الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

اسرائيل اليوم 18/11/2025

اتفاق غزة على مفترق طرق

بقلم: مئير بن شباط رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي السابق، رئيس معهد مسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية

هل الانتقال إلى تطبيق المرحلة الثانية من خطة ترامب في غزة يصب في مصلحة إسرائيل؟

وفقًا للخطة المتفق عليها بشأن قطاع غزة، يُفترض أن تُوفر المرحلة الثانية للفلسطينيين أحد أهم إنجازاتهم بعد توقف الحرب: انسحاب إسرائيلي كبير من قطاع غزة، يشمل المناطق الجنوبية والشمالية والشرقية الخاضعة حاليًا لسيطرة الجيش الإسرائيلي، باستثناء شريط أمني ضيق على طول المنطقة الحدودية (المحيط الأمني). من المفترض أن تمهد هذه المرحلة الطريق للانسحاب الكامل في المرحلة الثالثة.

إن سيطرة الجيش الاسرائيلي على هذه المناطق اليوم لا تُحسّن الجاهزية الأمنية لمواجهة سيناريوهات مُختلفة فحسب، بل تُتيح لإسرائيل نفوذًا كبيرًا للضغط على حماس والدول الوسيطة لتلبية مطالبها. ويُمكن تقدير أن سعي حماس للعثور على جثث المختطفين وإعادتها ينبع أيضًا من هذا.

والآن، وبعد إعادة جميع الرهائن الأحياء ومعظم القتلى، يُصبح الانسحاب من هذه المناطق ثمنًا يُطلب من إسرائيل دفعه، وهو مصلحة للفلسطينيين وضامني الاتفاق، وليس لإسرائيل. في الوقت الراهن، ما يهم الإدارة الأمريكية أكثر من أي شيء آخر هو تثبيت وقف إطلاق النار. من وجهة نظرها، هذا هو الهدف الوسيط الذي يتطلب الانتقال إلى المرحلة الثانية وتهيئة زخم لتنفيذ الخطة. سيُرسي هذا واقعًا غير حربي على الأرض، يُمكّن الرئيس الأمريكي من تحقيق خططه السياسية الرئيسية، وعلى رأسها التطبيع مع السعودية.

 تفسير إبداعي 

وكما قال ترامب نفسه: “خلال الحرب، لم يتمكنوا من الانضمام، والآن الأمر مختلف”. مع ذلك، من وجهة نظر إسرائيل، ليس وقف إطلاق النار هو الهدف. لا يزال تفكيك قدرات العدو ونزع سلاح المنطقة الهدفين الرئيسيين في هذه الساحة، وكلاهما لم يتحقق بعد. علاوة على ذلك، وبصرف النظر عن التصريحات حول الالتزام بتحقيق هذه الأهداف، لم تُطرح أي خطة بهذا الشأن.

​​في ظل غياب تعريفات واضحة وملزمة، بدأ مصطلح “نزع السلاح” يحظى بتفسيرات إبداعية. فقد صرّح متحدثون مصريون بأنه يمكن تحقيقه من خلال اتفاق على وقف إطلاق النار، وليس بالضرورة على تسليم الأسلحة (نوع من “الهدنة”). وميّزت مصادر أخرى بين الأسلحة الهجومية والدفاعية، أو بين الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وذهب البعض الى ابعد من ذلك اقترحوا دمج العناصر المسلحة من المنظمات الإرهابية في القوات الفلسطينية، التي سيتم تدريبها على السيطرة وبالتالي حل المشكلة.

إلى جانب الإبداع الوافر، فإن القاسم المشترك بين كل هذه الأفكار هو السعي لإيجاد حل يسمح بالتعايش مع الوضع والشعور بالنقص. السعي لإرضاء إسرائيل دون مواجهة حماس، بافتراض أن المنظمة الإرهابية لن توافق على التخلي عن سلاحها.

في الواقع، لم يسارع المتحدثون باسم حماس والجهاد الإسلامي إلى رفض مطلب نزع السلاح ونزعه علنًا فحسب، بل ظهرت فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ أولى بوادر استعادة القدرات العسكرية. في الأيام الأخيرة، شنت حماس حملة للضغط على إسرائيل للموافقة على إدخال مواد ومعدات ذات استخدام مزدوج، مدّعيةً أنها ضرورية لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة، في حين أنه من الواضح أن بعضها على الأقل سيُستخدم لاستعادة قدرات الإنتاج الذاتي للأسلحة داخل قطاع غزة.

أدرك السعوديون والإماراتيون هذا التوجه. وليس من قبيل الصدفة أنهما تراجعا وقلّصا مشاركتهما في العمليات المتعلقة بقطاع غزة. حتى لو لم يُصرّحوا بذلك صراحةً، لم يكن من الصعب تحديد تشكيكهم في تحقيق هدف نزع السلاح ضمن الإطار المُتفق عليه في خطة ترامب.

لا يُمكن لإسرائيل أن تكتفي بحلول سطحية. فنهجها تجاه قضية نزع السلاح في غزة لن يؤثر على هذه الساحة فحسب، بل سيؤثر أيضًا على جهودها لتفكيك حزب الله. الآن هو الوقت المُناسب لحسم هذه القضية، حيثُ تُعاني حماس وحزب الله من ضعفٍ نسبي، ولا تزال إسرائيل تتمتع بنفوذٍ كبير، مثل سيطرتها الواسعة على أراضي قطاع غزة.

وفقًا للاتفاق، فإن الانسحاب الإسرائيلي في إطار المرحلة الثانية مشروط بنشر قوة استقرار دولية داخل القطاع. وتُؤخر الخلافات حول تشكيل القوة، في أعقاب معارضة إسرائيل المُبررة لمشاركة القوات التركية، تحقيق هذا الشرط.

إلى جانب هذه المُعارضة المُستمرة، ينبغي على إسرائيل أن تُطالب بخطة مُفصلة لتنفيذ نزع السلاح النووي، والأهم من ذلك، أن تُعلن عن العناصر التي تراها مُتضمنة في نزع السلاح النووي. ينبغي استبعاد جميع الصيغ “المبتكرة” تمامًا، وتوضيح أن قطاع غزة يجب أن يبقى خاليًا من أي قدرة عسكرية: أسلحة خفيفة أو ثقيلة، ذخيرة، وسائل إنتاج، أنفاق، سفن وطائرات، وسائل اتصال واستخبارات، إلخ. بأسلوب بسيط وواضح وحاسم، مفهوم جيدًا ليس فقط في غزة وبيروت، بل أيضًا في أنقرة والدوحة والقاهرة.

——————————————-

يديعوت احرونوت 18/11/2025

على طريق التصعيد السريع في لبنان

بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين 

 لبنان دولة فاشلة تقودها الديناصورات. الدولة اليوم هي حزب الله. تسافر جنوبًا، فيُقدّم لك التنظيم الماء والتعليم والرعاية الاجتماعية، ولديه 40 ألف جندي مقارنة بـ 60 ألفًا في الجيش اللبناني. يتقاضى عنصر حزب الله 2200 دولار شهريًا، مقارنةً بـ 275 دولارًا في الجيش اللبناني. لا يزال التنظيم يمتلك ما بين 15 و20 ألف صاروخ وقذيفة تُهدد إسرائيل، ولهذا السبب يُواصل هجماته. إذا لم ينزع لبنان سلاح حزب الله، فسيفقد السيطرة بسرعة، وستكون الحرب مسألة وقت فقط.

هذه الكلمات المؤثرة صدرت عن توم باراك، السفير الأمريكي لدى تركيا ومبعوث ترامب إلى لبنان وسوريا، قبل نحو أسبوعين، وهي ترسم صورة قاتمة ومقلقة لحاضر لبنان ومستقبله. بعد نحو عام من انتهاء الحملة ضد حزب الله – وهو أحد أبرز إنجازات إسرائيل منذ 7 أكتوبر، والذي تضمن أضرارًا جسيمة لحقت بقيادة المنظمة وترسانتها الصاروخية والبنية التحتية الهجومية التي بنتها قرب الحدود – تتراكم المؤشرات المقلقة: فالحكومة اللبنانية الجديدة بقيادة الرئيس جوزيف عون، التي كان من المأمول أن تُحيّد حزب الله، تُظهر ضعفًا، والمنظمة المنهكة تتعافى بسرعة، جزئيًا بتشجيع من الإيرانيين (وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية، حوّلت طهران نحو مليار دولار إليها منذ بداية العام).

