المسار : نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريراً أعده أريب أولا قال فيه إن منظمات قانونية اتهمت مديرة “محامون بريطانيون لأجل إسرائيل” كارولين تيرنر بانتهاكات القواعد الأخلاقية واستخدام تهديدات لإسكات المتضامنين مع فلسطين.
فقد اتهم “مركز قانون المصلحة العامة” و”المركز الأوروبي للدعم القانوني” تيرنر، وهي محامية ومديرة منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل”، في تقرير من 114 صفحة بانتهاك المعايير المهنية والانخراط في عمل قانوني غير منظم لقمع حملة التضامن مع فلسطين.
وتقول الشكوى، التي رُفعت في 5 آب/أغسطس ونُشرت في 13 آب/أغسطس، إن تيرنر انتهكت مبادئ سلطة تنظيم عمل المحامين ومدونة قواعد السلوك، واستخدمت الدعاوى القضائية الإستراتيجية ضد المشاركة العامة، وهي تهديدات قانونية مصممة لردع حرية التعبير في مسائل المصلحة العامة. ويريد “مركز قانون المصلحة العامة” و”المركز الأوروبي للدعم القانوني” من هيئة تنظيم عمل المحامين التحقيق في ما إذا كانت منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل”، التي لا تخضع لأي هيئة تنظيمية قانونية في بريطانيا، تعمل فعلياً كشركة محاماة، وإخضاعها للرقابة التنظيمية الرسمية.
وبحسب تقرير المجموعتين القانونيتين، فقد أرسلت منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل”، في الفترة ما بين كانون الثاني/يناير 2022 وأيار/مايو 2025، رسائل تهديد لأفراد ومنظمات ناشطة في التضامن مع فلسطين. وتظهر الرسائل التي قدّمها الأفراد والمنظمات المتلقون لها إلى المشتكين “شكلاً من المراسلات المغرضة التي لا أساس قانونياً لها”، وتهدف لإسكات الناشطين والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني.
وقال ممثل عن “المركز الأوروبي للدعم القانوني”: “تعمل منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل وبنشاط لقمع التضامن مع فلسطين”.
وأضاف: “يوثق بحثنا كيف أدت رسائل التهديد التي وجهوها إلى أعمال انتقامية ملموسة: تأديب أو فصل عمال، وتشويه سمعتهم، وإلغاء فعاليات تحت الإكراه. هذه إستراتيجية ممنهجة لتجريم التضامن مع فلسطين وتغطية التواطؤ في الإبادة الجماعية. هذه الشكوى مطالبة بالمساءلة”.
وقال بول هيرون من “مركز قانون المصلحة العامة”: “لا يوجد محامٍ فوق الإطار التنظيمي لسلطة تنظيم عمل المحامين. وندعو إلى تحقيق شامل في سلوكهم وفي منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” كمنظمة تعمل فعلياً كمكتب محاماة”.
وقال متحدث باسم “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” لموقع “ميدل إيست آي”: “هذا يزعج أحياناً الأشخاص الذين لا يلتزمون بالقانون وأنصارهم. قد يسعون إلى تعطيل عملنا من خلال تقديم شكاوى مضللة إلى جهات مختلفة”.
وقال إن الشركة المحدودة “ليست شركة محاماة بحد ذاتها، بل هي منظمة عضوية غير ربحية. لا تمارس أنشطة محجوزة، ولا يُشترط أن تكون مرخصة أو مسجلة بموجب القانون البريطاني” و”تدير عملها بناءً على أعلى المعايير المهنية، والعديد من أعضائها وأنصارها محامون ممارسون يخضعون لرقابة الهيئات التنظيمية المهنية المختصة. ولم تقم منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” بأي نشاط يمكن وصفه بأنه اختراق لمبادئ الدعاوى الإستراتيجية ضد المشاركة العامة”.
وقد تأسست منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” عام 2011، وتصف مهمتها بأنها “مكافحة نزع الشرعية عن إسرائيل” ومعارضة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS). وهي شركة مساهمة محدودة، تعمل جنباً إلى جنب مع مؤسسة خيرية مسجلة، هي صندوق “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” الخيري. ولا تخضع أي من المؤسستين لرقابة هيئة تنظيم المحامين، ما يعني أن أنشطتهما لا تخضع لنفس الرقابة التي تخضع لها مكاتب المحاماة. ويتضمن عمل “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” في كثير من الأحيان إرسال شكاوى قانونية أو رسائل تحذير إلى المؤسسات والأفراد المشاركين في أنشطة مؤيدة لفلسطين.
