المسار : رغم المعارضة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ودون دعم معلن من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أقرَّ الكنيست الإسرائيلي أولى خطوات إقرار قانون بفرض “السيادة” الإسرائيلية على الضفة الغربية (ما يعني ضمها، رسميا، إلى إسرائيل).
يأتي التصويت، وهو الأول بين 4 إجراءات قبل إقرار القانون، بعد نحو شهر على إعلان ترامب أنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة، كما يتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس إلى تل أبيب.
ورغم أن نتنياهو لم يدعم المشروع، كما أن ترامب طالب برفضه، إلا أن مشروع “ضم الضفة” لم يكن وليد اللحظة، إذ سبقته خطوات أيدها كل من نتنياهو وترامب، وتسارعت بعد إعلان عدد من دول العالم تأييدها لقيام دولة فلسطينية، وكانت ذروتها في موافقة الكنيست قبل أشهر على إعلان “غير ملزم” بهذا الخصوص.
ماذا يعني “فرض السيادة”؟
فرض السيادة يعني تطبيق القوانين الإسرائيلية على الضفة، لتصبح جميع مناطقها جزءا من إسرائيل، وهو ما سيؤدي إلى أن تفقد السلطة الفلسطينية صلاحياتها، كما يقوّض أي مسعى نحو “حل الدولتين” أو قيام دولة فلسطينية، خاصة أن الضم يتيح توسيع بناء المستوطنات الإسرائيلية.
وكان أول رد فلسطيني صدر عن محافظة القدس التي وصفت التصويت بأنه يمثل “انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية”، وأنه يمثل “إعلانا رسميا” عن دفن حل الدولتين، وتقويض أي فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة”.
وقالت، في بيان، إن الخطوة تحمل تهديدات منها محاولة “تغيير الواقع الجغرافي، والديمغرافي، وفرض وقائع باطلة على الأرض”.
يضاف إلى ذلك أن وضع الفلسطينيين في الضفة سيتجه نحو المجهول بانتظار قرار إسرائيلي بهذا الشأن، إذ إنهم لن يتلقّوا قانونا معاملة المواطنين، وسيخضعون للقوانين الإسرائيلية بدلا من القوانين الفلسطينية أو الدولية.
وكان لافتا أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، لم يكتفِ بمعارضة التصويت بل إنه وصف التصويت بأنه “حملة تهدف إلى الإضرار بعلاقاتنا مع الولايات المتحدة”، حسبما نقلت “هيئة البث” الإسرائيلية.
ويأتي موقف الليكود انسجاما مع الموقف الذي سبق أن أعلنه ترامب، خاصة أن أكثر من 40 مشرّعا أمريكيا طالبوه بتعزيز ذلك الموقف، وعدم منح خطوة الضم الموافقة الأمريكية، وحثّوه على اتخاذ خطوات للحفاظ على حل الدولتين.
لكن الواقع أن نتنياهو كان قد دعا، منذ نحو 5 سنوات، لتلك الخطوة التي كانت أيضا جزءا من خطة أعلن عنها ترامب العام 2020.
كما أن الكنيست سبق أن أقر، في يوليو الماضي، إعلانا “غير ملزم” يدعو إلى تطبيق السيادة على الضفة الغربية، وجاء ذلك بعدما كان أقر رفضه القاطع لقيام دولة فلسطينية.
وكان الكنيست أقر، في مايو من العام 2024، قانونا يقضي بضم مستوطنات جنوبي مدينة الخليل، إلى “سلطة تطوير النقب”، وهو أحد مشاريع “قوانين الضم”.
تحديات
يعكس طرح مشروع القانون أمام الكنيست حالة انقسام سياسي في إسرائيل، وسط تغيّرات جذرية في المنطقة، خاصة مع التحركات الأمريكية لفرض تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وفقا لخطة أعلنها ترامب ويسعى إلى تحقيقها بإشراف أمريكي واضح، وهي تحركات وجدت من ينتقدها في الداخل الإسرائيلي بوصفها إدارة أمريكية لتحديد مستقبل غزة.
وعكست الصحافة الإسرائيلية بُعدا آخر لطرح المشروع، والذي يتمثل في الموقف من الإدارة الأمريكية لملف الحرب في غزة، وهو ما وجد فيه سياسيون إسرائيليون انتقاصا من السيادة الإسرائيلية، إذ أعلن رئيس حزب “نوعام” آفي ماعوز، الذي طرح تطبيق “السيادة على الضفة”، رفضه لطلب نتنياهو بتأجيل تقديم مشروع القانون، قائلاً إن “إسرائيل هي دولة ذات سيادة وهذا هو وقت السيادة”.