منذ وقف إطلاق النار، هاجمت إسرائيل بالفعل كل تهديد يُشكّله حزب الله (التخطيط للهجمات، وتهريب الأسلحة، وإعادة بناء البنية التحتية)، وقضت على نحو 340 عنصرًا من عناصر التنظيم، ولكن كما حدث في معركة ما بين الحربين قبل 7 أكتوبر، فإن الهجوم الجاري لا يواكب وتيرة إعادة الإعمار. يوضح تل باري، الخبير في شؤون حزب الله: “ينصب التركيز على استعادة أنظمة إنتاج وإصلاح الأسلحة – الصواريخ بشكل رئيسي، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة والحوامات، وتهريب الأموال والأسلحة – عبر سوريا وبحرًا، بالإضافة إلى تجنيد عناصر جدد وتعيين قادة ليحلوا محل الكثيرين الذين تم القضاء عليهم”. في ضوء الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية للمنظمة في جنوب لبنان، ينتقل مركز الثقل شمال الليطاني. ومع ذلك، أوضح لي مصدر أمني أن “حزب الله يسعى جاهداً لإعادة بناء البنية التحتية في الجنوب، ويُخفي عمليات نقل الأسلحة باستخدام مركبات مدنية”.

من جانبه، يُوضح حزب الله بشكل قاطع أنه لا يوجد حديث عن نزع السلاح، كما قررت الحكومة اللبنانية في خطوة غير مسبوقة في آب من هذا العام. وصرح نعيم قاسم، الأمين العام للمنظمة، هذا الأسبوع: “لن نتخلى عن الأسلحة التي تُمكّننا من الدفاع عن أنفسنا وعن لبنان. نحن من نتعرض للهجوم. لن يُغير الضغط والترهيب موقفنا. إسرائيل تختلق ذريعة جديدة كل يوم للهجوم، ومشكلتها هي وجودنا بحد ذاته”، مُضيفاً تلميحاً مُقلقاً إلى المستقبل: “لا يُمكن للوضع الحالي أن يستمر. لكل شيء حدود. قد يؤدي تصاعد التوترات إلى تدهور غير مُخطط له تمامًا: فمن المُرجّح أن يُؤدي استمرار الهجمات ضد حزب الله أو تعميقها قريبًا إلى ردٍّ من المنظمة، حتى لو كان محدودًا (إطلاق صواريخ على المنطقة الحدودية)، مما سيؤدي إلى ردٍّ أشدّ قسوة من إسرائيل. هذا على الرغم من أن حزب الله نفسه غير مُهتمّ حاليًا بتصعيد واسع، ناهيك عن عوامل أخرى في لبنان.

الجيش اللبناني في المنتصف، ورغم أنه أثار الإعجاب قبل عام عندما داهم منشآت حزب الله (من بين أمور أخرى، كما ورد، بناءً على معلومات تلقاها من إسرائيل)، إلا أنه مع مرور الوقت، يبدو أن قوته لم تتغير كثيرًا عما كانت عليه عشية الحرب. يوضح مصدر أمني: “رغم محاولات الولايات المتحدة والجهات العربية دفعه إلى الأمام، فإن الجيش اللبناني يفشل في منع حزب الله من اكتساب القوة”. ويضيف الدكتور يوغيف إلباز من مركز ديان بجامعة تل أبيب: “هناك خوف حقيقي من أن يؤدي تطور حملة واسعة النطاق إلى انسحاب الشيعة من الجيش اللبناني – فهم يشكلون حوالي 40 في المئة من المجندين وأكثر من ربع الضباط – وتفككه كما حدث في الماضي”. فبدلاً من التوتر الذي كان يؤمل أن ينشأ بين حزب الله والجيش اللبناني، غالبًا ما يكون هناك شعور بالوحدة في مواجهة الهجمات الإسرائيلية المستمرة. وقد تجلى هذا قبل حوالي ثلاثة أسابيع في أعقاب عملية للجيش الإسرائيلي في بلدة ليدا جنوب لبنان قُتل فيها مسؤول في البلدية. أصدر عون، وهو في حالة من الغضب، تعليماته لرئيس الأركان رودولف هيكل “بمواجهة أي غزو إسرائيلي للأراضي المحررة في جنوب البلاد”، الأمر الذي أشاد به نعيم القاسم، الذي دعا إلى “تعزيز الجيش اللبناني ليتمكن من وقف الجيش الإسرائيلي”.

يتأرجح الرأي العام اللبناني بين الإحباط والقلق في ظل تزايد احتمال تجدد الحرب وتلاشي الأمل في إرساء نظام جديد في البلاد. يُعلن عون، تحت ضغط أمريكي لتعزيز الحوار مع إسرائيل، أنه “لا بديل عن المفاوضات، ولكن من الضروري وقف الهجمات على الأراضي اللبنانية”. أما قادة المعسكر المسيحي، فكانوا أكثر صراحة. فقد صرّح النائب المسيحي سامي الجميل الأسبوع الماضي: “أنا أؤيد المفاوضات مع إسرائيل، وإصرار حزب الله على حمل السلاح بدلًا من الحكومة يُدمر البلد”. ويوضح الدكتور الباز: “في الخلفية، يتزايد الاستياء بين مئات الآلاف من اللبنانيين الذين نزحوا من الجنوب خلال الحرب ويواجهون عجز الحكومة وحزب الله”. في الواقع، من بين حوالي 16.000 منزل دُمِّر في جنوب لبنان، لم يُعَد بناء سوى حوالي مئة منزل حتى الآن، ويتجنب معظم المواطنين العودة إلى منازلهم مع استمرار الهجمات في الجنوب واقتراب فصل الشتاء.

في الوقت نفسه، تسعى جهات عربية أيضًا إلى منع التصعيد. في هذا السياق، تبرز مصر، حيث أرسلت مؤخرًا اللواء حسن رشاد، رئيس جهاز المخابرات العامة، إلى لبنان للترويج لمبادرة تقضي بوقف الهجمات الإسرائيلية على لبنان، والتزام حزب الله بتجميد ترسانته من الأسلحة (وهي فكرة طرحتها القاهرة أيضًا بشأن حماس)، وبدء نقاش معمق حول مستقبل القوة العسكرية للمنظمة وعلاقاتها مع حكومة بيروت. نظرًا للضعف الشديد الذي تعاني منه الحكومة اللبنانية، ورغبة حزب الله في استعادة قوته، ورفضه مناقشة نزع سلاحه، وفي ضوء دروس 7 أكتوبر بشأن قطع الطريق على التهديدات وهي لا تزال صغيرة وتجنب احتوائها، يبدو أن إسرائيل لن يكون أمامها خيار سوى الشروع في تحرك عسكري واسع النطاق قريبًا. تتراوح التقديرات في لبنان بين بضعة أيام من القتال وحملة واسعة النطاق تشمل مناورات برية في أجزاء من جنوب البلاد. وصرح شادي هيلانه، الصحفي المقرب من حزب الله، هذا الأسبوع: “يبقى السؤال المقلق: هل ستشرع إسرائيل في مغامرة عسكرية قبل زيارة البابا، أم ستكتفي بمواصلة تصعيدها المدروس بانتظار نتائج الزيارة؟”.

إذا اتُخذ قرارٌ بتحرك واسع النطاق، فمن المهم أن يكون مُركّزًا وذا أهداف محددة وواقعية: ليس “تدمير حزب الله”، بل تطهير جنوب لبنان من التهديدات، وتعميق الضرر اللاحق بالمواقع الاستراتيجية شمال الليطاني، والحفاظ على حرية إسرائيل في التحرك ضد التهديدات في الساحة الشمالية – على عكس قطاع غزة، حيث أصبحت حرية التحرك محدودة. لقد علّمنا العام الماضي أنه ليس من السهل (إن تيسّر أصلاً) القضاء على التنظيمات الدينية المتعصبة أو إجبارها على التخلي عن رؤيتها الأيديولوجية (لكل من سارع إلى مدح فكرة المقاومة)، وأنه من الأفضل التمسك بالأهداف القابلة للتحقيق، وتجنب الشعارات وإعلانات الانتصارات المطلقة (“مثل برلين عام 1945”). بدلاً من ذلك، يجب أن نستعد لحملات تتطلب جهوداً متواصلة وشرعية واسعة من الداخل والخارج. في هذه الحالة، يُنصح بالتركيز على أخطر “التهديدات المفتوحة”، وفي مقدمتها إيران وحزب الله، بدلاً من الانغماس في نظام استنزاف في القطاع تسبب في أضرار استراتيجية جسيمة.

