
الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معهد دراسات الأمن القومي 21/1/2025
المخاطر الأمنية لصفقة تحرير المخطوفين
بقلم: تامير هايمن
يخلق مخطط تحرير المختطفين مزيجاً مختلطاً من المشاعر، حيث يدور الحديث حول اتفاق مهم لإسرائيل، وخصوصاً على الصعيد القيَمي. ومن الواجب علينا إعادة المواطنين الذين تم التخلي عنهم يوم السبت السابع من تشرين الأول، وإلّا سيكون هناك شكوك في معنى التكاتف المتبادل والمقولة المتفق عليها “كل إسرائيل إخوة”. لكن، إلى جانب الأمل بعودتهم جميعاً – بعضهم للتأهيل، وبعضهم للدفن – هناك أيضاً تخوفات أمنية كبيرة بسبب ثمن اتفاق وقف إطلاق النار.
يمكن أن يكون المخطط مفيداً على الصعيد الاستراتيجي أيضاً، إلّا إن هذه الفائدة ستكون مرتبطة بما ستقوم به إسرائيل بعد ذلك. والسؤال عمّا إذا كان يمكن تنفيذ هذه الصفقة قبل أشهر مقلق جداً على صعيد الوعي، لكن، مثل كل الأسئلة من نوع “ماذا لو”، بات الآن غير ضروري. هذا السؤال سيبقى لحكم التاريخ، أو حكم لجنة تحقيق مستقلة، على أمل أن تُشكل أصلاً.
المشكلة الكبرى في هذا الاتفاق هو أنه مقسّم على مراحل، والأهم من بين هذه المراحل الاستمرارية بين المرحلتين الأولى والثانية. الأمور المهمة والكبيرة، بالنسبة إلى “حماس”، موجودة في المرحلة الثانية – هذا ما يضمن تحرير الأسرى الكبار، وأيضاً وقف الحرب، والانسحاب الكامل للجيش من القطاع. في هذه المرحلة، ستكون الأثمان كبيرة على إسرائيل (وضمنها الأثمان السياسية). التخوف الإضافي هو ألا تعلم “حماس” أين هي جثث القتلى في القطاع، إذ من الممكن أن تكون الحركة فقدت السيطرة على مناطق معينة في ظل ضباب المعركة. ومن المحتمل أيضاً أن تطرح “حماس” ادعاءات كاذبة، لكي تحافظ على أوراق القوة لديها وشهادات الأمان التي تمنع استئناف القتال، للأسف، لأن الصفقة جزئية وعلى مراحل، ويجب الاستعداد منذ الآن، سواء من منظور أمني دائم، أو من المنظور الاستراتيجي، لليوم الذي سيتضح فيه أن المخطط انهار، ولن يتم تطبيقه كاملاً.
التهديد الأمني
يستند معارضو الاتفاق إلى الخطر الأمني المنوط به. وإذا أردنا تلخيص مخاوفهم، فهناك 3 مخاوف أساسية:
1- الخطر المضاعف جرّاء تحرير “مخربين” خطِرين من السجون الإسرائيلية: هناك أشخاص خطِرون يعودون إلى الميدان (انظروا درس يحيى السنوار مثلاً)، ويمكن اعتبار مجرد تحريرهم نجاحاً لـ”حماس”، ستستعمله من أجل تعزيز مكانتها، ودفع الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات خطف في المستقبل.
2- عودة سكان شمال القطاع إلى المناطق التي تم تطهيرها، وهم قريبون من بلدات غربي النقب على حدود قطاع غزة (من دون فحص دقيق)، وهو ما يمكن أن يجدد خطر اختراق الحدود إلى إسرائيل وإطلاق النار.
3- الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة ونهاية الحرب في الوقت الذي لا تزال “حماس” تسيطر على القطاع عملياً، وهذا ما يسمح بتجديد القدرات العسكرية للحركة في المدى البعيد، وأيضاً الفوري، ويحفظ الدافع إلى استمرار مقاومة إسرائيل.
صحيح أنه توجد تحديات كبيرة. ومع ذلك، فإن المشكلة الثالثة – حفاظ “حماس” على سلطتها الفعلية – هي أكبر مشكلة استراتيجية لأنها تتناقض مع أهداف الحرب التي وضعتها حكومة إسرائيل. جميع المشكلات الأُخرى يمكن حلّها.
سنشرح: إن تحرير الأسرى هو ثمن كبير فعلاً، لكن منذ اللحظة الأولى كان من الواضح أن إسرائيل ستدفعه. هذا هو ثمن الإخفاق في الدفاع عن المواطنين على الحدود. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يمكن إدارة هذا الخطر – الأسرى الخطِرون الذين يمكن أن يشعلوا الميدان سيتم نفيهم إلى دولة ثالثة (ويجب القول إن قدرة إسرائيل على الوصول إلى أيّ شخص في كل مكان في العالم مثبتة تقريباً)؛ أمّا بقية الأسرى (الأقل خطورةً)، فستتم إعادتهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وسيبقون تحت رقابة استخباراتية عن بُعد. ومَن يعود منهم إلى “الإرهاب” سيُعتقل أو يُغتال.
إن مجرد إعادة السكان إلى شمال القطاع لا يشكل خطراً. صحيح أنه ما دام الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني قائماً سيكون هناك مَن يتجند للتنظيمات “الإرهابية”، حتى لو كانوا، اليوم، أطفالاً. لقد دُمّر شمال غزة كلياً فوق الأرض، وأيضاً تحتها، ولم يتبقّ فيه أيّ بنية “إرهابية” لأن الجيش فكّك كتائب “حماس” (أكثر من إخضاع عسكري). ومستقبلاً يمكن التوقع أن سياسة الجيش ستكون مختلفة عمّا كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول. هذه المرة، ستكون السياسة المتبعة من أجل منع تعاظُم قوة “حماس” مختلفة، وستمنع نموّ تهديد جديد. أتوقع أن يكون أكثر عدوانيةً، وشبيهاً بعملياتها في لبنان التي هدفت إلى فرض اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في تشرين الثاني 2024 لإنهاء الحرب مع “حزب الله”.
اليوم التالي للصفقة
خطر بقاء “حماس” في السلطة هو خطر فعلي. فعلى الرغم من أنه يمكن حل أزمة التهريب إلى القطاع، عبر “محور فيلادلفيا”، فوق الأرض وتحتها، فإن هذا الإغلاق لن يكون تاماً إطلاقاً. وما دامت “حماس” في السلطة فسيتجدد التهديد. ولذلك، يجب البدء بالتحضير، منذ الآن، لليوم التالي لِما بعد الاتفاق، بصرف النظر عمّا إذا تم تطبيقه كاملاً، أو خرقته “حماس”، فهذا اليوم سيأتي. ماذا ستفعل إسرائيل في حال بقيت “حماس” مسؤولة عن قطاع غزة؟ لقد كان تفكيك حُكمها أحد أهداف الحرب التي لم تتحقق. ولذلك، يجب الاستعداد لإمكانية عودة إسرائيل إلى القتال في غزة، بعد بضعة أسابيع، أو أشهر. وحينها، لن يكون من الممكن تجاهُل السؤال الذي يتم إبعاده جانباً عادة: ماذا سنفعل مع قطاع غزة؟
التحليل يطرح 4 بدائل:
– إعادة الاحتلال والضم إلى إسرائيل: الاتفاق مع “حماس” يجعل هذه الإمكانية أصعب، حتى في المنطقة التي تم تطهيرها في شمال القطاع. فمن المتوقع أن يعود إلى شمال القطاع نحو مليون فلسطيني، وسيكون إجلاؤهم من جديد صعباً، دولياً، حتى لو كان ممكناً عسكرياً. ومن غير المضمون بتاتاً أن يوافق الرئيس ترامب على ذلك. وأكثر من ذلك فإن هذه الإمكانية لا يمكن نسخها إلى بقية مناطق القطاع. تستطيع إسرائيل الاحتلال والتطهير وضم شمال القطاع، وحتى بناء الاستيطان هناك، لكنه الحل الأقصى لمنطقة صغيرة، وأثمانه الداخلية (الاحتجاجات)، والخارجية (العزلة والمقاطعة الدولية) ستكون ثقيلة. لذلك، يُطرح السؤال: هل يمكن احتلال القطاع من جديد؟ يبدو أن الجواب كلا. فالثمن المتوقع سيكون أعلى من الفائدة.
– الاحتلال والحكم العسكري: في هذه الحالة، سيحتل الجيش قطاع غزة كله، ويفرض حكماً عسكرياً، ويستمر في القضاء على “حماس”، وفي الوقت نفسه سيتحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية وحاجات السكان في القطاع. هذه الإمكانية لها إسقاطات دولية كبيرة وأثمان عالية على صعيد حياة المقاتلين، وأيضاً الاقتصاد والشرعية الداخلية الاجتماعية. فمن أجل القيام بهذه الخطوة يجب استكمال تجنيد واسع النطاق للاحتياطيين، وتوفير كثير من الأسلحة، وسنكون بحاجة إلى وقت طويل. وليس اعتباطاً ألغى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هذه الفكرة منذ البداية. المشكلة الكبرى (حتى لو كان من الممكن التعامل مع الضغط الدولي، وجرى التخلي كلياً عن رؤية التطبيع الإسرائيلي – العربي)، أن فرض الحكم العسكري يمكن أن يُمأسس كحل دائم. فمن هو الطرف الذي سيوافق على أخذ القطاع من الجيش؟ كل جهة عربية ستقوم بذلك (من دون حل سياسي) ستُعتبر متعاونة مع إسرائيل، وأنها تصعد إلى الحكم في غزة على حراب الجيش الإسرائيلي. لذلك، ستكون إسرائيل مسؤولة عن غزة إلى الأبد، وهي منطقة تعاني جرّاء كارثة إنسانية، ويعيش فيها أكثر من مليونَين من السكان الفلسطينيين الجائعين الغاضبين من دون أيّ أمل.
– الفوضى: تخرج إسرائيل من القطاع، وتترك الوضع كما هو عليه، من دون تدخّل مدني. هناك مَن سيطلق على هذا اسم “الفوضى المقصودة”. ستحفظ إسرائيل لنفسها حق الدفاع عن النفس، وتستمر في العمل الدقيق ضد “حماس”، على الرغم من أنها لا تتعامل بتاتاً مع البعد المدني لإدارة القطاع. في ظل هذا الوضع يمكن الاعتقاد أن “حماس” ستعود إلى موقع القوة، وتبني قوتها من جديد. ستكون المسألة مسألة وقت ليتجدد التهديد الأمني من غزة لإسرائيل، وسنكون أمام دائرة تغذي نفسها، وفي إطارها تقوّي “حماس” سلطتها الفعلية، وتسيطر على المساعدات الإنسانية في الوقت الذي تُضعفها إسرائيل عسكرياً، وهو ما يسمح لها بإعادة بناء قوتها نتيجة السيطرة الاقتصادية على القطاع، ولأنه لا توجد أيّ فكرة تنافس فكرة المقاومة التي تطرحها. يمكن أن يستمر هذا الوضع أعواماً، حتى الحسم. إسرائيل، على ما يبدو، ستنتصر في هذا السيناريو على “حماس” في نهاية المطاف، لكنها ستبقى في القطاع، وستستمر، وما دامت فكرة المقاومة المسلحة موجودة سيبقى التحدي على ما هو عليه من دون حل.
