يقوم بالمساومة من موقف ضعيف، كجهاز يخشى من المواجهة مع المجموعات الاجتماعية التي يأتي منها جنوده. كادر القيادة في هذا اللواء سيكون متدين جدا، وهو شرط لم يتحقق في “نيتسح يهودا”. فمستوى “روحانية” الحريديين الذين يخدمون اعتبر من قبل الجنرال دافيد زيني، المشارك في اقامة اللواء، قيمة مهمة.

قواعد هذا الجيب الجندري سيتم تطبيقها بشكل حازم، وهكذا سيزداد التعقيم الذي سيبقي المجالات العسكرية التي ستنتشر فيها وحدات هذا اللواء “نقية” من النساء. هذه العملية ستصعب اكثر على القدرة على دمج النساء في الجيش بصورة متساوية. واذا انتشرت هذه الكتائب في قطاع معين فانها ستتطور مرة اخرى، مثلما حدث تفي “نيتسح يهودا” ظاهرة التآكل، التي تتم ترجمتها الى عنف ضد الفلسطينيين.

التشدد الديني سيجذب للواء شباب متدينين من غير الحريديين، الذين سيفضلونه على الوحدات المختلطة، وستتطور المنافسة بين الوحدات حول التشدد الديني، وسيزداد تدخل حاخامات الحريديين. مشكوك فيه اذا كانوا سيكتفون مثلما اكتفوا في السابق فقط بمرافقة دينية، ولن تتطور دافعية للتأثير على صورة الجيش كما يفعل بنجاح المتدينون القوميون.

مشكلة لا تقل عن ذلك أهمية هي الاهتمام الذي يظهره الجيش للوضع الاجتماعي للجنود الحريديين في مجتمعاتهم. وكما تعلمنا تجربة “نيتسح يهودا” فان الحالة الاجتماعية يتم تحقيقها بواسطة الانجازات العسكرية، أي استخدام العنف ضد الفلسطينيين، لا سيما عندما يكون الحديث يدور عن جيش اساس عمله هو السيطرة على سكان مدنيين. هكذا سيتم تطوير مكانة الذين يريدون الاثبات لمحيطهم، الذي هو في الاصل مليء بالقيم القومية المتطرفة، بأن التجنيد كان يستحق. الكتائب ستكون دفيئة للعنف.

الادعاءات حول القادة العنيفين في “نيتسح يهودا” (التي سلط الضوء عليها تقرير “سي.ان.ان” مؤخرا) يجب قراءتها ايضا بشكل معاكس – ليس فقط أن القادة يغضون النظر عن عنف جنودهم، بل ربما هم ايضا ينجرون خلفهم، وحتى ربما ينجذبون لمثل هذه الوحدات. ومن اجل ضمان أن يتحقق هذا السيناريو قام الجيش بتعيين العقيد افينوعم امونة كقائد للواء، وهو المقرب من ايتمار بن غفير والذي تم توثيقه وهو يحرض جنوده في غزة: “اقتلوهم (رجال حماس) وهم يهربون”. يجدر وقف هذه المبادرة في بدايتها، وحتى تخفيف هذا الاندفاع لتجنيد الحريديين بكل ثمن.

——————————————–

هآرتس 22/7/2024

الهجوم المبرر في اليمن ارسل رسالة للجمهور في اسرائيل، ايضا للولايات المتحدة والغرب

بقلم: يوسي ميلمان

قرار مهاجمة ميناء الحديدة في اليمن كان مبرر ورد مناسب على عدوان الحوثيين منذ بداية الحرب في غزة. مع ذلك، يجب عدم المبالغة في الرضى عن النفس من هذا الهجوم، والاستنتاج بأن اسرائيل ترمم بذلك قدرة ردعها. سلاح الجو يثبت منذ حرب الايام الستة بأن لديه القدرة على العمل في اماكن بعيدة عن اسرائيل.

