
لندن ـ « المستر الاخباري»: أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، خطة “الورقة البيضاء” للسيطرة على ارتفاع معدلات الهجرة إلى المملكة المتحدة، واصفاً بلاده بأنها “جزيرة الغرباء”. وتعهد ستارمر، الإثنين: “باستعادة السيطرة أخيراً” على حدود بريطانيا، وأنه سينهي “تجربة الحدود المفتوحة” التي شهدت ارتفاع معدلات الهجرة إلى ما يقارب من مليون شخص في عهد حكومة المحافظين السابقة.
وبلغ عدد المهاجرين ذروته عند 906 آلاف عام 2023، بعد أن كان في المتوسط 200 ألف في معظم العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. وشملت التغييرات – التي سيتم تطبيقها على مراحل زمنية خلال ولاية البرلمان الحالي – مختلف القطاعات بما فيها تأشيرات الأجانب من أصحاب الكفاءات العالية أي العمالة الماهرة في سوق العمل، والأسرة، والطلبة الدوليون وعمليات الترحيل وحق اللجوء، وسيتم إدخال متطلبات جديدة تتعلق بإتقان اللغة الإنكليزية لكل من المتقدمين الرئيسيين والمُعَالين (المرتبطين).
وقالت وزارة الداخلية البريطانية عن تلك التغييرات الجذرية إن “التدابير التي تم الكشف عنها في الورقة البيضاء حول الهجرة والتي نُشرت الإثنين 12 أيار/مايو2025، ستعيد تشكيل نظام الهجرة في المملكة المتحدة بحيث تُعطي الأولوية لأولئك الذين يسهمون بشكل أكبر في النمو الاقتصادي، من خلال رفع معايير المهارات المطلوبة للخريجين والعمال”.
وأضافت أن “المتطلبات الجديدة التي ستُفرض على أصحاب العمل لتعزيز التدريب لليد العاملة المحلية، ستنهي الاعتماد على التوظيف من الخارج، ما يُعيد النظام إلى مساره بعد فشله الذي أدى إلى تضاعف صافي الهجرة أربع مرات بين عامي 2019 و2023”.
وتشمل السياسات الرئيسية في المخطط المكوَّن من 82 صفحة، والذي يحمل عنوان “استعادة السيطرة على نظام الهجرة”، تغيير الاتجاه طويل الأمد المتمثل في الاعتماد المتزايد على التوظيف الدولي، والذي كان على حساب تنمية المهارات والتدريب المحلي، ثم إنشاء مجموعة “أدلة سوق العمل” التي ستعتمد على أفضل البيانات المتاحة لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن وضع سوق العمل والدور الذي يجب أن تلعبه السياسات المختلفة، ومشاركة الهيئات الحكومية المختلفة مع القطاعات المعنية كجزء من هذا النهج.
رفع معايير تأشيرة العمالة الماهرة
وسيتم رفع مستوى التأهيل العلمي المطلوب للحصول على تأشيرة العمال المهرة ليعود إلى مستوى خريجي الجامعات وما فوق، كما سترتفع بموجب ذلك عتبات الرواتب في الوظائف المطلوبة (لاستقدام الكفاءات الخارجية).
كما سيتم إلغاء “قائمة الرواتب المعفاة” التي كانت تتيح خصومات من عتبة الرواتب المطلوبة. ومن المعروف أن مستوى الكفاءات العالية يرتبط تلقائياً بجدول الرواتب العالية أيضاً، ما يتيح للحكومة اقتطاع ضريبة أعلى من تلك الرواتب، قد تصل إلى 40 في المئة، وهذا ما يعزز مداخيل الحكومة. كذلك، سيتم تقييد الوصول إلى نظام الهجرة القائم على النقاط ليشمل فقط المهن التي تعاني من نقص مزمن في العمالة، ولمدة زمنية محدودة، حيث يكون ذلك مُبرراً بتوصية من اللجنة الاستشارية للهجرة وحيث استراتيجية قوى عاملة، ويكون أصحاب العمل ملتزمين بزيادة التوظيف من القوى العاملة المحلية.
إطالة مدة انتظارالإقامة والجنسية
وسيتم مضاعفة المدة القياسية المؤهلة للحصول على الإقامة الدائمة لتصبح 10 سنوات بدلاً من فترة الانتظار الحالية التي تبلغ 5 سنوات، وسيجري توسيع نظام النقاط ليشمل قواعد الحصول على الإقامة والجنسية، بحيث يستند إلى مساهمة الفرد في المملكة المتحدة (وخاصة في دعم العجلة الاقتصادية)، مع تقديم مزيد من التفاصيل إلى البرلمان بحلول نهاية العام الحالي.
