افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 29/9/2025
خطة بلير لإدارة غزة.. بنية هرمية تتضمن دبلوماسيين من العالم مع “قوة دولية” تحفظ الأمن
بقلم: ليزا روزوفسكي
خطة ادارة غزة في اليوم التالي للحرب التي بلورها طوني بلير، رئيس الحكومة البريطاني السابق ومبعوث الرباعية للشرق الاوسط، ترسم هرمية متعددة الطبقات: على رأس الهرم ستكون شخصيات رفيعة من عالم التجارة والدبلوماسية، والمهمات على الارض مخصصة للفلسطينيين. حسب الوثيقة التي تنشر هنا بالكامل للمرة الاولى فانه على راس الادارة الانتقالية الدولية لغزة، “جيتا”، سيقف رئيس مجلس الادارة، الذي سيرسم الاتجاه الاستراتيجي “بتنسيق متواصل مع مجلس المدراء والسلطة الفلسطينية”.
حسب مصدر سياسي اسرائيلي فان بلير مرشح لتولي هذا المنصب. رئيس مجلس المدراء سيكون المسؤول عن الدبلوماسية مع “الدول والمنظمات الدولية والمانحين” وعن “الاتصالات الامنية مع جهات خارجية، من بينها اسرائيل، مصر والولايات المتحدة”. المصدر قال ايضا بان البيت الابيض يدعم خطة بلير التي يتم الدفع بها قدما في موازاة خطة الـ 21 نقطة لدونالد ترامب، ايضا في اسرائيل لا يرفضونها.
سيتم اعطاء للادارة الانتقالية، التي يمكن ان تعمل بصلاحية من مجلس الامن الدولي وحسب الخطة، صلاحيات واسعة جدا ستشمل المسؤولية عن التنسيق الامني في القطاع وسن قوانين لادارة حياة السكان في القطاع. الخطة ترسم طريق الادارة لثلاث سنوات بدون الاشارة الى ما سيحدث بعد ذلك. هي تطرح طموح لنقل الحكم الى السلطة الفلسطينية، لكن لم يكتب فيها متى سيتم فعل ذلك. حسب مصدر دبلوماسي فان الوثيقة التي وصلت الى “هآرتس” هي صيغة جديدة تمت صياغتها قبل اسبوعين تقريبا. هي تشمل اسماء محتملة لاعضاء مجلس الادارة في الادارة الانتقالية – سغريد كاك، المنسقة من قبل الامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط، التي من شانها ان تكون ممثلة الامم المتحدة؛ مارك رافان، مستثمر يهودي امريكي ومدير بيت الاستثمارات “ابولو غلوبل مانجمينت”؛ الملياردير المصري نجيب سويرس. وقد كتب في الوثيقة انه ربما ان آريه لايتستون، رئيس معهد اتفاقات ابراهيم في واشنطن والذي كان له دور كبير في تاسيس الصندوق الانساني لغزة، سيكون جزء من مجلس المديرين في هذه الادارة.
وكتب ايضا ان مجلس المدراء الذي سيشمل 7 – 10 اعضاء، يجب ان يشمل “تمثيل بارز للمسلمين كي يضمن الشرعية الاقليمية والثقة”. يمكن ان يكون للممثلين المسلمين “دعم سياسي في بلادهم” و”يفضل ان تكون لهم ايضا سمعة تجارية”. في المجلس يمكن ان يوجد ممثل فلسطيني واحد على الاقل، ويفضل ان يكون رجل اعمال أو رجل أمن.
تحت هذا المجلس ومن يقف على راسه تضع الخطة مستويات حكم اخرى: سكرتاريا عامة (إي.اس.جي)، التي تعتبر “المركز الاداري الرئيسي والجسم التنفيذي للادارة” – المسؤولة عن تعيين خمسة مندوبين ساميين – للشؤون الانسانية وشؤون اعادة الاعمار وشؤون التشريع والقضاء وشؤون الرقابة الامنية وشؤون التنسيق مع السلطة الفلسطينية. يخضع لهذه السكرتاريا “السلطة التنفيذية الفلسطينية” من اجل تمييزها عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية – وهي جسم “محايد ومهني”، التي سيعين المجلس رئيسها. هذه السلطة ستدير المجالات المدنية للحياة في القطاع. عمليا، الحديث يدور عن “حكومة خبراء” حسب الاقتراح المصري لاعادة اعمار غزة الذي تم صياغته في شهر آذار الماضي. ولكن حسب خطة بلير فانه لن تكون لهذه السلطة صلاحيات مستقلة لرسم السياسة.
بخصوص المجالات الامنية فان الوثيقة تنص على انه للادارة الانتقالية ستكون الصلاحيات العليا في شؤون الامن، لكن “القرارات التنفيذية” ستكون في يد اجهزة الامن في القطاع. من سيشرف على شؤون التنسيق من جانب الادارة سيكون المندوب لشؤون الاشراف الامني، الذي يجب عليه التاكد من ان اجهزة الامن تعمل “في اطار قانوني، مؤسسي وتنفيذي، يتساوق مع القانون الدولي وتفويض الادارة الانتقالية”.
الوثيقة تعد ثلاثة اجهزة امن. الاول هو وحدة حماية الشخصيات الرفيعة، التي ستكون مسؤولة عن ضمان امن رجال الادارة الانتقالية. هذا الجهاز سيتم اشغاله على يد “طواقم رفيعة عربية من قبل الدول المانحة الدولية”. في هذا السياق كتب ان كبار رجال الادارة لا يجب ان يتواجدوا في غزة، على الاقل في السنة الاولى، بل في مراكز ادارة في العريش، القاهرة وعمان. في السنة الثانية جزء من الادارة يمكن ان ينتقل الى غزة، وفي السنة الثالثة من شان هذه الادارة ان تصل الى “وضع مستقر” يتضمن، بصياغة ضبابية، “قدرات موجودة في غزة”.
الجهاز الامني الثاني في الوثيقة هو شرطة مدنية فلسطينية، رجالها يكونون “محايدين” ويمرون بعملية “غربلة”. هذه الشرطة تكون خاضعة للسلطة التنفيذية الفلسطينية وتكون مسؤولة عن الحفاظ على النظام المدني في القطاع.
الجهاز الثالث، الاكثر اهمية وحساسية، هو “قوة استقرار دولية” التي ستكون مسؤولة عن تامين المعابر وطرق الوصول البحرية الى القطاع وحماية المناطق المحيطة بها بالتنسيق مع اسرائيل ومصر. هذه القوة ستكون مسؤولة ايضا عن مكافحة الارهاب، خاصة “النشاطات التي تركز على منع اعادة احياء منظمات مسلحة وتهريب سلاح وتهديد النظام العام”. كما نذكر فانه حسب الشروط الخمسة التي وضعها نتنياهو من اجل انهاء الحرب فان اسرائيل يجب ان تتولى المسؤولية الامنية الشاملة في القطاع. حتى أنه في يوم الجمعة قال مصدر سياسي اسرائيلي رفيع في لقاء مع محررين كبار في نيويورك بانه حسب تقديره فانه باستثناء اسرائيل لا احد يمكنه ان يتعامل مع منع تهريب السلاح الى غزة في القريب.
قوة الاستقرار تم ذكرها بتوسع ايضا في “اعلان نيويورك”، الوثيقة الفرنسية – السعودية من اجل اقامة الدولة الفلسطينية، التي حصلت على دعم ساحق في الجمعية العمومية. حسب وثيقة بلير فان القوة ستكون متعددة الجنسيات وستحصل على التفويض الدولي لتوفير “استقرار استراتيجي وامن عملياتي” في غزة. حتى الان اعلنت دولة واحدة، اندونيسيا، عن استعدادها لارسال 20 الف جندي للقوة الدولية.
