“طلاب غزة بين ركام الحرب والطموح: التعليم يكافح للبقاء وسط أصعب الظروف”

التعليم هو أقوى سلاح يمكن أن تمتلكه لتغيير العالم، وهو منبع قوة الأمم إن وظفته بشكل مناسب.. وتلك غزة المكلومة، رغم المجازر وحرب الإبادة التي ترتكبها “إسرائيل” بحق أهالي القطاع يحاول طلاب الثانوية العامة الالتحاق بركب التعليم، والتحليق في فضاء التميز.

ومؤخرًا أعلنت وزارة التربية والتعليم عن نيتها عقد امتحانات استثنائية لطلبة التوجيهي خلال الفترة المقبلة.

لكن تبقى هذه المحاولات محفوفة بالعديد من الصعوبات والأزمات حيث لا كهرباء ولا إنترنت ولا مدارس نظامية، ولا حتى أجواء نفسية مهيأة، تحت أزيز الرصاص وصوت المدافع وفظاعة مشاهد القتل والإبادة.

وحرمت حرب الإبادة 40 ألف طالب وطالبة في غزة بالثانوية العامة بفروعها المختلفة، من الالتحاق بامتحانات الثانوية العامة في يونيو/ حزيران الماضي. فيما استشهد 430 طالبا جراء العدوان، ما يمثل سابقةً وانتهاكًا خطيراً يتهدد مستقبلهم ويقوض فرص التحاقهم بالجامعات والكليات المحلية والخارجية.

خطة إنقاذ للطلبة..

وأعلنت وزارة التربية والتعليم العالي، عن فتح باب التسجيل لـطلاب قطاع غزة الذين اضطروا إلى تأجيل تقديم امتحان الثانوية العامة بسبب الظروف التي تعرضوا لها نتيجة العدوان في العام الدراسي 2022/2023.

وقالت الوزارة في بيان لها، إن هذا الإعلان يخص الطلاب الذين أنهوا الصف الـ 11 قبل العدوان، وكان من المفترض أن يتقدموا لامتحانات الثانوية العامة في العام 2023/2024.

وأشارت، إلى أن التسجيل سيتم لتمكين هؤلاء الطلاب من متابعة دراستهم عن بعد، والتحضير لدورة استثنائية خاصة بتقديم امتحانات الثانوية العامة.

دراسة محدودة..

في منزلها الواقع شرق مخيم البريج، تحاول الطالبة جنات إسماعيل، صباح كل يوم دراسة ما أمكن من منهاج الثانوية العامة، عبر الهاتف المحمول من خلال الرزم التعليمية التي نشرتها الوزارة وبعض المعلمين.

وتقول إسماعيل في حديثها، إنها تواجه صعوبات جمة أثناء الدراسة أولها وأهمها عدم توفر الجو المناسب.

وتُشير إلى أنها تسكن في منطقة شرقية، ولا تفارقها أصوات القذائف وطلقات الطائرات الإسرائيلية العشوائية؛ التي كثيراً ما تصيب نوافذ منزلها، تزامنًا مع اضطرارها من فترة لأخرى للنزوح بحثًا عن الأمان في بيت جدها رفقة عائلتها، وخاصة مع وقت الغروب.

وتضيف: “عندما نلجأ لبيت جدي قبل أن نعود في اليوم التالي لمنزلنا، أحاول استغلال وجود الإنترنت لتحميل بعض الشروحات التعليمية، نظراً لعدم وصول الشبكة لمنزلنا في المنطقة الشرقية، ثم تغلق هاتفها للمحافظة على شحنة البطارية للدراسة فقط”.

وبيّنت أن هناك مشكلة أخرى هي عدم قبول الكثير من المعلمين للدروس الخصوصية، بسبب أحداث القصف المتكرر أو قبول أعدادًا محدودة فقط.

وتوضح: “أحد المعلمين أوقف عملية الدروس التي كان يقوم بها عقب تعرض البناية التي كان يستأجر بها مكاناً للدراسة للقصف الإسرائيلي، وكانت عناية الله أن عملية القصف تمت ليلا ولم يكن هناك طلاب”.

فقدت كل شيء..

من جانبه يقول الطالب محمد صالح، إنه كان يرغب بالالتحاق والتسجيل لامتحانات الثانوية العامة والانتقال بعدها للمرحلة الجامعية أسوة بغيره من أبناء جيله، لكن ظروف الإصابة ومكوثه في المستشفى لم تسمح له بذلك.

ويضيف صالح في حديثه  “تعرض منزلنا قبل حوالي شهر ونصف للقصف واستشهد فيه والدي وشقيقي وفقدت جميع ما يمكن أن أدرس من خلاله؛ كتبي المدرسية وهاتفي، تحت ركام المنزل”.

ويصف “صالح” الأوضاع الحالية بالصعبة جدًا وغير المناسبة للدراسة؛ فكثير من طلاب جيله أصبحت حياتهم بين الخيام والنزوح المتكرر وبعضهم استشهد، ومنهم من أصبح معيلا لأهله في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ويتابع: “في الوقت الذي نعاني منه في توفير الإنترنت المناسب وشحن هواتفنا، أو أجهزة الحاسوب، وعدم توفر المقدرة المالية للالتحاق بالدروس الخصوصية”.

إقبال محدود..

من جانبه، أكد المعلم علي السماك، والذي يقوم حالياً بتدريس بعض المواد في منزله مقابل أجر مادي زهيد، أن نسبة الإقبال على التسجيل لديه “ضعيفة” حاله كغيره من المعلمين؛ “الأجواء النفسية للطلبة غير مهيأة للامتحانات”.

ويقول السماك في حديثه له “، إنه يحاول منذ أيام تجهيز ملزمة دراسية للطلبة وطباعتها، لكن ظروف الكهرباء وأمور الشحن لم تسمح له، وكذلك ارتفاع أسعار الطباعة باهظة الثمن.

ويشير، إلى أن أكثر الفئات إقبالاً على التسجيل لامتحانات الثانوية العامة الإناث.

ويرى السماك، أن الحل الأنسب أن يكون بدلاً عن امتحانات الثانوية العامة في ظل هذه الأجواء وصعوبتها، وكذلك ضيق الوقت (الامتحانات ستعقد بعد حوالي شهرين من الآن)، أن يتم الترفيع لمرحلة التوجيهي على احتساب علامة مرحلة ثاني ثانوي، ويتم استدراك بعض المواد وتدريسها في الفصل الأول من المرحلة الجامعية.