
الاغبياء والفاشيون فقط هم المتحمسون من ترانسفير ترامب
بقلم: ب. ميخائيل
فكرة ترامب بخصوص الترانسفير في غزة هي فكرة لم يصدقها أي أحد، باستثناء الاغبياء والفاشيين. الاغبياء، الذين يمثلهم بني غانتس، لأنهم اعتبروها فكرة اصيلة وابداعية. والفاشيين لأن الترانسفير هو جزء من مبادئهم .
نكتة قديمة: في الحرب العالمية الثانية فعل اسطول الغواصات النازي العجائب باساطيل الحلفاء في المحيط الاطلسي. آلاف السفن تم اغراقها.
ذات يوم جاء الى البنتاغون شخص وطلب الالتقاء مع قائد الاسطول. قال إن لديه فكرة عن كيفية تدمير اسطول غواصات هتلر. تم توجيهه الى مكتب الادميرال المناسب، وهناك كشف هناك عن فكرته. نحن نحتاج فقط الى غلي كل مياه المحيط الاطلسي، حسب قوانين الفيزياء فان كل الغواصات ستطفو، وعندما تكون على سطح المياه سيكون بالامكان تدميرها بسهولة وكأنها بطات في حقل الرماية. فكرة بسيطة وسهلة.
“جميل جدا”، قال الادميرال. “كيف بالضبط سنقوم بغلي كل مياه المحيط؟”.
“هذه مشكلتكم وليست مشكلتي”، قال هذا الشخص. “أنا فقط قلت لكم الفكرة”.
هذه بالضبط هي كل خطة وحكمة دونالد ترامب: “أن يأخذ أحد ما من غزة الـ 2 مليون شخص وأن يعطيني الارض. أنا آمل اقامة لاس فيغاس اخرى”.
كل العالم بدأ في تحريك العيون وتحريك الاصابع باستغراب. هناك مجموعتان في الجمهور قفزتا فرحا وهما مجموعة الاغبياء ومجموعة الفاشيين. الاغبياء يمثلهم كالعادة تقريبا بني غانتس. فقد انفعل من التفكير الاصيل والابداعي لترامب. “الاصيل؟” “الابداعي؟”. كل الائتلاف، وقسم ممن يعتبرون انفسهم معارضة، تقريبا نصف الشعب، جوقة الحاخامات، جميع المزروعين وفتيان المهمات في وسائل الاعلام – جميعهم أملوا منذ سنوات كثيرة قدوم الترانسفير. ترامب هو فقط السارق الاخير لهذه “الفكرة ” الحقيرة. في الواقع يجب أن تكون غانتس كي تدرك الاصالة والابداع الموجودة في هذا الشخص التافه في البيت الابيض.
انفعال الفاشيين غير مفاجيء. فالتطهير العرقي هو من مبادئهم. ولكن في الانفعال المفرط للفاشيين المتدينين توجد درجة مدهشة ومكشوفة من النفاق والسخرية. هؤلاء يقسمون كل يوم بأنهم يعملون من اجل تحقق الوعد الالهي، تطهير وتقديس كل شبر من ارض الميعاد، استعادة وتأسيس السيادة اليهودية النقية في كل جزء من ارث الاجداد.
ها قد جاء احد الاغيار، الامريكي، رجل عقارات متورط بمخالفات جنائية، واقترح بسخاء أن يأخذ لنفسه شريحة ضخمة من “ارث الآباء” من اجل اقامة عليها فيلات استجمام، وبيعها لمن يدفع أكثر. وهم، للدهشة، يستقبلونه بالرقص والغناء، وتقريبا يركبونه على حمار ابيض. فجأة الله يسمح. فجأة “ارث الآباء” غير مقدس. هو فقط مكان مسموح اعطاءه لشخص جشع غير يهودي، ومستعد لطرد العرب من هنا. هذا من اجل تعليمنا بأن العنصرية بالنسبة لهم هي صفة مقدسة اكثر من الوعد الالهي لأبونا ابراهيم.
لشديد الخجل يجب علينا التذكر، وربما من الافضل أن ننسى، بأنه هكذا بالضبط، حسب اسلوب ترامب، فقد مهدت الصهيونية لنفسها الارض التي تسيطر عليها: جاءت الى هنا من وراء البحار بعد أن تم طردها أو قتلها في ارض ولادتها. طردت بالدم والنار معظم السكان الاصليين وسلبت بسرعة وسهولة كل ممتلكاتهم وأعلنت عن الاستقلال. ثمن هذه المناورة، بالمناسبة، نحن ندفعه حتى الآن.
لا يوجد لدي أي شك بأنه اذا تم عرض على المقاول من البيت الابيض قطعة ارض لرفييرا اخرى غير شمال القطاع، لنفترض اسدود، فهو سيطالب ايضا بطرد اليهود من هناك. في عالمه الاجتماعي، كما يقولون، الجيران اليهود فقط يخفضون اسعار العقارات.
——————————————-
هآرتس 11/2/2025
بنيامين نتنياهو ليس تشرتشل، بل هو العكس بالضبط
بقلم: ميراف ارلوزوروف
هذه ليست معضلة تشرتشلية، هذه وحشية تتمثل في التخلي عن المواطنين وتركهم يموتون تحت التعذيب، وغباء مواصلة الحرب الى الأبد بدون فائدة عسكرية. لو كان تشرتشل على قيد الحياة لما كان ليتردد للحظة، وكان قراره سيكون مخالف لقرار نتنياهو .
بنيامين نتنياهو يعتقد، ويقوم باقناع نفسه ومحيطه، أنه زعيم تاريخي بمستوى ونستون تشرتشل. هكذا جاء طموحه لتشكيل “شرق اوسط جديد”، وهكذا ايضا المبرر للتخلي عن المخطوفين كما فعل تشرتشل عندما قصف مدينة كوفنتري. تشرتشل عرف عن نية النازيين قصف المدينة بسبب حل شيفرة الرسائل الالمانية بواسطة آلة حل الشيفرات “انغيما” – البريطانيون نجحوا في حل شيفرة الالمان، الامر الذي منح الحلفاء افضلية استراتيجية اغلى من الذهب – لكنه فضل عدم تحذير سكان المدينة كي لا يشك الالمان بأنه تم حل الشيفرة خاصتهم. هكذا، اختار تشرتشل بشكل متعمد التخلي عن مواطنيه ليموتوا في القصف من اجل ضمان النصر المطلق في الحرب العالمية الثانية. هذه معضلة اخلاقية فقط الزعماء الكبار مثل تشرتشل ونتنياهو يمكنهم تجاوزها.
لكن هذا الاقناع الذاتي المشوب بجنون العظمة لا يصيب قلب الحقيقة. اولا، حادثة تشرتشل وكوفنتري لم تحدث. ابحاث تاريخية كشفت أن البريطانيين عرفوا أنه يتوقع أن يكون هناك قصف كثيف، لكنهم لم يعرفوا لأي مدينة سيوجه. لذلك، تشرتشل لم يواجه في أي يوم هذه المعضلة الاخلاقية. ثانيا، حل الشيفرة بواسطة آلة “انغيما” كان حدث استراتيجي، ساهم في حسم الحرب وانقاذ حياة عشرات ملايين الاشخاص. ادارة المخاطر عندما يتعلق الامر بالحفاظ على سر يمكن أن ينقذ كل العالم بثمن التضحية ببضعة آلاف الاشخاص، لا تشبه ادارة المخاطر الموجودة امام نتنياهو الآن.
خلافا لذلك فان نتنياهو يفحص الآن التضحية بحياة المخطوفين، ويبدو ايضا التضحية ببضع عشرات أو مئات الجنود في حرب جديدة في غزة، باسم “النصر المطلق”، من اجل منع عودة حماس للسيطرة في غزة. ولكن لا توجد أي امكانية عسكرية حقيقية لتدمير سلطة حماس (باستثناء الاحتلال المتواصل لغزة، وعندها ايضا حماس لن يتم اجتثاثها، مثلما هي ناشطة وقائمة في الضفة الغربية). وخطر الانسحاب من غزة هو خطر اقل قيمة. فحماس لا تعتبر تهديد وجودي لدولة اسرائيل. اسرائيل واجهت اعداء اكثر خطرا منها على حدودها – في حرب الايام الستة، النصر الاكبر لاسرائيل، لم نقم باحتلال القاهرة ولم ندمر نظام ناصر – مع الجيش الاكبر في الشرق الاوسط هي تعرف كيف تواجه قطاع غزة تحت سلطة حماس.
