لا تختزلوا إبادة شعب غزة بحماس فقط ، وتفاوضوا باسم منظمة التحرير الفلسطينية

د. سائدة البنا

منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ والشعب الفلسطيني في غزة تمارس عليه أبشع ألوان التعذيب والتدمير والإبادة الجماعية من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال .

الاحتلال الصهيوني مارس كل أساليبه اللاأخلاقية في القتل والقصف وشطب العائلات من السجل المدني وشطب معالم الحياة في تاريخ غزة ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وعلى مسمع ومرأى كل العالم ، عرضت أشلاء أطفال غزة ونساء غزة .وتحرك طلاب الجامعات في معظم دول العالم وتحركت معظم الشعوب في البلدان العربية والأجنبية وصرخت الشعوب بصوت الإنسان وفطرته الانسانية وقد تجرد من سلطة حكوماته في باحات الجامعات والشوارع معبرين عن الاشمئزاز واستنكار الجرائم المشينة التي يقترفها العدو الصهيوني المحتل المجرم في قطاع غزة والتي صنفت في المحافل الدولية وأقرت انها إبادة جماعية !! نعم إبادة جماعية وانتهاكات لحقوق الانسان والأسرى والطفل والمرأة والشباب وذوي الهمم وكل عناوين وأشكال حقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة منذ تأسيسها. ونفذت العديد من القرارات التي أدانت بها دول في العالم. ولكن عندما يكون المحتل الصهيوني هو المدان في ارتكاب المجازر اليومية في غزة بل في كل ساعة وكل لحظة بمشاهدة في بث حي لا يمكن انكاره من قبل أمريكا والدول الموالية لها ، تخرس كل الألسنة القذرة وتصاب العيون الوقحة بالعمى وتصاب الأذن العفنة بالصمم وتسارع تلك الدول الشاذة عن قانون الإنسانية وبكل وقاحة تدعم المجرم الصهيوني بالمزيد والمزيد من الأسلحة التي تقطع أجساد أطفال غزة ونساءها وتدمر البيوت والمستشفيات والمساجد والمدارس وخيام النازحين ومراكز الإيواء على رؤوس المدنيين الأبرياء ، في كل مكان يظن الشعب انه آمن يقصفوه وتتطاير الأجساد والأشلاء صاعدة الى الله تشكو ظلما من المحتل اللعين والدول الألعن التي تقف وراءه مساندة .

فوق كل آلام الفقد والجروح النازفة والتعذيب يتلذذ العدو بتعذيب الشعب بالنزوح من مكان الى آخر أكاد أجزم انه أشد قسوة من الموت كون كل نازح في غزة منذ أكثر من ثلاثمائة يوم عدد مرات نزوحه من ثلاثة إلى عشر مرات نزوح من مكان اقامته.

وكل وجع الحرب لا يقاس بوجع قلوب الشعب والضغط النفسي الذي يعيشونه وهم ينتظرون أي انفراجة لوقف الحرب اللعينة التي جرفت في طريقها كل سمات الحياة في أرواح جميع أفراد الشعب اليائس في غزة ولا أقول الصامد لقد تعدى ألم غزة كل مستويات الصمود والتحمل والتحدي .

والسؤال هنا ما سبب القوة والثقة بما يمارسه المحتل من جرائم ضد الفلسطينيين في غزة ؟ وكل مجزرة يشعر بنشوة الانتصار ويزداد بطشا وتنكيلا بالشعب المغلوب على امره ولا يعير أي اهتمام لكل منظمات العالم الحقوقية وغيرها وكأنه أخذ تفويضا من كل حكومات العالم القذرة بالقضاء على شعب غزة !

ووضعوا الشعب في لعبة أرجوحة المفاوضات تعلو بالأمل الى الأعلى ثم تنخفض الى الأرض ثم تتوقف ثم تعود للأرجحة مرات ومرات ومرات والنتيجة كما هي من الشوط الأول ، المماطلة وكسب الوقت لتدمير أكبر مساحة ممكنة او المساحة كلها من البشر والحجر وإلغاء الوجود الفلسطيني نهائيا .

لماذا تفشل هذه المفاوضات وبعد كل جولة نجد العدو الصهيوني أكثر شراسة وأفظع تنكيلا بالشعب في غزة؟

إذا استمر التفاوض بين حماس وإسرائيل لن تتم أي صفقة بل سنبقى ندور في دائرة الإبادة للشعب حتى لو انتهى كل الشعب في غزة والتي كشف المتطرف سموتريتش عن نواياهم اهدافهم في قتل 2 مليون فلسطيني في غزة جوعا . ولن تعارض أمريكا ولا الدول المساندة للمحتل ماتقترفه حكومة نتنياهو ولا جيشه المجرم بل تؤيده وتسانده وتدعمه وذلك لان امريكا واسرائيل تعتبر ان حماس هي جهة لا تمثل الشعب الفلسطيني وتدعي انها لها الحق بالدفاع عن نفسها من حماس ، والشعب الذي يقتل دروعا بشرية لحماية حماس . هم جميعا يعلمون ان المقاومة الفلسطينية من حقها الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والانتصار لقضيتهم التي لن يتنازلوا عنها مهما بذلوا من دماء على ارضهم ومقدساتهم.ولكن المحتل الصهيوني النازي يتمسك بأكاذيب ملعونة وإعلام مضلل يستطيعون به ان ينصرون الظالم على الضحية والعالم الجبان لايحرك ساكنا أمام كل المجازر التي لم يشهد لها مثيل في التاريخ المعاصر .

لكي نخرج من نفق المفاوضات الوهمي الذي يراوغ به نتنياهو بين حماس والاحتلال يجب ان تكون منظمة التحرير الفلسطينية موجودة على طاولة المفاوضات جنبا الى جنب مع حماس لكي تضفي الشرعية الفلسطينية على فريق المفاوضات وتتحدث باسم فلسطين لان الشعب الفلسطيني كله يتعرض للإبادة الجماعية وليس حماس فقط فلا تختزلوا ابادة شعب غزة بحماس فقط ! فكل غزة بين قتيل وجريح واسير ومفقود والباقي مدمر نفسيا ، تفاوضوا باسم منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في كل العالم. وعندها سنفرض عليهم وقف حرب الإبادة بقوة الحق الذي يدعون انهم أهله .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر المسار الإحباري