
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
إسرائيل اليوم 29/7/2024
تحولات بين الشباب الدرزي في الجولان تتجاوز الجيل المؤيد لسوريا وتنخرط في النظام الاسرائيلي
بقلم: عيدان أفني
بدأ الجيش الإسرائيلي بإقامة ثلل تأهب في القرى الدرزية في الجولان وإعادة الأسلحة الى بلدات خط المواجهة في الشمال، في اطار تغيير مفهوم الدفاع في المنطقة. الخطوة التي بدأت بعد 7 أكتوبر، بما في ذلك تجنيد مئات السكان لحظائر الدفاع (الاسم الجديد في ثلل التأهب)، إقامة اسيجة امنية وطرق منظومة في البلدات، وإدخال أسلحة عديدة الى مخازن السلاح الجديدة.
يدور الحديث عن تغيير ذي مغزى في العلاقات بين الدولة والسكان الدروز في الجولان – في ضوء التاريخ المعقد للجولان والهوية المزدوجة لسكانه الدروز، الذين لم يحمل الكثيرون منهم المواطنة الإسرائيلية حتى وقت أخير مضى.
هؤلاء السكان أيضا ممن لم يخدموا في الجيش الإسرائيلي، ادرجوا في حظائر الدفاع في القرى الدرزية في الجولان. فقد جندوا للمرحلة الثانية (مثابة خدمة نظامية قصيرة لبضعة أسابيع في اثنائها يجتازون دورات انفار مناسبة). في كل بلدة يرابط ما لا يقل عن 28 مقاتلا مع سلاح. عقب الاستجابة الكبيرة للجمهور الدرزي، في فرقة 210 – المسؤولة عن هضبة الجولان – يسمحون لهم بحيازة السلاح الذي تلقوه في بيتهم بعد التسريح. بالتوازي، في كل البلدات في الجولان وفي خط المواجهة في حدود الشمال سيواصل أعضاء ثلل التأهب حيازة السلاح في بيوتهم – ما لم يكن ممكنا قبل الحرب.
المقدم نداف افرجيل، ضابط الدفاع اللوائي في فرقة 210 يقول: “نحن نبدل الى أسلحة جديدة. هدفنا هو ان يكون لكل مخزن سلاح في البلدة يتم ادخال حتى 50 قطعة سلاح إضافية لرجال الاحتياط كي يتمكنوا من التسلح اذا ما كان حدث ما. ستكون رشاشات، بنادق وذخيرة أخرى لضمان ان تكون البلدة قوية. هذه هي الفرضية الأساس”.
ان التخوف من تسلل مخربين، وبخاصة مخربي حزب الله عبر الجولان هو الذي غير مفهوم الدفاع. كما أنهم في القرى الدرزية الأربعة المحاذية للحدود تغير مزاج التفكير، حتى عند الكثير من سكانها ممن لا يحملون جنسية إسرائيلية. في السنوات الثلاثة الأخيرة ارتفع عدد السكان الذين طلبوا المواطنة الإسرائيلية من 7 في المئة الى نحو 50 في المئة، وعدد الشبان الذين يتجندون للجيش الإسرائيلي ارتفع جدا.
وأشار احد سكان مجدل شمس الى أن “الشبان يقتربون من إسرائيل واخذوا منذ الان الخيوط الى أيديهم وهم يقودون دون أن يرعوا الكبار. الجيل المؤيد لسوريا آخذ في الاختفاء”.
نجاح كبير
هذا الموقف الإيجابي شخصوه في الفرقة 210 التي تعمل منذ سنين بين السكان الدروز في الجولان. إضافة الى الحاجة العملياتية، اجتاز أعضاء ثلة التأهب تأهيلا لاسبوعين في قاعدة الون واسبوع آخر في فرقة 210. في قيادة الشمال يدربونهم لدرجة حامل بندقية 03 ويتعاملون معهم مثل باقي ثلل التأهب في الجولان.
رئيس مجلس مجدل شمس تولان أبو صالح يقول: “لقد نجح هذا بسبب بقائنا في الظل. 99 في المئة من أعضاء ثلة التأهب لم يخدموا في الجيش الإسرائيلي. السكان يشعرون اليوم بانهم جزءاً من الجماعة الاهلية وميل التوطن في ارتفاع”.
في بلدة عين قينيا أيضا تقام هذه الأيام ثلة تأهب. رئيس المجلس، وائل مغربي، يقول: “نحن نجند رجال امن، الامر الذي لم يكن عندنا في أي مرة. هذا أمر حيوي للحفاظ على امن السكان. الى جانب ثلة التأهب وإقامة السياج وطريق المنظومة هذا سيعظم إحساس الامن”.
——————————————–
هآرتس 29/7/2024
“سونار” شرطة إسرائيل يحدد جنس المظاهرة: إجهاضها إن كانت للعرب واليسار
بقلم: أسرة التحرير
في المظاهرة الأسبوعية الأخيرة في حيفا، الداعية لإعادة المخطوفين واحتجاجاً على الحكومة، تناولت غالي عيشت بيزك، من زعيمات “احتجاج الشعب حيفا”، قمع المظاهرات في نزلة الكرمل. مظاهرات تجذب الآلاف وتتم غالباً في ظل تعاون مع الشرطة، لكن ثمة مظاهرات لمواطنين عرب ونشطاء يساريين يهود ضد القتل في قطاع غزة وضد الحرب، تقمع بشكل دائم.
في استعراض للتضامن، دعت عيشت بيزك منتخبي الجمهور للجم الشرطة متسائلة: “أين أنتم حين تصبح حيفا الخليل؟”. “هذا دوركم، أنتم -منتخبي الجمهور- أن تكونوا هناك وألا تسمحوا بكم الأفواه حتى في المظاهرات التي لا تروق لي ولكم أيضاً، ولكنها تنضوي تحت حرية التعبير”. هذه الأقوال البسيطة، التي يفترض أن تفهمها الشرطة ومندوبو الجمهور والسلطة القضائية في الدولة الديمقراطية، تصبح بتشجيع من الحكم، عسيرة على الفهم. خمس مظاهرات لمواطنين عرب ضد القتل في غزة وضد الحرب، والتي كان يفترض أن تجرى في الحي الألماني في حيفا في فترة الشهر والنصف الأخيرة، فرقت بعد دقائق قليلة من بدئها، في معظمها بعنف.
وثمة ثلاث مظاهرات صغيرة أخرى لليسار، كانت فيها أغلبية يهودية، انتهت بمصادرة يافطات واعتقالات عنيفة. كل هذا يحصل رغم أن المتظاهرين لا يخرقون النظام، ولا يسدون الطرق، ولا يستخدمون مكبرات الصوت ولا يلقون خطابات – ما كان كفيلاً بإعطاء الشرطة مبرراً قانونياً للادعاء بأن المظاهرة تحتاج إلى ترخيص. في رد الشرطة لمحكمة العدل العليا في التماس جمعية حقوق المواطن ضد مصادرة اليافطات في المظاهرات، ادعت بأن “الجهة المسؤول في الميدان ليست موجهة لتقييد مضمون الاحتجاج”. أما عملياً، فهذا ما تفعله الشرطة: تقرر ميدانياً ما هي المظاهرة “الجيدة” المسموح إجراؤها، وما هي المظاهرة “السيئة” التي ينبغي تفريقها.
رئيس بلدية حيفا، يوحنا ياهف، يعطي ريح إسناد لهذه الفضيحة بإعلانه أنه يميز بين مظاهرات وأخرى (“نسمح لهذه المظاهرات بل ونساعد المحتجين”) أما المظاهرات التي تجري في الحي الألماني (“التي يأتي المشاركون فيها… إلى المدينة كي يثيروا الاستفزازات”). إن قضاة محكمة الصلح في حيفا الذين يبحثون في طلبات الشرطة لتمديد اعتقال المتظاهرين يتجاهلون منع الشرطة لاحتجاج قانوني. على المستشارة القانونية للحكومة أن توضح واجب احترام حقوق الاحتجاج، والتظاهر وحرية التعبير والتشديد على أن هذه ليست حقوقاً تتعلق بالدين والعرق والقومية. إن عدم وقوف منتخبي الجمهور والقضاة إلى جانب المحتجين العرب في حيفا يكشف غياهب التمييز وكم الأفواه تحت غطاء رقيق لـ “التعايش” الحيفاوي الشهير.
——————————————–
إسرائيل اليوم 29/7/2024
صور بحيفا وبيروت بتل أبيب: هل تدرك إسرائيل ما معنى خوض حرب شاملة مع “حزب الله”؟
بقلم: يوآف ليمور
الردود والتهديدات الصادرة عن كثير من السياسيين الإسرائيليين على قتل 12 طفلاً في مجدل شمس، تدل مرة أخرى على مدى ضحالة النقاش العام في إسرائيل ومدى عدم تعلم الكثير من منتخبي الجمهور شيئاً من أحداث السنة الماضية، وما زالوا يطلقون الشعارات الفارغة وعديمة المسؤولية.
لحسن الحظ، تجري في الغرف التي تتخذ فيها القرارات (وهذا لا يتضمن الكابنت الذي أصبح محطة للتنفيس) مداولات أعمق تنظر إلى الصورة الأوسع وإلى التداعيات المحتملة لكل عمل. هذا سلوك واجب؛ لأن الواقع الذي تعمل فيه إسرائيل الآن معقد على نحو خاص – ولعله الأكثر تعقيداً – ولكل رد أمواج صدى ينبغي أخذها بالحسبان.