بشكل مناقض لعملية “انغيما” فان مغادرة قطاع غزة تحت حكم حماس ليست حدثا وجوديا، ولا تعرض حياة الملايين للخطر. المعضلة الاخلاقية هنا بسيطة جدا: انهاء الحرب مع حماس بعد هزيمتها بقوة والقضاء على جزء كبير من قدراتها، مثلما فعلنا بالجيش المصري والجيش السوري في حرب الايام الستة (ومرة اخرى في حرب 1973)، أو مواصلة الحرب بلا فائدة مع تضحية بالارواح لا حاجة اليها. الامر لا يتعلق فقط بالتضحية بالأحياء، بل يتعلق بالتضحية بالمخطوفين ليموتوا تحت التعذيب وهم مكبلون في الانفاق ويموتون بسبب الجوع. هذا هو الوحشية بحد ذاتها من ناحية نتنياهو.
التخلي عن المخطوفين ليموتوا تحت التعذيب هو خطر استراتيجي اثقل من ابقاء حماس في السلطة في القطاع: السكان لن يعودوا الى بيوتهم القريبة من الحدود بسبب المعرفة بأنه اذا تم اختطافهم فان دولة اسرائيل تقتلهم بالتعذيب، والجنود لن يذهبوا للمحاربة بسبب الادراك بأن حياتهم مهمة مثل قشرة الثوم، والنسيج الاجتماعي في اسرائيل سيتفكك عندما يتبين أن مصلحة الحكم تسبق مصلحة المواطنين.
هذه ليست معضلة تشرتشلية، هذه وحشية تتمثل في التخلي عن المواطنين وتركهم يموتون تحت التعذيب، وغباء مواصلة الحرب الى الأبد بدون فائدة عسكرية. لو كان تشرتشل على قيد الحياة لما كان ليتردد للحظة، وكان قراره سيكون مخالف لقرار نتنياهو.
——————————————-
هارتس 11/2/2025
وزير الدفاع يقوم بتقويض أمن اسرائيل
بقلم: اوري بار يوسف
(المضمون: توبيخ كاتس لرئيس “أمان” هو جزء من عملية يمكن أن تترك اسرائيل مع جهاز استخبارات ضعيف وخائف. وجميعنا سندفع ثمن ذلك في المستقبل – المصدر).
تخيلوا السيناريو التالي: المواطن يسرائيل كاتس ذهب الى الطبيب واشتكى من أنه يعاني من وجع الرأس والغثيان والتقيؤ وتلعثم في الكلام وتشوش في النظر والقدرة على التركيز. الطبيب سيشك بأن الامر يتعلق بمشكلة جدية ويقوم بارساله لاجراء عدة فحوصات. في النهاية يقوم باستدعائه والقول له بأن التشخيص واضح: الحديث يدور عن ورم في الرأس، لذلك يجب عليه البدء في العلاج الفوري الذي يمكن أن ينقذ حياته.
المواطن كاتس لم يتأثر. وقام بتوبيخ الطبيب وقال له بأنه لن يكون واقع يمكن للاطباء فيه التحدث عن حالته الصحية. ويعود الى البيت بسعادة وسرور. بعد ذلك سيدفع الثمن مثل كل من ينفي وجود خطر صحي واضح وفوري. هذا من حقه. المسموح لكاتس كمواطن محظور عليه كوزير للدفاع، المسؤول ليس فقط عن أمنه الشخصي بل عن أمن دولة اسرائيل. لذلك فان اعلانه في اعقاب تحذير رئيس شعبة الاستخبارات “أمان”، بأنه “لن يكون واقع فيه ضباط الجيش يطرحون مواقف ضد الخطة المهمة للرئيس الامريكي ترامب حول غزة، وضد المستوى السياسي” – هذا ليس فقط غباء، بل هو جريمة ايضا. هذا الاعلان يقوض أسس أمن دولة اسرائيل ويسرع عمليات خطيرة يمكن أن تتركها بدون جهاز استخبارات بجودة عالية، الذي مهمته الرئيسية هي اعطاء الانذارات مثل التي قدمها رئيس “أمان”.
في أي مرة لم يكن من السهل أن تكون المقيّم، الشخص الذي يعطي التقييم الوطني في دولة اسرائيل. ولكن هذه الوظيفة صعبة بشكل خاص في هذه الاثناء. اضافة الى كل المشكلات العادية التي تحول التقدير الاستخباري الى تحد مهني، صعب وخطير، على المقيّم الوطني أن يواجه الآن ايضا رئيس الحكومة ووزير الدفاع. الموافقة على تقديرات استخبارية لا تروق لهم. قبل سنتين تجاهل نتنياهو ستة تحذيرات استراتيجية، حذرت من أن اعداء اسرائيل يقومون بالاعداد لعملية بسبب التآكل المستمر لصورة ردع اسرائيل. الآن صعدنا درجة. وزير الدفاع لا يتجاهل فقط، بل هو ايضا يضرب رأس كل من يحذر من التهديد الآخذ في التشكل.
نحن تحملنا الكثير مما “لا يمكن تخيله” في السنتين الاخيرتين. وحتى أنه من الصعب علينا التمييز بين الاقوال الفارغة لتالي غوتلب وشلومو قرعي وبين التهديدات الحقيقية التي تضر بقدرتنا على الوجود. التوبيخ الذي وجهه كاتس لرئيس شعبة الاستخبارات هو تهديد حقيقي. فهو يقوض أسس أمن الدولة، ومن المهم معرفة الى أين يمكن أن يوصلنا ذلك.
نظرية الامن لدولة اسرائيل تستند طوال الوقت الى ثلاثة ركائز. واحدة منها هي تلقي تحذير استخباري عن امكانية اندلاع الحرب. الدور الرئيسي لـ “أمان” منذ اقامتها في 1948 هو تقديم تحذير عن تهديدات مقتربة. ليس دائما فعلت ذلك بنجاح. في حالات كثيرة التقدير الذي قدمته لمتخذي القرارات لم يتساوق مع السياسة التي حاولوا دفعها قدما. ولكن خلال كل تاريخ دولة اسرائيل وحتى الآن لم تكن هناك أي حالة قامت فيها الاستخبارات بدورها وتم توبيخها على ذلك. هاكم بعض الامثلة:
دافيد بن غوريون سمع تقدير المختصين بالشؤون العربية في بداية العام 1948، الذي بحسبه الجيوش العربية لن تقوم بغزو ارض اسرائيل عند انتهاء الانتداب البريطاني. ولكنه رفضه وأعد الاستيطان اليهودي للحرب المقتربة.
موشيه ديان عرف جيدا في ربيع 1973 تقدير “أمان” الذي يقول بأن مصر لن تشن الحرب في السنوات القريبة القادمة. ولكنه حذر الجنرالات في هيئة الاركان من حرب سيتم شنها في الصيف، وصادق لرئيس الاركان على تنفيذ حالة الاستعداد “ازرق – ابيض”، التي هدفت الى تسريع اعداد الجيش الاسرائيلي للحرب الآخذة في الاقتراب.
اسحق شمير استمع في 1991 الى تقدير رئيس “أمان”، اوري ساغي، الذي بحسبه سوريا مستعدة لعقد اتفاق السلام مقابل الانسحاب من هضبة الجولان، لكنه فضل البقاء في الجولان.
لا أحد من متخذي القرارات تشكك للحظة بأن التقديرات التي تعارضه متحيزة سياسيا. لقد كان من الواضح للجميع أن التقدير الاستخباري المهني والموضوعي هو لبنة رئيسية في أمن اسرائيل، لذلك هم لم يفكروا في توبيخ أو توجيه أي ملاحظة للمقيّمين لأنهم عرضوا عليهم التقدير الصادق. كاتس ليس هكذا. فالعمى المتعمد وسلوكه يبشر بمرحلة اخرى خطيرة في العملية التي تؤدي الى تآكل قدرة جهاز الاستخبارات على أداء دوره الاساسي.
