الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 5/8/2024

بقلم: شيريت افيتان كوهن

فترة انتظار؟ تصفية مسؤولين في حماس وحزب الله قد تسمح بتغيير استراتيجي في الواقع الأمني في إسرائيل، لأول مرة منذ 7 أكتوبر. غير أنه في هذا الواقع أيضا الذي إسرائيل هي فيه عنصر سائد، يبدو ان ها هي تتراجع الى دور الانتظار والاحتواء الذي اعتاد عليه قادتها في الجيش وفي المستوى السياسي. ينتظرون حزب الله، ينتظرون طهران، وكذا المواطنون ينتظرون. سياسة جولات غزة، الجيل الثالث وهذه المرة حيال رأس الافعى ومسببة الإرهاب حولنا ايران.

رئيس الوزراء نتنياهو حصل على فرصة بخلق معادلة جديدة حيال ايران والمس بدولة تسير بثقة نحو النووي بدلا من انتظار الضربة التالية، لعلها فرصة حياته، لكنه مطالب بان يناور بين ضغوط من الداخل وضغوط دولية. الولايات المتحدة، وليس للمرة الأولى منذ 7 أكتوبر، تقف الى جانب دولة إسرائيل في مهمة الدفاع في حالة مهاجمة ايران من أراضيها او من الوكلاء الذين تتحكم بهم، لكن الى جانب ذلك تمارس إدارة بايدن ضغوطا شديدة لمنع تصعيد في المنطقة.

لماذا يصر رئيس الوزراء

ومرة أخرى، وليس للمرة الأولى، الإدارة ومسؤولوها يعملون للضغط على نتنياهو علنا باتجاه صفقة بشروط حماس – صفقة هي بتقدير الأمريكيين ستؤدي الى ليس اقل من سلام في الشرق الأوسط. حماس يفترض أن تقبل صفقة الاحلام لبقائها، حزب الله معادلة الانهاء المتعلقة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وايران براحة تتمكن من تنظيم نفسها للجولة التالية. امام هذه الضغوط التي يشارك فيها قسم من مسؤولي جهاز الامن يصر نتنياهو على معارضته للتنازل عن كل روافع الضغط على حماس منذ المرحلة الأولى.

اذا انسحب الجيش الإسرائيلي من فيلادلفيا وسمح بعبور المسلحين الى شمال القطاع في المرحلة الأولى الى جانب الموافقة على وقف الحرب لفترة زمنية من 42 يوما زائد أربعة اشهر حوار للمرحلة التالية بالحد الأدنى – فلن يكون أي سبيل لاعادة باقي المخطوفين. هذا هو السبب الذي من أجله يصر نتنياهو على عدم الخضوع لكل مطالب حماس في هذه المرحلة.

في هذه المرحلة يبث نتنياهو صمودا حيال جهاز الامن ورئيسه وكذا حيال الولايات المتحدة. لكن صورة الوضع هذه تتعلق بسبع ساحات متغيرة، حملة انتخابات في مراحلها الأخيرة في الولايات المتحدة وكذا بائتلاف مع مشاكل انضباطية. حتى نهاية الشهر سيكون الائتلاف مطالبا بان يثبت ولاء في الفعل الأكثر ايلاما للسياسيين – بداية العمل على الميزانية التالية التي ستكون فيها أموال ائتلافية اقل وإجراءات متشددة اكثر. اذا ما تقدموا الى التنفيذ، سيحصل نتنياهو على استقرار داخلي لتحديات الامن الإسرائيلية. اما أحلام استبدال وزير دفاعه فهو يخزنها حاليا.

——————————————–

معاريف 5/8/2024

مصاعب لا بد أن يأخذها نتنياهو بالحسبان عندما يصر على السيطرة في محور نتساريم

بقلم: آفي أشكنازي

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يصر على عدم التقدم في المفاوضات لتحرير المخطوفين اذا لم يترتيب موضوع السيطرة على محور نتساريم، أي منع عبور المسلحين من الطرف الجنوبي الى شمال القطاع. في جهاز الامن متفقون على أن المحور هو بالفعل شوكة في حلق الغزيين بعامة وحماس بخاصة، لكن من المهم ان توضع على الطاولة كافة المعطيات في هذه المسألة.

أولا، الوضع الفعلي. المحور، بعرض كيلو متر، يقطع القطاع بالتوازي مع وادي غزة في وسط القطاع، من جدار الحدود شرقا وحتى البحر غربا. لاجل حماية المحور، نفذ كشف تضمن تدمير مئات المباني، اقتلاع الاحراش والكروم في عمق كيلو متر آخر حتى كيلو متر ونصف على عرض المحور، سواء من شمال المحور ام من جنوبه. بمعنى يوجد في هذه اللحظة مجال من نحو ثلاثة كيلو متر ونصف حتى أربعة كيلو متر.

بدأ الجيش الإسرائيلي يبني في المكان ثمانية استحكامات، أربعة من شمال المحور وأربعة من الجنوب. بالتوازي، يبقي الجيش الإسرائيلي في المحور مئات حتى الاف جنود الاحتياط في مهام الحراسة. طريقة الحراسة تتمثل في اعمال جمع المعلومات، الكمائن، الاقتحامات للمجالات المجاورة وغيرها.

كل جنود الاحتياط في المحور سينهون حتى 7 أكتوبر 2024 بين 200 – 300 يوم خدمة احتياط. ابقاؤهم في نفس الوتيرة في السنة القادمة أيضا معناه انهيار الاف العائلات، ليس فقط اقتصاديا بل وأيضا عائليا، تشغيليا، نفسيا وغيرها.

هذا الموضوع مقلق جدا قادة الجيش الإسرائيلي. فهم يرون الجنود، يسمعون المشاكل، يفهمون تعقيدات الوضع. هكذا مثلا، حين وصل يوم الجمعة قائد فرقة 252 العميد ميران عومر الى احدى ساحات القتال في هوامش المحور، التقى مع مجموعة رجال مدرعات في الاحتياط. هم يقاتلون منذ عشرات الأيام وممتلئون بالدوافع، يعرفون المهمة، لكن اللكن الكبرى التي يعرضونها – حتى وان لم يكن في الجملة الأولى فورا – هي المصاعب. المصاعب في البيت، في مكان العمل، في التعليم الأكاديمي. منذ الان عدد جنود الاحتياط الذين يمتثلون للخدمة ادنى من العدد الذي جاء في 7 أكتوبر. فالى متى سيحتمل رجال الاحتياط العبء؟ يبدو ان ليس كثيرا. في النهاية يوجد أيضا قيد نمط الحياة. هل يأخذ نتنياهو هذا بالحسبان؟

يوم الخميس انكشف مقاتلو لواء القدس من الجيش الإسرائيلي ممن يحتلون جزءاً من المحور نفقا كان تحت المحور ويتجاوزه من الشمال الى الجنوب. بمعنى ان حماس، ان شاءت، فستعرف كيف تعمل أيضا من تحت اقدام الجيش. في الجيش يقولون ان حقيقة ان الجيش سطح منطقة كبرى على طول المحور تسمح بسيطرة على المراقبة وان قوة نار ستكون مطلوبة من اجل التحكم في المجال الفاصل حتى عندما تكون القوات تتواجد في الحقول التي بين ناحل عوز وبئيري.