نقطة المنطلق هي أن إسرائيل سترد وبقوة أكبر مما فعلت منذ بدأت المعركة في الشمال، في 8 أكتوبر من العام الماضي. وبعد هذا العنوان، باتت إسرائيل مطالبة بتقرير طبيعة الرد الذي قد يتضرر ثلاثة أصناف محتملة وربما خليط من ثلاثتها: ضربة لأهداف عسكرية لحزب الله (قيادات، منشآت بنية تحتية، مخازن سلاح وغيرها)، وتصفية مسؤولين كبار في المنظمة، وضربة لأهداف في دولة لبنان (بنى تحتية أساساً). استمراراً لذلك، ستكون إسرائيل مطالبة بأن تقرر منطقة العمل، فيما أن المعضلة الدائمة هي إذا كانت ستعمل في مدن لبنانية مركزية، وعلى رأسها بيروت.
الخليط الذي سيتقرر حرج، لأنه سيقرر طبيعة رد حزب الله. فضربة ذات مغزى في صور أو صيدا، كفيلة بأن تؤدي إلى ضربة في خليج حيفا، وضرب بيروت سيقود إلى ضرب تل أبيب. أي هجوم مكثف يلحق ضرراً وإصابات كثيرة، سيلزم حزب الله أيضاً بردود ثمينة مضادة على إسرائيل، وأي ضربة للبنى التحتية في لبنان – التي امتنعت إسرائيل عنها حتى الآن كي لا تثير عليها ضغطاً دولياً، ستؤدي بيقين إلى ضربة مضادة للبنى التحتية في البلاد.
وهذا هو الحكم في تصفية مسؤولين كبار. صحيح أن حزب الله يجد صعوبة في ضرب سياسيين وقيادات من الجيش الإسرائيلي، لكنه رد بإطلاق مكثف إلى الشمال على تصفية بعض من قياداته الميدانية الكبيرة. كدرس من الرد الإيراني غير المتوقع على تصفية كبير الحرس الثوري حسن مهداوي، امتنعت إسرائيل حتى الآن عن تصفية القيادة العسكرية والسياسية للمنظمة، وهو موضوع قد يطرح للبحث مرة أخرى.
ما يريدون تحقيقه؟
يجب الأخذ بالحسبان مكونات أخرى حول طبيعة الرد، الأول الإمكانية “المعقولة” للتصعيد، بما في ذلك إمكانية التدهور إلى حرب شاملة في الشمال. فضربة إسرائيلية تؤدي إلى ضربة مضادة، وتستوجب رداً يؤدي إلى رد مضاد، فيما كل خطوة كهذه ترفع المستوى إلى أن يجد الطرفان نفسيهما في مناوشة كاملة لم يخططا للوصول إليها. على إسرائيل أن تستعد لإمكانية أن مثل هذه المناوشات تجر إيران أيضاً إلى المعركة، وكذا قوى تعمل تحت رعايتها في اليمن والعراق وسوريا، وربما في الضفة أيضاً. سيكون لمثل هذا التصعيد تداعيات على ساحة القتال الأساس في غزة أيضاً وعلى المخطوفين المحتجزين فيها.
ثمة سؤال أساس يُسأل بيقين في هذا البحث، هو: هل سيكون للرد الإسرائيلي إمكانية لإحباط الصفقة المطروحة على الطاولة الآن، وإبعاد إسرائيل عن إنجاز أهداف الحرب كما حددتها، وعلى رأسها إعادة المخطوفين وهزيمة حماس في غزة.
حتى أمس، الشمال ليس جزءاً من هذه الأهداف، ويجدر بالحكومة أن تحدد هذا صراحة قبل اتخاذ القرارات حول طبيعة الرد. فحرب واسعة، وخصوصاً حرباً تتدهور إلى معركة إقليمية، ليست لعبة أولاد؛ فهي تستوجب تحديد أهداف وغايات واضحة، وإعداداً وتنسيقاً مسبقاً مع جملة أصدقاء وشركاء في المنطقة وفي العالم، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وذلك أيضاً للسماح بوجود شرعية دولية ونقطة خروج من المعركة. على الجيش الإسرائيلي أيضاً أن يوضح ما هي جاهزية قواته للمعركة في لبنان، الكفيلة بأن تكون قاسية وطويلة، وما هو طول نفسها من ناحية السلاح وقطع الغيار والقوة البشرية.
وفوق كل هذا، القيادة السياسية – الأمنية مطالبة بتنسيق المواقف مع الجمهور الذي يعطيها ثقة متدنية جداً منذ فشلها في 7 أكتوبر. في ضوء الاحتمالية العالية للتدهور إلى معركة واسعة إضافية، من المجدي أن نسمع من أصحاب القرار ما الذي يريدون تحقيقه، بعد أن يجرّوا إسرائيل إلى مغامرة خطيرة.
——————————————–
هآرتس 29/7/2024
ما طبيعة العلاقة بين الطائفة الدرزية وإسرائيل بعد حادثة مجدل شمس؟
بقلم: جاكي خوري
الصاروخ الذي سقط في مجدل شمس السبت، سينقش في ذاكرة سكان قرى الجولان كأحد الأحداث المأساوية التي شاهدوها في القرن الأخير. الشيوخ في القرى الدرزية لا يذكرون عدداً كبيراً من القتلى في ضربة واحدة، خصوصاً من الفتيان والأطفال، ولا حتى في حرب الأيام الستة.
الحزن والصدمة أصابا الجميع، وكل زاوية في مجدل شمس شعرت بها. صورة التوابيت الـ 11 البيضاء عند إحضارها إلى مركز البلدة، وفيها فتيان وأطفال مع نشيد حداد ورثاء لأبناء العائلات الذين رافقوا التوابيت، فطرت قلوب الحاضرين أو الذين شاهدوا الرحلة المؤلمة. أم تصرخ وتقول: أين ابني، لا تقولوا إنه من بين الضحايا. عدد من الرجال متشابكي الأيدي صرخوا وهم يسيرون في مقدمة الجنازة، الكلمات التي صيغت من المأساة، عندما وصلت الأمهات في حالة صدمة مساء أول أمس إلى ملعب كرة القدم للبحث عن أولادهن، ثم ارتعبن من فظاعة المشهد.
من يعرف هضبة الجولان يدرك أن الصاروخ الذي مزق أجساد الأطفال والفتيان، أصاب أيضاً عصب العلاقات المكشوف مع إسرائيل كدولة وكمؤسسة. الكثير من سكان الجولان، ومن بينهم سكان مجدل شمس، ما زالوا يعتبرون أنفسهم مواطنين سوريين، ويعتبرون هضبة الجولان أرضاً محتلة تسيطر عليها إسرائيل بالقوة. هذا التوجه ساد لأجيال، لكن منذ العام 2011 مع نشوب الحرب الأهلية في سوريا، ازداد النقاش حول شبكة العلاقات مع إسرائيل. ومع الإدراك بابتعاد أي تسوية سياسية مستقبلية في هضبة الجولان، دفع عدداً من السكان إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل والسعي إلى الاندماج، بما في ذلك أخذ الجنسية والمشاركة في الانتخابات القطرية والمحلية، كما حدث في الحملتين الأخيرتين.
هذا التقسيم كان واضحاً أمس في مجدل شمس. فالأمر لم يكن بحاجة إلى نظر ثاقب لملاحظة أن معظم سكان القرية وسكان القرى القريبة تجمعوا في بيت العزاء وفي الميدان الرئيسي تحت النصب التذكاري للسلطان باشا الأطرش، زعيم التمرد على الحكم الفرنسي، وهي أماكن أصبحت رمزاً للنضال الوطني لسكان مجدل شمس. في المقابل، توجه عدد قليل إلى ملعب كرة القدم الذي حدثت فيه الكارثة. الوزراء الذين جاءوا إلى القرية توجهوا إلى الملعب والتقوا رئيس المجلس دولان أبو صالح، لكنهم لم يقتربوا من مكان الميدان والجنازة داخل القرية.
عدد من الوزراء اصطدموا بمعاملة عدائية ودعوات شجب، خصوصاً وزير المالية سموتريتش، حتى إن من يؤيدون الارتباط مع إسرائيل لم يستوعبوا وجوده في المكان. في حين سمح لرئيس المعارضة يئير لبيد، وغالنت وغانتس أيضاً بالزيارة، وكذلك لرئيس الأركان والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي. هذا تقسيم لم يأت بصدفة، بل يضع موضوع الهوية الوطنية في الامتحان. في ميدان السلطان باشا أوضحوا بأنهم أغلبية ساحقة، ووجهة مجدل شمس بقيت نحو سوريا، وأنه لن يسمح بإسرائيل ركوب موجة الحدود. في المقابل، كان في الملعب من طلبوا من الدولة القيام بواجبها تجاه مواطنيها وتوفير الحماية والأمن لهم.