هذه العملية بدأت عندما تجاهل نتنياهو التحذيرات التي حصل عليها قبل 7 اكتوبر. واستمرت بسلسلة الاتهامات بالتشهير ونظريات المؤامرة من ماكنة السم ضد “أمان” والشباك بهدف نفي أي مسؤولية لرئيس الوزراء عن الكارثة التي حدثت. العملية ايضا اكتسبت الزخم مع مشروع قانون “دائرة صياغة تصور استخباري بديل”، التي تهدف الى خدمة احتياجات نتنياهو السياسية وخلق تهديد على قدرة جهاز الاستخبارات على صياغة تقييم موضوعي غير مشوب بالاعتبارات السياسية. وقد وصلت عملية تسييس الاستخبارات الى الذروة (المؤقتة كما يبدو) عندما قام الوزير كاتس بعملية التوبيخ.
التقديرات الاستخبارية يمكن أن تستخدم كنجم الشمال بالنسبة لراسمي سياسة الامن القومي. لا يجب أن يكون المرء عبقري كي يفهم بأن تسييس الاستخبارات يؤدي الى وضع فيه جهاز الاستخبارات سيفقد مكانته، والمهنيين الجيدين سيستقيلون منه، وسيتضاءل استعداد اجهزة مخابرات اجنبية للتعاون معه على صعيد المعلومات. في نهاية المطاف سيكون يتشكل من رجال استخبارات يخافون من طرح تقديرات لا تروق للمستوى السياسي، ويقومون بملاءمتها مع اغراض سياسية على حساب مواجهة مناسبة مع الواقع.
في دولة اسرائيل التي كانت ذات يوم، كان توبيخ كاتس يمكن أن يكلفه منصبه. ولكن الآن هو اداة للترقية. الثمن يمكن أن ندفعه جميعنا في المستقبل.
——————————————
معاريف 11/2/2025
على جهاز الامن والحكومة بلورة خطة لاعادة الامن لسكان الشمال
بقلم: افي اشكنازي
في الأسبوع القادم سيخرج الجيش الإسرائيلي من لبنان. وهو يستعد منذ الان بشكل وثيق على الخط الأزرق. الجيش أكثر من ضاعف قواته في حدود لبنان مقارنة بما كان هناك عشية 7 أكتوبر.
سترة الدفاع للجيش الإسرائيلي تتضمن إقامة استحكامات متقدمة، تكون فاصلا بين الحدود وبين بلدات الشمال. أبقى دبابات وقوات نار أكثر، وركز وسائل رقابة. توجد حظائر أكثر من القوات بجوار البلدات ويفترض بها أن تقدم جوابا اوليا الى جانب ثلل التأهب في داخل البلدات.
باختصار، غلاف دفاع الجيش الإسرائيلي منتشر في الشمال لسيناريوهات أكثر تشددا مما حصل في 7 أكتوبر في غلاف غزة. هذا الغلاف لن يتغير بعد الانسحاب الأسبوع القادم ولا بعد بضعة أشهر.
حتى هنا وضع الامن في شمال الشمال. المشكلة هي مع إحساس الامن لدى السكان الذي يفترض أن يبنى على مراحل. وهو يفترض أن يبنى بشكل مختلف بين شخص وآخر، بين عائلة وأخرى. وهذا – فوتوه في الجيش وفي الحكومة. هكذا خلقوا فوضى حول عودة سكان الشمال.
القرار لاعادة جهاز التعليم في الشهر القادم هو قرار مغلوط وغير عقلاني وحقق العكس تماما.
الحكومة والجيش يبديان هنا حالة هواية باسمها. الجيش محق بقوله انه استكمل من ناحيته إقامة سترة الامن لحدود الشمال. لكن يجب السماح بالعودة التدريجية للسكان، فيما أن القطاعين اللذين يفترض بهما أن يعودا آخر من يعود: عائلات مع أطفال في جهاز التعليم وشيوخ. كل الباقين – مزارعين، فروع السياحة، التجارة، الصناعة والخدمات – كان ينبغي أن يعودوا أولا فيخلقوا بذلك البنية التحتية لتعزيز إحساس الامن. وفقط بعدهم يفتح جهاز التعليم مع حلول الصيف.
وبعامة، ما الذي يتوقع من السكان الذين بات أطفالهم منذ نصف سنة في جهاز تعليم بديل؟ ان ينزعوا التلاميذ في منتصف السنة ويعيدوهم الى جهاز تعليم يوجد قيد الانشاء؟
محق موشيه دافيدوفتس، رئيس مجلس إقليمي ماتيه أشير ورئيس منتدى بلدات خط المواجهة الذي أعلن أمس بانه لن يسمح بفتح مؤسسات التعليم في الشمال ودعا السكان بشكل غير مباشر بعدم المسارعة الى العودة. طلب خطة مرتبة لاعمار البنى التحتية والمنظومات التي تضررت في الشمال قبل أن يعود السكان مع التشديد على العائلات ذات الأطفال.
أمن بمستوى عال يوجد على ما يبدو منذ الان في الشمال. والان على جهاز الامن والحكومة ان يعدا خطة متدرجة لاعادة إحساس الامن لعموم سكان المنطقة.
——————————————-
هآرتس 11/2/2025
ترامب ونتنياهو يضعان اتفاقات كامب ديفيد في اختبار مصيري
بقلم: تسفي برئيل
في كل ما يتعلق بالحل للحرب في غزة فان دونالد ترامب يشبه النبع المتدفق. اذا كان قد تحدث في اللقاءات الاولى مع نتنياهو عن اخراج 1.8 مليون شخص من سكان غزة الى خارج القطاع، بالاساس الى الاردن والسعودية، “لفترة قصيرة أو طويلة”، فانه خلال بضع ساعات هذه الخطة تضخمت واصبحت سيطرة امريكية على قطاع غزة وتوزيع سكانه في دولتين، اربع أو ست دول.
مثل كرة الثلج التي لا يمكن وقفها، أمس كانت غزة (حسب ترامب) عقار امريكي، “في هذه الاثناء سيكون من ممتلكاته”، يمكن بيعه للمستثمرين. بالاساس، سكان غزة الذين سيخرجون لن يتمكنوا من العودة، لأنه “سيكون لهم سكن افضل. أنا اتحدث عن بناء مكان دائم لهم”.
حتى الآن ترامب لم يظهر أي اشارة على الاستماع الى صرخات الذهول التي سمعت في مصر، الاردن والسعودية. في هذه الاثناء هو لا يستجيب للتحذير من تطور مناطق مواجهة على طول الحدود بين اسرائيل ومصر اذا تم توطينها بسكان غزة، الذين كثيرين منهم كانوا وما زالوا من نشطاء حماس، ولا يستجيب للتحذير من الهزة التي يمكن أن تدمر النظام في الاردن اذا وافق على استيعاب بضع مئات آلاف اللاجئين. ولا يلاحظ حتى الهزة التي يمكن أن تتعرض لها اتفاقات السلام التاريخية التي وقعت عليها مصر والاردن، وشكلت الاساس لـ “اتفاقات ابراهيم”، التي تم التوقيع عليها مع عدد من الدول العربية قبل ست سنوات تقريبا. كل هذه الامور حتى الآن تمر حوله.
اليوم يتوقع أن يلتقي ترامب مع الملك عبد الله، وسيسمع منه عن خوفه من تجسيد ما يعتبره ترامب “مشروع عقارات”، وما يعتبره الاردن تهديد وجودي. مشكوك فيه أن يهديء وعد امريكا بزيادة المساعدات بجدية خوف الملك. وابل من امطار الدولارات وعد بها كجزء من حملة تسويق “صفقة القرن”. من المثير للدهشة أن الملك في حينه فضل البقاء على قيد الحياة على حلم الثروة.
