الصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

دول عربية “معتدلة”.. بين التوازن الداخلي وعلاقتها مع إيران ومفهوم “الردع” إسرائيلياً

بقلم: تسفي برئيل

خرج كثير من مواطني الأردن إلى شوارع عمان لرؤية المشهد الذي لم يروه خلال سنوات الصراع الإسرائيلي – العربي. الطائرات الأردنية تعترض المسيرات الإيرانية في الطريق لمهاجمة إسرائيل. وحسب تقديرات أردنية، فإن سلاح الجو الأردني نجح في اعتراض 20 في المئة تقريباً من المسيرات التي حلقت في مجاله الجوي، بالإجمال بضع عشرات من المسيرات الإيرانية التي انتشرت شظاياها في أرجاء الدولة. هذه المفارقة تثير التفكير. في ذاك الصباح، مثلما تعودوا أن يفعلوا منذ أسابيع، تجمع مئات المواطنين للتظاهر قرب السفارة الإسرائيلية في عمان للاحتجاج على الحرب في القطاع، وطلبوا من الحكومة قطع العلاقات مع إسرائيل.

وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الذي هو من أشد المنتقدين لسياسة إسرائيل، دعا مؤخراً إلى تقديم إسرائيل للمحاكمة على جرائم حربها في غزة. في تشرين الثاني في “منتدى البحر المتوسط” في برشلونة، قال الصفدي إن “اتفاق السلام بينها وبين الأردن على الرف ويعلوه الغبار”. أعاد الأردن سفيره من تل أبيب، وأعلن بأنه لن يوقع مع إسرائيل على اتفاقية الكهرباء مقابل المياه، التي كانت ستوقع حتى قبل الحرب، وهذه خطوة استدعت رداً بارداً ومثيراً للغضب من قبل رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت، الذي دفع في حينه قدماً بهذه الاتفاقية. “لا يريدون، لا يجب إذاً”، أعلن بينيت. “يمكنني القول وبوضوح إن لإسرائيل ما يكفي من مصادر الطاقة، أما الأردن فلا يملك ما يكفي من المياه لسكانه… إذا أراد زعماء الأردن أن يعطش مواطنوهم، فهذا من حقهم”.

أما على مستوى القيادة، فليس بين رئيس الحكومة نتنياهو والملك عبد الله أي حوار. جرى أساس العلاقة عبر الأجهزة الأمنية في الدولتين. ولا يقل أهمية عن ذلك، أن الأردن غير مشارك في النقاشات حول “اليوم التالي” في القطاع. هذا رغم أنه قد يكون لأي قرار يُتّخذ تداعيات على مكانته وعلاقاته مع الحكومة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. وكـ “هدية ترضية”، سمحت إسرائيل للأردن بإنزال مساعدات إنسانية للقطاع من الجو، أما الآن في ساعة اختبار حاسمة، فقد وقفت المملكة إلى جانب التحالف الإقليمي المؤيد لأمريكا الذي سعى الرئيس بايدن لإقامته.

قام الأردن بدوره بشكل منقطع النظير كجزء من سور الدفاع الجوي حول إسرائيل، وعلى الرغم من طبقة الجليد التي تغلف علاقته مع إسرائيل فإن تهديد إيران يقض مضاجع المسؤولين في عمان مثلما هي الحال في “القدس”. وأعلن القائد العسكري في مليشيا حزب الله في العراق، أكبر المليشيات الموالية لإيران التي تعمل في العراق، عن الاستعداد لتدريب وتسليح 12 ألف أردني يكونون مستعدين للانضمام لجبهة المقاومة ضد إسرائيل.

عندما تتجلى أهمية ائتلاف دولي يضم دولاً عربية كما الحال في وقت الهجوم على إسرائيل، فالمطلوب هو إسهام جوهري من الأخيرة لترميم العلاقات مع المملكة الجارة، إسهام لا يقتصر فقط على التعاون الاستخباري. أمن واستقرار الأردن مرتبطان بشكل عميق بالتطورات في غزة والضفة الغربية، وبهذه ليس لعمان عنوان في إسرائيل.

التطبيع مع إيران

الأردن ليس الدولة العربية الوحيدة التي تضطر للمراوغة بين التزامها بالتحالف الإقليمي ومصالحها، من بين ذلك الحفاظ على الاستقرار الداخلي وهدوء جماهيري في الداخل، وبين هذه وبين علاقاتها مع إسرائيل. السعودية، التي كان ردها الرسمي على الهجوم الإيراني مائعاً بدرجة معينة، اكتفت بالتعبير عن قلق من تدهور الوضع إلى حرب إقليمية. للرياض علاقات وثيقة مع طهران منذ استئناف العلاقات معها في آذار 2023. وهي الخطوة التي بفضلها تحظى بالهدوء من هجمات الحوثيين الذين تجري معهم مفاوضات متقدمة لإنهاء الحرب في اليمن. السعودية شريكة أيضاً في مجموعة الدول التي تعمل على إنقاذ لبنان من أزمته السياسية والاقتصادية. كما تجري السعودية في هذه القضية اتصالات مستمرة مع إيران.

سيتعين على الدول العربية المؤيدة لأمريكا الآن فحص معنى مفهوم “الردع” في السياق الأمريكي والإسرائيلي من أجل تشكيل علاقتها مع إيران. استخدم الرئيس الأمريكي تعبير “إياكم” تجاه إيران مرتين. تحريك حاملات الطائرات إلى البحر المتوسط والمنظومة العسكرية الكبيرة التي أقامتها أمريكا وبريطانيا ودول أخرى في البحر الأحمر والحضور العسكري الكبير في المنطقة، والرسائل التهديدية التي أرسلتها واشنطن لطهران عبر دول وساطة، كل ذلك نجح في منع هجوم أوسع من قبل إيران. ولكن لم يكن فيها ما قد يوقف هجمات الحوثيين أو المليشيات الشيعية في العراق.

لم تنس السعودية والإمارات كيف بقيتا وحدهما أمام هجمات الحوثيين والمليشيات الشيعية على أهداف داخل حدودهما في 2019 و2021، وأقوال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ما زالت منقوشة في ذاكرتهما، حين عرض على الرياض المساعدة، ولكن مقابل الدفع. عندما تسعى السعودية لاتفاق دفاع مشترك مع الولايات المتحدة، فعليها في المقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وعلى الرغم من أنها عبرت عن رغبة في القيام بدورها في الصفقة، تجد المملكة أن هذا الاتفاق أصبح رهينة لسياسة إسرائيل التي تعرض المنطقة للخطر. الآن، مع وقوف بايدن إلى جانب ما يمكن تفسيره سور دفاع ضد هجوم إيران، ربما تعطي الرياض وأبو ظبي أهمية أكبر للعلاقات مع إيران كمسار دفاع مفضل بدلاً من الانضمام لتحالف مقاتل، خاصة عندما تكون إسرائيل شريكاً رئيسياً فيه.