——————————————–

يديعوت احرونوت 5/8/2024

مسودة التعهد الأمريكي لنتنياهو: إسرائيل يمكنها مواصلة القتال اذا لم تنضج المرحلة الثانية من الصفقة

بقلم: نداف ايال:

لإسرائيل كانت أزمنة أصعب. لكن لم يكن فيها أبدا انعدام للثقة، شك وانشقاق كهذا. وضع مجنون، هاذٍ تماما، بينما تكون فيه إسرائيل تنتظر ردا قاسيا من ايران وحزب الله، غارق في عمق القلق تواصل معركة داخلية متعذرة بانهار من الدم الفاسد. “جلسة الصراخ” بين بنيامين نتنياهو وقادة جهاز الامن، بات يعرفها الجميع. فقد جسدت ما هو مسلم به: انعدام تام للثقة لدى قادة جهاز الامن بلا استثناء، بنتنياهو. وأثبتت بان الإحساس متبادل تماما. في الأيام الأخيرة حين ذكر احد ما رئيس الوزراء بالاحداث الأخيرة في القاعدة في بيت ليد، سأل بغضب اليس هذا هو الامر نفسه مثل “اهود باراك الذي يدعو الى عصيان مدني”. وفجأة الخيط الرفيع، غير الرسمي، بين يئير نتنياهو وبين بنيامين نتنياهو أصبح سلسلة واضحة ورنانة.

التعهد الأمريكي

وهاكم الاخبار: في الجلسة إياها تماما، في الأجزاء الأكثر جوهرية – ولم تكن كثيرة كهذه – حاول رئيس الوزراء ان يشرح للحاضرين بانه لا يزال ينتظر كتاب التعهد الأمريكي. يدور الحديث عن كتاب عن إمكانية مواصلة الحرب بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من صفقة المخطوفين، اذا لم تنجح الاتصالات. ولما كان نتنياهو يعتزم المطالبة ضمن أمور أخرى لنزع سلاح حماس ونفي قيادته، كشرط للمرحلة الثانية من الصفقة، فهي من غير المتوقع أن تنجح.

الكتاب الأمريكي هو موضوع طرح قبيل لقاء بايدن – نتنياهو في واشنطن. وهو يعنى في واقع الامر باعطاء ضمانة لإسرائيل بانها غير ملزمة بوقف النار الى الابد، في كل الظروف. وشرح نتنياهو للحاضرين بان هذا كتاب يريد أن يعرضه للجمهور الإسرائيلي. وهنا كانت بانتظاره مفاجأة: احد الحاضرين في الغرفة كان يعرف عما يدور الحديث. قال له ان الولايات المتحدة وافقت على أن تعطي هذا الكتاب بهذه الصيغة او تلك وتوجد مسودات منذ الان. وكانت الرسالة واضحة: ابحث لك عن ذريعة أخرى لمواصلة التأجيل، العرقلة، الابطاء للصفقة. لا تعلق هذا بكتاب الأمريكيين. حاولت أن تخفي عنا، لكنهم وافقوا، باستثناء انهم قالوا ان الكتاب سيرسل بعد أن توقع الصفقة وليس قبلها. المال مع بيبي يعد في بيت الدرج.

نحن نرى في صفقة المخطوفين الان فرصة، قال له الحاضرون، قادة الجهاز. انت ترى فيها تهديدات. صفقة المخطوفين ليست فقط موضوعا إنسانيا من الدرجة الأولى. بنظر كل جهة مهنية تقريبا الصفقة هي المفتاح الذي يمكنه ان يفتح القفل الإقليمي وينقلنا جميعا الى الامام. رد نتنياهو بالطريقة المعتادة التي نشرت بتوسع: اشتكى بمرارة بانه بدلا من ممارسة الضغط الشديد على حماس – يتحدثون ضده. المصادر البارزة التي تحدثت معي لم تؤكد استخدامه لتعبير الانبطاح ضد قادة جهاز الامن. مشكوك أن تكون له الشجاعة لان يقول هذا امام رونين بار، يوآف غالنت وهرتسي هليفي. فقد كان هرتسي هليفي، الى جانب وزير الدفاع هو من كان يتعين عليه أن يقنع نتنياهو بان الدخول البري الى غزة هو واجب الواقع، وانه لن ينتهي بـ “الاف القتلى” للجيش الإسرائيلي في الأشهر الأولى، مثلما توقع نتنياهو القلق. وكان جهاز رونين بار هو الذي يجلب المعلومات والقدرات التي تؤدي الى تصفيات مثل تصفية محمد ضيف.

بعامة، في تاريخ إسرائيل لم تكن سلسلة تصفيات ناجحة لشخصيات إرهابية مثلما في تموز 2024.  ضغط عسكري؟ أي ضغط عسكري سيكون اكثر حدة من ذاك الذي تمارسه إسرائيل منذ شهرين. رجال رئيس الوزراء سيردون: لو كان استجاب للضغوط من أجل الصفقة، ما كان شهر تموز ليحصل. كل هذه التصفيات ما كانت لتخرج الى حيز التنفيذ. حسنا، لنفترض ان هذا صحيح، سيرد قادة جهاز الامن. اليس واضحا ان كل هؤلاء المخربين كنا سنصفيهم بعد شهر – شهرين؟ أهذا يستحق المخاطرة بحرب إقليمية وبموت كل المخطوفين؟

الصور التي تخيف نتنياهو

استنتاج معظم العاملين في المفاوضات هو أن نتنياهو على شفا تفويت لفرصة استراتيجية، ليس اقل. وبسبب سياسة شخصية ضيقة. ما هي الفرصة؟ إعادة المخطوفات والمخطوفين، الذين يموتون، يقتلون على ايدي حماس او بناء قواتنا. إعطاء حافز إقليمي لتبادل ضربات قصيرة الان، بخلاف التدهور الى حرب إقليمية شاملة. حماس مضروبة بمستوى ما بحيث أن حزب الله وايران يفهمان بانه من الصعب انقاذها – في القطاع على الأقل. بالتوازي مع الصفقة، الوصول الى تسوية في الشمال، بحيث يبقى حزب الله بعيدا عن الحدود، تنزل قوة دولية موسعة الى الجنوب، ويكون ممكنا إعادة اللاجئين الإسرائيليين الى دياهم. كل هذا لقاء اتفاق المقابل الأهم فيه هو إعادة سجناء. ليس اكثر من هذا.

ليس دقيقا، كما ينبغي أن نقول. بالنسبة لنتنياهو ما هي الصورة الأصعب من صفقة المخطوفين في هذه اللحظة؟ عودة نحو مليون فلسطيني شمالا، صورة عودة. اليمين المتطرف، وحتى غير المتطرف كثيرا، استطاب فكرة ان يكون الابعاد من شمال غزة الى الابد. نتنياهو لم تكن له هذه الفكرة ابدا. اما الان فهو يخاف كسرها.

هذا قلق عابث. نتنياهو يمكنه منذ اليوم أن يقول انه دخل رفح بخلاف إرادة العالم، قاد تصفية قادة منظمات الإرهاب والان يعيد المخطوفين، بينما يحتفظ بالقدرة على استئناف الحرب. بوم: ها هو كتاب من البيت الأبيض يجسد ذلك. ماذا يمكن أن يكون أفضل من هذا، سياسيا.

في بداية الحرب كانت لحظة واحدة اثارت جدا انفعال عائلات المخطوفين. كان هذا لقاء مع رئيس شاس آريه درعي. في مرحلة معينة، نهض وبعيون دامعة قال لهم انه يتعهد بكل شيء وان لهم كلمته بانه اذا كانت صفقة على الطاولة فانه سيحرص على أن تتحقق. فلا داع لان يقلقوا او ان يمنع نتنياهو هذا وانه هو درعي، مسؤول. وهذا هو أمل جهاز الامن وعائلات المخطوفين حاليا. ان يتوجه آريه درعي لرئيس الوزراء ويقول له انتهت اللعبة. لرئيس شاس فرصة للايفاء بكلمته وفداء الاسرى. يوجد أناس يمكن أن يكونوا في السياسة لعشرات السنين بدون فرصة كهذه. ان ينقذوا الكثيرون جدا بثمن بخس كهذا.

