
المسار الإخباري : في رد فعلهم على قرار إسرائيل منعهم من الوصول إلى رام الله، لمقابلة الرئيس محمود عباس، قال وزراء الخارجية العرب إن إسرائيل دولة لا تريد السلام.
وفي تقديري أن هذا الإعتراف، في حد ذاته، موقف سياسي لا يمكن النظر إليه، وكأنه مجرد تعليق عابر على حدث عابر، بل هو تعبير عن تقدير موقف سياسي يتطلب الأخذ بسياسة عربية جديدة وبديلة، في مواجهة السياسة الإسرائيلية القائمة على الحرب من أجل الحرب، ولا تريد السلام، أي لا تريد اليد العربية الممدودة لها من أجل تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية، وبما يؤدي إلى قيام «شرق أوسط جديد»، يقوم على السلام الذي من شأنه أن يوفر للشعب الفلسطيني دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، وتوفير حل عادل لقضية اللاجئين بموجب القرار 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948.
ولعل ما جرى مع الوزراء العرب، وإغلاق الطريق أمامهم للوصول إلى رام الله، يكتسي بعداً إستثنائياً، إذا ما نظرنا إليه في سياق ما يشهده الإقليم من تطورات، ومنها بشكل خاص الزيارة المدوية للرئيس ترامب إلى 3 من دول الخليج هي السعودية وقطر والإمارات، وما أسفرت عنه هذه الزيارة من صفقات تجارية ومالية أذهلت العالم بدت كلفة إعادة إعمار قطاع غزة أمام حجم المبالغ التي قطفها ترامب في جولته رقماً زهيداً، فضلاً عن ذلك ذهب كثيرون في تحليل الزيارة، والإشادة لسياسة الرياض، وتحدثوا عن دور إقليمي بارز سوف تقوم به العربية السعودية، بإعتبارها الطرف العربي الأقوى، في ظل إنشغال مصر بهمومها الإقتصادية الداخلية، وانهماكها في فتح أبواب العلاقات مع تركيا وإيران، سوف يكون لها تأثيرها البارز في التوازنات الإقليمية. ولكن وحتى تنضج مثل هذه التطورات، وتعبر عن نفسها بخطوات ومشاريع مشتركة، ستبقى العربية السعودية هي الطرف العربي الأقوى في الإقليم، وهذا ما يدعونا لنسأل: هل تكتفي الرياض بهذا الرد على الخطوة الإسرائيلية التي اتسمت بالوقاحة، والعنجهية والعجرفة، حين أغلق الطريق أمام وزراء خارجية أبرز الدول العربية نفوذاً في المرحلة الحالية، وهل إفتقدت هذه الدول خاصة العربية السعودية، القدرة على رد فعل على مستوى الحدث.
طبعاً لن يذهب بنا الخيال لندعو الدول العربية إلى حشد جيوشها، وتأديب إسرائيل، بما يفرض عليها وقف الحرب على قطاع غزة، ووقف الهدم في الضفة الغربية، بل نحن ندعو إلى إستعمال «القوة الناعمة» التي تتماشى مع «إستراتيجية السلام» العربية. وعناصر القوة كثيرة تبدأ بالتالي:
أولاً- أن تسحب الدول العربية سفراءها من إسرائيل، وأن تعيد سفراء إسرائيل إلى تل أبيب.
ثانياً- أن نقاطع الدول العربية بقرار جماعي دولة إسرائيل، وأن تفرض شروطها للعودة إلى هذه المقاطعة، كوقف الحرب على القطاع، ووقف مشروع «إسرائيل الكبرى»، وتفعيل مؤسسات الأمم المتحدة، بما يسهم في الوصول إلى «حل» للصراع مع إسرائيل، يكفل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني كما أقرتها الأمم المتحدة وفسرتها اللجنة القانونية للمنظمة الدولية.
ثالثاً- تفعيل الأموال المكدسة في الدول العربية المنتجة للنفط وللغاز، في علاقاتها الدولية بمقاطعة إسرائيل، يتلاقى مع مواقف أوروبية أميركية لاتينية، لعزل إسرائيل دولياً ولصالح الإعتراف بالدولة الفلسطينية.
رابعاً- فرض العزلة على دولة الاحتلال في المؤسسات الدولية والقارية والإقليمية.
خامساً- حملة في الأمم المتحدة لتعليق عضوية إسرائيل بإعتبارها دولة مارقة، متمردة على القوانين الدولية وقرارات الشرعية الدولية.
سادساً- التحرك الدبلوماسي الملح لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وتحييد الفيتو الأميركي.
وأخيراً؛ لا شك في أن هذا التحرك الواسع، كما نرصده أعلاه، يتطلب توافقاً عربياً، كذلك يتطلب إشتراطات سياسية، في مقدمها ان تبادر السلطة الفلسطينية إلى تعليق إعترافها بإسرائيل، ورفع كل أشكال التعاون معها، بموجب خطة دعم وإسناد عربية، تنسجم مع الأجواء العامة التي تنسجم مع الأجواء العامة التي سيولدها التحرك العربي، دفاعاً عن الكرامة الوطنية لدول العرب وكرامة شعوبها، بعد أن تجرأت دولة الإحتلال على توجيه الإهانات لها ■