الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 21/8/2024

لكل إمرىء نصره المطلق

بقلم: أودي ليفي

حوار طرشان يجري بين إسرائيل وحماس. ويبدو انه وصل الى طريق مسدود. يبدو ان حماس وإسرائيل ليستا ناضجتين للوصول الى اتفاق إذ ان لهما مصلحة مشتركة – البقاء، الذي يستوجب من ناحية الطرفين “نصرا مطلقا”. بالنسبة للسنوار المعنى هو وقف الحرب واعمار غزة. من ناحية نتنياهو – بقاء حكمه. المقترح المطروح على الطاولة ليس مرضيا لاي من الطرفين.

لكن هل يحتمل ان يكون الطرفان يحللان على نحو غير صحيح “صورة النصر”؟ من ناحية إسرائيل هي تركز على إبقاء قوات الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، آلية رقابة على عبور السكان الى شمال القطاع وإمكانية مواصلة القتال. من ناحية إسرائيل، إنجازاتها حتى الان في القطاع مبهرة، ومطالبها ستضمن تحقيق “النصر المطلق”. من ناحية حماس، فان قدراتها العسكرية والسلطوية في غزة تضررت بشدة. بالمقابل، فان قدراتها في الضفة لا تزال قائمة، ومحور تهريب السلاح والمال من الأردن الذي يزود المعركة بالوقود يواصل العمل بلا عراقيل تقريبا. لقد نجحت المنظمة في أن تبني جبهة جديدة من منطقة لبنان تضم الاف المقاتلين وتعتمد على حزب الله وعلى ايران. واساسا، نجحت حماس في السنة الماضية في تثبيت قوة غير مسبوقة في ارجاء العالم – بنية تحتية فاعلة في كل ارجاء العالم، وهي ظهرها الاقتصادي، اللوجستي والسياسي. بمساعدة قطر والاخوان المسلمين، تعززت هذه المنظومة جدا وأصبحت درعا استراتيجيا يجند مئات ملايين الدولارات، يساعد لوجستيا (بما في ذلك بناء الانفاق في غزة) يعنى بالحرب على الوعي، يشغل لوبي إسلامي في العالم، يجند طلاب – وعمليا جعل حماس اسما مرادفا لقيادة الشعب الفلسطيني. كنتيجة لذلك، فان حماس يعترف بها كحركة عالمية وتحظى بدعم قوى عظمى كروسيا.

في واقع تكون فيه لحماس اذرع سياسية، اقتصادية وفكرية، ينبغي التغيير المطلق للمفهوم الأساس القديم لإسرائيل بشأن “النصر المطلق”. تنازل السنوار عن الشروط الاسرائيلية لا يشكل أي تهديد استراتيجي على حماس ويمكنه أن يرمم قدراتها في غزة. حماس تخرج من الحدث الأخير معززة القوة، مع بنية تحتية حول العالم وفرصة غير صغيرة لاعادة بناء قدراتها، واساسا – تدعي بان تكون ممثلة الشعب الفلسطيني.

لو كنت مستشارا ليحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحماس لكنت قلت له: “وقع على الاتفاق بما في ذلك مطالب إسرائيل”، وذلك لانه في هذه المطالب لا يوجد عمليا شيء يمنع الترميم الاستراتيجي لحماس، ناهيك عن انه حتى قبل الحرب بحثت في حماس خيارات بديلة لمحور فيلادلفيا وللتهريبات الى غزة. ان موافقة حماس على الصفقة ستنزل رافعة ضغوط ثقيلة جدا تمارس على قطر وتهدد المشروع العلم للاخوان المسلمين – السيطرة على الغرب. إضافة الى ذلك فان مجرد الموافقة على الصفقة ستزيل تهديدا جوهريا على ايران، التي تخشى من ان يكون من شأن الحرب في غزة ان تؤدي الى ضربة استراتيجية لتطوير القدرة النووية لديها، وعن حزب الله أيضا، الذي يخشى من معركة شاملة مع إسرائيل. من ناحية السنوار فان قبول الاتفاق كما هو هو “النصر المطلق”.

*رئيس وحدة سابق في الموساد

——————————————–

يديعوت احرونوت 21/8/2024

فلنفرض حصارا على شمال القطاع

بقلم: غيورا آيلند

سواء المستوى السياسي أم الجيش الإسرائيلي قضى بالقطع في بداية المعركة في القطاع بان “فقط الضغط العسكري” سيسمح بتحقيق اهداف الحرب. مرت اكثر من عشرة اشهر ولا يبدو أننا قريبون من تحقيق أي من الأهداف. وسبب عدم النجاح  ليس لان العملية العسكرية فشلت. العكس هو الصحيح. العملية العسكرية تنفذ كما ينبغي. غير أنها وحدها لا تسمح بتحقيق الأهداف.

لقد تخلت إسرائيل منذ بداية الحرب عن جهدين هامين بقدر لا يقل. الجهد الأول هو سياسي. عندما سُئل رئيس الوزراء منذ أكتوبر من معظم زعماء العالم الحر حول اليوم التالي، أجاب بغرور: “عندما نصل الى اليوم التالي، نتحدث عن هذا”. الجواب الذي كان يجب ان يعطى هو التالي: “في اليوم التالي لن يكون في غزة حكم حماس، لكن أيضا لن يكون حكم عسكري إسرائيلي. إسرائيل مستعدة منذ الان لان تجري حوارا مع كل جهة عربية ومع كل جهة غربية. كل حل يضمن ان تكون غزة مجردة من السلاح في اليوم التالي – يكون مقبولا علينا”.

الجهد الثاني الذي تخلينا عنه هو الضغط الاقتصادي. صفقة المخطوفين الاولى في تشرين الثاني حققت لسبب بسيط. حتى ذلك الحين دخلت الى غزة شاحنتا تموين فقط. المطلب الأساس لحماس في اطار تلك الصفقة كان زيادة عدد الشاحنات الى 200 في اليوم. دكتاتوريون مثل السنوار لا يفزعون من الضغط العسكري. من ناحيتهم كلما قتل فلسطينيون اكثر بنار الجيش الإسرائيلي، فان الامر يخدمهم. لكن الدكتاتوريون يخافون من شيئين: من وجود بديل سلطوي ومن وجود جمهور غاضب. إسرائيل، عن وعي، تخلت عن هذين الامرين، والنتائج كانت تتناسب مع ذلك.