هذه السياسات التي تشكل جزءاً من “خطة التغيير” التي وضعتها الحكومة، سيتم تنفيذها خلال فترة ولاية البرلمان الحالي، ومن المقرر أن تدخل أولى التغييرات حيز التنفيذ خلال الأسابيع المقبلة.
كما ستنشر الحكومة المزيد من الإصلاحات المتعلقة بنظام اللجوء وأمن الحدود في وقت لاحق من هذا الصيف، استناداً إلى الإجراءات المدرجة في مشروع قانون أمن الحدود واللجوء والهجرة الذي يجري حالياً مناقشته في البرلمان.
تأشيرات الرعاية الاجتماعية
وسيتم أيضاً وقف التأشيرات الخاصة بالأشخاص المتقدمين بطلبات تأشيرة للعمل في مجال الرعاية الاجتماعية. وخلال فترة انتقالية تمتد حتى عام 2028، وبينما سيتم تطوير استراتيجية القوى العاملة وتنفيذها، سيُسمح بتمديد التأشيرات داخل البلاد لأولئك الموجودين بالفعل في المملكة المتحدة، وسيُعاد تقييم هذه السياسة بشكل دوري.
وسيتم تعزيز المتطلبات التي يجب أن تستوفيها جميع المؤسسات الراعية (أصحاب الكفالة مثل الجامعات والمعاهد) لتتمكن من استقدام الطلاب الدوليين، وسيتم إدخال تدابير جديدة ستُتخذ بحق المؤسسات التي تقترب من الإخفاق في واجباتها كراعٍ للهجرة، بما في ذلك وضعها تحت خطة عمل لتحسين التزامها، وفرض قيود على عدد الطلاب الدوليين الجدد الذين يمكنها تسجيلهم أثناء خضوعهم لهذه الخطط.
وهنا تنص الخطة أيضاً على تقليص الفترة التي يُسمح فيها للخريجين بالبقاء في المملكة المتحدة بعد إنهاء دراستهم، إلى 18 شهراً فقط بدلاً من سنتين كما هو معمول به حالياً.
تأشيرات الأسرة والبحث العلمي
وتقول خطة الحكومة: “سنُعالج تعقيد نظام الهجرة المتعلق بالأسرة والحياة الخاصة، حيث تُعامل العديد من الحالات باعتبارها “استثنائية” بدلاً من أن تُفصَّل ضمن إطار واضح. وسيتم تقديم تشريع لتوضيح أن الحكومة والبرلمان هما من يقرران من يحق له البقاء في المملكة المتحدة.
وسيتم توسيع برنامج المتدربين في مجال البحث العلمي، وتسهيل استخدام تأشيرة “المواهب العالمية” لأفضل الكفاءات العلمية والتصميمية، ومراجعة تأشيرتَي “المبتكر المؤسس” و”الأفراد ذوي الإمكانات العالية” لتعظيم فائدتهما للاقتصاد البريطاني.
ستُطبق سياسات جديدة على الأفراد الذين يطلبون اللجوء رغم عدم حدوث تغييرات جوهرية في أوضاع بلدانهم الأصلية، وخاصةً من تقدموا بطلبات اللجوء بعد وصولهم إلى المملكة المتحدة. وسيتم فرض رقابة أكثر صرامة على التأشيرات، بالإضافة إلى قيود ومتطلبات إضافية أو تدقيق أكبر، في الحالات التي توجد فيها أدلة على استغلال، وذلك بناءً على تقييم واضح للمخاطر.
وستُتخذ إجراءات لضمان أن تلعب الحكومات الأخرى (في الخارج) دورها في دعم نزاهة نظام الهجرة في المملكة المتحدة، خصوصاً في الحالات التي تعوق حالياً إعادة مواطنيها إليها.
المحكومون الأجانب
وتفيد الخطة بأنها ستعمل على إصلاح نظام الترحيل لضمان إخطار وزارة الداخلية بجميع المواطنين الأجانب المدانين بجرائم، وليس فقط من يُحكم عليهم بالسجن.
كما ستتم مراجعة معايير الترحيل لتشمل عوامل أوسع من مجرد مدة الحكم، بدءًا بإعادة النظر في معايير الاستثناءات القانونية لضمان أن يعكس الترحيل خطورة العنف ضد النساء والفتيات.
ويتعرض رئيس الوزراء كير ستارمر لضغوط متجددة لمعالجة قضية الهجرة عقب المكاسب التي حققها حزب الإصلاح برئاسة نايجل فاراج المناهض للهجرة في الانتخابات المحلية الأخيرة، حيث فاز بأكثر من 670 مقعداً في المجالس المحلية، بالإضافة إلى رئاسة بلديتين. كما يحقق نتائج جيدة في استطلاعات الرأي، بينما يواجه حزب العمال برئاسة ستارمر صعوبات جمة.