محافل مشاركة في المفاوضات تقول لي هكذا. يحتمل ان تكون المكالمة القاسية مع بايدن، الحديث الاقسى مع قادة جهاز الامن، نجح. بزعمهم نتنياهو أمر بان يعاد الى الوسطاء رد إيجابي أكثر، إيجابي حقا. رد يتيح مجال مناورة أوسع. وان الاختراق يوجد خلف الزاوية. وانهم الان ينتظرون نعم أخيرة من حماس. “عندما يسير المرء بتذبذب يخيل أحيانا ان هذا سير مستقيم الى الامام”، اجابني مصدر آخر، خبير جدا. “بدون ضغط هذا لن ينجح مع بيبي”.

——————————————–

 هآرتس 5/8/2024

ايران لن تتراجع وإسرائيل ستواجه تحديا أكبر من تحدي نيسان

بقلم: عاموس هرئيلِ

الولايات المتحدة تواصل اعطاء اشارات بأنها ستقف الى جانب اسرائيل، قبيل تنفيذ تهديدات الثأر لايران وحزب الله في اعقاب عمليات الاغتيال الاخيرة. محادثة بايدن – نتنياهو الاخيرة رغم الاجواء الصعبة بينهما تضمنت تعهد امريكي بمساعدة اسرائيل في الدفاع عن نفسها امام هجوم الصواريخ والمسيرات المتوقع. الامريكيون يواصلون تعزيز قواتهم في الشرق الاوسط، واليوم يتوقع أن يصل الى البلاد الجنرال مايكل كوريلا، قائد المنطقة الوسطى في قيادة الجيش الامريكي، لتنسيق استمرار الاستعدادات.

في جهاز الامن يقدرون أن ايران وحزب الله ومنظمات اخرى في المحور الاقليمي الذي تقوده ايران لن يتراجعوا عن تنفيذ تهديدات الانتقام، وأن الامر يتوقع أن يحدث قريبا. لا يوجد أي تغيير في تقدير الاستخبارات الاصلي الذي يقول بأن ايران وحزب الله غير معنيين الآن بحرب شاملة في الشرق الاوسط. مع ذلك، الخوف هو من أن تبادل اللكمات بين الطرفين، هجوم لايران ورد اسرائيل، ومرة اخرى، لا سمح الله، سيؤدي الى موجة تصعيد سيكون من الصعب وقفها. مصادر امنية قدرت بأن الهجوم سيركز على مواقع عسكرية وامنية في شمال البلاد وفي المركز.

رئيس حزب الله، حسن نصر الله، هدد مؤخرا عدة مرات بمهاجمة تل ابيب اذا هاجمت اسرائيل بيروت. تصعب رؤيته وهو يتراجع عن هذه النية الآن. في المقابل، ربما حزب الله سيبدي الحذر بخصوص مهاجمة مواقع استراتيجية للبنى التحتية في اسرائيل، مثل حقول الغاز في البحر المتوسط. البنية التحتية للطاقة في لبنان مكشوفة جدا للهجمات، وفي حزب الله يعرفون أنه بقصف جوي صغير نسبيا فان اسرائيل تستطيع شل قطاع الكهرباء في لبنان لفترة طويلة.

في منتصف نيسان هذه السنة اطلقت ايران والمليشيات الشيعية في العراق اكثر من 300 صاروخ ومسيرة نحو اسرائيل بعد اتهامها باغتيال جنرال في حرس الثورة في مبنى السفارة الايرانية في دمشق. على الاغلب الهجمات تم توجيهها لقاعدة سلاح الجو نفاتيم وقد تم احباطها بنجاح من قبل تحالف دولي شمل اسرائيل ودول غربية، وحسب وسائل الاعلام الاجنبية ايضا عدد من الدول العربية السنية. في الهجوم أصيبت طفلة اسرائيلية باصابة بالغة بشظايا صاروخ قرب نفاتيم.

في الجولة السابقة امتنع حزب الله عن الانضمام للهجوم. في هذه المرة هناك تهديدات من حزب الله، الى جانب تهديدات الحوثيين في اليمن، بالمشاركة في الهجوم. المعنى هو أن اسرائيل ستتم مهاجمتها كما يبدو من كل الجهات، وجزء من النيران سيأتي من لبنان، الساحة القريبة نسبيا، ودولة يوجد فيها عدد كبير من الصواريخ والقذائف والمسيرات التي بعضها دقيق. لذلك، تركيز منظومة الدفاع الجوي وطائرات الاعتراض يتوقع أن يواجه تحد اصعب من التحدي في نيسان.

رغم التهديدات القاطعة لمتحدثين اسرائيليين رسميين فانه من الواضح أن طبيعة رد اسرائيل ستكون مرهونة ايضا بنجاح هجوم ايران. دمار كبير، لا سيما وجود مصابين، سيؤثر على قرار اتخاذ رد اسرائيلي شديد. في نيسان اسرائيل اكتفت بهجوم مركز من الجو على موقع امني في ايران. بعد ذلك نشر أنه في هذا الهجوم تم تدمير عنصر حيوي في بطاريات الدفاع الجوية “اس 300” التي تستخدم للدفاع عن المنشآت النووية.

تجند واحباط

هذه هي المرة الثالثة التي تتجند فيها امريكا للدفاع عن اسرائيل منذ بداية الحرب. في الاسبوع الاول للحرب، في تشرين الاول العام الماضي، هدد الرئيس الامريكي ايران من أن لا تنضم لهجمات حماس وارسل قوات مهمات على رأسها حاملات طائرات الى البحر المتوسط والبحر الاحمر. المرة الثانية كانت اثناء الهجوم الايراني في شهر نيسان.

حسب المنشورات في وسائل الاعلام الاسرائيلية والاجنبية فان بايدن قال في الاسبوع الماضي لرئيس الحكومة نتنياهو بأن بلاده ستساعد اسرائيل في الدفاع عن نفسها من الهجوم المتوقع ايضا في هذه المرة. مع ذلك، نشر بأن بايدن يعتقد أن نتنياهو فاقم الازمة الاقليمية بقرار اغتيال قائد كبير في حماس، اسماعيل هنية، في طهران بعد بضع ساعات من اغتيال في بيروت القيادي الكبير في حزب الله، فؤاد شكر (اسرائيل تحملت المسؤولية عن اغتيال شكر، لكنها لم ترد رسميا على الادعاءات حول مسؤوليتها عن اغتيال هنية).  وقوف امريكا وراء اسرائيل هو ايضا اشارة لايران من اجل كبح ردها وعدم المخاطرة بخطوات تضعها في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وقدراتها العسكرية.

إن خيبة أمل بايدن تضاف الى غضبه من نتنياهو بسبب تأخير صفقة المخطوفين. مصادر امريكية قالت إن الرئيس الامريكي غاضب لأن نتنياهو يكذب عليه بشأن المخطوفين، وأنه فعليا غير معني على الاطلاق بتنفيذ هذه الصفقة. رئيس الحكومة نفسه قال إنه يريد الدفع قدما بالصفقة، لكنه يضع شروط قاسية جدا امام حماس، تتركز في الحفاظ على تواجد اسرائيل في ممر نيتساريم ومحور فيلادلفيا، هذا خلافا لمواقف كبار جهاز الامن الذين يعتقدون أن اسرائيل يجب عليها التنازل عن هذه الطلبات من اجل التوصل الى الصفقة وانقاذ حياة المخطوفين الذين ما زالوا على قيد الحياة، الـ 115 مخطوف المحتجزين في القطاع، والذين يقدرون أن اكثر من نصفهم ماتوا في اسر حماس أو انهم قتلوا في 7 تشرين الاول أو تم اختطاف جثامينهم الى القطاع.