الوضع اليوم في قطاع غزة هو ان حماس راضية لاربعة أسباب: تموين الغذاء والوقود لسكان القطاع مضمون؛ حماس هي التي تسيطر عليه؛ توزيع الغذاء يثري صندوقها؛ وبمعونة تلك الأموال سهل عليها تجنيد مقاتلين جدد. في هذه الظروف لا يوجد أي سبب يجعلها تسرع للموافقة على صفقة. الصعوبة في الوصول الى صفقة مخطوفين تنبع من سبب آخر. الامر الوحيد الذي يمكنه أن يقنع حماس للموافقة على صفقة هو انهاء الحرب. انهاء في نظرها يمثل انتصارها واستمرار بقائها في الحكم. لقد وافقت المنظمة قبل اشهر على صيغة بسيطة: إعادة كل المخطوفين مقابل اعلان رسمي (زائد ضمانات) بان الحرب انتهت وان الجيش الإسرائيلي ينسحب من القطاع. نتنياهو لم يكن مستعدا لذلك، اصر على ان الحرب يمكنها أن تستمر، ومن هنا نشأت صيغة شوهاء، تلك التي يبحث فيها ظاهرا الان. هذه الصيغة سيئة لإسرائيل وسيئة لحماس: من ناحية إسرائيل هي لا تضمن عودة كل المخطوفين، من ناحية حماس هي لا تضمن انهاء الحرب.

فما العمل إذن؟ الخطوة التي كان من الصواب عملها منذ تشرين الثاني.  مع استكمال “محور نتساريم” تحيط قوات إسرائيلية كل شمال القطاع. الامر يخلق ظروفا كاملة لفرض حصار على هذا القسم من قطاع غزة. بخلاف الاقوال غير المسنودة، فان الحصار هو ليس فقط آلية مسموح بها حسب قوانين المواجهة المسلحة بل حسب وثيقة رسمية من وزارة الدفاع الامريكية هذه آلية مفضلة.

حسب هذه الوثيقة مسموح التجويع حتى الموت للعدو من خلال منع تام لدخول المياه، الغذاء والوقود الى المنطقة المحاصرة. الشرط الوحيد هو إعطاء السكان المدنيين الوقت الكافي للخروج من هذه المنطقة. وبالفعل كان يمكن للجيش الإسرائيلي وينبغي له أن يبلغ نحو 300 الف مواطن في شمال القطاع بانه عليهم ان يخرجوا من هناك في غضون أسبوع، في ختامه لن يتم ادخال أي شيء الى المنطقة. ولا يتبقى لـ 5 الاف مخرب الذين يوجدون هناك الا امكانيتين: الموت أو الاستسلام.

هذا الإنجاز سيسمح، وبتأخير كبير، البدء والمبادرة أيضا بوجود البديل السلطوي، في المرحلة الأولى، في شمال القطاع. فضلا عن ذلك، فان مثل هذا العمل هو ضروري اذا كنا نريد ان نغير الواقع الصعب الذي علقنا فيه في الحرب وانتشر بعد ذلك الى ساحات أخرى. معظم الانتباه موجه الى ساحة لبنان والى ايران. لكن العملية هذا الأسبوع في كدوميم، محاولة العملية القاسية في تل أبيب والواقع الذي باتت فيه مناطق الضفة مغمورة بالسلاح، بالمواد المتفجرة وبالمخربين – كل أولئك يخلقون خطرا كبيرا بقدر لا يقل. اذا لم نعرف كيف نغير الواقع في الحرب في غزة، فسيصعب علينا اكثر التصدي لتلك الساحات الإضافية. ان السبيل لتغيير الواقع في غزة هو أن نفعل اليوم ما كان صحيحا ان نفعله منذ زمن بعيد.

——————————————–

هآرتس 21/8/2024

نتنياهو يفضل إعادة جثث مخطوفين

بقلم: عاموس هرئيلِ

المخطوفون الستة الذين تم تخليص جثثهم وتمت اعادتهم أمس الى اسرائيل في عملية مشتركة للجيش والشباك في خانيونس، كانوا على قيد الحياة على الاقل حتى شهر شباط. ظروف موتهم حتى الآن غير واضحة. يبدو أن بعضهم قتلوا في عمليات قصف الجيش الاسرائيلي في المعارك في القطاع، وربما آخرون قتلوا على يد آسريهم من حماس. المنظمة الارهابية التي اختطفتهم أحياء اثناء قتل اصدقاءهم وابناء عائلاتهم في كيبوتس نير عوز وكيبوتس نيريم، هي التي تتحمل ذنب موتهم. ولكن حماس ليست المسؤولة الوحيدة عن ذلك.

في شهر كانون الثاني 2023 تراجعت حماس في اللحظة الاخيرة عن الاتفاق مع اسرائيل بخصوص اليوم الاخير في صفقة التبادل الاولى. فبدلا من اعادة المزيد من النساء، بينهن فتيات تم اختطافهن في حفلة “نوفا”، كما تعهدت فقد طلبت تغيير الشروط واعادة عدد من المخطوفين كبار السن، الذين جثث بعضهم تمت اعادتها أمس اضافة الى جثث اخرى. القيادة في اسرائيل رفضت ذلك في حينه خوفا من فقدان فرصة اعادة الفتيات. المفاوضات فشلت ومنذ ذلك الحين لم يتم اعادة المزيد من المخطوفات من خلال اتفاق. القرار الذي اتخذ في حينه ما زال مختلف عليه حتى الآن في المستوى السياسي والمستوى الامني.

لكن هذه لم تكن الفرصة الوحيدة التي تم تفويتها. فمنذ بداية السنة الحالية كانت هناك محاولات كثيرة لدول الوساطة من اجل التوصل الى صفقة. ورفض رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ساهم في فشل المفاوضات اضافة الى اسهام حماس. على الاقل 14 مخطوف ماتوا في أسر حماس منذ الصفقة السابقة وحتى الآن. ومن غير الغريب أن عائلات المخطوفين لا تظهر الآن أي اعتراف خاص بفضل نتنياهو، بالعكس، الى جانب شكر جهاز الامن فان أبناء عائلات القتلى انتقدوا بشدة رئيس الحكومة. فقد اتهموه بالتخلي عن ابنائهم مرتين، مرة عند اختطافهم في 7 تشرين الاول ومرة ثانية عندما ماتوا في الأسر في الاشهر التي اعقبت عملية الاختطاف.

