المسار : يعود الشباب الأردنيون لأداء التجنيد العسكري الإجباري بعدما كان جُمّد العمل بقانون خدمة العلم عام 1991. وسيلتحق نحو 6000 من مواليد عام 2007 الذين أتموا سن الـ18 بالدفعة التي تحمل رقم 54 في فبراير/ شباط المقبل. وجاء ذلك بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي “ارتباطه العميق” بما وصفه بـ”رؤية إسرائيل الكبرى” التي تشكل تهديداً مباشراً لأمن الأردن وسيادته، وعدد من الدول العربية التي تقع ضمن خريطة “الدولة اليهودية الكبرى” المزعومة.
وكشف وزير الاتصال الحكومي الناطق باسم الحكومة محمد المومني، ومدير الإعلام العسكري في القوات المسلحة الأردنية العميد مصطفى الحياري، في مؤتمر صحافي عقداه اليوم الاثنين، تفاصيل برنامج “خدمة العلم” بصيغته الجديدة الذي كان ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني أعلن عودته، قائلاً: “يجب أن يستعد الشباب لخدمة الوطن والدفاع عنه”، مؤكداً أهمية البرنامج في “تعزيز الهوية الوطنية وارتباط الشباب بأرضهم، وصقل شخصيتهم والمساهمة في انضباطها”.
وأوضح المومني أن رئيس الوزراء جعفر حسان أصدر قبل نحو عام توجيهات بإنجاز البرنامج من خلال لجنة برئاسة وزير الداخلية أيمن الصفدي، وعضوية مسؤولي الجهات المعنية. وستحمل الدفعة التالية للمجندين الرقم 54، علماً أن الدفعة رقم 53 عادت إلى عام 1991. وأشار إلى أن الحكومة ستعرض الأسباب الموجبة للتعديلات المطلوبة على قانون خدمة العلم والخدمة الاحتياطية في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، قبل أن ترسل إلى مجلس الأمة لاستكمال مرحلة المصادقة الدستورية عليها.
وبحسب المومني، سيُطبق البرنامج تدريجياً لـ”التأكد من أنه يتمتع بأعلى درجات الجودة والفعّالية، ويرتقي إلى المستويات المأمولة”. وسيبدأ البرنامج بـ6 آلاف شاب، وبعده 10 آلاف، ثم يزداد العدد خلال السنوات التالية كي يستطيع البرنامج استيعاب غالبية الشباب الذين تنطبق عليهم شروط “خدمة العلم”. وأوضح أن الشباب الـ6000 في الدفعة رقم 54 سيتوزعون على ثلاث مجموعات تضم كل منها 2000 مكلف. وسيُختار المكلفون إلكترونياً بأسلوب السحب الإحصائي المحايد، مع مراعاة التوزيع السكاني بين المحافظات، لذا سيجري اختيار 300 مكلّف في كل محافظة، باستثناء عمّان 1500، والزرقاء (900)، وإربد (900).
وأوضح وزير الاتصال الحكومي الناطق باسم الحكومة أن “البرنامج يستهدف تعزيز الهوية الوطنية وصقل شخصية الشباب بدنياً وفكرياً وثقافياً، وغرس قيم الانضباط والعمل والمثابرة وروح الفريق والتطوع وتحمل المسؤولية”، وسيتضمن البرنامج مسارين أساسيَين، أولهما العسكري الذي يشكّل غالبية التدريب، وثانيهما المعرفي النظري الذي يقدمه متخصّصون مدنيون في مجالات المعرفة والاقتصاد والثقافة “بما يضمن التكامل بين التدريب العسكري والتأهيل المعرفي”.