الوثيقة ايضا تذكر الميزانية التي يتوقع ان تطلبها الادارة الانتقالية – القصد هو تكلفة الادارة التي لا تشمل الاموال للاحتياجات الانسانية واعادة اعمار القطاع. حسب الميزانية المقترحة فانه في السنة الاولى سيتم تخصيص ميزانية للادارة تبلغ 90 مليون دولار، وفي السنة الثانية 133.5 مليون دولار، وفي السنة الثالثة 164 مليون دولار.
——————————————
هآرتس 29/9/2025
هل وقع نتنياهو في فخ خطة الـ21 بنداً؟
بقلم: عاموس هرئيلِ
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الامريكي دونالد ترامب سيلتقيان اليوم للمرة الرابعة منذ عاد ترامب لمنصبه في كانون الثاني – هذا اللقاء يبدو انه الاكثر دراماتيكية منها جميعها. هذه المرة، اكثر مما في اللقاءات السابقة، الطرف الامريكي هو الذي يخلق التوقعات العالية. امس غرد ترامب: “هناك احتمالية لشيء ما كبير في الشرق الاوسط. للمرة الاولى الجميع اظهروا الاهتمام”.
بعد لقاء ترامب مع زعماء الدول العربية والاسلامية في الاسبوع الماضي سرب المزيد من التفاصيل عن خطة الـ 21 نقطة لانهاء الحرب في قطاع غزة واستئناف الخطوات السياسية في المنطقة. للمرة الاولى يبدو ان الامر لا يتعلق فقط بنثر الامال العبثية والوعود غير الملزمة بشان الاحتمالية المتزايدة لصفقة تبادل قريبة. ايضا عودة جارد كوشنر، صهر الرئيس، الى المشاركة المحمومة يمكن ان تدل في هذه المرة على جدية ترامب والادارة الامريكية في الدفع قدما بهذه الخطة.
الرسالة الرئيسية التي يطلقها نتنياهو مؤخرا من خلال احاطات من قبل مكتبه هي انه في الواقع توجد هنا خطة مع حقوق انتاج اسرائيلية: رئيس الحكومة والمقرب منه الوزير رون ديرمر شاركا في صياغة كل حرف في نقاط ترامب. باستثناء ان هذه التسريبات يمكن ان ينظر اليها بشكل سيء لدى الرئيس الذي لا يحب مقاسمته في الفضل، وبالتاكيد لا يريد ان يظهر مثل دمية لنتنياهو. مشكوك فيه اذا كان هذا الادعاء دقيق. من الواضح ان نتنياهو ما زال يحظى بنفوذ استثنائي على ترامب، بما يتجاوز القوة الحقيقية لاسرائيل. ولكن الصيغة التي تتم مناقشتها الآن اذا تمت الموافقة عليها فهي بعيدة عن ان تشكل انتصار كبير لرئيس الحكومة. عمليا، الحديث يدور عن صيغة محدثة لخطة بايدن في منتصف السنة الماضية، التي وافق نتنياهو عليها وبعد ذلك تهرب من تنفيذها بعدة ذرائع.
بعد ذلك، في اللقاءات الثلاثة السابقة في ولايته الحالية، ترامب تساوق مع نتنياهو. اذا صمم في هذه المرة على التمسك بموقفه فانه سينفذ خطة اجزاء كبيرة فيها لا تشبه ما وعد رئيس الحكومة به قاعدته السياسية خلال سنتي الحرب. على الاقل حسب التسريبات لن تكون هنا هزيمة نهائية لحماس (الامر الذي تحقق الان – هزيمة حماس كقوة عسكرية منظمة – تحقق قبل بضعة اشهر)، لن يكون نزع كامل للسلاح في القطاع، في المقابل سيكون انسحاب كامل للجيش الاسرائيلي من القطاع. حتى الوهم الخطير لليمين المسيحاني، الذي شجعه نتنياهو، بشان تهجير فلسطيني وعودة المستوطنات الى القطاع لن يتحقق.
في المقابل، نتنياهو بالذات اكد في الفترة الاخيرة على نضاله لمنع مشاركة السلطة الفلسطينية في الحل المستقبلي في القطاع. هذا كما يبدو ليس صدفيا: السلطة ستاخذ دور محدود ونتنياهو يمكنه عرض ذلك كانجاز توصلت اليه اسرائيل بفضل علاقته القريبة مع ترامب. حماس لم ترد بعد بشكل مباشر على خطة ترامب الجديدة التي لم تطرح رسميا. سيتم استخدام ضغط كبير على حماس من قبل الدول العربية من اجل الرد بالايجاب. الصعوبة الرئيسية بالنسبة لحماس هي اطلاق سراح جميع المخطوفين بدون انسحاب فوري وكامل للجيش الاسرائيلي من القطاع.
في المقابل، التنازلات المطلوبة من اسرائيل بالصيغة الحالية لـ 21 نقطة ستكون صعبة جدا على الاستيعاب من قبل جزء واسع في ائتلاف نتنياهو. ليس فقط التنازل عن الترانسفير والاستيطان. ترامب اعلن انه لن يسمح بضم مستوطنات كتعويض لاسرائيل في الضفة الغربية. ايضا هناك نية لتحرير قريب لـ 200 سجين فلسطيني محكومين بسبب اعمال قتل، وهي خطوة سيستصعب اليمين استيعابها. هذا ما زال فقط على مستوى السيناريو، لكن اذا وضع ترامب اخيرا كل ثقله على نتنياهو فيمكن حدوث امرين: رئيس الحكومة سيتعين عليه الاستجابة، والائتلاف سيتفكك.
توجد لنتنياهو طريقة ثابتة: اغراق رؤساء امريكا المتعاقبين بمشكلاته الداخلية، على امل (الذي لم يتحقق في أي يوم) أن ياخذوا ذلك في الحسبان ويظهرون مرونة اخرى من ناحيتهم. هناك احتمالية غير سيئة في ان يحاول التسويف مع ترامب باعطاء اجابات على صيغة “نعم، ولكن”. وبعد ذلك ياتي التملص كما فعل مع سلفه جو بايدن خلال اكثر من سنة في الحرب. ولكن من المفضل ان يتذكر ترامب بانه لا يوجد لدى نتنياهو أي مانع حقيقي للمصادقة على صفقة تبادل حتى بحكومة انتقالية. مشكوك فيه ان تتدخل المحكمة العليا، ويئير لبيد ايضا سبق ووعد نتنياهو بشبكة امان مبررة للصفقة. في حين ان بني غانتس ظهر كمن يتواجد على بعد خطوة او خطوتين من القفز عائدا الى الائتلاف، بعد انفصال فعلي عن اصدقائه في المعارضة.
المهم حقا هو ان الحرب يجب ان تنتهي. منذ زمن، وبالتاكيد منذ القرار السياسي الذي اتخذه نتنياهو، خرق وقف اطلاق النار واستئناف القتال في آذار الماضي، فانه تجري في القطاع حرب عبثية بدون جدوى. احداث الايام الاخيرة وفيها القرار الذي يمثل جنون العظمة لنتنياهو بان يفرض على الجيش اسماع في مكبرات الصوت خطابه في الامم المتحدة لسكان القطاع، فقد تجسد الحاجة الملحة لوقف القتل، تحرير المخطوفين واعادة الجثامين لدفنها.
طلب يصعب تجاهله
في توقيت يصعب تصديق انه صدفيا، الذي جاء قبل يوم من لقاء ترامب ونتنياهو، اعلنت حماس امس بانها فقدت الاتصال مع اثنين من المخطوفين الاحياء. حماس قالت ان الاتصال معهما ومع حراسهما انقطع بسبب عمليات الجيش الاسرائيلي في مدينة غزة. حماس تطالب بانسحاب الجيش الاسرائيلي من بعض الاحياء في المدينة، الى جانب وقف الطلعات الجوية التي تجمع المعلومات من قبل المسيرات الاسرائيلية، ووقف هجمات سلاح الجو لمدة يوم من اجل العثور عليهما.