يبدو أنه في بلدات الغلاف فقدوا نهائيا الصبر على مناورات وألاعيب وتبريرات اعضاء الائتلاف، الذين الكثير منهم نشروا أمس بيانات مشاركة في الحزن في اماكن قضاء اجازاتهم في الخارج. الخط المتشدد ظهر ايضا في البيان الحازم لكيبوتس نيريم الذي اعضاءه رفضوا استخدامهم كزينة قسرية للاحتفال بالذكرى السنوية المخطط لها للمذبحة، الذي تريد قيادته الوزيرة ميري ريغف، وهي من النجوم البارزة في جوقة المستخذين لنتنياهو في السنوات التي أدت الى الكارثة. بعد بضع ساعات علم ابناء الكيبوتس بأنه من بين الجثث الستة التي تمت اعادتها هناك جثتين لاصدقائهم.

دبلوماسية القط الميت

لا توجد أي طريقة لطمس ذلك: اعادة جثث مخطوفين من خلال عملية عسكرية هي النتيجة المفضلة بالنسبة للحكومة. هذه النتيجة لا ترتبط بأي تنازلات، والمخطوفون الاموات لا يمكنهم رواية ما حدث لهم في الأسر وكيف أن الدولة تخلت عنهم منذ المذبحة. لا يوجد لنتنياهو أي مشكلة في تعريض حياة جنود الجيش للخطر، بموافقة من كبار القادة في المنظومة العسكرية من اجل اعادة جثث لدفنها في اسرائيل. في المقابل، يبدو أنه غير مستعد للمخاطرة بوضعه السياسي في صفقة تجبره على اطلاق سراح حشد من السجناء الفلسطينيين والانسحاب بسرعة من معظم المناطق التي يسيطر عليها الجيش في القطاع.

في الفترة الاخيرة تسربت من مقربيه رسائل متناقضة الى وسائل الاعلام، رسالة كل بضع ساعات. كان هناك نشرات اخبار بدأت بضجة كبيرة حول صفقة في القريب، ومراسلون سياسيون تم تقديم احاطات لهم بأن نتنياهو قد وجد طريقة لابقاء في الائتلاف شركائه في اليمين المتطرف رغم نيته التوصل الى الاتفاق. في المقابل، تسربت تفاصيل حول طلبات مستحيلة قدمتها حماس.

هذه القصة انتهت، كما يبدو، بالاقوال التي نشرت بعد اللقاء ظهر أمس مع “منتدى البطولة” و”منتدى الأمل”،  وهي تنظيمات يمينية لعائلات ثكلى وآباء بعض المخطوفين التي شجعها مكتب رئيس الحكومة منذ اليوم الاول للحرب بهدف التشويش على نشاطات الاحتجاج ضد سياسته. نتنياهو صمم في هذا اللقاء عندما قال “نحن لن نتنازل عن السيطرة على محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر وعن ممر نيتساريم، وسنعود للقتال في كل الحالات بعد 42 يوم عند انتهاء المرحلة الاولى للصفقة”. هذه الاقوال ظهرت وكأنها عملية تصفية مركزة اخرى متعمدة لجهود دول الوساطة من اجل التوصل الى اتفاق. نتنياهو في الحقيقة يلمح لرئيس حماس يحيى السنوار بأنه “خسارة على الوقت، لن تكون هنا صفقة”.

حماس من ناحيتها لم ترد بشكل رسمي حتى الآن على الاقتراح الامريكي المحدث. ولكنها عارضته بذريعة (ذريعة ليست بدون ثقل) أن الولايات المتحدة اظهرت المرونة لصالح طلبات اسرائيل في المفاوضات. ربما أن السنوار لا يريد التقدم الآن، حيث توجد فرصة لأن تهب ايران وحزب الله بتنفيذ هجوم انتقام ضد اسرائيل، وبذلك يقربون الشرق الاوسط من الحرب الاقليمية، كما أمل عندما خطط للهجوم الارهابي ضد بلدات الغلاف. وزير الخارجية الامريكي، الذي غادر أمس من هنا الى مصر اعطى الخاتم بالقول إن اسرائيل وافقت على اقتراح الوسطاء الجديد. رئيس الحكومة ربح مرتين. فحماس هي التي تفشل الصفقة، وهو معفي من التنازلات بعد تشوش الصفقة.

مصدر رفيع سابق في الادارة الامريكية له عشرات سنوات من التجربة في المفاوضات السياسية في الشرق الاوسط، ذكّر في هذا الاسبوع بما تعود جيمس بيكر، وزير الخارجية السابق في فترة ولاية جورج الأب، على تسميته بـ “دبلوماسية القط الاسود”. احيانا يكون الهدف من المفاوضات، قال بيكر، ليس التوصل الى اتفاق بل الى ازاحة التهمة، القط الميت، الى سطح بيت الخصم. نتنياهو والسنوار يلعبان هذه اللعبة الآن. يبدو أن نتنياهو يفعل ذلك بنجاح أكبر. الجمهور في اسرائيل، الذي حسب جميع الاستطلاعات في اغلبيته الساحقة يؤيد الصفقة، يذرف الدموع مع عائلات المخطوفين، لكن في معظمه لا يتجند للنضال من اجل انقادهم.

——————————————–

هآرتس 21/8/2024

لن يكون انتصار أكثر من ذلك، يجب وقف الحرب

بقلم: تسفي برئيل

منذ عشرة اشهر واسرائيل تدير حرب من اليد الى الفم. اقتحام آخر لـ “بنى تحتية للارهاب”، وشخصية رفيعة تمت تصفيتها ونفق آخر تم تفجيره. مخزون كبير من “الانجازات” تراكم في المخزن، لكن الحكومة لا تعرف ماذا تفعل بها، كيف تبيعها وبالاساس كيفية الكسب منها. اسرائيل تركض في القفص الذي اقامته لنفسها، وتزيد الدورات العبثية الى أن يتم انهاكها تماما. الاساس هو الاظهار بأنه توجد حركة وأن تستعرض النشاطات فقط كي نستطيع القول بأن “الصفقة ما زالت على قيد الحياة”.