———————————————

يديعوت أحرونوت 15/4/2024

دول عربية في “الحدث التاريخي لأول مرة” وبايدن: “عصفوران بحجر”.. والسنوار من “مفاجأة التندر” إلى خيبة الباليستي

بقلم: ناحوم برنياع

أوري لوبراني الذي توفي قبل ست سنوات، كان في السبعينيات من القرن الماضي سفير إسرائيل في إيران. كان موظف دولة فريداً من نوعه، كان جريئاً، وإبداعياً، وذا رأس كبير. بعد سنوات من سيطرة الخمينيّين على الدولة ادعى لوبراني، وعاد وادعى، بأنهم إذا ما أعطوه 20 – 30، 40 مليون دولار – فسيحدث ثورة في إيران. فالأشخاص الصحيحون ينتظرون الإشارة الصحيحة. كادت المعجزة تحصل بضع مرات، في المظاهرات الجماهيرية، لكن لا. في هذه الأثناء، أصبحت إيران قوة إرهاب عظمى على شفا النووي، وشريكاً كبيراً لروسيا والصين، وشوكة في حلق الغرب، وتهديداً وجودياً على إسرائيل.

بالأمس، جاءت البشائر الطيبة الليلة بين السبت والأحد، كانت أفضل الليالي منذ 7 أكتوبر. في الواقع، الليلة الطيبة الأولى. حصل فيها ما كان ينبغي أن يحصل في صباح 7 أكتوبر، ولم يحصل: منظومة عسكرية يقظة، مهنية، خبيرة، انتظرت العدو في المكان والزمان الصحيحين. الاستخبارات قرأت خريطة المعركة مسبقاً، بدقة مبهرة. للحظة اعتقدت أن أحداً ما في طهران خاف من نجاح كبير لقواته وقرر تحذير الأمريكيين مسبقاً.

كل شيء في هذه الليلة مر مثلما في لعبة حاسوب، مثلما في فيلم علم خيالي: بالضغط على الأزرار، بدون دم وبدون عرق. حرب مثالية.

لكن السؤال مقلق: كيف يحصل أن جيشاً فشل بشكل لا يغتفر في 7 أكتوبر، يبدع في ضرب العدو بعد ستة أشهر من ذلك، كيف وقعنا وكيف نهضنا؟ يمكنني أن أفكر بعدة طرق تفسر التحول: أحدهما ليس مثنياً، يقول إن الجيش الإسرائيلي ليس مبنياً للمفاجآت. أعطه بضعة أيام لاستعدادات مرتبة، حسب الكتاب، وسيهرع إلى المعركة في ذروة قوته. أما المفاجآت، فليست في مدرستنا.

الاستنتاج: النجاح في ليلة المسيرات لن يبدد انطباع ضربة أكتوبر ولا الأسئلة الصعبة التي تثيرها. بمفهوم ما، تفاقمها.

قد نخمن ما الذي شعر به السنوار في خندقه أمس. من جهة خابت آماله في حرب إقليمية منقذة، حرب يأجوج ومأجوج؛ ومن جهة أخرى، هو مزود بتندرات مدنية ودراجات، يحقق نصراً أكبر على اليهود، بينما إيران العظمى المسلحة بأفضل الصواريخ والمُسيرات تهاجم اليهود وتُهزم. “الله معي، فقط معي”، يقول السنوار لنفسه.

المنتصر الأكبر في هذه الليلة هو بايدن. فقد اصطاد عصفورين بضربة واحدة: أولاً، أثبت للناخبين ولترامب، وربما لنفسه أيضاً بأن الولايات المتحدة بقيادته هي القوة العسكرية السائدة في الشرق الأوسط. ذات قدرات ولا تتردد في استخدامها ضد الأشرار، دون المس بالأبرياء؛ ثانياً، أوضح للإسرائيليين بأن ليس لهم ما يعتمدون عليه غير العم جو وأذرع جيشه. لا نعرف في هذه اللحظة كم مُسيرة وصاروخاً اعترضوا من الجو والأرض والبحر. وكم كانت الاعتراضات من قبل إسرائيل والأمريكيين ودول أخرى. الشركاء في العملية فضلوا طمس المعطيات.

لكن الحقائق واضحة: من قاتل هو تحالف باتت إسرائيل شريكاً مركزياً فيه. هذا حدث تاريخي. لأول مرة تشارك دول عربية في حرب في المنطقة، في مصلحة مشتركة مع إسرائيل، ومن أجل إسرائيل. بايدن جسد للإسرائيليين ما المعنى الاستراتيجي للتطبيع الذي يقترحه مع السعودية. وأوضح أيضاً بأن مفتاح أي عملية ذات مغزى ضد إيران موجود في البيت الأبيض. إسرائيل قد تلذع إيران، ولا يمكنها مهاجمها أو صدها وردعها، إلا بمباركة واشنطن. أوضح بايدن ما يمكنه وكذا ما يمكن أن يمنعه. هذا ليس قليلاً لليلة واحدة، من رئيس ابن 81 ونصف.

الـ MEAD، التوافق الشرق الأوسطي للدفاع الجوي الذي يتباهى به الجميع، بادر إليه واحد في الجانب الإسرائيلي، وهو نفتالي بينيت. في تموز 2021 كان بينيت رئيس الوزراء، توصل إلى تفاهم مع البيت الأبيض في زيارته هناك، في آب. وغانتس أضاف وطور. الأمريكيون أسسوا العمل.

أمس، انعقد كابينت الحرب للبحث في الرد على الهجوم الإيراني. يميل المشاركون للتركيز على مسألة ماذا يريدون. يريدون ما يريده معظم الإسرائيليين: استغلال الفرصة لتصفية المشروع النووي الإيراني. وهكذا يزال التهديد الأكبر على أمن إسرائيل.

