كتب حسن شحادة : بعد عام من الطوفان … قوى ثورية وتضحيات شعبية واصطفافات إقليمية وعالمية وغيبوبة عربية إسلامية

بمناسبة مرور عام على اندلاع معركة  طوفان الأقصى، والذي استطاعت من خلالها  المقاومة الفلسطينية اختراق كافة التحصينات الإسرائيلية الميدانية والتكنولوجية التجسسية والأمنية، تمكنت في بضع ساعات من اجتياز الجدران العازلة والمناطق الأمنية والتحصينات المحيطة بقطاع غزة، واقتحام مستوطنات ومعسكرات الغلاف، مما مكنها من قتل وجرح واسر مئات الجنود والمسوطنين. الامر الذي ترك وسيترك الأثر الكبير والبعيد المدى على دولة الإحتلال والمنطقة برمتها. 

هذا الامر الذي استغرق بعض الوقت من دولة الكيان الصهيوني لاستيعابه، أدركته مبكرا كل من أمريكا وبعض دول الأطلسي، والتي سارعت لحماية إسرائيل وتزويدها بكافة المساعدات العسكرية – الاستخباراتية واللوجستية والمالية، وصولا الى تشكيل تحالف حماية ديبلوماسية وضغط في المؤسسات والمحافل الأممية لتجنيب إسرائيل وقادتها المحاكمة والملاحقة الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية.

ومن الطبيعي ان تتحرك أمريكا بهذا الاتجاه دفاعا عن حليفتها الاستراتيجية ودفاعا عن مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط  وحفاظا على هيمنتها وهيمنة إسرائيل وتسيدعا على المنطقة.

كذلك الامر بالنسبة للتحالف الممانع الذي تقوده إيران والذي بات يعرف بمحور المقاومة الذي سارع بفتح جبهات إسناد لقطاع وإشغال للعدو الإسرائيلي و بإسناده  يسعى للتخفيف من العدوان على جبهة القطاع.

وإسرائيل مدركة ان المسالة باتت مسالة تهديد وجودي لبعض الجبهات ، ومسالة فرض وقائع ومتغيرات ميدانية “وان راهنت في بعض المحطات على الحلول الدبلوماسية ” ، حيث أن تدخل الحوثيين من اليمن ومحاولة فرض حصار بحري على الكيان الصهيوني الأمر الذي سارعت  أمريكا وبريطانيا وتحالفهما الأطلسي للتعدي على نفوذ هذا المحور،  الذي بات  بهدد   المصالح الامبريالية  الستعمارية في المنطقة.

كل هذه الاحداث والمستجدات والتحولات جرت وتجري في قلب المنطقة العربية، وتركت اثارها على العالم باسره سياسيا واقتصاديا، وهي أيضا قابلة لترك اثار أكبر مستقبلا بحسب المستجدات على الأرض. كل هذا والدول العربية ان كانت منفردة او  ضمن مؤسسات وتكتلات كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي الخ. لم تظهر هذه الدول أي ردة فعل حقيقية او تحركات جدية ليس بالضرورة للتعبير عن تعاطفها مع الشعب الفلسطيني والذي قدم لغاية هذه اللحظة ما يزيد عن 43000 ألف شهيد في غزة والضفة، او مع الشعب اللبناني الذي قدم قرابة 2000 شهيد. لان هذه الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية لو ارادات التعاطف والتضامن والدفاع لفرضت وقائع سياسية على الأرض، بتوظيف مقدراتها وسيطرتها على اهم الممرات المائية في العالم إضافة الى سلاح النفط والاقتصاد وغيرها. 

ولكن هل من المعقول ان هذه الدول باتت مقتنعة بان الاحداث ونتائجها على الأرض لن تؤثر عليها وعلى مصالحها ” لو تحدثنا بلغة المصالح فقط” ، وهل يعقل أيضا ان تكتفي بدور المتفرج والمترقب  الصامت للنتائج. وكان ما يحصل بمحيطها لن يؤثر سلبا  عليها وعلى شعوبها ودورها واقتصادها مستقبلا، وهل استطاعت هذه الحكومات توليد هذه القناعات لدى شعوبها أيضا، والتي كان تضامنها وتحركاتها الجماهيرية هي الأضعف على مستوى العالم. 

كل هذه الأسئلة الاستنكارية تقودنا الى خلاصة مفادها ، بان حكوماتنا العربية باتت مقتنعة بانها هي “الملعب” الذي يستضف اقوى البطولات دون ان يكون لها أي دور مؤثر ودون ان تكون هي صاحبة القرار بالسلم او بالحرب او حتى بتشكيل التحالفات والاصطفافات.

ومع دخول الحرب عامها الثاني فمن المؤكد ان نشهد مراحل جديدة وقد تكون حاسمة في هذا الصراع،/  ويبقى الشعبين الفلسطيني واللبناني هما الابطال الحقيقيون لهذه الحرب بالتفافهم حول المقاومة وبصمودهم الأسطوري امام بشاعة الجرائم الصهيونية.