لقد حان الوقت لوضع العصا في دولاب الهستيريا هذا، والقول بشجاعة “لن نكسب اكثر من ذلك”. وقد بقيت فقط مهمة واحدة ووحيدة وهي اعادة المخطوفين والعودة الى الحياة. الوعد الالهي بأن الضغط العسكري هو الذي سيعيد المخطوفين تبين أنه وهم. اشهر طويلة من المفاوضات مع حماس، مع المنظمة الارهابية، اثبتت أن الضغط العسكري الذي هو وصفة الانتصار، لا يعمل. وأنه يجب الاعتراف بأن اسرائيل تحتاج، اكثر من حماس، ليس فقط الى وقف الحرب مع الفرصة لاستئنافها بعد انتهاء المرحلة الاولى أو الثانية أو الثانية، بل انهاء مطلق للحرب التي وصلت الى مرحلة الاحتضار. ومثل المحتضر هي تستمر في القيام بحركات تلقائية واسقاط المزيد من القتلى.

خارطة الطريق اصبحت موجودة وتسمى خطة بايدن أو خطة نتنياهو. “خطة ايار” أو “خطة تموز”. ولكن أسسها واضحة. وقف الحرب واطلاق سراح “الدفعة الاولى” من المخطوفين والانسحاب وتحرير “الدفعة الاساسية” من المخطوفين وجثثهم. الادعاء بأنها تشمل تحرير مئات السجناء الفلسطينيين، من بينهم قتلة، يبدو أنه مقنع ولكن يجب التذكير بأن وجودهم في السجن لسنوات طويلة لم يمنع الهجوم في 7 تشرين الاول؛ الخطة تقتضي تمكين ومساعدة السلطة الفلسطينية على ادارة القطاع كي يتمكن الجيش الاسرائيلي من العودة الى القواعد، وأن لا يصبح شرطي ورجل حماية لشاحنات الغذاء والدواء والمسؤول عن التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية في القطاع.

كيف يمكن تسليم المفاتيح لمن يعتبر “سلطة ارهابية” مثل حماس. هذه هي نفس السلطة الفلسطينية التي تستمر اسرائيل في تنسيق النشاطات الامنية معها، وتشغيل سكانها في المستوطنات، وتبيعها البضائع، وتجبي الضرائب لصالحها وتكسب الرسوم المفروضة عليها. وحتى أن اسرائيل حاولت سرقة الخيول معها، اقناعها في تحمل المسؤولية عن ادارة معبر رفح، وربما ادارة كل القطاع ولكن تحت غطاء قوة فلسطينية غير مرتبطة بها. هذه ليست الخدعة الوحيدة. فنتنياهو قام بالزئير بأنه اذا احتاج الامر فنحن سنحارب بأظافرنا. ولكنه كان يقصد اظافر امريكا، أي حاملات الطائرات وسفن الصواريخ وآلاف الاطنان من الذخيرة، لأن اظافر اسرائيل المستعدة لأي سيناريو تم قضمها ووصلت الى اللحم الحي. هذه هي صيغته الثلاثية لتحقيق النصر في غزة وضياع الدولة.

هذه الحرب يجب أن تتوقف لأن نتنياهو ويحيى السنوار نجحا في اكثر مما تم تقديره. فقد أخذا كل اسرائيل كرهينة، جزء من مواطنيها، نحو 100 الف شخص، تم اخلاءهم من بيوتهم ولا يعرفون متى سيعودون اليها، أو الى انقاضها. في نفس الوقت هم وكل المواطنين الذين لم ينجحوا حتى الآن في الهرب منها يعيشون في خوف كبير من هجوم، سواء لايران أو حزب الله. ولكن مثلما لدى السنوار، ايضا في حكومة نتنياهو لا يوجد أي اهمية للوقت، لا يوجد أي شيء ملح، وبالتأكيد ليس انقاذ المخطوفين الذين تتراكم جثثهم في كل يوم يمر الى أن يكون في الامكان اعفاء من يعملون في المسرح والذين يواصلون بأعمال التجميل للمفاوضات والتوقف عن قياس “مساحة التفويض”، التي اعطاها نتنياهو لطواقم المفاوضات. تبقى فقط أن نستكمل الاستعداد لاحتفال تخليدهم الرسمي.

——————————————–

هآرتس 21/8/2024

اتركوا هرتسوغ، فقط جهاز الامن هو الذي يمكنه انقاذ اسرائيل من نتنياهو

بقلم: ديمتري شومسكي

الكاتب ايل ميغد دعا هنا (“هآرتس”، 16/8) رئيس الدولة، اسحق هرتسوغ، الى الوقوف علنا ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يتمسك بالحكم ويستخدم بشكل لا ساسا له ومدمر أدوات ووسائل يتيحها له، مثل ادارة حرب دموية لا نهاية لها والتخلي عن المخطوفين ليموتوا، بهدف بقائه الشخصي والسياسي والقانوني. حسب اقوال ميغد فان ما يمنع رئيس الدولة من “دعوة رئيس الحكومة الى الالتزام بالنظام، الذي يضع مصالحه الشخصية فوق مصالح الدولة”،  هو مبدأ الرسمية الذي يعتبر موقف رجل الدولة، الذي يرى أن من واجبه التمسك به. هو لا يريد أن يظهر كرئيس معارضة، بل كرئيس دولة.

تصعب الموافقة على هذا التقدير، لأنه من الواضح ومنذ فترة طويلة أنه ايضا لرجال بارزين في اليمين – بما في ذلك الذين اعتبروا ذات مرة من المؤيدين المتحمسين لرئيس الحكومة مثل آشر زفراني، وهو ليكودي من كريات شمونة، الذي سمعت خطابه المؤثر قبل اسبوع ونصف في المظاهرة الاسبوعية في حيفا، وآخرين كانوا سيصوتون لحزب نفتالي بينيت وافيغدور ليبرمان لو أنه تم تأسيسه –  أن نتنياهو يستمر في الحرب لاطالتها بدون هدف عسكري، ولا نريد التحدث عن هدف سياسي.

الكثير من الاسرائيليين، اليمين واليسار والوسط، يعتبرون أن الشخص الذي سلامتهم وأمنهم مرهونة بيده، يهتم بخلق والحفاظ لفترة طويلة غير محدودة على حالة الطواريء، التي في ظلها يستمر في الهرب من تحمل المسؤولية عن كارثة 7 تشرين الاول، وحتى تأجيل الى اشعار آخر – “انتظروا وسترون أي كارثة يقوم باعدادها لنا في شهادته في 2 كانون الاول – محاكمته الجنائية. الامر الوحيد الذي يمنع هذا الجمهور من الخروج الى الشوارع، ليس بالذات وضع الحرب، بل بالاساس نوع من الشلل العقلي الذي ينبع من رفضه تصديق ما يشاهده، وهو أن رئيس حكومة اسرائيل وبحق قد قرر تدمير الدولة اليهودية ومؤسساتها ويزهق حياة مواطنيها من اجل مصالحه الشخصية ومصالح عائلته.