حماس نشرت اسماء المخطوفين: عمري ميرام ومخطوف آخر (عائلته لا تريد نشر اسمه). الحديث يدور عن مخطوفين معروفين جيدا للجمهور، ازاء النضال الذي لا يلين والحثيث الذي تقوم به عائلاتهم لاطلاق سراحهم. في هذه المرحلة تصعب معرفة الحقيقة. اذا كان حقا تم فقد الاتصال معهما أو ان الامر يتعلق فقط بمناورة حرب نفسية من قبل حماس بهدف التخويف والحصول على هدنة في القتال، التي ربما تكون ضرورية. ولكن في ظل غياب معرفة مؤكدة بشان ما حدث، هذا اذا حدث، ستجد اسرائيل صعوبة في تجاهل طلب حماس، بالتاكيد ازاء الضائقة التي توجد فيها عائلاتهم اصلا.
——————————————
يديعوت 29/9/2025
خطة ترامب ببصمة كوشنر.. 21 نقطة في 4 مراحل مع مطلبين عربيين: أين تكمن الشياطين؟
بقلم: رون بن يشاي
إن العنوان الذي أطلقه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف على الخطة الأمريكية الناشئة يشير ضمناً إلى أهدافها: “خطة ترامب – 21 نقطة للسلام في الشرق الأوسط وغزة”، لا تهدف فقط إلى إعادة جميع الرهائن وإنهاء الحرب، بل وفي الوقت نفسه إلى تهيئة الظروف لتوسيع “اتفاقيات إبراهيم”، وبهدف إقامة دولة فلسطينية يكون قطاع غزة جزءاً منها.
هذا على الأقل ما تدّعيه صحيفة “الحدث” السعودية، كما نُشرت الليلة (الجمعة – السبت) على موقع Ynet . مع ذلك، من المهم إدراك أنه على الرغم من موثوقية الصحيفة عمومًا، إلا أنها تعكس إلى حد كبير موقف الحكومة السعودية. إضافةً إلى ذلك، لا تزال المفاوضات حول خطة ترامب جارية، لذا لا ينبغي اعتبار كل ما نُشر حقائق قاطعة. لكن من الواضح تمامًا، مما تدعمه مصادر أخرى، أن هذه خطة طموحة تحمل بصمات جاريد كوشنير، الصهر اليهودي للرئيس الأمريكي، ومهندس اتفاقيات السلام بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى، وطوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق الذي استشاره ترامب أيضًا في شؤون منطقتنا. يمكن القول إن المشاركة النشطة لكوشنير في المفاوضات لم تؤدِ فقط إلى دفع البيت الأبيض إلى تصميم “خطة للشرق الأوسط” شاملة في أهدافها ومختلفة جوهريًا عن الخطوط العريضة المحددة التي وضعها ويتكوف (والتي كانت تهدف فقط إلى إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار) – بل أدخلت أيضًا حكام المملكة العربية السعودية وتركيا في دائرة القضايا والمفاوضين والضغوط على الأطراف – مما يزيد بشكل كبير من فرص نجاح المفاوضات.
بالإضافة إلى ذلك، سيواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو موقفًا صعبًا في لقائه مع الرئيس دونالد ترامب يوم الاثنين. سيُطلب من نتنياهو الموافقة على مطلبين أساسيين يتعارضان تمامًا مع موقفه وموقف الحكومة اليمينية في إسرائيل: الأول – الموافقة على زيادة مشاركة السلطة الفلسطينية، بقيادة رئيسها محمود عباس، في إدارة شؤون غزة، وصولًا إلى السيطرة المدنية الكاملة على القطاع تحت إشراف دولي؛ والثاني هو توقيع نتنياهو والحكومة الإسرائيلية على وثيقة تُرسي مبدأ أن يكون قطاع غزة جزءًا من دولة فلسطينية في المستقبل.
لقد جعلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى دول خليجية أخرى، هذين المطلبين شرطًا لا رجعة فيه للاستجابة لطلب الولايات المتحدة بتمويل مليارات الدولارات لإعادة إعمار القطاع، وإرسال قوة عربية لإدارة شؤون غزة، ونزع سلاح حماس، والإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق الأخرى. هذه المطالب معروفة لنتنياهو، وقد نُشرت في وسائل الإعلام عدة مرات.
السؤال الوحيد هو إلى أي مدى سيضغط ترامب على نتنياهو لقبولها، وهل سينجح نتنياهو، سواءً في محادثة مع الرئيس الأمريكي أو في مفاوضات أخرى، في صدّ هذه المطالب أو التقليل من شأنها. ومن المرجح أن تكون الحجة الرئيسية التي سيطرحها رئيس الوزراء يوم الاثنين في البيت الأبيض هي أنه إذا وافق على قبول هذه المطالب كما هي، فستنهار حكومته، مما سيؤخر المفاوضات وإطلاق سراح الرهائن، وستستمر الحرب لعدة أشهر أخرى.
المراحل المتوقعة لخطة ترامب
فيما يتعلق بقطاع غزة وسكانه، يمكن القول إن خطة ترامب المكونة من 21 نقطة هي مخطط تدريجي بأربع مراحل:
تبدأ المرحلة الأولى من الخطة بعد 48 ساعة، أو وفقًا لنسخة أخرى بعد 72 ساعة، والتي سيتم خلالها إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياءً وأمواتًا، مقابل آلاف الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل، بمن فيهم 100-200 قاتل ملطخة أيديهم بالدماء. إن التطلعات الأميركية وتطلعات معظم الشركاء هي أن تتم هذه التبادلات دفعة واحدة، ولكن حماس تطالب بأكثر من ذلك حتى تتمكن من ضمان تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها بوقف القتال في مدينة غزة، والانسحاب من عدة مناطق تسيطر عليها في القطاع، وألا تنتهك وقف إطلاق النار.
لذلك، من الممكن الاتفاق في النهاية على مرحلتين للتحرير: واحدة في البداية وأخرى بعد بضعة أسابيع. في هذه المرحلة، يُرجّح أن يُطلب من جيش الدفاع الإسرائيلي رفع الحصار عن غزة ومنطقة المخيمات الوسطى والمواصي (للانسحاب من محور “ماجين عوز” )، ويُسمح بدخول المساعدات الإنسانية دون أي قيود باشراف من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. في هذه المرحلة، قد يُعلّق أيضًا عمل “صندوق غزة الإنساني ” (GHF)، الذي يعمل بمبادرة إسرائيلية وتحت رعايتها. إضافةً إلى ذلك، ليس من الواضح من سيحمي قوافل المساعدات من سرقة حماس لمحتوياتها.
في نهاية هذه المرحلة – إن نجحت – سيتم إعلان نهاية الحرب تحت غطاء أمريكي. في هذه الأثناء، ليس واضحًا من سيدير الشؤون المدنية في قطاع غزة في هذه المرحلة، والتي من المرجح أن تستمر لعدة أشهر، ولكن هناك مقترح بتولي رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير رئاسة المنظمة الدولية. ويبدو أن مصدر سلطته وسلطة السلطة الفلسطينية في غزة هو قرار مجلس الأمن. في هذه المرحلة، ستُدار شؤون القطاع من قِبل لجنة من مسؤولي غزة (على الأرجح أعضاء في فتح) تُفوضهم السلطة الفلسطينية بإدارة شؤونهم بأنفسهم. في الوقت نفسه، ستبدأ الإمارات العربية المتحدة ودول عربية وإسلامية أخرى بتنظيم نفسها، إلى جانب خبراء وأفراد أمن أمريكيين، لدخول غزة كقوة لحفظ الأمن، بينما ستُنشئ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية “لجنة اتصال” لإدارة شؤون قطاع غزة نيابةً عنها في مرحلة ثانية.