يبدو أن خطة ترامب وبحق تؤكد على الرؤية التي بحسبها الحرب في غزة وفي لبنان تغير وجه الشرق الاوسط، فقط باتجاه معاكس للاتجاه الذي أمل به المحتفلون. مزيد من المواجهات، عدد اقل من المخطوفين، وتهديد اتفاقات السلام، هذا هو اتجاه خطة الترانسفير لترامب.
على رأس قسم التسويق للرئيس الامريكي ترامب يقف نتنياهو، الذي لا يتوقف عن الثناء ومباركة اصالة وجرأة وحكمة الخطة والعقل الذي وضعها. خلال مسيرته نجح بالفعل في اثارة غضب السعودية، الدولة التي لا تتمتع بالدعابة ولم تتأثر حقا بملاحظة نتنياهو بأن دولة فلسطين يمكن أن تقام في السعودية. في هذه الحالة اراد نتنياهو فقط تصحيح مجري المقابلة معه من القناة 14، الذي سأل “كيف يمكن جسر الفجوة بين اقوال الرئيس الامريكي ترامب، التي بحسبها السعودية لا تطالب باقامة الدولة الفلسطينية، وبين اعلان السعودية الذي نفى ذلك الذي جاء فيه بأنه لن يكون أي تقدم بدون دولة سعودية”. بدون دولة فلسطينية، صحح نتنياهو مجري المقابلة، “إلا اذا كنت تريد أن تكون دولة فلسطين في السعودية. يوجد لديهم الكثير جدا من الاراضي”.
نتنياهو كالعادة لم يرد على جوهر السؤال. اعصاب الزعماء المتوترة لا تسمح لهم بالاستمتاع بنكتة اسرائيلية على حسابهم. ولكن عندما يتهم نتنياهو بشكل مباشر مصر بأنها هي المسؤولة عن الحصار الذي فرض على قطاع غزة، وأنها هي التي منعت سكان القطاع من “الخروج الى الحرية”، من “السجن المفتوح” في غزة، فان هذا لا يعتبر نكتة، بل هو مس مباشر موجه بشكل جيد الى النقطة الحساسة لدى عبد الفتاح السيسي. رد وزارة الخارجية الغاضب في مصر لم يتأخر. “تصريحات نتنياهو بشأن الجهود التي تبذلها مصر في غزة مضللة بشكل متعمد وهي مرفوضة كليا”، كتب. “هي تهدف الى حرب الانتباه عن خروقات اسرائيل الفظة ضد الفلسطينيين، من بينها تدمير البنى التحتية الحيوية واستخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين”.
تبادل الاتهامات هذا بين مصر واسرائيل حول المسؤولية عن الحالة الانسانية الصعبة في غزة غير جديد. ففي شهر ايار الماضي، بعد سيطرة اسرائيل على معبر رفح، مصر رفضت فتحه وتشغيله بدون تواجد فلسطيني في الطرف الغزي للمعبر. وقد تم الرد على هذا الموقف للقاهرة بتوبيخ شديد ممن كان في حينه وزير الخارجية في اسرائيل، يسرائيل كاتس، الذي تم صبه الآن في قالب تم تشكيله على شاكلة وزير الدفاع. “العالم يحمل المسؤولية عن الوضع الانساني في غزة لاسرائيل. ولكن مفتاح منع الازمة الانسانية في غزة يوجد الآن في يد الاصدقاء المصريين”، قال كاتس.
هذه الاقوال ايضا لم تصمت عليها القيادة في مصر. فوزير الخارجية سامح شكري ادان محاولة اسرائيل تحميل المسؤولية عن الازمة الانسانية في قطاع غزة غير المسبوقة لمصر، التي هي نتيجة مباشرة لهجمات اسرائيل”. مصطلح “الاصدقاء” الذي استخدمه كاتس اختفى منذ ذلك الحين، ويبدو أنه ستمر فترة طويلة الى أن يتم استخدامه بدون سخرية لوصف العلاقات بين الدولتين.
حسب خيال زعماء اسرائيل الخصب، فقد توقعوا أن تتعاون مصر معهم، وأن يقوموا معا بادارة بسرور، مثلما كان ذات يوم، الحصار للقطاع. ولكن مر عقد تقريبا منذ قامت مصر بالتنسيق مع اسرائيل بشأن تشغيل المعبر، اغلاقه وفتحه. تلك كانت فترة مدهشة، فيها حاربت اسرائيل ومصر الارهاب الاسلامي في شبه جزيرة سيناء وحماس.
اتفاق كامب ديفيد تم خرقه بالاتفاق، بصورة تسمح لمصر بنشر في شبه جزيرة سيناء قوات كبيرة، بما في ذلك قوات مدرعة وسلاح جو، في مناطق كان يجب أن تكون منزوعة السلاح حسب اتفاق السلام. مصر في المقابل، دمرت في حينه انفاق لحماس واقامت جدار امني، وانشأت منطقة عازلة بعرض 3 كم بين القطاع وسيناء. وخلال ذلك قامت بتهجير آلاف المصريين من بيوتهم ونقلت مكان سكنهم الى العريش ومحيطها. التعاون المثمر استمر ايضا بعد عملية “الجرف الصامد” وعملية “حارس الاسوار”، حيث في اطار اتفاق وقف اطلاق النار سمحت اسرائيل لقطر بتحويل المزيد من ملايين الدولارات لحماس، في حين أن مصر تعهدت بتنفيذ مشروع الاعمار.
الآن نفس المنطقة في شبه جزيرة سيناء، التي تم طرد المواطنين المصريين منها كجزء من الجهود المشتركة بين مصر واسرائيل من اجل وقف انتشار الارهاب، يمكن أن تمتليء بمئات آلاف الغزيين الذين سيقيمون فيها جبهة المواجهة الجديدة ضد اسرائيل وضد النظام والجيش في مصر. النتيجة هي أن الدولتين ستقفان على جانبي المتراس، حيث أنه في هذه المرة اسرائيل، في اطار خطة ترامب العقارية، هي التي تعتبر تهديد استراتيجي لمصر، التي تبين لها فجأة أن اتفاق كامب ديفيد اصبح اداة ضغط وتهديد لاستقرارها.
عندما يشرح ترامب للعالم بأن مصر والاردن ستوافق على استيعاب حوالي 2 مليون غزي بسبب المساعدات التي تقدمها لها الولايات المتحدة، فانه يضعها في مفترق طرق لاتخاذ قرار غير مسبوق: المساعدات أو الضياع. عندما يكون هذا هو الخيار فيبدو أن قرار الدولتين لن يكون صعب.
——————————————
إسرائيل اليوم 11/2/2025
اقوال ترامب ونتنياهو تبعد التطبيع
بقلم: داني زاكن
دارج التفكير بان تصريحات سياسيين ورؤساء دول في مناسبات علنية وفي مقابلات صحفية تكون مخططة ومحسوبة بالتفصيل. ليس مؤكدا ان هذا ما حصل في الأسبوع الماضي في الولايات المتحدة مع الرجلين، الرئيس دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.
لدى ترامب قد نكون معتادين على ذلك: فالرجل هو النقيض للدبلوماسية، حتى وان كانت نزعته المباشرة تؤدي الى نتائج مثلما في حالة بنما. وبينما أدى اللقاء الإيجابي مع ترامب بنتنياهو لان يطلق، مشكوك أن يكون في دعابة، قولا عن “دولة فلسطينية في السعودية”، هو الاخر يبدو كزلة لسان. في هذه الحالة، هكذا حسب مصادر سياسية سعودية واماراتية أبعد الرجلان إمكانية الوصول الى تسوية إقليمية شاملة، في اطارها تطبيع واسع مع إسرائيل، اعمال وتنمية اقتصادية للدول العربية الضعيفة ونوع من ثورة في الشرق الأوسط الدامي منذ اكثر من مئة سنة.
