
المسار : لا يمكن الاستهانة بالتداعيات التي تفاعلت في عمق المشهد الاجتماعي والسياسي الأردني مع تطور وتدحرج الأحداث في محافظة السويداء المجاورة وسط الحدود الأردنية مع سوريا.
بعد مساء الخميس، رُصدت وفي غضون ساعات قليلة، عدة ردود أفعال “أردنية داخلية” توحي بأن المملكة قلقة وتراقب ما يجري في الجوار السوري باهتمام وحرص بالغين، خصوصا وسط القناعة بأن أحداث السويداء قابلة للزحف نحو “درعا” ونحو مناطق محاذية للبادية الشمالية الأردنية.
أول وأهم الاستجابات وأكثرها تأثيرا عبّر عنها بيان لم يسبق أن صدر مثيل له لعشائر”أهل الجبل في الأردن” شمالي وشرقي البلاد، وهي عشائر تقيم في واجهات قريبة جدا لا بل محتكة بالنسيج الاجتماعي السوري وتحديدا “البدوي”.
مثّل البيان عشائر “الشرفات، والمساعيد، والعظامات، والزبيد”، إلى جانب عشائر الغياث الشمرية، وتضمن مساندة علنية للعشائر البدوية العربية في السويداء مع مطالبة حكومة الأردن بالتحرك.
أدان بيان أهل الجبل في الأردن ما قال إنها “جرائم إبادة جماعية وتهجير قسري” يتعرض لها أبناء العشائر البدوية في محافظة السويداء السورية، متهمين مجموعات طائفية مسلحة بالوقوف خلف تلك الانتهاكات.
شدد الموقعون على البيان على ضرورة تحرك الحكومة الأردنية والمجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف ما يجري، والتحقيق في الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، مؤكدين تضامنهم الكامل مع “أهل جبل العرب” في وجه ما وصفوه بـ”الإرهاب المنظم الذي يهدد السلم الأهلي في الجنوب السوري والمنطقة”.
عمليا، لم تكن مثل تلك البيانات تصدر أو تنشر في الأردن. لكنها تعبر عن تفاعلات أساسية في عمق المجتمع الأردني شمالي البلاد مع ما يجري في الجوار السوري، في الوقت الذي بثت فيه عبر منصات أردنية العشرات من الفيديوهات التي تتحدث عن انتهاكات المسلحين الدروز بعد انسحاب قوات الجيش السوري من السويداء.
الأهم أن مجموعة أصغر من الأردنيين من طائفة الدروز، تظاهرت أيضا في إحدى البلدات شمالي البلاد دعما للدروز في السويداء، الأمر الذي يظهر أن بعض “التناقضات السورية” يمكن أن تجد لها انعكاسا في الأردن، وهو ما يدفع السلطات لأقصى مساحات الحذر حيث يتم تعزيز الأمن في محيط المناطق والقرى التي يقطنها الأردنيون من طائفة الدروز، ويتم التواصل مع قادتهم الاجتماعيين.
في الأثناء، يتم تعزيز الحماية الأمنية في كل مناطق الحدود مع سوريا تحسبا لأي انفلات محتمل. فيما زاد الموقف الرسمي من جرعة اتهام إسرائيل بالسعي إلى “تقسيم سوريا”، واتهامها بالفتنة وبث الفرقة في عبارات وردت على لسان مندوب الأردن في مجلس الأمن الدولي مساء الخميس.