تبدأ المرحلة الثانية بعد شهرين إلى أربعة أشهر، للسماح “للكيان العربي الدولي” والقوات العربية التي ستكون تحت قيادته بتنظيم نفسها. إلى جانب هذا الكيان، ستنشئ السلطة الفلسطينية وتدير “لجنة لإدارة شؤون غزة”، التي سيختار أبو مازن أعضاءها. ستعمل القوات العربية وأعضاء جهاز الأمن الفلسطيني جنبًا إلى جنب. يتمثل الطموح المنبثق من الوثيقة في أن تُقلل القوة العربية المشتركة من وجودها تدريجيًا وتكتفي بالإشراف على جهاز الأمن الفلسطيني. هذا الطموح يُثير قلق إسرائيل الشديد، لأن جهاز الأمن التابع للسلطة الفلسطينية لم يُظهر قدرة عملياتية تُذكر في مخيمي اللاجئين في جنين وطولكرم – لا سيما أنهم يواجهون الآن قوة منظمة ومدربة من إرهابيي حماس والجهاد الإسلامي.
على أي حال، ستكون المهمة الأولى للقوة العربية الدولية نزع سلاح حماس. لم توافق حماس بعد على هذا المطلب، وإذا رفضته، فقد تُنهي المفاوضات برمتها. وفي حال موافقة حماس، ستُطلب من إسرائيل ضمان مرور آمن لقادتها وحصانتهم من الاغتيال إذا وافقوا على النفي إلى الخارج. هذا وفقًا للصحيفة السعودية، التي لم تُفصح عما إذا كانت حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية، في إطار نزع سلاحهما، ستسلمان أيضًا خرائط الأنفاق وتسمحان بتدميرها.
من وجهة نظر إسرائيل، يُشكل وجود الأنفاق والعبوات الناسفة التي ستواصل حماس إخفاؤها خطرًا أمنيًا أكبر من أسلحة الكلاشينكوف وقاذفات آر بي جي التي قد يوافق الإرهابيون على تسليمها للقوة العربية. عند هذه النقطة، سينسحب جيش الدفاع الإسرائيلي مرة أخرى، ربما من جزء من محور نتساريم، وسيسمح بفتح معبر رفح للمساعدات الإنسانية. من الممكن افتراض أن إسرائيل ستصر على إبقاء قواتها على محور فيلادلفيا، وستنفذ غارات موجهة استخباراتيًا لإحباط أنشطة مسلحي حماس وحرب العصابات التي قد تحاول حماس وقوات الأمن الفلسطينية القيام بها. بالإضافة إلى ذلك، تطالب إسرائيل بـ”حقوق المطاردة الساخنة” في قطاع غزة للحفاظ على مسؤوليتها الأمنية الكاملة فيه. عند هذه النقطة، ستبدأ عملية إعادة إعمار قطاع غزة، بتمويل من صندوق دولي ستنشئه الولايات المتحدة بمساعدة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا. ومن المرجح أن يكون التنفيذ الميداني مصريًا. (هذا مشروع للبنية التحتية والعقارات من شأنه أن يدر مليارات الدولارات لمن يشارك فيه).
المرحلة الثالثة ستبدأ بعد أكثر من عام، وتستمر لخمس سنوات على الأقل. ووفقًا لرؤية ترامب-كوشنير-بلير، ستسير عملية إعادة إعمار قطاع غزة بأقصى سرعة، وسيُقلص الكيان العربي الدولي وجوده في القطاع إلى الحد الأدنى، وسيكتفي بالإشراف على السلطة الفلسطينية، التي ستتولى مسؤولية الشؤون المدنية والأمنية في القطاع بشكل شبه كامل.
في نهاية هذه المرحلة، يُفترض أن ينسحب جيش الدفاع الإسرائيلي من غزة بالكامل مع التحفظات التالية: أن تحتفظ إسرائيل بحقها في إجراء “مطاردة ساخنة” استخباراتية في غزة، كما تفعل حاليًا في لبنان؛ وأن تحافظ إسرائيل على وجود أو سيطرة على ممر فيلادلفيا، وخاصةً على ما يدخل ويخرج من غزة عبر معبر رفح؛ وأن تُبقي إسرائيل قواتها ومواردها في المنطقة العازلة (المحيط) المحيطة بغزة.
في المرحلة الرابعة، وفقًا للصحيفة السعودية، ستُعقد مفاوضات مباشرة “بين إسرائيل وفلسطين”، وفي نهايتها سيصبح قطاع غزة جزءًا من دولة فلسطين. ليس من الواضح تمامًا ما إذا كان هذا البند موجودًا في خطة ترامب، ولكن من المعروف أن السعوديين يُصرّون على هذا الأمر لكسب شرعية من العالم الإسلامي للانضمام إلى “اتفاقيات إبراهيم” وتطبيع علاقاتهم مع إسرائيل. في المقابل، ترى حكومة نتنياهو أن هذا الأمر مطلبٌ لا يمكن الموافقة عليه تحت أي ظرف، وينطبق عليه مبدأ “يُقتل ولن يُمر”.
الضفادع التي سيجد نتنياهو وحكومته صعوبةً في هضمها
في الواقع، يمكن للمرء أن يتصور أن خطة ترامب تسعى إلى الموازنة بين المصالح الحيوية لإسرائيل، والمتمثلة في إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الوجود العسكري والحكومي لحماس في غزة، ومصالح الدول العربية التي ستضطر إلى إرسال قوات وعناصر لإدارة قطاع غزة، وحفظ الأمن فيه، وتمويل إعادة إعماره. ووفقًا لما نُشر، فإن سكان غزة شركاء سلبيون في الاتفاق الجاري صياغته، باستثناء بند واحد ينص على عدم طرد سكان القطاع أو إجبارهم على الهجرة منه، باستثناء حماس والسلطة الفلسطينية، اللتين تنص مسودة الخطة على تسليم أسلحتهما، وستحصل قيادتهما على حرية التنقل إلى المنفى.
إما المصالح المباشرة للغزيين فمن المفترض أن يتم التعامل معها من خلال التفاعل بين إسرائيل والقوة العربية الدولية، ثم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن، والتي تعد المستفيد الرئيسي من الاتفاق دون أن تكون مطالبة بإجراء إصلاحات أو الالتزام بأي شيء.
لذلك، إذا صحّت التقارير الواردة في وسائل الإعلام العربية وشبكة CNN، فإن “خطة ترامب” تتضمن مطالب إضافية عديدة، من وجهة نظر نتنياهو وحكومته، تبدو ضربًا من الخداع يصعب تصديقه: على سبيل المثال، يُفترض أن تضمن الولايات المتحدة عدم ضم إسرائيل للضفة أو بناء مستوطنات في قطاع غزة. ومن المطالب المبدئية الأخرى التي يُتوقع أن تُواجه معارضة إسرائيلية شديدة، انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي بالكامل من قطاع غزة في نهاية العملية (بعد أكثر من عام)؛ وأن المنطقة العازلة (المحيط – الذي يُطلق عليه في مسودة الاتفاق اسم “الممر الأمني”) على طول حدود غزة لن يتجاوز عرضها 500-1000 متر، ولن تضم قوات أمن إسرائيلية. هذا يعني أن جيش الدفاع الإسرائيلي لن يكون قادرًا على تطبيق مبدأ “الدفاع الأمامي” ميدانيًا، وفقًا للمفهوم الأمني الذي وُضع بعد مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول الدامية. كما أن خطة ترامب في شكلها الحالي لا تحدد كيف ستمارس إسرائيل “مسؤوليتها عن الأمن العام في قطاع غزة”، كما صرح نتنياهو بحزم في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
——————————————-
يديعوت احرونوت 29/9/2025
من وجهة نظر إدارة ترامب، الاتفاق منتهٍ
بقلم: ناحوم برنياع
قال مسؤولون في إدارة ترامب لدبلوماسيين عرب في واشنطن: “الصفقة منتهية”. إنها صفقة منتهية. عندما أعرب وزير خارجية عربي عن شكوكه للرئيس ترامب بشأن رد نتنياهو في اجتماعهما اليوم، قال له ترامب: “لن أطلب من بيبي (الموافقة على الخطوط العريضة). سأملي عليه (الموافقة على الخطوط العريضة)”. التفاؤل الأمريكي تكتيكٌ يسعى إلى تقليص هامش المناورة لدى الطرفين، وإسرائيل تحديدًا، ودفعهما إلى حائط الرفض: نتنياهو لا يستطيع تحمل خسارة ترامب، وحماس لا تستطيع تحمل خسارة العالم العربي. دولة تحت الحماية؛ منظمة إرهابية تحت الحماية. هذا هو الواقع.