لا أعرف إذا كان هناك طريق عسكري لتصفية النووي. المؤكد أنه لا يوجد طريق لعمل هذا بدون تنسيق مع الأمريكيين. الفيتو الأمريكي حاد وواضح: في هذه اللحظة لا مصلحة لهم في حرب واسعة مع إيران، وثمة شك مسنود بأن حكومة إسرائيل تسعى لجرهم إلى هناك. هناك فيتو وفيتو: ففي رفح قد تعمل إسرائيل رغم الفيتو الأمريكي، وتخشى من عمل ذلك؛ أما حيال إيران فلا يمكنها ببساطة.

الخطاب عما يريدونه مخصص للبروتوكول. والخطاب عما قد يفعلونه يؤدي إلى التنفيذ. شيء ما يجب أن يفعل، مؤلم للإيرانيين لكن أقل. وعلى الحكومة أن تحسم أخيراً في غزة. لا مفر.

———————————————

معاريف 15/4/2024

لقادة إسرائيل: لا تهاجموا إيران عسكرياً فتضيعوا “الفرصة الاستراتيجية”

بقلم: إيهود ياتوم

أعلنت إيران حرباً على إسرائيل؛ فإطلاق صواريخ ومُسيرات من أراضيها إلى أهداف إسرائيلية يغير المعادلة السائدة منذ سنين.

يرى الإيرانيون أن العمل من خلال وكلاء تكتيك، مثل حزب الله والحوثيين وحماس و”الجهاد” [الإسلامي]. لكن هذا تغير عندما أطلقت إيران من أراضيها صواريخ باليستية وجوالة لضرب الدولة.

لا شك أن البطن تتقلب في ضوء الوضع الجديد، وفي تفكير أولي: يجب رد قاس وفوري مناسب وواجب الوقوع لأننا هوجمنا بشكل واسع وأُعلنت حرب ضدنا، لكن هذه المرة أيضاً – “نهاية الفعل في التفكير أولاً”.

ينبغي أن نزن الرد بحذر، وهل ينبغي الرد أساساً؟

يجب أن يتعلق القرار بمدى الضرر والإصابة لمواطني الدولة. النتائج نعرفها: الهجوم الإيراني انتهى بضرر قليل ويكاد يكون بلا مصابين.

نحن ملزمون باستغلال الهجوم لخلق تحالف واسع قدر الإمكان ضد إيران، ونحبط أي خطوة مستقبلية بالنووي والإرهاب. علينا أن نخلق خطوة استراتيجية، تعزل إيران وتغلق كل إمكانية مستقبلية لمواصلة سلوكها العدواني.

الفرصة التي وقعت في أيدي إسرائيل بعد أن انكشفت إيران بضعفها، يجب أن تفحص بعقل قبل العمل والرد من البطن، ونستخدم قوة ساحقة عسكرية ضد أهداف إيرانية على أراضيها.

الرد بالنار قد يحبط فرصة ذهبية لإنجاز استراتيجي من خلال خطوات دبلوماسية، مع دول مهمة كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

إسرائيل ملزمة من الآن فصاعداً بتنسيق كل خطوة مع الولايات المتحدة، والاستماع إلى مطالب البنتاغون. نحن نسمع عن دول مهمة أخرى تعتزم مساعدة إسرائيل بعد إعلان إيران الحرب ضدنا.

سيسجل الحدث ليلة أول أمس في تاريخ دولة إسرائيل كحدث بمستوى دولي.

شيء ما حصل هذه الليلة. والشيء يستوجب من إسرائيل الاهتمام بخطوات دبلوماسية تخلق تحالفات وضمانات تساعدها في التحديات الأمنية التي تقف أمامها.

العالم معنا مرة أخرى. ينبغي تنسيق باقي الخطوات مع حلفائنا، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وإعادة الثقة والتنسيق مع الدول الصديقة والداعمة. فلنعترف بالحقيقة أننا نحتاج دعمهم ومساعدتهم كـ “الهواء للتنفس”.

———————————————

هآرتس 15/4/2024

صحيفة إسرائيلية.. لنتنياهو ومؤيديه: اعتذروا للأردن

بقلم: نوعا لنداو

إن نكران الجميل والعمى المطلق من قبل مؤيدي رئيس الحكومة نتنياهو، تجاه الرئيس الأمريكي جو بايدن، والضرر الذي ألحقه هو ومؤيدوه باستراتيجية تأييد الحزبين، التي لم تعد هناك فائدة من محاولة شرحها بأدوات تقليدية رغم أن 47 في المئة من المستطلعين في استطلاع أجرته “أخبار 12” بعد 7 أكتوبر أجابوا بعدم التراجع لأنهم يفضلون دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، هو دليل على أنهم لم يميزوا بين الخير والشر والمصالح الحقيقية لدولة إسرائيل. هؤلاء الإسرائيليون، الذين يُلقّنون بالأكاذيب حول “جو النعسان” يومياً في انقطاع مطلق عن الواقع، واستعراض التأييد الكبير لتاريخ العلاقات بين الدولتين، الذي وقع أمس في سماء الشرق الأوسط، هو أيضاً أمر لن يقنعهم. لذا، من الجدير التوقف الآن عند انتقاد ذاتي آخر: ماذا عن تخريب العلاقات مع الأردن، الذي كان إسهامه في صد الهجوم الجوي حاسماً جداً؟

خربت حكومات نتنياهو العلاقات الغضة مع المملكة الأردنية. تعززت الحقيقة، وتوطدت العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمخابرات في الدولتين، التي بدأت بالسر حتى قبل اتفاق السلام، لكن الصعيد المدني – الاقتصادي أهمل بشكل كامل، وتم إهمال الكثير من المشاريع المدنية التي رافقت الاتفاق، خصوصاً المشاريع التي استهدفت تحسين ضائقة المياه في الأردن. كانت تصريحات نتنياهو حول نية ضم غور الأردن هي أحد المستويات القياسية في تدهور العلاقات السياسية. ولكن كان هناك أيضاً تآكل متعمد في الوضع الراهن داخل الحرم ومكانة البلاط الملكي باعتباره الراعي الديني والتاريخي للحرم، ورد الأردن الغاضب على الوضع السياسي على صورة مطالبته بإعادة حقلي نهرايم وتسوفر [الباقورة والغمر] إلى سيادته. ولكن كان هناك أيضاً عدد من الأحداث، مثل الاستقبال الدافئ جداً الذي قدمه نتنياهو للحارس الإسرائيلي الذي قتل أردنيين في تموز 2017، وهو الحادث الذي أدى إلى دفع تعويضات واعتذار إسرائيل، أو الحادث الذي أغلق فيه نتنياهو المجال الجوي أمام الطائرات الأردنية في نهاية مواجهة بدأت عندما وضعت إسرائيل العقبات أمام زيارة الأمير الأردني للقدس.