كلما طالت الحرب (بعد غد ستكون مرت عشرة اشهر على المذبحة التي نفذتها حماس في غلاف غزة)، فانه من الواضح أنه تحدث هنا امور متوازية. الاول، المواجهة العسكرية مع حماس، التي انزلقت الى حزب الله والحوثيين الذين انضموا الى الهجمات من القطاع، وتهدد بأن تدمج ايضا وبشكل اكبر ايران. الثاني، صراع البقاء الشخصي لنتنياهو مع التمسك بالحكم ومحاولة ابطاء، وحتى افشال الاجراءات الجنائية في محاكمته. حاجة رئيس الحكومة الى البقاء في الحكم تعرضه الآن لمواجهة شديدة مع جهاز الامن في اسرائيل ومع الادارة الامريكية، الذين يختلفون معه حول طريقة عمله ويعتقدون أنه يفوت بشكل متعمد فرصة عقد صفقة التبادل.

——————————————–

هآرتس 5/8/2024

“عنصر الإهانة” يحرك ايران وهو غير متوقع

بقلم: تسفي برئيل

“اذا كنت تعلمت أي شيء اثناء الكتابة عن الشؤون الدولية فهو أنه اذا كانت هناك قوة، الأقل تقديرا في العلاقات الدولية، فهي الاهانة”، كتب توماس فريدمان في 2003 في مقال بعنوان “عنصر الاهانة”، الذي اقتبس فيه رئيس حكومة ماليزيا في حينه مهاتير محمد، الذي قال في رد على الحرب في العراق ضمن امور اخرى: “الرد الوحيد لدينا هو أن نصبح أكثر غضبا. الاشخاص الغاضبون لا يمكنهم التفكير كما يجب”.

اسرائيل، ايران وحزب الله، وجدوا انفسهم الآن في حرب اهانة، التي يمكن أن تجعلهم “لا يفكرون كما هو مطلوب”. المخابرات مهما كانت ممتازة، يمكنها العثور على غرفة وسيارة المرشح للتصفية، والحصول على معلومات دقيقة في الوقت الحقيقي عن حركته، وأن تجند عملاء لتنفيذ الاغتيال أو اطلاق صاروخ دقيق يصل الى غرفة النوم. ولكن حتى الآن المخابرات لم تنجح، الاسرائيلية والامريكية، في تحديد كيف ومتى سترد ايران وحزب الله على عمليات الاغتيال التي “اعادت لاسرائيل كرامتها”.

اضافة الى ذلك اذا كان من المتوقع اضافة الى عمليات الاغتيال قيمة مضافة على شكل الردع، فان مجرد الخشية من الرد يدل على أن الردع لم يتحقق، ربما العكس. لا يمكن الفصل بين اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنية، في ايران، وبين رزمة التهديدات الاستراتيجية المرتبطة به، التي تجعل اسرائيل تقوم بقضم الاظافر بانتظار قرار طهران. في السابق كان هناك عدة فرص لاغتيال هنية. حسب تقرير نشر في صحيفة “التلغراف” البريطانية اغتيال هنية تم التخطيط له في شهر أيار اثناء مشاركته في جنازة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي، الذي قتل في حادثة المروحية. ولكن بسبب الخوف من المس بعدد كبير من المدنيين تم الغاء العملية.

اذا كان هذا التقرير صحيح واذا كانت توجد نية لتنفيذ عملية الاغتيال في احتفال وطني، جنازة الرئيس، فان عملية الاغتيال الناجحة، رغم أن اسرائيل لم تتحمل المسؤولية عنها، تشير الى أن النية لم تكن فقط ازاحة عدو قاتل من العالم، بل ربما ايضا وقبل أي شيء آخر تحصيل دين كرامة آخر من ايران مقابل الاهانة الكبيرة التي تعرضت لها اسرائيل في هجوم الصواريخ والمسيرات في نيسان، حتى لو كانت اضراره الفعلية ضئيلة.

مقابل “معادلة الرد”، التي تطورت بين اسرائيل وحزب الله، التي ما زالت تملي حدود الرد للمواجهة العنيفة وعمقها وحجمها، فان “معادلة الاهانة” لا يمكن توقعها. لأنه كما قال رئيس الحكومة في ماليزيا بأن “الاشخاص الغاضبين لا يفكرون كما هو مطلوب”. كل محاولة لتحديد بشكل منطقي المعايير التي في اطارها يجري الحوار العسكري المتوقع بين ايران واسرائيل فانه يصعب جدا تحديد حجم تأثير وقوة “عنصر الاهانة”، ليس فقط المتعلق بايران، بل ايضا الذي سيملي رد اسرائيل المتوقع على هجوم ايران.

إن اغتيال اسماعيل هنية عمل على تحريك عدة انفجارات تلقائية، التي يبدو أنه لم يعد بالامكان السيطرة عليها ومراقبتها. للوهلة الاولى هي لم تعد متعلقة بالاتفاق مع يحيى السنوار حول اطلاق سراح المخطوفين، الذي يبدو أنه لم يعد موجود اذا حكمنا على الامور حسب الاقتباسات التي نشرت في “كان 11″ و”اخبار 12” من اللقاء بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورؤساء جهاز الأمن والاستخبارات. غزة والمخطوفين فيها اصبحوا قضية ثانوية، اذا لم تكن هامشية، وضرر عرضي للحرب “الكبرى” التي بدأت في الوصول الى نقطة الغليان. مهم فقط معرفة اذا كان رؤساء جهاز الامن، الذين طلبوا من نتنياهو القول بشكل صريح اذا كان ما يزال معني بصفقة التبادل، قد عبروا من قبل عن موقف حازم كهذا ضد عملية اغتيال هنية، الذي مع ذهابه ستتبخر ايضا احتمالية عقد الصفقة. أو أن الفرصة العملياتية والاستخبارية وضعت غشاء على عيونهم وليمت المخطوفون. الرد البليغ لايران على اغتيال هنية يشير الى تغيير جوهري في خطة ايران الاستراتيجية التي تستند الى تأسيس نفس “حلقة النار” التي يمكن أن تحميها من هجوم مباشر في الوقت الذي تشعل فيه البؤر الاقليمية والمحلية. صحيح أن ايران قد تجاوزت في نيسان “حلقة النار” عندما قامت بمهاجمة اسرائيل مباشرة ووضعت نفسها كهدف رئيسي، ولكن في حينه ايران اعتبرت الرد لمرة واحدة، رد لا يسعى الى اشعال الحرب الشاملة.

الافتراض الذي يوجه منظومات الدفاع والهجوم الاسرائيلية والامريكية هو أنه ايضا في هذه المرة ايران ستهاجم، هي ووكلاءها، اهداف في اسرائيل. ولكن قوة التهديد اللفظية تفسر كاستعداد ايران لتوسيع دائرة القتال. ولكن في الطريق الى اطلاق الصواريخ والمسيرات على اسرائيل، ورغم قوة الاهانة، إلا أن ايران ملزمة بفحص بشكل عقلاني الثمن الذي يمكن لهجوم كهذا أن تدفعه. أي أنه كيف يجب عليها الرد بدون أن تنتحر، أو أن تفقد مواردها الاستراتيجية، وبدون المس بنجاعة وكلائها وقوة “حلقة النار”، التي ستستخدمها في المستقبل، لأنه قبل المهمة المخصصة لكل فرع في الرد على اسرائيل، فان له دور رئيسي في الدولة التي يعمل فيها. مثلا، المليشيات الشيعية في العراق ليست فقط ذراع عسكري مسلح يستهدف الاهداف الامريكية والاسرائيلية. والمليشيات غير المتماثلة تعمل في اطار وزارة الدفاع العراقية ويتم تمويلها من ميزانية الدفاع في الدولة. ولكونها قوة عسكرية موازية في الدولة فانها تخدم زعماء سياسيين من الشيعة وتعطيهم القوة السياسية الزائدة ومن خلالهم تعطي القوة لطهران. الحاجة الى الحفاظ على هذه المليشيات جعلت الزعيم الاعلى الايراني علي خامنئي يرسل في شباط قائد “قوة القدس” في حرس الثورة، اسماعيل قاءاني، الى بغداد من اجل أن يأمر رؤساء المليشيات بالتوقف عن مهاجمة الاهداف الامريكية بعد أن تسبب الهجوم على قاعدة امريكية في الاردن بهجوم شديد على قواعدهم.