إلى جانب الخلافات الداخلية، تضع كارثة في مجدل شمس كل الأطراف في وضع غريب يطرح عدة أسئلة، مثل: هل دولة إسرائيل، بصفتها صاحبة السيادة أو قوة محتلة، ستشن حرباً ذات تأثيرات إقليمية رداً على قتل 12 طفلاً درزياً من مجدل شمس، التي معظم سكانها يعتبرون أنفسهم سوريين؟ وبأي درجة ستنجح في احتضان السكان واستغلال الحدث من أجل تقريبهم؟ في المقابل، إلى أي درجة سيسقط الدروز في هضبة الجولان بين أذرع إسرائيل عقب هذه المأساة ويقفون ضد حزب الله، حليف سوريا؟ هل سيعمل حزب الله على تهدئة النفوس بسبب التداعيات الطائفية للحدث، في لبنان وسوريا؟ هذه الأسئلة لا إجابات واضحة لها، وستصب في التطورات على الأرض وفي قرارات إسرائيل وحزب الله، التي ستدل على مستوى اهتمام الطرفين بتحطيم الأدوات والسعي إلى صراع شامل، الذي ربما سنعرف كيفية بدايته، ولكن لا أحد سيعرف كيفية إنهائه. ربما تضع دماء الفتيان الأبرياء التي سفكت السبت في مجدل شمس إشارة تحذير أخرى أمام الجميع، تشير إلى أن الوقت حان لإنهاء الحرب في الجنوب والشمال، وأن عدداً كبيراً جداً من الأطفال والفتيان قتلوا في الجبهتين.
——————————————–
يديعوت أحرونوت 29/7/2024
ليس بين أنفاس نصر الله وانقطاعها سوى “قرار سياسي” وصعود اسم “ابن عمه.. صهر سليماني”
بقلم: سمدار بيري
في واقع آخر، في ظروف أكثر منطقية، كان حزب الله سيتحمل مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ الذي سقط في الملعب في مجدل شمس، وقتل 12 طفلاً وطفلة وتسبب بإصابات غير بسيطة لنحو 30 آخرين، كلهم بلا استثناء مدنيون. لكن ناطقين بلسان حزب الله يصرون على نفي دور المنظمة، والمسؤول عن العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف، يتهم إسرائيل وكأنه صاروخ للقبة الحديدية.
إن السلوك الحالي لزعيم حزب الله حسن نصر الله يشهد على شخص يخاف على حياته. هي المرة الثانية في هذا الشهر التي يكون فيها نصر الله في ضغط، ويخشى من اغتيال مفاجئ. كانت المرة الأولى في 3 حزيران، بعد أن قصفت طائرات سلاح الجو في العمق اللبناني. في حينه، صدر بيان صاخب لرئيس الموساد السابق يوسي كوهن، جاء فيه أن “إسرائيل تعرف بالضبط مكان نصر الله، ويمكن إنزاله في أي لحظة”. كما سمح كوهن بأن نفهم أن الحديث لا يدور عن مصاعب تنفيذية للموساد، بل عن قرار سياسي. وأوضح بأنه “إذا ما صدر أمر التصفية من الكابنت الأمني أو من مجموعة وزراء ضيقة، فليس للموساد مشكلة في تصفية نصر الله. في ضاحية بيروت أيضاً سمعوا، وتحفزوا. سارع نصر الله لترجمة الأقوال إلى تهديد حقيقي، وأمر -كما أفيد- باتخاذ إجراءات الحذر.
هذه المرة، يتابع حزب الله كل كلمة تصدر عن نتنياهو وغالنت ورؤساء الموساد الذين يعرفون المنظمة والأرض اللبنانية. ويقدر حزب الله بأن القرار في شكل الرد الإسرائيلي “الذي سيكون قوياً”، اتخذه رئيس الوزراء مذ كان في واشنطن، وتبلور ونزل إلى تفاصيل التفاصيل بالتوازي مع لقاء الكابنت. غير أن حزب الله يجري هذه المرة، حسب شهادات، مشاورات عن بعد. اختفى قادته الكبار خوفاً من ضربة من جهة غير مرتقبة.
نصر الله هو الأمين العام الثالث لحزبه بعد صبحي طفيلي الذي انتخب في 1989 وترك بسبب النزاعات، وعقبه عباس موسوي انتخاباً وصفته إسرائيل في شباط 1992. منذئذ، مرت 32 سنة، رقم قياسي عالمي، ونصر الله يتولى المنصب أميناً عاماً كاريزماتياً وذكياً جداً – حتى في نظر خبراء إسرائيليين. مكانته قوية ليس فقط في لبنان فحسب، بل وفي مكتب الحاكم علي خامنئي بطهران والحرس الثوري. مؤخراً، أصبح نموذجاً للاقتداء لدى زعيم الحوثيين في اليمن عبد المالك الحوثي، الذي علق صوره في شوارع مدينة صنعاء العاصمة. في لحظات قليلة، اعتقد بعض من قيادة حزب الله وجوب إلقاء مسؤولية الصاروخ على مجدل شمس على الحوثيين في اليمن. أما أمس، فهناك من ذكر نصر الله، بخبث، أن الحصانة لا تدوم وأن لكل زعيم موعد نفاد. يصعد اسم هاشم صفي الدين المرة تلو الأخرى، وهو ليس ابن عم نصر الله فقط، بل وصهر الزعيم المحبوب لـ “فيلق القدس” في إيران الذي صفاه الأمريكيون، قاسم سليماني. حتى لو اختفيت، كما يطلقون لذعتهم نحو نصر الله، فلن يضيع حزب الله. إذا لم تكن أنت، فسيحل مكانك زعيم آخر.
إيران هي الأخرى لا تدقق في كرامة نصر الله. فالحاكم خامنئي ورؤساء الحرس الثوري وإن كانوا يتحدثون عن تأييد غير متحفظ لحزب الله ويحذرون إسرائيل من رد “غير متوقع”، لكن نصر الله نفسه يدحر إلى هوامش التصريحات. من الجهة الأخرى، تتخلى إسرائيل عن المفهوم القائل إن العدو المعروف من السهل مواجهته. أضيفوا إلى هذا صمت رئيس أركان الجيش اللبناني، جوزيف عون، والقيادة السياسية التي لا تسارع إلى تغليف نصر الله – فستحصلون على سبب وجيه لخوف حقيقي من جهته. لكنه يعرف كيف يتغلب، وحتى بعد أن ألحقت المنظمة خسائر هائلة ببلدات الشمال وأدت إلى إخلاء المواطنين، فلديها قوة وصبر للمواصلة.
——————————————–
هآرتس 29/7/2024
الكابينت يدرس حجم الضربة والرد المقابل.. والدروز لليمين “المنافق”: لسنا أداة لأهدافكم
بقلم: عاموس هرئيل
على الفور، بعد هبوط رئيس الحكومة نتنياهو في البلاد، بدأت أمس بعد الظهر سلسلة مشاورات أمنية بشأن رد إسرائيل على إطلاق الصاروخ نحو هضبة الجولان، الذي قتل بسببه أول أمس 12 طفلاً وفتى، وأصيب عشرات الأشخاص في القرية الدرزية مجدل شمس. الحادث الخطير لن يمر بدون رد قاس من إسرائيل. تركزت النقاشات على قوة العملية المطلوبة وتضمنت تقدير كيفية رد حزب الله. تبادل اللكمات القادم سيحسم إذا كانت هناك انعطافة في الحرب التي ستضع الجبهة الشمالية في مركز الأحداث، أم سيكون تصعيد آخر يمكن استيعابه بدون أي تغير مهم في التوجهات.
منذ سقوط الصاروخ في ملعب كرة القدم، يحاول حزب الله نفي مسؤوليته عن الإطلاق. أدى الحادث إلى حرج حزب الله على خلفية إصابة أولاد دروز، الذين جزء من عائلاتهم يحملون الجنسية السورية. ولتجنيد مهمة الكذب والتضليل هذه، حاول سياسيون ورجال دين دروز من لبنان وسوريا إلقاء التهمة على إسرائيل. عملياً، الحقائق واضحة: ضرب الملعب صاروخ “فلق” ثقيل الوزن من إنتاج إيراني، أطلقه رجال حزب الله من منطقة مزارع شبعا في شمال غرب جبل الشيخ.
يمكن الاعتقاد بأن حزب الله لم يوجه الصاروخ نحو مجدل شمس، بل نحو مواقع الجيش الإسرائيلي في جبل الشيخ وفي مزارع شبعا. وهذا لا يغير الكثير. فمنذ بداية الحرب، أطلق حزب الله مئات الصواريخ نحو جبل الشيخ. وقد سجلت في السابق إصابات في مجدل شمس ومحيطها وقرب قرى درزية في شمال هضبة الجولان. يعرف حزب الله ذلك، وكان يدرك أن سكان القرى الدرزية في هضبة الجولان لم يتم إخلاؤهم. كامل المسؤولية واقعة عليه، فهو الذي بدأ الحرب في 8 تشرين الأول، عندما انضم بعد يوم (إطلاق النار المضادة بدون اقتحام للحدود) إلى هجوم حماس في الجنوب.