الإهانة المتشككة لحكومات نتنياهو واليمين للعلاقات مع الأردنيين، ضمن أمور أخرى بسبب الدعم الثابت لحل سياسي للفلسطينيين خلافاً لأوهام اليمين حول “الخيار الأردني” للفلسطينيين، الذي كرره يئير نتنياهو أيضاً في مناسبات مختلفة، أدت مع مرور السنين بالولايات المتحدة بضغط من إسرائيل إلى تقليص المساعدات الأمنية للمملكة، الأمر الذي يبدو الآن كسوفاً كلياً.

لكن ذروة السخافة في العلاقة الباردة جداً مع الدولة التي تشاطر إسرائيل الحدود الاستراتيجية الأطول، كانت جراء رد غاضب من حكومة “التغيير” على ما تم نشره في تموز 2021 بأن رئيس الحكومة في حينه، نفتالي بينيت، التقى الملك عبد الله سراً في عمان في محاولة لفتح صفحة جديدة في العلاقات التي أخل بها نتنياهو. وأيضاً لقاءات وزير الخارجية في حينه يئير لبيد مع نظيره الأردني أيمن الصفدي.

ساد في أوساط الشعبويين اليمينيين في حينه ذعر شديد من أن تحسين العلاقات مع الأردن، لا سمح الله، سيكلف إسرائيل أثماناً باهظة، على رأسها عملية سياسية مع الفلسطينيين أو المس بالتحالف الخليجي، حتى النظرة التجارية للمياه المقدسة في أرض إسرائيل كانت موجودة.

إن إفشال الهجوم الإيراني هو في المقام الأول دليل واضح على أهمية التحالفات الإقليمية المعتدلة، بما في ذلك مع الفلسطينيين. في الفترة التي سبقت 7 أكتوبر، قال اليمين البيبي إن القضية الفلسطينية “أزيحت عن جدول الأعمال”، وأنه يمكن التطبيع مع السعودية بصورة منفصلة عما يحدث في الضفة الغربية أو قطاع غزة، واستخفوا وخربوا العلاقات مع الحزب الديمقراطي في أمريكا وخربوا العلاقات الاستراتيجية مع الأردن. وصمموا على إضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية حماس. في هذا الأسبوع، فركت عيني بدهشة أمام شاشة القناة 14؛ فقد نشرت أن “الخيار الأقل سوءاً لليوم التالي هو سيطرة مؤيدي فتح على قطاع غزة”. وإذا كان ينبغي لشخص الشعور بـ “خيبة أمل” الآن، فحتماً لن يكون اليسار؛ لأنه ليس هو من كان يحذر دائماً من كل هذه الأمور. على نتنياهو ومؤيديه الاعتذار الآن، ليس فقط من بايدن، بل من الأردنيين أيضاً.

———————————————

هآرتس 15/4/2024

هل ستكتفي إسرائيل بـ “نجاح دفاعاتها الجوية” وتذعن لـ”الفيتو الأمريكي”؟

بقلم: عاموس هرئيل

الهجوم الإيراني الواسع على إسرائيل بواسطة مئات المسيرات والصواريخ المجنحة والبالستية انتهى فجر الأحد بأضرار هامشية جداً. كان هذا بفضل قدرة عملياتية كبيرة لسلاح الجو، وبفضل تعاون وثيق مع الولايات المتحدة ودول صديقة أخرى في الشرق الأوسط وأوروبا. إسرائيل، التي تحظى بلحظة نادرة من دعم دولي كاسح، تتردد الآن في طبيعة ردها. يستخدم الرئيس الأمريكي ضغطاً كبيراً على نتنياهو للامتناع عن هجوم جوي في إيران. هذا الهجوم قد يدخل حزب الله إلى الصورة بشكل كامل، ويقرب الطرفين من حرب إقليمية شاملة.

جولة اللكمات الحالية التي هاجمت إيران فيها إسرائيل للمرة الأولى بشكل مباشر، بدأت في 1 نيسان بسبب عملية التصفية التي نسبت لإسرائيل في دمشق. في 7 أكتوبر، عندما هبت حماس لتنفيذ المذبحة في الغلاف، اعتمد رئيسها في القطاع السنوار على سيناريو ينضم فيه الشركاء في المحور الراديكالي، وعلى رأسهم إيران وحزب الله، إلى الهجوم المفاجئ على إسرائيل. امتنع السنوار بشكل متعمد عن تنسيق موعد الهجوم، واكتشف بأن الشركاء غير متحمسين للانضمام إليه بدون التنسيق المسبق معهم. حصر حزب الله نفسه في إطلاق النار على الجليل، واختارت إيران كالعادة البقاء وراء الكواليس.

في الأشهر الأخيرة، تطور إحباط كبير إزاء شعور بأن إيران محصنة من الإصابة في الوقت الذي تشغل فيه الإرهاب كما تريد بواسطة المبعوثين، وتهتم بتسليح أصدقائها في محور المقاومة. كان هذا خلفية تركيز الهجمات على رجال حرس الثورة في سوريا، التي كانت ذروتها في الأول من الشهر الحالي تصفية الجنرال مهداوي. ولكن إسرائيل اعتقدت أن ما كان هو ما سيكون، وافترضت أن إيران ستكتفي برد محدود على تصفيته هو وستة من رجاله. وخلال بضعة أيام تراكمت علامات على نية إيران القيام هذه المرة برد من أراضيها على الأراضي الإسرائيلية. لم تكن بحاجة إلى عملية جمع معلومات خاصة، فالمرشد الأعلى عليّ خامنئي قال ذلك بنفسه وبشكل علني ثلاث مرات. وأكد الإيرانيون على حقيقة أن المبنى الذي هوجم قرب السفارة الإيرانية في دمشق استخدم كقنصلية. لذا، تم تفجير منطقة تحت سيادتهم، وفق ادعائهم.

هنا بدأت استعدادات متشعبة، مع استغلال بنية استراتيجية بنيت بعناية في السنوات الثلاث الأخيرة. الإدارة الأمريكية، بتنسيق وثيق مع إسرائيل، دفعت قدماً بخطة لإقامة منظومة دفاع جوية أمام الصواريخ والمسيرات، وبالتعاون مع دول أوروبية وعدد من الدول العربية المعتدلة في المنطقة. اعتمدت المنظومة على شبكة معقدة من وسائل الكشف (الحساسات) التي نشرت في عدة دول. وساهمت إسرائيل بقدرة متطورة جداً للكشف والاعتراض بواسطة منظوماتها متعددة الطبقات. وساهم الشركاء في البداية بتقديم الرادارات، التي تم نشرها قرب الحدود الإيرانية.