– الإدارة المدنية البديلة: إيجاد جهة أُخرى، غير “حماس”، لكي تكون مسؤولة عن توزيع المساعدات الإنسانية والإدارة في القطاع. يمكن أن يكون هذا البديل جزءاً من خطة شاملة لنقل المسؤولية المدنية إلى جهة ثالثة، مع بقاء السيطرة الأمنية في يد إسرائيل (في الأساس عبر السيطرة بالاغتيالات من الجو والعمليات السرية). صحيح أن هذا الاحتمال سيكون أكثر تعقيداً، لكنه سيُبعد حُكم “حماس”، ويمكن تطبيقه على كافة مناطق القطاع، وهو لا يتناقض مع القانون الدولي. وبعكس الحكم العسكري، فإن هذه الإمكانية يضمن أن يستمر الجيش، كونه المسؤول عن أمن إسرائيل، لا أن يكون مسؤولاً عن الصرف الصحي في القطاع. الجهة التي ستكون مسؤولة عن القطاع، سيكون عليها الالتزام بشرطين: “حماس” ليست جزءاً منها؛ ولديها صلاحيات وقدرات للعمل.
هنا يدور الحديث حول نوع من أنواع “اللجنة التي تعتبر مؤقتة” – فكرة تُطرح في أجهزة الأمن الإسرائيلية منذ أشهر. وعلى الرغم من أن هذه اللجنة ستقام بمباركة من السلطة الفلسطينية، ويمكن أن تكون أساساً لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة مستقبلاً، فإن السلطة من المرجح أن تعارضها (استناداً إلى امتناعها من تحمُّل المسؤولية والمطالبة بكل شيء، أو لا شيء). في إسرائيل أيضاً، هناك مَن سيعارض مجرد ذِكر السلطة الفلسطينية، على الرغم من أن تدخّلها سيكون قليلاً ورمزياً. لكن هذا هو المكان للتذكير بأن ضغط الرئيس ترامب، الذي دفع إلى هذا الاتفاق، قبل دخوله إلى البيت الأبيض، سيعمل. صحيح أن السلطة ستعارض، لكن يمكن تفعيل الضغوط عليها للسماح بسلطة بديلة.
الخلاصة
على إسرائيل أن تقرر بِشأن الوضع النهائي المرغوب فيه للحرب – لا يمكنها التهرب من هذا. إن مخطط تحرير المخطوفين هو بداية النهاية فقط، وإذا لم يتم التخطيط له جيداً منذ الآن فلن تكون هناك نهاية للحرب. إن لم تلتزم إسرائيل بخطتها الأساسية لاستبدال سلطة “حماس” في الإدارة المدنية بسلطة أخرى ليست “حماس”، ولا إسرائيل، فإنها لن تحقق هدف الحرب. إسرائيل – القيادة والجمهور – سيشعران بالإحباط بسبب بقاء حُكم “حماس” وعدم إعادة جميع المختطفين، بعد أن قامت “حماس” بتحرير أسرى وانسحاب الجيش من القطاع. حينها، يمكن أن نسمع المتحدثين باسم “حماس” وهم يتحدثون عن انتصار، وكثيرون سيصدقونهم.
نحن أمام حالة حساسة جداً، مع كثير من التوتر وتخوّف حقيقي من انهيار كل شيء، فنحن نتحدث عن اتفاق مع أشخاص “سيئين” وعدائيين بشكل خاص. وسيكون كل يوم من تطبيق الاتفاق صعباً ومتوتراً، ومزيجاً من السعادة والفرحة، وبين الأمل واليأس والغضب. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا لا يعفينا من التفكير الاستراتيجي البعيد المدى. اليوم الذي ستنتهي فيه الصفقة سيصل، وسيكون هذا هو الوقت لضمان التوصل إلى تحقيق أهداف الحرب الأخيرة التي لم يتم التوصل إليها – تبديل حُكم “حماس” – ومأسسة إنجازات الحرب العسكرية بخطوة دبلوماسية استكمالية تصل إلى الرياض، ويمكن أن تقود الرئيس ترامب ورئيس الحكومة نتنياهو للفوز بجائزة نوبل للسلام.
——————————————-
هآرتس 21/1/2025
لن يسارع يهود العالم للهجرة إلى إسرائيل
بقلم: سيرجيو دي لا برغولا
صوتت حكومة إسرائيل على خطة إعادة المخطوفين بأغلبية 24 مع و8 ضد. باستثناء توزيع المعارضين على الأحزاب فإن هناك أهمية خاصة في فحص المناصب الرسمية للوزراء المعارضين. اثنان منهم يجذبان اهتماما خاصا وهما عميحاي شكلي، وزير شؤون الشتات ومكابحة اللاسامية، وأوفير سوفير، وزير الهجرة والاستيعاب؛ أي الوزيرين اللذين يمكنهما الاهتمام بالعلاقات مع اليهود في الشتات، وتطوير تفهم مشكلاتهم، وطموحاتهم، واحتياجاتهم هم وأبناء عائلاتهم، والاهتمام بوجودهم ورفاههم. على الأقل هذا ما كتب، خيراً أو شراً، في قانون الجنسية.
من غير الضروري أن يتصرف الوزراء في اسرائيل فقط وفقاً للمصالح القطاعية للحقائب التي هم مسؤولون عنها. لنفترض أن اتفاق وقف إطلاق النار ينص على أنه من اجل تحرير جميع المخطوفين فإنه يجب تحويل كل المدارس في البلاد إلى مدارس للإعداد الروحي لجيل جديد من الإرهابيين؛ وإغلاق جميع المستشفيات في البلاد من اجل جعلها عيادات لمصابين إرهابيين. حكومة اسرائيل لديها الصلاحية للمصادقة على مثل هذه الخطة، لكني كنت أتوقع أن يصوت وزير التعليم ووزير الصحة ضد الاتفاق. الوضع الآن مختلف. فحكومة اسرائيل صادقت على اقتراح إطلاق سراح 33 مخطوفا تم اختطافهم من اسرائيل مقابل إطلاق سراح معتقلين عددهم اكبر بخمسين ضعفا. وبينهم الكثير من “المخربين” الذين “ايديهم ملطخة بالدماء”؛ وانسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم قطاع غزة. يعكس هذا القرار الرأي العام في دولة اسرائيل (70% حسب الاستطلاعات الأخيرة). السؤال هو هل يمكن الافتراض بأن أغلبية اليهود في الشتات يؤيدون هذه الخطة، وهل يوجد للوزير شكلي والوزير سوفر أي معرفة أو إدراك لهذا الشأن بطريقة توجههما في التصويت.
تقف هذه الخطة في مركز نقاش عام وسياسي نشيط، هو بحد ذاته أمر مشروع. من الواضح أن القرارات توجد فقط في يد حكومة اسرائيل، ومن اجل ذلك هي موجودة. ومثلما ينقسم الشعب في اسرائيل حول هذه القضية المعقدة فهكذا أيضا يهود الشتات. في السنوات الأخيرة، ظهرت عملية لتصدير الآراء والخلافات من دولة اسرائيل إلى العالم الواسع. في الشتات، يوجد تقسيم فكري يشبه كثيرا الموجود في البلاد، لكن التقسيم مختلف.
في الولايات المتحدة، من المعروف أن تقسيم المواقف السياسية لليهود يختلف جدا عما هو في اسرائيل. في الانتخابات الأخيرة، حسب الاستطلاعات الأكثر موثوقية، فإن ثلثي الناخبين اليهود صوتوا لكمالا هاريس والثلث صوتوا لدونالد ترامب. بالمقارنة مع الانتخابات الأميركية السابقة للرئاسة فإن نسبة المؤيدين للحزب الديمقراطي هبطت قليلا. في انتخابات 2020، التي فاز فيها جو بايدن، حصل على 75% من أصوات اليهود. حتى أن ترامب اشتكى في الحملة الانتخابية من اليهود الذين صوتوا للحزب الديمقراطي، وقال، إنهم يصوتون ضد مصالحهم.
خلفية تصويت معظم يهود أميركا للحزب الديمقراطي هي أنهم يعتبرون اسرائيل جزءا من مصالح دولتهم. وبناء على ذلك فهم يؤيدون سياسة الرئيس التارك بايدن، الذي أظهر دعمه المتعاطف لإسرائيل، ومع ذلك بين حين وآخر استخدم الضغط الواضح لكبح حكومة بنيامين نتنياهو. لا شك أن معظم يهود أميركا يؤيدون الخطة الحالية.
في أوروبا، البؤرة الثانية للشتات، فإن تشتت المواقف السياسية لليهود معقد ومتنوع اكثر مما هو في الولايات المتحدة. ولكن ثبت أيضا أن دعمهم لإسرائيل اكبر بكثير مما هو في الولايات المتحدة. العلاقة التجريبية والعائلية وطيدة جدا، لذلك يسهل الافتراض بأن هناك تطابقا أقوى مع مواقف معظم سكان اسرائيل لصالح الخطة.
كلمة أخرى عن الهجرة إلى اسرائيل. أثبتت الأبحاث بشكل قاطع أن عددا كبيرا من المهاجرين يأتي في المقام الأول بسبب وضع الحرب. مثلا، الحرب التي جلبت في السنوات الثلاث الأخيرة إلى هنا عشرات آلاف المهاجرين من روسيا (لكنها لم تجلب عددا كبيرا من أوكرانيا). العامل الثاني من حيث الأهمية، الذي هو المسيطر في السنوات العادية، هو الوضع الاقتصادي في دول المنشأ وفي ارض الهدف، وهو ليس إلا عاملا مساعدا. ثمة عوامل اجتماعية مثل قوة اللاسامية في الخارج تؤثر بشكل كبير ولكنها هامشية مقارنة بالعوامل الرئيسة. ولكن تطرف المواقف السياسية في اسرائيل يمكن أن يكون أيضا الكابح للميل الذي ينتشر في أوساط الكثير من يهود أوروبا للبحث عن تغيير مركز الحياة.
عندما يتخذ الوزراء المسؤولون عن العلاقات بين اسرائيل والشتات مواقف في طرف الطيف السياسي فإنهم ينفصلون عن جمهور الهدف الذي تم انتخابهم من اجل خدمته، وضرر ذلك يمكن أن يكون كبيراً.
——————————————-
إسرائيل اليوم 21/1/2025
الهدف الأول: إنهاء الحرب في غزة
بقلم: بوعز غانور
رئيس جامعة رايخمن، مؤسس المعهد الدولي للسياسة ضد الارهاب
التغيير الراديكالي الذي عكسته السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب في ولايته الأولى يمكن أن نلخصه بكلمتين: “أمريكا أولا”.
في ضوء هذه السياسة، التي تضع كهدف أعلى تحقيق المصالح الامريكية في الساحة العالمية، وعلى خلفية تصريحاته واعماله قبل عودته الى البيت الأبيض، معقول الافتراض بان الرئيس ترامب سيبذل جهودا لحل النزاعات المركزية التي تشغل بال العالم ولانهاء الحروب والمواجهات العسكرية في الشرق الأوسط، في شرق الايروآسيا وفي الخليج الفارسي.
استكمال مراحل الصفقة في غزة:
الهدف الأول سيكون انهاء الحرب في قطاع غزة. بعد أن نجح في تحرير المخطوفين ووقف النار قبل تنصيبه، يبدو ان ترامب سيمارس ضغطا شديدا لاستكمال المراحل التالية للصفقة، حتى انهاء الحرب. أساس الضغط سيوجه على أي حال لحكومة إسرائيل، المعنية بالعودة للقتال في غزة في نهاية المرحلة الأولى لاجل تحقيق “تصفية كل القدرات العسكرية والسلطوية لحماس”.
لما كان يبدو أنه لن يكون ممكنا انهاء المراحل التالية للصفقة دون الاتفاق على ترتيبات “اليوم التالي” وترك إسرائيل لمعظم أراضي القطاع، واضح انه سيكون للسعودية ولدول الخليج دور مركزي في هذه الترتيبات، بما في ذلك الاستثمار المالي العالي في اعمار غزة.