يستطيع نتنياهو أن يقول “نعم، ولكن” كما قال مرارًا وتكرارًا في الماضي، لكن الإطار والمرجعية قد حُددا. لقد تقلصت “لكن” إسرائيل، وكذلك “لكن” حماس. اعتاد أرييل شارون استخدام مصطلح “المحشر” في مثل هذه الأحداث: فالثيران تتبع الطريق الذي مهده لها أصحابها، دون أي مخرج. من المحتمل أن يكون المحشر هذه المرة إيجابيا.
إذا كان نتنياهو لا يزال يحاول إفشال الصفقة، فإن فرصته الوحيدة للقيام بذلك ستكون في دفع حماس للرفض. ولعل هذا ما دفع نتنياهو إلى محاولة الاغتيال الفاشلة في الدوحة، عاصمة قطر. أسهل طريقة لمنع الصفقة هي إقصاء الشركاء.
تفاصيل خطة ترامب مهمة، لكن التوجه أهم. خلال 12 يومًا من القتال في إيران، حققت إسرائيل والولايات المتحدة إنجازات تكتيكية مبهرة. لقد فشلوا في ترجمة هذه الإنجازات التكتيكية إلى تغيير استراتيجي. فضلت إسرائيل الحرب في غزة؛ ولم تعرف أمريكا كيف تستغلها. تسعى الخطة إلى ذلك بالضبط: غزة هي الطابق الأول؛ وشرق أوسط جديد، تكون إسرائيل جزءًا لا يتجزأ منه، هو الطابق الثاني. من المفترض أن تُعزل إيران أو تتغير وتنضم. هذه رؤية طموحة للغاية.
كنا في وضع مماثل في نهاية حرب يوم الغفران. تفاوضت إسرائيل على تفاصيل وقف إطلاق النار. كانت هناك جهات، منها وزير الدفاع موشيه ديان، سعت إلى مواصلة الحرب. لم تؤمن رئيسة الوزراء غولدا مائير بالاتفاق. فرض كيسنجر عليها اتفاقًا أدى في النهاية إلى السلام مع مصر. ربما يرى ترامب، بكل غطرسته وأكاذيبه وفساده الشخصي وسطحيته، ما يصعب علينا نحن الإسرائيليين رؤيته: أن الخير يمكن أن يأتي من غزة. إذا تحققت رؤيته، فسيكون جديرًا بجميع جوائز نوبل في العالم.
لهذه الرؤية ثمنها. أقترح على القارئ أن يُشكك في التفسيرات التي تصف المخطط بأنه خطة إسرائيلية بغطاء أمريكي. حلم النصر الكامل غير مشمول فيها؛ ولا غزو مدينة غزة؛ سيتعين على جيش الدفاع الإسرائيلي الانسحاب من القطاع، كليًا أو جزئيًا؛ ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها غير مطروح؛ ستحافظ السلطة الفلسطينية على وجودها في غزة المُعاد تأهيلها، بموافقة الحكومة الإسرائيلية، وعلى خلفية الاعتراف العالمي بدولة فلسطينية، سيتعزز وجودها أيضًا في الضفة الغربية؛ وسيتم إطلاق سراح مئات القتلة، الإرهابيين المتمرسين، من السجون. يختار نتنياهو طمس هذه الحقائق. في أحد اجتماعاته في نيويورك، زعم أن قادة الدول العربية يتصلون به ويطلبون منه سرًا مواصلة القتال في غزة. لم يتعلم بعد أنه في الشرق الأوسط، يجب على المرء أن يستمع إلى ما يقوله الحكام علنًا.
الخطة تعيد المخطوفين. هذه هي النعمة الأكيدة: إذا كان الثمن هو حلّ الائتلاف والانتخابات المبكرة، فليكن. عودتهم لن تُزيل وصمة الإهمال، كما أن إنجازات الحرب لا تُزيل عار الفشل، لكنها ستضمن الحياة للناجين ونهايةً للأسر المفجوعة، وربما حتى تنهدًا من الراحة لجميع الإسرائيليين.
———————————————
هآرتس 29/9/2025
تغيير مكانة ثلاث قرى في الضفة يدل على أن الضم عمليا بدأ منذ زمن بعيد
بقلم: عميره هاس
اكوام القمامة المتراكمة والسيارات المعطوبة التي تقف بين السيارات الجديدة، تستقبل الداخلين الى القرية الصغيرة في شمال غرب القدس، قرية النبي صموئيل. نظرة الى البيوت غير المرتفعة والمحاطة بالاخشاب والالواح الخشبية تظهر ان الحدائق التي كانت يانعة ذات يوم قد ذبلت. الشارع معبد، كومة من حجارة البناء تدل على بيت قامت السلطات بهدمه منذ فترة قصيرة، في البقالة لا توجد سلع. “نحن تعبنا”، هكذا لخصت نوال بركات الوضع، وهي معلمة رياضيات وتعمل الآن سكرتيرة في المدرسة الصغيرة في القرية. اعلانها كان مفاجيء: بالتحديد هي – المبتسمة والمرحبة – تنشط طوال الوقت في محاولة تنظيم وتحسين الوضع الاجتماعي للسكان ومعنوياتهم.
المدرسة هي غرفة واحدة في مبنى قديم، منعت السلطات توسيعه. في السابق تعلم الاولاد في غرف عالية في قرى مجاورة، مثل بيت اكسا التي تقع جنوب غرب القرية. ولكن منذ 2006 فان اجمالي مكونات جدار الفصل – الجدران، الاسوار، شوارع الدوريات العسكرية والحواجز – فصلت قرى المنطقة عن بعضها. الان يتعلم في المدرسة ايضا اولاد من حي الخلايلة الذي يبعد 5 كم نحو الشمال. الحي تابع لقرية الجيب، لكن الحاجز الذي يفصل بينه وبين القرية يمنع امكانية التعلم بشكل منتظم فيها. المعلمون في مدرسة النبي صموئيل التابعة لوزارة التعليم الفلسطينية جميعهم من شرقي القدس، لان اسرائيل تمنع الفلسطينيين من مناطق الضفة الغربية من الدخول الى هذه المنطقة. عدد من المباني الجاهزة اضيفت للمدرسة، وهي محاطة بسور مرتجل.
المنطقة المحظور دخول الفلسطينيين اليها تنتهي في الشمال بشارع 443 المخصص للاسرائيليين فقط وبمعسكر عوفر العسكري، وفي الجنوب تنتهي بحي راموت الذي يقع خلف الخط الاخضر. عند السفر عبرها باتجاه مستوطنات جفعات زئيف وجفعون الجديدة، سريعة التوسع، يبدو كل شيء وكأنه اسرائيلي – الطرق، اللافتات، القرميد والاشارات الضوئية المنظمة. هذا من اوضح الاماكن التي تثبت وجود ونجاح الضم غير الرسمي.
في 7 ايلول الماضي وقع الجنرال آفي بلوط على امر عسكري يعلن هذه المنطقة، وقرية بيت اكسا، منطقة تماس بين الجدار الفصل والخط الاخضر. الدخول اليها والتواجد فيها محظور على الفلسطينيين الذين لا يعيشون فيها. هذا الاعلان شوش السكان الفلسطينيين لان كل المحظورات والقيود تسري عليها تقريبا منذ عشرين سنة. حسب الادارة المدنية في جلسة الكابنت في 26 آب تقرر تغيير تعريفها، و”طبقا لذلك تم تعزيز عمل موظفي الادارة المدنية للمساعدة في تنفيذ القرار”، قيل للصحيفة. هكذا، اسرائيل وسعت منطقة التماس 7 في المئة تقريبا، 20 ألف دونم الذي هو جيب النبي صموئيل وبيت اكسا. مع هذه الاضافة فان منطقة التماس والحاجز الذي بني حتى الآن بطول 492 كم تبتلغ 320 كم من اراضي الضفة الغربية (التي تبلغ مساحتها الكلية 5800 كم مربع)، هذا حسب بيانات الباحث في شؤون النزاع الدكتور شاؤول اريئيلي.