خلال نصف سنة من الحرب، ظهرت بادرات أولية لنشاطات الحلف الدفاعي الجوي الإقليمي (الذي سماه الأمريكيون ام.إي.ايه.دي). تم جني الثمار بالكامل هذه الليلة. أطلق الإيرانيون أكثر من 300 صاروخ ومسيرة من كل الأنواع، لكن نجاحهم كان قليلاً. سقطت بضعة صواريخ بالستية في مناطق مفتوحة، بالأساس في النقب. أصيبت طفلة عمرها 7 سنوات من قرية بدوية. وثمة أضرار لحقت أيضاً بقاعدة لسلاح الجو في الجنوب، قاعدة “نفاتيم”. أما الأسلحة الأخرى التي أطلقت على إسرائيل فتم اعتراضها، 99 في المئة منها. جزء كبير سقط أسقط حدود إسرائيل، في سماء الأردن والعراق (الذي عمل فيه الأمريكيون).

لا يمكن التقليل من أهمية نتيجة المواجهة الليلية. هذا إنجاز وبحق لم يكن مثله في تاريخ الحرب عندما قامت إسرائيل بمساعدة الأصدقاء بإسقاط ورقة إيران الرئيسية وشركائها في المحور: الصواريخ والمسيرات. اعتراضات “حيتس” المثيرة أثارت اهتماماً كبيراً، لكن الطيارين الأمريكيين والإسرائيليين أسقطوا مئات الصواريخ المجنحة والمسيرات.

يمكن التقدير بأن خيبة أمل طهران من النتائج العملياتية للمواجهة كانت كاملة. نية إيران، كما قدرت مسبقاً، كانت التركيز على هدف عسكري. يبدو أن الإيرانيين قصدوا تدمير قاعدة “نفاتيم” تماماً، بما في ذلك طائرات اف35 المتقدمة التي تهبط فيه، والتي هي درة تاج المساعدات الأمنية الأمريكية لإسرائيل. لكن كل ذلك لم يتحقق أي شيء منه.

———————————————

هآرتس 15/4/2024

لماذا تنشط “اللعبة الجماعية” لإنقاذ إسرائيل و”تختبئ” حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين؟

بقلم: أسرة التحرير

الهجوم الإيراني على إسرائيل غير مسبوق؛ فهذه المرة الأولى التي تهاجم فيها إيران إسرائيل مباشرة على أراضيها، بمئات المُسيرات والصواريخ الجوالة والصواريخ الباليستية. أعلنت إيران بأن الهجوم رد على اغتيال سبعة من رجال الحرس الثوري في دمشق بمن فيهم قائد “فيلق القدس” رضا زاهدي (حسن مهدواي)، وأنه “يمكن اعتبار الموضوع مغلقاً”.

لإسرائيل أسباب لاعتبار الموضوع مغلقاً من ناحيتها أيضاً، حالياً على الأقل. إذ إن الهجوم الإيراني صد، والضرر الذي لحق بإسرائيل طفيف. هذه المرة، بخلاف إخفاق 7 أكتوبر، كانت إسرائيل وجيشها جاهزين. ولا تقل أهمية عن ذلك “اللعبة الجماعية” – دفاع إسرائيلي الناجح الذي هو ثمرة تعاون وتنسيق مع حلفائها القدماء والجدد كالولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الأردن، والسعودية أيضاً.

العناصر المتطرفة في الحكومة، وعلى رأسهم سموتريتش وبن غفير، يطالبون بأن تهاجم إسرائيل وحدها رداً على الهجوم الإيراني. ليس في ذلك مفاجأة، فهذه عناصر تسارع للحرب وتسعى لتوريط إسرائيل، دون أن تفهم معنى الأمر. فمهاجمة إيران دون دعم حلفاء إسرائيل، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، سيكون سائباً وعديم المسؤولية. قد تدهور إسرائيل المنطقة بل والعالم إلى حرب شاملة. هذا هو السبب الذي يجعل الرئيس الأمريكي يمارس ضغوطاً شديدة على نتنياهو للامتناع عن المهاجمة.

وزير الدفاع يوآف غالانت قال عقب الهجوم الإيراني: “العالم رأى أيضاً ما هي قوة التحالف وكيف وقفت إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى لتصد هذا الهجوم بشكل لا مثيل له”.

السؤال هو: هل رأى زملاؤه في الحكومة ما هي قوة التحالف وهل يفهم أعضاؤها ورئيسها بأن على إسرائيل أن تعمل فقط وحصرياً بالتنسيق معه، لأنها الضمانة الوحيدة لأمنها وللدعم الدولي؟

بعد أشهر تنكر فيها العالم لإسرائيل بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة، بضحاياها الكثيرين والوضع الإنساني الصعب، تحظى إسرائيل مرة أخرى بدعم دولي جارف بسبب الهجوم الإيراني. إسرائيل ملزمة باستخدام هذا الدعم للهدف الأهم: إعادة المخطوفين وإنهاء الحرب في غزة. عليها أن تستمع للرئيس بايدن الذين دعمه مرة أخرى حرجاً في إنقاذ إسرائيل والاستماع أيضاً إلى دول السلام العربية التي وقفت إلى جانب إسرائيل، وعلى رأسها الأردن. مع حلفائنا ننتصر. ويجب أن يقال للمتطرفين وقارعي طبول الحرب الإقليمية: “Don’t“.

———————————————

هآرتس 15/4/2024

أحيانا يكون من الجدير ضبط النفس

بقلم: إيهود أولمرت

هجوم إيران على إسرائيل استهدف أن ينقش في وعي جميع المشاركين في هذه الدراما في الشرق الأوسط بأن إيران هي العامل الرئيسي. إيران ليست فقط وكلاءها في الشمال والجنوب وفي سورية والعراق، هي أولا وقبل كل شيء القوة الرئيسية التي تملي الخطوات، التي تقرر جدول الأعمال وتناور بين القوات التي تعمل في المنطقة. الطائرات المسيرة الـ300 التي أطلقتها على دولة إسرائيل وعشرات الصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية هي الدليل على قوتها الكبيرة، والدليل على تنوع الوسائل القتالية لإيران وقدرتها على أن تصبح خصما، ليس فقط لإسرائيل، بل أيضا للدول العظمى التي زعماؤها يتصلون مع آية الله في إيران من أجل ردعه وتحذيره من نيته عن حربه العلنية.