تطبيع إسرائيلي – سعودي
الهدف الثاني امام ناظر ترامب سيكون تحقيق تطبيع إسرائيلي – سعودي. مستشاره المرشح للامن القومي، مايك فالس، أعلن منذ الان في هذا السياق بان تحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية يوجد “في راس سلم الأولويات” للإدارة الوافدة. السعودية، من جهتها، أوضحت بانها لن تتيح تطبيعا دون خطوة إسرائيلية، حتى وان كانت رمزية فقط، نحو إقامة دولة فلسطينية.
وبالتالي معقول ان يطلب الرئيس ترامب من إسرائيل ان تنفذ بادرة طيبة إقليمية، او على الأقل لفظية، في مسألة الدولة الفلسطينية – خطوة كفيلة بان تضعضع استقرار الائتلاف.
استقرار في سوريا وفي لبنان
الهدف الثالث يتعلق بتحقيق استقرار في لبنان وفي سوريا. سيحاول ترامب استغلال انتخاب الرئيس اللبناني، جوزيف عون، والتغيير في ميزان القوى السياسي في لبنان وضعف حركة حزب الله لاجل إلزام إسرائيل بالانسحاب، في ظل إقامة تسويات امنية تتيح لإسرائيل الرد على كل خرق من جانب حزب الله، استنادا الى آلية رقابة إسرائيلية – أمريكية وبالتنسيق معها.
الى جانب ذلك من المتوقع لترامب أن يسمح لتركيا بتعميق معقلها في سوريا. في حملته قضى ترامب بان “سوريا ليست حربنا. دعوا الاحداث تتدحرج. لا تتدخلوا”. هذا القول قيل بعد أن وصف اردوغان “بالزعيم الذكي جدا مع جيش قوي جدا”. في هذا الإطار من شأن الولايات المتحدة أن تزيل تأييدها للاكراد. بمقابل هذا الموقف يحتمل أن يكون اردوغان مطالبا بتسخين علاقاته مع إسرائيل.
انهاء الحرب في أوكرانيا
الهدف الرابع سيكون انهاء الحرب الروسية – الأوكرانية، استمرارا لتصريح ترامب بان بوسعه ان يفعل هذا “في غضون 24 ساعة”. يحتمل أن يبلغ ترامب الرئيس زلنسكي بان في نيته ان يوقف المساعدات العسكرية والسياسية لاوكرانيا، وبالتالي فان عليه ان يتوصل الى حل وسط إقليمي مع الروس في إقليمي دونيتسك ولوهانسغ في منطقة الدانوب، وكذا ان يعترف بضم شبه جزيرة القرم لروسيا. هذا الاملاء القاطع كفيل بان يؤدي الى انهاء الحرب المتواصلة.
اتفاق مع ايران
الهدف الخامس سيكون تحقيق اتفاق نووي جديد مع ايران. بعد أن انهار المحور الشيعي الذي بنته في السنة الأخيرة أصبحت ايران اكثر هشاشة. هذه الهشاشة كفيلة بان تلين المواقف الإيرانية وتؤدي الى موافقتها على اتفاق نووي جديد، يبعد خطر الهجوم العسكري الإسرائيلي او الأمريكي. يبدو أن الرئيس ترامب غير معني بتورط عسكري مع ايران، وعليه فسيقود خطوات عسكرية مباشرة او غير مباشرة ضد ايران فقط عندما لا يكون مفر من ذلك.
ومع ذلك، يجدر بالذكر ان الواقع اكثر تعقيدا من كل سيناريو وتقدير، خاصة عند الحديث عن الرئيس ترامب، الذي يتخذ القرارات بشكل غير متوقع ويرنو الى جائزة نوبل للسلام.
——————————————-
هآرتس 21/1/2025
لقد أوضح عرض حماس بإطلاق سراح المختطفين: أنهم ما زالوا هنا
بقلم: شلومي الدار
الدموع والدهشة هي جوهر مشاعرنا يوم تم تسليم المختطفين الثلاثة للصليب الأحمر في ساحة السرايا وسط غزة. عرض مثير للإعجاب للقوة، كما لو كان حدثاً مسرحياً تم التخطيط له بدقة حتى أصغر التفاصيل، نظمته كتائب عز الدين القسام هناك. لقد قدم مجرمو الحرب بسخرية مروعة “تذكاراً” للنساء اللواتي اختطفنهن بوحشية وحولنهن إلى أوراق مساومة.
حبس بلد بأكمله أنفاسه، ذرف الجميع دموع الفرح بعودة البنات، لكن من بين دموع الفرح والعيون الرطبة لا يوجد مشاهد لم يسأل نفسه – ماذا؟ بعد عام وأربعة أشهر من القتال العنيف، سوف يظل المئات من أعضاء حماس الذين يرتدون الزي الرسمي الجديد والمكوي، ويلوحون بالأسلحة وتحيط بهم سيارات تويوتا بيضاء جديدة، في الذاكرة إلى الأبد منذ يوم 7 أكتوبر الملعون. كيف يمكن أن يكون ذلك؟
أعرف الكثير عن السرايا من خلال السنوات التي قضيتها كمراسل غطى الاحداث . هذه منطقة وساحة شاسعة، حيث ألقيت كلمات ياسر عرفات ومحمود عباس وإسماعيل هنية ويحيى السنوار. وحول المباني الشاهقة التي بنيت بعد اتفاق أوسلو حيث عاش أثرياء غزة. نظرت إلى المباني التي كانت تقف كخلفية في العرض المنظم لإطلاق سراح الرهائن، وأدركت فجأة: لقد دمر الجيش الإسرائيلي شمال غزة بالكامل، لكن وسط القطاع، مدينة غزة العظيمة، ظل على حاله تقريبًا.
لقد فعل الآلاف من (إرهابيي) حماس بالضبط ما فعلوه في جميع عمليات الجيش الإسرائيلي السابقة: لقد فروا من الأماكن التي لم تكن لديهم فرصة للوقوف فيها ضد قوة عسكرية ضخمة واختاروا الاستقرار في المنطقة المبنية في غزة، وهي مكان أكثر أمانًا لإسرائيل. لهم “درع بشري” محمي ومعين.
نعم، سيقول العارفون، لكن الجيش الإسرائيلي لم يرغب في تعريض الرهائن الذين كانوا مخبئين في المعسكرات المركزية وفي الأنفاق تحت المباني الشاهقة للخطر، ناهيك عن المخاطرة بحياة الجنود أثناء القتال داخل المباني الشاهقة التي يمكن أن تكون مصائد الموت.
ولكن هذا هو جوهر المسألة. لقد وضع الجيش الإسرائيلي عودة المختطفين بأي طريقة ممكنة، وليس بالضرورة عسكرية (عندما تجرأ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري على قول ذلك بصوت عالٍ، تم توبيخه)، لكن الأمر كان صعباً على المستوى السياسي، أي نتنياهو وشركائه، لنعترف بأن أيدينا كانت مقيدة بشكل رهيب.
وفي محادثاتي في ذلك الوقت مع محققي شعبة الاستخبارات (امان) والشاباك السابقين والحاليين، المطلعين على المؤسسة الأيديولوجية والعسكرية لـ “حركة المقاومة الإسلامية، حماس” شككوا جميعاً في الادعاء بأن القضاء على حماس مهمة واقعية. لكن الغضب والألم والفجيعة والانتقام أضعف التفكير واتخاذ الاستراتيجية التي كان ينبغي اعتمادها ووضعها في مقدمة الأولويات: إذا لم يكن من الممكن القضاء على حماس، فلا بد من إعادة المختطفين بسرعة.
واتبعت إسرائيل في الغالب شعارًا آخر لافتًا من بيت نتنياهو الإبداعي “حتى النصر المطلق”. ولهذا السبب تختلط دموع الفرح لدينا بخيبة الأمل. لم يتم القضاء على حماس، بل قُتل بعض مختطفينا بدم بارد، وخلال الحرب قُتل عدد كبير جدًا من الجنود.
والآن يتعين علينا أن نركز على تحقيق الهدف الذي كان ينبغي أن يكون على رأس الأولويات منذ البداية: إعادة جميع المختطفين إلى ديارهم، أحياء أو أمواتاً، وإدراك أن القضاء على حماس لم يعد ممكناً في الأساس بسبب الظروف التي خلقناها بأيدينا. . وكان من الممكن تنفيذ المهمة جزئياً، من خلال الجمع بين استخدام القوة العسكرية وإيجاد بدائل سياسية “لليوم التالي” في غزة، وهو الأمر الذي ربما كان ليهدد حماس أكثر من مجرد قوة عسكرية هائلة.
ولكن الآن فات الأوان. والذين يعدون بأننا بعد المرحلة الأولى من الصفقة سنعود للقتال وكأن لم يعد هناك رهائن، حتى النصر المطلق، يواصلون اظهار الشعارات والوعود الكاذبة، ويعرضون المزيد من الأرواح للخطر. انتهى دعونا نعيدهم إلى أوطاننا، ونستخلص النتائج، ونستخلص الدروس، ونسحق كل تصور خاطئ، ونؤمن حدودنا، ونعيد ضبط الأساليب الاستخباراتية التي أعمتنا، وبالتالي يمكننا ضمان “عدم تكرار ذلك أبدًا”.
——————————————-
يديعوت احرونوت 21/1/2025
الانتقال من الدفاع الى الهجوم في الضفة
بقلم: يوسي يهوشع
الحادثة التي قتل فيها الرقيب احتياط أفيتار بن يهودا بعبوة زرعت في أراضي قرية طمون شمال غور الأردن ليست عملية أخرى فريدة ضد قواتنا بل جزء من سلسلة عمليات إرهاب. لا تعود العمليات دوما لمنظمة ما. أحيانا تكون هذه شبكة محلية. مهما يكن من امر، يوجد ارتفاع درجة في نوعية أدائهم، وهذا جزء من ميل مقلق يلزم الجيش بالانتقال فورا الى اعمال هجومية ذات مغزى للضغط على المخربين. لم يعد ممكنا الاكتفاء بلعبة الدفاع فقط.
طمون هي منطقة عمل فيها الجيش الإسرائيلي قبل أسبوعين، لكن هذه ليست مركز إرهاب مثل جنين، طولكرم ومنطقة نابلس. رغم ذلك، زرعت هناك عبوة اصابت سيارة جيب من نوع “دافيد” وتسببت بموت المقاتل واصابة 4 من رفاقه. رغم ان الجيش يدعي بان العبوة كانت مصنعة محليا وليست رسمية المواصفات، الا انها نجحت في توقع بسيارة الجيب إصابة ذات مغزى. لم تكن للجيش معلومات عن تفخيخ المحور. كما لم يقدر بانه ستزرع عبوة في مثل هذا المكان. ولهذا فلم تمر في المكان جرافة D9 مثلما يجري مثلا في منطقة مخيم جنين الذي يحتاج لـ “تمشيطه” بشكل مستمر منعا لزرع عبوات ثقيلة هدفها المس بقواتنا التي تتحرك في المنطقة. واذا كان في طمون أيضا بات الجيش يحتاج الى جرافات – وثمة كهذه لم تصل بعد من الولايات المتحدة، فهذا يدل كم تفاقم الوضع. نحن نبلغ هنا عن تغيير الميول في يهودا والسامرة على مدى السنة الأخيرة. واحد من اكثر الميول إثارة للقلق هو استخدام العبوات شديدة الانفجار، التي بعضها بالذات رسمية المواصفات. فايران هي التي ترسلها، تهربها عبر الأردن وتصل الى منظمات الإرهاب في الطرف الاخر من الحدود الإسرائيلية. الحدود ليست مغلقة والعائق هناك قديم جدا. في بعض الأماكن لم يتغير منذ عهد بلاد المطاردات، سهل جدا اجتيازه.
