عون خلال لقاء لاريجاني: نرفض أي تدخل خارجي ولن يُسمح لغير الدولة بحمل السلاح

Loai Loai
9 Min Read

المسار : أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون خلال استقباله أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في بيروت، اليوم الأربعاء، أن “الصداقة التي نريد أن تجمع لبنان وإيران لا يجب أن تكون من خلال طائفة واحدة أو مكوّن لبناني واحد، بل مع جميع اللبنانيين”.

وأضاف عون، حسبما نقلت الرئاسة، أنّ لبنان “راغب في التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمتين على الاحترام المتبادل”، مشيراً إلى أنّ اللغة التي سمعها لبنان في الفترة الأخيرة من بعض المسؤولين الإيرانيين “غير مساعدة”. وأوضح أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا أم مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية المكونات اللبنانية كافة.

وشدد الرئيس اللبناني القول: “نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة، ونريد أن تبقى الساحة اللبنانية آمنة ومستقرة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين من دون تمييز”، مشيراً إلى أن لبنان “الذي لا يتدخل مطلقاً بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها إيران، لا يرضى بأن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية”.

وقال عون إن “الجميع دفع ثمناً غالياً للاستقواء بالخارج على اللبناني الآخر في الداخل، والعبرة التي يستخلصها اللبنانيون هي أنه من غير المسموح لأي جهة كانت ومن دون أي استثناء حمل السلاح والاستقواء بالخارج”.

وبخصوص الاعتداءات الإسرائيلية أشار عون إلى أن “أي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي أو من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، وأهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين”.

من جهته، حمل لاريجاني للرئيس عون تحيات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، مجدداً له الدعوة لزيارة طهران والرغبة في مساعدة لبنان في مجال إعادة الإعمار، بحسب الرئاسة اللبنانية. وقال لاريجاني إن إيران “ترغب في تعزيز علاقاتها مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني على الأصعدة كافة، وأنوّه بالدور الذي يلعبه الرئيس عون في تمتين الوحدة الوطنية وتوحيد الصفوف داخل الطوائف اللبنانية كافة ومع جميع مكونات الشعب اللبناني”.

وأوضح أن إيران “لا تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، وما أدليت به لدى وصولي إلى بيروت يعكس وجهة النظر الرسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية”، مضيفاً أن إيران “لا ترغب بحصول أي ذرة خلل في الصداقة أو في العلاقات مع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، وهي راغبة في مساعدة لبنان إذا ما رغبت الحكومة اللبنانية بذلك”.

ولفت إلى عدم تأييده “للأوامر التي من خلالها يُحدد جدول زمنيّ ما”، ورأى أنه “ينبغي على الدول ألا توجّه أوامر إلى لبنان”. وقال لاريجاني: “رسالتنا تقتصر على نقطة مهمة، إذ من المهم لإيران أن تكون دول المنطقة مستقلّة بقرارتها، ولا تحتاج إلى تلقّي الأوامر من وراء المحيطات”. وأبدى “احترامه لأي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية بالنسبة للفصائل على أراضيها”.

وتابع: “لم نأت بخطة إلى لبنان لكن الأميركيين هم الذين جاؤوا بورقة من عندهم ولا نتدخل في شؤون لبنان الداخلية”، مشيرًا إلى أنّه “على اللبنانيين أن يدركوا أن المقاومة رأسمال لهم”، مضيفا: “لا ننظر إلى أصدقائنا بوصفهم أداة ونؤمن بأنّ المقاومة تتمتع بشعور عميق وتفكير استراتيجي قوي”.

وبشأن عدم لقائه وزير الخارجية يوسف رجي، أجاب لاريجاني بأن ذلك بسبب “ضيق في الوقت”. وذكر أنّ “إسرائيل هي عدو لبنان وتعمل على تحقيق ما فشلت به من خلال الحرب”، موضحًا “أننا لا ننوي التدخل في شؤون أي دولة بما ذلك لبنان”.

ووجّه لاريجاني نصيحة للبنانيين بـ”المحافظة على المقاومة”، مشيرًا إلى “أننا سنعمل من أجل أي جهد في ملف إعادة الإعمار في لبنان والحكومة يجب أن تمهّد الأرضية لإيصال مثل هذه المساعدات”، كما ذكر أنّ “حزب الله والحكومة اللبنانية يتمتعان بفهم عميق للظروف الحالية”.

وبعد عون، التقى لاريجاني رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الذي أكد رفضه التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين التي انتقدوا فيها قرارات لبنانية بشأن “حصر السلاح بيد الدولة”، معتبراً أنها “حملت تهديداً صريحاً، وتشكل خروجاً صارخاً عن الأصول الدبلوماسية”. وأكد سلام أن “التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين، ولا سيما وزير الخارجية عباس عراقجي، وعلي أكبر ولايتي، والعميد مسجدي، مرفوضة شكلاً ومضموناً”. واعتبر أن “هذه المواقف، بما انطوت عليه من انتقاد مباشر لقرارات لبنانية اتخذتها السلطات الدستورية في البلاد، ولا سيما تلك التي حملت تهديداً صريحاً، تشكّل خروجاً صارخاً عن الأصول الدبلوماسية”.