تعرف قيادة حزب الله أن إصابة المواطنين تعد تجاوزاً لقواعد اللعب المكتوبة التي تبلورت في الحرب. ركز الطرفان غالباً على الأهداف العسكرية وحاولا تجنب المس بالمدنيين. أطلق حزب الله بين فينة وأخرى بشكل متعمد نحو مدنيين إسرائيليين، بعد أن أصاب الجيش الإسرائيلي بالخطأ مواطنين في لبنان أو بعد أن انتظر رجاله لفترة طويلة جداً -حسب رأيهم- كمائن لقوات الجيش الإسرائيلي، واختاروا في النهاية ضرب المدنيين بعد تعذر الوصول لهدف عسكري. في اللحظة التي فهم فيها حزب الله أن المستوطنات على الحدود تم إخلاؤها بتعليمات الحكومة والجيش، بدأ يطلق النار عليها بشكل متعمد على فرض أنه سيصيب جنوداً. يدرك حزب الله أن إسرائيل لن تمر مرور الكرام على قتل المدنيين، وأنها تخطط لرد شديد نسبياً.
في مثل هذه الظروف، يجري حزب الله بشكل عام مشاورات مكثفة مع النظام الإيراني ومع كبار قادة حرس الثورة في محاولة لبلورة سياسة عمل مشتركة. الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي، يعطي أهمية كبيرة لنصائح رئيس حزب الله، حسن نصر الله. منذ موت قاسم سليماني باغتيال أمريكي في العراق في 2020 وحسن نصر الله هو الذي يقود سياسة المحور الشيعي تجاه إسرائيل بدرجة كبيرة.
لطهران اعتبارات مركبة؛ فحرب الاستنزاف مع إسرائيل تبدو أمراً يخدم مصالحها الآن؛ أما المواجهة الإقليمية الشاملة فلا تبدو أمراً مرغوباً فيه الآن. من جهة أخرى، تستخدم الولايات المتحدة ضغطاً كبيراً على إسرائيل كي لا ترد بصورة قاسية جدا -حسب رأيها- في لبنان. الأمريكيون يخشون من حرب إقليمية ستؤثر على الحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة. والمجتمع الدولي يخشى من سيطرة هذه الحرب على الأجندة الدولية في ذروة الألعاب الأولمبية.
ثمة تداعيات متبادلة بين ما يحدث على الحدود بين لبنان وإسرائيل، وبين الحرب ضد حماس والمفاوضات حول صفقة التبادل. لرئيس حماس في غزة، يحيى السنوار، مصلحة في الانتظار وعدم الدفع قدماً بالصفقة بشكل فوري. وإذا كانت هناك احتمالية لجر إسرائيل إلى حرب إقليمية مع تدخل مباشر لحزب الله وغير مباشر لإيران، فسيكون هذا مكسباً له. وبهذا الشكل، وحسب جميع الدلائل، فإن نتنياهو يعيق تقدم المفاوضات. رد إسرائيل الأخير الذي نقل لدول الوساطة السبت، يشمل زيادة التصلب في المواقف. وحسب مصادر أمنية مطلعة على ما يحدث، فإن احتمالية رد حماس بالإيجاب قبل التصعيد في الشمال، كانت ضعيفة جداً.
وهناك فجوة بين خطاب إسرائيل العلني المتشدد عقب قتل الأطفال في هضبة الجولان، وبين السياسة العملية التي تتبعها. بعض المتحدثين الإسرائيليين -رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان ووزير الخارجية ووزراء لا تأثير لهم على السياسة- هددوا في الأيام الأخيرة بأن حزب الله سيدفع ثمناً باهظاً لما فعله. في المقابل، الكثير من هؤلاء يدركون القيود التي ستواجه نشاطات الجيش الإسرائيلي: تأخير التسليح الجوي الدقيق من الولايات المتحدة، والعبء الواقع على كاهل القوات المقاتلة سواء النظامية والاحتياط، والصعوبة الكامنة في عملية برية في جنوب لبنان. وهناك من يقترحون حلاً سحرياً آخر، وهو قصف البنى التحتية في لبنان. ثمة شك في جدوى هذا الحل. فتأثير حكومة لبنان والجيش اللبناني على اعتبارات حزب الله قليل جداً.
نفاق ظاهر للعيان
حادثة مجدل شمس هي الأصعب التي أصيب فيها مدنيون من سكان إسرائيل منذ 7 تشرين الأول. وكما هو متوقع، استدعت ردوداً صاخبة أيضاً من قبل الجمهور اليهودي والعربي في إسرائيل، من خلال التماهي مع العائلات. ولكن جزءاً من هذا التطرق ليس سوى عناق دب، لا تستقبله الطائفة الدرزية بأي انفعال، خصوصاً في أوساط سكان هضبة الجولان الذين يعيشون في متاهة الهوية والولاء؛ بين السلطات الإسرائيلية الحالية ونظام الأسد الذي سيطر على هضبة الجولان حتى العام 1967.
يبرز نفاق السياسيين في اليمين، الذين دفعوا قدماً وبشكل حثيث بقانون القومية مع تجاهل احتجاج الطائفة الدرزية على التمييز ضدها في هذا القانون. رغم موت كثير من الضباط والجنود الدروز في الحرب منذ تشرين الأول وحتى الآن، لكن اليمين استمر في تجاهل طلب الدروز تعديل القانون.
الغضب الذي عبروا عنه أكثر من مرة خلال الحرب لم يزعج أعضاء الكنيست والوزراء هؤلاء للوقوف أمس في جنازة قتلى الهجوم واستغلال الحدث لأغراض سياسية. تم استقبال بعض الوزراء بالصراخ والشتائم من قبل سكان الجولان الذين لم ينفعلوا من هذا الاحتضان المتأخر.
——————————————–
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 29/7/2024
عواقب استمرار الحرب على اقتصاد إسرائيل: ثلاثة سيناريوهات
بقلم: تومر بدلون واستيبان كلور وعوفر شيلح
في الشهر العاشر من حرب السيوف الحديدية، تقف إسرائيل عند مفترق طرق سواء في جانب استمرار القتال في قطاع غزة أم في جانب الحملة الأوسع ضد إيران و”محور المقاومة”، الذين يشاركون بشكل مباشر في القتال. ومن المؤكد أن أي قرار بشأن المستقبل سيكون له عواقب اقتصادية كبيرة، وهذا في الوضع الأولي حيث سيتجاوز العجز المتوقع لعام 2024 بشكل كبير التوقعات بناءً على ميزانية الدولة الحالية، وفي ضوء تأثير الحرب على الإنفاق الدفاعي، والنمو في الاقتصاد، والاستثمارات الأجنبية في إسرائيل، وتصنيفها الائتماني، وغيرها من المعايير الحاسمة للقوة الاقتصادية. في هذه المقالة، يتم فحص ثلاثة سيناريوهات: استمرار الوضع الحالي؛ التصعيد في الساحة الشمالية؛ التسوية وفقًا للمخطط المقترح للصفقة لإطلاق سراح المختطفين ووقف القتال في غزة. ومن بين الاستنتاجات التي توصل إليها التحليل المقارن بين السيناريوهات أن إسرائيل من المتوقع أن تعاني من أضرار اقتصادية طويلة الأجل في كل الأحوال: فالانخفاض المتوقع في النمو في كل سيناريو مقارنة بالتوقعات الاقتصادية قبل الحرب، وزيادة الإنفاق الدفاعي قد يؤديان إلى تفاقم خطر الركود الذي من شأنه أن يؤدي إلى مشاكل اقتصادية تذكرنا بالعقد الضائع بعد حرب يوم الغفران. وسوف يتطلب هذا الوضع المزيد من التخفيضات في الوزارات الحكومية المختلفة وفي تخصيص الأموال للتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وكذلك للبنية الأساسية. وفي فحص البدائل الاستراتيجية، يتعين على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار النفقات الباهظة المتوقعة. فزيادة العجز وحدها قد تؤدي إلى تفاقم الوضع. وبالإضافة إلى زيادة الضرائب، والتي من المحتمل أن يكون من المستحيل تجنبها تمامًا، يتعين على الحكومة إعادة حساب الأولويات وتقليص أي إنفاق غير ضروري لا يدعم النمو والمجهود الحربي.
تقف إسرائيل عند مفترق طرق سواء من حيث استمرار القتال في قطاع غزة أم من حيث الحملة الأوسع ضد إيران و”محور المقاومة”، الذين يشاركون بشكل مباشر في القتال. ومن المؤكد أن أي قرار بشأن المستقبل سيكون له عواقب اقتصادية كبيرة، وهذا في الوضع الأولي حيث سيتجاوز العجز المتوقع لعام 2024 بشكل كبير التوقعات بناءً على ميزانية الدولة الحالية، وفي ضوء تأثير الحرب على الإنفاق الدفاعي، والنمو في الاقتصاد، والاستثمارات الأجنبية في إسرائيل، وتصنيفها الائتماني، وغيرها من المعايير الحاسمة للقوة الاقتصادية. في هذه المقالة، يتم فحص ثلاثة سيناريوهات:
استمرار الوضع الحالي، حيث تقاتل إسرائيل بكثافة متفاوتة في قطاع غزة، بينما يستمر القتال في الساحة الشمالية بصيغته الحالية – تبادل إطلاق النار اليومي، ولكن دون تصعيد كبير.