قبل أسبوع صعدت مركبة عسكرية إسرائيلية على عبوة في قباطية. أصيب ثلاثة مقاتلين اثنان منهم بشكل خطير. يدور الحديث عن منطقة مشابهة جدا لتلك التي وقعت فيها الحادثة امس. قبل نحو شهر أصيبت بعبوة سيارة “دافيد” كانت تقل قائد لواء منشه، العقيد أيوب كيوف، وقائد فرقة يهودا والسامرة، العميد يكي دولف. كيوف أصيب بجراح طفيفة، دولف لم يصب. العبوة كانت شديدة الانفجار، وبالحظ فقط لم نفقد قائدين كبيرين.
ولعله منذئذ كانت حاجة للتعاطي مع هذا الحدث بجدية اكبر والانتقال الى الهجوم، لانه وقع بعد ذلك حدث العملية القاسية في الفندق في السامرة، قرب كدوميم حيث قتل ثلاثة إسرائيليين. الخلية التي نفذتها كانت مدربة، جاءت مع وسائل قتالية متطورة، فرت بسرعة من الساحة ولم يلقى القبض عليها حتى الان.
ما يضيف الوقود الى الشعلة تحرير مخربين من السجون في إطار صفقة المخطوفين وريح الاسناد التي تلقتها حماس كنتيجة للصفقة. يمكن الافتراض بانها ستحاول الان الى جانب الإيرانيين اشعال الضفة – بالعمليات ضد قوات الجيش واهداف إسرائيلية وكذا باعمال هدفها اسقاط السلطة الفلسطينية والاستيلاء على الحكومة. هذا الواقع من شأنه أن يكون كارثيا على إسرائيل. على هذه الجبهة التي يعيش فيها معا ثلاثة ملايين فلسطيني ونصف مليون إسرائيلي، من الأصعب الدفاع عنها مما عن أي مكان آخر.
عزز الجيش فرقة يهودا والسامرة بسبع سرايا، بعضها للالوية المختلفة في ارجاء المنطقة. وسيقيم الجيش حواجز وعوائق امام المركبات الفلسطينية التي سجتاز تفتيشا قبل ان تصعد الى المحاور المشتركة للاسرائيليين والفلسطينيين لاجل محاولة احباط عمليات إطلاق النار أو العبوات التالية.
لكن كما أسلفنا، توجد صعوبة كبيرة في العمل فقط في الدفاع. المستوى السياسي ادخل جبهة الضفة الى اهداف الحرب. في ضوء التطورات في الشمال وفي غزة، مركز الثقل انتقل الى هناك بشكل رسمي. واذا كان هذا هو الوضع فيجب الضغط على المخربين الذين يوجدون هناك بقوة اكبر بكثير.
——————————————
هآرتس 21/1/2025
الخطاب الذي ألقاه ترامب في تنصيبه يوضح: لم يُغلق أي حساب
بقلم: نتنئيل شلوموفيتس
عندما وقف رونالد ريغان في واجهة الكابتول وأدى اليمين كرئيس، قام بالثناء على الديمقراطية الامريكية، وقال عن استبدال السلطة بأنه “ليس اقل من معجزة”. بعد مرور اربعين سنة بالضبط كان هذا جو بايدن الذي تحدث عن المعجزة الامريكية عندما تم تنصيبه في ظل محاولة انقلاب في الكابتول. “الديمقراطية انتصرت”، قال الرئيس الامريكي الـ 46 واحتفل بذهاب سلفه، من خلال الايمان الساذج بأن عهد دونالد ترامب في كتب التاريخ انتهى. أمس بايدن اضطر الى الجلوس وراء نفس ترامب الذي تم تنصيبه في منصب الرئيس الـ 47. المعجزة تم الحفاظ عليها، لكن الديمقراطية ما زالت عالقة.
ترامب بدأ رسميا ولايته الثانية باحتفال تنصيب متوتر في مبنى الكابتول. هو في الحقيقة قام بجمع اصوات اكثر من أي رئيس جمهوري في الثلاثين سنة الاخيرة. ولكن فوزه غير كبير كما يقول. فرغم أنه فاز على كمالا هاريس بفرق 1.4 في المئة فقط، إلا أنه صمم في خطاب التنصيب وقال إن انتصاره “كبير وساحق وتاريخي”. وقد تحدث عن “التفويض الكبير الذي حصلت عليه من الشعب الامريكي”. وأوضح بأن لديه نية كاملة لاحداث تغييرات بعيدة المدى باسم هذا التفويض. من الافضل تصديقه لأنه هكذا يعتقد، وأنه هكذا سيفعل ايضا.
في خطاب تنصيبه الاول في العام 2017 اوضح ترامب بأنه لن يسير في الطريق البلاغية لاسلافه، الذين استغلوا المنصة من اجل تقريب النفوس وارسال رسائل متفائلة. احيانا ظهر وكأنه رئيس من السلالة القديمة، مثلا عندما وعد بأن “عهد جديد ذهبي يبدأ الآن”، أو عندما تعهد بأن بلاده “ستغرس علم امريكا على المريخ”. ولكن خلال كل الخطاب كان ترامب بكامل الترامبية.
فوق أي شيء آخر هو كان منشغل بمصالحه. حتى أن هذا الموقف التاريخي لم يقنعه بالتخلي عن كراهيته ووضعها جانبا، ولم يمنعه من اغلاق الحسابات الصغيرة والكبيرة. “رحلتي للفوز من جديد في جمهوريتنا لم تكن سهلة. هذا ما يمكنني قوله لكم. لقد حاولوا سلب حريتي وحياتي. فقط قبل بضعة اشهر رصاصة شخص حاول اغتيالي اخترقت أذني”.
الروح القتالية والغضب تم الشعور بهما بالاساس عندما تحدث عن الموضوع الاكثر اهمية بالنسبة له وهو اخضاع منظومة القضاء. عمليا، الموضوع الاول الذي ظهر في خطابه هو الملفات القانونية التي تملص منها فقط بسبب فوزه في الانتخابات. “أنا لن اسمح بأن تصبح القوة الكبيرة للحكم سلاح لمطاردة الخصوم السياسيين – الشيء الذي أعرفه جيدا. هذا لن يحدث مرة اخرى. في فترة ولايتي سنرسخ منظومة عادلة، نزيهة وغير منحازة، في ظل الدستور وسلطة القانون”.
الاشارة في خطته الى منظومة القضاء توجد في اوساط الجمهور، مع المدعية العامة المعينة بام بوندي، ورئيس الـ اف.بي.آي المعين كاش باتل. الولايات المتحدة في عهد بايدن وصفها بخزان الكلمات التي على الاغلب تصف منطقة محتلة، وأعلن بأن تنصيبه مثل العيد. “20 كانون الثاني 2025 سيكون بالنسبة للامريكيين يوم التحرر. أنا آمل بأن يتذكروا هذه الانتخابات كالانتخابات الاهم في تاريخ الدولة”.
في خطابه وضع على طاولة مجازية مسدسين، يتوقع أن يطلقا النار على السلطة الثالثة. وقد وعد بأنه سيعلن عن حالتي طواريء وطنية، في سوق الطاقة والحدود مع المكسيك. هذه الخطوات ليست رمزية على الاطلاق، بل تسمح له بمصادرة صلاحيات دول، وأن يأخذ بكلتا يديه السيطرة المباشرة على قوات الشرطة والجيش، وارسالها الى الحدود. حسب بعض التقارير ترامب لا ينوي الاكتفاء بالحدود، بل ينوي الدفع قدما بعمليات اعتقال في معاقل الديمقراطية وفي المدن الكبيرة.
قسم رئيسي من خطابه تم تخصيصه للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. هو بدأ الخطاب بأنه ينوي أن يكون “المبشر بالسلام والموحد القومي”. في نفس الوقت اشار الى أن توجهه هو مواجهة عدد من الدول، على رأسها المكسيك وبنما، وكل العالم ايضا بواسطة رسوم الحماية. “نحن سنسترجع قناة بنما”، قال ترامب. واشار الى الثمن الذي دفعته الولايات المتحدة لبناء القناة في بداية القرن العشرين. واحتج على الثمن الذي تجبيه بنما وعلى تأثير الصين في القناة. “لم يتم اعطاء القناة للصين، بل لبنما”.
تعهد ترامب باعتبار كارتيلات المخدرات في المكسيك منظمات ارهابية، يردد صدى رغبة قديمة له وهي مهاجمة اراضي المكسيك. في ولايته الاولى كان يوجد حوله حراس عتبة افشلوا هذا الدافع، لكن في هذه المرة هو يقوم بتعيين في الكابنت اشخاص منافقين، لا توجد لهم مؤهلات، وكل نجاحهم السياسي يعتمد عليه.
إن استياء ترامب، الذي لم يبتسم ولو لمرة واحدة، كان ظاهرا للعيان. يحتمل أن ذلك يتعلق بنقل احتفال التنصيب الى مبنى الكابتول للمرة الاولى بعد اربعين سنة بسبب موجة البرد الشديدة. رغم أنه حصل على كل ما حلم به، حيث كل رجال قمة السلطة والقضاء وقطاع رجال الاعمال، وقفوا وصفقوا له، إلا أنه تذمر وتكدر وجهه. في جيل 78، الرئيس الاكبر سنا في التاريخ لا ينوي اجراء تغيير حقيقي في شخصيته. نائبه جاي دي فانس (40 سنة)، بالذات كان مسرورا لكونه على بعد نبضة قلب واحدة من المكتب البيضوي.
هكذا، قبل اربع سنوات واسبوعين بالضبط كانت ساحة الكابتول التي تم تنصيب ترامب فيها، ساحة جريمة دموية. في هذا المكان الذي أدى فيه يمين الولاء للدستور، اندفع جمهور غاضب وحاول القيام بانقلاب حقيقي. وقد فعل ذلك بعد تحريضه وتأجيجه وارساله من قبل ترامب نفسه، في مسيرة بروحية الشارع. بعد ذلك نجح ترامب في طمس الواقع الذي شاهده الامريكيون ببث حي ومباشر. بايدن فشل في حماية الديمقراطية، وترامب يعود الى الحكم أقوى مما كان في السابق.
بضع ساعات قبل استبدال الحكم، بايدن استغل اليوم الاخير في منصبه من اجل التوقيع على عدد من حالات العفو التي تدل على الخطر الكامن في عودة ترامب. الدكتور انطوني باوتشي، ورئيس الاركان السابق مارك ميلي، واعضاء الكونغرس الذين عملوا في لجنة التحقيق لفحص الاندفاع نحو الكابتول قبل اربع سنوات، ورجال الشرطة التي قدموا شهاداتهم في اللجنة – جميعهم حصلوا على العفو رغم أنهم لم يرتكبوا أي جريمة. سبب ذلك هو أن ترامب يمكن أن يفي بوعده، الانتقام من كل الذين حاولوا جعله يتحمل المسؤولية عن افعاله، وتقديمهم للمحاكمة. خلال ساعات احتفال التنصيب اعلنت “رويترز” نقلا عن شهود عيان بأن صورة مارك ميلي تمت ازالتها عن جدار البنتاغون في فرجينيا.