في حرب الايام الستة هاجمت قاذفات من نوع “فيتور” من انتاج فرنسا، التي كان عمرها عقد تقريبا، مطار قرب الاقصر في مصر. لقد طارت لمسافة 1600 كم ذهايا وايابا وعادت بسلام الى قواعدها. في 1981 طارت طائرات “اف16″ و”اف15” الحديثة، من انتاج امريكي، حوالي 2000 كم ذهابا وايابا، هاجمت ودمرت المفاعل النووي قرب بغداد في العراق. بعد اربع سنوات الطائرات حلقت المسافة الاطول في تاريخ سلاح الجو عندما طارت الى تونس، التي تبعد 2200 كم عن اسرائيل، ودمرت مقر م.ت.ف هناك. واثناء الطيران نفذت عملية تزود بالوقود في الجو. حسب منشورات اجنبية، قبل عقد تقريبا هاجمت الطائرات الاسرائيلية مخازن سلاح لحرس الثورة الايراني في الخرطوم. هذا السلاح تم تخصيصه لحماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة. المسافة بين جنوب اسرائيل وعاصمة السودان تبلغ 2500 كم.

الهجوم في الحديدة، التي تبعد 3400 كم عن اسرائيل من اجل الوصول الى الهدف والعودة، شارك العدد الاكبر من طائرات سلاح الجو مقارنة مع عمليات بعيدة المدى كهذه. وقد شملت طائرات اف35 المتملصة، التي تعتبر الافضل في العالم. ايضا في هذا الهجوم تم التزود بالوقود في الجو، في كل هذه الهجمات تفاخروا في اسرائيل بأن “اليد الطويلة” (هذا ايضا الاسم الرسمي لعملية الهجوم في اليمن) يمكن أن تصل الى كل مكان في الشرق الاوسط وردع اعداء اسرائيل.

رغم ذلك اعداء اسرائيل لا يرتدعون من هذه العمليات. بسرعة سيقومون بترميم انفسهم ويستخلصون الدروس ويحسنون قدراتهم الدفاعية وردهم. يمكن الافتراض بأن الحوثيين سيواصلون محاولة اطلاق الصواريخ البالستية والصواريخ المجنحة والمسيرات نحو اسرائيل. بعد اقل من عشر ساعات على الهجوم في الحديدة اطلقوا فجر أمس الصواريخ، وقد تم اعتراضها من قبل الدفاعات الجوية الامريكية و”حيتس 3″ الاسرائيلي.

وزير الدفاع يوآف غالنت قال عن الهجوم “اللهب تصاعد هناك من خزانات النفط ومن محطة توليد الطاقة ومخازن الصواريخ، لأن النار في اليمن تتم مشاهدتها في كل الشرق الاوسط”. لكن ايران وحزب الله في لبنان أو في سوريا، ليسوا بحاجة الى رسائل أو تذكير بخصوص القدرة الاستخبارية والعملياتية لسلاح الجو الاسرائيلي وتفوقه. وقد جربوا ذلك اكثر من مرة على جلود رجالهم وبناهم التحتية. في حزب الله يعرفون أنه اذا قامت اسرائيل بغزو لبنان فهي ستتدمر محطات الطاقة والمطارات والموانيء في الدولة وتعيدها، كما يقولون في اسرائيل، الى العصر الحجري. حسب منشورات اجنبية، في سوريا هاجم سلاح الجو الاسرائيلي المطارات والموانيء وقواعد الصواريخ ومعاهد ابحاث. حتى أن طائرات اف35 حلقت في مهمات استخبارية في ارجاء ايران.

مرجح اكثر الافتراض بأن الهجوم في اليمن تم توجيهه لجمهوري هدف. الاول هو الجمهور في اسرائيل الذي يشعر منذ عشرة اشهر بأنه مهان وغاضب ولا أمن له ويخاف من المستقبل. هذا الهجوم يمكن أن يرفع قليلا المعنويات الوطنية، بالطبع بفضل الحكومة المتعثرة في نقاط حاسمة، واعادة القليل من الحمرة الى وجه الجيش الاسرائيلي بشكل عام، وسلاح الجو بشكل خاص، بعد الفشل الذريع في 7 تشرين الاول.