البيان عن اغلاق المنطقة واصدار تصاريح مكوث لمن يعيشون فيها اثار موجة تقديرات وتخوفات بان الامر يتعلق ببداية عملية الضم الرسمية التي يدفع بها قدما الوزير سموتريتش. مصدر امني قال لـ “هآرتس” بان الخطوات المذكورة اعلاه لا تدل على انهم في الادارة المدنية بدأوا باجراءات ضم الامنطقة. “كل قرار حول هذا الامر سيتم اتخاذه في المستوى السياسي”، قال.
بركات اشارت الى انه قبل بضعة اشهر جاء موظفو الادارة المدنية وقاموا باحصاء وتسجيل الاشخاص الموجودين في البيوت. احصاء مشابه تم اجراءه ايضا في العقد الماضي. في بداية الشهر قالت بان السكان حصلوا على بيان من المجلس المحلي يفيد بانهم سيجدون لدى منسق اعمال الحكومة في المناطق تصريح مكوث شخصي في المنطقة. الشخص الذي ابلغ المجلس هو ممثل وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية، الذي يتلقى التعليمات من الادارة المدنية. في موازاة ذلك قيل لهم بانه عليهم التوجه الى مكتب الادارة المدنية في حاجز قلندية واستصدار هناك بطاقة هوية ممغنطة، التي هي بطاقة هوية شخصية بيومترية. ولزيادة التشويش، في التصريح الرقمي كتب انه لا توجد حاجة الى الهوية الممغنطة. لون البطاقة الممغنطة البرتقالي، وليست البيضاء كالعادة، اقلق السكان.
بعض صيغ التصريح وشروطه تبدو متناقضة وزادت التشوش والخوف. مثلما في كل تصريح حركة تصدره الادارة المدنية يشار الى الهدف الذي اعطي من اجله، هنا الهدف هو “ساكن جديد في منطقة التماس”. هذا التعريف غير مفهوم، قالت بركات. بيت اكسا والنبي صموئيل هي قرى قديمة، والعائلات الفلسطينية تعيش فيها منذ مئات السنين. حي الخلايلة اقيم في بداية السبعينيات. المصدر الامني وافق على ان صياغة “ساكن جديد في منطقة التماس” غير ناجحة. ولكنه قال للصحيفة بان القصد هو ان هذا التصريح جديد. حسب قوله ايضا يجب عدم اعطاء أي اهمية خاصة للون البطاقة الممغنطة البرتقالي. وقد تم اعطاء مهلة للسكان حتى 9 تشرين الثاني كي يرتبوا امورهم، وبعد ذلك ستصبح هذه التصاريح سارية المفعول.
الهدف المشار اليه في التصريح هو “منطقة تماس”، رغم ان الوثيقة نفسها هي “تصريح دخول الى اسرائيل”، الذي “لا يشمل المكوث في ايلات”. في نفس الوقت مكتب فيه ايضا “من يحمل هذا التصريح مسموح له الدخول الى اسرائيل، لكن فقط الى المكان والهدف الذي تم تحديده فيه”، أي ان المكان والهدف هو منطقة التماس. مزيج الصياغات هذا يمكن ان يدل على ان السلطات تعتبر منطقة التماس كارض اسرائيلية، التي بالصدفة يعيش فيها عدد من الفلسطينيين الذين حصلوا على تصاريح من اسرائيل للمكوث في بيوتهم.
اعتبار المنطقة كاسرائيل طرح ايضا في المحادثة الطارئة في الاسبوع الماضي في بيت اكسا بين السكان والمحامين. نفس الصياغات توجد ايضا في التصاريح التي اعطيت للسكان في مناطق “تماس” اخرى، مثل جيب برطعة في شمال غرب الضفة الغربية. ايضا في تصاريحهم تعتبر منطقة التماس كاسرائيل. في نفس الوقت محظور عليهم الخروج منها الى اسرائيل. هذا مثال على الضم الفعلي من خلال اللغة والوعي الذي تشكله.
المنطقة الواقعة شمال بيت اكسا والنبي صموئيل كانت حتى بداية سنوات الالفين منطقة رابطة وتعج بالحياة بين شرق القدس وقرى المنطقة. بلدات بير نبالا وبيتونيا ومدينة رام الله. الان هذه المنطقة تقريبا شبه فارغة من الفلسطينيين. الجيش والادارة المدنية يمنعان ايضا سكان القرى القريبة الذين توجد لهم اراضي في هذا الجيب من الوصول اليها وفلاحتها، باستثناء بضعة ايام في السنة. سكان النبي صموئيل وحي الخلايلة سمح لهم حتى الآن بالدخول الى المنطقة والخروج منها في حاجز الجيب الذي توجد فيه قائمة باسمائهم. سكان بيت اكسا منعوا منذ عشرين سنة من السفر في الشارع الاقليمي الذي يربط بيتونيا والجيب مع المدخل الشرقي للقرية الذي تم اغلاقه. هم اضطروا الى السفر في طريق طويلة في شارع ترابي حفره الجيش الاسرائيلي في العقد الاخير في القرن الحالي. على المدخل الغربي للقرية، في الطريق من قرية بدو، يوجد حاجز يسمح لهم فقط بالدخول. صعوبات العزلة والانقطاع ادت الى تقديم عدة التماسات للمحكمة العليا. بيان الدولة عن اعتبار بيت اكسا منطقة تماس كان ردا على الالتماس الاخير.
حسب المصدر الامني فانه حتى نهاية السنة يجب على سكان القرى الثلاثة تقديم اثبات بانهم لم ينقلوا مكان السكن الى منطقة اخرى. عندها سيحصلون على تصريح مدته اربع سنوات من اجل المكوث في بيوتهم والوصول اليها. هذا الطلب ايضا، اثبات مكان السكان، يثير قلق السكان.
ابناء العائلة، حتى من الدرجة الاولى، والاصدقاء في مناطق الضفة الغربية لن يسمح لهم بزيارة هذه التجمعات الثلاثة الا في حالات استثنائية. التصاريح لمقدمي الخدمات تعطى بالقطارة. مثلا، فقط مرة في الشهر تاتي شاحنة لاخلاء القمامة في النبي صموئيل. الجنود على الحواجز يحددون نوع الاغراض وكمية الطعام التي ينقلها الاشخاص في سياراتهم. رغم ان الامر يتعلق بعائلات كبيرة والحاجة الى التوفير في شراء الغذاء من خلال العبوة الكبيرة.
في 1971 طرد الجيش سكان النبي صموئيل من البيوت القديمة الموجودة على سفح القلعة الصليبية، المسجد وقبر النبي شموئيل، حسب الاعتقاد التقليدي. من بقوا بعد الطرد وهدم بيوتهم انتقلوا الى السكن على سفح التلة، في بيوت صغيرة لسكان آخرين لم يعودوا من الاردن. خلال سنوات بعد ذلك حاولت السلطات ونشطاء يهود افراد شراء اراضي السكان، بنجاح جزئي ينطوي على ادعاءات تزوير وثائق. القرية ببيوتها وآثارها واراضيها الزراعية اعلن عنها في 1995 كحديقة وطنية. القرية تتميز بالمدرجات الاثرية، لكن يحظر على سكانها فلاحة اراضيهم وتربية القطعان. في هذه القرية وفي حي الخلايلة وفي اجزاء واسعة في بيت اكسا تمنع الادارة المدنية السكان من البناء وحتى اضافة طوابق لبيوتهم من اجل استيعاب العائلة التي توسعت.