في تصريح مطول، وهو الاخير الذي نشره كرئيس، شرح بايدن لماذا اختار حماية الابرياء بدون ذكر اسم من سيأتي بعده. “أنا لا يمكنني الجلوس مكتوف الأيدي. هؤلاء هم الذين قاموا بالهجوم في 6 كانون الثاني، وعملوا على تقويض وتهديد لجنة التحقيق في محاولة لاعادة كتابة التاريخ، ومحو وصمة 6 كانون الثاني من اجل مكاسب حزبية، والمطالبة بالانتقام وتهديد المدعين العامين”، كتب بايدن. بعد بضع ساعات جلس الى جانب براك اوباما وبيل كلينتون وجورج بوش الابن وكمالا هاريس. هذه المجموعة لم تصفق.
——————————————
إسرائيل اليوم 21/1/2025
بدأ عهد ترامب الثاني
بقلم: د. ابراهام بن تسفي
خطاب التنصيب الثاني لدونالد ترامب لن يسجل اغلب الظن في الذاكرة القومية للامة الامريكية. فهو يفتقد لقول تأسيسي ومصمم، مثل الاقوال التي لا تنسى للرئيس فرانكلين دلانو روزفيلت، الذي في خطاب تنصيبه الأول في 4 اذار 1933 والذي القاه في ذروة الانهيار الاقتصادي العظيم، بث بارقة أمل لدى مستمعيه حين اعلن بان “الامر الوحيد الذي علينا أن نخافه هو الخوف نفسه”. مع ذلك، تضمن خطاب ترامب بعض الصياغات، التي رفعت من غياهب النسيان خطاب التنصيب للرئيس جون كندي في 20 كانون الثاني 1961، والذي تعهد فيه في مواجهة كل تحدٍ وتحدي كل عدو لضمان وجود الحرية.
بالفعل، النبرة المركزية في الخطاب، والتي مرت فيه كالخيط الثاني، كان التزام الرئيس الـ 47 بعدم التراخي او طأطأة الرأس أمام أي تهديد. العكس هو الصحيح، مثلما في خطاب تنصيبه الأول الذي القاه في 20 كانون الثاني 2017، وان كان فعل هذا هذه المرة في ظل التشديد والحزم، تعهد ترامب في إعادة أمريكا الى عظمتها، وجعلها قوة عظمى مزدهرة، فخورة، قوية ورائدة، وهكذا قيادتنا مباشرة الى العصر الذهبي، الذي سيكون مليئا بالنجاحات والإنجازات.
المفتاح: قوة وتصميم
على حد نهج ترامب، فان المفتاح لاعادة بناء أمريكا وتعزيز مكانتها العالمية يكمن في قدرتها على بث قوة وتصميم. وبالتالي فقد اعلن ترامب عن نيته زيادة ميزانية الدفاع الامريكية، التي الى جانب عملية التعاظم الاقتصادي المتسارع للولايات المتحدة كنتيجة لسياسته الجديدة ستشكلان رافعة رادعة مصداقة وصلبة.
وهكذا، كنتيجة مباشرة لهذه الاستراتيجية المتمثلة برفع المستوى واستعراض القوة العسكرية، الاقتصادية والتكنولوجية المبهرة، سيضمن الاستقرار في المجال الدولي، إذ ان “محور الشر” الذي يقف امامها لن يتجرأ على المواجهة معها أو اجتياز خطوط حمراء امام زعامتها الحازمة وقوتها المتفوقة.
بكلمات أخرى، سياسته عديمة الهوادة واستعداده للاقتراب من حافة الهوة وشحذ السيف ضد كل جهة تتحدى وتهدد، ستكون المفتاح لمنع النزاعات. وهكذا يشق الطريق مباشرة الى الدفع قدما بالارث المركزي لترامب – قيادة مسيرات إحلال السلام بدل الانجرار الى نزاعات عنيفة من موقف ضعف ووهن. وهكذا، رغم أن الخطاب صيغ بخطوط عامة، وباستثناء موقفه من إطلاق مسيرة تحرير المخطوفات والمخطوفين من اللظى الغزي، لم يتضمن أي تفاصيل عن كل الساحات التي تحتاج الى مسيرة إحلال سلام بشكل فوري وعاجل. الرسالة الناشئة عن الخطاب لإسرائيل هي رسالة لا لبس فيها: مستقبل الشرق الأوسط، بما في ذلك في المدى الفوري، لا يكمن في استمرار القتال بل في سياقات تسوية على أساس إقليمي واسع باسناد امريكي.
مصمم على إحلال السلام
العم سام مصمم، إذن، على ان يترك أثره على صفحات التاريخ كمن عمل على إحلال السلام في هذه المنطقة الفوضوية والمليئة بالعنف.
بهذه الطريقة يضمن أيضا تحقيق هدف مركزي آخر في رؤيا ترامب الذي هو مصمم على تنفيذها. بشكل محدد، ضمان الاستقرار والجيرة السلمية سيسمحان للصقر الأمريكي بان يحقق حلم “أمريكا أولا” الذي اتخذه وبالتالي التركيز على مسائل المجتمع والاقتصاد الداخلية. إذ انه بغياب تهديدات فورية على مصالح قومية حيوية، لن تضطر الولايات المتحدة للتصدي لمخاطر التصعيد لنزاعات محلية وإقليمية من شأنها أن تجرفها هي أيضا الى الدوامة.
وهكذا يتحقق أيضا حلم الانعزالية الجديدة للرئيس بحيث يمكنه أن يطل من بعيد على محيط مستقر وآمن لا يلزم بتدخله، الا في سياقات إحلال السلام. الأشهر القريبة القادمة ستثبت إذا كان ترامب محقا في تقديراته وتوقعاته.
——————————————
هآرتس 21/1/2025
بعد أن فقدوا الحكم، العلويون في سوريا يتمنون حبل نجاة إسرائيلي
بقلم: تسفي برئيل
البيان الاول الذي وصل “هآرتس” في الاسبوع الماضي كان حاد وواضح. “أنا أتوجه اليك باسم ملايين ابناء الاقلية العلوية. نحن بحاجة الى مساعدتكم، ونعرف أنكم الأمل بالنسبة لنا. تعالوا الينا، الملايين ينتظرون وسيقفون الى جانبكم. نحن بحاجة الى حمايتكم، لأنه يسيطر في دمشق الارهابيون وذات يوم سيهاجمون اسرائيل”. المرسل طلب عدم ذكر اسمه. وقد اشار فقط الى أنه من قرية جبلة، وأن السكان فيها يخافون من السلطة الجديدة في سوريا بقيادة احمد الشرع. بعد ذلك سيقوم بارسال عشرات البيانات ورسائل الواتس اب اليائسة، التي سيصف فيها رعب العلويين والتنكيل بهم على يد المليشيات التي تقول بأنها تعمل باسم النظام.
سوري آخر، نديم، الذي يعيش في السويداء، كتب للصحيفة: “جماعات جهادية سيطرت على سوريا وقامت بتحرير مقاتليها وكل المتطرفين كي يقوموا بذبح ابناء الاقليات. هم لا يخفون كراهيتهم لاسرائيل واليهود. أنتم الشعب الوحيد الذي يمكنه تفهم ما يمر علينا، لأنكم ايضا عانيتم على مدى التاريخ من المطاردة والتمييز والابادة”.
بعد بضعة ايام وصلت من فادي وصوف، رئيس تنظيم اسمه “المراقب السوري لحقوق الاقليات” ورئيس حزب “استقلال شاطيء سوريا، افلام فظيعة تذكر بأيام الرعب والمذابح لداعش. يصعب معرفة متى تم تصوير هذه الافلام. وحسب اقوال وصوف الذي يعيش في بريطانيا فقد تم تصويرها في حمص واللاذقية في الاسابيع الثلاثة الاخيرة، بعد فترة قصيرة من اسقاط نظام الاسد على يد “هيئة تحرير الشام”.
في احد الافلام ظهر اعدام شخص يبدو أنه متهم بالتعاون مع نظام الاسد. قائد الحدث، مسلح ملثم، يقوم باجبار المتهم على الركوع على ركبتيه، وضربه بسكين طويلة على وجهه. وفي ثانية تلقى الضحية وابل من عشرات الرصاصات التي قتلته. في فيلم آخر ظهر شخص وهو مكبل بعمود وهو ميت. ولكن عدد من الاشخاص، بينهم اطفال ونساء، يواصلون ضربه بالعصي والحجارة. في افلام اخرى رفع المسلحون علم سوريا على جثة مواطن الذي تم شنقه قبل دقائق من ذلك.
الفيلم الذي صور في قرية جبلة عرض مشهد مختلف: في لقاء في مكان مركزي تم تجميع مئات السكان، بينهم اطفال ونساء، من اجل سماع موعظة لمسلحين عرضوا أنهم كواعظين. احدهم وعد بأنه “رويدا رويدا جميع النساء سيرتدين الحجاب”، لأن “كل الدولة ستكون اسلامية وتسير حسب الشريعة”، وأن “عين موجهة نحو دمشق والعين الاخرى نحو غزة”. بعد ذلك اضاف وقال: “القدس، ان شاء الله، ستعود للمسلمين”.
حسب ملابس الواعظين واللغة العربية التي يتكلمونها يبدو أن الامر يتعلق بمقاتلين اجانب، ليسوا سوريين، بضعة آلاف المقاتلين الذين انضموا في سنوات الحرب الى قوات “هيئة تحرير الشام”. بعضهم انضموا للقوات عندما كان اسمها “جبهة النصرة” بعد الانفصال عن القاعدة. تصفية الحساب مع الذين عملوا مع نظام الاسد ومع الذين تعاونوا معه كانت متوقعة. الحديث يدور عن آلاف الضباط والجنود والموظفين ورجال الاعمال، الذين استفادوا من تقربهم من النظام. الآلاف منهم اعتقلوا وكثيرون سيعتقلون – اذا لم ينجحوا في الهرب من سوريا. ولكن في حالة الطائفة العلوية التي ابناؤها نسبتهم 10 – 12 في السكان والتي عائلة الاسد محسوبة عليها، فان الحديث يدور عن مطاردة “طائفة متهمة” يجب قمعها ومحاسبتها.
“ربما 1 في المئة من ابناء الطائفة عملوا من اجل النظام وتعاونوا معه”، قال وصوف في محادثة مع “هآرتس”. “لكن كل الطائفة عانت من النظام مثل معظم مواطني الدولة، والآن هي تتعرض للخطر على حياتها”. الشرع في الحقيقة سارع الى اطلاق وعود تفيد بأن النظام الجديد، عندما سيتم تشكيله، سيحافظ على حقوق الاقليات والنساء – هو نفسه انفصل في العام 2016 عن القاعدة، لكن من غير الواضح اذا كان، الى جانب ارتداء الملابس الغربية بدلا من ملابس المليشيا، تنازل عن الايديولوجيا الراديكالية التي تربى عليها.
العلاقات التي بدأ الشرع في اقامتها مع الدول الغربية حتى الآن لا تبدد التخوفات والتشكك في نواياه. وضمن امور اخرى، هو التقى مع ممثلين ومع وزراء خارجية من دول اوروبية، الولايات المتحدة، السعودية، قطر واتحاد الامارات. وحتى أنه نشر بيانات مصالحة، التي بعضها استهدف تهدئة اسرائيل وحتى دعوة يهود سوريا للعودة الى وطنهم. قرار تعيين عدد من رؤساء المليشيات التي شكلت “هيئة تحرير الشام” في مناصب رفيعة برتبة جنرال، يتم تفسيره في القيادة كجزء من جهود الشرع لاخضاع المليشيات الى قيادة مركزية واحدة لمنع نشاطات مستقلة يمكن أن تفشل طموحاته الى توحيد السلطة.