بشكل مشابه فان ايران قامت حتى الآن بتنسيق نشاطات حزب الله، الذي اهميته على اعتبار أنه المدافع عن مصالح ايران في لبنان وفي سوريا، تغلبت حتى الآن على أي اعتبار آخر. ربما أن الحوثيين استثناء في هذا النسيج، لأنهم ليسوا تنظيم داخل دولة، بل هم الدولة نفسها، أو على الاقل الجزء من اليمن الذي احتلوه في 2014. في بداية طريقهم ايران لم تعتبرهم ذراع عملياتي لها، بل هي نصحتهم بعدم احتلال اليمن. التطورات في الميدان هي التي جعلت الحوثيين، غير المحسوبين على التيار الارثوذكسي، فرع آخر مستوى امتثاله للتعليمات من ايران غير تلقائي. ايران ملزمة بناء على ذلك بفحص جيدا التداعيات التي ستكون للهجوم على اسرائيل ايضا حسب رد اسرائيل وامريكا المتوقع في كل دولة من هذه الدول، لا سيما في لبنان وفي العراق.

حتى قبل ضرورة الدفاع عن مكانة وكلائها ومنع وضع فيه يستدعي هجوم صارخ ضد اسرائيل رد يهز مكانتها ويضعف نفوذ ايران في هذه الدول، ايران تدرك بشكل جيد بنك الاهداف الحساس الموجود لديها. الحديث لا يدور فقط عن المنشآت النووية التي يمكن أن تكون اهداف، بل ايضا المس بأهداف سهلة مثل الموانيء وقواعد حرس الثورة التي تم زرعها على طول الخليج الفارسي وآبار النفط وحقوق الغاز ومنشآت انتاجها والمصانع المدنية التي يسيطر على معظمها حرس الثورة، كل ذلك يمكن أن يجبي من ايران ثمن سياسي واقتصادي باهظ. وما لا يقل عن ذلك اهمية هو التشويش الذي يمكن لمثل هذه الحرب أن تسببه لتوجه ايران الاستراتيجي والاقليمي، التي تطمح في السنوات الاخيرة الى تحسين علاقاتها مع الدول العربية في المنطقة.

عندما قامت ايران بالاعداد للرد على اغتيال محمد رضا زاهدي في نيسان فقد عملت على ابلاغ مسبقا جميع الدول ذات العلاقة، من بينها جيرانها العرب والولايات المتحدة. بعد الهجوم اوضحت بأن هذا كان “رد محسوب”، أي أنه رد حسب رأيها يقتضي الرد من اسرائيل. في هذه المرة التصريحات العلنية تتحدث عن رد أكثر شدة وعن “عقاب لن تنساه اسرائيل”. ولكن مثل هذه الحرب، التي حذرت ايران منها خلال اشهر الحرب العشرة، يمكن أن تزيد الشعور بتهديد ايران لدول الخليج، بالذات بعد أن وضع الرئيس الايراني الجديد. مسعود بزشكيان، هدفا اساسيا له وهو ترسيخ العلاقات مع جيران ايران.

في العام 2013 أوجد خامنئي مفهوم “مرونة بطولية” عندما شرح لماذا يؤيد المفاوضات حول الاتفاق النووي. “أنا لست ضد الخطوات الدبلوماسية الصحيحة. أنا اؤمن بما سمي قبل سنوات “مرونة بطولية”. في ظروف معينة هذا يعتبر أمر ايجابي وحيوي”، قال واضاف. “المصارع يظهر احيانا المرونة لاسباب تقنية، لكن يجب عليه أن لا ينسى من هو خصمه وعدوه”. في 2023، في لقاء مع جهات رفيعة في وزارة الخارجية في ايران حلل خامنئي مفهوم المرونة الى عوامله عندما قال إن “المرونة تعني تصور الحفاظ على مصالح الدولة. ولكن هذا لا يعني نسيان المباديء، مثل الحفاظ على المصالح، والنفعية التي تعني بأنه يجب ايجاد طريقة للتغلب على العوائق الصعبة من اجل مواصلة المسار حتى تحقيق الهدف”.

بمفاهيم السياسة الواقعية فان كل الاعتبارات التي يجب على ايران أخذها في الحسبان يمكن أن تملي “رد متناسب”، في نفس اطار “المرونة البطولية”. ولكن في داخلها يندمج ويختفي الآن نفس العامل المدمر الذي وصفه فريدمان بأنه “القوة الاقل تقديرا في العلاقات الدولية”. عنصر الاهانة، الذي امامه، كما تعرف اسرائيل جيدا، تتلاشى الاعتبارات العقلانية.

——————————————–

هآرتس: هآرتس 5/8/2024

بوسع نتنياهو منع حرب إقليمية وليس عليه الا أن يوافق على صفقة مع حماس

بقلم: جاكي خوري

التأهب والترقب قبل الاشتعال الاقليمي اصبح يُشعر به منذ بضعة ايام في كل ارجاء الشرق الاوسط. فوق كل الاسئلة “التقنية” (هل ايران ستهاجم اسرائيل بنفسها أو أنها ستكتفي بمبعوثيها؟ ما هي الاهداف التي ستتم مهاجمتها؟) يحلق في الصالونات في البيوت وفي الاستوديوهات سؤال هل ستندلع في المنطقة حرب شاملة؟.

التخوف كبير، ويرفع معه سيناريوهات مخيفة. هناك ايضا أمر غير واضح لا يوجد لأحد اجابة قاطعة عليه. تحذيرات الحملة ودعوات دول لمواطنيها بمغادرة المنطقة، اضافة الى اعلان شركات طيران عن الغاء رحلاتها. الشرق الاوسط يوجد على برميل كبير للمتفجرات وينتظر. منذ قتل الـ 12 طفل وفتى بصاروخ في مجدل شمس  قبل اسبوع تقريبا، الذي اتهمت اسرائيل حزب الله باطلاقه، والمنطقة توجد في منحدر زلق. حادث بهذا الحجم أجبر اسرائيل على الرد، حتى لو كان الامر يتعلق بمنطقة غير معترف بها في الساحة الدولية كمنطقة توجد تحت سيادتها. اسرائيل ردت بصورة شديدة، اغتيال قائد كبير في حزب الله، فؤاد شكر، في قلب معقل الحزب في الضاحية الجنوبية في بيروت. ولكن في الوقت الذي يحاول فيه الجمهور استيعاب هذه الحادثة، جاءت عملية اغتيال اخرى، هذه المرة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنية، في طهران. منذ ذلك الحين اصبحت احتمالية اندلاع حرب واسعة واقعية. احتمالية أن ايران أو رعاياها لن يقوموا بالرد لم يتم طرحها في أي نقاش، والسؤال هو فقط كيف ومتى.

ولكن لدى شخص واحد توجد القوة لاخراج الصاعق من القنبلة الموقوتة، أو على الاقل تخفيف المواجهة المقتربة، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. فاذا اعلن بأن توجهه هو نحو الصفقة مع حماس، التي تضمن وقف اطلاق النار في القطاع واعادة المخطوفين، ودعا الى جلسة للحكومة في هذا الشأن ونقاش في الكنيست رغم العطلة الصيفية، فهو بذلك سيضمن هبوط فوري في حجم التوتر. هذا الاعلان لن يكون فيه أي خضوع لايران وحزب الله، وبالتأكيد ليس لحماس. حقيقة هي أن جميع رؤساء اجهزة الامن في اسرائيل وفي الولايات المتحدة وفي دول المنطقة، يؤيدون الصفقة. ايضا في الساحة العامة في اسرائيل توجد اغلبية لتأييد الصفقة، بدءا من عائلات المخطوفين ومن يؤيدونها وحتى المعارضة التي تضمن لنتنياهو شبكة امان من اسقاط حكومته على يد اعضاء اليمين المتطرف.

