المسار :أصبح فندق “إل بالاس” التاريخي في برشلونة، المعروف سابقا باسم “ريتز”، ملكا للدولة الجزائرية منذ أسابيع قليلة، بحسب ما أوردته صحيفة لافانغوارديا الإسبانية في عددها الصادر بتاريخ 28 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
ويُعد “إل بالاس” أقدم فندق فاخر في مدينة برشلونة، إذ افتُتح سنة 1919 في شارع “غران بيا دي ليس كورتس كاتالانس” رقم 668، ثمرة مشروع أطلقه القيصر الشهير في عالم الفنادق سيزار ريتز والسياسي الكتالوني فرانسيسك كامبو، قبل أن يتوفى ريتز قبيل افتتاحه. ويحتوي الفندق على 120 غرفة وجناحًا ومطعمًا وإطلالة أخاذة على المدينة، وهو معروف باستقباله ممثلين وشخصيات عالمية.
وفي عام 2011، اشترى رجل الأعمال الجزائري علي حداد الموجود حاليا في السجن، الفندق من مجموعة “هوسا” الإسبانية مقابل نحو 80 مليون يورو، وفق ما أكدته الصحيفة الإسبانية.
في عام 2011، اشترى رجل الأعمال الجزائري علي حداد الموجود حاليا في السجن، الفندق من مجموعة “هوسا” الإسبانية مقابل نحو 80 مليون يورو
وحسب المصدر ذاته، انتقلت ملكية الفندق إلى الدولة الجزائرية، ممثلة في الصندوق الوطني للاستثمار (FNI)، عبر إجراء قانوني خاص يُعرف باسم “الدفع عينا” بتاريخ الأول من آب/ أغسطس الماضي، وذلك عقب إجراءات قضائية أكدت فيها الجزائر بأن عملية شراء الفندق الأصلية تمت بأموال جرى تحويلها بطريقة غير مشروعة.
وفي خطاب رسمي له، أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن الجزائر “استعادت فندقا فخما من فئة خمس نجوم في إسبانيا كان قد تم اقتناؤه بأموال غير قانونية”، في إشارة إلى هذه العملية.
ورغم إعلان الجزائر استرجاعها الكامل للعقار، تشير لافانغوارديا إلى أن عملية التسجيل العقاري في إسبانيا ما تزال تخضع لإجراءات تقنية، إذ أفاد السجل العقاري في برشلونة بوجود ملاحظات إدارية مؤقتة، ما يوحي بأن الخطوة تمت باتفاق مدني أكثر من كونها نتيجة حكم قضائي.
كما لم يُحدد بعد من سيُدير الفندق فعليا داخل الأراضي الإسبانية، سواء من حيث العلامة التجارية أو رخصة التسيير، في انتظار استكمال الجوانب القانونية والإدارية الخاصة بالملكية والاستثمار الأجنبي.
وبقي موضوع استرجاع هذا الفندق الذي سبق للرئيس تبون الحديث عن استعادة ملكيته سنة 2023 موضع جدل بعد تشكيك مجلة جون أفريك الفرنسية في ذلك. وفي تحقيق لها نشرته في ذلك الوقت، ذكرت أنها فتشت في وثائق الملكية ووجدت أن هذا الفندق لم يعد ملكا لرجل الأعمال المسجون علي حداد، فقد انتقلت ملكيته حسبها منذ 2021 إلى شركة “روايال بلو بيرد”، والتي تديرها وتعتبر مالكة لها امرأة تدعى راضية بوزيان ومواطنة جزائرية تحصلت على الجنسية الإسبانية. وكانت صفحة استحواذ علي حداد على هذا الفندق قد تمت سنة 2011، بقيمة اختلف حولها بين من يقول إنها كانت في حدود 58 مليون يورو ومن يشير إلى أنها فاقت 80 مليون يورو.
يوجد علي حداد حاليا في سجن تازولت في باتنة شرقي الجزائر، وهو مدان بـ18 سجنا نافذا بعد تورطه في عدة قضايا تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ والحصول على صفقات مشبوهة
ويوجد علي حداد حاليا في سجن تازولت في باتنة شرقي الجزائر، وهو مدان بـ18 سجنا نافذا بعد تورطه في عدة قضايا تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ والحصول على صفقات مشبوهة وتمويل حملات الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة الانتخابية، كما سبق للقضاء الجزائري أن فتح تحقيقا بشأنه يخص دفع جهات مقربة منه مبلغ 10 مليون دولار لمكتب لوبي أمريكي في باريس من أجل الضغط على الحكومة الجزائرية للإفراج عنه.
ورغم المساعي التي تبذلها السلطات الجزائرية لاسترجاع الأموال والأصول الخاصة بالمسؤولين ورجال الأعمال الفاسدين في الفترة السابقة التي تم تهريبها للخارج، إلا أن هذه الجهود تصطدم بالإجراءات الثقيلة والمسارات المعقدة التي يتطلبها هذا النوع من العمليات.
ولحد الآن، قالت الحكومة إن القضاء الجزائري قدم 219 إنابة قضائية دولية نفذت 43 منها، فيما تجري معالجة 156 أخرى من قبل السلطات القضائية الأجنبية المعنية. وهذه الإنابات تشمل طلبات للتحقيق وحجز أرصدة بنكية وأصول يمتلكها متابعون من قبل القضاء الجزائري في الخارج.
وفي إطار هذه المساعي، تم الانخراط في العديد من الاتفاقيات والآليات الدولية للتعاون في مجال مكافحة الفساد، وتفعيل جهاز اليقظة الذي سمح، حسب الحكومة، بـ”استرجاع أملاك عقارية ومنقولة هامة، وتفادي تهريب هذه الأموال إلى الخارج”، وفق الحكومة الجزائرية.
ويعد ملف استعادة الأموال المنهوبة من أبرز تعهدات الرئيس عبد المجيد تبون الانتخابية سنة 2019. وعلى المستوى الداخلي، سمحت تحركات القضاء باسترجاع ومصادرة أصول ومبالغ كبيرة، قدرها الرئيس الجزائري في تصريحاته الأخيرة بما يعادل 30 مليار دولار.
وسبق لوزارة العدل أن كشفت عن استرجاع 4213 من الأملاك العقارية و401 عقارا صناعيا و229 عقارا فلاحيا ضخما. أما الأملاك المنقولة، فاسترجع منها 23774 ملكية منها 7000 سيارة. كما ذكرت أنه تم استرجاع مبلغ 54 مليار دينار هي عبارة عن قروض أخذها متعامل واحد، وهي ما يعادل نحو 300 مليون دولار لوحدها بين 2019 و2021.