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، قادت المجموعة حملات ضد التعبير عن دعم فلسطين، مثل تقديم رسائل قانونية إلى مجلس تاور هاملتس في شرق لندن بسبب رفع أعلام فلسطين على أعمدة الإنارة، والضغط على المهرجانات الموسيقية لحظر فرقة الراب الأيرلندية “نيكاب”، وتهديد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان لملاحقته القانونية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بل وحتى التهديد بإجراء مراجعة قضائية ضد الحكومة البريطانية لتعليقها بعض تراخيص الأسلحة لإسرائيل. وأدى التهديد الأخير إلى استقالة رئيس مجموعة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” اللورد كارلايل.
ويقول النقاد إن أساليب المجموعة تعتبر بمثابة “حرب قانونية” – أي استخدام آليات قانونية لتحقيق أهداف سياسية من خلال إسكات أو ترهيب المعارضين.
وفي أيار/مايو 2025، اتهمت منظمة “كيج إنترناشونال” لحقوق الإنسان جماعة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” بالمساهمة في “موجة قمع” ضد مناصري فلسطين، من خلال استهداف الأكاديميين والجمعيات الخيرية ومجموعات الحملات.
وفي حزيران/يونيو، وضع ناشطون في موقع “ليد باي دونكيز” فيلماً قصيراً يقول إن جماعة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” تمارس ضغوطاً ممنهجة على الأماكن وأصحاب العمل والجهات التنظيمية لاتخاذ إجراءات ضد داعمي الحقوق الفلسطينية. وزادت حدة التدقيق، ففي تموز/يوليو كشف موقع “ميدل إيست آي” أن هيئة الجمعيات الخيرية في بريطانيا فتحت تحقيقاً في الجناح الخيري لجماعة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” بعد تلقي شكاوى من “كيج” و”ليد باي دونكيز”.
وأصبح النقاش بشأن الدعاوى الإستراتيجية ضد المشاركة العامة محلاً للقلق في بريطانيا، حيث حذرت منظمات حرية الصحافة من استخدامها لردع الصحافيين والناشطين والمنظمات غير الحكومية عن التحدث في مسائل الشأن العام.
وفي عام 2024، أدخلت الحكومة المبادئ ضمن قانون الجرائم الاقتصادية وشفافية الشركات، إلا أن النشطاء يجادلون بأن الحماية لا تزال ضعيفة ولا تغطي القضايا غير المتعلقة بالجرائم المالية بشكل كاف.
ويرى “المركز الأوروبي للدعم القانوني” و”مركز قانون المصلحة العامة” أن مراسلات منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” تتناسب مع الدعاوى الإستراتيجية بشأن المشاركة العامة، حيث يتم من خلالها استخدام الدعاوى القانونية المكلفة لردع النقاش والمشاركة العامة.
وغالباً ما تشير رسائل “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” إلى “رعاتها وأعضائها”، وتصفهم بأنهم “من أبرز أعضاء المهنة القانونية في بريطانيا”.
ويجادل المشتكون بأن هذا يعطي انطباعاً مضللاً بوجود رقابة تنظيمية رسمية، ما قد يخالف المبدأ (2) من قانون تنظيم المحامين (الحفاظ على ثقة الجمهور) وقانون السلوك (8.8) (الدقة في النشر).
وقال هيرون: “يجب على سلطة تنظيم عمل المحامين التدخل، فبدون تدخل تنظيمي ستواصل جماعات مثل “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” استخدام هذه الأساليب لقمع النقاش حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وإسكات نقاد إسرائيل”.
ولم تعلق منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” بعد على الشكوى، لكن متحدثاً باسمها قال لموقع “ميدل إيست آي” إنهم سيحققون في أي شكوى تقدم.
وقد تَواصلَ موقع “ميدل إيست آي” مع “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” للتعليق، لكنه لم يتلقَ رداً حتى وقت النشر.