لكن حسب التقارير من الميدان يبدو أن بعض هذه المليشيات ما زالت تعمل بشكل مستقل، وحتى الآن هي لم توافق على نزع السلاح والخضوع لتعليمات السلطة المركزية. وحسب “المراقب السوري لحقوق الانسان” فان هذه المليشيات هي المسؤولة عن القتل المتوحش لحوالي 150 شخص علوي، لا سيما في حمص وحماة، منذ اسقاط نظام الاسد في 8 كانون الاول. السيطرة على هذه المليشيات هي احد التحديات العسكرية الموجودة على طاولة الشرع. في هذه الاثناء هو ينشغل في ايجاد حل سياسي وعسكري لمكانة القوات الكردية في شمال سوريا، ومكانة الدروز في جنوب الدولة. الدروز والاكراد يعلنون دعمهم لـ “وحدة الدولة”، لكن في نفس الوقت هم يطالبون بحكم اداري وثقافي، وحتى خلق كانتونات منفصلة. بدون تفاهم واتفاق مع هذه الاقليات الاثنية فان الشرع يمكن أن يشاهد اندلاع حرب اهلية جديدة، هذه المرة ضده.
في الوقت الحالي حتى الاقلية العلوية التي تعيش في معظمها في محافظات الشاطيء في غرب سوريا، وبعضها في حمص، تطالب باقامة كانتون للحكم الذاتي – بمساعدة اسرائيل اذا كان يمكن ذلك. “بعد أن حققتم اتفاق اعادة المخطوفين، عودوا لسحق حماس”، كتب للصحيفة العلوي من جبلة. “هؤلاء هم نفس الارهابيين الذين حاربونا في مخيم اليرموك للاجئين قرب دمشق، وفي ارجاء سوريا. هم مسلحو أبو محمد الجولاني الذي يحكم سوريا الآن. هم وحماس مصنوعون من نفس المادة. اقضوا على حماس وبعد ذلك على اخوتهم الذين يحكمون سوريا”. يبدو أن الكاتب يعرف جيدا نقطة ضعف اسرائيل. وهو ايضا اضاف تحذير: “اذا تركتونا لوحدنا فان ايران هي التي ستمد يدها لنا. جميعنا نكره ايران. لا تسمحوا لها بأن تنشر هنا نفوذها”.
——————————————
هآرتس 21/1/2025
فخ نتنياهو
بقلم: حاييم لفنسون
يصعب التصديق بأن ذلك كان فقط قبل شهرين ونصف، عندما خرج البيبيون عن اطوارهم لفوز ترامب. ما الذي لم يقولوه هناك. سيادة في اليوم الاول، وقف المساعدات الانسانية، اعمدة دخان وكبريت فوق غزة. لقد تجول بيننا اناس، ليس فقط في هامش القناة 14، بل في نفس الحكومة، الذين اعتقدوا أن ترامب سيرسل سلاح الجو الامريكي لتنفيذ وعده بجهنم في غزة. صحوة مؤلمة. “أنا اسمع أنهم يسممونه على نتنياهو”، تذمر أمس البوق يانون مغيل وقال. “مريم ادلسون تضغطه، تسممه، هي تريد بينيت، لكن يجب أن تعرفوا بأن هناك مصالح”.
أنا لا اعرف ما هو مستوى تورط السيدة ادلسون، لكن الاشارات من البيت الابيض ليست إلا التي ارادوها في القدس. الرئيس الامريكي القديم – الجديد غير معروف كشخص بفروقات صغيرة. “أنا أريد أن يذكرونني كرجل سلاح”، قال أمس في خطاب التنصيب ويبدو أنه كان يعني ذلك.
دبلوماسي غربي تحدث مؤخرا مع رجال ترامب وصف لـ “هآرتس” المزاج السائد وقال: “في المرة السابقة هم لم يعتقدوا أنهم فازوا. في هذه المرة جاءوا مستعدين وهم عنيفون. هم يريدون السلام في الشرق الاوسط وبسرعة. بالنسبة لهم السلام مع السعودية سيكون في الربيع القادم”.
نتنياهو يوجد في مصيدة بين السياسي والسياساتي. في الواقع هذا فن، المناورة بين هنا وهناك. ولكن يبدو أن المزلاج في هذه المرة يضغط بشكل خاص. “طاقم ترامب تفاجأ من التصريحات التي صدرت من اسرائيل”، قال الدبلوماسي. “هم رجال اعمال. هم غير متعودين على قول في غرفة شيء، وعلى الفور بعد ذلك يقال شيء آخر في الخارج. الحديث عن استئناف الحرب في اليوم 42 فاجأ جدا الولايات المتحدة. في قطر طلبوا من رجال ترامب الضغط على نتنياهو، لكنهم قالوا بأن هذا ليس الوقت المناسب”.
حسب الخطوط العريضة في الاتفاق فانه في 4 شباط، اليوم الـ 16 للاتفاق، يتوقع أن تبدأ المفاوضات على المرحلة القادمة. التجربة تعلمنا بأن هذه المفاوضات لن تنتهي في اليوم 42. والسؤال هو ما الذي سيحدث عندها اذا لم يتم استئناف القتال فان بن غفير لن يعود الى الحكومة. وسموتريتش حازم في قراره، ونتنياهو يصدق بأنه سيقدم استقالته. ايضا الوزير شيكلي اعلن بأنه سيستقيل. هذا غير مهم جدا بحد ذاته، لكنه يضيف الى الشعور بأن الحكومة ستتفكك والجميع يمكن أن يصابوا بالجنون. “المتحدث بلسان رئيس الحكومة”، يعقوب بردوغو، شارك أمس في التخبط السياسي. “الحكومة الحالية تطمح الى العودة الى عملية عسكرية في غزة من اجل تحقيق هدف الحرب، تدمير حماس. اذا كانت توجد في الولايات المتحدة رؤية مختلفة تقول بأنه يمكننا خلق واقع في غزة بدون حماس، فان هذا لا يعني تصفية حماس… بدون حماس وخلق واقع سياسي أنا اعطي لذلك احتمالية لا بأس بها. توجد قوات كبيرة، السعودية والامارات التي تعمل على هذه النقطة، بالاساس اموال قطرية طائلة”.
عمليا، تحدي نتنياهو هو ابقاء الصفقة على قيد الحياة، ليس فقط في اليوم الـ 42، بل حتى ذلك اليوم. من اليوم الـ 16 فان الاقوال التي ستقال حول الطاولة في قطر يمكن أن تتسرب الى الخارج. من الجهة الاخرى فان ضغط ترامب لاستكمال المرحلة الثانية، حتى بثمن تحرير كبار المخربين من حماس المسجونين في اسرائيل، سيزداد. في غزة بقي خارج الصفقة عيدان الكسندر، الجندي الذي هاجر من الولايات المتحدة ولديه جواز سفر يميل الى اللون الازرق ويعيش الآن في غزة. ترامب سيكون مسرورا باستضافته في البيت الابيض من اجل الاظهار بأنه نجح في الامر الذي فشل فيه بايدن. والسيد الاكبر لسموتريتش لا يثير اهتمامه.
——————————————-
يديعوت احرونوت 21/1/2025
بايدن رجل التناقضات، نزعة المصالحة عززت ايران، ومن جهة اخرى ساعد إسرائيل
بقلم: بن درور يميني
بايدن، عزيز اليمين أحد أعظم أصدقاء دولة إسرائيل غادر امس البيت الأبيض. ليس واضحا بعد اذا كانت إسرائيل ستشتاق اليه. لانه رغم أنه عرف نفسه كصهيوني، رغم تصريحاته المؤيدة، رغم القطار الجوي الذي زود إسرائيل باكسجين أمني، جو بايدن هو أساس قصة فشل. فهو يواصل تقاليد طويلة لزعماء أمريكيين يصعب عليهم أن يفهموا الشرق الأوسط. لكن يخيل ان اليمين الإسرائيلي بالذات سيشتاق اليه. لانه لم يسبق ان كان رئيس امريكي سمح لليمين الإسرائيلي بعمل كل ما يروق له. سنأتي الى هذا لاحقا.
بدأ بايدن ولايته بخطأين جسيمين حتى لو لم يكونا المسبب المباشر لمذبحة 7 أكتوبر، كانا بالتأكيد في الخلفية. الأول، بعد أيام قلائل من تسلم بايدن لمنصبه، في 6 شباط 2021 كان اخراج الحوثيين من قائمة الإرهاب. اعيدوا الى القائمة في 17 كانون الثاني، قبل سنة. بعد أسبوعين من ذلك في 19 شباط 2021 الغى بايدن العقوبات على ايران. كان بايدن مؤيدا للنهج الذي يقضي بان النية الطيبة من جهة تؤدي الى نية طيبة من جهة أخرى. هذا لم ينجح.
الاتفاق النووي وقع في 2015. ترامب الغاه في 2018. محللون كثيرون، في إسرائيل أيضا، ادعوا بان الإلغاء شجع طهران على تسريع السباق الى النووي. ليس صحيحا. تأثير العقوبات كان دراماتيكيا. حسن روحاني، الذي كان في حينه رئيس ايران اعترف منذ نهاية 2019 بان استئناف العقوبات الحق بايران ضررا اقتصاديا بـ 200 مليار دولار. في نهاية 2020 كان وزير الخارجية محمد جواد ظريف هو الذي اعترف بان الضرر لإيران بات يبلغ 250 مليار.
وكانت النتيجة الفورية انخفاض 28 في المئة في ميزانية الدفاع الإيرانية. كان هذا إنجازا هائلا. غير انه عندها جاء بايدن مع الغاء العقوبات. وايران، بالفعل، بدأت تسرع البرنامج النووي. لكن ليس بسبب ترامب. بسبب المال الهائل الذي دخل في اعقاب الغاء العقوبات. بالضبط ذاك المال، هدية قرار بايدن، وصل على أي حال أيضا لكل الوكلاء الإقليميين – حزب الله، الحوثيين، الكتائب في العراق وبالطبع الجهاد الإسلامي وحماس في القطاع.
انتصار بايدن رفع مستوى الامل، واساسا من جانب اليمين. “في الاستيطان يستعدون لادارة ترامب”، كتب بالعنوان الرئيسي لصحيفة “مكور ريشون”، “يعدون خطة لفرض السيادة في المنطقة”. غير أن الحقيقة بدأت تنكشف لدوائر مؤيدي الضم. الاسبوعان الاخيران يوضحان بان ترامب لا يعتزم الانضمام الى مجلس “يشع”. وعمليا، يسود اليمين الإسرائيلي الارتياح، الكثير من الارتياح، من إدارة بايدن بالذات. كي نفهم هذا هناك حاجة ببساطة لمراجعة المعطيات.
وبالفعل، في العام 2023، أقيمت 31 بؤرة استيطانية. كان هذا رقما قياسيا لكل السنين. رقما قياسيا مخيفا، مر بصمت لان المعسكر الصهيوني – الديمقراطي كان منشغلا باحباط المبادرات القضائية. وعندها جاء العام 2024، وهو عام الحرب الأصعب التي خاضتها إسرائيل في عشرات السنين الأخيرة. والرقم القياسي ليس فقط تحطم بل تضاعف. 60 بؤرة استيطانية أقيمت في اثناء هذا العام، واكثر من ذلك، 7 منها أقيمت في داخل المناطق ب. بمعنى، في المناطق المخصصة للدولة الفلسطينية حسب رؤيا السلام لترامب.