هذه العوامل معا منعت التطور الطبيعي للقرى الثلاثة، واجبرت بعض الاشخاص على البحث عن مكان سكن بديل في الضفة الغربية، رغم أن العنوان في بطاقة الهوية بقي على حاله. هناك ايضا من يتواجدون في الخارج لفترة طويلة. عدد من يعيشون في هذه التجمعات أقل مما يمكن أن يكون في ظروف طبيعية، 2000 شخص في بيت اكسا وبضع مئات في التجمعين الاخرين. الآن، مع واجب حمل التصريح الجديد فان الخوف هو ان الكثيرين الذين يوجدون خارج بيوتهم لن يسمح بعودتهم اليها.
عندما اسست اسرائيل نظام التصاريح وحظر الدخول الى منطقة التماس في بداية القرن الحالي، وعدت المحكمة العليا بان حق الملكية وفلاحة الارض من قبل المزارعين (الذين يعيشون شرق الجدار) لن يتم المس به. ولكن مع مرور السنين فان عدد التصاريح الذي اعطي لاصحاب الاراضي من اجل الوصول الى اراضيهم في تناقص. في السنتين الاخيرتين منعت اسرائيل بشكل كامل الوصول اليها، ولن يسمح لهم بقطف الزيتون، وحتى في جيب النبي صموئيل. هذه المناطق الزراعية اصبحت منذ زمن مناطق للتنزه ورئة خضراء للمستوطنات.
في حالة استكمل بناء جدار الفصل وشمل المسار المخطط له، 716 كم مربع، فستكون المنطقة المحظور دخول الفلسطينيين اليها 540 كم مربع. اضافة الى ذلك هناك مناطق واسعة في الضفة الغربية مغلقة رسميا امام مكوث الفلسطينيين وفلاحة الاراضي والرعي والسكن لاسباب مختلفة (بالاساس مناطق تدريب، وقرب المستوطنات). حسب حسابات جمعية “كيرم نبوت” فانه في 2015 احتلت هذه المناطق ثلث اراضي الضفة الغربية، 1770 كم مربع. في السنوات الاخيرة البؤر الاستيطانية والمزارع سيطرت برعاية الجيش الاسرائيلي على 14 في المئة تقريبا من اراضي الضفة، أي 780 كم مربع. هذا حسب بحث مشترك لحركة “السلام الآن” وجمعية “كيرم نبوت”، الصادر في شهر نيسان الماضي. حسب هذا البحث فان 324 كم مربع هي داخل ما يعتبره الجيش الاسرائيلي مناطق تدريب. بكلمات اخرى، باستثناء التداخلات يجري ضم منطقة بمساحة تبلغ 2220 كم مربع بحكم الامر الواقع. مع حظر تواجد الفلسطينيين فيها أو الحد من ذلك الى الحد الادنى، سواء بأمر رسمي أو بقوة السلاح وتهديد البؤر الاستيطانية. وفيما يتعلق بالضم غير العلني والتعامل مع التواجد الفلسطيني على أنه “عرضي” فان منطقة النبي صموئيل ومنطقة بيت اكسا ليست امر فريد.
——————————————
إسرائيل اليوم 29/9/2025
لا يمكننا أن ننجح في نفس الوقت في كل الجبهات
بقلم: آفي برئيلي
تقف إسرائيل امام جبهة سياسية غير سهلة، هي بالذات نتيجة نجاحاتها العسكرية. استعدادها للقتال في سبيل حياتها بشجاعة وبكفاءة وتفوقها التكنولوجي والاستخباري يخيف ليس فقط اعداءها المباشرين، ايران وفروعها بل أيضا خصوما غير وديين كتركيا ومصر.
السعودية أيضا، التي تحررت بفضلنا من رعب ايران، تتفرغ “لمعالجتنا” من خلال طرح “القضية الفلسطينية”. فضلا عن ذلك فان الخوف من القوة الإسرائيلية هو أيضا السبب لموجة سياسية مناهضة لإسرائيل في أوروبا، في شمال أمريكا وفي استراليا، دول تزعم انها مؤيدة لإسرائيل طالما لا تخرج دولة اليهود عن حجومها، حسب رأيها.
ان عظمة القوة النسبية التي اظهرتها إسرائيل لا توقظ فقط اللاسامية الغافية في الغرب وتربطها باللاسامية الإسلامية النشطة – بل توقظ عدم ارتياح أخلاقي وتوقظ استيعابا لدعاية فظاعة كاذبة حتى في أوساط ليست لاسامية. السبب العميق لهذا هو أن عظمة القوة النسبية لإسرائيل تعتبر كتهديد على مصالح امبرياليات سابقة، كفرنسا وبريطانيا، ممن هم غير معنيين بشرق اوسط تعطي فيه الولايات المتحدة وإسرائيل النبرة الأساسية فيه، ومثلهما أيضا امبراطورية سابقة أخرى، تركيا. هذا ما صعده جدا الضعف العام الذي ألم بالبلدان الديمقراطية، حيث أن موقف الضعف نفسه يبعث على الغضب تجاه من يعد كـ “قوي”.
لكن الديمقراطيات متعلقة بامريكا ولا يمكنها أن تخرج ضدها، رغم أنها تكره إدارة ترامب. في واقع تعلق هذه الديمقراطيات بامريكا، فان إسرائيل هي أداة مريحة في يدها للتعبير عن قدر من الاستقلال، لان تكون “الفأر الذي زأر”. صحيح ان بريطانيا اليوم ليست بريطانيا لويد جورج واللورد بلفور، ليس بوسعها أن تجعل دولة عربية وهمية الى واقع عسكري – سياسي. لكن حتى في ضعفها فان الديمقراطيات الغربية قادرة على ان تضر بنا وتمس بمصالحنا الحيوية.
في مثل هذا الوضع هناك حاجة لرباطة جأس ونزعة عملية. حذار علينا أن يزوغ بصرنا من انتصاراتنا العسكرية الى حد أقوال وكأن إسرائيل هي قوة عظمى. عظمة قوتنا النسبية هامة، ولا يزال بانتظارنا مستقبل، لكنها ليست غير محدودة. مثلما في 2023، الان أيضا علينا أن نقرر لانفسنا أولويات في الجبهات التي تقف امامنا. جوابنا للدبلوماسية الاعلانية المعادية التي تتخذها أوروبا، كندا وأستراليا ضدنا يمكنها أن تكون اغلاق قنصليات دول كفرنسا وبريطانيا في القدس. ينبغي أغلاق القنصليات التي تدعي تمثيل دول ترى في السلطة الفلسطينية “حكومة دولة”. لكن أساس جوابنا على الموجة المعادية ينبغي أن يكون تعظيم الاستيطان في السامرة ويهودا وتعميق صلته المباشرة بمؤسسات الدولة بلا وساطة وزارة الدفاع أو “منسق الاعمال في المناطق”، الذي انقضى زمنه. ان إحلال القانون في المناطق بالمقابل سيكون حاليا خطوة واحدة اكثر مما ينبغي يومه سيأتي اذا ما عملنا بحكمة.
أما قوتنا الدبلوماسية والعسكرية فينبغي استثمارها الان في اقتلاع حماس من معقلها العسكري والسياسي في غزة وتحرير المخطوفين. هذه مسألة حرجة تتعلق بالتركيز، فما بالك حين تكون إمكانية يعرض فيها ترامب خطة تخرب على مصالحنا الحيوية في غزة. يحتمل أن يضطر نتنياهو لان يعود الى طريق المناورات المعقدة التي اضطر لاتخاذها حيال الرئيس بايدن، كي يحتل رفح، يهاجم حزب الله ويصفي نصرالله. نتنياهو سيكون مطالبا عندها بكل مجال مناورة يمكنه أن يحققه. اما إحلال القانون في المناطق الان سيجعله يعلق هو والدولة في مكان خطير.
