الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 إسرائيل اليوم 16/8/2024

إسرائيل اليوم: علينا ان نعرف حتى كيف نجادل

بقلم: يوسي بيلين

عداء مضبوط

أنظر الى معركة الجبابرة بين نتنياهو وغالنت، وتعيدني الى الذكريات الى معركة الجبابرة في حزب العمل بين بيرس ورابين. بين 1974 و1977 كان رابين رئيس الوزراء، وكان بيرس وزير دفاعه. كان رابين يعد حمامة – ايد الحل الوسط الإقليمي في الضفة بل واعلن على أنه سيكون مستعدا في ان يصل الى غوش عصيون مع فيزا. اما بيرس فكان يعد صقرا – لم يعارض فقط دولة فلسطينية بل وعارض أيضا الحل الوسط الإقليمي، وفضل حلا في اطاره يتقاسم الأردن مع إسرائيل في ما بينهما مجالات حكم مختلفة في الضفة. في نظر المستوطنين كان يعد مؤيدهم المتحمس، وفي مقابلة معي في 75 وصف المستوطنات بجذور وعيون الدولة. في 1984 انقلبت الخواطر. بيرس كان رئيس الوزراء ورابين كان وزير دفاعه لسنتين. الان بيرس يعد حمامة ورابين هو الصقر بين الاثنين. بين 1992 و 1995 كان رابين رئيس وزراء وبيرس وزير خارجيته، وكلاهما انضما الى تأييد مسيرة أوسلو – بيرس بحماسة، ورابين على طريقته المتحفظة اكثر.

من يحاول العثور على فوارق أيديولوجية بين الرجلين سيجدها، لكن في نظرة الى الوراء كانت هذه فوارق بين الوان، وليست هي التي خلقت بينما النفور المتبادل. في فترة الولاية المشتركة الأخيرة لهما، حتى اغتيال رابين، كانا يلتقيان كل أسبوع بلقاء لساعة ويبحثان في المواضيع على جدول الاعمال. احد لم ينضم الى هذه اللقاءات. وكل ما اتفق عليه بينهما اتفقت عليه الحكومة في نهاية المطاف. مثلا، عندما كشفت لبيرس وجود محادثات سرية في أوسلو وعرضت عليه المسودة الأولية المتفق عليها، سارع لرفعها الى رابين في اللقاء الأسبوعي بينما. وفقط عندما أعطى رابين الضوء الأخضر لمواصلة المسيرة، كان يمكن ان تتواصل. اللقاءات الأسبوعية الثنائية لم تكن لقاءات مصالحة، بل وكان يمكن فيها ان يرتفع الصوت أيضا، لكنها اتاحت عملا مشتركا حتى في أوضاع متوترة جدا. الشخصان اللذان يقودان المعركة ما كان يمكنهما ان يسمحا لنفسيهما مواصلة الوضع الحالي. نموذج رابين وبيرس ما كنت سأعلمه في أي مدرسة كنموذج مثالي، لكن طالما كنتما معا – فلعل هذه هي الوصفة الوحيدة لوجود العداء المضبوط.

المعتدون

في ليل السبت أخطأت خمس نساء من رهط ودخلن بؤرة جفعات رونين. هذه بلدة مع تاريخ، وهنا من يتذكر بانه قبل 12 سنة كفت مستوطنة هار براخا عن نقل الماء اليها، بعد أن رشق سكان البؤرة الحجارة على الفلسطينيين. هذه المرة سد المستوطنون طريق النساء البدويات، رشقوا عليهن الحجارة واحرقوا سيارتهن. فقط جنود الجيش الإسرائيلي انقذوهن من الفتك.

هذه المجموعة من “فتيان التلال” والمستوطنين المتطرفين والعنيفين لا تمتنع حتى عن المواجهات مع الجنود وتعيش حياتها بانقطاع عن القانون. كلنا نحرص على أن نقول ان هذه ليست كل المستوطنين بل في هوامشهم فقط، لكن هذه الهوامش آخذة في الاتساع حين تنال دعما مصمما من داخل الحكومة الحالية.

تعدد الزوجات

أمينة الحسوني ابنة السبعة من سكان القرية غير المعترف بها الفرعونة، أصيبت بجراح خطيرة في 14 نيسان في الهجمة الجوية الإيرانية علينا. ابوها روى في الشبكة الثانية بان ابنته المصابة الوحيدة في الهجمة تشفو. عندما سُئل اين تسكن العائلة الان بعد أن أصيب بيتهم أجاب انها تسكن في بيتها الثاني، وشرح ببراءة بان له زوجتان، والجميع انتقلوا للسكن لدى زوجته الثانية.

لم تكن هذه فرصة للمزاودة الأخلاقية، لكن واضح ان الحسوني لم يتطرق لوضع نادر. ظاهرة المواطنين البدو ممن لهم اكثر من زوجة هي ظاهرة منتشرة. هذا خرق فظ للقانون الذي يمنع تعدد الزوجات، والدولة ببساطة ترفع ايديها لانعدام الوسيلة.

——————————————–

هآرتس: الكهانية أكبر بكثير من مجرد عنصرية

هآرتس 16/8/2024، جلعاد هسا: الكهانية أكبر بكثير من مجرد عنصرية

مفهوم كهاني يتم تشخيصه في الوعي الإسرائيلي بشكل فوري مع العنصرية. بالنسبة لكثيرين يكفي هذا التشخيص من اجل انهاء كل نقاش حول عقيدة الحاخام مئير كهانا. ولكن هذا التشخيص الضيق يصعب على تفسير تأثير كهانا والكهانية على المجتمع الإسرائيلي والخطر الكامن في نظريته.

تعاليم كهانا التي يرفعها من يواصلون دربه، تربط القومية المتطرفة العنيفة وطرق عمل لليسار الراديكالي في الولايات المتحدة في أيديولوجيا من التمزيق والفوضى، وفي هذا يكمن خطرها الكبير. إن استبعادها فقط بسبب عنصريتها، التهمة التي يرفضها من يواصلون درب كهانا، تؤدي الى تجاهل تداعياتها الأكثر خطورة، وتمكنهم من العمل مع شرعية اجتماعية وتطبيق جوانبها الفوضوية لهذه التعاليم، التي تقوض سلطة القانون.

الكهانية والعنصرية. الصعوبة الأولى في وصف تعاليم كهانا كايديولوجيا عنصرية تكمن في أنه يوجد بين أتباعه من ينفون علنا جوانب كثيرة من تعاليم استاذهم. وقد زاد في ذلك ايتمار بن غفير الذي اعلن قبل سنتين تقريبا بأنه “الآن أنا لست الحاخام كهانا”. ومثلما اظهر عالم الاجتماع عيدان يارون في مقال له بعنوان “الانقسام كمناورة – التاريخ والحاضر في حركة الكهانية” (مجلة “دعوت”، أيلول 2023). يبدو أنه يوجد تغيير معين في مواقفه بصورة أدت الى الانقسام بينه وبين شركاءه السابقين في قيادة الحركة الكهانية، باروخ مارزيل وميخائيل بن آريه.

الاكتفاء بمفهوم “عنصرية” يثير صعوبات أخرى، أحدها الصعوبة في تعريف تعاليم كهانا وتعاليم أتباعه كعنصرية حسب التعريف السائد. هذه الصعوبة يتم استغلالها جيدا من قبل مؤيديه. علماء اجتماع وباحثون يوضحون بأن الكهانية لا تنطوي على مفهوم التفوق العرقي أو الاثني، بل على مفهوم التفوق القومي والديني الذي يشبه تعاليم حركات دينية إسلامية متطرفة اكثر مما يشبه النظريات العرقية. هكذا فان الكهانية لا تنفي مثلا تحويل الديانة الى يهودية، وهو الخيار الذي تسارع النظرية العرقية الى الغائه. في مجالات كثيرة فان تعاليمه تشبه الى درجة كبيرة وجهة نظر الصهيونية السائدة التي تتعامل أيضا مع التفضيل القومي.

إن رفض الكهانية لا يمكن أن يكتفي بالرفض الأخلاقي للعنصرية. مع ذلك، الحدس الأخلاقي حول الكهانية يجد الدعم في تصرفات وتصريحات كثيرة لتلاميذه ومؤيديهم. واختراق جمهور تم تحريضه، على رأسه عضو الكنيست لقاعدة سديه تيمان والمس بنساء بدويات دخلن بالخطأ الى البؤرة الاستيطانية في شومرون، هي امثلة من الزمن الراهن، من اجل مواجهة هذه الأفعال والتصريحات يجب أن نوضح ليس فقط ما هو الاشكالي فيها بل ما الذي يؤدي اليها.

أسس مناوئة للمأسسة. مثلما يظهر شاؤول مغيد في كتابه “مئير كهانا: الحياة العامة والتفكير السياسي لمتطرف يهودي امريكي” (2021)، فان تعاليم كهانا ازدهرت على خلفية حركات يسار راديكالية في الولايات المتحدة، والخطاب وطرق العمل، وحتى رمز القبضة المرفوعة تأثر من حركات مثل “الفهود السود” (كهانا نفسه سمي في الاعلام “الفهد اليهودي”). هذه الحركات وكهانا في اعقابها قاموا بضم أيديولوجيا مناوئة للمأسسة، التي تعتبر ممثلي الدولة الرسمية اشخاص يخلدون المظالم والقمع، الذين يجب معارضتهم.

هذه الأسس وجدت التعبير أيضا في حياة كهانا السياسية. فبعد ابعاده عن التنافس للكنيست بدأ في وصف الديمقراطية واليهودية كامور تعارض بعضها، الأولى تضعف اليهودية وتعزز الأسس الغريبة عنها في الدولة وفي مؤسساتها. مع مرور السنين، من خلال رفض المؤسسة الصهيونية، تقرب كهانا من جهات حريدية متطرفة.

في تعاليم كهانا يظهر تأثير تفكير المنفى ليهود يعيشون في وسط اغلبية لاسامية، الذي اثر أيضا على نظرتهم للدولة ودورها. امثلة على ذلك يمكن ايجادها في الصورة التي يترجم فيها مفاهيم مثل الكرامة الوطنية، الانتقام ومكافحة الانصهار، الى اطار دولة سيادية مع أكثرية يهودية واضحة. حسب تعاليمه فان الانتقام والكرامة الوطنية تناقض سيادة الدولة كدولة قانون، التي تدافع عن مواطنيها وتعمل بطرق قانونية منظمة وتجسد الكرامة الوطنية بمجرد وجودها كدولة قوية ومستقرة.