يوجد لنتنياهو حتى نوع من صور الانتصار، واحدة من بيروت مع تابوت فؤاد شكر، وواحدة من طهران مع تابوت اسماعيل هنية. واذا اراد صورة اخرى من غزة مع الاعلان عن الاغتيال الناجح للقائد الكبير في حماس محمد الضيف. صحيح أن الدمار الكبير في القطاع والقتل غير المعقول للمواطنين لا يشكل أي وزن لدى الجمهور في اسرائيل من اجل وقف الحرب، لكن يوجد لرئيس الحكومة ما يكفي من الذرائع من وجهة نظر اسرائيل كي يوافق على الصفقة.

صحيح أن ردود عسكرية على عمليات الاغتيال من قبل ايران وحزب الله هي أمر حقيقي. وصحيح ايضا أنه اثناء الحرب كانت في السابق ردود كهذه مرت بسلام نسبي. ولكن نتنياهو، الذي قبل هجوم ايران في نيسان اختار اخذ المخاطرة واعتمد على منظومة الدفاع الجوية بدعم من امريكا ودول في المنطقة، لا يمكنه الاعتماد على ذلك في هذه المرة. ولا أحد يمكنه ضمان نجاح مشابه، لا سيما عندما يتوقع أن يكون رد حزب الله شديد، أيضا الحوثيون كما يبدو سيدعمون الهجوم.

مع ذلك، الاعلان عن صفقة في القريب سيجبر ايران ومؤيديها على قياس ردودهم بحذر، حتى في بيروت وفي طهران توجد اسباب كثيرة لعدم تحطيم كل الأدوات وشن حرب، التي ايضا هناك لا يعرفون كيف ستكون نهايتها. احتمالية الرد والثأر ستواصل البقاء بالنسبة لهم على الطاولة، لكن الصفقة مع حماس التي ستؤدي الى وقف الحرب ستمكنهم من الرد بشكل محسوب وستمكن جميع الاطراف من استيعاب الحدث.

الحديث لا يدور عن مفاوضات حول اقتلاع المستوطنات واعادة مناطق أو اقامة الدولة الفلسطينية، بل الحديث يدور عن اعادة المخطوفين ووقف الحرب التي تستمر منذ عشرة اشهر تقريبا –امكانية منع اشتعال غير مسبوق في الشرق الاوسط. كل ما يجب قوله هو نعم للصفقة، وهذا الامر يتعلق بنتنياهو، الذي يجب عليه أن لا يتردد.

——————————————–

هآرتس/ ذي ماركر 5/8/2024

المستثمرون ينتظرون رد ايران. هذه هي السيناريوهات

المستثمرون في البورصة يراقبون بتأهب الرد على تصفية قائد حزب الله الكبير فؤاد شكر في لبنان، وقائد حماس الكبير اسماعيل هنية في طهران. معظم الخبراء في السوق يتفقون على السيناريو الاساسي، الذي هو السيناريو المعقول بالنسبة لهم، الذي بحسبه لن يؤدي رد ايران ورد حزب الله الى اشتعال وتصعيد متعدد الساحات.

هذا السيناريو الاساسي، الذي تتم مقارنته بـ “ليلة المسيرات” في منتصف شهر نيسان، التي فيها هجوم ايران ضد اسرائيل، الذي تم اعتراضه بشكل جزئي فشل في جزء آخر، لم يتسبب بأضرار كثيرة ولم يتسبب بتصعيد كبير في الوضع الامني.

في محادثة مع “ذي ماركر” شرح يونتان كاتس، الاقتصادي الرئيسي في بيت الاستثمار “ليدر”؛ ونوعام نيكش، مدير مشارك في صندوق “آي.ام.ايه”؛ ويوني بنينغ، استراتيجي الصفقة الرئيسي في غرفة التجارة لبنك مزراحي تفحوت – شرحوا الردود المحتملة للمستثمرين في السوق المالية في اسرائيل على ثلاثة سيناريوهات أمنية حول رد ايران وحزب الله على عمليات الاغتيال.

السيناريو الاساسي: الاستقرار:

في حين أنه في الولايات المتحدة العائدات انخفضت في الاسبوع الماضي، لا سيما في يوم الجمعة، بسبب البيانات الكلية الضعيفة التي عززت تقديرات خفض سعر الفائدة في ايلول، فان العائدات للسندات في اسرائيل ارتفعت منذ عمليات الاغتيال، لا سيما السندات طويلة الأجل، بسبب الخوف من اندلاع حرب اقليمية متعددة الساحات.

أمس عائدات السندات الاسرائيلية تحركت في نفس الاتجاه مثل السندات الامريكية في يوم الجمعة وانخفضت. العائدات على السندات الاسرائيلية في حوالي العشر سنوات انخفضت الى مستوى بلغ 4.8 في المئة.

يونتان كاتس من “ليدر” كتب في استعراض نشره بأن “اندماج الانخفاض الحاد في العائدات في الولايات المتحدة امام ارتفاع العائدات في اسرائيل يرفع الجاذبية على الآفاق بعيدة المدى”، في اشارة الى السندات الاسرائيلية الحكومية طويلة الأجل (خمس سنوات واكثر).

“بشكل عام عندما ترد الاسواق من خلال عدم اليقين، وحتى من خلال درجة كبيرة من الذعر، وتبدأ في تسعير سيناريو سلبي فانه تزداد الامكانية الكامنة لكسب الاموال، اذا لم يتحقق هذا السيناريو السلبي. بالطبع يوجد في كل سيناريو درجة كبيرة من عدم اليقين في هذه المرحلة. في السيناريو السلبي الاكثر تطرفا، أي أن نكون في حرب وجودية امام ايران لسنوات كثيرة وربما لن نبقى على قيد الحياة. ولكن هذا ليس السيناريو الاساسي.

“السيناريو الاساسي هو أنه ينتظرنا حدث يشبه الهجوم على اسرائيل من قبل الحوثيين في نيسان، هجوم كان مهم جدا، ولكن الاسواق لم تنفعل منه كثيرا (يبدو ذلك بسبب الضرر المنخفض نسبيا ونجاح الاعتراض).

“في التطرق للسيناريو الذي يبدو فيه رد من جانب ايران، الذي لن يغير قواعد اللعب، فان ثمن المخاطرة الذي يتجسد الآن في العائدات على السندات الاسرائيلية بأجل عشر سنوات، مرتفع جدا. بشكل عام في السيناريو الاساسي الذي وصف اعلاه، عندما ننظر الى الوضع الاقتصادي والمالي وقدرة اسرائيل على تسديد الديون، فان ارتفاع العائدات ليس له ما يبرره”.

حسب كاتس فان انتظار رد ايران وحزب الله يجعل جزء من المستهلكين يبقون في البيوت. وهو يقدر بأن الضرر سيكون بالاساس في استهلاك الخدمات، مثلا، الاستجمام والمطاعم. المشكلة حسب قوله هي أنه “كلما كان الانتظار اطول فان الضرر في النشاطات الواقعية والاستهلاك الشخصي، ونتيجة لذلك المدخولات من الضرائب، سيكون اكبر. هذا الضرر سيؤثر على مداخيل الدولة والعجز”. وقال بأنه بعد تصفية القائد الكبير في “قوة القدس” في حرس الثورة الايراني، حسن مهداوي، انتظرت ايران تقريبا اسبوعين الى أن قامت بمهاجمة اسرائيل بالصواريخ المجنحة والمسيرات بواسطة الحوثيين.