وبالتالي علينا ان نجري تفضيلا: حسم عسكري لحماس الان وتحرير مخطوفين. بعد ذلك فتح بوابات الهجرة من قطاع غزة وتغيير الوضع فيه من أساسه. في هذه الاثناء يمكن القمع بكثافة الإرهاب في المناطق مثلما نفعل ذلك وتعظيم الاستيطان هناك قدر الإمكان. لا يمكننا أن ننجح في نفس الوقت في كل الجبهات. سيأتي دور السيادة، والقانون الإسرائيلي سيحل على الاستيطان الإسرائيلي وعلى المناطق المفتوحة في السامرة وفي يهودا. سيأتي الوقت للابعاد الى خارج رام الله منظمة فتح وباقي توائم حماس. كل هذا منوط بانهاء المهمة في غزة.
——————————————
معاريف 29/9/2025
حماس وحيدة في غزة وقد تلجأ الى عمليات استعراضية لتحقيق إنجازات على الأرض
بقلم: افي اشكنازي
بعد أقل من عشرة أيام ستحل الذكرى الثانية لكارثة 7 أكتوبر وحرب السيوف الحديدية والان أيضا يعمل الجيش الإسرائيلي مع خمس فرق في داخل قطاع غزة. ثلاث من الفرق تنفذ في اللحظة حصارا ومناورة على وفي داخل مدينة غزة.
صحيح حتى اليوم توجد حماس مع الظهر الى الحائط، او للدقة مع الظهر الى البحر. لقد اعتقدت حماس بانه سيكون بوسعها تحدي الجيش الإسرائيلي في غزة. هي تعرف ان حربها غير متماثلة وشدة النار والقوة للجيش الإسرائيلي تفوق قوتها بالاف الاضعاف. وعليه فقد حاولت البناء على حبس نحو مليون غزي في المدينة وفي محيطها. بنت على أنها يمكنها في داخل السكان المدنيين ان تنفذ اعمال حرب عصابات، اطلاق نار قذائف هاون وصواريخ مضادة للدبابات على قوات الجيش الإسرائيلي الى جانب اقتحامات للقوات المتوقفة.
لقد بذلت حماس جهدا كي تمنع مغادرة السكان. كما استغلت أيضا المجال المديني المكتظ والمبني عاليا في مدينة غزة وفي مخيم اللاجئين الشاطيء، كي تبني منظومة دفاع فاعلة على حد نهجها ضد قوات الجيش الإسرائيلي. قدرت ان الجيش الإسرائيلي لن يدخل حقا الى المدينة كي ينفذ فيها مناورة حقيقية، مثلما فعل في رفح، في خانيونس وبيت حانون. بذلت جهدا حيال السكان – هددت المواطنين، اعدمت بعضهم كي تردع الباقي، إقامت حواجز كي توقف حركة الهاربين بل وادارت حربا على الوعي موجهة للمدنيين وروت بانه “في جنوب القطاع يوجد جوع وظروف اقسى لا تتيح البقاء على قيد الحياة”.
لقد كان السكان ورقة حماس حيال الجيش الإسرائيلي. عبرهم كان يمكنها أن تنفذ حملة التجويع العدائية. عبرهم كان يمكنها ان تبلغ عن قذائف الجيش الإسرائيلي التي اصابت المدنيين غير المشاركين. تحت رعايتهم كان يمكنها أن تعمل. ليس بعد اليوم. في الأيام الأخيرة باتت حماس محشورة. فقد سحب الجيش الإسرائيلي البساط من تحت اقدامها. مخيم اللاجئين الشاطيء في شمال مدينة غزة، خط الدفاع المركزي لحماس – افرغ من السكان. في غضون أسبوع خرج من المخيم نحو 200 الف شخص. ومن المنطقة خرج حتى الان اكثر من 800 الف شخص. حماس بقيت وحدها. حركتها محدودة.
الان حماس تنزل الى تحت الأرض كيف تحاول تحدي الجيش الإسرائيلي بعملية استعراضية. ستحاول جني مثل هذا الإنجاز او غيره لتهز الجمهور في إسرائيل. الأيام القريبة القادمة ستكون حرجة.
إسرائيل يمكنها الان ان تصل الى تسوية طويلة وان تملي صورة انهاء القتال. هذا يتطلب من القوات المناورة للجيش الإسرائيلي حدة وانضباطا عملياتيا كي لا تسمح لحماس بتحقيق إنجازات تكتيكية على الأرض.
هذا يتطلب من قادة المفاوضات في الجانب الإسرائيلي فحص الخطوة طويلة الأمد. الامريكيون يضعون على الطاولة اتفاقا يمكن لإسرائيل أن تتعايش معه بسلام وبأمن. اليوم في واشنطن سيتقرر الى اين نسير في غزة.
——————————————
هآرتس 29/9/2025
“إعدام أسرى فلسطينيين”.. محاولة لتفجير الصفقة وتسخين أجواء الحرب و”إعدام للمخطوفين”
بقلم: أسرة التحرير
أقرت لجنة الأمن القومي أمس بأغلبية 4:1، العمل على طرح مشروع القانون بفرض عقوبة الموت الإلزامية على المخربين للمصادقة عليه في القراءة الأولى. وإن كان المشروع ومضمونه يضمنان عقوبة الموت للمخربين، لكن النقاش والتصويت اللذين أجريا أمس كانا استفزازاً شعبوياً يستهدف تفجير اتصالات الصفقة، وتشديد وضع المخطوفين، وتسخين أجواء الحرب. لا يدور الحديث عن عقوبة موت للمخربين، بل عن عقوبة موت للمخطوفين.
لقد حذر نائب المستشار القانوني للجنة، المحامي عيدو بن إسحق، صراحة من أن التصويت في إجازة الكنيست محظور شرعاً. وكل هذا بعد أن قضت المستشارة القانونية للجنة والمستشارة القانونية للكنيست بعدم إجراء تصويت، وأنه ينبغي أولاً سماع محافل الأمن. رئيس اللجنة النائب تسفي بوغل، قال إن المستشارة القانونية للكنيست بالفعل طلبت منه ألا يجري تصويتاً وأنه “نظر” في الطلب ورفضه.
أيدت المشروع النائبة ليمور سون هار ميلخ (المبادرة للمشروع)، والنائب تسفي سوكوت، والنائبة تالي عوتليف وكذا النائب عوديد بورير من المعارضة (الذي بادر إلى مشروع مشابه، صوتوا عليه أيضاً). ولم يعارضه إلا النائب جلعاد كريف.
مشروع قانون على هذا القدر من التطرف، يتم العمل عليه في إغراء غير جائز شرعاً وبتعاون من المعارضة، مشروع عار. فليس القانونيون وحدهم من حذر منه. فمنسق الأسرى والمفقودين غال هيرش، جاء إلى اللجنة وطلب وقف النقاش الذي يعرض، في صيغته وتوقيته الحاليين، حياة المخطوفين للخطر. أما وزير الأمن القومي، بن غفير الذي اعترف بأن من هم في محيط نتنياهو طلبوا منه إلغاء النقاش – فبدلاً من التوقف، اختار التجاهل: “الجواب لا”.
بن غفير لا يهمه شيء سوى قاعدته القومجية – العنصرية. ولا تهمه عائلات المخطوفين. المحررون من الأسر وأبناء عائلات المخطوفين شهدوا العلاقة المباشرة بين استفزازات علنية في إسرائيل (تشديد ظروف السجناء، إعلانات عن “عقوبة موت”) وبين تشديد ظروف المخطوفين والعنف في الأنفاق. لكن مؤيدي القانون لم يرعوا، بل العكس: التنكيل بالمخطوفين، بل وإعدامهم سيكونان بالنسبة للحكومة دليلاً على وجوب تعميق الحرب ومواصلتها إلى ما لا نهاية. هذا الاستفزاز استمرار مباشر لخط العمل في ساحات أخرى، بما في ذلك تصفية مفاوضي حماس في قطر.
بغياب عنوان إسرائيلي لإنقاذ المخطوفين، لا يتبقى غير تعليق الأمل بأن يفرض ترامب في لقائه مع نتنياهو صفقة تعيد المخطوفين إلى إسرائيل.
—————–انتهت النشرة—————–