في حالات كثيرة يبدو أن اتباع كهانا في الحقيقة اختاروا تطوير اغتراب ونظرة متشككة وحتى معادية تجاه قوانين الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية. هذا ظهر حتى قبل 7 تشرين الأول. أعضاء كنيست من حزب “قوة يهودية” اتهموا المستشارة القانونية للحكومة بالمسؤولية عن عمليات القتل في الوسط العربي؛ بن غفير تعامل بعدائية مع جهاز الشرطة الذي يحقق مع رجال الشرطة. وعمل على إعادة للخدمة شرطية تمت ادانتها بالاعتداء وإدارة حملة من اجل القاتل عميرام بن اولئيل، الذي اتهم مؤسسات الدولة بحياكة ملف ضده. إضافة الى ذلك يمكن احصاء اتهامات وشكاوى ضد قوة يهودية وطاقم الوزير، من بينها بيع الأصناف الأربعة بدون وصولات، وتهمة مخالفة تجاوز قانون تمويل الأحزاب.

حتى في ذروة الحرب رأينا تعامل مشابه مع القانون. اتهامات موجهة لاعضاء مكتب بن غفير الذين وزعوا رخص للسلاح للمقربين، مخالفات سير متراكمة للوزير واصابة مواطن في حادث طرق كانت سيارة الوزير متورطة فيه في اللد بعد اجتيازه مفترق طرق واشارة ضوئية حمراء. حتى شركاء بن غفير في الائتلاف اتهموه بتسريب اسرار الدولة. هذه النظرة للقانون ومؤسسات الدولة وصلت الى الذروة في اقتحام قواعد الجيش الإسرائيلي في محاولة لمنع اجراء تحقيق وانفاذ القانون.

مناهضة راديكالية للدولة. اذا حاولنا الإشارة الى الامر الأساسي الذي يميز بين رؤية الصهيونية ورؤية الكهانية، رغم التشابه بينهما، فسنصل الى مفهوم متآكل ومبتذل وهو الرسمية. ففي حين أن الصهيونية تحارب من اجل قيم الكرامة الوطنية والامن اليهودي بواسطة تأسيس “مملكة” – دولة، دولة تقوم على قوانين المساواة وعلى مؤسسات ثابتة، فان الكهانيين غير قادرة على التحرر من النضال ضد الدولة ومؤسساتها، سواء بسبب ماضي حاخامهم أو بسبب التعاليم التي ورثوها عنه، التي تصعب عليهم قبول إسرائيل كدولة يهودية ذات سيادية.

الرسمية أو الدولة يمكن أن تكون مفهوم مستقل، لكن توجد له معان عملية لا وجود للمملكة بدونها، مثل تعظيم الهيئات والإجراءات والآليات ونظرة محافظة تجاه التغييرات المتعلقة بها. الحركات الراديكالية والمتطرفة مثل الحركة الكهانية تحتقر الدولة وتسعى الى تشويهها، لأن مزاجها يتناقض مع استقرار مؤسسات الدولة. لذلك فان التحالف الذي قام به منتخبو الجمهور، الذين يسمون انفسهم محافظين، مع اتباع كهانا، لا يعتبر خطأ أخلاقي فحسب، بل هو يقوض أسس المؤسسات التي يحاولون حمايتها.

وعي الأقلية الكهانية يجد حلفاء له في أوساط الصهيونية الدينية والمجتمع الحريدي، الذين تعودوا خلال السنين على رأي اقلية خاصة بهم، ويؤثرون على المجتمع بشكل عام. المعارضة للمؤسسة تجد اذن صاغية وقلب منفتح في المجتمع الإسرائيلي بشكل عام وفي المجتمع الصهيوني الديني بشكل خاص، والتي يتم تأجيجها بواسطة الشرخ الذي حدث في السنة الماضية.

هذا الأساس الذي يتمثل بمعارضة مستمرة للدولة والمؤسسة هو الخطر الكهاني الأكبر. ولكن الكهانيين يحتاجون الى شركاء سياسيين من اجل النجاح في تنفيذ تعاليمهم. التسامح مع المواقف المتطرفة والتعاون معها على الصعيد السياسي والصعيد العام يقوض المواقف المحافظة والليبرالية معا، ونسيج الحياة المشتركة لنا جميعا. ادراك الخطر الذي يوجد في هذا التطرف وفي تحديه لاستقرار الدولية ومؤسساتها يجب اقناعنا بأهمية النضال ضد هذا التطرف، وارسال اليمين والصهيونية الدينية الى البحث عن شركاء جدد.

——————————————–

يديعوت احرونوت: العم “سنتكوم”

منذ 5 ساعات061 3 دقائق

يديعوت احرونوت 16/8/2024، رون بن يشاي: العم “سنتكوم”

بعد نحو أربع سنوات من التوقيع على اتفاقات إبراهيم تجني إسرائيل احدى اهم ثمار هذه الاتفاقات: نقلها من مجال مسؤولية قيادة أوروبا الى القيادة الوسطى (سنتكوم) الامريكية. من اللحظة التي اصدر فيها البنتاغون هذا الامر، اصبح الجيش الإسرائيلي شريكا نشطا في ائتلاف عسكري مؤيد للغرب في الشرق الأوسط. ورغم ان هذا ليس حلفا رسميا، الا ان له معان عملياتية تفوق على المستوى العملي معاني الناتو الذي تشارك فيه دول شمال أمريكا وأوروبا.

المعنى العملي، من ناحية إسرائيل هو القدرة على التمتع بالمنتجات الاستخبارية والعسكرية الأخرى للمنظومة التي نشرها الامريكيون، بالتعاون مع الدول العربية السنية، في كل ارجاء الشرق الأوسط. النتيجة الأولى رأيناها في الليلة بين 13 و 14 نيسان، عندما حاولت ايران ووكلاؤها مهاجمة إسرائيل في رشقات من الصواريخ والمُسيرات وباءت بفشل ذريع. يمكن أن نعزو هذا بالائتلاف المريض لامريكا الذي عمل كقبضة واحدة مصممة وناجعة بإدارة قائد سنتكوم الجنرال مايكل كوريلا.

معنى إضافي للخطوة هو أن الولايات المتحدة وإسرائيل يمكنهما أن تقيما العلاقات بينهما في مستويين دبلوماسييين منفصلين: في القناة المدنية – السياسية، بين الحكومتين في واشنطن وفي القدس، والتي تتميز بغير قليل من الخلافات والأزمات، على الأقل مع الإدارة الامريكية الحالية برئاسة الرئيس جو بايدن، وبقناة “الدبلوماسية العسكرية” التي يسودها توافق في الرأي عديم الانا والمصالح السياسية، ومهنية عسكرية مبهرة.

هذه القناة، التي يديرها وزير الدفاع الأمريكي لويد بوستن ووزير الدفاع يوآف غالنت في المستوى السياسي ورئيس الأركان هرتسي هليفي والجنرال كوريلا في المستوى العملياتي، تتيح في أحيان قريبة، وبخاصة في الحرب الحالية – تجاوز المصاعب التي تنبع من العلاقات العكرة بين حكومة اليمين مليء مليء برئاسة بنيامين نتنياهو وبين الإدارة الديمقراطية – الليبرالية برئاسة بايدن ونائبته كمالا هاريس.

مثال على ذلك هو حقيقة ان في الأيام الأخيرة تسارعت جدا ارساليات السلاح وغيرها من الوسائل من الولايات المتحدة. “كل السدود باستثناء واحد فتحت”، يقول مصدر إسرائيلي مطلع في مجال التعاون العسكري بين الدولتين. هذه السدادة التي لم تفتح، حسب مصادر أخرى، هي القنابل الدقيقة الموجعة والثقيلة بوزن طن التي لم توافق الولايات المتحدة بعد على نقلها الى إسرائيل سواء خوفا من ان يستخدمها الجيش الإسرائيلي قريبا من سكان مدنيين في غزة ام كرد على الشريط الذي نشره نتنياهو قبل عدة اشهر وادعى فيه بان الولايات المتحدة لا تنقل مؤنا عسكرية كافية لإسرائيل. اما باقي الارساليات فقد اقرت، بما في ذلك قطع الغيار بل وصدر أيضا الاذن بشراء خمسين طائرة قتالية من الطراز الجديد لـ اف 15.

وهكذا، منذ اكثر من أسبوع تهبط في كل يوم بقاعدة نباطيم طائرات نقل جبارتان – سي 17 او بوينغ 747 – محملة بعتاد وذخيرة طلبتها إسرائيل. وزير الدفاع اوستن، الجنرال المتقاعد الذي قاد بنفسه سنتكوم ابلغ وزير الدفاع غالنت بان هذه ستكون الوتيرة طالما امتنعت إسرائيل عن اعمال من شأنها أن تشعل حربا إقليمية.

من يتساءل عن معنى هذا الترتيب الغريب الذي يجري فيه تعاون غير مسبوق في القناة العسكرية الى جانب خلاف دائم بين الحكومتين، يجدر به أن يراجع الصيغة الرسمية لمهمة القيادة الوسطى الامريكية، كما حددها لها البنتاغون: “الإدارة والسماح لعمليات واعمال عسكرية بالتعاون مع حلفاء لتحقيق الامن والاستقرار الإقليميين دعما للمصالح الامريكية المتواصلة”. وفور تعريف المهمة يفصل البنتاغون للقيادة سلم الأولويات التي تعمل القيادة بموجبها (لم نغير شيئا):

– ردع ايران.

– قتال منظمات متطرفة عنيفة.

– منافسة استراتيجية تتضمن خلق مبان إقليمية (وباللغة الأقل دبلوماسية – بناء ائتلافات عسكرية في اطار الصراع العالمي بين كتلة الديمقراطيات الليبرالية، بقيادة الولايات المتحدة ودول أوروبا، وبين كتلة الحكومات المطلقة بقيادة روسيا، الصين، ايران وكوريا الشمالية).

تعريف هذه المهام وسلم الأولويات كان يمكن للجيش الإسرائيلي ان يتبناها لنفسه بتغييرات دقيقة. وعليه، فان من يتابع اليوم منظومة العلاقات شبه التوأمية بين سنتكوم والجيش الإسرائيلي يفهم لماذا يمكن ان توجد الواحدة الى جانب الأخرى قناتا دبلوماسية مدنية وعسكرية دون أن تؤثر الواحدة على الأخرى.

