المسار الإخباري :في الثاني من نوفمبر ـعام 1917، أصدرت بريطانيا ما يعرف بوعد بلفور، الذي تضمن تعهدًا بإقامة “وطن قومي لليهود” في فلسطين، متجاهلًا وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية على أرضه. شكّل هذا الوعد شرارة النكبة، وبداية لمعاناة الفلسطينيين المستمرة حتى يومنا هذا، ليضع الأساس لمشروع صهيوني استعماري قام على التهجير والاضطهاد.
وأكد الرفيق علي فيصل نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بعد مرور أكثر من قرن على وعد بلفور، ظهر “وعد ترامب” في 2020 كمخطط تآمري حديث لحسم الصراع والضم، عُرف بـ “صفقة القرن”. لم يكن هذا المشروع سوى إعادة إنتاج لوعد بلفور، حيث ركز على تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي عبر ترسيخ الاحتلال، وضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية والجولان السوري المحتل، وتقويض حق العودة، وفرض واقع سياسي وأمني واقتصادي جديد يخدم مصلحة إسرائيل فقط.
تضمن هذا الوعد دعم الإدارة الأمريكية لحروب الاحتلال والاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، وسط تنسيق وتأييد بريطاني، في محاولة لفرض حل يستجيب للرؤية الإسرائيلية الأمريكية ويصادر حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
إن هذا التآمر يتجلى اليوم بالعدوان الاسرائيلي الوحشي وحروب الإبادة على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، كما امتد العدوان ليشمل لبنان. بالاستناد على دعم سياسي وعسكري أمريكي غير محدود، حيث تدفقت الإمدادات والذخائر، واصطفت البوارج البريطانية والأطلسية لدعم العدوان، في مشهد يستهدف كسر إرادة المقاومة وإبادة شعب بأكمله في محاولة لإعادة اجترار الماضي رغم العجز عن تطبيقه بعد أكثر من قرن من الزمن.
وطوال العام السابق، تابع العالم هذا العدوان الإجرامي، الذي تُبث تفاصيله المباشرة بشكل غير مسبوق، أمام عجز دولي مخزٍ عن إيقاف المجازر المستمرة التي حصدت مئات الآلاف من الشهداء والجرحى وخلفت دماراً شاملاً يعكس نية المحتل في ممارسة حرب إبادة شاملة، مستهدفاً كل ما هو فلسطيني أو لبناني. ومع ذلك، ورغم شراسة الهجوم، عجزت آلة الحرب الإسرائيلية بقيادة نتنياهو عن تحقيق أهدافها المعلنة فلم تتمكن من تحرير أسراها، ولم تنجح في القضاء على المقاومة، التي بقيت صامدة وصواريخها مستمرة في الانطلاق من شمال غزة رغم التجويع والحصار وأشكال الإبادة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني.
كما فشلت قوات الاحتلال على جبهة لبنان في تقويض القدرات العسكرية للمقاومة اللبنانية أو في إعادة مستوطني الشمال . هذا الصمود يؤكد أن الشعوب عندما تقرر النضال من أجل حريتها وحياتها لا تُقهر. إن الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية المساندة، يقفون اليوم في خندق الدفاع عن الحق والكرامة، ليؤكدوا أن الوعد الوحيد الذي يقبلونه هو وعد النصر والعودة وتحرير الأرض، وأن كفاحهم سيتواصل حتى تحقيق أهدافهم المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.