وشدد على أنها تمثل أيضاً “انتهاكاً لمبدأ احترام السيادة المتبادل، الذي يشكّل ركيزة لأي علاقة ثنائية سليمة، وقاعدة أساسية في العلاقات الدولية والقانون الدولي، وهي قاعدة غير قابلة للتجاوز”. وأضاف سلام: “لا أنا ولا أي من المسؤولين اللبنانيين نسمح لأنفسنا بالتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، كأن نؤيد فريقاً على حساب آخر، أو أن نعارض قرارات سيادية إيرانية”. وزاد: “بناءً عليه، فإن لبنان لن يقبل، بأي شكل من الأشكال، التدخل في شؤونه الداخلية، وأنه يتطلع إلى التزام الجانب الإيراني الواضح والصريح بهذه القواعد”.

وفي وقت سابق أكد لاريجاني وقوف بلاده الى جانب الشعب اللبناني “في جميع الظروف”، في أول تصريح فور وصوله إلى بيروت، التي يزورها بعيد تكليف الحكومة الجيش وضع خطة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام. وقال لاريجاني للصحافيين من مطار بيروت، حيث استقبله وفد من حزب الله وحليفته حركة أمل، “إذا عانى الشعب اللبناني يوماً ما، فسنشعر نحن أيضاً في إيران بهذا الألم، وسنقف إلى جانب الشعب اللبناني العزيز في جميع الظروف”.

وأضاف “سنسعى دائماً إلى تحقيق المصالح الوطنية للشعب اللبناني”، متابعاً القول “ولا يسعني كذلك إلا أن أتقدم بجزيل الشكر بسبب حضور كافة ممثلي البرلمان اللبناني وكذلك الأعضاء في فصائل المقاومة اللبنانية وإن شاء الله طوال هذه الزيارة سألتقي بكم مجدداً وأتحدث إليكم عن مجريات الأمور”.

وأعلن “أن إيران ولبنان يتمتعان بحضارة عريقة وكان للبلدين منذ قرون طويلة تواصل وارتباطات قديمة وقوية، وهناك وشائج قوية ومتينة دوماً بين ثقافة إيران ولبنان وحضارتيهما، وبفضل هذا الرباط المتين بين البلدين هناك تضامن قوي أيضاً بين شعبي البلدين”.

وتجمع العشرات من مناصري حزب الله على طريق المطار لدى مرور موكب لاريجاني، الذي ترجل لوقت قصير من سيارته لإلقاء التحية عليهم، على وقع الهتافات المؤيدة.

وتأتي زيارة لاريجاني إلى بيروت في وقتٍ تشهد فيه العلاقات بين البلدين توترات تعد الأعلى منسوباً على المستوى السياسي، في ظل امتعاض رئاستي الجمهورية والحكومة في لبنان من التصريحات الإيرانية الأخيرة، ورفض طهران نزع سلاح حزب الله، وهو ما دفع إلى خروج مطالبات من أوساط سياسية وشعبية معارضة لحزب الله بقطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفير الإيراني من لبنان، وعدم استقبال لاريجاني.

وقالت مصادر حكومية لـ”العربي الجديد”، أمس، إنّ “رئيس الوزراء نواف سلام سيوجّه رسالة إلى لاريجاني يبلغه فيها استياء الدولة اللبنانية من المواقف الإيرانية الأخيرة ورفضها لأنها بمثابة تدخل بشؤون لبنان، بينما يجب أن تكون العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل، من دون أن يتدخل أي بلد بشؤون البلد الآخر”. وأشارت المصادر إلى أنّ “مقررات الحكومة واضحة بشأن السلاح، وهذا مبدأ مُعلن لن يتم التراجع عنه حول حصرية السلاح بيد الدولة، والمسار قد بدأ ربطاً بمقررات الجلستين الوزاريتين الأخيرتين، وعلى دول الخارج أن تتعاطى مع لبنان على هذا الأساس، وتحترم قراراته الصادرة عن مؤسساته”.

وكلّفت الحكومة اللبنانية الجيش الأسبوع الماضي وضع خطة تطبيقية لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام الحالي، في خطوة أتت على وقع ضغوط أميركية ومخاوف من أن تنفّذ إسرائيل حملة عسكرية واسعة جديدة، بعد أشهر من نزاع مدمّر بينها وبين الحزب، تلقى خلاله الأخير ضربات قاسية على صعيد البنية العسكرية والقيادية. ورفض الحزب القرار، مؤكداً أنه سيتعامل معه “كأنه غير موجود”، واتهم الحكومة بارتكاب “خطيئة كبرى”.

وسارعت طهران، على لسان علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الى التأكيد أنها “تعارض بالتأكيد نزع سلاح حزب الله، لأنها ساعدت على الدوام الشعب اللبناني والمقاومة، وما زالت تفعل ذلك”. واستدعت تصريحات ولايتي رداً من وزارة الخارجية اللبنانية التي اعتبرتها “تدخلاً سافراً وغير مقبول في الشؤون الداخلية”.

ويزور لاريجاني بيروت، آتياً من العراق، في أول زيارة خارجية له منذ توليه مهامه منذ أقلّ من أسبوع، وقال في تصريحات حول زيارته إلى لبنان: “توجد رسائل سنقوم بطرحها، وسنوضح المواقف المحددة للجمهورية الإسلامية الإيرانية خلالها”، مؤكداً أنّ “الوحدة الوطنية في لبنان قضية أساسية ينبغي الحفاظ عليها في جميع الظروف، واستقلال لبنان كان وسيظل بالنسبة إلينا أمراً مهماً”.

(فرانس برس، أسوشييتد برس، العربي الجديد)

Loading

Share This Article