من غير المعقول الافتراض بأن رئيس الدولة لا يدرك بأنه في حالة الطواريء الخاصة الموجودة الآن “الرسمية” تعني بالضبط ما يقوله ميغد له: بذل كل ما في استطاعته لانقاذ الدولة من الشخص الذي فقد التوازن الموضوعي، وهو يشكل خطر فوري على مستقبلها ومواطنيها، من اليمين واليسار على حد سواء. لذلك، لا يوجد أي مناص من الموافقة على تفسير اوري مسغاف هنا (“هآرتس”، 15/8)، وهو أن هرتسوغ انتخب لمنصب رئيس الدولة بفضل نتنياهو، لذلك هو “يوجد في جيبه”.

يضاف الى ذلك أنه لو أن هرتسوغ كانت له رؤية حقيقية حول مستقبل الشعب والدولة لكان يمكنه أن يجد فيها قوة الروح كي يتملص ويهرب من جيب الشخص الاكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي. كما سماه هنا وبحق نحاميا شترسلر. ولكن للاسف الشديد، الوضع ليس هكذا. فهرتسوغ هو شخص مثقف، ذكي، يكتب ببلاغة وعمق في النقد الادبي – وهو المشهد النادر جدا بين السياسيين الاسرائيليين الآن – وهو ابن عائلة يهودية وضعت بصماتها عميقا في تاريخ شعب اسرائيل في القرن الماضي. ولكنه ليس رجل رؤية. الجزء الوحيد في الرؤية الذي اظهره في السابق هو الشكوى عندما كان رئيس حزب العمل ورئيس المعارضة لنتنياهو (2016) من أن الجمهور يعتبر اعضاء حزب العمل “عاشقين للعرب”، وأنه يجب عليهم التوقف عن اعطاء الاسرائيليين هذا الاحساس.

ربما أنه حتى الآن لم يترك هرتسوغ هذا الفهم من اعماقه، وربما ايضا أن هذا الفهم يمنعه من الوقوف ضد نتنياهو علنا. لأنه حتى الآن وبعد أن انزل علينا الكارثة الاكبر في تاريخ الشعب اليهودي منذ الكارثة، من خلال التمويل غير المباشر ولكن المنهجي لقتلة حماس، ما زال هناك قطيع غير صغير من الاتباع المجانين الذين يستمرون في رؤيته “السيد أمن”، الذي هو افضل شخص يدافع عنا من المارق العربي.

يجب أن لا نأمل من هرتسوغ انقاذنا من نتنياهو. وكما احسن في وصف ذلك مسغاف، فان الطريقة العملية الوحيدة لانقاذ اسرائيل من نتنياهو هي وقوف أمامه، بشكل علني وموحد، وزير الدفاع ورئيس الاركان ونائبه ورئيس الشباك ورئيس الموساد وقائد سلاح الجو ورئيس “أمان”، وأن يطلبوا منه الاعلان عن عدم الاهلية وتقديم الاستقالة. هناك من يقولون بأن الامر يتعلق بالدعوة الى انقلاب عسكري ضد رئيس حكومة منتخب، خلافا لنظام الديمقراطية. هذه ديماغوجيا رخيصة لا أساس لها. فلا أحد يخطر بباله، مثلما في الانظمة الظلامية، أن يقوم جنود الجيش باعتقال رئيس الحكومة وتولي الحكم في الدولة بالقوة. المطلوب هو أنه عندما سيفشل ننتنياهو “مرة اخرى” الصفقة، التي تجري عليها الآن المفاوضات من اجل اطلاق سراح المخطوفين والاعلان عن وقف النار، عندها سيعقد المستوى الامني الاعلى مؤتمر صحفي في زمن ذروة المشاهدة، وسيعرض على الجمهور بشكل مفصل وملموس، مع الحرص على الحفاظ على اسرار الدولة بالطبع، كيف تسبب ننتنياهو وما زال يتسبب بشكل ملموس باستمرار الحرب بدون أي جدوى امنية؛ كيف أنه افشل ويفشل عقد صفقة تبادل المخطوفين؛ ولماذا استمراره بامساك دفة الحكم في الدولة سيؤدي بشكل فوري الى دمارها الشامل.

عندما سيعرض رؤساء جهاز الامن على الجمهور رؤيتهم الامنية المهنية، ربما حتى قبل البدء في اجراءات عدم الاهلية، فان هذا الجمهور الذي يجلس الآن في البيوت في حالة شلل وصدمة ويستمر في الاعتقاد بأن ما يشاهده هو مجرد كابوس سيتلاشى على الفور من تلقاء نفسه، سيخرج الى الشوارع وسيبقى هناك الى أن يستقيل الشخص الاكثر خطرا على مستقبل الدولة ومواطنيها. وعندها ربما سينضم رئيس الدولة اسحق هرتسوغ الى الاحتجاج من اجل أن يقف في الجانب الصحيح للتاريخ.

——————————————–

هآرتس 21/8/2024

من ناحية نتنياهو، المخطوفين ليسوا ذخرا، بالتأكيد ليس “استراتيجيا”

بقلم:  يوسي فيرتر

تصريحان لنتنياهو، واحد في بداية الاسبوع والثاني أمس، يدلان على نظرته الحقيقية لمن يسميهم “مخطوفينا الاعزاء، الاحياء والاموات”. في التصريح الاول له في جلسة الحكومة قال بلهجته المتشددة التي تميزه “هذه مفاوضات أخذ وعطاء، وليس اعطاء واعطاء”. أي أن اعادة الـ 109 (في حينه كانوا 115) من أسر حماس لا يرى لها أي مقابل يساوي في اهميته ما هو مطلوب أن يقدمه.

التصريح الثاني كان أمس في اللقاء مع “منتدى البطولة” و”منتدى الأمل”، ابناء عائلات شهداء الجيش الاسرائيلي وابناء عائلات المخطوفين، المؤيدين لليمين والذين يعارضون الصفقة التي توجد على الطاولة. “اسرائيل لن تخرج في كل الحالات من محور فيلادلفيا ومن ممر نتساريم رغم الضغوط، الخارجية والداخلية” (هذه الصيغة اخذت من بيان المنتديات، وفي بيان مكتب رئيس الحكومة التصريح اكثر ضبابية). أي أن نصف المخطوفين الذين ما زالوا على قيد الحياة، وبالتأكيد الذين اصبحوا ظلال بشر، هو لا يعتبرهم ذخر أبدا. وبالتأكيد ليس “استراتيجيا”. الممر والمحور هما بالذات الذخر. والمخطوفين؟ شيء ينفد.