جمهور الهدف الثاني هو الجمهور الامريكي والجمهور الغربي. هجمات الولايات المتحدة وبريطانيا بدعم من دول اخرى في الناتو ضد اهداف عسكرية للحوثيين كانت حتى الآن محسوبة جدا. في العملية في اليمن اسرائيل تهتم بأن تنقل للولايات المتحدة والغرب رسالة مفادها “كونوا حازمين مثلنا واعملوا بقوة ضد هجمات الحوثيين للسفن التي تبحر في مسارات الملاحة الدولية من المحيط الهندي وحتى قناة السويس. نشاطات الحوثيين تشوش الملاحة البحرية وتؤدي الى النقص العالمي في البضائع وارتفاع رسوم التأمين والاسعار للبضائع. مثال على ذلك ميناء ايلات المشلول منذ اشهر. مثال مناسب واكثر اهمية هو الاضرار بمصر التي توقفت عن الحصول على المداخيل من النقل البحري في قناة السويس.

مع ذلك، مصر لن تتجرأ على الرد على عمليات عسكرية ضد الحوثيين. وهناك شك كبير اذا كان الغرب سيرد في الوقت الحالي على رسالة اسرائيل. كل ذلك كي لا نتورط في حرب اخرى لا تنتهي ضد عدو ضعيف، لكنه مصمم ولديه دوافع دينية. اهتمام امريكا موجه الآن لما يحدث في الداخل – الانتخابات القادمة – في حين أن اوروبا المنقسمة بين يمين ويسار، والتي تخشى من الهجرة الاجنبية اليها، فقدت منذ زمن الرغبة في التدخل في نزاعات خارج حدودها.

——————————————–

هآرتس 23/7/2024

الاكاديميا شريكة في التمييز، السلب والهدم

بقلم: سمدار بن نتان، رافي غرينبرغ، كارين ليفي وعنات مطر

قرار محكمة العدل الدولية بشأن عدم قانونية سيطرة اسرائيل في المناطق الفلسطينية يمكن أن تكون له تداعيات بعيدة المدى على الاكاديميا في اسرائيل. هذا ضمن امور اخرى، بسبب تورطها في مشروع الاستيطان الذي يتناقض بشكل حاد مع المطالبة بعدم دعمه. من اجل احترام قرار المحكمة فانه يجب على مؤسسات التعليم العالي في اسرائيل أن تعمل على ايجاد فصل واضح بين النشاطات المشروعة داخل حدود اسرائيل وبين نشاطات ابحاث واقتصادية وما شابه في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

المحكمة قررت بشكل قاطع (في البند 225 – 229 في القرار) بأن سيطرة اسرائيل في المناطق المحتلة، التي تشمل قطاع غزة وشرقي القدس، هي سيطرة غير قانونية. ضمن امور اخرى، قالت المحكمة بأن القوانين التي سنتها اسرائيل والاعمال التي قامت بها في المناطق تخلق وضع من ضم الضفة الغربية وشرقي القدس، الى جانب الفصل شبه المطلق بين تجمعات المستوطنين وتجمعات الفلسطينيين بواسطة اسلوب له طابع التمييز العنصري أو حتى الابرتهايد.

المحكمة قالت ايضا (في البند 242) بأن الخرق الخطير للقانون الدولي لا يتعلق فقط بحياة الفلسطينيين كأفراد لهم حقوق، مثل حرية الحركة، بل ايضا بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. اسرائيل تمنع تطوره الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وحقه في التقرير بشكل حر مكانته السياسية. وبشأن البنود التي تتعلق بالتعويضات، التي يجب على اسرائيل دفعها لاصلاح جزء من المظالم التي فعلتها خلال سنوات الاحتلال، جاء بأن هذه تتعلق ليس فقط باعادة الاراضي والممتلكات، بل ايضا العقارات والوثائق التي اخذها الاحتلال من الاشخاص ومن المؤسسات الفلسطينية، من بينها الارشيفات (البند 270).