وذكر المتحدث ذاته أن آليات تنفيذ البرنامج مرنة وتراعي أوضاع الطلاب والعاملين، وستسمح باحتساب مدة الخدمة بما يعادل 12 ساعة معتمدة في الجامعات، كما ستُطبَّق آليات للتأجيل أو الإعفاء في الحالات التي يحدّدها القانون، مثل الابن الوحيد أو عدم اللياقة الصحية أو الإقامة في الخارج، والطلاب المنتظمين في الدراسة، على أن يلتحق المكلف بالخدمة فور انتفاء سبب التأجيل، أما عقوبة التخلّف عن خدمة العلم فتتراوح بين السجن 3 أشهر وسنة.
من جهته، أوضح العميد مصطفى الحياري أن القوات المسلحة “ستتولى مسؤولية تنفيذ البرنامج بأعلى المعايير التدريبية واللوجستية، وستنظم 3 دورات لبرنامج خدمة العلم تمتد كل منها ثلاثة أشهر. وسيكون عدد المتدربين في الدورة الواحدة 2000”. واعتبر أن فترة 3 أشهر للتدريب كافية، مشيراً إلى أن “التدريب سيتضمن مسارين؛ عسكري ومعرفي، وسيشمل العسكري تدريبات اللياقة البدنية الكثيفة والتعامل مع الأسلحة الخفيفة والانضباط ومهارات الميدان، أما المعرفي فيتضمن محاضرات ومواضيع تتعلق بالتاريخ الوطني والمواطنة الفاعلة، والتوعية والتحصين الأمني، والإرشاد المهني”.
وأشار الحياري إلى أن المكلفين سيبقون داخل المعسكر خلال الأسابيع الأربعة الأولى، ثم تمنح لهم إجازة لمدة 48 ساعة، وبعدها إجازة أسبوعية من ليل الخميس حتى ليل السبت، وسيحصل كل مكلّف على مبلغ مالي مقداره 100 دينار شهرياً (140 دولاراً)، و”ستحصل عملية الاستدعاء عبر وزارة الداخلية ومديريات الشرطة وتطبيق “سند” الحكومي والرسائل النصية بعد إقرار التعديلات القانونية واستكمال الإجراءات الدستورية على القانون”. ولضمان الانضباط، سيُمنع إدخال الهواتف وأجهزة الاتصال، مع تخصيص مقسّم للتواصل مع ذوي المكلفين. ولفت العميد الحياري إلى أنه “عند اكتمال القدرة على استيعاب الذكور من مواليد الأعوام المستهدفة في خدمة العلم، سيجري التفكير بشمول الإناث”.
وكان برنامج “خدمة العلم” أوقف عام 1991، وهو كان يُكلف بالخدمة العسكرية كل أردني ذكر أتم سن الـ18 لمدة عامَين. ويُعفي من التجنيد من تأجلت خدمته ثلاث سنوات متتالية لأسباب صحية، وكذلك الابن الوحيد لعائلته. وقال مدير المركز الأردني لحقوق العمل (بيت العمال)، حمادة أبو نجمة، لـ”العربي الجديد”، إن “إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم يمثل خطوة مهمة لا تقتصر على جانب الدفاع عن الوطن فحسب، رغم أنه غاية أساسية، بل تمتد أيضاً إلى جوانب تنموية واقتصادية ترتبط مباشرة بسوق العمل، خاصة من خلال تقديم المسار المعرفي المتعلق بسوق العمل، وتهدف إلى تهيئة الشباب لاكتساب الانضباط والمسؤولية وروح العمل الجماعي، وهي عناصر يحتاجها كل سوق عمل حديث”.
أضاف أبو نجمة: “يمكن أن يساهم البرنامج في تعزيز قيم المواطنة والهوية الوطنية والانتماء، ما ينعكس إيجاباً على بيئة العمل والعلاقات المهنية، وتخصيص 100 دينار من الحكومة أمر جيّد لتسديد الاحتياجات الشخصية للشباب الملتحقين في البرنامج، لكنها ليست راتباً. واختيار 6000 شاب للمرحلة الأولى وتدريبهم 3 أشهر يراعي الكلفة المالية التي تستطيع الحكومة تخصيصها للبرنامج، علماً أن زيادة المدة والعدد تحتاج إلى كلفة مالية عالية”.