لكن قبل أسبوعين، وعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مكالمة هاتفية مع ترامب بزيادة حجم التجارة والاستثمارات مع الويات المتحدة بمبلغ هائل من 600 مليار دولار. التوقعات في الرياض هي لتحقيق الاتفاق الأمني، لمعالجة مشكلة النووي الإيراني وكذا لدور الصدارة للسعودية في الصفقة الكبرى، التسوية الإقليمية التي ستثبتها كالدولة العربية المتصدرة. وبالتالي، فان المفاجأة من تصريحات ترامب كانت كبيرة: أولا، بان السعودية لا تشترط التطبيع مع إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية، وثانيا، عن الحاجة لاخلاء غزة من سكانها لغرض اعمارها دون ضمان عودتهم.
من ناحية السعوديين، التصريح الأول اشكالي اكثر بكثير وشهدت على ذلك السرعة التي جاء عليها ردها: بعد مرور نحو ساعة من اطلاق ترامب بتصريحه في البيت الأبيض. الرد كان قاطعا لا لبس فيه: السعودية لن تطبع علاقاتها مع إسرائيل دون أن تقام دولة فلسطينية. مصدر سعودي يقول لـ “إسرائيل اليوم” ان التصريح وضع ابن سلمان في وضع حساس امام الشركاء العرب وهدد بالمس بالموقع المتصدر للسعودية. “لا افهم كيف ان أحدا من مستشاري ترامب لم يحذره من ذلك وبالتأكيد حين تلقى هذا القدر الكبير من التأييد من ولي العهد بعد إعادة انتخابه”، يقول المصدر.
المكانة السعودية ملزمة
السعودية، اذا ما قلنا هذا برقة، لا تحب السلطة الفلسطينية وتريد تغييرات واسعة فيها قبل أن تحصل على مكانة سلطوية ما في القطاع وقبل أن تتقدم في المفاوضات مع إسرائيل. كانت مستعدة لان تقبل قولا إسرائيليا عن استئناف المفاوضات عن حل النزاع وافق محدد، وحسب مصادر أمريكية، بدون تعهد حقيقي لاقامة دولة. تصريح ترامب صلب لديها المواقف تجاه الخارج على الأقل وكنتيجة لذلك ابعد التسوية الكبرى.
ان التعمق في البيانات الرسمية للسعودية وفي المقابلات التي منحها تركي الفيصل، الذي كان رئيس وكالة الاستخبارات السعودية والسفير السعودي السابق في الولايات المتحدة يظهر تصلبا في الخطاب سواء تجاه الولايات المتحدة ام تجاه إسرائيل، لكن مع إبقاء الباب مفتوحا.
ويشرح مصدر اماراتي بانه لم يكن لقادة دول الخليج التي تتصدر الخطوات السياسية، السعودية والامارات، أي بديل غير اصدار تصريحات متصلبة اكثر مما في الماضي كي تنقل الى ترامب ونتنياهو بانها لن تأتي الى الصفقة دون أن تحصل على حلول للمسألة الفلسطينية، حتى لو كان واضحا بان الخطوة تبعد الصفقة الكبرى. “وانا اضيف: التصريحات جاءت كي تبقي شرعيتها واساسا شرعية السعودية في العالم العربي”، يقول المصدر السعودي. “مكانة السعودية في العالم العربي هي التي تسمح بخطوات بعيدة الأثر، واذا ما تضررت نعود الى مؤتمر المنامة والى خطة القرن التي تتحقق”.
“لا يساعد على إيجاد حل”
وكان أيضا تصريح نتنياهو في الحديث مع يعقوب بردوغو. فقد قال الصحفي بالخطأ “دولة سعودية” ونتنياهو أصلحه: “دولة فلسطينية – الا اذا كنت تريد ان تكون الدولة الفلسطينية في السعودية. توجد لهم مساحات واسعة الكثير جدا من المساحات”. في السعودية وفي باقي الدول العربية لم يقبلوا النكتة. “نتنياهو فقد هنا الكثير من الحظوة ويحتاج الى أن يرممها اذا كان يريد أن يتقدم الى التطبيع”، قال المصدر السعودي. يحتمل أن يكون نتنياهو زاغ بصره قليلا من نجاح الزيارة وتصريحات ترامب. لاجل القيام بالخطوات التالية، بعيدة الأثر الولايات المتحدة وحدها لن تكفي.
في نهاية الشهر ستعقد في القاهرة القمة العربية، المكان الذي تتطرف فيه الاقوال بشكل عام وستخصص للنقد والى رص الصفوف ضد اقوال ترامب بشأن الغزيين. في هذه الاثناء نحن نتقدم الى نهاية المرحلة الأولى في صفقة تحرير المخطوفين وفي اطار ذلك أيضا المباحثات على ما سيأتي – او للدقة: النهاية – للحرب.
المصدران، السعودي والاماراتي، يقولان ان تصريحات ترامب باقل قدر لا تساعد على إيجاد حل لا يتضمن استئناف المعارك، لكنهما يعترفان بان في كل حال بسبب رفض قيادة حماس الخروج من القطاع، مثل هذه الخطوة تبدو ضرورية. “عندنا يفهمون تماما الطلب الإسرائيلي لشطب حكم حماس ولتجريد القطاع، وواضح انه لا يمكن لاي قوات ان تدخل الى القطاع دون أن تكون حماس لم تعد جهة ذات مغزى”، يقول المصدر الاماراتي. “لكن حماس تلقت الان اسنادا وان كان غير مباشر من الدول العربية”.
يوم الاحد قال ترامب ان صبره على تحرير كل المخطوفين ينفد، في ضوء حالة الثلاثة الذين تحرروا يوم السبت. فهل يخفي خطوة ما محطمة للتعادل؟ يحتمل ان تكون مثل هذه الخطوة تتضمن اسنادا أمريكيا لوقف ادخال الشاحنات وحاويات المساعدات في نهاية المرحلة الأولى. الهدف: ممارسة ضغط حقيقي على حماس لتحرير المخطوفين المتبقين. اسناد كهذا سيعطي في كل حال لاستئناف الاعمال العسكرية القوية في القطاع اذا ما وعندما تعلق المفاوضات. الصيغة المنقذة لتحرير كل المخطوفين الى جانب تقويض حماس لم توجد بعد.
——————————————
هآرتس 11/2/2025
بسبب عدم رغبة اسرائيل في المضي للمرحلة الثانية، حماس تستغل الخوف على حياة المخطوفين
بقلم: عاموس هرئيلِ
اعلان حماس أمس عن تجميد تطبيق المرحلة الاولى في صفقة المخطوفين كان يلوح في الافق منذ بضعة ايام. في جهاز الامن كان هناك من حذروا في الفترة الاخيرة من احتمالية ذلك. أولا، الحديث يدور عن منظمة ارهابية قاتلة ومتلاعبة، تشخص نقطة ضعف اسرائيلية محتملة، وهي تعمل وفقا لذلك. الضجة التي اثارتها عودة المخطوفين الثلاثة في يوم السبت الماضي، في حالة صحية صعبة، وفي اعقاب ذلك الخوف على المخطوفين الباقين، وفرت لحماس اداة ضغط جديدة. ثانيا، في غزة كان يمكنهم رؤية التطورات بين القدس وواشنطن. اذا كانت اسرائيل صرحت في الاصل بأنها لا تنوي التقدم الى المرحلة الثانية، فلماذا ستكون لحماس مصلحة في التنازل عن ورقة مساومة اخرى بالنسبة لها واطلاق سراح مخطوفين آخرين؟.
حماس تتهم اسرائيل بعدة خروقات في اتفاق وقف اطلاق النار بسبب الصعوبات التي وضتعها على حركة الفلسطينيين الى شمال القطاع واطلاق النار على السكان الذين اقتربوا من قوات الجيش الاسرائيلي. ولكن من الواضح أن هذا بالاساس مبرر تختفي خلفه الاعتبارات الحقيقية. أمس اعلنت حماس بأن المخطوفين الثلاثة الذين كان يجب اطلاق سراحهم في يوم السبت القادم سيبقون لديها الى اشعار آخر. هذه نقطة خطيرة جدا في المفاوضات وهي يمكن أن تؤدي الى اندلاع اعمال عنف جديدة، وحتى انهيار اتفاق وقف اطلاق النار الذي دخل الى حيز التنفيذ فقط قبل ثلاثة اسابيع ونصف.