مفهوم ضمنا أن دول العالم، بما في ذلك اسرائيل، ملزمة الآن بالعمل وفقا لهذا القرار. ونحن نأمل رؤية خطوات ملموسة تجعل اسرائيل تنهي الاحتلال. ولكن عبء العمل ليس فقط على دول. البنود اعلاه توضح واجب المجتمع الثقافي والاكاديمي لتطبيق ما يُفهم منها، مثل التوقف عن تمويل ابحاث تجرى من خلال حرق القانون الدولي وتساعد على تعزيز الاحتلال والمستوطنات، أو استخدام الموارد الطبيعية والثروة الثقافية في المناطق (التي يتم دعمها من الصندوق الوطني للعلوم). ايضا يجب أن توقف مشاريع اكاديمية في المستوطنات.

اضافة الى ذلك يجب اعادة الى اصحابها القطع الاثرية والمواد الثقافية التي تم العثور عليها في الحفريات غير القانونية، أو تم اخراجها من المتاحف من قبل باحثين اسرائيليين في الضفة وفي شرقي القدس وفي قطاع غزة. ويجب خلق من جديد الشروط لترميم وتطوير الاستقلال الاقتصادي والاكاديمي والثقافي للشعب الفلسطيني. جامعات كثيرة في العالم تعرض المنح للطلاب والباحثين من غزة بعد أن قامت اسرائيل بتدمير الجامعات هناك. هذا العرض غير متاح لمؤسسات الاكاديميا الاسرائيلية، لكن يجب عليها على الاقل المطالبة بوضع حد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني، الناتج ضمن امور اخرى عن الاعتقالات المتكررة لهيئة التدريس والطلاب، ومنع الخروج للدراسة والمشاركة في المؤتمرات في الخارج ووضع قيود على زيارات الاكاديميين من الخارج.

يجدر بمؤسسات الاكاديميا وقف تعاملها مع وحدات الجيش، التي تشارك في الاحتلال غير القانوني. العلاقات مع المؤسسة الاكاديمية في اريئيل يجب قطعها على الفور، اضافة الى ابعادها عن اطر رسمية مثل مجلس التعليم العالي ولجنة رؤساء الجامعات. منذ سنوات يطالب الفلسطينيون مواطني اسرائيل باقامة جامعة في مدينة فلسطينية، الامر الذي يمكن أن يكون فرصة جيدة لاصلاح هذا الامر.

ادارات الجامعات تنشغل الآن في بذل الجهود لصد الدعوات للمقاطعة الاكاديمية. في اعقاب القرار القاطع للمحكمة فان مؤسسات اكاديمية وصناديق تدعم الابحاث يتوقع أن تتخذ قرارات تمنع التعاون مع مؤسسات الاكاديميا في اسرائيل اذا استمرت في المشاركة في مشروع الاحتلال. في المقابل، اذا طبقت الجامعات في اسرائيل بنفسها قوانين القانون الدولي فلن تكون أي ذريعة لقرارات من هذا النوع. اضافة الى واجب المؤسسات الاكاديمية في اسرائيل بوقف أي نشاط يخرق قرار المحكمة فانه يجب عليها الوقوف على رأس المطالبين بانهاء الاحتلال.

ليس من نافل القول التذكير بأنه يوجد للاحتلال دور رئيسي في افساد منظومات الحكم الاسرائيلية داخل حدود الخط الاخضر، وزيادة التوجهات المناوئة للديمقراطية التي تهدد منظومة التعليم العالي. كخطوة اولى نحن نقترح تشكيل طواقم هدفها فحص معنى القرار والواجبات النابعة منه بخصوص المؤسسات الاكاديمية. في هذه الطواقم من الجدير دمج خبراء في القانون الدولي والتاريخ والعلوم السياسية، وخبراء في عملية الترميم واصلاح العدالة من مجموعة متنوعة من المجتمعات المشاركة في الاكاديميا الاسرائيلية.