التصعيد في الشمال، والذي قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في البلاد. من الواضح أنه من الصعب معرفة إلى أين سيقود مثل هذا التصعيد الذي بدأته إسرائيل، وفي سيناريو شديد ولكن معقول يمكن أن يتطور إلى حرب شاملة على الجبهة الشمالية، وحتى إلى تورط مفتوح متعدد الساحات من قبل إيران والجهات التابعة للمحور الأخرى (الميليشيات بالوكالة التي ستعمل من سوريا والعراق، والنيران من اليمن وإيران والعراق وسوريا، بالإضافة إلى ترسانة حزب الله الصاروخية، وبالطبع الاستمرار الموازي للقتال في غزة والأنشطة اليومية في يهودا والسامرة). ومع ذلك، لغرض التحليل في هذه الوثيقة، نفترض تحركًا إسرائيليًا محدودًا في الشمال، مما سيؤدي إلى حملة عالية الكثافة، ستستمر حوالي شهر، ضد حزب الله فقط.
تسوية وفقًا للمخطط المقترح للصفقة لإطلاق سراح المختطفين: وقف القتال في غزة بشكله الحالي وانسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من قطاع غزة. وفقًا لزعيم حزب الله حسن نصر الله، فإن هذا الوضع سيؤدي أيضًا إلى وقف القتال على الحدود الشمالية؛ ومن الممكن أن يكون هناك في الأمد القريب بعد ذلك ترتيب ينسحب بموجبه حزب الله، ونأمل أن يكون عودة سكان الشمال إلى ديارهم ممكنة.
كل من السيناريوهات الثلاثة المذكورة لها عواقب استراتيجية واقتصادية مختلفة. ويقيم المقال العواقب الاقتصادية للقتال في كل من السيناريوهات الثلاثة، مع الإشارة إلى أربعة متغيرات اقتصادية رئيسية: النمو الاقتصادي (وهذا يعني معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل)؛ وعجز الميزانية؛ ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي؛ وقسط المخاطرة الذي يجسد الفجوة بين سعر الفائدة على سند حكومي بالدولار الإسرائيلي مقارنة بنظيره الأميركي. وإذا كان الهامش أكبر، فهناك خوف متزايد بين المستثمرين من أن دولة إسرائيل لن تكون قادرة على سداد ديونها. وسنحاول أيضًا تقدير النمو والعجز ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025، في كل من السيناريوهات.
استمرار الوضع القائم:
عند استمرارً الوضع الحالي، نتوقع نموًا بنسبة 1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 (نظرًا لأن معدل النمو السكاني في إسرائيل هو 2%، فإن معدل النمو دون هذا المستوى يعني انخفاضًا في الناتج المحلي الإجمالي للفرد). هذا النمو أقل من التقديرات الحالية لبنك إسرائيل ووزارة المالية والمنظمات الاقتصادية الدولية. ومع ذلك، فقد خفضوا توقعاتهم مرارًا وتكرارًا في الفترة الأخيرة، لذلك من الممكن أن نقدر بحذر أن الاتجاه سيستمر. وينطبق الشيء نفسه على العجز ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. نحن حذرون ونقدر مسبقًا أن هذه البيانات ستكون أسوأ من توقعات الهيئات المختلفة. على هذا المستوى، من الواضح أن أحدث المؤشرات فيما يتعلق بالعجز في الأشهر الاثني عشر الماضية، والتي كانت تسعة منها أشهر حرب، تتوافق مع التوقعات المقدمة أعلاه. حتى كتابة هذه السطور، تبلغ علاوة المخاطر في إسرائيل 1.75. إن استمرار الوضع القائم من شأنه أن يؤدي إلى تدهور علاوة المخاطرة بشكل أكبر، لأن نفقات الدفاع سوف ترتفع وبالتالي سوف تعمل على تعميق العجز وزيادة نسبة الدين إلى الناتج. وسوف يكون تصور إسرائيل في الخارج كدولة غير مستقرة اقتصاديا، والتي تعيش في حرب لا تنتهي، وبالتالي فإن جاذبية الأصول الخطرة الإسرائيلية سوف تنخفض بشكل أكبر.
ومن المتوقع أن يكون لاستمرار الوضع القائم عواقب سلبية حتى عام 2025 أيضا. ومن المتوقع أن يظل النمو منخفضا، حوالي 1 في المائة، وهو ما يشير أيضا إلى نمو سلبي للفرد، ولكن العجز سوف يظل عند مستويات عالية لتمويل نفقات الدفاع. وسوف يكون لهذه النفقات عواقب سلبية على نسبة الدين إلى الناتج والتي من المتوقع أن ترتفع إلى 75 في المائة وقد تضر بالتصنيف الائتماني لإسرائيل.
كما يجب أن نأخذ في الاعتبار العواقب الجيوسياسية والداخلية لاستمرار الحرب كما هي: سوف يستمر تآكل المكانة الدولية لإسرائيل؛ وسوف تتعزز المبادرات ضدها في المؤسسات الدولية، ومعها الخوف من الاستثمارات في إسرائيل، وخاصة في مجال التكنولوجيا الفائقة الحساسة. في إسرائيل داخليًا، سيشتد الجدل السياسي والاجتماعي حول استمرار الحرب وعدم عودة المختطفين والفشل في تحمل المسؤولية من قبل القيادة السياسية والعسكرية، والتي أدت إلى التخلف عن السداد في 7 أكتوبر. وكما سنشهد خلال عام 2023، فإن وجود التوترات الداخلية بحد ذاته له عواقب كبيرة على استعداد المستثمرين للقدوم إلى إسرائيل، وعلى تصنيفها الائتماني وحتى على نطاق مغادرة الإسرائيليين إلى الخارج – وكثير منهم في قطاعات حيث الإنتاجية عالية وهناك إمكانية واقعية وحتى مريحة للانتقال للعمل في الخارج.
يجب أن تتضمن المعايير الاقتصادية أيضًا نتائج الاستنزاف نتيجة للحمل على الاحتياطيين، الذين ينتمي معظمهم إلى القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد: ستواجه أعمال العاملين لحسابهم الخاص صعوبة في الاستمرار، وقد يفقد الموظفون وظائفهم، وستعاني الشركات من انخفاض كبير في الإنتاجية نتيجة للاستدعاءات الإضافية للخدمة، بالإضافة إلى الأشهر العديدة التي خدم فيها الاحتياطيون منذ بداية الحرب.
حرب في الشمال لمدة شهر بكثافة عالية:
من الصعب جدًا التنبؤ بالمكان الذي ستتطور فيه حملة عالية الكثافة ضد حزب الله في لبنان، وما إذا كان من الممكن بالفعل حصرها في شهر واحد وساحة واحدة فقط. ومع ذلك، حتى شهر من الحرب في الشمال ضد حزب الله وحده، مع هجمات مكثفة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية لم نشهدها من قبل، هو سيناريو غير مألوف. علاوة على ذلك، من الصعب جدًا التنبؤ بما ستكون عليه عواقب مثل هذه الحرب وهي تعتمد على عوامل مختلفة.
أحد العوامل المهمة هو مدى نجاح إسرائيل في اعتراض المخاطر وتقليل الأضرار التي تلحق بالجبهة الداخلية، وخاصة المرافق الاستراتيجية والبنية التحتية الوطنية. آخر مثال لدينا لدولة تعاني من حرب على أراضيها، والتي تضرب الجبهة الداخلية باستمرار وتعطل النشاط الاقتصادي تمامًا، هي أوكرانيا. في العام الأول من الحرب التي اندلعت في فبراير 2022، عانت أوكرانيا من انكماش اقتصادي بنحو 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن الحرب بدأت في الربع الأول من العام واستمرت طوال العام وشملت مناورة عسكرية روسية داخل أراضيها.
في المقابل، يشير هذا التحليل إلى حرب ستبدأ في الربع الثالث أو الرابع من العام وبقدرة على اعتراض بعض التهديدات. وفي ظل هذه الظروف، يمكن تقدير أنه في أسوأ الأحوال، وهي حرب عالية الكثافة مصحوبة بأضرار في البنية التحتية، سينكمش الاقتصاد الإسرائيلي بما يصل إلى 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024؛ وفي أفضل الأحوال، إذا نجحت إسرائيل في تحييد جزء كبير من التهديدات وتقليل الأضرار، سينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2 في المائة (توقعات معهد أهارون من ديسمبر 2023).
من الأسهل التنبؤ بالعواقب على العجز ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وقسط المخاطر. سيرتفع العجز بشكل كبير إلى حوالي 15 في المائة لتمويل الحرب وتمكين الروتين، من توفير الطعام والشراب إلى نقل الناس إلى أماكن الاختباء. إننا لابد وأن نأخذ في الاعتبار أن انكماش الناتج المحلي الإجمالي بالتزامن مع الإنفاق الحكومي الضخم سوف يؤدي إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 80-85% من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن ترتفع علاوة المخاطر في شهر الحرب إلى 2.5%، الأمر الذي سيجعل من الصعب جمع الأموال. ولكن من المتوقع أن تتغير هذه النسبة في نهاية الحرب ووفقاً لنتائجها.