العلاقات مع سنتكوم تفتح أيضا لإسرائيل الباب الخلفي للانخراط في المنطقة للتعاون مع دول في المنطقة ليس لنا معها علاقات دبلوماسية. في الغالب لا يمكننا ان نكتب لاعتبارات أمن المعلومات، لكن هذه حقيقة معروفة انه في قيادة سنتكوم في فلوريدا يجلس معا ضابط كبير من الجيش السعودي، ضابط كبير من الجيش الكويتي وضابط كبير من الجيش الإسرائيلي، الى جانب مندوبين من 20 جيش آخر. كلهم يشاركون في المداولات معا، ولهم طواقم تسمح بتبادل المعلومات الاستخبارية والتنسيقات العمليات، واحيانا في نطاق أوقات تمتد لدقائق. وذلك في الوقت الذي لا تزال الولايات المتحدة تحاول فيه اغراء إسرائيل على وقف القتال والموافقة على صفقة تحرير مخطوفين من خلال الوعد بالتطبيع مع السعودية.

هذا لم يكن دوما على هذا النحو. حتى كانون الثاني 2021 كانت إسرائيل تندرج في مجال مسؤولية قيادة أوروبا (يوكوم). احد أسباب ذلك كان اعتقاد الولايات المتحدة بانه اذا ما علقت إسرائيل في ضائقة، فان من سيهرع لنجدتها سيكون الاسطول السادس الذي قاعدته في إيطاليا وينتمي الى قيادة أوروبا. لكن السبب الأساس كان التخوف الأمريكي الا توافق الدول العربية على التعاون في ائتلاف عسكري في اطار القيادة الوسطى الامريكية اذا كانت إسرائيل في مجال مسؤوليتها.

هذه الأيام انقضت، والوضع اليوم مختلف جوهريا.

——————————————–

هآرتس: على الاسرة الدولية أن تحسم بين فرض انتداب في غزة وبين استمرار سفك الدماء في المنطقة

منذ 5 ساعات061 3 دقائق

جاكي خوري

هآرتس 16/8/2024، جاكي خوري: على الاسرة الدولية أن تحسم بين فرض انتداب في غزة وبين استمرار سفك الدماء في المنطقة

المفاوضات من اجل صفقة المخطوفين ووقف الحرب في غزة، التي تم استئنافها أمس في الدوحة هي مصيرية. فشل المحادثات يعني تأجيل أي اتفاق في قطاع غزة لبضعة اشهر على الأقل، وربما سيحسم مصير مخطوفين آخرين محتجزين هناك، ويضيف أسماء أخرى لقائمة القتلى الفلسطينيين التي تجاوزت أمس العدد 40 ألف. كل ذلك يجب أن نضيف اليه تهديد ايران وحزب الله حيث ربطا بين المفاوضات وبين هجوم محتمل ردا على عمليات الاغتيال في طهران وفي بيروت.

بعد عشرة اشهر الحرب في قطاع غزة الحرب لم تعد هدفا محددا أو نزاعا محليا. الحديث يدور عن حرب لها تأثيرات خطيرة على المنطقة، وخطر غير مسبوق في الشرق الأوسط منذ عشرات السنين، وربما أنه الخطر الأكبر منذ العام 1948. ولكن رغم كل ما هو موضوع على كفة الميزان فان سلوك المجتمع الدولي حول المحادثات واستمرار الحرب في القطاع يثبت انه، بالأساس الولايات المتحدة، لم يستخدم بعد كل الأدوات التي لديه من اجل انهاء الحرب.

كما يبدو يظهر أن كل الشرق الأوسط مرهون بقرار شخص واحد اسمه بنيامين نتنياهو. هل سيوافق على وقف الحرب أو لا وبأية شروط. ولكن نتنياهو مقيد باعتباراته السياسية وهو أسير للمتطرفين في ائتلافه. في نفس الوقت حماس غير مستعدة لـ “اتفاق استسلام”، في اطاره ستعيد المخطوفين بدون مقابل، حتى لو أنه لم يبق في القطاع بيت قائم وأيضا اذا تجاوز عدد القتلى  الخمسين ألف.

في هذا الوضع من الضروري أن يتحمل المجتمع الدولي المسؤولية فعليا عما يحدث في القطاع كما فعل في عدد غير قليل من مناطق الحروب في العالم. صحيح أن الحديث لا يدور عن قصة نجاح كبيرة بالنسبة لهذه الدول العظمى، لكن القطاع الآن يختلف بشكل جوهري عن هذه الدول وبؤر التوتر في التاريخ الحديث. فهو ليس أفغانستان أو فيتنام، وليس الفالوجة في العراق ولم يتدهور أيضا الى وضع مقديشو في الصومال.

يجب الاعتراف بأنه لا يوجد لإسرائيل أي خطة واضحة بخصوص السيطرة في غزة في اليوم التالي للحرب. الوحيدون في الحكومة الذين توجد لديهم خطة كهذه هم من يؤيدون الضم والاستيطان، بن غفير وسموتريتش. في المقابل، رغم تصريح رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أمس بأنه ينوي القدوم مع القيادة الفلسطينية الى غزة، إلا أن السلطة ليس لها قدرة على السيطرة في القطاع. عمليا، عباس أراد أن يكون دخوله اذا تحقق برعاية الأمم المتحدة.

الحل الصحيح لهذا الوضع هو إعادة غزة الى فترة الانتداب. صحيح أن هذا يبدو كمدخل لتدخل كولونيالي آخر في حياة الفلسطينيين، لكن في الوضع القائم لا مناص من ذلك. عمليا، من يدير شؤون القطاع هي مؤسسات ومنظمات دولية، مثل الاونروا ومنظمة الصحة العالمية. سواء إسرائيل أو السلطة الفلسطينية، فانهما تتصرفان وتنسقان النشاطات امام منظمات دولية وامام الأمم المتحدة.

الولايات المتحدة، حتى عشية الانتخابات للرئاسة، توجد لها إمكانية لتجنيد عدد غير قليل من الدول برعاية الأمم المتحدة ومجلس الامن، وهي يمكنها التقرير وارسال الى غزة قوات دولية لفترة محدودة. المظليون الذين جاءوا الى بيروت في 1982 يمكن أن يأتوا الى القطاع تحت راية الأمم المتحدة، وهذا القرار سيلزم جميع الأطراف. القوة التي هي برعاية الأمم المتحدة ستشرف على إعادة اعمار القطاع وستسيطر على المنطقة بالتنسيق مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية. الانتداب سيكون محدد زمنيا، بالأساس سيكون دوره إعادة اعمار القطاع وترميم الساحة السياسية الفلسطينية، والرقابة على وقف اطلاق النار، بما في ذلك نشر القوات في محور فيلادلفيا ومعبر رفح والرقابة على آلية تحرير المخطوفين والأسرى، مع دول الوساطة والصليب الأحمر.

هذا القرار سيؤثر على الساحة السياسية الفلسطينية. كل الفصائل بما في ذلك حماس، سيتعين عليها المشاركة في عملية فلسطينية داخلية. وكل من يفكر بمستقبل غزة ومستقبل كل القضية الوطنية الفلسطينية (الرئيس عباس لن يبقى الى الابد في مكانه)، يجب عليه التفكير الآن بمسار جديد. أيضا في الساحة السياسية في إسرائيل انهاء الحرب سيتطلب اجراء تغييرات عميقة. اذا تم حقا اجراء الانتخابات بعد الحرب، للمرة الأولى بعد سنوات كثير، سيقف الموضوع السياسي في مركزها. في الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، سيضطرون الى التقرير هل سيسعون الى اتفاق معين أو الحكم على الشعبين لاجيال من سفك الدماء والنزاع الذي لا نهاية له.

في المجتمع الدولي يمكنهم الادعاء وبصدق أنه يتم بذل جهود لانهاء الحرب وتحديد بداية مسار سياسي يغير الواقع، ليس فقط في القطاع بل في كل الشرق الأوسط. بقي فقط سؤال واحد وهو هل العالم حقا يريد انهاء الحرب أم أنه معني فقط بادارتها.

——————————————–

معاريف: سباق مسلح

معاريف 16/8/2024، الون بن دافيد: سباق مسلح

أيام الضيق لا تنتهي سريعا هذه السنة. فالانتظار المضني لهجوم يأتي من لبنان وربما أيضا من ايران يبقى يرافقنا على الأقل الى أن يتبين اذا كان ممكنا الوصول الى صفقة مع حماس، صفقة مشكوك ان تعيد كل المخطوفين لكنها يمكنها أن توقفنا من أن نواصل التدهور نحو حرب إقليمية واسعة.

فضلا عن الأهمية العليا من أداء واجب الدولة لاعادة المخطوفين وإنقاذ من لا يزال ممكنا انقاذهم، فان الصفقة يمكنها أن ترفع إسرائيل من الدرك الأسفل الاستراتيجي الذي توجد فيه وتعيد تثبيت مكانها في المنطقة. فالقرار الأمريكي هذا الأسبوع لإزالة حظر السلاح عن السعودية هو إشارة هامة لنا بان الطريق الى التطبيع مع الدولة العربية الأهم لا يزال مفتوحا. بعد ثلاث سنوات امتنعت الولايات المتحدة فيها عن بيع السلاح الهجومي للسعوديين تعود لتعترف بأهمية السعودية باستقرار المنطقة.

الحاكم السعودي الفعلي محمد بن سلمان يقول للمشرعين الأمريكيين انه يعرض حياته للخطر لتحقيق تطبيع مع إسرائيل، ولنا فتحت فرصة مشكوك أن تبقى مفتوحة لزمن طويل. التطبيع مع السعودية يمكنه ان يكون محطما دراماتيكيا للتعادل بالنسبة لإسرائيل، لا يقل بل وربما اكثر من اتفاقات إبراهيم مع الامارات والبحرين. يمكنه ان يعيد تموضعنا كرواد ائتلاف إقليمي، بدعم امريكي، ضد العدو الإيراني. السعودية، مثل اتحاد الامارات هي مثال قدوة لنزع التطرف الذي يتطلع رئيس الوزراء لان يحله على غزة. دولتان ربتا على مدى السنين على كراهية إسرائيل، وفي يوم واحد بدأتا تربي بشكل مختلف. اذا ما تمكنا من ربطها بدور مجد في غزة وفي الضفة، فسنتمكن من تصميم مستقبل إسرائيلي آخر.

مرة أخرى تقف حكومتنا امام المعضلة التي ترافقها منذ قيامها. هل مهمتها هي الحرص على مستقبل الدولة أم فقط مواصلة تلبية الرضى لوزير الامن القومي؟ خطواته المفعمة بالسرور على أرضية الحرب في التاسع من آب بثت انه لم يعد يأتي لان يثبت من هو رب البيت، فهو يعرف انه هو رب البيت. وامام نزعة التسيد التي يبديها ايتمار بن غفير، يبدو بنيامين نتنياهو كظل باهت لذاك الزعيم الذي كان ذات مرة. بن غفير، محب اشعال النيران منذ صباه، تلقى في هذه الحكومة علبة اعواد ثقاب كبيرة وقدرة وصول الى كل براميل المواد المتفجرة. وهو لن يتوقف الى أن يجسد حلمه في ان يشعل المنطقة علينا.