——————————————–

هآرتس 23/7/2024

يا نتنياهو على الأقل لا تضر

بقلم: أسرة التحرير

تدل التجربة على أن الرسالة التي من المهم نقلها لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبيل زيارته إلى الولايات المتحدة وخطابه في الكونغرس هي: “على الأقل لا تضر”. لقد أقلع نتنياهو إلى واشنطن أمس قبيل خطابه المرتقب أمام الكونغرس ولقائه بالرئيس الأميركي جو بايدن وذلك بعد أن أعلن بايدن عن انسحابه من السباق للرئاسة.

“في خطابه سيشدد على أهمية دعم الحزبين لإسرائيل، سأتوجه الى أصدقائنا من على جانبي المتراس وأقول لهم إنه بدون صلة بمسـألة من ينتخب لقيادة الشعب الأميركي، فان إسرائيل هي الحليف الأهم للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، الحليف الذي لا بديل له”، قال قبل أن يقلع.

هذا جيد وجميل ولكن محظور النسيان بأن من خرب بكلتي يديه، بوعي وبشكل مباشر، التأييد الأميركي من الحزبين طويل السنين لإسرائيل هو نتنياهو بنفسه. وأحد الأحداث المركزية التي بواسطتها فعل هذا كان خطابه في الكونغرس في 2015 والذي هاجم فيه الاتفاق النووي الذي عمل عليه الرئيس في حينه باراك أوباما ولم يتنازل عن الفرصة لإهانة رئيس قائم. إن تدمير الدعم من الحزبين وجد تعبيره في المس بالعلاقات مع الحزب الديمقراطي وفي التقرب الخطير من دونالد ترامب، الذي أدى الى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي؛ الخطوة المتفق في إسرائيل أيضا – بما في ذلك في أوساط كبار رجالات جهاز الامن – على أنها كانت خطأ جسيما. فقد صعدت إيران جدا وتيرة تخصيب اليورانيوم لديها منذ الانسحاب وتوجد اليوم على مسافة خطوة من القنبلة.

نتنياهو قال انه سيلتقي بايدن وان هذه “ستكون فرصة لشكره على الأمور التي فعلها من أجل إسرائيل، سواء في أثناء الحرب أم في سنوات ولايته كسناتور، كنائب رئيس ورئيس”. ينبغي الأمل في أن ينجح بالتغطية بعض الشيء على نكران الجميل الذي أبداه في أثناء الحرب، في ظل ربط شركائه في الحكومة وأبواقهم في وسائل الاعلام.

إسرائيل ما كانت لتحلم برئيس أميركي داعم أكثر في ساعتها الأصعب، وبايدن أثبت من اليوم الأول بأنه قد يكون أعظم الرؤساء المؤيدين لإسرائيل. وسواء كان هذا في الوقوف الأميركي العلني الى جانب إسرائيل ضد اعدائها ونقل رسالة رادعة ألا يتجرأوا على مهاجمتها، ام بتوريد السلاح والذخيرة والدعم والمساعدة في تحرير المخطوفين والدفع قدما بصفقة وبالطبع – في ليلة الصواريخ التي أطلقت من إيران.

ينبغي الأمل في أن في الأشهر المتبقية حتى الانتخابات، لن يتردد بايدن في مواصلة العمل في صالح إسرائيل: الدفع قدما بمنحاه الذي تضمن صفقة لإنهاء الحرب وتحرير مخطوفين، تحقيق تطبيع مع السعودية في إطار حلف عسكري يضم الولايات المتحدة أيضا والإصرار على إعادة النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني الى طاولة المفاوضات وفقا لمنحى حل الدولتين.

ولنتنياهو ينبغي أن نعود ونقول: على الأقل لا تضر.

——————انتهت النشرة—————-