وفيما يتصل بالعواقب الاقتصادية الطويلة الأجل المترتبة على الحرب في الشمال، فمن المهم أن نؤكد على أن: أ) أي زيادة في علاوة المخاطر سوف تتسبب في زيادة كبيرة في مدفوعات الفائدة على الدين العام الإسرائيلي. على سبيل المثال، فإن الزيادة الدائمة بنسبة نقطة مئوية واحدة في سعر الفائدة على الدين العام تنطوي على دفع إضافي يتجاوز 10 مليارات شيكل سنوياً (وهو مبلغ مماثل لميزانية الرفاهة الحالية). ب) ليس من السهل خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الموصى به وهو 60%، وقد تستغرق العملية أكثر من عقد من الزمان. آخر مرة ارتفعت فيها نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل فوق 80 في المائة كانت في بداية الانتفاضة الثانية (بلغت 93 في المائة في عام 2003). وكان انخفاض هذا المؤشر بطيئًا على الرغم من سنوات عديدة من النمو المتسارع. فقد وصل إلى مستوى 60 في المائة فقط في عام 2017.
بالنظر إلى المستقبل حتى عام 2025، من المتوقع أن نشهد نموًا أكبر نتيجة لعاملين مهمين: إنفاق حكومي أكبر على جهود إعادة الإعمار ونتيجة للعودة إلى الوضع الطبيعي، على افتراض أن نهاية الجبهتين في الجنوب والشمال ستشتري السلام لعام 2025. لذلك، من المتوقع إلى حد كبير أن يكون العجز المزدوج الرقم في عام 2025 علامة إيجابية على الإنفاق الحكومي على البناء والتجديدات، حيث ترجم الإنفاق العام الثقيل خلال أزمة كورونا (عجز بنحو 11 في المائة) إلى نمو كبير بنسبة 8.6 في المائة. وفي الوقت نفسه، فإن جزءاً من الزيادة في الإنفاق العام سيأتي على حساب الاستهلاك الخاص، حيث ستضطر الحكومة إلى رفع الضرائب، وخفض الدعم المباشر لمختلف الفئات من السكان، ومن المتوقع أن يبقي بنك إسرائيل على أسعار الفائدة عند مستوى مرتفع من أجل مكافحة التضخم.
ضفقة رهائن وخروج من غزة مع تهدئة على الحدود اللبنانية
بما أن الحرب تجري في الشهر السابع من عام 2024، فإن الخروج الفوري من غزة سيكون له تأثير محدود على الأرقام السنوية. النمو الاسمي سيكون حوالي 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني نموًا صفريًا للناتج المحلي الإجمالي للفرد. سيكون العجز ونسبة الدين إلى الناتج أفضل إلى حد ما مقارنة باستمرار القتال لأن الإنفاق الدفاعي يجب أن يزيد بشكل دائم في المستقبل المنظور حتى لو انتهى القتال قريبًا، حيث سيضطر جيش الدفاع الإسرائيلي إلى الاستعداد بشكل مختلف في الدفاع على جميع الجبهات وبناء القوة لاحتمال استئناف القتال.
لذلك، يجب أن نفترض أن صفقة الرهائن والخروج من غزة لن تدفع إسرائيل إلى المخاطرة بمستويات أقساط التأمين كما كانت قبل أكتوبر 2023، بسبب الفهم بأن إسرائيل أقل أمانًا واستقرارًا مما كانت عليه عشية الحرب. إن الضرر الذي لحق بالسمعة مقترناً بعدم الاستقرار السياسي سيؤدي إلى مستويات تتراوح بين 1.3 و1.5 في علاوة المخاطر وليس إلى مستوى ما قبل الحرب، الذي كان 0.8. وبافتراض وجود صفقة بالفعل وانسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من القطاع، يمكن توقع السلام الأمني في عام 2025 وبالتالي فإن العودة إلى الوضع الطبيعي ستسمح بنمو صحي بنسبة 4.6 في المائة، وقد يصل حتى إلى مستويات أعلى. وإلى حد كبير، يحتاج الاقتصاد إلى نفس النمو الاسمي الذي سيسمح بنمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بعد عامين متتاليين من نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السلبي. ومع ذلك، لا يُتوقع أن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 70 في المائة نتيجة للعجز الكبير في عام 2025، والذي سيخصص لإعادة إعمار جنوب وشمال البلاد، فضلاً عن تجديد التسلح.
إن نهاية الحرب والتسوية المحتملة في الشمال قد تؤدي، في الأمد القريب على الأقل، إلى أجواء أكثر إيجابية في الاستثمارات في إسرائيل (والتي عادت أيضاً في فترات سابقة بسرعة نسبية بعد أزمة أمنية) والعودة الكاملة للعديد من جنود الاحتياط إلى العمل ــ وهي عوامل قد يكون لها تأثير إيجابي على النمو.
من ناحية أخرى، من المتوقع أن يستأنف النزاع السياسي الداخلي بكامل قوته، وقد تجدد القضايا التي تم تأجيلها إلى “ما بعد الحرب”، بما في ذلك المطالبة بممارسة المسؤولية من جانب النظام السياسي والعسكري الأعلى، عدم الاستقرار الداخلي، الذي يؤثر أيضاً على النشاط الاقتصادي.
الاستنتاجات
لا يوجد فرق كبير بين سيناريو استمرار الوضع الراهن وسيناريو إنهاء الحرب. وحتى لو انتهت الحرب في صيف عام 2024، فمن غير المتوقع أن نشهد نموًا كبيرًا في الناتج المحلي الإجمالي وانخفاضًا في العجز هذا العام. ومن المتوقع حدوث تحول كبير في عام 2025، عندما من المتوقع أن تتحسن إمكانات النمو بشكل كبير، دون قتال. ومع ذلك، نتوقع أن نرى التأثير الاقتصادي الفوري لوقف الأعمال العدائية بشكل رئيسي في علاوة المخاطر. فالأسواق الدولية تعاقب دائمًا عدم اليقين وتكافئ الرغبة في السعي لإنهاء القتال. لذلك، مع استمرار الوضع الراهن، من المتوقع أن تكون علاوة المخاطر قريبة من 2، في حين أن انتهاء الأعمال العدائية من شأنه أن يخفضها إلى أقل من 1.5 في المائة. وبالمقارنة بهذه السيناريوهات، فإن الحرب في لبنان التي قد تستمر لمدة شهر واحد فقط قد تلحق ضررًا كبيرًا بجميع البيانات الاقتصادية.
إن عدم القدرة على التنبؤ بالحرب في الشمال: إن سيناريو الحرب، مع افتراض متفائل بإحباط التهديدات وآلية إنهاء (سيناريو معهد آرون من ديسمبر 2023)، يختلف اختلافًا جوهريًا عن السيناريو الذي يفترض بشكل متشائم صعوبة الحفاظ على الروتين في الجبهة الداخلية وغياب آلية إنهاء تؤدي إلى حرب استنزاف طويلة. والسؤال الذي يطرح نفسه: أي سيناريو يجب أن يشير إليه صناع القرار قبل اتخاذ القرار بشأن الحرب في الشمال. لقد ارتفعت علاوة المخاطر في إسرائيل بطريقة تزيد بشكل كبير من السعر المتضمن في جمع رأس المال. حتى في حالة صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار في الشمال والجنوب والذي سيؤدي إلى السلام الكامل، نجد صعوبة في رؤية وضع تعود فيه علاوة المخاطر في إسرائيل إلى مستوياتها عشية الحرب. ومن المرجح أن يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتمكن دولة إسرائيل من إعادة علاوة المخاطر إلى مستويات 0.7، التي ميزت السنوات القليلة الماضية. هذا لا يعني أن إسرائيل لن تكون قادرة على جمع الأموال في الأسواق الدولية – لا تزال إسرائيل قادرة على جذب المستثمرين. ولكن الثمن الذي ستضطر دولة إسرائيل إلى دفعه للمقرضين مقابل المخاطرة قد ارتفع بشكل كبير وسيؤدي إلى زيادة قسم سداد الديون في ميزانية الدولة في السنوات القادمة.
الضرر الاقتصادي على المدى البعيد: الانخفاض المتوقع في النمو في كل سيناريو، مقارنة بالتوقعات الاقتصادية قبل الحرب، فضلاً عن زيادة الإنفاق الدفاعي، قد يزيد من خطر الركود، مما سيؤدي إلى مشاكل اقتصادية تذكرنا بالعقد الضائع بعد حرب يوم الغفران. سيتطلب هذا الوضع المزيد من التخفيضات في الوزارات الحكومية المختلفة، لتخصيص أموال أقل للتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وكذلك للبنية التحتية، والتي من المفترض أن تعمل على تحسين الإنتاجية الاقتصادية في دولة إسرائيل.
التوصيات
الإعداد الاقتصادي الطويل الأمد: يتعين على صناع القرار، الذين يحاولون الاستعداد للتغيرات الاستراتيجية والسياسية التي تعقب الحرب، أن يستعدوا أيضاً لواقع اقتصادي مختلف. ولابد أن تأخذ المراجعة الاقتصادية الطويلة الأمد في الحسبان واقعاً اقتصادياً جديداً أكثر قتامة، يتسم بانخفاض النمو، وتضخم العجز، وزيادة مدفوعات الديون في المستقبل، والتغيرات المحتملة في التجارة الدولية، والتغيرات في رأس المال البشري نتيجة لزيادة أيام الاحتياطي بالإضافة إلى هجرة الأدمغة، وانخفاض الدخول. ولابد من وضع افتراضات عمل صارمة للحرب في الشمال. إن الخطر في حرب استنزاف متعددة الساحات، عندما لا يكون لدى الطرف الآخر أي حافز لوقف إطلاق النار، هو الأكثر خطورة. ومن وجهة نظر اقتصادية، لا يمكن أن يستند الإعداد إلى ما هو مألوف ومشهور من حروب إسرائيل، بل إلى فحص حالات أكثر شدة من الاقتصادات التي تضررت بشدة من الحرب في الوطن الأم. كما أنه ليس من المؤكد أن الفائدة التي ستنجم عن مثل هذه الحرب استراتيجياً ستكون أكبر من الضرر الذي ستحدثه. ومن هنا، فمن الناحية الاقتصادية، فإن هذا السيناريو غير مرغوب فيه، وينبغي تفضيل استراتيجيات الخروج الأخرى.