ان معظم الإسرائيليين العاديين يتحفظون منه ومن طريقه. ولكن مثل الضفدع في الوعاء، يبدأوا بالاعتياد على درجة الحرارة. هذا الأسبوع كنا على مسافة خطوة من عملية فتك بحق خمس اسرائيليات، اربع نساء وطفلة، تعثر حظهن وعلقت في البؤرة الاستيطانية جفعات رونين في السامرة، ما يسمها مؤيدو بن غفير بحلو اللسان “الاستيطان الفتي”.

فتيان التلال لم يعودوا فتيان. بن غفير جعلهم ميليشيا مسلحة، مع السلاح الذي وزعه بسخاء بثلل التأهب – ونحن اليوم نقف في الضفة ليس فقط امام منظمات إرهاب فلسطينية مسلحة. المنظمات الفلسطينية تسلحها ايران. الإرهاب اليهودي يسلحه مندوبوه في الحكومة.

حماس واليوم خارج غزة

الجيش والشباك يحذران بلا انقطاع من أن المناطق على شفا الانفجار. اكثر من 100 الف فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل ولا يرتزقون منذ نحو سنة كاملة، عشرات الاف رجال الامن الفلسطينيين الذين يتلقون رواتب مقلصة من 2000 شيكل وايران التي تشخص الامكانية الكامنة وتعرض المال لكل من هم مستعد لان يعمل ضد إسرائيل. كل من يعرف حجم قوات الجيش الإسرائيلي يعرف أنه سيصعب علينا مواصلة القتال القوي في غزة، في لبنان، واضافة الى ذلك ان نتصدى أيضا لحرب في الضفة.

في غزة، بعد عشرة اشهر من القتال نضجت الظروف للانتقال الى مرحلة جديدة. حماس نشرت هذا الأسبوع بفخر الشريط عن رجالها الذين يحاولون اطلاق الصواريخ الى مركز البلاد لكن هذا الشريط كشف وضعها الحقيقي – مجموعة نشطاء يحاولون نصب صاروخين على منتصتين اعدتا على عجل من الخشب، يصعب عليهم حساب زاوية اطلاق النار، وفي النهاية يطلقون صاروخا يسقط في أراضي القطاع والثاني يسقط في قلب البحر امام يافا.

جيش حماس في غزة هزم. هو سيواصل الاشغال باطلاق النار هنا وهناك بإصابة القوات المناورة وحتى بمحاولات التسلل الى إسرائيل. لكنه لم يعد يشكل تهديدا ذا مغزى على إسرائيل. هذا جهاز عديم القيادة السياسية او العسكرية والذخيرة، وقد بدأ يفكر باليوم التالي لغزة. التقدير هو أن ستة أو سبعة فقط من الأشخاص في قيادة حماس كانوا شركاء في اعداد الهجمة على إسرائيل في 7 أكتوبر. لم يتبقَ منهم الا اثنان: الاخوان يحيى ومحمد السنوار. يحتمل أن يكون خليل الحية، الذي غادر القطاع قبل الهجمة، كان يعرف الموعد. لكن في حماس يفهمون بان مركز ثقلهم يوشك على الانتقال الى ارض أخرى.

التقدير هو ان حماس ستحاول بناء استراتيجية هدفها الحفاظ على القدرة العسكرية خارج غزة، التي ستكون مكشوفة لاجتياحات مستمرة من إسرائيل. يحتمل أن يكونوا في حماس ينظرون الى أراض إقليمية أخرى في المنطقة كاماكن يمكنهم ان ينقلوا اليها ما يتبقى من ذراعهم العسكرية. المشكلة هي انه في مثل هذه الأماكن سيرتبطون بقدرات ميليشيات إيرانية وسيحظون بالتدريب والتوجيه. ولا يزال، هذا افضل من حماس على مسافة مئات الأمتار من بئيري ونير عوز.

يفهم السنوار بانه بقي الان الأخير، وإسرائيل توظف افضل مقدراتها لقتله. معقول انه منذ تصفية محمد ضيف وهو يتخذ وسائل حذر متشددة على نحو خاص، ما يجعل اتصالاته بطيئة وصعبة. التحدي في المفاوضات التي بدأت امس في قطر سيكون تلقي الأجوبة منه. التحدي الأكبر لدينا هو حمل نتنياهو على النجاح لأول مرة منذ بدء الحرب، في التسامي فوق اعتباراته الصغيرة وقيادتنا الى مكان افضل، يضمن مستقبلنا الجماعي وليس فقط مستقبله الشخصي.

——————————————–

هآرتس: جنود وأطباء يروون كيف يحتجز المعتقلون من غزة في سديه تيمان

هآرتس:  شاي فوغلمان: جنود وأطباء يروون كيف يحتجز المعتقلون من غزة في سديه تيمان

في الفترة التي أعقبت الهجوم المفاجيء في 7 تشرين الأول، تم اعتقال في أراضي إسرائيل حوالي 120 مخرب من النخبة ونشطاء من حماس ومدنيين من سكان القطاع. وقد تم ارسالهم الى منشأة الاعتقال التي أقيمت في قاعدة للشرطة العسكرية في سديه تيمان، بين اوفكيم وبئر السبع. في الأشهر التي أعقبت ذلك تم اعتقال واقتياد الى المكان اكثر من 4500 شخص من سكان القطاع، بينهم مخربون وأعضاء منظمات مختلفة ومدنيون أيضا.

بعد فترة قصيرة على افتتاح هذا المعتقل نشرت في عدد من وسائل الاعلام، محلية واجنبية، شهادات تفيد بأن المعتقلين في هذه المنشأة يتم تجويعهم وضربهم وتعذيبهم. وقيل أيضا بأن ظروف الاعتقال هناك مخالفة للقانون الدولي. ادعاءات أخرى تم طرحها ضد ظروف العلاج في المنشأة الطبية التي أقيمت قرب المنشأة. أعضاء الطاقم الطبي شهدوا بأن المعالجين تتم تغذيتهم بالمصاصة ويقضون حاجاتهم في الحفاضات ويتم تكبيلهم 24 ساعة في اليوم. وهذه ظروف أدت في عدد من الحالات الى بتر الأطراف.

قبل شهرين عرفنا أن الجيش يجري تحقيقات جنائية ضد جنود فيما يتعلق بـ 36 حالة وفاة لمعتقلين في المنشأة. في الشهر الماضي اعتقل خمسة جنود احتياط بتهمة التحرش الجنسي بأحد المعتقلين.

في اعقاب ازدياد الشهادات قامت خمس منظمات لحقوق الانسان بتقديم التماس للمحكمة العليا طلبت فيه اغلاق المنشأة. في بداية شهر حزيران أعلنت الدولة ردا على ذلك بأنها تنوي نقل المعتقلين الى منشآت مصلحة السجون وإعادة المكان الى اصله، منشأة لمكوث قصير لغرض التحقيق والتصنيف فقط. في رد آخر قدم لمحكمة العليا في بداية الشهر قالت الدولة إنه الآن يوجد في هذه المنشأة 28 معتقل فقط.

منذ بداية الحرب خدم في سديه تيمان آلاف الجنود النظاميين ومن الاحتياط، معظمهم تم ارسالهم الى المنشأة في اطار المهمة التي تم القاءها على وحداتهم. آخرون تطوعوا للخدمة فيها لعدة أسباب. في الأشهر الأخيرة وافق عدد من الجنود وأعضاء من الطواقم الطبية الذين خدموا في سديه تيمان على التحدث مع ملحق “هآرتس” عن فترة الخدمة في المنشأة. ثماني شهادات نشرت هنا بدون ذكر أسماء.

ن. وهو طالب من الشمال وجندي في الاحتياط: “أنا تجندت مع الكتيبة في 7 تشرين الأول. تم ارسالنا لحماية بلدات الغلاف، بعد أسبوعين وصلنا الى بئر السبع. كنت في نشاط خارج الوحدة عندما رأيت في مجموعة الواتس اب للفصيل اعلان بأنه يوجد لدينا مهمة أخرى. شيء جديد، الحراسة في سديه تيمان. الامر كان غامض في البداية.

“عندما رجعت الى الفصيل كانت شكوك حول المكان. شخص سألني اذا كنت سمعت عما يحدث هناك. شخص آخر قال لي: هل تعرف أنه يجب الضرب هناك. وكأنه استفزني واراد فحص ردي، اذا كنت يساري أو شيء كهذا. كان أيضا جندي في الفصيل تفاخر بأنه قام بضرب اشخاص في هذه المنشأة. وقد قال بأنه ذهب هو والضابط لنوبة حراسة للشرطة العسكرية وهناك قاما بضرب احد المعتقلين بالعصي. كان لدي حب استطلاع حول المكان، والقصص ظهرت لي مبالغ فيها قليلا. هكذا قمت بالتطوع هناك.

“في سديه تيمان قمنا بحراسة حظيرة للمعتقلين، في النهار وفي الليل، كل نوبة مدتها 12 ساعة. الأطباء والممرضون في الكتيبة ذهبوا لنوبة حراسة مدتها 24 ساعة في المستشفى. بعد انتهاء النوبة كنا نذهب للمبيت في بئر السبع.

“المعتقلون يوجدون هناك في عنبر كبير له سقف وثلاثة جدران حوله. بدلا من الجدار الرابع قبالتنا وجد جدار مع بوابة مزدوجة واقفال كما يوجد في حدائق الكلاب. جدار من الاسلاك الشائكة يوجد حول كل العنبر. موقعنا كان قرب زاويتي الجدار، وخلف كتل من الاسمنت على شكل ثلاثي، في كل موقع يقف جندي وهو ينظر للمعتقلين ويقوم بحراسة رجال الشرطة العسكرية، المسؤولين عن تشغيل المكان. قمنا بنوبات حراسة مدة كل واحدة ساعتين. ومن لم يتواجد في المكان كان يمكنه الذهاب الى مكان الاستراحة، خيمة كان فيها مشروبات وبسكويت.

“المعتقلون كانوا يجلسون في ثمانية صفوف، كل صف فيه ثمانية اشخاص. في احد العنابر كان يوجد 70 شخص وفي الثاني 100 شخص. في الشرطة العسكرية قالوا لنا بأنه يجب على المعتقلين الجلوس ووجوههم نحو الأرض، وأنه محظور عليهم التكلم والحركة. واذا خالفوا التعليمات يسمح بمعاقبتهم”. كيف يعاقبون؟ “على أمور خفيفة يمكن توقيفهم في المكان، واذا استمر الأمر بخصوص مخالفة اشد فان الشرطي العسكري يمكنه اخذ المعتقل جانبا وضربه بالعصا”.