بالضبط عندما هتفوا في الجامعات الامريكية “من البحر الى النهر” كانت حكومة إسرائيل هي مقاول التنفيذ للهتافات. هي التي تقودنا الى الرؤيا الكابوسية لـ “دولة واحدة”. بتسلئيل سموتريتش يقصد شيئا آخر، لكن هو الذي يجسد رؤيا كارهي إسرائيل. اين كان بايدن؟ اين الإدارة الامريكية؟ لم نرَ ولم نسمع. إدارات سابقة، جمهورية وديمقراطية حاولت وقف زخم الاستيطان. إدارة جورج بوش، في نيسان 2003، توصلت الى اتفاق مع إسرائيل، التي كانت في حينه برئاسة ارئيل شارون، على “تفكيك بؤر استيطانية أقيمت منذ اذار 2001”. ليمور لفنات اعترفت في 2005 بان إسرائيل وافقت على “إزالة 24 بؤرة فقط”. وبالفعل، ازيلت بؤرة هنا وبؤرة هناك. لكن الزخل الهائل تواصل. وإدارة بايدن بالغت في الفعل. تحت عيونها غير المفتوحة أقيمت بؤر استيطانية اكثر مما تحت أي إدارة أخرى.
يوجد بايدن آخر. الرئيس المتصلب والمهدد. هو الذي اعلن “لا تفعل” فور مذبحة 7 أكتوبر. وجه دعوته الدراماتيكية الى ايران، حزب الله وكل من اعتزم التدخل في القتال. تنظيم حزب الله لم يتأثر، اصر على التدخل. هكذا أيضا ايران التي نفذت هجومين صاروخيين على إسرائيل. وهكذا أيضا بالتأكيد الحوثيون، الذين حتى القصف الأمريكي لم يردعهم. هذه الـ “لا تفعل” وجهت أيضا لإسرائيل، واساسا ضد اجتياح رفح. هل اجدى هذا؟ هل ردعت إسرائيل؟
بايدن، كما ينبغي الاعتراف، كان ضعيفا، ضعيفا جدا. بدأ ولايته مع ميزة واضحة من نزعة المصالحة التي عززت أساسا الجهات الراديكالية في الشرق الأوسط. وعندما جاء التحذير الصاخب، احد لم يأخذه بجدية. ولا يزال، ينبغي ان نذكر لبايدن المساعدة الأمنية الهائلة. هو اخطأ. هو متصالح. لكنه كان محبا حقيقيا لإسرائيل. كلنا مدينون له بالشكر. واليمين الإسرائيلي – اكثر منا جميعا.
——————————————-
يديعوت احرونوت 21/1/2025
حضور للمستوطنين في واشنطن
بقلم: اليشع بن كيمون
نظرة الى الشخصيات التي خرجت من خلف الخط الأخضر الى واشنطن للمشاركة في تنصيب الرئيس دونالد ترامب تظهر جبال التوقعات التي يعلقها المستوطنون بالإدارة الجديدة. رؤساء المستوطنين، وبينهم رئيس مجلس “يشع” إسرائيل غانتس ورئيس مجلس السامرة يوسي داغان وصلوا الى الولايات المتحدة بجولة محادثات مع المسؤولين الأمريكيين.
أناس الاستيطان سينقلون الى الرئيس الوافد كتابا وقع عليه الاف من سكان المناطق يهنئونه فيه بتسلمه المنصب. الى جانب التطلعات يدخل المستوطنون الى ولاية ترامب بعيون مفتوحة وهم يفهمون بان ليس كل تطلع لهم سيتحقق. ولا يزال، هام لهم الإشارة الى نتنياهو بانهم يطالبون بان يكونوا جزءاً من كل بحث وقرار بشأنهم. “انته الأيام التي يتحدثون عنا بدوننا. نحن سنكون جزء من القرارات عن يهودا والسامرة ولن يقرروا نيابة عنا. يتعين على نتنياهو أن يعرف هذا”، يقول مسؤول كبير في مجلس “يشع”.
وحتى قبل تحليل توقعات المستوطنين من الإدارة الامريكية الوافدة من المهم أن نفهم الوضع في يهودا والسامرة. من ناحية أمنية، قيادة المنطقة الوسطى والحكومة تنفذان اعمالا هجومية لم تتم هنا قبل الحرب، وبينها احباط مخربين من الجو، استخدام وحدات خاصة واعتقالات على نطاق واسع. منذ بداية الحرب اعتقل في الضفة نحو 5 الاف مخرب (وفي بعض من الحالات حرر معتقلون خفيفون عقب نقص في أماكن الحبس)، ورؤساء الاستيطان يدعون بانه يجب تعميق وتعظيم الاعمال ضد الإرهاب في مخيمات اللاجئين.
في كل ما يتعلق بالبناء، التغيير ملموس منذ الان. الوزير سموتريتش اخذ لنفسه صلاحيات ذات مغزى تتعلق بالبناء خلف الخط الأخضر. هذا الأسبوع فقط كشفت “يديعوت احرونوت” النقاب عن أن إقرارات البناء انتقلت الى صيغة أسبوعية والتوقع هو ان يتم العمل هذه السنة على نحو 10 الاف وحدة سكن. إضافة الى ذلك فان مشروع المزارع ينال الزخم وبمعونته ينجح المستوطنون بالاستيلاء على مجالات واسعة في مناطق ج. كما أن “بؤر الاستيطان الفتي” توجد في مراحل تسوية متقدمة. بالتوازي، فان رؤساء المجالس يأملون بان خطط البناء “التي علقت” بسبب إدارة بايدن ستتقدم بمعونة الإدارة الجديدة. ان حقيقة أنه في طاقم ترامب توجد شخصيات على اتصال مباشر مع كبار رجالات الاستيطان بل ان بعضهم زار المنطقة هامة في كل ما يتعلق بالدفع قدما بخطط البناء.
في الاستيطان قلقون جدا من العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على مستوطنين في التلال وفي المزارع، وفي مجلس “يشع” توجهوا منذ الان في هذا الشأن الى نتنياهو الذي وعد بتشكل طاقم من الوزارات لمعالجة الظاهرة. تخوف المستوطنون من اتساع الظاهرة الى منظمات وشخصيات عامة تعمل من اجل توسيع البناء في المستوطنات. يتطلع المستوطنون الى تغيرين أساسيين في الموضوع: وقف الاستخدام للعقوبات فورا وإلغاء العقوبات التي سبق ان فرضت.
يطبع سموتريتش اقرارات البناء وعمليا شل تماما تقريبا المستوى السياسي فيما يتعلق بها. رؤساء المستوطنين يتطلعون لتلقي تراخيص البناء دون “كوابح” من الادارة سواء في المناطق التي تقام فيها وحدات السكن ام بالنسبة للكمية، وهم يستثمرون في العلاقات مع شخصيات أساسية في الإدارة لتحقيق أفكارهم. غير ان سموتريتش ورؤساء المستوطنين يقرون البناء في الأماكن التي تمنع تواصلا إقليميا فلسطينيا، وكنتيجة لذلك يجعلون من الصعب إقامة دولة فلسطينية. رؤساء “يشع” يعملون على تطبيع الوضع الذي يكونون فيه جزء من عملية اتخاذ القرارات في موضوع السيادة. ومع ذلك يفهمون بان هذه عملية مركبة جدا تحتاج اسنادا سياسيا واسعا. رؤساء الاستيطان اكتووا بـ “صفقة القرن” التي عمل عليها ترامب في ولايته السابقة. أجزاء واسعة من اليمين وقفت ضد الخط التي ستؤدي بزعمهم الى إقامة دولة فلسطينية. صحيح ان بعضهم أراد الإعلان عن السيادة في أجزاء من المناطق لكنهم ادعوا ان من الأهم إقامة دولة فلسطينية. هذه المرة يصل المستوطنون مع خطة سيادة متبلورة ومع تطلع لان يكونوا جزءا لا يتجزأ من كل خطوة في الموضوع.
——————————————-
هآرتس 21/1/2025
بنهج ليفين-ساعر.. اليمين الإسرائيلي: سنختطف “القضاء” برعاية الصفقة
بقلم: أسرة التحرير
يسجل مستوى التحكم وانعدام الخجل لدى الائتلاف رقماً قياسياً جديداً. فالائتلاف يستغل، بتهكمه المميز، حقيقة أن الاهتمام العام من جانب الإعلام والمعارضة، مجند كله لضمان ألا يستسلم رئيس الوزراء للقوى السياسية في أوساط الائتلاف – التي تسعى لإحباط المرحلة الثانية في صفقة المخطوفين، ومواصلة الحرب على حساب حياة المخطوفين المتبقين للتقدم في الانقلاب النظامي.
لجنة الدستور، القانون والقضاء، ستبدأ اليوم المداولات التي تستهدف إدراج “منحى لفين – ساعر” في القانون الذي سيقلب الطريقة التي يعين فيها القضاة في إسرائيل. تحت رعاية “ضباب الصفقة” يدفع الائتلاف قدماً بتشريع “المنحى” الذي لا حل وسط فيه ولا توافق، بل قرار من طرف واحد لوزيرين في الحكومة.
رغم أنه لن يسمح بسيطرة ائتلافية مطلقة في اللجنة، فإن منحى مهندس الانقلاب النظامي يريف لفين، وشريكه “المتوافق” جدعون ساعر، سيسمحان بسيطرة سياسية مطلقة على تعيينات المحكمة العليا، وسيطرة سياسية في كل تعيينات الهيئات القضائية الأدنى.
بكلمات أخرى: لن تكون بعد اليوم تعيينات مهنية؛ المحكمة التي نعرفها كجسم مستقل وقوي ومهني، ستصبح محكمة مستقطبة سياسياً تضم شخصيات ذات آراء متطرفة؛ وستصبح الهيئات القضائية الأدنى مصنعاً للوظائف السياسية والصفقات المهزوزة بين السياسيين في اللجنة؛ وسيرغب قضاة في التقدم للمراتب، وسيكونون ملزمين بجموع ضغط سياسي؛ وحتى لو كان هناك تحول بعد الانتخابات التالية، فإن مندوب المعارضة (مثلاً، سمحا روتمان) سيواصل هز المنظومة في السنوات القادمة، وأي تعيين لكل قاض في الدولة سيحتاج إلى مباركته، لأنه سيكون له (ولمندوب المعارضة الإضافي) حق فيتو على كل تعيين.
على الجمهور، المعارضة ووسائل الإعلام، أن يفهموا أن الائتلاف يستغل كونهم جميعاً يصبون اهتمامهم على إنقاذ المخطوفين لتخريب الديمقراطية. في الوقت الذي يحافظون فيه على عدم ترك المخطوفين لحتفهم، يستغل الائتلاف الثغرة في الدفاع والانتباه الجماهيري لتسريب التشريع والسيطرة على جهاز القضاء، الذي هو هدف لفين منذ البداية.
لا مبرر أو إلحاح لتشريع القانون بسرعة في هذه الأيام. فالقانون سيدخل حيز التنفيذ في الكنيست القادمة، وبالتالي يجب السماح بنقاش طويل، جدي وواع للمنحى الجديد. سيكون من الصعب إقناع السياسيين (من كل الأطراف) التخلي مستقبلاً عن قوة قوية بهذا القدر وعن مخزون لا ينضب من الوظائف لتعيين مقربين، وبالتالي فالوقت حان الآن. يجب الاستيقاظ ومنع هذا القانون.
——————————————-
لا يمكن لـ “إسرائيل” تجاهل القضية الفلسطينية بعد اليوم
لم يعد من الممكن تجاهل “إسرائيل” للفلسطينيين، لأنّ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر والحرب أظهرا للإسرائيليين أنه من المستحيل أن يعيشوا حياة طبيعية في حين أن هذه القضية لم تُسَوَّ حتى بالقوة.