——————————————

إسرائيل اليوم 18/11/2025

بازار تركي على حدود إسرائيل

بقلم: تسفيكا حايموفيتش

شهدت منظومة العلاقات بين إسرائيل وتركيا أياماً جميلة من التعاون الاقتصادي والسياحي وحتى الأمني، بما في ذلك في عهد حكم اردوغان الذي تسلم الحكم في العام 2002. أحداث مرمرة في 2010 كانت خط الفصل في تدهور العلاقات، واستمر هذا بإغلاق سفارة إسرائيل في تركيا (رغم أن تلك التي في إسرائيل، لشدة العجب، تواصل العمل، فمشوق أن نعرف أي مصالح تعمل عليها)، وعقوبات تجارية واقتصادية، ووقف مظاهر التعاون الأمني بين الدولتين، وإلى جانب كل هذا تصعيد شديد في خطاب أنقرة ضد إسرائيل، والذي يتصدره اردوغان بشكل شخصي. اردوغان وحزبه، حزب العدالة والتنمية، ذو الطابع الإسلامي المحافظ، تطرفا مع مرور السنين بعناصر الدين في قوانين وأنظمة تركيا. لم يخفِ اردوغان الهوية الإسلامية، والقومية التركية، والرغبة في علاقات أوثق مع العالم العربي، ومصالحه الإقليمية. عندما تكون هذه نقطة البداية، واضح أن منظومة العلاقات مع إسرائيل تكون في مسار صدام مباشر.

لشدة المفاجأة، في العام 2022 دون أي إعداد مسبق ومع زيارة الرئيس هرتسوغ إلى أنقرة، بدا أن العلاقات تعود إلى خطوط سير سليمة. فقد كانت لتركيا مصلحة في الغاز الطبيعي والاقتصاد المستقر، وكانت لإسرائيل الأسباب السياسية – الأمنية لمنع تموضع محافل إيرانية في إسطنبول. لكن 7 أكتوبر وحرب “السيوف الحديدية” أعادتا العلاقات إلى العام 2010.

تقرب خطير من الولايات المتحدة

منذ بداية الحرب واردوغان يدعي جرائم حرب ترتكبها إسرائيل في غزة. الرحلات الجوية بين الدولتين علقت، وشركة الطيران الوطنية التركية، وهي إحدى كبرى وأهم الشركات في أوروبا، أوقفت رحلاتها الجوية إلى إسرائيل. وقيدت تركيا مرة أخرى تصدير منتجات حيوية لإسرائيل، وأصبح التراشق اللفظي بين الطرفين أمراً اعتيادياً.

شاهدت تركيا التغيير الجاري في الشرق الأوسط وأساساً ما تلقته الدولة التي كانت تعتبر إحدى القوى العظمى الإقليمية، إيران، تتلقى ضربات قاسية سواء في أراضيها أم في فروعها في المنطقة. وشخصت هذا كنقطة مناسبة للاستيلاء على مكان ونفوذ إيران في الشرق الأوسط. مع ثورة الشرع، حاولت تركيا الاستيلاء على معاقل عسكرية في الأراضي السورية، المحاولة التي أدت إلى عمل إسرائيل وسلاح جوها للهجوم على القاعدة في T4 حيث قوات تركية أيضاً. هذه العملية نجحت، لكن هذا لم يمنع تركيا من أن تصبح سيدة الرئيس السوري الجديد. والدليل: قبل نحو أسبوع، رافق زيارة الرئيس السوري إلى البيت الأبيض “المربي” الملاصق، وزير الخارجية التركي، وهذه سابقة لم تر تقريباً في زيارات رؤساء الدول.

وهذا لا يشهد فقط على تقرب بين تركيا وسوريا، بل على تقرب أخطر من ناحية إسرائيل بين الولايات المتحدة وتركيا. فقد أصبح اردوغان الصديق المقرب والطيب لترامب، والأخير يحرص على انضمام اردوغان وتركيا إلى كل حدث ومسيرة في الشرق الأوسط. مثل إعلان اتفاق وقف الحرب في غزة، وإعلان القاهرة، هكذا أيضاً المسألة الفلسطينية في غزة التي تتطابق وأيديولوجيا اردوغان وخطابه.

عملياً، أدخل الرئيس الأمريكي تركيا واردوغان إلى حدود إسرائيل بشكل ليس لإسرائيل الكثير مما تقوله أو تفعله.

لا في غزة ولا في سوريا

إن استمرار التقرب الأمريكي والتركي وتوسيع سيطرة اردوغان في منطقتنا (سوريا وغزة) بما في ذلك صفقات سلاح ذات مغزى وبينها توريد طائرات الشبح F35 لتركيا، ستساعد في تثبيت أنقرة بمكانة لاعب أساس في الشرق الأوسط وتحقيق تطلعات تركيا في الهيمنة على العالم العربي والإسلامي. ربما نشهد (من السابق لأوانه ان نعرف بعد) تبادل أجيال وسيطرة بين إيران وتركيا في المنطقة رغم أن إيران لن تتنازل بهذه السرعة.

على إسرائيل أن تفعل كل شيء لمنع الجيش التركي من تثبيت سيطرته في المنطقة، لا كقوة سلام في غزة ولا كسيد في سوريا. للولايات المتحدة دور مهم في ذلك، وهذه هي القناة التي ينبغي لإسرائيل العمل فيها لتحقيق الهدف.

حتى حينه، من المجدي التقليل من التصريحات الحماسية (“اردوغان سيرى غزة بالناظور”) والعمل بدبلوماسية حكيمة مع أعمال من تحت الرادار من أجل الحفاظ على مصالح إسرائيل.

تركيا، عضو في الناتو مع جيش أكثر تطوراً وحجماً من جيش إيران، ربما تضع أمام إسرائيل تحديات مركبة بقدر لا يقل. ليس هذا هو زمن فتح ساحة جديدة، وينبغي عمل كل شيء كي لا نتدهور إلى هناك. ربما، من يدري، فقد يعيد التقرب بين تركيا والولايات المتحدة السياح الإسرائيليين لتناول البقلاوة في إسطنبول.

——————————————-

يديعوت احرونوت 18/11/2025

استدعاءات الاحتياط تضاعفت عشر مرات حتى العام 2026

بقلم: يوآف زيتون

الخلافات بين جيش الدفاع الإسرائيلي ووزارة المالية حول ميزانية الدفاع، في فترة ما بعد الحرب، لا تزال بعيدة عن الحل لأن الجانبين لم يناقشاها بعد – لكن بنود الاستعدادات للعام المقبل تكشف عن العبء الذي سيظل على جنود الاحتياط، والواقع الأمني ​​الخطير مع الوجود المكثف للجيش الإسرائيلي على الأرض في جميع الساحات وعلى جانبي الحدود.

يستعد الجيش الإسرائيلي لـ”خدمة عسكرية مكثفة” لمدة عام على الأقل، حتى العام 2026، مع حوالي 60 ألف جندي احتياطي في أي لحظة في المتوسط ​​العام، وذلك في ظل سيناريو هادئ لا يشمل أي تصعيد أو عمليات برية في لبنان أو قطاع غزة. وقد نوقش هذا في منداولات مشتركة بين كبار قادة الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية في الأسابيع الأخيرة، وفقًا لما علمته صحيفتا “Ynet” و “يديعوت احرونوت”. ويمثل هذا أكثر من نصف القوات القتالية وأفراد الدعم القتالي الذين سيرتدون الزي العسكري العام المقبل، مقارنةً بالقوات النظامية، وستتحمل ميزانية الدفاع جزءًا كبيرًا من التكاليف الباهظة.

كشفت Ynet ويديعوت مؤخرًا أنه ابتداءً من كانون الثاني، ستعود عمليات استدعاء الاحتياط إلى النخدمة وليس إلى أوامر مدتها 8 أيام، وتنص الاتفاقية، التي لم تُعتمد نهائيًا بعد، على حصة تصل إلى شهرين ونصف من جنود الاحتياط سنويًا لكل جندي. كانت هذه أيضًا الخطة للعام 2025، أي قبل عام تقريبًا، إلا أن صفقة الرهائن التي كان من المقرر تنفيذها بالكامل في كانون الثاني من هذا العام لم تُنفَّذ في النهاية، وامتد استمرار القتال في قطاع غزة إلى عمليتي عربات جدعون أ و ب. هذا يعني أنه في غياب كتائب نظامية جديدة من الحريديم، كما كان الجيش الإسرائيلي يستعد ويأمل في تجنيدهم هذا العام، لن يكون من الممكن إعفاء قوات الاحتياط العام المقبل.

هذا عبء ثقيل ليس فقط على العسكريين، ولكن أيضًا من حيث الميزانية. لا خلاف على أمر واحد في وزارة المالية والجيش الإسرائيلي: كل كتيبة نظامية جديدة توفر ما لا يقل عن سبع كتائب احتياطية للعمليات في مختلف القطاعات كل عام، لأن تكلفة القوات النظامية التي تعتمد على المجندين أقل بكثير من تكلفة قوات الاحتياط.