وحسب قوله اذا كان الانتظار قصير والهجوم كان قابل للاستيعاب مثلما كان الامر في هجوم نيسان فان الاسرائيليين سيعوضون فترة البقاء في البيوت باستهلاك متزايد. هكذا هو يقترح بأن بيانات الاستهلاك على مستوى الربع أو السنة ستكون اكثر ايجابية مما هي على مستوى الشهر، التي تتعرض للتذبذب بسبب الخوف الامني. خلال ذلك فان مغادرة مطار بن غوريون من قبل شركات طيران اجنبية ستؤدي الى أن المزيد من الاسرائيليين سيبقون في البلاد وسيستهلكون داخل حدود اسرائيل، الامر الذي سيساهم في زيادة مدخولات الدولة.

السيناريو المتوسط: التصحيح

بالنسبة لنوعام نيكش فان السيناريو الاساسي يشبه السيناريو الذي وصفه كاتس. وبدلا من ذلك هو يطرح امكانية أن تقوم ايران بمهاجمة سفارات اسرائيل في العالم كبديل عن الهجوم الجوي ضد اسرائيل.

في محادثة مع نيكش تم طرح سيناريو فيه بما يشبه الحرب في تشرين الاول، تهاجم اسرائيل من الجو في كل ارجاء البلاد خلال شهر كامل، وتسمع صفارات الانذار والاسرائيليون سيبقون في البيوت، وعدد من المصانع ستتلقى ضربات، ولكن لن يكون ضرر جوهري للبنى التحتية والمكاتب والمجمعات التجارية. حسب نيكش هذا الوصف منطقي لكونه سيناريو مؤقت، لكن كما قلنا هذا ليس السيناريو الاساسي بالنسبة له.

“أنا في السوق المالية منذ 25 سنة. في أحداث سابقة شاهدنا انخفاض حاد في البداية، وبعد الذعر في البورصة اجرينا التصحيح من الاعلى، وهكذا اتوقع ان يحدث في هذه المرة اذا تحقق السيناريو المتوسط. رفع التهديد بعد انتهاء شهر على الهجمات على اسرائيل، الى جانب حقيقة أنه منذ الآن السوق في اسرائيل رخيصة، سيؤدي الى ارتفاعات فيما بعد، شبيها بما حدث في حرب لبنان الثانية.

العائدات على السندات الحكومية في نهاية نفس الشهر ستكون أقل مما كانت عليه قبل الهجوم، لأن المستثمرين سيرون أن اسرائيل ستنطلق في طريق جديدة، أيضا سعر الدولار سيكون أقل مما كان عليه قبل الهجوم. هذا السيناريو المؤقت يتم تسعيره الآن فقط جزئيا بأسعار السوق المحلية، وفيما يتعلق بالسيناريوهات الاكثر خطورة التي يتم تسعيرها في السوق ايضا فانه يعتبر سيناريو متفائل.

السيناريو المتطرف: التشويش

يوني بنينغ من بنك مزراحي تفحوت يرى بصورة مشابهة السيناريو الاساسي لرد ايران وحزب الله. ولكن حسب رأيه فان مستوى الاسعار الآن في بورصة تل ابيب يعكس توقع سيناريو متوسط اكثر خطورة. بالنسبة له فانه في مثل هذا السيناريو ايران ستهاجم اسرائيل بواسطة حزب الله من اراضي لبنان، والتركيز لن يكون المس بالارواح بل الاضرار بالبنى التحتية.

“عدد الصواريخ بعيدة المدى لدى حزب الله غير كبير، وقدرة اسرائيل على اعتراضها مرتفعة. حزب الله يدرك أن القدرة على قتل عدد كبير من الاسرائيليين بواسطة الصواريخ ليست كبيرة، لذلك فانه تدرب على الجدار وخطط لاقتحام اسرائيل. في حرب لبنان الثانية شاهدنا قدرته على تنفيذ هجمات ارهابية ناجعة، على مدى بعيد هي قدرة محدودة، لذلك، هم سيرغبون في التركيز على تشويش البنى التحتية في دولة اسرائيل”.

حسب علمي، حتى الآن شركات التأمين لم تقم بتخصيص مخصصات أو تجميد رؤوس الاموال وفقا لهذا السيناريو المتطرف. في هذا السيناريو المتطرف، رغم احتياطي بنك اسرائيل الكبير من العملة الاجنبية، التي يمكن أن تعوض ضعف الشيكل، فان سعر الدولار سيقفز الى اكثر من اربعة شواقل.

——————————————–

 هآرتس 5/8/202

صناعة الأكاذيب في زمن نتنياهو

بقلم: أسرة التحرير

في جلسة الحكومة التي انعقدت بعد الاقتحامات لقواعد الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي، شبه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاقتحامات بإغلاقات الطرق في كابلان.

فاقتحام مشاغبي اليمين المتطرف قواعد الجيش – بمشاركة فاعلة من أعضاء في الائتلاف وبإسناد كامل من آخرين بمن فيهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير – أصبح على لسان نتنياهو تماثلاً كاذباً آخر بين “المتطرفين من الطرفين”.

لكن هذا التماثل الملفق يخدم كذبة أكبر بكثير، يعمل على نشرها نتنياهو وكل أذرع الدعاية للأخطبوط البيبي منذ 7 أكتوبر.

كذبة تستهدف نفض المسؤولية عن الكارثة الأكبر في تاريخ دولة إسرائيل عن الحكومة ورئيسها في الـ 15 سنة الأخيرة (باستثناء سنة ونصف).

وهكذا تدعي فرية الدم: قادة الجيش، المستشارة القانونية للحكومة، محكمة العدل العليا، وزير الدفاع يوآف غالانت، احتجاج كابلان، “إخوة السلاح”، إيهود باراك، شيكما برسلر وكل من يتماثل مع المعارضة للانقلاب النظامي – هم المذنبون الحقيقيون في مذبحة 7 أكتوبر.

قلب الكذابون من اليمين البيبي الأمور رأساً على عقب وليس لأول مرة.

ليست الحكومة هي المذنبة في وضع الدولة، بل المواطنون الذين يحتجون ضدها.

ليس من روجوا لانقلاب نظامي يقوض أساساً الديمقراطية في إسرائيل هم المذنبون في هز الدولة، بل مئات آلاف الأشخاص – من اليمين، من الوسط ومن اليسار – الذين انطلاقا من إحساس المسؤولية خرجوا إلى الشوارع كي يمنعوا الحكم من أن يمس بالديمقراطية.

ليس من تجاهلوا، عادوا وتجاهلوا، تحذيرات جهاز الأمن من التهديدات – بما في ذلك التحذير العلني والمباشر لوزير الدفاع (والذي في أعقابه حاول نتنياهو حتى أن يقيله) – بل من أخطروا وحذروا ومرة أخرى ومرة أخرى حذروا.

بدلاً من أن يستقيلوا كل واحد وواحدة منهم ونتنياهو على رأسهم منذ ليلة 7 أكتوبر، وبدلاً من أن يبتعدوا عن عين الجمهور لباقي حياتهم ويتركوا للأخرين إصلاح الكارثة التي جلبوها على إسرائيل بعيون مفتوحة – سعوا لأن يؤخروا لجنة التحقيق إلى “اليوم التالي” إذ على حد قول نتنياهو: “هذا ليس وقتها”.

في الوقت الذي نجحوا في كسبه استخدم نتنياهو وآلة الكذب خاصته “نعم معاً ننتصر” الزائف و”الصمت، نطلق النار” كي يثبتوا الكذبة، وينشروها في كل صوب ويغرسوها في وعي الجمهور وفي الخطاب العام.

بدلاً من أن يأخذوا على عاتقهم المسؤولية عن الكارثة، استغلوا كل دقيقة كي يرسموا علامة “إكس” على ظهر الشخصيات بفرية الدم التي هم أنفسهم نسجوها.

كذبهم يجب أن يضاء بالكشافات والإيضاح لهم أن هذا لن يمر بصمت: الإيضاح لهم أن هذه الأكاذيب ستلتقي في الشوارع بالاحتجاج بقوة لم يروها حتى الآن.