هل تذكر مثال على ذلك؟

“ذات مرة نظر احد الى مجندة، حسب ادعاءها… قالت إنه نظر اليها من تحت عصبة العين وكان يفعل شيء ما من تحت البطانية. الموضوع هو أن الوقت كان شتاء وكانت لديهم بطانيات عسكرية، وطوال الوقت كانوا يحكون. أنا كنت في المكان الثاني ولم انظر الى ذلك الاتجاه. في حينه استدعت الضابط وابلغته. المعتقل كان يجلس في الصف الأول، وكان شخص مشاكس قليلا، حيث محظور عليهم التكلم، ويبدو لي أنه مع الوقت بعضهم اصبحوا مشوشين نفسيا، واحيانا كانوا يبكون أو يبدأون في التنفيس عن انفسهم.

“عندما جاء الشرطي العسكري حاول الشاويش أن يشرح له: اسمع، الامر صعب، هو هنا منذ عشرين يوم، وهو لم يبدل ملابسه وبصعوبة يستحم، وكأنه حاول التوسط. ولكن المجندة مرة أخرى قالت بأنه نظر اليها. الضابط طلب من الشاويش احضار هذا الشخص الى البوابة واخرجه الى الخارج. في هذه الاثناء استدعى جندي آخر من الفصيل، الذي كان في استراحة، والذي كل الوقت قال إنه يريد ضرب المعتقلين.

“هو حمل عصا وهم اخرجوا المعتقل من الحظيرة واخذوه الى منطقة غير مرئية خلف المراحيض التي توجد قرب مكان الاستراحة. أنا بقيت في المكان ولكني سمعت الصوت. مرت دقيقة وبعد ذلك عادوا وهو معهم. لقد رأينا على يديه عند المرفق علامات حمراء، عندما ادخلوه الى الحظيرة صرخ “اقسم بأنني لم انظر”. هو رفع قميصه وشاهدوا أن لديه ندب وقليل من الدماء عند الضلوع”.

الدكتور لي، وهو طبيب في مستشفى عام، قال: “وصلت الى منشأة سديه تيمان في الشتاء، الى خيمة من خيام العلاج. وقد كان هناك 20 مريض تقريبا. الجميع كانوا مكبلي الايدي والارجل في أسرة من الحديد مثل التي كانت تستخدم في المستشفيات لدينا قبل سنوات. جميعهم كانوا في وعيهم ومعصوبي العيون طوال الوقت.

“كان يوجد مرضى في حالات مختلفة. كان هناك من جاءوا بعد فترة قصيرة جدا بعد اجراء عمليات كبيرة. وكان هناك الكثير من المصابين باطلاق نار. كان هناك شخص اطلقوا عليه النار في بيته في غزة، فقط قبل بضع ساعات. كل طبيب كان يعرف أن ما يحتاجه هذا الشخص هو يوم أو يومين من العناية المكثفة وبعد ذلك يتم نقله الى القسم، حيث فقط هناك سيبدأ علاجه. ولكن هذا الشخص تم ارساله الى سديه تيمان بعد مرور ساعتين على العملية، الى الخيمة. في المستشفى قالوا إنه كان يمكن اطلاق سراحه. أنا لا اتفق معهم. مرضى كهؤلاء في المستشفى ينامون في العناية المكثفة، هذا امر لا يمكن الجدل حوله. كان يوجد مريض آخر في حالة تلوث في جسمه وكانت حالته خطيرة. حسب البروتوكول هو لم يكن يجب أن يكون هناك. في سديه تيمان ينبغي فقط معالجة المرضى المستقرين. ولكنه كان هناك وقالوا إنه لا يوجد خيار.

“إضافة الى ذلك لم يكن لدينا هناك جراح، الامر غير معقول في مكان كهذا. الطاقم الطبي كان مهني جدا. الجميع حاولوا وبحق.

“توجد طرق للقيام بعلاج غير جيد، أو حتى تعذيب الشخص بدون إطفاء السجائر على جسمه. ولكن ابقاءه هكذا وهو لا يستطيع الرؤية أو الحركة أو التكلم لمدة أسبوع أو شهر… هذا لا يقل عن التعذيب، خاصة عندما يكون من الواضح أنه لا يوجد سبب صحي. لماذا نقوم بتكبيل ارجل شخص لديه بطن تم فتحها قبل يومين. ألا يكفي تكبيل يديه فقط.

“الموضوع هو أنني عندما كنت هناك كان الامر بدرجة معينة طبيعي لانه يوجد الكثير من المبررات وأيضا العمل الطبي هو في المجال الطبيعي المعروف. ولكن في نهاية المطاف يوجد هنا نزع للإنسانية. أنت لا تتعامل حقا معهم كبشر. من السهل نسيان ذلك عندما لا يتحركون وأنت لا يجب أن تتحدث معهم. أنت يجب عليك التوقيع على اجراء طبي ما، وخلال ذلك يجب عليك اخراج كل البعد الإنساني للطب”.

هل كان لديك تفاعل مع المرضى؟.

“لا. محظور عليهم التحدث. المترجمون يتم استخدامهم فقط للحوار الطبي. حتى أنهم لم يعرفوا من أكون، جندي أو… هم لم يرونوا. هم بالتأكيد سمعوا وشعروا أن شخص وصل لفحصهم.

“أنا كنت خائب الامل لأنني لم أتمكن من النظر في عيونهم. لم أتعلم معالجة مرضى بهذا الشكل، ولا يهم ما الذي فعلوه. الامر الذي صدمني اكثر هو أنه عندما كنت هناك، يجب الاعتراف بذلك، لم اكن حتى حزين. الجميع شعروا بأن كل شيء سريالي على بعد ساعة سفر من بئر السبع، وكأن كل ما تعلمته خلال سنوات في الجامعة وفي المستشفى، كيفية العلاج، كل ذلك موجود، لكن في محيط فيه يحتجزون عشرين شخص عارين في خيمة. هذا شيء لا يمكن أن تتخيله. أنا أفهم أنه لو أننا كنا نحارب في أفغانستان لكنت استطيع بشكل ما استيعاب مستشفى ميداني كهذا. لكن هنا؟”.

ر.، وهو طالب من تل ابيب وجندي في الاحتياط، قال: “تجندت للكتيبة في 11 تشرين الأول. تقريبا مدة شهرين قمنا بحراسة البلدات. رجعنا الى الاحتياط في نيسان، وفجأة قالوا لي بأنهم سيرسلوني الى سديه تيمان. كان هذا وبحق غريب لأنهم ابلغوني خلال فترة قصيرة. زميل في الفصيل قال إنهم قرروا ذلك في اللحظة الأخيرة كي لا يكون لدينا الوقت لاستيعاب ذلك. أنا اعتقد أنهم أرادوا منع معارضتنا.

“عندما وصلنا الى قائد المعتقل، مقدم في الشرطة العسكرية، قال لنا إن هذه المهمة هامة جدا وهي صعبة ومتحدية. وقد قال بأنهم ينفذون كل الشروط، ويقدمون كل الخدمات الطبية والطعام بالسعرات الحرارية المطلوبة، وأن كل شيء حسب القانون. القائد قال ايضا بأنهم يقومون باجراء تفتيش عليه وأنه يوجد تحت المراقبة الدائمة، وأن جنوده منضبطين جدا ويجب أن لا يكون لنا أي تفاعل مع المعتقلين. في نهاية المطاف أكد على أن كل ما يحدث هناك هو على ما يرام وقانوني.

“الامر الأول الذي يصيبك بالصدمة هو الرائحة، هذا مكان نتن حقا بشكل كبير. لهذه الرائحة مثل رائحة عشرات الأشخاص الذين يجلسون باكتظاظ مدة شهر بنفس الملابس وفي درجة حرارة مرتفعة. يسمحون لهم بالاستحمام لبضع دقائق مرتين في الأسبوع. ولكن أنا لا أتذكر أنهم يبدلون ملابسهم، على الأقل ليس في نوبة حراستي.

“جئت الى هناك مع رأس جندي، دون أن اسأل أي شيء واعود الى البيت. لكن حدثت احداث في اعقابها لم أتمكن من الاستمرار هناك اكثر.

“الحادث الأول كان في الحظيرة، عندما جاء أصدقاء من قوة المرافقة الذين كانوا حسب اعتقادي من رجال الاحتياط في الشرطة العسكرية. وقد كانوا يحملون عصي التزلج، وقادوا الى الحظيرة 3 – 4 معتقلين. اجبروهم على المشي وهم في حالة انحناء ومكبلي الايدي وعيونهم معصوبة. كل واحد امسك بقميص الذي امامه، بعد ذلك فجأة شاهدت احد رجال الشرطة، بالضبط على مدخل الحظيرة، وهو يمسك برأس المعتقل الأول ويضربه بشدة ببوابة الحديد. بعد ذلك قام بضربه ثانية وقال له: يلا. عندما رأيت ذلك اصبت بالصدمة. هذا كان امام ناظري… فجأة رأيت شخص مرت برأسه فكرة: جيد، هذا انسان، انا ببساطة يمكنني ضرب رأسه بالبوابة. فقط لأنه خطر ذلك ببالي. البساطة التي فعل بها ذلك فاجأتني. فهو لم يظهر عليه الغضب أو الكراهية، وحتى أنه كان يضحك.

“الاحداث المتطرفة اكثر جاءت بعد ذلك، حيث قالت مجندة بأن احد المعتقلين نظر اليها. بعد ذلك قام 100 رجل شرطة بضربه. وحادث آخر كان عندما جاءت قوة تتكون من 100 شخص لمعالجة معتقل أشار باصبعه الوسطى لجندي”.

هـ.، وهي طالبة عمرها 27 سنة، قالت: “أنا كنت قائدة سرية للمجندين الجدد في الخدمة النظامية، وقد تسرحت قبل ست سنوات. لم يقوموا باستدعائي في أي مرة لخدمة الاحتياط. في شهر أيار وصلتني رسالة قصيرة فيها استدعاء للخدمة بالامر 8، لمهمة في الشرطة العسكرية، بدون أي تفاصيل فهمت من الزميلات اللواتي يقمن بتجنيدنا، مهمة حراسة معتقلين امنيين.

“وصلت الى هناك وحصلت على رقم. جلست في غرفة الانتظار تحت مظلة، كانت هناك طاولات يوجد عليها الفوشار. في هذه الاثناء سمعت محادثات من خلفي، كان هناك من قالوا بأنهم ينوون ضرب المعتقلين أو البصق في طعامهم. اشخاص جيدون اعرفهم تحدثوا عن وحشية وتنكيل بالمعتقلين، وكأنهم يتحدثون عن أمر عادي. لم يحتج أي أحد ولم يتحرك بعدم راحة. ولكن لا أحدث تحدث عن القانون وعن مهمة السلطات.