 أربع سنوات من “الخلاف”

تتعلق إحدى الخلافات الرئيسية بالتعديل السريع للتشريع الذي سيُرسَّخ في قانون التسويات: تُطالب وزارة المالية بإغلاق خدمة الاحتياط السنوية، التي تبلغ شهرين ونصفً، حتى العام 2026 فقط، ثم إعادة النظر فيها وفقًا للاحتياجات والقيود العملياتية والتطورات الأمنية. في حال حدوث مزيد من التسهيلات في الوضع أو إبرام اتفاقيات جديدة تُفضي إلى انسحاب القوات من مواقع الجيش الإسرائيلي في المناطق الأمنية التي نشأت نتيجة الحرب في الأراضي السورية أو اللبنانية أو غزة، فإن الجيش سيحتاج إلى عدد أقل من قوات الاحتياط للدفاع عن البلاد.

مع ذلك، يُعارض رئيس الأركان، إيال زمير، هذا الرأي، ويطالب بتخصيص شهرين ونصف من جنود الاحتياط سنويًا لكل منصب على مدار السنوات الخمس المقبلة. المقصود هو الأمن على المدى الطويل: من الناحية المهنية، ترى هيئة الأركان العامة أن إسرائيل ستظل في سنوات أمنية متوترة ومعقدة حتى النصف الثاني من العقد، مهما كان السيناريو. الآن فقط، على سبيل المثال، تضاعف عدد قوات الدفاع في فرقة الجليل مرتين ونصف عما كان عليه حتى 7 أكتوبر، مع وجود عدد قليل منهم فقط في مواقع “المدافع” الخمسة قرب الحدود على الجانب اللبناني. إن شنّ عملية جوية واسعة النطاق ضد حزب الله مسألة وقت فقط، واحتمال أن تُرافقها عملية برية محدودة أمر وارد. من باب التناسب، كان لدى الجيش الإسرائيلي في 6 أكتوبر2023 حوالي 6000 جندي احتياطي، مقارنةً بـ 60 ألفًا سيبقون هناك، على الأقل، في أي لحظة من العام 2026.

الآثار المالية لأيام الاحتياط هائلة: فكل يوم خدمة لجندي احتياطي يُكلّف الدولة حوالي 1100 شيكل، بعد حرب طويلة أفسدت القيم الأساسية في الجيش الإسرائيلي وتسببت في تناقضات صارخة بين الضباط والجنود خلال أيام الاحتياط، وهي ظواهر تزداد شيوعًا. كما أن تحقيقات داخلية قد بدأت داخل الجيش ضد إساءة استخدام هذا المورد الثمين، والذي كلف، وفقًا لوزارة المالية، حوالي 70 مليار شيكل (الميزانية السنوية للجيش وحدها، سنويًا، في السنوات التي سبقت الحرب) كميزانية مباشرة على مدى عامي الحرب، و110 مليارات شيكل أخرى كتكلفة غير مباشرة على الاقتصاد.

 تُطالب وزارة المالية الجيش بتقليص هدر أيام الاحتياط، الذي بلغ ذروته عندما كان يُدفع للموردين الذين يقدمون خدمات لوحدات الاحتياط أجورٌ على شكل عدة أيام احتياط، حتى لو خدموا ليوم واحد أو أكثر. وقد أصدر الجيش مؤخرًا أمرًا يُفترض أنه يُنظم هذه المسألة، ويحد من عمليات الضم إلى وحدتين سنويًا لجنود الاحتياط الذين ينتقلون للعمل في الجيش عمليًا، ويُقلل من عدد الجنود النظاميين لجنود الخطوط الخلفية الذين يأتون للعمل في الجيش بنظام المناوبات فقط.

أجرينا حسابًا ووجدنا أن هناك حوالي 17,000 جندي احتياط لم ينخفض ​​عددهم منذ 7 أكتوبر بمحض إرادتهم ولأسباب اقتصادية. هذه أربعة ألوية كاملة كان بإمكان الجيش إنشاؤها بينما يزعم نقص الجنود،” كما تزعم وزارة المالية، “وذلك بعد أن رفعنا “الحد الأدنى للأجور” في بداية الحرب لجنود الاحتياط إلى حوالي 9000 شيكل شهريًا، بالإضافة إلى المزايا والمنح المتنوعة بالمليارات التي أغدقناها على جنود الاحتياط، كما سنواصل القيام به العام المقبل.”

وفي هذا الصدد، يُصرّح الجيش بأن كل إطار عمل جديد، من مستوى الكتيبة إلى الفرقة، يستغرق عامًا أو عامين لتأسيسه، وحتى لو تم تأسيس لواء كامل (الحشمونائيون)، فلن يحدث ذلك قبل العام 2028: “يدعو الجيش إلى عمليات يومية سليمة، وحيثما توجد استثناءات، يتم التعامل مع هذا الأمر بصرامة. بالإضافة إلى ذلك، ندرس أفكارًا لمراقبة استخدام العمليات اليومية، وهناك أمور تحدث بشكل طبيعي في خضم فوضى الحرب الدائرة.

 في انتظار قرار رئيس الوزراء

مع ذلك، قد تتلاشى هذه الخلافات بسرعة على أرض الواقع الهش. لقد هُزمت حماس عسكريًا بالفعل في المستقبل المنظور، لكن الساحات الأخرى لا تزال مفتوحة. في صنعاء وطهران وبيروت، يُعيدون حساباتهم استعدادًا لجولة أخرى ضد إسرائيل، وتصفية حساباتهم معها على مدار العامين الماضيين. على سبيل المثال، هناك بندٌ آخر مهم في الخلاف يتعلق بـ”صندوق المفاجآت”. المصطلح المهني في جيش الدفاع الإسرائيلي لهذه القضية هو “كشف السر”. في عملية “عام كلافي” ضد إيران الصيف الماضي، استخرج جيش الدفاع الإسرائيلي سلسلة من القدرات المتطورة باهظة الثمن، من أسلحة خاصة وتقنيات متطورة، من خلال عمليات خداع مُدّخرة ليوم القيامة وتقنيات غير عادية أُخفيت خصيصًا لهذه الحملة، وذلك للنجاح في ضرب إيران، ودون دفع ثمن باهظ كهذا في شكل إسقاط مقاتلة إسرائيلية. طائرات أو إصابات أكثر خطورة في الجبهة الداخلية.

تبلغ الميزانية التي قدمها الجيش للعام المقبل حوالي 140 مليار شيكل، بناءً على اتفاق مع وزارة المالية بقيمة حوالي 100 مليار شيكل، ولكن بالإضافة إلى حسابات عمليات “عربات جدعون”، من وجهة نظر الجيش، واستنتاجات لجنة ناجل بشأن ميزانية الدفاع، والنفقات الإضافية اللازمة للبناء الفوري والضروري. يُبدي الجيش تشاؤمه في هذه المرحلة بشأن إيجاد حل، ويرجع ذلك أساسًا إلى غياب الحوار المباشر بين العناصر المهنية هذه المرة، على عكس الجولات السابقة في السنوات التي سبقت الحرب، بل عبر وسائل الإعلام بشكل رئيسي. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مُصمم على عدم الاستسلام في الصراع، بهدف بناء ميزانية دفاع مستقرة للسنوات القادمة، والسماح للاقتصاد بالعودة إلى النمو المرتفع رغم تكاليف الحرب، وتجنب المخاطرة بعقد اقتصادي ضائع، كما حدث بعد حرب يوم الغفران.

ينتظر الطرفان الآن بشكل رئيسي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي سيعقد جلسة نقاش ويحسم الخلاف. ينوي الجيش عرض التكاليف الباهظة لقطع الغيار، وساعات سفر الدبابات، والأسلحة للقوات البرية التي سيستهلكها الجيش العام المقبل، بالإضافة إلى أزمة القوى العاملة الحادة فيه، وآلاف الضباط والجنود النظاميين ذوي الكفاءة العالية الذين فروا إلى الجيش العام الماضي بسبب ضعف رواتبهم. اتفقت وزارتا الدفاع والمالية الأسبوع الماضي على خطة جديدة لتعزيز ظروف عمل الموظفين الدائمين بمليارات الدولارات، لكن في الوقت نفسه، تطالب وزارة المالية بإلغاء استحقاقات الرواتب القائمة منذ سنوات، مدّعيةً أنها غير موجودة في أي قطاع عام آخر. استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى تحول الجيش إلى جيش ضعيف، بثمن باهظ سندفعه جميعًا.

——————————————-

هآرتس 18/11/2025

الحكومة اضعفت الجيش حيال المستوطنين، والانفجار في الضفة يقترب

بقلم: ينيف كوفوفيش 

جهات رفيعة في جهاز الامن تحذر من ان اضعاف مكانة المستوى العسكري في الضفة الغربية كسيد على الارض، بضغط وزراء واعضاء كنيست في الائتلاف، يؤدي الى توتر امني من شانه ان يندلع في أي وقت. “لا يوجد اليوم من ينشغل بيهودا والسامرة”، قال مصدر امني للصحيفة. “الجميع يعرفون أننا على شفا الانفجار، لكن لا يوجد من ينهض ويتحدث. هناك خوف حقيقي لدى القادة على الارض من طرح مشاكل وتنفيذ القانون، لانهم على الفور سيصبحون هدف للمتطرفين الذين يحصلون على الدعم من وزراء واعضاء كنيست”. وحسب اقوال ضابط كبير كان مشارك في استخلاص نتائج مناورة كبيرة جرت في الاسبوع الماضي في فرقة يهودا والسامرة فان “الضفة هي الساحة الاكثر تفجرا”، رغم ان اسرائيل تركز على غزة ولبنان. “نحن نصمت، لكن حدث واحد يمكن ان يشعل كل يهودا والسامرة. كل الجيش الاسرائيلي سيعاني من ذلك في يهودا والسامرة”، قال.