بعد يوم على لقائه مع وزير الخارجية الامريكي، الذي أظهر فيه نتنياهو، حسب رأيه، موافقته على الخطة، وبعد بضع ساعات على الاعلان عن انقاذ جثث المخطوفين الستة من غزة، قام رئيس الحكومة باستدعاء هذين المنتديين. في الصور والافلام التي تم نشرها ظهر هاديء ومرتاح. فهذه هي قاعدته، لم يسمع منهم أي انتقاد، واذا كان الامر هكذا فانه سيتم تمويلهم. وحسب رواية بعضهم هو قام بتهدئتهم عندما قال “أنا غير واثق بأنه ستكون صفقة”.

في ذلك، هو بلا شك صادق. هناك السنوار الذي يوجد على بعد خطوة من تحقيق حلم حياته: حرب اقليمية يمكن أن تشتعل اذا هاجم حزب الله و/أو ايران. لا توجد له أي مصلحة في تهدئة النفوس وخلق الفرصة امام اسرائيل لاتفاق التطبيع مع السعودية، مثلا. ولكن هناك ايضا نتنياهو، الذي يعشق الحرب، وحتى بعد مرور عشرة اشهر ونصف هو لا يحلم بانهائها. فهي الدرع الواقي الكامل بالنسبة له، من لجنة التحقيق الرسمية التي ستكشف اخفاقاته وجرائمه السياسية ومسؤوليته عن التصور؛ ومن اسقاط حكومته من قبل اليمين المتطرف؛ ومن جولة انتخابات.

من اجل أن يكون السنوار في وضع لا يستطيع فيه الاعتماد على الظروف وعلى الحواجز التي يضعها نتنياهو أمامه، يجب وضع أمامه سلسلة من الاغراءات الدسمة، مثل التخلي عن ممر نتساريم وتخفيف حقيقي للقوات في محور فيلادلفيا. فقط عند حدوث ذلك وعندما تقول الولايات المتحدة ومصر وقطر بشكل علني بأنه من الآن فصاعدا التهمة تقع عليه فقط، فقط عليه، ربما عندها يكون بالامكان انقاذ المخطوفين الذين بقوا من مصير حاييم بيري وابراهام مندر ويغاف بوخشتاف ونداف هوبلفال واليكس دنتسغ ويورام متسغر، الذين تم اختطافهم وهم على قيد الحياة، وعاشوا في ظل ظروف فظيعة وتم قتلهم بشكل متعمد أو بسبب عمليات قصف الجيش الاسرائيلي.

لو أن نتنياهو قام في نهاية تشرين الثاني الماضي، وعند انتهاء هدنة العشرة ايام في الصفقة السابقة، وعرض على حماس هدنة اخرى حقيقية لربما كان على الاقل كبار السن الاربعة عادوا الى بيوتهم ولكانوا يعيشون بيننا الآن. ولكنه كان متشوق للعودة الى القتال. لأن سموتريتش وبن غفير ضغطا، وهو كما هو معروف يصدق بأنه تشرتشل (كما غاليت ديستل اتبريان على قناعة بأن “المصفوفة” اوجدها “اثنان من طلاب مدرسة دينية”).

كل القيادة العليا الامنية، وفيها ايضا من حققوا لاسرائيل انجازات عسكرية ضخمة، التي يتفاخر بها نتنياهو، يقولون بأنه حتى بعد ستة أو سبعة اسابيع يمكن العودة الى حيث تكون حاجة. هم يتحدثون عن “القيم”، لكن من يقرر توجد لديه قيمة واحدة، التي بناء عليها يتصرف: البقاء الشخصي والسياسي. هو يجري المفاوضات لانقاذ المخطوفين بشكل منفصل عن موضوع مسؤوليته عن وجودهم هناك وكأنهم ضاعوا في الانفاق عندما كان يتنزهون في الحي. بالنسبة له هم عبء، عائق يزعجه في تدمير حماس وتصفية السنوار.

بالمناسبة، ماذا سيحدث لو أن الجيش والشباك نجحا في الوصول الى رئيس حماس وقاموا بتصفيته؟ مع من سيتم اجراء المفاوضات لاعادة المخطوفين؟ هل دول الوساطة ستتناقش بشكل منفصل مع كل حمولة ومع كل قائد سرية في حماس أو في الجهاد الاسلامي، أو مع تنظيمات صغيرة؟ ليس “استمرار الضغط العسكري” هو الذي سيعيد النساء والرجال، بل فقط صفقة شجاعة وقيادة شجاعة ونزيهة، وايضا قيادة لديها قيم.

——————————————–

يديعوت 21/8/2024

الازمة الاقتصادية ستشجع الرئيس الايراني الجديد لتحقيق تسوية مع الغرب حول البرنامج النووي

بقلم: راز تسيمت

باحث كبير وخبير في شؤون ايران في معهد بحوث الامن القومي ومركز ايليانس للدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب

في تموز 2024 نشر محمد رضا فرزنجان ونادر حبيبي، اقتصاديان كبيران من اصل إيراني يسكنان ويبحثان في الغرب بحثا يبحث في تأثير العقوبات الاقتصادية على حجم الطبقة الوسطى الإيرانية. وترجمت البحث مؤخرا الى الفارسية الغرفة التجارية لطهران ونشرت استنتاجاته الأساس في وسائل الاعلام الإيرانية كدليل على الأثر الضار للعقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران.

حسب نتائج البحث، تقلصت الطبقة الوسطى الإيرانية بين الأعوام 2012 و 2019 بمعدل حاد من 88 في المئة (11 في المئة بالمتوسط كل سنة) تحت تأثير العقوبات الغربية مما أدى الى انخفاض معدل النمو الاقتصادي، انهيار شركات خاصة عديدة وارتفاع حاد بالتضخم المالي أدى الى انخفاض بنحو 28 في المئة في الدخل السنوي الحقيقي المتوسط في ايران.