رئيس الحكومة جر الى المرحلة الاولى رغم انفه بسبب اندماج ضغوط استثنائية في قوتها من الرئيس الامريكي دونالد ترامب، والمليارديرة المقربة منه مريام ادلسون، وجهاز الامن والجمهور في اسرائيل. مؤخرا، حتى قبل اعلان حماس، حاول نتنياهو تخريب المفاوضات، وبالاساس منع الانتقال الى المرحلة الثانية التي وافق عليها مبدئيا، لكن تفاصيلها لم يتم الاتفاق عليها. عمليا، لم تتم مناقشتها بعد. في السابق قام بابعاد رؤساء جهاز الامن عن اجراء المفاوضات حول الاتفاق واستبدلهم بالمقرب منه الوزير رون ديرمر.
محاولة منع استمرار الصفقة، ربما حتى قبل تطبيق النبضات الاخيرة في المرحلة الاولى، تندمج مع خطوات اخرى يعمل عليها نتنياهو بشكل حثيث مثل تمرير الميزانية وضمان استمرار حكومته، الهدف الاكثر اهمية؛ استبدال رؤساء جهاز الامن والقاء كل المسؤولية عن الفشل في 7 اكتوبر عليهم؛ منع تشكيل لجنة تحقيق رسمية بأي ثمن.
الصدمة المصطنعة التي اظهرها نتنياهو ازاء خطوات رئيس الشباك رونين بار – أول أمس عندما طلب بار المشاركة في جلسة الحكومة والتحدث لصالح تشكيل لجنة التحقيق الرسمية ونتنياهو سماه بـ “موظف” – هي جزء من الخطة التي تهدف الى ابعاد شخصيات رفيعة عن مناصبها. ليس دائما نتنياهو يقوم باستبدالهم بالضرورة بـ “اشخاص مسالمين”. فبدلا من رئيس الاركان هرتسي هليفي اضطر الى تعيين مرشح مناسب، الجنرال احتياط ايال زمير، الذي لا يدين له بأي شيء. بقي أن نرى اذا كان م.، نائب بار الى ما قبل فترة قصيرة (وصديقه المقرب) والذي تم تعيينه في المنصب كعضو في طاقم المفاوضات، ستتم ترقيته لرئاسة الجهاز.
السؤال هو ليس كيف يتصرف نتنياهو، أو حتى حماس التي ما زالت تخضع لتأثير دول الوساطة، بل ما الذي سيفعله ترامب. الرئيس الامريكي اضاع اسبوع من الاتصالات الحاسمة لاستمرار الاتفاق عندما طرح الفكرة السوقية، تهجير سكان غزة. مشكوك فيه اذا كانت هذه الفكرة منطقية، وتصعب رؤية موافقة العالم العربي عليها في القريب. حتى الآن ترامب يرفض التخلي عنها، لذلك فان جدول الاعمال الاقليمي تغير وفقا لذلك. ربما ترامب يعتبر هذه الخطوة موقف مساومة، جزء من التكتيك الذي اتبعه اكثر من مرة في هذا الشأن: طرح طلب متطرف يجبر اللاعبين الآخرين على اعادة فحص مواقفهم وابداء المرونة في صالحه.
في الوقت القريب سيحلق في الجو هذا الاقتراح، ولكن في هذه المرحلة تصعب رؤيته يدفع قدما. في هذه الاثناء ترامب يتأرجح بين قطبين آخرين: ضغط نتنياهو للسماح له بالانسحاب من الاتفاق والعودة الى الحرب في نهاية المرحلة الاولى (هناك من يقدرون أن رئيس الحكومة عاد من زيارته في واشنطن مع وعد في هذا الاتجاه). وامام الضغط الذي تستخدمه عليه ادلسون، التي يوجد لها خط مفتوح مع الرئيس، وعائلات المخطوفين.
بعد عودة المخطوفين الثلاثة في يوم السبت الماضي، وهم يعانون من الجوع وفي حالة صدمة بشكل واضح، ووصف ما مر عليهم من فظائع في الأسر فان “حالة” عائلات المخطوفين الآخرين قوية بشكل خاص. هذه الامور فطرت ايضا قلب ترامب، وأمس قارن من تم تحريرهم بالناجين من معسكرات الابادة النازية. حسب جميع الاستطلاعات فان غالبية ساحقة في الجمهور الاسرائيلي تؤيد استكمال الصفقة، حتى بثمن الانسحاب من القطاع واطلاق سراح آلاف المخربين. من المؤكد أن هذه الغالبية ستزداد في اعقاب احداث يوم السبت. ولكن اضافة الى ذلك يبدو أن مقر النضال يدير حملة تأثير محسوبة تهدف الى عدم ترك نتنياهو والسماح له بالقيام بمناورة تملص اخرى. ما ينقص في هذا النضال في هذه المرحلة هو ترجمة هذا القلق الى غضب واحتجاجات في الشوارع.
أمس وقف نتنياهو لمواصلة تقديم شهادته في المحكمة. وقد قال للقضاة بأنه عاد في حالة نفسية وطنية عالية من “الزيارة التاريخية”، وأنه لا يشعر بصحة جيدة. بعد ذلك اشتكى بلباقة من أنه يمر بـ “جحيم” بعد يومين على نشر صور العائدين من غزة. ولكن الظروف القانونية الضاغطة ايضا لم تطمس الانطباع بأن نتنياهو قد عاد منتصر بعد نجاح زيارته لدى ترامب. ما يحتاجه رئيس الحكومة بالاساس من الرئيس الامريكي هو المزيد من الوقت، بدون اتخاذ قرارات حاسمة في المفاوضات بشكل يمكنه من الامتناع عن تقديم تنازلات، وربما ايضا فتح الباب امام استئناف الحرب ضد حماس. امام صرخات المخطوفين نتنياهو يواصل اظهار الانغلاق الفظ. في افلام التهنئة التي ينشرها في كل مرة عندما يتم تحريرهم لا يظهر أي جهد للتظاهر بأن انقاذهم يهمه. المخطوفون وعائلاتهم يردون عليه بتصريحات وافلام فيديو، يمتنعون فيها عن شكره على عمله من اجل اطلاق سراحهم. المحررون يعرفون ماذا حدث هنا ومن الذي اهتم بتأجيل الصفقة. اذا عانيت في الانفاق 16 شهر في ظروف مخيفة، ومن الاختطاف في فترة ولايتك، فيبدو أنك لن تسارع الى تملقه.
الادعاء بأن رئيس الحكومة لم يعرف عن ظروف المخطوفين في الاسر وعن حالتهم الصحية هو ادعاء كاذب ومضحك. فحالتهم تم ذكرها في كل تغطية لطاقم المفاوضات وتفاصيل كثيرة نشرت ايضا خلال فترة الحرب. ولكن نتنياهو يظهر كمن هو غير قادر على اخلاء أي مكان للتعاطف مع معاناة المخطوفين. ربما هو يغرق في جهود الهرب من مصيره، السياسي والقانوني. ازاء جهود تأخير تطبيق الصفقة وازاء معركة الصد ضد تشكيل لجنة التحقيق الرسمية، يظهر بوضوح أنه يخشى من المزيد من شهادات المخطوفين، وبنفس المستوى هو يخشى من صور التوابيت التي ستتم اعادتها من القطاع. حسب كل الدلائل فان المحررين القادمين سيظهرون مثل العائدين في النبضة الاخيرة، في الاسر لم يبق نساء شابات مليئات بروح الحياة والنضال (بدون الاستخفاف بالتجارب المخيفة التي مرت عليهن).
الوزير سموتريتش، الذي مقارنة مع عاطفته الانسانية، نتنياهو يمكن اعتباره شخص رحيم وحنون، اعلن أول أمس بأنه لن نجبر على القيام بخطوات سياسية في اطار صفقة تحرير المخطوفين. سموتريتش ليس غبيا. فعندما يختار استخدام، بشكل متعمد، “لن نجبر” على خلفية كل ما نشر أو تم التلميح اليه بشأن التحرشات الجنسية التي تعرض لها المخطوفون، فان الوزير لا يفعل ذلك من فراغ.