هذا الهجوم انتهى بهزيمة ساحقة. الليلة بين منتهى السبت وأول من أمس، أنزلت على إيران وحلفائها هزيمة مدوية. هذه كانت ليلة النصر الأكبر لسلاح الجو الإسرائيلي وقادته وطياريه، وبالطبع لرئيس الأركان ومساعديه. في هذه الليلة، مرة أخرى، حاز الجيش الإسرائيلي، أكثر مما في كل أشهر القتال الطويلة، الجرأة والشجاعة للجنود النظاميين وجنود الاحتياط، على ثقة الدولة ومواطنيها. فقد تبين لكل العالم بأنه حتى 300 مسيرة وعشرات الصواريخ المجنحة والصواريخ البالستية لا يمكن أن تضعضع أمن إسرائيل وتفوقها العسكري والعلمي وإنجازاتها التكنولوجية. هذا كان استعراضا للشجاعة والكفاءة العبقرية والدقة والقدرة على السيطرة والتنسيق والقيادة العسكرية المنضبطة والهادئة والمهنية.

تلك الليلة كانت أيضا ليلة النصر الأكبر للرئيس الأميركي جو بايدن. فبالهدوء وضبط النفس والالتزام الكامل بأمن إسرائيل والقدرة على تجنيد لهذا الجهد العسكري أيضا بريطانيا وفرنسا وجهات أخرى ما تزال هويتها سرية، هو خلق الفرق المهم في نتائج هذه المواجهة. إنجاز أميركا ليس فقط في الوقوف العلني والمثير للانطباع للرئيس، بل بالإسهام المباشر في هذا الإنجاز العسكري.

يمكن الافتراض أن أساس عملية الاعتراض هو سلاح الجو الإسرائيلي. أيضا يمكن الافتراض بأنه لولا الأميركيين والبريطانيين، لا سيما في المناطق البعيدة، لكانت إسرائيل ستنجح فقط في إحباط 75 % من هذا التهديد. الفجوة في نسبة نجاح الإحباط هي الفجوة بين ضربة محتملة مؤلمة جدا (تدمير عدد من قواعد سلاح الجو وعشرات القتلى والشعور بأننا مكشوفون ومن دون حماية) وبين نتيجة هجوم إيران الفعلي. بالتالي، إسهام الولايات المتحدة ليس فقط الصورة الدولية لتحالف سياسي وعسكري، بل هو إسهام حقيقي لجنود أميركيين الذين من دونهم ما كنا سنحصل على صورة النصر الحاسم. الاستنتاج المطلوب متعدد الوجوه. أولا، من المهم جدا عدم انجرار إسرائيل إلى حرب تصريحات متبجحة من النوع المعروف في محيطنا. سلاح الجو أعاد للدولة والجيش المكانة التكنولوجية التي تراجعت. مقاتلو سلاح الجو أعادوا إلى وعي الجمهور التفاخر والثقة. ولكن من دون بايدن كل شيء كان سيكون مختلفا. من الجدير تذكر ذلك قبل أن تبدأ أدوات رئيس الحكومة والمحيطين به في إطلاق التصريحات والتهديدات والتحذيرات والطلبات.

في هذا السياق، لا يمكن ألا نعيد النظر مرة أخرى فيما إذا كانت تصفية حسن مهداوي تمت في التوقيت الصحيح. الحديث يدور عن شخص كان متورطا في نشاطات عسكرية استفزازية ضد إسرائيل، وكان عاملا رئيسيا في تنسيق وتفعيل قتال حزب الله والميليشيات الإيرانية في سورية. مع ذلك، من الواضح أنه في الوقت الذي تقرر فيه تصفيته لم يتم فحص إمكانية أن هذا الأمر يمكن أن يكون مرتبطا بتوسع القتال وتدخل مباشر من قبل إيران والخوف من اندلاع حرب شاملة بتدخل من دول عظمى، تهز الشرق الأوسط وتورط إسرائيل في حرب متعددة الجبهات.

أحيانا يكون من الجدير ضبط النفس حتى عندما يكون هناك هدف جدير، ومهداوي كان هدفا جديرا بالتصفية. شخص ما خارج الإطار العسكري المقلص يجب عليه أن يكون مشاركا في هذه الاعتبارات، ومن الأفضل ألا يكون هذا فقط رئيس الحكومة الذي يعمل تقريبا بكل الطرق الممكنة لتوسيع الحرب وإطالتها وتأجيل انتهائها. عندما يتم تنفيذ عملية تصفية في عاصمة دولة عربية يمكن جمع كل قوة ضبط النفس وعدم الانطلاق الى احتفال التفاخر والغطرسة. فهذه أسهمت بالضرورة في رد إيران. في الحقيقة، دولة إسرائيل لم تتحمل المسؤولية عن عملية الاغتيال، لكن قدرة المحللين في جميع القنوات على التحدث عن عملية الاغتيال وتحديد أسماء الضحايا والظروف وسياق العملية على الفور عند حدوثها، كل ذلك أوضح أن الأمر يتعلق باحتفال زائد لإسرائيل.

عندما كنت رئيسا للحكومة، أمرت بتصفية جهات عدة معادية في دول قريبة وبعيدة. معظم عمليات التصفية حتى الآن لم تعترف إسرائيل بتنفيذها. ولم يأت أي رد من الدول التي قمنا باغتيال شخصيات رفيعة فيها. وقد دمرنا أيضا المفاعل النووي في سورية. مرت عشر سنوات ولم يتم النشر بأن إسرائيل هي من فعلت ذلك. الأسد، الذي عرف بالضبط من نفذ الهجوم، صمت ولم يرد. الحكومة التي تنشغل كل الوقت في محاولة تصفية، بالأساس، الخصوم السياسيين والذين يطالبون بإسقاطها، غير قادرة على الامتناع عن التفاخر بعد كل إنجاز، حتى عندما يكون أحيانا من الصحيح إخفاء ذلك. ولكن بما أن بنيامين نتنياهو هو رئيس الحكومة، فإن هذا شر لا يمكن تجنبه كما يبدو.