حسب جهات رفيعة في جهاز الامن فان الحكومة وجهاز الامن لم يعقدوا منذ اشهر نقاش استراتيجي فيما يتعلق بما يحدث في الضفة. حسب اقوالهم فانه رغم انه خلال سنوات كانت هناك احداث كثيرة هوجم فيها ضباط وقادة كبار في قيادة المنطقة الوسطى على يد يهود في الضفة، الا ان الوضع الحالي هو الاصعب. هذا بسبب ان من يخرقون القانون والذين يعتدون على الفلسطينيين وعلى قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة يحصلون على دعم متخذي القرارات، الذين يخلقون لهم “مناخ مناسب” للقيام في الضفة بكل ما يخطر ببالهم. “فقط في الشهر الماضي كان هناك ست حالات التي بسهولة كان يمكن ان تنتهي مثلما حدث في قتل عائلة دوابشة في دوما”، قال احد القادة الميدانيين.

حسب ادعاء جهات في جهاز الامن فان وزير الدفاع يسرائيل كاتس رفع يديه عن أي تدخل فيما يحدث في الضفة. وحسب اقوال هذه الجهات فان بتسلئيل سموتريتش، الوزير في وزارة الدفاع ومن اخذ على عاتقه المسؤولية عن الادارة المدنية، يطبق مع الوزيرة اوريت ستروك ضم الضفة فعليا، ولكن حتى الان لم يكن أي نقاش استراتيجي فيما يتعلق بالخطط في الضفة وامام السلطة الفلسطينية. مصدر رفيع سابق في جهاز الامن، يعرف بشكل جيد الجهات العاملة، يطرح ادعاءات – التي تسمع ايضا من قبل شخصيات رفيعة تعمل الان في جهاز الامن – ايضا ضد سلوك القادة الكبار في الجيش الاسرائيلي. “الجيش الاسرائيلي باعتباره السيد في الميدان فقد كل صلاحياته ومكانته بصورة اصبح لا يوجد هناك من هو مستعد لطرح المشكلات على المستوى السياسي”، قال. “الجميع يدركون انه في جلسة الكابنت القادمة أو جلسة الحكومة القادمة التي سيتم استدعاء الضباط اليها، سيتحولون الى كيس اللكمات للوزراء”.

في جلسة سابقة، التي جرى فيها تقييم للوضع فيما يتعلق بعنف المستوطنين، قال رئيس قسم التحقيق امام رئيس الاركان بان الفترة الاخيرة هي الوقت الاصعب في الضفة من ناحية عنف اليهود ضد الفلسطينيين. وقد حذر من تدهور وضع سكان السلطة الذين لا يذهبون الى العمل في اسرائيل منذ بداية الحرب. واشار الى انه بدأ يحدث احباط كبير في اوساط السكان الذين هم غير متورطين بالارهاب، وحذر من تدهور امني. ورغم ان الجميع سمعوا ذلك الا ان المعلومات لم تخرج من غرفة الاجتماعات في مقر وزارة الدفاع لتصل الى المستوى السياسي. “الجيش الاسرائيلي يخاف من الحديث، وقد فقد سيادته على الارض”، قال ضابط كبير كان مشارك في التدريب في فرقة يهودا والسامرة. “في الجيش الاسرائيلي يختفون وراء اعتقال آخر لناشط أو عملية في مخيمات اللاجئين، لكن هذه احداث محددة. ولا يوجد من يقول ماذا سيكون لاحقا”.

في الجيش الاسرائيلي يتقبلون الوضع على الارض وتراجع مكانة الجيش امام المستوطنين والفلسطينيين واجهزة الامن الفلسطينية وكأنه أمر واقع. في حوارات مع السكان يتفاخر قائد المنطقة الوسطى، الجنرال آفي بلوط، بامكانية اقامة 120 بؤرة زراعية، أو باسمها القديم “بؤر استيطانية غير قانونية”. قائد ميداني قال: “لقد تم ربط مئات “المزارع” ببنية تحتية تقدر بمليارات الشواقل، والجيش الاسرائيلي يصمت، ويرسل الجنود للمساعدة في اقامتها وحمايتها، رغم انها بؤر استيطانية غير قانونية”. وحسب اقواله فان “الجميع يتحدثون عن اقتلاع المستوطنين لاشجار الفلسطينيين، ولا احد يتحدث عن عدد الاشجار التي اقتلعها الجيش للفلسطينيين من اجل اقامة هذه المزارع أو شق طريق اخرى للوصول الى هذه المستوطنات. يقومون بارسالنا لحماية هذه المزارع، حيث ربما يوجد عشرة شباب، وبعد ذلك عليك ان تشرح لوالدة الجندي بان ابنها قتل وهو يدافع عن الوطن”.

القائد الذي كان له دور مهم في القتال في مخيم طولكرم للاجئين ابتداء من صيف 2024 يتفق مع هذه الاقوال ويقول انه ايضا بعد تلك العملية لم يتم فعل أي شيء. وحسب قوله ايضا الان الجنود يجلسون داخل البيوت في المخيم بدون ان تنتقل المسؤولية الى السلطة التي تريد اقامة فيه مركز شرطة وتصلح الانارة وتشق الشوارع وتمنع وضع العبوات. وقال ايضا بأنه في الجيش لا يوجد من يطالب بالحصول على اجابات بشان المستقبل.

في تشرين الاول عين رئيس السلطة محمود عباس حسين الشيخ كوريث له. منذ ذلك الحين عباس ابن التسعين سنة يهتم بتعزيز مكانة الشيخ. مسؤول امني رفيع سابق مطلع على ما يحدث في قيادة المنطقة الوسطى قال للصحيفة: “حتى الان لم تتم مناقشة حول اهمية قرار نقل السلطة الفلسطينية الى الشيخ. هل هو جيد لنا؟ هل هو سيء لنا؟ كيف سيستقبل في الشارع الفلسطيني؟ كيف ستبدو السلطة بوجوده؟ في السابق كان يطرح مثل هذا الحدث على الفور، وكان الناس يبدأون في تحليل جميع تداعياته. اذا أدى ذلك الى تقويض السلطة وحدثت انتفاضة فلسطينية، ربما سنكون في وضع استراتيجي صعب، لكن لا احد يتطرق الى هذه المسألة”.

جهات رفيعة في الجيش الاسرائيلي وفي قيادة المنطقة الوسطى تقر بانه حتى هذه اللحظة لم يتم اجراء أي نقاش استراتيجي بشان التغيير الحكومي الوشيك في السلطة الفلسطينية. مسؤول رفيع سابق في المؤسسة الامنية، مطلع على هذه الامور اوضح وقال: “الشيخ هو شخص مقبول على اسرائيل والولايات المتحدة، لكنه يعتبر اشكالي في السلطة الفلسطينية. الفلسطينيون في الضفة الغربية يعتبرون انه فاسد. وهناك قصص محرجة تحيط بحياته الشخصية. وتجاهل المستوى السياسي لذلك هو فضيحة بكل المقاييس، لكن الجيش الاسرائيلي لا يحرك ساكن ايضا، ويفضل دفن الرأس في الرمال والهرب الى الاماكن المريحة له”.

من يدعي انه لا يمكن حدوث هجوم ضد مستوطنة في يهودا والسامرة أو ضد مستوطنة قريبة من الخط الاخضر، لا يقول الحقيقة للجمهور. في هذه الاثناء لا يوجد انذار، لكن من سيقول “نحن لم نعرف ان هذا يمكن ان يحدث”، هو ببساطة يكذب على الجمهور”. حذر الضابط الكبير الذي كان مشارك في استنتاجات المناورة على مستوى فرقة. واشار الى ان التنسيق الامني بين الجيش الاسرائيلي والاجهزة الامنية الفلسطينية جيد، لكنه اوضح بأن “حدث واحد مثل جريمة قومية، يقتل فيها عدد من الفلسطينيين، يمكن ان يحول في لحظة الضفة الغربية الى ساحة حرب اساسية ستجر كل الجيش الى داخلها”.