بقلم: ميرون رابوبورت
موقع “ميدل إيست آي” ينشر مقالاً للكاتب الإسرائيلي ميرون رابوبورت، قال فيه إنّ الاحتلال الإسرائيلي مستقبلاً لن يكون قادراً على تجاهل القضية الفلسطينية بعد هجوم 7 أكتوبر، معدّداً الأسباب.
من المبكر جدّاً تحديد من ربح، ومن خسر في حرب “إسرائيل” على غزّة، ولكن إذا نُفّذت المرحلة الأولى من اتّفاق وقف إطلاق النار على الأقلّ، فيمكن اعتبار أنّ “إسرائيل” لم تحقّق أهدافها المعلنة من الحرب، من “القضاء على حماس” و”إعادة الأسرى بالقوة العسكرية”، إلى هدفها المهمّ غير المعلن، وهو القضاء على الوجود الإنساني للفلسطينيين في غزّة، والذي لم يتحقّق أيضاً.
ورغم كلّ ما أحدثته “إسرائيل” في حربها منذ 15 شهراً، من دمار وقتل جماعي، ازداد الفلسطينيون تمسّكاً بأرضهم. وقد احتفلوا وخرجوا إلى شوارع القطاع بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، فخورين، بصمودهم كشعب وكبشر في وجه العدوان الإسرائيلي. وهذه المشاهد مؤشّر إضافي على فشل “إسرائيل” في أن تحقّق أهدافها.
لماذا وافق نتنياهو الآن؟
من الصعب معرفة لماذا بالتحديد وافق بنيامين نتنياهو على قبول صفقة الآن، وهي كانت مطروحة على طاولة المفاوضات منذ أيّار/مايو في العام الماضي. ربّما أدّت ضغوط دونالد ترامب دوراً رئيسيّاً في ذلك، لكن لدى نتنياهو مشكلات داخل “إسرائيل” أيضاً. وتشير استطلاعات الرأي كافة إلى أنّ أغلبية كبيرة من الجمهور تؤيّد صفقة من شأنها إطلاق سراح نحو 100 أسير إسرائيلي مقابل إنهاء الحرب، الأمر الذي أضعف ائتلافه الحكومي إلى حد بعيد.
وكشف استطلاع رأي مؤخّراً، أنّ الائتلاف الحكومي الحالي سوف يحوز 49 مقعداً في “الكنيست” من أصل 120، إن أُجريت انتخابات عامّة قريبة. هذا يعني أنّ ائتلاف نتنياهو سيخسر نحو 20 مقعداً، ممّا يفقده التأهيل لتشكيل حكومة. لذلك، الموافقة على المرحلة الأولى من صفقة الأسرى الآن، قد تسمح لنتنياهو باستعادة الدعم بين الناخبين من يمين الوسط، وفي الوقت نفسه يرضي تيارات اليمين الإسرائيلي المتطرّف، ويعدهم بتجديد الحرب بعد ذلك.
على الأرجح، لقد رفض نتنياهو الاتفاق سابقاً، بسبب تهديد حلفائه المتطرفين، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بإسقاط حكومته إذا أوقف الحرب، وهذا التهديد قائم الآن أيضاً. ولكن، نتنياهو كانت لديه أسباب أخرى أكثر عمقاً لرفض الاتّفاق في السابق، فقد كان يخشى أن يؤدّي انتهاء الحرب إلى إعادة القضية الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات.
وبما أنّ نتنياهو كرّس حياته السياسية لمنع قيام دولة فلسطينية، فهذا الاحتمال قد يقوّضُ إرثه. ومع ذلك، فقد وافق الآن على وقف إطلاق النار، تحت ضغط ترامب والرأي العامّ الإِسرائيلي.
ما هي فرصة وقف دائم لإطلاق النار؟
سواء فازت أو خسرت، فإنّ “إسرائيل” بعد توقيع وقف إطلاق النار، تختلف تماماً عمّا قبل الهجوم الذي قادته “حماس” منذ 15 شهراً. والذي تسبّب في صدمة لم يتعافَ منها الإسرائيليون، وما الدمار الذي أحلّوه بغزّة إلا محاولة لمداواة هذه الصدمة، التي ما زالت باقية. فقد أدّى هجوم حركة “حماس” إلى انهيار فكرة قدرة “إسرائيل” على إدارة الصراع مع الفلسطينيين. وقد أظهر مؤخّراً باحثون من مركز دراسات إسرائيلي مختصّ في شؤون الشرق الأوسط، لماذا فشل هذا الاتجاه من التفكير، وكيف أدّى إلى النتائج المدمّرة التي أسفرت عنها أحداث 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023.
وكي تعوّض “إسرائيل” فشلها في إدارة الصراع، تبنّت “الخطّة الحاسمة” لسموتريتش الهادفة إلى القضاء على الفلسطينيين وضمّ كامل فلسطين التاريخية لـ “دولة إسرائيل”. وكان تدمير غزّة جزءاً من هذا المخطّط، وبالطبع فشل هذا المسار أيضاً.
ولا يزال سموتريتش وبن غفير يعتقدان أنّ هذا الهدف قابل للتحقيق. ولذلك يطالبان نتنياهو بالالتزام باستئناف الحرب فور انتهاء المرحلة الأولى التي تستمرّ 42 يوماً، لهدف معلن هو احتلال قطاع غزّة بالكامل وتقليص المساعدات الإنسانية إلى الحدّ الأدنى.
لكنّ موقف نتنياهو غامض بشأن إمكانية تجديد الحرب، ويبدو أنّ القيام بذلك سيكون صعباً للغاية لأسباب كثيرة. ولم يتضح بعد نوع الضغوط التي مارسها ترامب على نتنياهو حتى الآن، ولكن من الواضح تماماً أنه لا يريد حرباً في غزة، وأنه يهدف إلى استئناف نوع ما من العملية السياسية في الشرق الأوسط، والعودة إلى الحرب ستكون ضدّ رغبته.
هل ينهي الاتّفاق حرب “إسرائيل” على غزّة؟
من المرجّح أنّ ترامب لن يوقف شحنات الأسلحة الأميركية إلى “إسرائيل”، ولن يمتنع من حمايتها في مجلس الأمن في الأمم المتّحدة إذا عادت إلى الحرب، لكنّ نتنياهو يفضّل عدم مواجهة ترامب في الفترة الأولى من وجوده في البيت الأبيض. كما أنّ استئناف الحرب قد يؤدّي إلى توتّر العلاقات مع مصر، التي ساعدت على التوسّط في الاتّفاق. والمشكلة الأكبر سوف تكون داخلية. فالعودة إلى الحرب تعني التنازل عن حياة 66 إسرائيلياً، لم تشملهم المرحلة الأولى من الصفقة. وسوف ينظر معظم الرأي العام الإسرائيلي إلى مثل هذه الخطوة كخيانة.
وقد أظهر استطلاع للرأي نشر الأسبوع الماضي، أنّ 73% من الإسرائيليين يؤيّدُون إطلاق سراح الأسرى كلّهم مقابل إنهاء الحرب، التي إذا تجدّدت قبل عودتهم جميعاً، ستؤدّي إلى تظاهرات ضخمة وشديدة مناهضة للحكومة، وستصبح أكثر عنفاً. كما أنّ أغلب الجمهور الإسرائيلي يريد العودة إلى الحياة الطبيعية. وإذا استؤنفت الحرب تحت ضغط أقلّية صغيرة نسبياً من اليمين المتطرّف، مثل سموتريتش وبن غفير وهما يحوزان 14 مقعداً في الكنيست فقط، واستطلاعات الرأي تشير إلى أنّ نسبة مؤيّديهما بانخفاض مستمرّ، فإنّ هذا من شأنه أن يوصل إلى تمزيق الجمهور الإسرائيلي أكثر ممّا هو عليه الآن.
كذلك، إنّ العودة إلى القتال ستكون صعبة عسكرياً أيضاً، فـ “الجيش” الإسرائيلي منهك بالفعل،ولم يعد الجنود يعرفون ما هو المطلوب منهم وإلى أين تتّجه هذه الحرب. كما أنّ نسبة جنود الاحتياط الذين يلتحقون بالخدمة في تناقص مستمرّ. وإذا نُفّذت بنود المرحلة الأولى بشكل تامّ، فإنّ مئات الآلاف من الفلسطينيين سيعودون إلى شمال قطاع غزّة، وهذا سيشكّل تحدّياً هائلاً لـ “الجيش” الإسرائيلي، لأنّه سيحارب في منطقة ستصبح مرّة أخرى ذات كثافة سكانية عالية.
لقد أثبتت حركة “حماس” قدرتها الفعلية على إعادة تنظيم صفوفها، كما اتّضح عندما قتل 15 جندياً إسرائيلياً في أسبوع واحد في بيت حانون. وبعد 42 يوماً من وقف إطلاق النار، فمن المؤكّد أنها سوف تكون أكثر استعداداً. ومن المنطقي أن نفترض أنّ المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار سوف تدخل حيّز التنفيذ، وهو ما سيؤدّي إلى إطلاق سراح جميع الأسرى والتوصّل إلى هدنة دائمة بين الطرفين.
تأثير الحرب على “المجتمع” الإسرائيلي
إن أغلب الإسرائيليين يريدون العودة إلى مرحلة ما قبل السابع من أكتوبر، إلى نوع من المصالحة اليهودية الداخلية بين الوسط واليمين المعتدل ويسار الوسط، ومواصلة تجاهل القضية الفلسطينية، كما كانت الحال في حكومة بينيت-لبيد التي سبقت إدارة نتنياهو الحالية.
ولكن بعد صدمة 7 تشرين الأول/أكتوبر وخمسة عشر شهراً من الحرب المدمّرة ضدّ الفلسطينيين في غزة، والتي فشلت في تحقيق أيّ نتائج، سيكون من الصعب إعادة هذا المارد الفلسطيني إلى القمقم، فعلى الساحة الدولية، أصبحت القضية الفلسطينية في مكان مختلف تماماً عمّا كانت عليه في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ولقد أصبحت القضية الفلسطينية والسلام الأكثر إلحاحاً، وهذا مطلب يصدح من حرم جامعات ووزارات خارجية في مختلف أنحاء العالم. وهو يؤشّر الآن إلى أنّ فرص سماح المجتمع الدولي لـ “إسرائيل” بإدارة القضية الفلسطينية بالطريقة التي تراها مناسبة أصبحت الآن ضئيلة للغاية.
قد تنشأ قوى سياسية واجتماعية جديدة بين الإسرائيليين، من بين تلك التي قادت التظاهرات الضخمة “القضائية” ضدّ حكومة نتنياهو في عام 2023، والاحتجاجات من أجل إعادة الأسرى، والتي باتت تدرك أنّه لم يعد من الممكن تجاهل الفلسطينيين. ليس لأسباب أخلاقية، بل لأنّ 7 تشرين الأوّل/أكتوبر والحرب أظهرا لهم أنّه من المستحيل أن يعيشوا حياة طبيعية في “إسرائيل”، في حين أنّ هذه القضية لم تسوّ، حتّى بالقوّة.
من المبكر للغاية القول ما إذا كانت وجهة النظر السياسية الجديدة هذه سوف تظهر بعد انتهاء هذه الحرب، ولكنّ ماضي الإسرائيليين يشي بأنّ هذا ممكن. فبعد انتهاء الحرب في عام 1973، شعر العديد من الإسرائيليين بأنّهم فازوا في الصراع. ومع ذلك فإنّ صدمة الهزيمة في الأيّام الأولى للحرب ظلّت تطاردهم. وبعد 6 سنوات، وقّعت “إسرائيل” معاهدة سلام مع مصر، وانسحبت من الأراضي التي احتلتها في شبه جزيرة سيناء في عام 1967.
—————–انتهت النشرة—————–