إن النفقات الباهظة المتوقعة لابد وأن يتم تمويلها بالتزامن مع الجهود المبذولة الآن. إن زيادة العجز وحدها قد تؤدي إلى تفاقم الوضع، ولابد وأن يقترن هذا باستنفاذ الخيارات الأخرى، قبل رفع الضرائب التي ربما يكون من المستحيل تجنبها تماما. وكخطوة أولى، لابد وأن تعيد الحكومة حساب أولوياتها وتقليص أي إنفاق غير ضروري لا يدعم النمو والمجهود الحربي، بدءا بإغلاق المكاتب الحكومية غير الضرورية وإلغاء المخصصات المالية القطاعية التي لا تزيد من إنتاجية العمل والنمو الاقتصادي.
زيادة منضبطة في الإنفاق الدفاعي. في أي سيناريو، نتوقع زيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي لإسرائيل في المستقبل المنظور. ولا ينبغي أن تكون هذه الزيادة غير منضبطة. فأي زيادة كبيرة في الميزانية يمكن أن تصبح بسهولة مضيعة وغير فعالة. ومن المهم أن يتم توجيه النفقات التي ستضاف إلى النفقات القائمة إلى الاحتياجات الصحيحة. ومن ثم فإن الأمر يتطلب مناقشة جادة بشأن المسألة الميزانية بين رجال الدولة والجنرالات وخبراء الاقتصاد، الذين يرون أمام أعينهم أفضل فائدة استراتيجية متأصلة في استغلال الموارد.
——————————————–
يديعوت أحرونوت 29/7/2024
معضلة الرد: إمكانيات إسرائيل لهجوم في لبنان
بقلم: يوآف زيتون وايتمار آيخنر
توتر قبيل الرد الإسرائيلي على هجوم حزب الله على مجدل شمس يوم السبت: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد أمس مشاورات محصورة مع كبار رجالات جهاز الامن عرضت عليه فيها إمكانيات الرد. بعد ذلك انعقد الكابنت السياسي الأمني الموسع، وفي نهاية الجلسة خول أعضاؤه نتنياهو وغالنت اختيار طبيعة الرد. في إسرائيل قدروا أمس بان “العملية ستكون محدودة لكن ذات مغزى”.
في الخلفية، يمارس ضغط على إسرائيل للرد بشكل مقنون، ضمن جهات أخرى من الولايات المتحدة، فيما ان الفرنسيين بالمقابل يضغطون على اللبنانيين. في إسرائيل ادعوا بانه يحتمل ان ندخل الى بضعة أيام قتال، لكن مع ذلك سيكون الحديث يدور عن “خطوة محدودة” فقط – حتى لو كانت خطوة تخرج عما عرفناه حتى الان في الحرب الحالية في لبنان.
في إسرائيل وعدوا منذ أول أمس برد قاس يجبي من حزب الله ثمنا باهظا، لكن في الجيش وجدوا صعوبة في بلورة حل “وسط” يمكنه أن يمنع بيقين تصعيدا حقيقيا.
واقتبست شبكة “ال.بي.سي” اللبنانية امس عن مصادر دبلوماسية من واشنطن ومن بيروت في أنه “حسم منذ الان بانه سيكون هجوم إسرائيلي – والان يجري العمل لاجل تقييده من حيث الحجم والمكان ولاجل منع المس بمدن كبرى ومكتظة، بما فيها بيروت. الهدف هو عدم جر حزب الله الى رد كبير”.
مع ذلك، فان الإشارات التي نشرها منذ السبت مسؤولو كبار من المستوى السياسي يمكنها أن تفيد بان إسرائيل لن تغير بشكل متطرف سياسة الاحتواء التي تتخذها تجاه حزب الله. ولا يزال، فان الوزراء مطالبون بان يختاروا بين عدة إمكانيات لهجوم لم يشهد في لبنان من قبل، على الأقل ليس منذ حرب لبنان الثانية في 2006، قبل 18 سنة بالضبط. المشكلة الأساس التي عرضت على الوزراء هي أنه لم يكن بوسع أي جهة في الجيش الإسرائيلي أن تتعهد، كما أسلفنا، بان عملية الرد الإسرائيلي لن تؤدي الى تصعيد في نهايته تنشب حرب في غضون بضعة أيام وانقلاب الساحات مقابل غزة، من أساسية الى ثانوية.
وها هي إمكانيات الرد الأساس التي تلوح من الجيش الإسرائيلي من أصل مخزن الأهداف المعروف في قيادة المنطقة الشمالية، والذي وضع جانبا قبل 7 أكتوبر.
هجوم محدود على بنية تحتية لكنه “في صورة بارزة”: إسرائيل امتنعت حتى الان عن قصد عن مهاجمة بنى تحتية مدنية لدولة لبنان يستخدمها حزب الله بشكل غير مباشر كجسور هامة، طرق سريعة مركزية، محطات توليد طاقة ومطارات وموانيء. قصف هدف كهذا سيطلق إشارة الى الحكومة في بيروت بانه حان الوقت لان تلجم حزب الله قبل أن يتحمل كل مواطني الدولة النتائج. للهجوم يوجد هدف اعلامي اكثر منه عملي. صور النار وعواميد الدخان الهائلة في الأشرطة وفي الصور ستهديء الراي العام في إسرائيل.
هجوم على مخازن سلاح استراتيجي لحزب الله: حتى الان هاجم سلاح الجو قرابة 5 الاف هدف في جنوب لبنان منذ أكتوبر بما في ذلك مخازن مسيرات وصواريخ مضادة للطائرات في البقاع في أعماق الدولة، لكن لا تزال معظم الأهداف، واساسا النوعية منها، ابقيت للحرب. المعضلة في قيادة المنطقة الشمالية مركبة إذ ان هجمات معينة من شأنها أن تكشف مصادر استخبارية.
مكان جدير ورمزي لم يتم اختياره بعد: لا معنى لهدف يتم اختياره ان لم يكن في عاصمة لبنان بيروت. فحزب الله يحوز مناطق مدنية هامة في بيروت، ويمكن للجيش الإسرائيلي أن ينفذ فيها هجوما دقيقا ومقنونا، هجوما يسمع جيدا في كل أجزاء المدينة وليس فقط في الضاحية. ولا يزال لا يؤدي الى موت لبنانيين كثيرين.
تصفية مسؤولون كبار في جيش الإرهاب: من جهة كل تصفية كهذه تمس بحزب الله عملياتيا، تردع قادة آخرين وتتسبب لهم بان يوظفوا زمنهم في الفرار. من جهة أخرى، حتى اليوم لم تحسن سياسة التصفيات الإسرائيلية في لبنان في شيء، عمليا، وضع الامن الشخصي لمئات الاف سكان الشمال. كما أن تصفية مسؤولين كبار تحتاج الى انتظار لفرصة عملياتية واستخبارية مع طائرات قتالية تكون في الجو على استعداد، مما قد يطول لايام حتى أسابيع، وليس صدفة أن امر نصرالله نشطائه قبل نحو أسبوع التوقف عن استخدام الهواتف الذكية.
——————————————–
هآرتس 29/7/2024
الحفرة التي تم فتحها لا تخبرنا عن القتل في مجدل شمس، فقط في الملعب يظهر حجم المأساة
بقلم: جدعون ليفي
دراجات كهربائية وتراكترون صغير، جميعها محترقة، هذا ما تبقى، هذا الاسطول الصغير كان يجب أن يعيد الى البيوت ركابه، اطفال مجدل شمس الذين جاءوا أول أمس مثل كل يوم للتدرب في ملعب كرة القدم البلدي. بقايا هذا الاسطول الصغير رميت أمس قرب الملجأ الذي كتب عليه “تم التبرع به مع الحب لحماية مواطني اسرائيل” من قبل منظمة “حلم لاسرائيل”. هذا هو الملجأ الصغير الذي حاول بعض الاطفال في دخوله من اجل النجاة، لكن لا أحد منهم تمكن من ذلك. حسب الشهادات مرت فقط 3 ثوان بين اطلاق صفارة الانذار وسقوط الصاروخ القاتل.