نتنياهو من ناحيته اهتم باستغلال الفترة الاخيرة من اجل اهانة الشركاء المحتملين في صفقة كبيرة في الشرق الاوسط. مصر غاضبة من محاولة اسرائيل اقناع ترامب على دمج في فكرته تهجير الفلسطينيين بشكل قسري من قطاع غزة الى شبه جزيرة سيناء. السعودية، التي يمكن لخطة ترامب الكبيرة أن تشمل التطبيع بينها وبين اسرائيل، عبرت عن شعورها بالاهانة من اقوال نتنياهو في “فوكس نيوز”، عندما قال بأن لديها ما يكفي من الاراضي لاستيعاب المهاجرين الغزيين.
——————————————
معاريف 11/2/2025
على نتنياهو وترامب بلورة خطة واقعية تسمح لإسرائيل بتصميم واقع أمني
بقلم: د. شاي هار تسفي
القنبلة التي القاها الرئيس ترامب في زيارة رئيس الوزراء نتنياهو في واشنطن لاخلاء سكان غزة وحديثه عن انه ملتزم بشراء القطاع بل والسماح لدول في المنطقة ببناء أجزاء منه، تأتي على حد فهمه بعرض حل ابداعي في شكل صفقة عقارية. ومع ذلك، فان مراجعة معمقة تثير تساؤلات وعلامات استفهام عديدة، عن أي قدر بالفعل تعد هذه أفكارا متبلورة مع خطة عمل واضحة وقابلة للتنفيذ. يحتمل أن تكون مبادرة الرئيس ترامب تستهدف الايضاح للدول العربية بان عليها أن تشمر عن اكمامها وتستثمر المقدرات اللازمة وتساهم في المسيرة الطويلة لاعمار القطاع وانهاء حكم حماس.
لكن حاليا ليس واضحا كيف يفترض بالخطة ان تتحقق واي دول يفترض بها أن تستوعب مليوني غزي. حتى لو وافق بعض من سكان القطاع على المغادرة، فان الكثيرين لن يوافقوا على الاخلاء طواعية، وإمكانية اخلاء بالقوة ليست عملية. فضلا عن ذلك، تنطوي المبادرة على إمكانية المس بمصالح استراتيجية لدولة إسرائيل. منذ الان يتضح تراص صفوف الدول العربية بقيادة مصر، الأردن والسعودية في معارضتها القاطعة للمبادرة والتي من شأنها أن تضع العصي في دواليب التطبيع. فقد رفضتها السعودية منذ الان رفضا باتا بل وادعت، بخلاف اقوال ترامب بانها تواصل التمسك بإقامة دولة فلسطينية كشرط لتحقيق التطبيع. لهذا توجد معان سلبية على إمكانية تعزيز المحور الإقليمي بين إسرائيل والدول العربية، والذي احد أهدافه المركزية هو الصراع المشترك ضد ايران وفروعها في المنطقة.
كما أن من شأن المبادرة ان تؤدي الى احتدام شبكة العلاقات، المتوترة على أي حال بين مصر والأردن وإسرائيل، واساسا اذا ما واصلت الاعراب عن تأييدها واتخذت صورة من تدفع نحو تحقيقها. وأخيرا، حتى لو كان الحديث يدور عن محاولات لنقل السكان بالقوة، فالامر يتعارض صراحة مع القانون الدولي.
أهم من ذلك هو أنه يثور السؤال حول الاثار المحتملة على الاحتمالات لاتمام الصفقة لاعادة المخطوفات والمخطوفين. فهل ستكون حماس بالفعل مستعدة للتقدم لاتمام كل مراحل الصفقة حتى إعادة آخر المخطوفين، في ضوء الفهم بان الحديث يدور عن مرحلة أولى لانهاء حكمها وصرفها من غزة كجزء من خطة واسعة لاخلاء كل سكان القطاع.
من هنا يتضح أن نتنياهو، رغم العناق الحار الذي تلقاه من الرئيس ترامب واهمية شبكة العلاقات الشخصية بينهما للامن القومي لدولة إسرائيل ينبغي ابداء الحذر من السير أسرى خلف الحلم لاخلاء غزة. هدفه الأعلى يجب أن يكون إعادة كل المخطوفات والمخطوفين في أقرب وقت ممكن. فضلا عن الواجب الوطني، القيمي والأخلاقي تجاههم وتجاه أبناء عائلاتهم ومواطني الدولة، فان هذه عمليا هي بداية المخاض لانهاء الحرب، لبلورة بديل سلطوي لحماس في غزة والتقدم في مسيرة التطبيع مع السعودية.
كل هذا سيتيح لإسرائيل التركيز على التهديد الأكثر تجسدا لامنها القومي من جانب إيران. رئيس الوزراء ملزم بان يتأكد من ان عناصر الاتفاق ستضمن الا تتمكن إيران من نيل سلاح نووي والا تكون دولة حافة نووية وفي نفس الوقت أن يعد خيارات أخرى للعمل اذا ما فشلت المفاوضات.
المعنى هو أن على نتنياهو، الى جانب ترامب ان يبلور خطة واقعية وقابلة للتنفيذ تسمح لإسرائيل بتصميم واقع امني – سياسي محسن والتصدي بنجاعة لجملة التهديدات والتحديات التي تقف امامها.
——————————————
يديعوت احرونوت 11/2/2025
إسرائيل فشلت في تحقيق أهداف الحرب الأربعة باستثناء تحرير المخطوفين جزئيا
بقلم: لواء متقاعد غيورا آيلند
الشكل الذي عاد فيه ثلاثة المخطوفين في السبت الأخير يجسد فقط ما كان يفترض أن يكون مفهوما من تلقاء ذاته منذ زمن بعيد – إسرائيل فشلت في الحرب في غزة. يوجد طريقان دارجان لفحص نتائج الحرب: الأول هو الفحص الى أي حد حقق الطرفان اهدافهما. وبالفعل، صحيح حتى الان فشلت إسرائيل في ثلاثة ونصف من أصل أربعة اهداف الحرب: لم نقضي على القوة العسكرية لحماس؛ لم نسقط حكم حماس؛ نحن لا ننجح في إعادة سكان الغلاف بامان الى بيوتهم، وبالنسبة لاعادة المخطوفين، الهدف الرابع – نجحنا جزئيا. حماس، بالمقابل، حققت كل أهدافها، وعلى راسها: استمرار حكمها في غزة.
الطريق الثاني لفحص نتائج المواجهة يرتبط بعنصر هام للغاية في الحرب، الا وهو رغبة كل طرف في فرض ارادته على الطرف الاخر. عندما يتحقق “نصر مطلق” يستسلم الطرف الثاني بلا شروط مثلما جرى لألمانيا واليابان في 1945. اذا كان النصر جزئيا، فان الطرف الثاني يضطر لان يتنازل عن أراض، او أن يوافق على التجريد من السلاح، او التنازل عن حكمه او دفع تعويضات.
غير أن هذين المقياسين الموضوعيين اللذين شرحا آنفا يثبتان بان إسرائيل فشلت. رئيس الوزراء ووزراؤه يمكنهم ان ينثروا تصريحات قتالية لكن هذه ليس اكثر من الابيات التي كتبها داني سندرسون: “كلمات جميلة بلا غطاء ووعود بلا سند”.
اعلان حماس يوم امس عن وقف إعادة مخطوفين يعكس بامانة موازين القوى الحقيقية. حماس ستجعلنا لاحقا نزحف الى أن نرى اذا ما رأينا كل المخطوفين في البيت.
هذا الواقع البشع هو نتيجة جهل حكومة إسرائيل لطبيعة الحروب بعامة، وحروب القرن الـ 21 بخاصة. الخطأ الأساس هو الفهم المغلوط للواقع: عندما أعلن نتنياهو بان “حماس هي مثل داعش”، فانه دمر مسبقا الاحتمال للنصر. فقد تحولت غزة الى دولة بحكم الامر الواقع في العام 2007. وبالضبط مثل المانيا النازية، الحزب الحاكم – حماس – بلور أمة متراصة داعمة للزعيم. مثل هتلر في حينه، جندت حماس كل مقدرات الامة كي تحقق أهدافها النكراء.