نتائج البحث ليست مفاجئة. في الازمة الاقتصادية التي تلم بايران في العقد الأخير مست مسا شديدا بالطبقة الوسطى. فضلا عن مؤشرات الازمة الاقتصادية التي تبدو واضحة في أوساط عموم السكان، فان الطبقة الوسطى تكبدت الضرر الأشد. بينما الطبقات العليا كانت قادرة بشكل عام على التصدي لاثار الازمة الاقتصادية، والطبقات الدنيا تلقت من الحكومة تعويضا جزئيا في شكل مخصصات ودعم حكومي للبضائع المستوردة الأساسية، اضطرت الطبقة الوسطى لان تتحمل أساس العبء الاقتصادي.

اقتصاد مقاومة

ثمة من يرون هذه المعطيات بشرى مشجعة بالنسبة لتأثير العقوبات الاقتصادية على الاقتصاد الإيراني وعلى احتمال ان يفرض على النظام في طهران تلطيف حدة مواقفه والموافقة على استئناف المفاوضات مع الغرب حول مسألة النووي. يمكن أن نجد تعزيزا إضافيا لهذا النهج في تصريحات الرئيس الإيراني الجديد مسعود فزشكيان، للعمل على استئناف الحوار مع الغرب في محاولة لرفع العقوبات. وتعبر هذه عن اعتراف لشدة الازمة الاقتصادية وبالحاجة الى رفع العقوبات. ومع ذلك، فان هذا النهج يختلف عن نهج دوائر محافظة وراديكالية بقيادة الزعيم الأعلى، علي خامينئي الذي تعتقد بان المفتاح لتحسين الاقتصاد الإيراني لا يوجد بالضرورة في رفع العقوبات بل بتكييف الاقتصاد مع ظروف العقوبات في اطار “اقتصاد المقاومة”، الذي أساسه الاعتماد الذاتي المتزايد وتخفيض التعلق الاقتصادي بالغرب من خلال تنويع مصادر الدخل والأسواق الاقتصادية.

الشباب يبتعد عن الثورة

فضلا عن ذلك، فان التآكل المتواصل في الطبقة الوسطى الإيرانية ينطوي أيضا على آثار سلبية من ناحية الاحتمال لتغيير سياسي في ايران. ففي العقود الأخيرة يمكن أن نشير الى فجوة آخذة في الاتساع بين النظامي الإيراني والشباب، أساسا أبناء الجيل الثاني والثالث للثورة، الذين يبتعدون عن قيم الثورة. يبرز هذا الميل أساسا في أوساط أبناء الطبقة الوسطى على خلفية تعرضهم المتزايد لثقافة الغرب. يمكن ان نجد تعبيرا عن هذا الميل في الدور المركزي الذي لعبته الطبقة الوسطى في حركة الاحتجاج التي نشبت في ايران في صيف 2009 (“الثورة الخضراء”) وفي موجة الاحتجاج التي نشبت في أيلول 2022 في اعقاب وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني. المحلل السياسي وناقد النظام صادق زيبكلام تناول في مقابلة صحفية الدور المركزي لابناء الطبقة الوسطى المدينية في هذه الاحتجاجات، وجاء كدليل على ذلك بالهدوء النسبي الذي ساد في اثناء الاضطرابات في المناطق المأهولة أساسا بالطبقات الضعيفة، بما في ذلك في طهران نفسها.

خارج دائرة الاحتجاج

بالمقابل، فان معظم موجات الاحتجاج في السنوات الأخيرة، وبخاصة اضطرابات الوقود في أواخر 2019، قادها أساسا أبناء الطبقات الضعيفة، الذين يخوضون كفاحا متواصلا على خلفية ازماتهم الاقتصادية، فيما ان الطبعة الوسطى المدنية التي تعتبر العمود الفقري لحركة التغيير السياسي والاجتماعي في ايران، بقيت في معظمها خارج دائرة الاحتجاج. وحسب معطيات وزارة الاستخبارات الإيرانية، فان معظم المعتقلين في اضطرابات الوقود كانوا عاطلين عن العمل، عاملين باجر متدنٍ او ذوي تعليم متدنٍ. الازمات الاقتصادية والاجتماعية أدت في السنوات الأخيرة الى دحر الصراع من اجل الحريات السياسية والمدنية عن رأس جدول الاعمال الجماهيري في ايران. فتفاقم الازمة الاقتصادية الزم المواطنين، وعلى رأسهم أبناء الطبقة الوسطى بالتركيز على صراع البقاء اليومي، ومنعهم من التفرغ للكفاح في سبيل الحريات. الاقتصادي الإيراني موسى غاني – نزار تناول هذه الظاهرة وادعى بان تحسين الوضع الاقتصادي في التسعينيات هو الذي سمح للطبقة الوسطى بطرح مطالب سياسية.  وعلى حد قوله فان المواطنين الذين ينشغلون أساسا بسبل تحسين وضعهم الاقتصادي لا يتفرغون للانشغال بحرياتهم السياسية.

ان بقاء الطبقات الضعيفة خارج دائرة الاحتجاج في بعض من الحالات وبقاء الطبقة الوسطى المدنية خارج دائرة الاحتجاج في حالات أخرى يجعل من الصعب بلورة ائتلاف اجتماعي قطري واسع يضم الفئات المختلفة الذي هو شرط ضروري لتحقيق تغييرات سياسية في ايران.

ختاما، فان التآكل المتواصل للطبقة الوسطى يشير الى خطورة الازمة الاقتصادية مما هو كفيل بان يشجع الرئيس الجديد في مساعيه لتحقيق تسوية مع الغرب حول البرنامج النووي. ومع ذلك فان استمرار هذا الميل على مدى الزمن من شأنه ان يمس اكثر بفرص تحقيق تغييرات سياسية في ايران متعلقة جدا بقدرة الطبقة الوسطى على التغلب على مواضع ضعفها وبارتباطها بقوى اجتماعية أخرى كالطبقة العاملة.

——————————————–

هآرتس 21/8/2024

عائلات المخطوفين لنتنياهو: أبناؤنا ليسوا دعاية لحكومتك الفاشلة

بقلم: أسرة التحرير

انتشل الجيش الإسرائيلي من داخل نفق في خان يونس جثث حاييم بيري، ويورام متسغار، وأبراهام منذر، ونداف بوبلفيل، وألكسندر دنتسيك، وياغف بوخشتوف، الذين اختطفوا أحياء من “نير عوز” و”نيريم”، قتل بعضهم بينما كانوا يحتجزون كرهائن في أنفاق حماس، وقتل بعضهم أغلب الظن في هجمات الجيش الإسرائيلي.