الصاروخ سقط أول أمس قبل المساء قرب الجدار الفاصل بين الملعب الصغير وبين حديقة الالعاب للاطفال ومحطة الوقود التي توجد في الاعلى. الآن الجدار احترق وهو مدمر والملجأ الصغير مهجور وحفرة غير كبيرة، لا تشير حتى الى حجم عملية القتل المثيرة للاشمئزاز هنا، فتحت هنا. فقط عند الانتقال الى الملعب الكبير، الذي يوجد فيه عشب اخضر حقيقي ونشاهد الصخرة المرتجلة التي اقامها السكان للاطفال الـ 12، يمكن فهم حجم الكارثة. 12 كرسي باللون الاسود، مغطاة بقماش اسود، والواح سوداء تحتها، ذكرى للاطفال الـ 12 الذين قتلوا هنا قرب مرمى الهدف. على شباك الهدف علقت أول أمس اشلاء جثث ليس اقل من طفلين. رائحة الحريق كانت موجودة أمس في الهواء. شباب القرية تجولوا في الملعب بصمت الذي اصبح ساحة قتل لاصدقائهم. الهدوء تم اختراقه فقط من قبل المراسلين الاجانب الذين جاءوا الى المكان لكتابة التقارير، وضباط قسم المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي الذين جاءوا لالتقاط بعض التفسيرات هنا. ولكن الهدوء ظهر اكثر من أي شيء آخر.
هذان ملعبان لكرة القدم تم الاعتناء بهما جيدا، لا يمكن ايجاد فيهما عقب سيجارة أو ورقة على الارض، العشب الاخضر الحقيقي تم الاعتناء به بشكل جيد، لونه اخضر وتم قصه بشكل مرتب. هكذا ايضا مجدل شمس التي اصبحت في السنوات الاخيرة قرية رائعة عندما تم افتتاح الكثير من الفنادق فيها. أمس هذه القرية كانت في الحداد، وتم اغلاق المحلات التجارية وجميع السكان ارتدوا الملابس السوداء. في قرية مسعدة القريبة تم تعليق الاعلام السوداء في الشارع الرئيسي. في مجدل شمس كانوا ما يزالون في حالة صدمة، بالضبط مثلما كانوا في حالة صدمة من تزيين الكراسي السوداء التي وضعت عليها صور الاطفال القتلى. الصور لم تظهر أمس في أي مكان في القرية، ولا حتى في بيوت العزاء.
الحداد في مجدل شمس كان أمس منضبط. فالعائلات الـ 12 الثكلى جلست في البيت بعد الجنازة الكبيرة، وفقط عدد من الاشخاص وصلوا الى البيوت الثاكلة. في بيت عزاء عائلة الطفل يزن أبو صالح، 11 سنة، لم يكن اكثر من ستة رجال، جلسوا على الكراسي البلاستيكية في ساحة البيت، وحاولوا تغزية الأب الثاكل الذي لم يكف عن البكاء. مجدل شمس كانت أمس في الحداد على طريقتها. ففي زوايا الشوارع تجمع الشباب ونظروا بصمت الى ما يحدث. الصدمة كانت تظهر على وجوه الجميع، تقريبا الجميع شاهدوا أول أمس الصور الفظيعة التي يصعب تحملها. لم يكن بالامكان تشخيص أي طفل تقريبا، الآباء بحثوا عن اولادهم وهم يصرخون، والاخوة بحثوا عن اخوتهم، والاصدقاء بحثوا عن الاصدقاء، ولم ينجحوا في تشخيص أي واحد. كل القرية وقفت خارج الملعب وشاهدت بذهول ما يحدث. في معظم الحالات مرت فترة طويلة من اجل اجراء الفحوصات في قسم التشخيص الجنائي في الشرطة في العيادة المحلية، الى أن تم تشخيص القتلى، وتم اعطاء البشرى الصعبة للآباء الذين لم يتعرفوا على جثث أولادهم.
التناقضات الكثيرة في هوية وتعريف مجدل شمس طفت على السطح، بالذات في وقتها الصعب. في العالم اعتبروها قرية محتلة، أو قرية في منطقة محتلة تم ضمها. ولكن معظم السكان الذين تحدثنا معهم أمس، بالاساس الشباب، قالوا بأنهم يعتبرون انفسهم اسرائيليين. نصف اعضاء الحكومة جاءوا أمس للتعزية. المراسلون الاجانب وجدوا صعوبة في الشرح للمشاهدين من هم هؤلاء القتلى، ليسوا فلسطينيين، هم محتلون. وليسوا يهود أو من عرب اسرائيل، مع ذلك هو من مواطني الدولة. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي ووسائل الاعلام الاسرائيلية الذين منذ بداية الحرب في غزة لم يظهروا حتى جزء قليل من الصدمة على قتل الاطفال هناك، سارعوا أمس الى اظهار وجوه مصدومة وتسمية الاطفال الذين قتلوا في مجدل شمس باسرائيليين وقتلى. فقط بعضهم كان كما يبدو معهم الجنسية الاسرائيلية. فقط حاولوا اطلاق على اطفال غزة الموتى اسم قتلى.
لكن السياسة هي الامر الوحيد الذي كان أمس يهم سكان مجدل شمس. في ملعب كرة القدم وفي الشوارع وفي الازقة وعلى مداخل الحوانيت المغلقة والبيوت، سادت الصدمة وغطت كل شيء. اكليل زهور من حزب “يوجد مستقبل” وضع قرب اكليل من وكالة تأمين محلية بجانب الدراجات المحترقة. الكرة البيضاء، الكرة التي لعب فيها الاطفال اللعبة الاخيرة، كانت مرمية بجانب الكراسي السوداء. راهب بردائه الاسود كان من بين من ساروا في الجنازة، الجميع هنا يعرفون بعضهم البعض، وحجم الحداد كان وفقا لذلك. “هم اولادنا جميعنا”، قال سمير أبو جابر (63 سنة)، الذي كان من الاوائل الذين وصلوا الى مكان الكارثة. أمس وقف بجانب دكان أبو جبل جولان حسن التي توجد امام الملعب، وهو في حالة صمت مع عدد من كبار السن.
سمير كان في بيته بجانب الملعب عندما سمع صوت الانفجار الضخم الذي هز جدران البيت. على الفور بعد ذلك شاهد الدخان والغبار ترتفع في الهواء. هو واولاده الكبار ركضوا الى الملعب، في محطة الوقود شاهد اطفال وجوههم مغطاة بالدماء، لكنه ادرك أن الكارثة الكبيرة في الملعب. ذهب باتجاه الحفرة التي فتحت في الملعب والمنظر كان مخيف. “لا يمكنني حتى الآن استيعاب ما رأيته. ولد بنصف رأس، اطفال بترت ايديهم وارجلهم. جميعهم متفحمون، لم أمكن من تشخيص أي طفل”.
سمير قال إنه شاهد تقريبا 20 طفل ملقى على العشب الاخضر في الملعب الصغير، معظمهم اموات. زوجته اغمي عليها بسبب المنظر الفظيع واضطر الى أن يأخذها الى العيادة. التراكترون الصغير كان مشتعل. “حتى الآن عقلي لا ينجح في فهم ما شاهدته”، قال. ابنة سمير، الممرضة في مستشفى بني تسيون في حيفا عادت الى البيت في منتصف الليل وذهبت لتقديم الاسعاف للمصابين الذين لم يتم نقلهم الى المستشفى، سواء بالمروحيات أو في سيارات الاسعاف. سمير لم يتمكن من النوم في الليل. “أعتقد أنني بحاجة الى طبيب نفسي”، قال.
باسل أبو جعبر، الذي كان يقف جانبا، يعيش في “تلة الصراخ” التي لم تعد موجودة. ابنه ايوان (17 سنة) كان في زمن الانفجار قرب المركز الثقافي الذي يبعد 50 متر تقريبا عن مكان سقوط الصاروخ. ايوان بدأ يبحث بهستيريا عن ابنه عمله ابن الـ 8. اتصل مع والده وقال له أن يبلغ عمه وعمته كي يأتيا بسرعة للبحث عن الطفل. وبحث ايضا عن اصدقائه، الاخوين امير وجوليان (15 و16 سنة). امير كان ملقى وهو ميت على شباك الهدف، وشقيقه كان ملقى على العشب الاخضر وقد بترت قدمه. عشرات الآباء وصلوا الى الملعب وبدأوا يصرخون بأسماء أولادهم.
غير بعيد عن هناك، في ساحة البيت، جلس الرجال من عائلة أبو صالح وهم يبكون. يزن (11 سنة) كان يتوقع أن يترفع الى الصف السادس. هو كان الابن الوحيد لوالديه نايف ونسرين، له أختان. نايف لم يتمكن من التحدث، كل جملة تجعله يبكي، وصهره تحدث باسمه. نايف سمع الانفجار وهو في البيت وقفز بسرعة وذهب الى الملعب. هو كان يعرف أن يزن هناك. فقد تعود على التدرب في الملعب كل يوم. أبناء العائلة بحثوا تقريبا مدة ساعة عن الطفل بين الاطفال القتلى والمصابين ولكنهم لم يجدوه. فقط بعد نقل الجثث الى العيادة شخص رجال مختبر التشخيص الجنائي التابع للشرطة يزن، وأبلغوا الأب.
في الاسبوع الماضي عزف يزن على الطبل في حفل زفاف ابن عمه وكان مسرورا. أمس تم دفنه. “خلال اسبوع واحد كان لدينا حفل زفاف ودفنا ابننا”، همس الأب، ومرة اخرى لم ينجح في التوقف عن البكاء.
——————انتهت النشرة—————-