الليلة بين منتهى السبت ويوم الأحد ألغت نهائيا قدرة إسرائيل على الدخول إلى رفح. يجب على نتنياهو التقرير إذا كان يريد حماية أميركا من إيران أو أنه يريد شرخا مكشوفا، علنيا وخطيرا، مع القيادة الأميركية والشركاء في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إزاء اقتحام رفح. هذا الخيار ما يزال أمامنا. ضغط ايتمار بن غفير وأعضاء عصابته على نتنياهو سيستمر. فهم لن يتنازلوا عن مواصلة الحرب في رفح. بايدن حذر من هذه العملية. بعد هذه الليلة، فإن هجوم إسرائيل على رفح، خلافا لموقف الولايات المتحدة وأوروبا، يمكن أن يدهور دولة إسرائيل نحو الهاوية.

إذا حدث ذلك، فإنه في المواجهة المقبلة مع إيران، التي يمكن أن تكون في القريب، نتنياهو وبني غانتس وغادي ايزنكوت سيضطرون إلى اتخاذ القرارات دون أن تكون بجانبهم الدولة الأقوى في العالم. وأيضا من دون عقد مجلس الأمن الأميركي جلسة ماراثونية في واشنطن لتنسيق الحماية لدولة إسرائيل، التي حكومتها تصمم على إدارة حرب لا حاجة إليها.

رئيس الحكومة ووزير الدفاع لم يتوقفا عن التحذير من أنه إذا قامت إيران بمهاجمتنا من أراضيها، فإن دولة إسرائيل سترد من دون أي تردد وبكل القوة. هذه التصريحات سمعت كثيرا، حتى من وزراء، بعد هجوم إيران وبعد إعلانها بأنها أنهت العملية. أنا أطلب وأوصي بضبط النفس. أي رد لإسرائيل هو أمر غير مطلوب. فهذا الرد أعطي في منتهى السبت – صباح يوم الأحد.

الرئيس بايدن كان على حق عندما قال إن إسرائيل انتصرت، في الحقيقة بمساعدة مهمة جدا من أميركا. وحتى الآن إسرائيل انتصرت بشكل حاسم. هذا إنجاز سيتم تعليمه في الكليات العسكرية. قدرة غير مسبوقة للتنسيق بين جميع المنظومات وتفعيل بالتوازي جميع طبقات الحماية المضادة للأسلحة الجوية، القبة الحديدية ومقلاع داود والحيتس في ساحة غير ضيقة وفي تزامن مدهش ومثير للانفعال. إن صلافة إيران كانت واضحة في هذه المرة، إرسال 300 مسيرة وصواريخ مجنحة وصواريخ بالستية وإلحاق ضرر هامشي فقط بقاعدة واحدة لسلاح الجو، التي لم يتوقف عملها للحظة، ومن دون خسائر في أرواح الجنود والمواطنين، باستثناء فتاة أصيبت بشظايا قذيفة إسرائيلية. هذا فشل ذريع ويمكن أن يساعد على إعادة القيادة الإيرانية إلى اتزانها الصحيح.

لقد حان الوقت للتوقف. وحان الوقت لعقد الصفقة مع يحيى السنوار لإعادة جميع المخطوفين. من المناسب لنا عقد هذه الصفقة بعد العملية الناجحة. ومن المناسب للسنوار التوصل إلى مثل هذه الصفقة بعد أن عرف أن راعيه الرئيسي غير قوي، كما كان يأمل.

———————————————

إسرائيل هيوم 15/4/2024

نجاح ردع إيران يستوجب تذكيرنا بإنهاء الحرب بكل الساحات

بقلم: اللواء احتياط غرشون هكوهن

جهدان خلقا الإنجاز المهم في إحباط الهجوم الناري الإيراني. الجهد الأول – استنفاد منظومة الدفاع الجوي متعددة الطبقات التي بنيت بكد في الصناعات الأمنية وفي الجيش الإسرائيلي في العقود الأخيرة، والتي انضمت إليها قدرة اعتراض فائقة للطائرات القتالية. الجهد الثاني – التعاون بين الجيش الإسرائيلي وبين قيادة المنطقة الوسطى الأميركية، التي بقيادتها عملت معا بتنسيق عملياتي غير مسبوق قوات عسكرية لبضع دول في مجال عملياتي معقد.

اضافة اعلان

سبق هذان الجهدان إعداد طويل السنين في تطوير وبناء القوة في جهاز الأمن الإسرائيلي وفي تنسيق استراتيجي عملياتي أخذ بالتعمق في السنوات الأخيرة، بين هيئة أركان الجيش الإسرائيلي وبين قيادة المنطقة الوسطى الأميركية المسؤولة عن المنطقة.

على أساس هذه البنية التحتية، وفي ضوء إعلان التهديد الإيراني، أعدت في الأيام العشرة الأخيرة خطة مشتركة مركزة لإحباط الهجوم الإيراني.

النجاح في تفعيل عموم القوات بتنسيق مثالي – بعيد عن أن يكون أمرا مفهوما من تلقاء ذاته.

إن التفوق الذي أظهر في لقاء القوى يشكل الخطوط الهيكلية لميدان معركة مستقبلي مليء بالتكنولوجيا الفائقة. وإن كان الصدام بين أسراب المُسيرات والصواريخ الجوالة وبين قوات الدفاع الجوي يتحقق منذ نحو سنتين على نطاقات واسعة في القتال في أوكرانيا.

الجديد في الصدامات الجوية في ليلة السبت الماضي تلخص في نتيجة شبه كاملة لإحباط الهجوم.

ستكون لهذا بالتأكيد تداعيات في فحص متجدد واستخلاص الدروس في منظومات النار الإيرانية. في البعد الاستراتيجي أيضا، ستكون القيادة الإيرانية بمراجعة بضع فرضيات أساس، ومنها الفرضية بأن العزلة السياسية التي علقت فيها إسرائيل توقع لدى المنظومة الإيرانية فرصة لانعطافة في تحقيق الحرب ضد إسرائيل.

في هذه الظروف التي تشكلت مع النجاح الإسرائيلي – الأميركي، فإن مسألة الرد الإسرائيلي المضاد تستوجب أيضا تفكيرا متجددا. صحيح أن القيادة الإسرائيلية أعلنت قبل بدء الهجوم عن واجبها لرد مناسب على الأراضي الإيرانية، غير أن النجاح المبهر منح إسرائيل مجال تردد أكثر مرونة.

في ضوء معاني الشراكة العسكرية التي وجدت تعبيرها في عمل التحالف، فإن دولة إسرائيل لا يمكنها أن تتجاهل توقعات حلفائها بالنسبة لشكل الرد الإسرائيلي.