حين كانت إسرائيل تجري مداولات منمقة مع وضد صفقة مخطوفين، ويصر على البحث عن “أثمان” يجدر أو يحذر دفعها مقابل إعادتهم، وفي الوقت الذي عرقل نتنياهو وحكومته الصفقة تلو الأخرى وفضلوا إنقاذ الحكومة على إنقاذ المخطوفين، جاء الواقع وقدم الحساب: هل كانت حياة ستة أشخاص تستحق الثمن، يا نتنياهو؟

بيري متسغار ومنذر وبوبلفيل ودنتسيك تركوا لحتفهم. نتنياهو يحب التبجح بأن الإسرائيليين، بخلاف أعدائهم، يقدسون الحياة لا الموت. ولكن حكومته أوضحت بأفعالها، أنها تفضل إعادة مواطنيها المخطوفين في التوابيت، على ألا يتمكن أحد ما من أن يقول عنها إنها تنازلت أو انحنت لا سمح الله.

لكن ليس في حقيقة ترك الحكومة للمخطوفين لمصيرهم ما ينتج عنه أنها تتخلى عن فرصة الركوب على ظهرهم باحتفال حداد وطني من أجل وحدة القاعدة. أما الملائمة التي يمكن أن تدير احتفال إحياء المذبحة، لتعظيم الزعيم وعقيلته والتحكم بالرواية الوطنية، فهي الرقيبة الخالدة ميري ريغف.

“إن حياة أعضاء “كيبوتس نيريم” وكل سكان النقب الغربي ليست فيلماً، وحكومة إسرائيل ليست شركة إنتاج”، هكذا عقب سكان “نيريم” عن حق عظيم وأبلغوا الدولة بأنهم غير مستعدين لتصوير الاحتفال في الكيبوتس. في “بئيري” أيضاً أعلنوا بأن على الحكومة أن تعنى بالمخطوفين وليس باحتفال الذكرى. “لن نسمح لمن تسببوا بالمذبحة الأفظع في تاريخ الدولة أن ينتجوا حدثاً دعائياً على حسابنا وعلى حساب حياة أعزائنا”، كتبت عائلات ثكلى وعائلات مخطوفين لنتنياهو، وأضافت بأنه “حدث لا استقامة فيه، ويتجرأ على الانشغال بالكارثة دون تحمل مسؤوليتها. حدث يسعى لتصميم الذاكرة الوطنية في الوقت الذي لا تزال بعض من عائلاتنا على قيد الحياة يتوق للإنقاذ، وفي الوقت الذي لا تزال جثامين أحبتنا ملقاة في أنفاق حماس”.

بدلاً من الانشغال بدعاية فارغة على ظهر المخطوفين والموتى، يجمل بالحكومة أن تكرس جهدها لهدف واحد ووحيد: إعادة المخطوفين الذين لا يزالون على قيد الحياة. بفضل شلل الحكومة ورئيسها، صار عددهم 109. أما الإصلاح والتخليد والاحتفالات والذكرى، فلتبق كلها لمن يخلفونهم.

——————————————–

“إسرائيل هيوم”: عملية “تل أبيب” فشل استخباراتي وأمني.. وهناك خشية من تكررها

مسؤولون سابقون في المؤسسة الأمنية والعسكرية يعربون عن قلقهم من أنّ “إسرائيل” أمام موجة جديدة من الهجمات الانتحارية في المدن الرئيسية.

صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية تنشر تقريراً تتحدث فيه عن الخشية من تكرار عملية “تل أبيب”، وعن أنّ المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية ترى أنّ العملية هي فشل استخباراتي وأمني.

في أعقاب الهجوم الانتحاري الذي وقع في “تل أبيب” يوم الخميس الماضي، والذي انتهى بأعجوبة تقريباً بإصابة شخص واحد فقط، أعرب مسؤولون سابقون في المؤسسة الأمنية والعسكرية عن قلقهم من أنّ “إسرائيل” أمام موجة جديدة من الهجمات الانتحارية في المدن الرئيسية.

الدكتور دورون ماتسا، المسؤول السابق في الشاباك والباحث في مجال العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، قال: “الحقيقة هي أنني لم أُفاجأ بما حدث. لا نعرف من نفّذ الهجوم، وهل البصمة هي بصمة حزب الله أم إيران، أو من الممكن أن تكون القصة بالأبعاد الكلاسيكية لحماس أو الجهاد الإسلامي أو حتى منظمة فتح، وأنهم دخلوا من الضفة الغربية”.

وقال ماتسا: “منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وحتى قبل ذلك، كان من الواضح أن الضفة الغربية تتأجج، وهناك بنية تحتية بُنيت تحت أنوفنا وتحت أنظارنا تضم الكثير من العناصر والأسلحة ومحاولات لتقليد أنماط القتال”، مشيراً إلى أنّ “هناك مستوى عالياً من الهجمات على الرغم من أنّ الجيش يقوم بجهد كبير في الضفة لدحضها”.

وحذّر ماتسا من “موجة هجومات ستتخطى الضفة الغربية، وأنّه من الممكن أن نرى هجمات نارية بالكلاشينكوف، إذ يطلق المهاجم الرصاص على المدنيين، أو يرمي عبوة ويفجّرها، أو ينفّذ هجوماً انتحارياً بنفسه، أو يفخخ سيارته”، لافتاً إلى أنّ الهجمات ستتطور عن استخدام السكين.

بدوره، أكّد الرئيس السابق لمنطقة القدس ورئيس شعبة السايبر في الشاباك إريك بيربينغ: “لو تم تنفيذ عملية تل أبيب كما هو مخطط، لكانت إسرائيل استيقظت في الصباح، ولما كانت تتحدث عن الأسرى في غزّة، بل عن أمور أخرى. لو وقع هذا الحدث في مكان آخر، لكان هناك الكثير من القتلى والجرحى الإسرائيليين”.

وذكر بيربينغ أنّ “المؤسسة الأمنية والعسكرية، وخصوصاً الشاباك والجيش الإسرائيلي، يعتبرون هذا الهجوم فشلاً. وبالفعل إنّه فشل استخبارتي، وفشل لشعبة العمليات، وهي المعابر، والشرطة، والدوريات التي توفر الحماية”.

——————انتهت النشرة——————