بقلم: جاكي خوجي
المسار الإخباري : فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يضع الفلسطينيين امام تحد مركب، وربما حتى تحد غير مسبوق، فيما يتعلق بتداعيات ولايته على مصيرهم. حسب تجربة الماضي فانه لا يوجد للفلسطينيين أي اوهام بأن تحقيق تطلعاتهم الوطنية توجد على رأس سلم اولويات الرئيس القديم – الجديد. ولكن خلافا لولايته السابقة فان الواقع الفلسطيني في المستقبل القريب يتوقع أن يكون اكثر صعوبة: لا يوجد ضغط للانسحاب من غزة أو مفاوضات حول تسوية سياسية أو حوار حول خطة تتحدى مشروع الاستيطان. ويدل على ذلك وابل التهنئة والامنيات والتغريدات المسرورة من قبل اليمين المتطرف – البيبي لعودة ترامب الى المكتب البيضوي. وحتى أن العقوبات التي فرضتها ادارة بايدن على جمعيات واشخاص من اليمين يمكن أن يتم محوها بمرة واحدة.
في هذه الاثناء من غير المعروف من سيتولى حقيبة الشرق الاوسط في الادارة الجديدة. في الساحة الفلسطينية ما زالوا يتكيفون مع الواقع الذي فرض عليهم منذ 7 اكتوبر السنة الماضية، ويواجهون حقيقة أن غزة لم تعد قابلة للعيش فيها. فهي مسيطر عليها في معظمها من قبل الجيش الاسرائيلي، وهناك من يريدون تسريع مشروع الاستيطان ايضا هناك. السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية متعثرة وتمر بأزمة ثقة كبيرة لدى الجمهور الفلسطيني. اسرائيل من ناحيتها تدفع بالسلطة نحو الانهيار بقيادة سياسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي لا يخفي نيته الدفع قدما بعملية ضم اجزاء واسعة من الضفة.
من ناحية الفلسطينيين ترامب في الواقع سيسعى الى انهاء النزاع، لكن ليس من خلال تطبيق تطلعات الفلسطينيين الوطنية، بل من خلال محوها. هذا بالضبط ما فعلوه في امريكا قبل مئات السنين، والآن الفلسطينيين سيجسدون دور الهنود الحمر. معاهد ابحاث فلسطينية طرحت حتى سيناريوهات متشددة اكثر، بحسبها مئات آلاف الفلسطينيين سيضطرون الى مغادرة اماكنهم والانتقال الى الاردن في اعقاب ضم اجزاء من الضفة. الاضرار الكبير بمؤسسات دولية، لا سيما الاونروا، سيؤدي الى تحطم قضية اللاجئين، والاتصالات للتطبيع مع دول عربية اخرى مثل السعودية ستعزل الفلسطينيين بالكامل. سيكون لبنان النازف وسوريا المتعثرة في حالة عجز عن التأثير على مصير الفلسطينيين، حيث ستقف ايران المردوعة الى جانبهما. هذا الامر يتفق بالتحديد مع تعريف الشرق الاوسط الجديد، لكنه تعريف نتنياهو وترامب.
شرق اوسط جديد
امام المتشائمين يقف بالذات الذين لا يسارعون الى تأبين ترامب. حتى في القطاع الذي سكانه تابعوا باهتمام النتائج فان الخسارة الكبيرة هي عقوبة تستحقها هاريس والحزب الديمقراطي بسبب سلوكهم في السنة الاخيرة تجاه القطاع والضفة الغربية ايضا. الجمهور يجد التشجيع في حقيقة أنه بعد كل ما مر على الفلسطينيين، منذ ولاية ترامب الاولى وحتى السنة الماضية، القضية الفلسطينية لم تتبخر. الشعب الفلسطيني يوجد هنا من اجل أن يبقى. لا توجد موجة نزوح والتشجيع على الهجرة لن يغير الواقع.
في الساحة السياسية الفلسطينية سيفحصون كيفية تصرف ترامب امام نتنياهو، ومن هو الطاقم الذي سيتم تعيينه للمنطقة والى أي درجة سيكون قابل للمناقشة من ناحيتهم. أمس سارع محمود عباس الى تهنئة ترامب على الفور وعبر عن الأمل في أن يتبنى طموح الفلسطينيين في تقرير المصير. حماس من ناحيتها تتوقع أن الرئيس الجديد سينفذ وعده وسينهي الحرب على الفور. ورغم التشاؤم من نتائج الانتخابات الامريكية فان عباس وقيادة حماس اختاروا مصطلحات غير عدوانية.
مع ذلك، في الساحة الفلسطينية يدركون أن جزء من المسؤولية عن تشكيل المرحلة القادمة يتعلق بالقيادة وتعاملها مع الادارة الامريكية الجديدة ودول المنطقة. استمرار الانقسام بدون أي رؤية والصراعات الفارغة على السيطرة وتضارب المصالح في العالم العربي، كل ذلك سيجعل الفلسطينيين فريسة سهلة امام عدوانية ترامب وحكومة المستوطنين لنتنياهو. يجب طرح خطة ورؤية تجمع القوى الديمقراطية في اسرائيل وفي العالم، أو الاستمرار في البكاء على انتخاب ترامب لاربع سنوات قادمة.