——————————————-

معاريف 18/11/2025

لقاء ترامب ابن سلمان شرك دبلوماسي لإسرائيل

بقلم: آنا برسكي

قلة هي اللقاءات التي تنجح في أن تجمع حولها كل هذا القدر من التأهب – في واشنطن، في الرياض وفي القدس – كذاك الذي سيعقد اليوم بين رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ليس لان هذا هو لقاء أول بل لان الرجلين يصلان هذه المرة الى اللقاء فيما أن المنظومات الداخلية في دولتيهما تقف منذ الان ومتفرغة لاستثمار وزن سياسي ذي مغزى في إعادة تصميم الشرق الأوسط.

بالنسبة لإسرائيل هذه لحظة مؤثرة على نحو خاص: فرصة استراتيجية – لكنها أيضا مفترق من شأنه أن يخلق واقعا إقليميا اشكاليا، اذا ما تحرك في الاتجاه غير الصحيح من ناحيتها.

من زاوية نظر إسرائيلية هذا اللقاء ليس اقل من حاسم. ترامب، الذي يوجد في ذروة ولايته الثانية ومعني بتصميم إرثه السياسي، يسعى لخلق خطوة كبيرة وذات مغزى في الساحة الدولية. أما ابن سلمان من ناحيته فيريد اتفاقا امنيا رسميا، قدرة وصول الى تكنولوجيا أمريكية متطورة ورفع مستوى مكانته في واشنطن.

وإسرائيل؟ تريد أن تبقي على تفوقها الاستراتيجي، ان تضمن ان يتم كل التطبيع في ظل الحفاظ الكامل على مصالحها الأمنية – واساسا الا تفقد مكانها كالوسيط الهام بين واشنطن والشرق الأوسط.

التحدي المركزي للقدس يوجد بالضبط في المكان الذي تكاد تلتقي فيه المصالح الامريكية والسعودية – لكنها لا تتطابق بعد. يرى ترامب في تعزيز التحالفات في المنطقة جزءا من ترميم المكانة الامريكية في الساحة الدولية. ابن سلمان يرى في اتفاق امني مرتب مع واشنطن مدماكا مركزيا في تثبيت استقرار حكمه وفي الدفع قدما بـ “رؤيا 2030”. غير أن الثمن – التطبيع مع إسرائيل – يأتي مع شرط سعودي حاد وواضح: تقدم حقيقي، مكنون وذو مغزى نحو افق سياسي مع الفلسطينيين.

هكذا تجد إسرائيل نفسها في قلب شرك دبلوماسي مركب. من جهة هي تحتاج الى التطبيع مع السعودية – انجاز استراتيجي من الدرجة الأولى كفيل بان يحدث انعطافة عميقة في الساحة الإقليمية حيال ايران، يعزز تحالفات النظام المعتدل ويضع إسرائيل في موقع قوة أوسع.

من جهة أخرى فان كل تقدم يعتمد على تعهد سياسي في الساحة الفلسطينية من شأنه أن يضع الحكومة في عين عاصفة سياسية داخلية. وهذا حتى قبل الجانب الائتلافي: فالصراع ضد إقامة دولة فلسطينية هو عصفور روح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (احدهم)، العلم والرمز.

وماذا بالنسبة لابن سلمان؟ رغم صورته الحازمة فانه يعمل اليوم بشكل مدروس جدا. هو يفهم ان التطبيع مع إسرائيل هو محرك لتحسين مكانته في واشنطن، لتعزيز اقتصاد المملكة وتثبيته كزعيم إقليمي جديد – قوي، مؤثر ومسيطر. لكنه يفهم أيضا قيوده: العالم العربي لا يزال ينتظر مقابلا إسرائيليا يعرف كجوهري – وبخاصة بعد الحرب في غزة.

في إطار الاتصالات بين واشنطن والرياض، توضح السعودية بانها لا تسارع الى منح ترامب إنجازا سريعا. لا كي تساعده سياسيا – فبعد أن انتخب لولاية أخرى لم يعد يحتاج الى تعزيز سياسي من هذا النوع – غير أنه من ناحيتها يدور الحديث عن رافعة ضغط: اذا كان الامريكيون يريدون اتفاقا امنيا سابقة، فسيتعين عليهم أن يتقدموا في المسار الذي تقبل به الرياض.

ترامب، بالمقابل، يسعى لان يثبت بان الولايات المتحدة عادت لتكون اللاعب الذي يمسك بالمفاتيح في المنطقة – ولهذا الغرض فهو يحتاج الى تعاون سعودي – إسرائيلي.

إسرائيل، بناء على ذلك، مطالبة بان تسير على حبل رفيع على نحو خاص: ان تبث بانها معنية بثورة إقليمية، لكن ليس بكل ثمن: الحفاظ على علاقات الثقة مع البيت الأبيض لكن دون أن تبدو كمن هي مستعدة لان تدفع ثمنا استراتيجيا؛ وان تحاول الفهم اذا كانت الفجوات بين واشنطن والرياض هي عوائق حقيقة – ام جزء من تكتيك مساومة معروفة من الزعيمين اللذين لا يخشيان من مفاوضات عنيدة.

وفي النهاية، بالنسبة لإسرائيل تعد هذه لحظة اختبار. لقاء ترامب – ابن سلمان سيحسم اذا كانت إسرائيل ستواصل تصدر الخطوات في المنطقة – أم ستصبح لاعبا أقل مركزية مما كانت في الماضي. في المدى القصير سيخلق اللقاء اتجاهات ريح؛ في المدى البعيد كفيل بان يعيد تعريف حدود القوة والنفوذ الإسرائيلية في الشرق الأوسط المتغير.

——————————————-

هآرتس 18/11/2025

بالضبط من اجل هذه اللحظة تم اعداد حملة التشويه ضد رئيس المحكمة العليا

بقلم: يوسي فارتر 

في أيلول 2006 قررت حكومة اهود أولمرت تشكيل لجنة تحقيق حكومية من اجل التحقيق في احداث حرب لبنان الثانية. حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو نشر بيان شديد اللهجة: “من غير المنطقي ان يقوم رئيس الحكومة بتعيين لجنة للتحقيق معه”، كتب في البيان. “للأسف، أولمرت يتجاهل ما يفكر فيه جنود الاحتياط والجمهور، الذين يعرفون ان فقط لجنة تحقيق رسمية يمكن ان تكشف الحقيقة واستخلاص الدروس التي هي مهمة جدا من اجل امن ومستقبل إسرائيل”.

أولمرت، ونتنياهو ايضا، خشي من لجنة رسمية. وخلافا لقطيع المتملقين في الحكومة الحالية، أيدتها جهات بارزة في حكومته بالفعل، مثل وزير الدفاع في حينه عمير بيرتس، ووزير المواصلات شاؤول موفاز. في كل الحالات، منذ تعيين رئيس المحكمة المركزية السابق، الدكتور الياهو فينوغراد، وهو اكثر القضاة صرامة واحتراما، كرئيس للجنة، كان من الواضح انها لن تكون لجنة تستر، وهي لم تكن هكذا، أيضا أولمرت لم يحرض ضد الجيش وقادته، بل هو تصرف بمسؤولية طوال الوقت.

نتنياهو غير غبي، هو لن يقوم بتعيين أي فينوغراد أو شخص يشبهه. على الأكثر سيعين شخص مثل آشر كولا. وهو أيضا غير مستعجل. لقد منح نفسه 45 يوم سيحدد فيها ما هو التفويض ومن الذي سيحقق ومن أي فترة. فقط حينها سيتفرغ لتحديد تشكيلة اللجنة. هذا سيستمر، لنفترض 45 يوم آخر. وبعد ذلك ستكون التماسات للمحكمة العليا (أيضا في فترة أولمرت تم استبعاد عضوين). هكذا نحن سنصل الى شباط – آذار 2026. من المؤكد ان إسرائيل ستدخل الى حملة الانتخابات. فهل سيخطر بالبال انه في فترة مشحونة جدا سيتم التحقيق مع أعضاء الكابنت والحكومة؟ كل شيء سيؤجل الى ما بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة. وبعد ذلك سنة الى حين صدور التقرير المؤقت، وسنة أخرى الى حين صدور التقرير النهائي، وسنلتقي في 2028، أيضا هذا غير مؤكد.

منذ المذبحة والحرب تمت اقالة أو استقالة كل المسؤولين عن التقصير: وزير الدفاع، رئيس جهاز الامن العام (الشباك) وعدد من الجنرالات. نتنياهو هو الشخص الوحيد الذي لم يتحمل المسؤولية. لقد بدأ حملة تحريض وتشهير ضد الجميع، بما في ذلك نشر نظرية المؤامرة حول الخيانة “من الداخل”، منذ 8 تشرين الأول 2023. حتى في ذلك الحين، عندما كان الارهابيون ما زالوا يحتفلون على الأراضي الإسرائيلية بفشل التصور الذي قاده لمدة 14 سنة، اتخذت عائلة نتنياهو ثلاثة قرارات جوهرية: عدم الاستقالة، عدم تحمل المسؤولية وعدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية. هذه هي اللاءات الثلاثة لعائلة نتنياهو.