وعليه، ما حصل في 7 أكتوبر هو أن دولة غزة شنت حربا ضد إسرائيل. نتيجة الحرب الشاملة بين الدول تتقرر أولا وقبل كل شيء حسب قدرة الدولة الأولى على خنق الدولة الثانية اقتصاديا. اما إسرائيل ففعلت النقيض التام: وفرت لحكومة العدو كل احتياجاتها. الطعام، الماء، الخيام والأدوية وحتى الوقود. بربارة توخمان التي كتبت “مسيرة السخافة” ما كان يمكنها أن تتصور مستوى كهذا من السخافة.
دولة إسرائيل بناطقيها المختلفين ادعت بغبائها اننا نقاتل (فقط) ضد منظمة إرهاب. منظمة إرهاب هي مفهوم القرن العشرين وليس القرن الواحد والعشرين. في اللحظة التي يسيطر فيها حزب ما على دولة ويمارس قدرات عسكرية وتكنولوجية لدول متطورة، فانه ليس “منظمة إرهاب” بل دولة. عندما يشن زعماء دولة متزمتة حربا وحشية شعبهم يعاني – وحسنا أن هكذا: إسرائيل تتصرف بشكل معاكس لقول الحكيم “من يرحم المتوحشين نهايته ان يتوحش على الراهنين”. هذه نتيجة الحرب.
——————————————
يديعوت احرونوت 11/2/2025
التوقيت ليس صدفة: حماس تخشى مما ينتظرها في المرحلة الثانية
بقلم: رون بن يشاي
الازمة التي خلقتها حماس حين أعلنت انها لن تحرر مخطوفين في السبت القريب هي على ما يبدو رافعة ضغط على إسرائيل للدفع قدما بالمفاوضات على المرحلة الثانية من صفقة المخطوفين مقابل وقف القتال. اغلب الظن، حماس لا تعتزم كسر الاواني بل فقط انتزاع تنازلات مختلفة من إسرائيل ومن الوسطاء. يمكن ملاحظة مؤشرين يدلان على ان المنظمة الإسلامية كفيلة بان تتراجع عن قرارها حتى السبت اذا ما حصلت على بعض مما تطلبه على الأقل.
أحد المؤشرين هو حقيقة أن حماس اختارت النشر منذ امس، في بداية الأسبوع، للبيان الدراماتيكي عن وقف تحرير المخطوفين مع علم واضح بان هذا يترك ما يكفي من الوقت للوسطاء، للامريكيين ولاسرائيل، للدخول معها في مفاوضات في نهايتها تتراجع حماس عن قرارها وتلتزم بشروط الاتفاق. كما ينبغي الانتباه الى أن حماس لا تقول انها توقف تماما تحرير المخطوفين بل فقط المخطوفين الذين يفترض أن يتحرروا في السبت القريب القادم، أي يدور الحديث عن أزمة محدودة الزمن. صحيح أن مثل هذه الازمة كفيلة بان تتطور وتتصاعد، لكن واضحة نية حماس في أن تكون هذه الازمة محدودة في مداها وفي تداعياتها. هذه مناورة معروفة في المفاوضات: خلق أزمة لاجل تحسين المسار.
المؤشر الثاني هو ان من أعلن عن الغاء تحرير المخطوفين هو الناطق بلسان الذراع العسكري القسام، أي قيادة حماس في القطاع، برئاسة محمد السنوار وقائد لواء غزة عز الدين الحداد. يبدو أن السنوار هو من يقف خلف هذه الخطوة فيما ان قيادة الخارج من حماس التي تتفاوض مع الوسطاء تبقى الى هذا الحد أو ذاك في الظل ولا تتدخل. يحتمل حتى انها لم تكن عالمة بالازمة التي خلقتها القيادة الغزية كي تنتزع تنازلات من إسرائيل.
في وضع أزمة كهذه التي نشأت امس لا حاجة للإسراع والرد مثلما فعل وزير الدفاع الذي سارع لان يهدد بعملية عسكرية وببيان فارغ من المضمون في أنه “وجه الجيش للاستعداد لكل سيناريو. بدلا من الخروج في إعلانات كان ينبغي أن يستوضح ما الذي تحاول حماس تحقيقه حقا وهل يمكن انهاء الازمة دون السماح للمنظمة الاجرامية بتحطيم إطار الاتفاق وتحقيق امتيازات او انتصارات وعي أخرى. وذلك انطلاقا من رؤيا شاملة تقضي بانه ينبغي عمل كل شيء لاجل تحرير المخطوفين بسرعة، أولئك الاحياء على الأقل دون إضاعة الوقت على انزال الايادي والإجراءات العابثة. ومن المهم التشديد مرة أخرى: الاستسلام لمطالبات حماس، اذا لم تكن مشمولة على أي حال في الاتفاق غير وارد كون إسرائيل ستكون موضع ابتزاز لا يتوقف. وعليه، فينبغي تجنيد الوسطاء وكذا رجال الرئيس ترامب لاجل انزال حماس عن السلم حتى يوم السبت.
يمكن التقدير بان حماس أعلنت عن الغاء تحرير المخطوفين في السبت القريب القادم لانها تخاف جدا مما تعده لها إسرائيل والولايات المتحدة في المرحلة الثانية من الصفقة. فجر إسرائيل للارجل حتى هنا، مضاف اليه اعلان ترامب عن خطة الاخلاء – البناء خاصته والتصريحات القتالية لسموتريتش. كل هذه تخلق لحماس غزة الإحساس بان إسرائيل تعتزم اجمالا ان تمدد قليلا المرحلة الأولى من الصفقة، تحرر اكبر عدد ممكن من المخطوفين وبعدها تخرج الى معركة كبيرة في كل أراضي القطاع.
تهديد حماس هو مسدس يمكن إخراجه من الجارور اذا ما أبدت إسرائيل عنادا، بمعنى الا تبدأ المفاوضات على المرحلة الثانية من الصفقة واستخدامها مع علم واضح أن إسرائيل لن تتصرف مثلما تصرفت في الصفقة التي كانت في تشرين الثاني 2023، والتي فيها ردا على امتناع حماس عن تحرير النساء اللواتي وعدت بتحريرهن استأنفت إسرائيل الحرب. كيف تعرف حماس أن إسرائيل لن توقف الصفقة؟ هي ترى صراخات النجدة والضغط الجماهيري الذي تعاظم على الحكومة في اعقاب الوضع الجسدي الخطير للمخطوفين الذين تحرروا في السبت الأخير.
تفهم حماس بان الضغط الجماهيري على الحكومة هو فرصة لها لان تنزع من إسرائيل ليس فقط مفاوضات سريعة على المرحلة الثانية من الصفقة وعلى انهاء الحرب بل وأيضا أمورا صغيرة، أساسا امتيازات للغزيين الذين ينبشون في أمواج الخرائب وتواقون للكرافانات بدلا من الخيام المسربة للمياه. حماس غزة تريد أيضا ان تتوقف مُسيرات سلاح الجو عن مهاجمة الشاحنات والغزيين الذين يتحركون قرب منطقة الفصل وفي المسارات الى شمال القطاع التي ليست المسارين اللذين اتفق عليهما.
لكن لحماس يوجد هدف آخر لا نشخصه دوما نحن الإسرائيليون الا وهو إيقاع ألم ومعاناة نفسية للجمهور الإسرائيلي كله. حماس تستمد منفعة من صراخات النجدة التي تندلع من إسرائيل ومن قصص العائدين عن التنكيل بهم. حماس تريد ان نسمع هذا، ليس فقط لانها تريد أن تمارس الضغط بل ببساطة لان المنظمة الإسلامية وعلى ما يبدو أيضا مؤيديها الكثيرين في القطاع يريدون أن يشددوا المعاناة الإسرائيلية التي هي على حد نهجها، النصر المطلق.
—————–انتهت النشرة—————–