“نزع الإنسانية هذا اخافني. لم أتمكن من فهم أن بعض الشباب المحيطين بي كل يوم مروا في عملية خطيرة جدا، في فترة قصيرة جدا. بالطبع أنا اتفهم الألم والخوف المرافقين لي منذ تشرين الأول، لكني لم اصدق الى أي درجة نجح ذلك في تشويه رؤية الواقع لاشخاص يعيشون في محيطي. شعرت بأنه يجب توثيق ذلك، اخذت الهاتف وبدأت اكتب كل ما قيل.

أ، وهو طالب من بئر السبع وجندي في الاحتياط، قال: “تجندت للاحتياط في تشرين الأول وحاربت في غزة وتسرحت في كانون الثاني الماضي. في شهر أيار تطوعت لخدمة أخرى في الاحتياط في سديه تيمان. شاهدت اعلان في الفيس بوك بأنهم يبحثون عن جنود تعزيز، وكان مكتوب أنهم يقومون بنوبة حراسة يومية وأن هذا يناسب أيضا الطلاب. عندها ذهبت بالأساس من اجل المال. أيضا اردت قليلا أن اصل الى هناك. لقد توفي لي أصدقاء في حفلة “نوفا”. وكان لدي حب استطلاع كي اشاهد عن كثب الأشخاص الذين فعلوا ذلك.

“خطر ببالي الخدمة هناك مع عدد من وحدات الاحتياط، ويمكن القول بأن معظم الجنود لم يرغبوا جدا بهذه الوظيفة، لذلك كان نقص كبير في القوة البشرية وهم كانوا بحاجة الى اشخاص مثلي، يأتون لاكمال

نوبات الحراسة.

“وصلت الى المكان مع خوف كبير. قرأت أشياء في الصحف، أيضا خفت من المكان نفسه. مع ذلك، أنت تقوم من مسافة الصفر بحراسة قتلة. هم أيضا يعرفون كيف يقاتلون. ولكن هذا فقط في نوبة الحراسة الأولى. مع مرور الوقت كان تكيف وبشكل عام لم أر أي شعور حقيقي بالخوف على الأرض.

“أنا قمت بالحراسة في العنابر وفي المستشفى. لا توجد شكاوى على الطاقم الطبي، هم ملائكة. هل تعرف ماذا يعني تغيير الحفاضة لمخرب وتنظيف مؤخرته؟. هم يفعلون ذلك مع احترام نبسي وبدون إهانة. أحيانا كان هناك القليل من الضحك على المرضى. واحيانا كانوا يطلقون عليهم أسماء ربما مهينة، لكن بشكل عام قاموا بعمل مقدس.

“عندما كنت هناك قاموا بنقلهم الى منشأة جديدة، 6 خيام كبيرة، فيها تكييف، وجلبوا الكثير من اللوازم. عرفت أن ذلك كان لأنه يوجد تفتيش. أيضا في الإحاطة قبل المهمات كان حديث بأنهم في وقت ما كانوا يعاقبونهم بالوقوف والايدي الى اعلى. ولكن هذا لا يعتبر أمر قانوني أو مهم.

“بسبب الضغط في الخارج كان هناك طوال الوقت من التسريب ومن وسائل الاعلام. دائما قالوا بأنه يجب علينا التحدث قليلا، وكأن ما يحدث في سديه تيمان يجب أن يبقى هناك. هذه كانت الأجواء السائدة. هذه كانت الرسالة التي يرسلونها. كان محظور التصوير. فقد قالوا إن هذا خطير جدا واذا تسربت الصور فسيستدعون الشرطة العسكرية التي ستجري تحقيق.

“هم يجلسون فقط على الفرشات، مكبلين وعيونهم معصوبة. هل يمكنك استيعاب ماذا يفعل ذلك بهم؟ أنت حقا تشاهد الفرق بين الجدد وبين الذين يوجدون هناك منذ أسابيع. بعد ذلك قمت بتجربة في البيت، أردت اختبار ذلك. جلست ووضعت منديل على رأسي، بدون قيود وبدون جوع، عصبت عيوني ووضعت منبه ليرن بعد ساعة. بعد عشر دقائق خطر ببالي الموت. بعد عشر دقائق أخرى اصبت بالانهيار. فكر في حدوث لأسبوع أو شهر. لدي شعور بأنه في نهاية المطاف سيكون اتفاق، والكثيرين منهم سيعودون الى قطاع غزة، وهناك سيعملون منهم نصب تذكارية تمشي على ارجلها. لقد اخذوا هؤلاء الأشخاص وقرروا ضربهم . بعد خمسين سنة عندما سيمشون في شوارع غزة الناس سيشيرون اليهم ويقولون: هل ترى هذا المسكين؟ قبل سنوات كثيرة تجرأ على مهاجمة إسرائيل”.

——————————————–

هآرتس: بتخفيض تصنيفها الائتماني.. نتنياهو وسموتريتش يقودان الدولة إلى خراب اقتصادي

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش

خفضت ثلاث شركات دولية للتصنيف الائتماني تصنيف إسرائيل في الأشهر الأخيرة ووضعت توقعاً سلبياً لما سيأتي، والذي يعني خطراً بتخفيض إضافي للتصنيف. تدفع إسرائيل الآن ثمن تخفيض التصنيف بأنها تجند ديوناً في الأسواق المالية لتمويل الحرب بفوائد عالية، ما سيثقل على ميزانية الدولة في السنوات القادمة. كما أن الحرب وخطر التصعيد تجاه إيران وحزب الله سبب مركزي لكنه ليس الوحيد لتخفيض التصنيف. فشركات التصنيف تفحص أيضاً قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات التي تعطي جواباً للمخاطر الاقتصادية.

وبسبب استمرار الحرب وكلفتها العالية كان يفترض بالحكومة أن تبلور ميزانية دولة مسؤولة للعام 2025 تتضمن مسارات لتخفيض الدين، وتقليص وزارات حكومية زائدة، ووقف سلب ونهب الأموال الائتلافية وخطوات ضريبية وغيرها محدثة للنمو أيضاً، كي تبث للأسواق بوجود أياد واثقة على الدفة.

لكن رئيس الوزراء، نتنياهو، غير مستعد لاتخاذ أي قرار يعرض استقرار حكومته للخطر، ويفضل الركل بإعداد الميزانية إلى المستقبل وتعريض الاقتصاد للخطر. وزير المالية، سموتريتش، الذي كان يفترض أن يطلق الصوت المسؤول في المجال الاقتصادي، يتملص من واجبه وينشغل في تبطين الشركاء الائتلافيين بالميزانيات، لتنمية المستوطنات وبهذيانات عن الاستيطان في غزة وفي حزام أمني في لبنان. أثمان هذه الأفكار لا تشغل باله ولا تخفيض التصنيف الائتماني أيضاً. سموتريتش يخطئ بحق منصبه ويضعضع استقرار الاقتصاد الإسرائيلي حين لا يعمل على رفع ميزانية دولة مسؤولة وشجاعة في المدى القريب.

أحد مبادئ مفهوم الأمن لدى إسرائيل منذ عهد بن غوريون كان إدارة معارك قصيرة، وذلك بسبب ما يلحق بالاقتصاد من ضرر. أما نتنياهو وسموتريتش فيؤديان بنا إلى خراب اقتصادي إذ يمددان الحرب ويفشلان الجهود لتجنيد شباب حريديم، ما يستهدف تقليص التمييز وتضييق الضرر الاقتصادي. إضافة إلى إخفاقات حكومة نتنياهو المسيحانية الكثيرة، فإنها تعمل أيضاً بخلاف المصالح الاقتصادية لدولة إسرائيل. إذا لم تستبدل، فستجد إسرائيل نفسها في خراب اقتصادي.

 

هآرتس 16/8/2024

“هآرتس”: هل أجواء مفاوضات الدوحة إيجابية حقاً؟

الأميركيون يوزّعون جزرات، لكن نتنياهو يخشى العصي التي تنتظره في “إسرائيل” في حال وافق على الصفقة.

الكاتب: عاموس هرئل

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تنشر مقالاً لمحلل الشؤون العسكرية لديها، عاموس هرئل، يتحدّث فيه عن الأخبار الإيجابية التي يتمّ نشرها في الإعلام الإسرائيلي عن مفاوضات الدوحة، ويتساءل عمّا إذا كان نتنياهو سيخاطر بحكومته من أجل التوصّل إلى صفقة، وعما إذا كان يبالي بالخطر المحتمل الذي يواجه “إسرائيل” في حال توسّعت رقعة الحرب.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

مساء أمس، مثل عدة مرات أخرى في الأشهر الأخيرة، سيطرت نبرة إيجابية حذرة على الأخبار التلفزيونية، إذ قام مراسلو الشؤون الدبلوماسية للقنوات – ولعلهم المجموعة الأكثر تفاؤلاً في عالم الإعلام الإسرائيلي – بتسويق الرسالة الدورية من مكتب رئيس الوزراء، والتي جاء فيها أنّ بنيامين نتنياهو لانَ قليلاً، وأرسل فريق التفاوض الإسرائيلي إلى القمة في الدوحة، قطر، مع زيادة مجال المناورة الذي قد يسمح بإبرام صفقة تؤدي في النهاية إلى تحرير الأسرى ووقف إطلاق نار مع حماس في قطاع غزة.

ورفعت هذه التقارير سقف التوقّعات، المرتفع أصلاً، لدى أهالي الأسرى. ففي الأيام التي سبقت القمة، سمعوا توقّعات إيجابية نسبياً من ثلاثة أشخاص هم الأقرب إلى رئيس الوزراء، وهم الوزير رون درمر، ورئيس “شاس” أرييه درعي، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي.

يعتقد بعض الأشخاص الذين تحدّثوا معهم أنّ هذه المرحلة هي الأقرب إلى التوصّل إلى صفقة منذ تفجّر أول صفقة أسرى في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي. حتى أنّ درعي أوضح للعائلات أنّ احتمالية التوصّل إلى صفقة هو السبب وراء عودته للمشاركة في جلسات الكابينت بعد أسابيع طويلة.

لكن نتنياهو يستمر في اتباع أسلوب التقريب بيد والإبعاد باليد الأخرى، وكعادته مهتم بالدرجة الأولى بكسب الوقت. من الصعب أن نرى صفقة من شأنها أن تعرّض استقرار حكومته للخطر، وقد تسرّع انسحاب حزبي اليمين المتطرف، هي على رأس اهتماماته ويوافق عليها.