هل يمكن توقع من هذا الشخص سلوك نزيه في كل ما يتعلق بكارثة الغلاف، التي هو المسؤول عنها؟ وماذا عن إطالة زمن الحرب لاسباب سياسية وانهيار الوزارات الحكومية والتخلي عن المخطوفين وافشال الصفقات؟ هل سيسمح باجراء تحقيق “نزيه” في هذه القضايا؟.

بسبب أننا نعرف مع من نتعامل فانه لا حاجة الى توقع تفويض نزيه أو تشكيلة نزيهة. في جلسة الحكومة التي عقدت أمس الاحد، طلب عدد من الوزراء “التحقيق” أولا وقبل كل شيء مع المستشارة القانونية للحكومة التي عارضت “التعديلات في السجون” (هذا كذب)، ومع المحكمة العليا التي منعت الجيش من العمل (هذا كذب). كان هناك من تساءلوا من أين سيبدأ التحقيق، هل من اتفاق أوسلو في 1993 أو من الانفصال في 2005؟ المهم هو ان يشمل التحقيق اكبر عدد من رؤساء الحكومة.

حول امرين في اللجنة التي يخطط لها هناك اجماع مهين: ان لا تكون رسمية، وان لا يقوم رئيس المحكمة العليا اسحق عميت بتعيين الأعضاء فيها. وزير الخارجية جدعون ساعر، الذي قدم بصفته وزير العدل لحكومة التغيير مشروع اقتراح بتشكيل لجنتين رسميتين، في كارثة ميرون وفي قضية الغواصات، اللتان اودتا بحياة نتنياهو، يقترح الان ان يرأس اللجنة قاض متقاعد في المحكمة العليا. وريثه ياريف لفين، الذي يحتقر كل قضاة المحكمة العليا، حتى لن يفكر في ذلك.

على خلفية ذلك يتضح كل شيء. حملة تشويه سمعة رئيس المحكمة العليا عميت ونزع شرعيته، التي بدأت منذ تعيينه، تم اعدادها بالضبط لتتزامن مع اللحظة التي ستجبر فيها الحكومة، بضغط من محكمة العدل العليا بالطبع، على اتخاذ قرار تشكيل لجنة التحقيق. الآن، بعد ان تهمشت صورة عميت، وكثيرون يعتبرونه شيطان، اصبح من السهل للوزراء تبرير انفسهم والادعاء بان اللجنة التي سيقوم بتشكيلها لن تحصل على ثقة كبيرة.

قرار اليوم بشان لجنة غير حكومية يسيء لصورة معظم العائلات التي نكبت في المذبحة والحرب. هم يطالبون بلجنة رسمية ومستقلة مثل كل اللجان السابقة. واي عمل يخضع لسيطرة الحكومة سيكون باطل من البداية. الخلاصة هي ان هذه القصة ستصب في مصلحة الشخص الذي يهرب من الحقيقة، ومن المسؤولية: هو سيتهم “المعارضة والاستوديوهات” بشن حملة دعائية تخدم “أعداء إسرائيل”، وبعد ذلك الخلافات والنقاشات ستؤدي الى المزيد من التأجيل والتأخير.

الاستنتاج المحتوم هو انه يجب على الحكومة القادمة ان تقرر من يومها الأول تشكيل لجنة تحقيق رسمية يقوم بتعيينها رئيس المحكمة العليا. وهذا سبب آخر في ان الحكومة الحالية ستبذل كل جهدها لاعاقة الاجراء السليم.

——————————————-

هآرتس 18/11/2025

خطر التصفية: نحن معرضون للاحتيال واعمال العنف وتشويه نتائج الانتخابات

بقلم: نحاميا شترسلر

الديمقراطية هي اسلوب حكم ضعيف. ونستون تشرتشل قال عنها “الديمقراطية هي اسلوب الحكم الاسوأ في العالم، باستثناء كل باقي الاساليب”. هي نظام قائم على توافق واسع والالتزام بقواعد اللعب، لكن اذا قررت الحكومة انتهاك القواعد فسيكون من السهل عليها القضاء على الديمقراطية وتحويلها الى ديكتاتورية، وهذا بالضبط ما نمر به منذ كانون الثاني 2023، عندما عرض ياريف لفين علنا “الاصلاح القانوني”.

يبدو ان الحديث يدور عن نظام ينتخب فيه الشعب ممثليه، ويتمتع فيه المواطنون بحقوق الحرية والتحرر. ولكن هذا يعتمد على حسن نية الحكومة، التي تحتكر السلطة. فهي تملك الجيش وتسيطر على الشرطة وعلى الشباك. لذلك فانه يمكنها اطالة الحرب لسنتين اذا كان ذلك يخدم رغبتها في البقاء في الحكم. ويمكنها استخدام الشرطة والشباك من اجل اعتقال والتحقيق مع واهانة كل من يعبر عن معارضته للنظام، ويمكنها ايضا ضرب المتظاهرين ضد الحكومة بوحشية، وتخويف من يعبرون عن معارضتهم لها في وسائل الاعلام.

كان هناك اوقات اعتقدت فيها بانه اذا اوقفنا محاكمة نتنياهو واستقال من السلطة، فان العملية الخطيرة المتمثلة في الانتقال من الديمقراطية الى الديكتاتورية ستتوقف. حيث انه في نهاية المطاف هدف نتنياهو هو التهرب من المحاكمة. واذا حقق ذلك فانه سيوقف عملية تدمير النظام القضائي والديمقراطية. الآن انا افكر بشكل مختلف. فالعفو لن يساعد بعد الآن، ولن يوقف الغاء المحاكمة الانقلاب، ولن توقفه ايضا استقالة نتنياهو. اليوم اليمين كله يريد (الليكود والاحزاب الكهانية والاحزاب الحريدية) هذا الانقلاب بغض النظر عن نتنياهو.

اليمين، بعد ان سيطر على السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، يريد السيطرة ايضا على السلطة القضائية. فهو يسعى الى اضعاف المحكمة العليا والنيابة العسكرية واقالة المستشارة القانونية للحكومة كي يتمكن السياسيون في اليمين من فعل ما يشاؤون: تعيين المقربين منهم وتوظيف ابناء العائلة وتوقيع عقود جاهزة وتوزيع الوظائف على الاصدقاء وقبول الرشوة بدون خوف من التحقيق معهم أو محاكمتهم. في نهاية المطاف هم وصلوا الى السلطة من اجل انتزاع السلطة والاحترام والاموال، ومنظومة سيادة القانون فقط هي التي تقف في طريقهم.

الحريديون ايضا يسعون الى الغاء المحكمة العليا. فلولا هي لكان لديهم منذ زمن قانون يسهل التهرب، ولكانت لديهم ميزانيات ضخمة لطلاب المدارس الدينية. ولا ينبغي نسيان ايضا انه في احزاب اليمين هناك الكثير من السياسيين الذين يخضعون في الوقت الحالي للتحقيق معهم والمحاكمة، وأن اضعاف جهاز القضاء سيكون في صالحهم.

هناك ايضا السلطة الرابعة وهي الاعلام. فهو بمثابة المراقب على الديمقراطية ودوره هو انتقاد الحكومة وكشف الفساد. ايضا هو ينقل الحقيقة للجمهور. ما يقوله عن سياسي معين هو ما يحدد ما اذا كان ينظر اليه على انه سيء أو جيد، متواضع أو مغرور، ذكي أو غبي. ما يكتبه وينشره هو ما يحدد الرأي العام، وبالتالي، التصويت في صناديق الاقتراع.

نتنياهو فهم ذلك منذ زمن. لذلك هو يحاول منذ سنوات السيطرة على وسائل الاعلام، سواء عن طريق القوة الحكومية الموجودة لديه أو بواسطة اصحاب رؤوس الاموال الذين سيشترون وسائل الاعلام ويحولونها الى خادمة له. لذلك فان وزير الدفاع يسرائيل كاتس يريد اغلاق “صوت الجيش”، ووزير الاعلام شلومو قرعي يريد المس بوسائل الاعلام الحرة. لو أن رؤساء مباي ومبام كانوا يدركون اهمية الاعلام في صناديق الاقتراع، لما اغلقوا صحيفة “دفار” و”عل همشمار”.

الامتحان النهائي للديمقراطية لدينا سيكون في السنة القادمة. اذا اظهرت الاستطلاعات عشية الانتخابات بان اليمين على وشك الهزيمة، فان هناك خطر حقيقي في ان نتنياهو واصدقاءه سيبذلون كل جهودهم لتأجيل الانتخابات، واذا قاموا باجرائها فانه يتوقع ان نشاهد تزوير وعنف وتشويه للنتائج. حيث ان الليكود واليمين لا ينوون التنازل عن مقاعدهم بسهولة.