كل البراغي الصغيرة التي في المنظومة لن تنسي نتنياهو الحقيقة: أنت الرأس، أنت المذنب.

——————————————–

إسرائيل اليوم 5/8/2024

سفراء دول عربية محذرين “حزب الله”: سيدمرون “الضاحية” دفعة واحدة

بقلم: مجدي حلبي

في الوقت الذي ينتظر فيه الإسرائيليون رد حزب الله وإيران بعد تصفية شكر وهنية، ثمة رسائل عديدة تمر للعنوانين آنفي الذكر. رسائل علنية في شكل حاملة طائرات نووية أمريكية قرب مضائق هرمز، وعدد كبير من البوارج والسفن الحربية والقاذفات الأمريكية التي وصلت إلى المنطقة. كما أن وصول الجنرال كوريلا، قائد المنطقة الوسطى الأمريكية في الشرق الأوسط، يعد رسالة مدوية.

رسائل عبر مدن عديدة نقلت، وزراء خارجية أوروبيون وصلوا إلى بيروت محذرين من القادم، وإلى جانبهم سفراء من دول عربية سلموا حزب الله معلومات مقلقة جداً عن رد إسرائيلي محذرين من تدمير الضاحية بالصواريخ دفعة واحدة وليس في تسعة أشهر مثلما حصل في غزة، بزعم المحافل التي تحدثت معها في الأيام الأخيرة.

مسؤول كبير من دولة عربية، ليس لإسرائيل علاقات دبلوماسية معها، زار بيروت في اليومين الأخيرين، قال إن حزب الله يفكر في رده على تصفية مسؤوله الكبير، لكنه يجري أيضاً حسابات حول رد إسرائيل إذا ما تجاوز خطوطاً حمراء. وبزعم المسؤول، رسم الإسرائيليون خطاً أحمر، هو المس ببنى تحتية مدنية وبمبان مدنية في كل أرجاء إسرائيل. ووصلت المعلومة إلى آذان أصحاب القرار في طهران وبيروت، وتجرى الآن مداولات عديدة حول الموضوع. لكن في المكانين، يشددون بأن لهم واجب الرد على ما يسمونه “العدوان الصهيوني”، من جهة، وعدم التوسيع إلى حرب إقليمية من جهة أخرى.

تدرك إسرائيل بأن لا إيران ولا حزب الله سيمران مرور الكرام على التصفيات، وأن على إسرائيل احتواء الرد بهذا الشكل أو ذاك، إذ ليس لدى إسرائيل اليوم قدرة على الدخول إلى حرب شاملة في المنطقة ضد حزب الله في لبنان وضد إيران ووكلائها. حرب كهذه ستجبي ثمناً باهظاً وستلزم إسرائيل بأن ترد بشكل قاس، وعندها سيفوت الأوان – هكذا حسب أقوال مسؤول كبير في جهاز الأمن.

إن من يبذل معظم الجهود لمنع الحرب هم أناس الرئيس بايدن الذين “ينالون” من جانب الدوائر المقربة من الحكومة المناكفة، الشتائم والنقد الشديد. أناس الرئيس ينقلون إلى المنطقة قوات لم يشهد لها مثيل، ويعلنون بأنهم سيدافعون عن إسرائيل بثمن حرب مع إيران. من الجهة الأخرى، يحاول الأمريكيون التهدئة وحمل الطرفين على مواصلة المواجهة بالحدود المعروفة. كما تضغط الإدارة الأمريكية للوصول إلى وقف نار في غزة، وإن لفترة قصيرة، وتبادل أسرى ومخطوفين؛ ما سيهدئ المنطقة حتى الوصول إلى وقف نار وإخراج حماس من غزة، وفقاً لمنحى جديد تعده قطر والقاهرة إلى جانب الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة.

فهل ستقود إسرائيل المبادرة الجديدة التي أضيفت إلى الصفقة موضع الحديث من نهاية أيار، إلى اتجاه يؤدي إلى إنهاء الحرب وإعادة كل المخطوفين والأسرى، أم سنترقب المتحفز والممزق للأعصاب لرد قريب ولرد على الرد، وهلمجرا؟

——————————————–

هآرتس 5/8/2024

حين يتولى التطرف الحكم

بقلم: أسرة التحرير

حين يكون بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء، ايتمار بن غفير وزير الأمن القومي ويريف لفين وزير العدل، فلا عجب حين يحظى اقتحام الجموع قواعد عسكرية بمرافقة نواب بتجاهل الشرطة، بإسناد وزاري وبرد هزيل على نمط “كفى، واصلوا”. وبالمقابل، من يتجرأون على إجراء حفلة في حديقة مجاورة من بيت عضو كبير في الائتلاف وهم يرتدون قمصانا تحمل الرسالة غير المحببة لحكومة التطرف يعتقلون.

يوم الجمعة الماضي، أوقفت الشرطة في حديقة عامة في هرتسيليا أربعة مواطنين، مشاركين دائمين في المظاهرات ضد الحكومة. المتظاهرون، الذين كل خطيئتهم كانت أنهم كانوا يرتدون قمصانا وعليها مكتوب “كفى لحكومة الخراب”، أوقفوا لأنهم كانوا يجلسون بجوار بيت رئيس لجنة الخارجية والأمن يولي ادلشتاين. بزعم الموقوفين، لم يتظاهروا في الحديقة على الإطلاق بل كانوا يقضون وقتهم فيها. لكن هذا لم يمنع الشرطة من إيقافهم للتحقيق للاشتباه بـ”سلوك كان يخرق النظام العام” -ليس خرقا بل فقط سلوك من شأنه أن يخرق- وتسريحهم بعد خمس ساعات.

في الغداة أوقفت امرأة في الحديقة في وقت تفريق مجموعة من السكان، كان بعضهم يرتدون قمصانا تؤيد صفقة مخطوفين. صحيح أن المشاركين ادعوا أنهم وصلوا الى هناك كي يجروا حفلة ويتناولوا فيها الطعام لكن هذا لم يؤثر على الشرطة. هم لم يقتحموا بالقوة قاعدة عسكرية؛ هم جاؤوا لتناول الطعام في حديقة في هرتسيليا بقمصان كتب عليها ما يؤيد صفقة مخطوفين. بالفعل، سبب للتوقيف. التفكر المشوش للشرطة بارز على خلفية المعاملة المتسائلة من جهتها الأسبوع الماضي تجاه الجموع التي اقتحمت الأسبوع الماضي قواعد الجيش برفقة أعضاء في الائتلاف.

لقد جرى الحديث كثيرا على روح القائد بن غفير، لكن لا يمكن قطع الأحداث أيضا عن الرد الخطير للوزير لفين الذي صدم من الصور القاسية لتوقيف الجنود في سديه تيمان بطريقة تشبه توقيف مجرمين خطيرين. بالنسبة له، المتهم بذلك هو جهاز القضاء. لفين، الذي بادر ودفع قدما بالانقلاب الذي مزق الشعب وأضعف الدولة، وقف في الظل بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) انطلاقا من الفهم بأنه سيأتي يوم وسيحاكم فيه، جماهيريا على الأقل، على ما فعله بدولة إسرائيل.

غير أنه مؤخرا عاد الغرور للفين. فقد عاد ليدفع قدما بالانقلاب النظامي، وأساسا من خلال تأخير زعيم القضاة، ويوم الخميس الماضي، تجرأ حتى على الدفاع علنا عن “إصلاحه” التعيس والإيضاح: “شيء لن يحيدني عن الطريق”.

لفين عاد وهو مصمم أكثر من أي وقت مضى. مشاركو الاحتجاج ملزمون بأن يستيقظوا؛ محدثو الانقلاب لم يتنازلوا عن نيتهم لاستكماله. يجب الانتظام لأجل الإيضاح للحكم بأن هذه المرة أيضا بأن هذا لن يمر.

——————انتهت النشرة—————-