من ناحية أخرى، هناك ضغوط أميركية متزايدة، ربما غير مسبوقة، للتوصّل إلى صفقة. وجاءت هذه الضغوطات في إثر الخطر الحقيقي المتمثّل في اندلاع حرب إقليمية، والتي ستشمل أيضاً إيران وحزب الله بشكل كامل. وهذا الصدام المحتمل، هو من بين الاعتبارات التي ستحسم موقف نتنياهو.

وفي الأثناء، قنابل الطن الدقيقة الأميركية في طريقها إلى سلاح الجو الإسرائيلي قريباً، وفي أقل من أسبوع، تمت الموافقة على تحويل جزء من منحة المساعدة الأمنية الخاصة (3.5 مليارات دولار من أصل 14.1 مليار دولار) التي تمّ التعهّد بها في نيسان/أبريل الفائت، وتمّ التعجيل بصفقات شراء دفاعية بقيمة 20 مليار دولار من أموال المساعدات الأميركية السنوية.

الخطوة الأكثر إثارة للإعجاب تمّت في القيادة المركزية للجيش الأميركي. ففي الأيام العادية، يتمركز بضعة آلاف فقط من الجنود الأميركيين في الدول المجاورة لـ “إسرائيل”، لكن ارتفع عدد الانتشار ليشمل عشرات الآلاف من الجنود وحاملتي طائرات وعدداً كبيراً من السفن ومئات الطائرات المقاتلة.

وهذه هي المرة الثالثة التي ترسل فيها الولايات المتحدة قوات كبيرة لمساعدة “إسرائيل” منذ بداية الحرب، والمرتان السابقتان كانتا في تشرين الأول/أكتوبر ونيسان/أبريل. وهذا يؤكد أنّ الكليشيهات القديمة التي تقول إنّ “إسرائيل” ستدافع عن نفسها بنفسها لم تعد صحيحة.

وإذا قرّرت إيران الهجوم سيحدث شيء في الشرق الأوسط، لكن ليس هناك ما يضمن أنّ “إسرائيل” لديها إجابات استراتيجية جيدة بما فيه الكفاية لهذا الوضع المحتمل. ويسأل أشخاص يعملون مع نتنياهو وتحت قيادته منذ سنوات، لماذا هو غير مبال بالمخاطر؟

——————————————–

“وول ستريت جورنال”: سموتريش يحتل الضفة الغربية بهدوء

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش يستخدم بهدوء أدوات سياسية غير معروفة لضمّ مزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة.

سموتريش ومجموعة مستوطنين في حي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية تنشر تقريراً تتحدث فيه عن الاستيطان الإسرائيلي المتزايد منذ تعيين بتسلئيل سموتريش وزيراً للمالية، وتخصيص مبالغ كبيرة لاحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.

من بين الأطراف اليمينية المتطرفة في السياسة الإسرائيلية، دعا بتسلئيل سموتريش لسنوات إلى ضم الضفة الغربية. والآن، كوزير في قلب الحكومة، فهو يستخدم أدوات سياسية غير معروفة لضم هذه الأراضي إلى الأراضي المحتلة بهدوء.

يوم الأربعاء، احتفل سموتريش، وهو وزير المالية الإسرائيلي، بأحدث إنجازاته: إنشاء حدود بلدية لبناء مستوطنة يهودية جديدة ستربط كتلة استيطانية كبيرة في الضفة الغربية بالقدس. وسيتم بناء المستوطنة الجديدة، المسماة “ناحال حليتس”، داخل أرض تم تصنيفها موقعاً للتراث العالمي لليونسكو في عام 2014.

وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية ينتهجها المستوطنون الإسرائيليون لعزل البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية عن القدس الشرقية، ما يقلل من احتمال أن تصبح القدس الشرقية في يوم من الأيام عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة.

وقال سموتريتش يوم الأربعاء، محتفلاً بقرار المكاتب الخاضعة لسيطرته المضي قدماً في المستوطنة الجديدة: “سنواصل محاربة الفكرة الخطيرة المتمثلة في الدولة الفلسطينية، وسنخلق حقائق على الأرض.. هذا هو هدفي، وسأستمر فيه قدر استطاعتي”.

وصل سموتريش إلى السلطة أواخر عام 2022 عندما ساعد حزبه الصهيوني الديني اليميني المتطرف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الفوز بأغلبية برلمانية ضئيلة. واكتسب سموتريتش نفوذاً على السياسة في الضفة الغربية، وهو ينشر نفوذه بسرعة لإعادة تشكيل المنطقة.ومنذ توليه منصبه،

تقول منظمات رقابية فلسطينية وإسرائيلية إنّ مصادرة الأراضي وتصاريح البناء والبؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية تزايدت، كما ارتفعت عمليات هدم منازل الفلسطينيين. وبصفته وزيراً للمالية، قام سموتريش بتوجيه مئات الملايين من دولارات دافعي الضرائب نحو تطوير خطته.

وخصّصت ميزانية “إسرائيل” لعام 2024 نحو 960 مليون دولار أو 25% من ميزانية وزارة المواصلات للبنية التحتية والطرق لتحسين شبكة الطرق في الضفة الغربية. ويوجد ما يقارب 500 ألف مستوطن في الضفة الغربية. هذا الأمر هو علامة على تحسن نوعية الحياة في المستوطنات الإسرائيلية، الأمر الذي قد يجذب المزيد من الإسرائيليين للانتقال إلى هناك، ويؤدي إلى تهميش الفلسطينيين بشكل أكبر.

وأشرف سموتريتش على إنشاء هيئة مدنية تسمى إدارة المستوطنات تتمتع بسلطة واسعة على القضايا المدنية، بما في ذلك الاستيلاء على أراضي الضفة الغربية والموافقة على توسيع المستوطنات وإصدار تصاريح البناء.

ومهّدت هذه التغييرات الطريق لتخصيص ما يقارب 6000 فدّان في الضفة الغربية كأراضٍ إسرائيلية، وهو ما يمثّل مقدمة للمستوطنات المستقبلية في تلك المناطق. وقالت منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية لمراقبة الاستيطان: “حتى الآن، تم الاستيلاء على المزيد من الأراضي مقارنة بالعقود الثلاثة الماضية. وتم بناء آلاف الكيلومترات من الطرق، ما أدى إلى توسيع نطاقها إلى عمق المنطقة”.

ومنذ مطلع عام 2023، ارتفع العدد الإجمالي للبؤر الاستيطانية غير القانونية إلى نحو 200، بزيادة قدرها 25% عن العام السابق، وفقاً لمنظمة “السلام الآن”. وقالت المنظمة إنّه خلال ذلك الوقت، بدأت الحكومة الإسرائيلية عملية الموافقة على 20 ألف منزل جديد في الضفة الغربية، مقارنة بـ8000 منزل في العامين من 2021 إلى 2022. وتعتبر المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية غير قانونية في نظر الكثير من المجتمع الدولي.

وقال سموتريتش عن خططه في الضفة الغربية، وفقاً لتسجيل أصدره ناشطون إسرائيليون مناهضون للاستيطان في شهر حزيران/يونيو، وتم التحقق منه من قبل صحيفة “وول ستريت جورنال”، إنّ “الهدف هو تغيير الحمض النووي للنظام لسنوات عديدة”، مضيفاً أنّ “الهدف النهائي هو تشديد السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، ومنع إمكانية قيام دولة فلسطينية، مع تجنب الاهتمام الدولي”.

وكتب سموتريش في موقع “X” في بداية شهر تموز/يوليو بعد الإعلان عن 6000 منزل جديد في المنطقة: “نحن نبني أرضنا ونمنع إقامة دولة فلسطينية”.

ويمكن للتغييرات التي يجريها سموتريش أنّ تضع الحجر الأساس للسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية في كل شيء باستثناء الاسم.

——————————————–

التجهيزات الإسرائيلية في مواجهة الرد الإيراني

بقلم: نير دفوري

يعيش المجتمع الإسرائيلي في الأيام الأخيرة حالة من “الروتين المتأهب”، وهكذا أيضاً تتعامل المنظومة الأمنية مع الموضوع. الجميع في حالة جاهزية عالية جداً لمواجهة أيّ تطور يمكن أن يحدث من جهة “حزب الله” وإيران. في إسرائيل، هناك جاهزية للتطورات في كل لحظة، حتى لو لم يعلم أحد متى ستحدث بالضبط. وعلى الرغم من ذلك، فإنهم يدركون أمراً واحداً، استناداً إلى الاستخبارات: هم سيردّون بالتأكيد.

هناك محاولات تنسيق بين إيران و”حزب الله” بشأن تنفيذ هجوم مشترك ضد إسرائيل، لكن في محور المقاومة، هناك أيضاً مصالح متضاربة. وهذا يمكن أيضاً أن يكون سبب التوتر الذي نعيشه الآن، وهو أن الطرف الآخر، كما يبدو، لم يقرر بعد متى وكيف سيضرب، بسبب خلافات في الرأي، أو عدم توافُق. يبدو أنهم يواجهون صعوبة في التوصل إلى معادلة ردّ مثالية – مؤلمة ورادعة، وفي الوقت نفسه، لا تؤدي إلى حرب.

في هذه الحالة، تتجهز إسرائيل أيضاً لإمكان أن يقرر حزب الله العمل منفرداً، ولا ينتظر القرار من إيران، في محاولة لمفاجأة إسرائيل. يعلم الطرف الثاني أنهم إذا قرروا العمل معاً، فمن السهل كشف ذلك مسبقاً.

في مقابل هذه التهديدات، هناك أيضاً جاهزية عالية جداً لدى سلاح الجو والاستخبارات في الجيش. إسرائيل تقوم بالعديد من الخطوات التي لا يمكن تفصيلها كلها، لكنها تهدف إلى إزالة التهديد قبل تنفيذه حتى. هذه التجهيزات تشمل أيضاً عشرات الطائرات الحربية الموجودة في حالة تأهُّب.

وبالإضافة إلى الاستعدادات والقدرة على التصدي، لدى إسرائيل جاهزية عالية للدفاع في مواجهة أيّ هجوم. يجب التذكير بأن الدفاع ليس كاملاً، إلّا إن إسرائيل خلقت لذاتها طبقات سميكة من الدفاع من طرفها، وأيضاً من طرف الائتلاف الدولي الذي يقف إلى جانبنا، بقيادة الولايات المتحدة التي نشرت قواتها العسكرية انتشاراً أوسع من أيّ مرة سابقاً – أكثر كثيراً مما رأيناه في هجوم نيسان.

أمّا على صعيد الهجوم، فقد صادق المستوى السياسي على العديد من العمليات التي قدمها له الجيش.