——————————————-

هآرتس 18/11/2025

“وضع خطير”.. المستشارة القانونية بعد تهديدها بالقتل: دخلنا عهد الكهانية

بقلم: أسرة التحرير

قدّم مكتب المدعي العام لائحة اتهام ضد يعقوب ياتاش، الذي هدّد المستشارة القانونية للحكومة بالقتل. وأبلغت غالي بهرب-ميارا على الإنترنت: “لقد بدأ عهد جديد – الكهانية. قريبًا ستخافون من مغادرة المنزل”. ياتاش ليس نبيّ الدولة الكهانية الجديدة، بل هو ترس صغير في آلة بيبي-كهانية.

حتى قبل قضية النائبة العسكرية العامة، كان اليمين الكهاني يلاحق حراس العتبة. لكن ليسوا وحدهم؛ لقد طالت آلة التشويه الشاهدة هداس كلاين والصحافي غاي بيلغ. يعمل الذراع القانوني ضد كلاين من خلال المحامي عميت حداد، الذي يستغل قاعة المحكمة لنشر الأكاذيب والتعدي على قرارات القضاة. ومن هناك، يواصل وكلاء التحريض في الشارع وعلى الإنترنت عملهم. تعمل أذرع الشارع والإعلام ضد بيلغ، بما في ذلك نشطاء اليمين والمنظمات المتطرفة والوزراء الذين يتبنونها.

في مقال لها في “هآرتس”، وصفت كلاين ثلاث سنوات من التشهير والتهديدات منذ أن أدلت بشهادتها ضد نتنياهو. إنها قصة تحولها من مدنية تؤدي واجبها إلى عدو للشعب، والقضاة صامتون ويؤكدون أن كل شيء مباح. يتعرض بيلغ للهجوم أيضاً. يُصوّر اليمين نشر الفيديو المتعلق بالانتهاكات في منشأة “سديه تيمان”، وهو عمل صحافي بحت، على أنه خيانة للجنود. يعانق الوزيران يريف لفين وبن غفير، مردخاي دافيد الذي اعتدى على بيلغ واعترض طريقه. يُصوّر العنف على أنه “احتجاج مشروع”، كما لو أن المواطنين يحتجون على سلطتهم، وليس اعتداءً تهديديًا على صحافي.

إلى جانب ذلك، يعمل الجناح الأيديولوجي-المسيحاني: منظمات مثل “عقيدة القتال”، ولافتات تُعيد إنتاج أنماط التحريض التي سبقت اغتيال رابين. الشرطة “تتحقق”، لكنها بالكاد تتصرف. وفي هذه الأثناء، ينتشر وباء الجبن. ألغت حانة “هاسليك” في حيفا محاضرة لبيلغ بسبب “الضجيج”. ومن ثم لا حاجة لقانون يمنع الصحافي من التحدث – يكفي أناس يخشون “التدخل”.

الصورة العامة واضحة: نتنياهو هو القائد الأعلى لآلة السم بيبي-كهانا. حداد يُحوّل المحكمة إلى مسرح للتحريض؛ لفين وبن غفير وغوتليف يُضفون الشرعية على المهاجمين؛ والنشطاء يعملون؛ والشبكات تنتشر. امتد العنف الإلكتروني إلى الشوارع، وكل ذلك تحت رعاية الحكومة. الشرطة تتأخر في الاستجابة، إن استجابت أصلاً. النيابة العامة تتعامل مع الجنود في الميدان في أحسن الأحوال، والقضاة صامتون، والجبن يحتفل. الوضع خطير: حياة من يقعون ضحايا تحريض بيبي-كهانا في خطر.

السلامة الشخصية لكلاين وبيلغ ليست مسألة شخصية. إذا لم يكن هناك نظام قضائي مستقل وإعلام حر هنا، فستُدمر الديمقراطية. لقد بدأ عصر جديد بالفعل. والسؤال الآن هو: هل ستتقبل سلطات إنفاذ القانون من جهة، والجمهور الديمقراطي من جهة أخرى، بخنوع عصر ميليشيات بيبي-كهانا، أم سيقفون في وجهه؟

——————————————-

هآرتس 18/11/2025

إسرائيل… الدولة التي بنيت على كذبة عمرها 2000 سنة

بقلم: روغل الفر

الكذبة الكبرى والمؤسسة التي تربت عليها أجيال الإسرائيليين منذ قيام الدولة، هي كذبة 2000 سنة في المنفى. في مقال في ملحق “هآرتس” في 14/11، كتب المؤرخ يوفال نوح هراري عن الروايات التي لا أساس لها في مركز النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين: “اليهود لم يطردوا من هذه البلاد على يد الإمبراطورية الرومانية، أو على يد أي إمبراطورية أخرى بعد ذلك. إضافة إلى ذلك، بعد أن ترك معظم اليهود البلاد للبحث عن فرصة اقتصادية وحياة أفضل، لم يمنعهم أحد من العودة. تقريباً في أي فترة زمنية أراد فيها اليهود التوطن في البلاد بين البحر والنهر كان يمكنهم فعل ذلك”.

كذبة 2000 سنة في المنفى لها تداعيات بعيدة المدى على تشكيل الوعي الجماعي الإسرائيلي، تتجاوز بكثير نطاق مقال هراري. الكذبة ليس اكتشافها. الإسرائيليون العقلانيون والمثقفون يصطدمون أحياناً، في الكتب والمقالات، بحقيقة أسطورة المنفى. ولكن كل المجتمع الليبرالي في إسرائيل لم ينظر جيداً إلى تداعيات هذا التشويه الصارخ للحقائق، وهو نتاج إعادة كتابة صهيونية للتاريخ.

هذه هي الكذبة الرئيسية التي يتعلمها كل أولاد إسرائيل من رياض الأطفال. الكذبة التي تتجسد في النشيد الوطني “هتكفاه” (الأمل)، كذبة الاشتياق لأرض إسرائيل والقدس، الكذبة التي تصور الشعب اليهودي كضحية طردت من أرضها بالعنف والقسوة، ولم يسمح له أن يعيش بحرية فيها. كذبة “الأمل” الذي عمره ألفا سنة. هذا أمر لم يكن موجوداً قط. أليس من المدهش التعرف على كذبة بهذا العمق وهذا القدر؟ كذبة تم نسجها في النشيد الوطني وفي المناهج الدراسية وداخل الماضي، مثلما تروى وتقدم في وسائل الإعلام والأعمال الثقافية، وفي الوعي الوطني الأصيل لكل إسرائيلي، وفي الهواء الذي نتنفسه هنا. كذبة هي جزء لا يتجزأ من الثقافة والحياة والوجود اليهودي هنا.

أليس من المدهش أن ندرك بأن كل ما قيل لنا عن الطرد والنفي هو كذبة صممت لتعزيز الرواية الصهيونية؟ وكأن اليهود المقيمين في دولة إسرائيل محظوظون بسبب قدرتهم على تحقيق الرغبة الخفية والملحة لعشرات أجيال اليهود الذين أجبروا رغم انفهم على العيش في المنفى.

لم يكن هناك منفى، هذا هو الاستنتاج. في ظل غياب الاشتياق ومنع الهجرة إلى إسرائيل، لم يكن هناك منفى. اليهود الذين عاشوا في الخارج لم يعيشوا في “المنفى”. المنفى يعني الانفصال القسري عن الوطن، بل عاشوا في دول كانوا فيها مواطنين، وطوروا عقلية وفقاً لذلك. لم يكونوا ضحايا عاجزين تم ترحيلهم ونفيهم. لقد قرروا أين يعيشوا، لقد فضلوا العيش هناك بدلاً من هنا.

أليس من المدهش إدراك مدى غسل الأدمغة التي يتعرض له كل الإسرائيليين منذ الولادة؟ يتم غرس أسطورة فيهم، ويتم تعليمهم كيفية التعامل معها، بجهل وعمى، كحقيقة تاريخية. يجب إدراك ذلك. لأن بناء صورة وطنية ذاتية على كذبة صارخة تتجاهل الحقائق التاريخية، له عواقب وخيمة على الأمة. ويصبح تجاهل الحقائق وإعادة كتابة التاريخ أمراً طبيعياً لهم.

إضافة إلى ذلك، الحقائق مكشوفة ويمكن للجميع الوصول إليها. لا يجب على المرء أن يكون صحافياً أو باحثاً من أجل اكتشافها. معظم الإسرائيليون يختارون أن يكونشوا مغسولي الأدمغة، ويكتمون الحقيقة التي قد تدفعهم إلى إعادة النظر في التزامهم بالصهيونية، أو حتى الشك فيها. ويمكن الافتراض أنهم لو قرأوا مقال نوح هراري لاعتبروه مؤامرة لإضعاف الروح الوطنية.

—————–انتهت النشرة—————–

Share This Article