إسرائيل تعيش جاهزية كاملة لإمكان الرد السريع، لكن كل شيء متعلق بحجم الهجوم من طرف إيران وحزب الله – ونجاحه. لقد أعدت المنظومة الأمنية عمليات قاسية للرد على كل هجوم، ليس فقط ضد حزب الله، بل أيضاً ضد إيران نفسها، في حال كان علينا التعامل مع هجوم مباشر. هذا الهجوم الإسرائيلي يمكن أن يكون شبيهاً بالهجوم الذي شهدناه في اليمن.

تقوم إسرائيل، إلى جانب الأميركيين، بجمع معلومات استخباراتية، تكون صالحة في لحظة حدوث أيّ تطورات. خلال الأسبوع الماضي، قام الجيش بزيادة عملياته في لبنان – على صعيد جمع المعلومات، وأيضاً الهجوم على الأهداف. هناك وسائل طيران مختلفة تحلّق طوال الوقت في الأجواء اللبنانية. من جانبهم، الأميركيون دفعوا بغواصة مزودة بمئات الصواريخ إلى المنطقة، والمقصود أداة هجومية وليس أداة دفاعية. إنها رسالة واضحة إلى الطرف الآخر، مفادها أن إسرائيل والولايات المتحدة جديتان في التهديد، وهو أيضاً ما يبدو واضحاً في المعلومات الاستخباراتية التي تشير إلى أن الطرف الآخر يأخذها على محمل الجد.

يجب التوضيح أنه بعكس كل ما نُشر حتى الآن، لم يتم تشخيص أيّ تجهيزات ميدانية، تحضيراً لضربة ممكنة.

هذه الأيام متوترة ومعقدة جداً، وإسرائيل لا تقف وحدها في مواجهة هذا التهديد. إنها تبادر وجاهزة، بالتعاون مع حلفائها. جميع أنواع الاستخبارات تعمل. وعندما يحدث أيّ تطور، فإن الجمهور سيعلم به.

 

أخبرْني يا نصر الله متى يمكنني العودة إلى بيتي؟

بقلم: مناحيم هوروفيتس

لطالما تركت زيارات القادة أو كبار الضباط إلى البلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود الشمالية انطباعاً بصرياً جيداً، وقد كان رؤساء الحكومات، ووزراء الدفاع، ورؤساء هيئة الأركان، وقادة الألوية يعلمون هذه الحقيقة، ولطالما اهتم هؤلاء بدعوة كاميرات الصحافة إلى جولاتهم المنظمة، فوجود جبال الجليل الدراماتيكي في خلفية الصور، والقرى والبلدات الواقعة وراء الحدود، وخط النقاط العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، وسهل الحولة الممتد من الشرق، يُعد ديكوراً مثالياً في الخلفية، لصورة يرغب فيها القادة والزعماء. هل تعرفون موضة معاطف الـ «يونيكولي» السوداء التي يرتديها القادة؟ قبل أربعين عاماً، تمثلت الموضة في ملابس «battle dress» [نوع من الملابس الشتوية العسكرية، يتكون من قطعة واحدة، راج استخدامها إسرائيلياً، في سنوات السبعينيات والثمانينيات، وخصوصاً في صفوف الجيش وأعضاء الكيبوتسات، في إحالة بصرية للجندي وعضو الكيبوتس الذي لا يُقهر في شتاء الضفة الغربية أو برد الجليل، وهذه الملابس القماشية السميكة والخشنة تم إنتاجها لدى اندلاع الحرب العالمية الثانية، وانتقلت إلينا بعد سنوات عديدة.

وتختلف المعاطف والأزياء التي يرتديها هؤلاء القادة لدى زيارتهم إلى بلدات الشمال، لكن التصريحات تظل شديدة التشابه: «سنسحق العدو»، و»سنهزم حزب الله»، و»سنقضي على ’الإرهاب’«، و»سنقضي على التهديدات الآتية من الشمال»، إنها صرخات المعركة نفسها، والتبجح ذاته، والوعود عينها. إنها الثقة بالنفس ذاتها (على الأقل، الثقة الظاهرية بالنفس)، وكذلك الانطباع نفسه الذي يتركه هؤلاء، بأن كل شيء يعتمد عليهم. لطالما تبجح هؤلاء في جولاتهم قائلين إن علينا فقط أن نقرر إذا ما أردنا «إعادة لبنان إلى العصر الحجري»، وهنا، عليّ أن أعترف بأنني، حتى في ذلك الوقت، لم أكن مبهوراً حقاً بتلك التصريحات، فكم حريٌّ بي ألاّ أصدقها اليوم، ولماذا؟ فلنقل إنها مسألة خبرة بهؤلاء.

ربما يكون البعض قد نسي، لكن في الماضي، كان هناك حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية، حيث قاتلنا كتفاً إلى كتف مع مقاتلي جيش لبنان الجنوبي ضد «حزب الله» وباقي المنظمات «الإرهابية» التي وجدت حضناً دافئاً لدى جارتنا الشمالية. وقد تكررت دائماً الحوادث التي يلمح فيها جنود جيش لبنان الجنوبي هيئات مشبوهة لأشخاص يتسللون في الليل، فيقومون بإطلاق النار نحوهم، وبعد ذلك بوقت قصير، كنا نشهد إعلاناً يُنشر في إحدى وسائل الإعلام التابعة لـ «حزب الله» بشأن «جريمة قتل مدنيين نفذها العدو الصهيوني»، وكان انتشار خبر كهذا هو الإشارة التي تتلقاها عائلتي، فتستدعي عقد اجتماع عائلي، لكي نقرر معاً إن كان علينا أن ندخل الملجأ لبضع ساعات، أو أن نصعد إلى سيارتنا وننتقل جنوباً أو شرقاً، خارج الحدود المعروفة للقطاع المستهدف؛ فكان يمكننا الذهاب بالسيارة إلى «كفار بلوم» أو مفترق «جوما» أو أن نقترب حتى من الحدود حيث بلدة المطلة، على مسافة بضع دقائق من المنزل، وأن نتجول هناك من دون خوف أو وجل. وكنا ننتظر القصف، الذي كان عادة لا يتأخر في الوصول، على الرغم من أنه لم تكن هنالك مسيّرات، أو صواريخ مضادة للدروع، أو ذخائر خاصة لدى الحزب في ذلك الوقت، كما لم تكن لدينا بطاريات قبة حديدية. مهما يكن من أمر، فقد كانت الصواريخ تحط في مدينتنا [كريات شمونة]، وكنت أقضم أظافري وأنتظر أن يرن جهاز النداء [Beeper] في انتظار إعلان انتهاء تلك الجولة من التصعيد، لكي أتمكن من القرار إذا كان عليّ أن أترك المدينة لبضع ساعات أم لا. ولم نكن في تلك الأثناء في حاجة إلى مجلس حربي أو أوامر صادرة عن قيادة الجبهة الداخلية، أو إلى أي توجيهات أو تقديرات مواقف أُخرى. كان نصر الله هو من يدير حياتنا، وكانت قواعد اللعبة معروفة بالنسبة إلينا.

وها نحن نعيش حرباً مع «حزب الله» على امتداد 10 شهور، وعليّ الاعتراف بأنها حرب غريبة إلى حد ما، وهي حرب بدت، حتى هذا الأسبوع، كما لو كانت معركة بين ملاكمَين، يضرب كل منهما الآخر بدوره، لكنّ كلاً منهما يحترس من توجيه الضربة القاضية إلى خصمه، وكما لو كان على كل منهما أن يظل واقفاً على قدميه وأن يواصل إطلاق التهديدات.

على مدار 10 شهور خلت منازل عشرات الآلاف من المواطنين في الشمال، وتحول قطاع كامل من البلد، عملياً، إلى منطقة عسكرية مغلقة، ودولة إسرائيل، بجميع قدراتها العسكرية والاستخبارية، تلاقي مصاعب جمة في مواجهة حزب الله. ويمكن للمرء أن يجادل بشأن نجاح إسرائيل في حربها في مواجهة «حماس»، لكن أكثر الناس تشاؤماً سيعترفون بأن الآلة الحربية لحزب الله لا يوجد تشابه بينها وبين الآلة التي خططت ونفذت «مجزرة» 7 تشرين الأول/أكتوبر. انظروا إلى ما حققناه في القطاع، انظروا إلى عدد القتلى هناك، والأنفاق المدمرة، والأسلحة التي تبددت، والشحنات التي تم تدميرها، والقادة الذين تمت تصفيتهم، والأرض التي تم الاستيلاء عليها، وعلى الرغم من هذا، فإنه لا يزال بعضنا يجادل في حقيقة أن هذا كله قد شل «حماس» تقريباً، لكن حينما نتحدث عن حزب الله، فإن علينا هنا أن نعترف بأنه على الرغم من مقتل عدة مئات من صفوف ذلك التنظيم، وعدد المسؤولين الذين تمت تصفيتهم، فإنه ما من أحد هنا يصدق ولو للحظة أن منظمة نصر الله، حتى بعد كل ما حدث مؤخراً، باتت على شفا التفكك.

ربما فوتنا فرصة للتحرك الشامل في الماضي ضد «حزب الله»، وربما ستلوح فرصة كهذه في المستقبل، ولعلها تلوح في المستقبل القريب، لكن من يتحدث الآن عن سيناريو لإنهاء الحرب ليس عليه أن ينظر إلى غزة أو القدس أو واشنطن، فمن يرغب بذلك، عليه أن يشخص ببصره إلى بيروت. وقد قال حسن نصر الله، أكبر أعداء إسرائيل في القرن الواحد والعشرين في بداية الحرب، إنه سيواصل توجيه الضربات إلينا إلى أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وفرض علينا القواعد عملياً، وهو الآن يلتزمها أيضاً. إن عشرات الآلاف من البشر المهجرين من الجليلين الأعلى والغربي يعرفون جيداً كيف ستتم الأمور في هذه المرة أيضاً؛ ليس عن طريق إعلان احتفالي بالنصر تطلقه دوائر صنع القرار السياسي في تل أبيب، ولا إعلان صادر عن الأمم المتحدة، ولا عبر الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام، إنما سنعود إلى منازلنا في الشمال فقط بعد أن يعلن نصر الله أن هذه الجولة قد انتهت بالنسبة إليه.

كيف يمكن للمرء أن يعيش حياته، أو يخطط لمستقبله، حينما يعتمد في ذلك على مخططات وأهواء أحد «الإرهابيين»؟ هذا هو السؤال الذي يجب على دولة إسرائيل أن تطرحه على نفسها، وتحاول الإجابة عنه بصدق هذه المرة. وإلى ذلك الحين، سيواصل نصر الله اتخاذ القرارات بالنيابة عنا.

 

——————انتهت النشرة——————