انطلاقا من هذا الموقف، يجدر بالقيادة الإسرائيلية أن تعيد لتركز من جديد أهداف الحرب في عموم الجبهات. وبالذات انطلاقا من انكشاف الدول المباشر لإيران في الحرب ضد إسرائيل، يمكن عرض القتال الإسرائيلي ضد كل واحدة من الساحات الفرعية كعمل إسرائيلي ضد ايران.

لقد سعى الرد الإيراني غير المسبوق لأن يضع لإسرائيل خطا أحمر لنشاطها ضد قادة إيرانيين في سورية.

في هذا الجانب، فإن الميل الهجومي الإسرائيلي لمنع نقل وسائل قتالية الى حزب الله من أراضي سورية ومنع تواجد قيادات إيرانية في الدولة يجب أن يستمر دون روع. فالإبقاء على هذا الزخم يعطي جوابا لمن يخشى من أن يفسر الرد الإسرائيلي في إيران كضعف ويترجم الى فقدان الردع.

حتى بعد الإنجاز المشجع حيال إيران والجدير بكل تقدير، فإن الحرب التي بدأت في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لم تحقق بعد أهدافها.

ما يزال، في ساحة قطاع غزة وكذا في الساحة اللبنانية تقف أمام الجيش الإسرائيلي تحديات معقدة. مع ذلك، يمكن الأمل في أن النجاح في إحباط الهجوم الإيراني يؤشر لنقطة انعطافة لإنهاء الحرب في كل الساحات بشكل مرغوب فيه لدولة إسرائيل.

———————————————

يديعوت أحرونوت 15/4/2024

لنستغل الفرصة

بقلم: غيورا آيلند

النجاح المبهر في إحباط الهجوم الإيراني يسمح لإسرائيل بمرونة حول معضلة هل ترد أم لا. فضلا عن ذلك يمكن اتخاذ القرار بعد بضعة أيام أيضا وبعد تقويم جذري للوضع.

لإمكانية عدم الرد توجد أفضلية إذا ما عرفنا كيف نستغل كل فرصة كي نخلق واقعا إستراتيجيا آخر، تنبع الفرصة من تداخل أربع تطورات: إثبات تفوقاتنا التكنولوجية (وتفوقات حلفائنا) على التهديد الإيراني؛ إثبات عملي بأنه يمكن وجود تحالف لدول عربية مع الولايات المتحدة وبريطانيا ومع إسرائيل ضد إيران؛ سواء الهجوم الإيراني أم السيطرة على السفينة يخلقان غضبا دوليا ضد إسرائيل؛ نشأت أجواء مصالحة مع الولايات المتحدة.

هذا الوضع يمكن استغلاله لأجل محاولة تحقيق خمسة أهداف، أولها هو منع السلاح النووي في إيران. المنطقة والعالم كله يمكنه أن يفهم الآن كم كبيرا سيكون الخطر إذا تمكنت إسرائيل، التي تملك صواريخ بمدى 2000 كيلو متر من أن تطلق معها أيضا سلاحا نوويا. ثمة احتمال لاستبدال وهن الغرب في هذا الموضوع بضغط سياسي واقتصادي مترافقان وتهديد عسكري يحبط النية الإيرانية.

الهدف الثاني هو حمل العالم على أن يفهم بأن حزب الله والحوثيين في اليمن ليسا منظمتي إرهاب – يدور الحديث عن وحوش مع أيديولوجيا متطرفة مزودة بقدرات عسكرية لدول كبرى وقوية لكنهما غير خاضعين لأي قانون دولي ولجم الدول. مجرد وجودهما يعرض السلام العالمي للخطر وعليه من الواجب تفكيكهما.

الهدف الثالث – والملموس أكثر – هو تغيير الوضع في حدود لبنان. على إسرائيل أن تعلن بأنه ابتداء من الأول من أيلول (سبتمبر) 2024 الحياة في شمال إسرائيل ستعود إلى مسارها. يمكن محاولة الوصول إلى هذا الواقع باتفاق، لكن أن يخصص لهذا زمن محدود، وإذا لم يحصل الأمر – فإن إسرائيل ستشن حربا في الشمال. من الصواب استغلال الروح الطيبة (نسبيا) في علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة وفرنسا لأجل الضغط في هذا الموضوع، وواجب أن تفهم الولايات المتحدة وتدعم خطوة عسكرية في لبنان إذا ما فشلت المفاوضات. فضلا عن ذلك فإن انتصارا إسرائيليا في هذه المعركة يستوجب أن تتجه أساسا الهجمات الإسرائيلية ضد البنى التحتية في لبنان والضاحية في بيروت: تدمير شديد في لبنان هو الأمر الوحيد الذي يخيف نصرالله وتحقيقه هو الشرط الضروري لتحقيق النصر لزمن وثمن معقولين. من الحيوي أن تفهم الولايات المتحدة وتوافق على ذلك.

الهدف الرابع هو إنهاء الحرب في غزة في ظل إعادة كل المخطوفين في أقرب وقت ممكن. الطريق الواقعي لتحقيق هذا لا تقوم على أساس “النصر المطلق” بل على أساس صفقة بسيطة: إنهاء الحرب مقابل كل المخطوفين. إن ضرب قدرات حماس العسكرية، مثلما تحقق حتى الآن مبهر ومرض منذ الآن، حتى بدون احتلال رفح. وإذا كنا نريد حقا إسقاط حكم حماس فمن الواجب قبول المبادرة التي وضعت امامنا قبل بضعة أشهر والموافقة على دخول قوات السلطة الفلسطينية يدعم من الدول العربية إلى شمال القطاع. كان يمكننا ان نكون منذ زمن بعيد في وضع تكون فيه السيطرة المدنية في هذه المنطقة ليس لحماس، وإذا كان ثمة شيء ما يمكنه أن يضغط السنوار فهو ليس الضغط العسكري بل وجود بديل سلطوي.

الهدف الخامس هو تحسين شبكة علاقات إسرائيل سواء مع الأسرة الدولية أم مع الدول العربية.

تحقيق الأهداف الثلاثة الأخرى ممكن في الأشهر القادمة، وإذا كان هذا ما سيحصل، فسنتمكن من التركيز على الهدفين الأولين، الأكثر أهمية في المدى البعيد.

———————————————

يديعوت أحرونوت 15/4/2024

ليلة الهجوم الإيراني كانت مهزلة استراتيجية لـ”إسرائيل”

وتحدّثت الصحيفة عن “فشل استراتيجي” مُنيت به “إسرائيل” بعد الرد الإيراني، وذلك نظراً لحقيقة أنّ “إسرائيل استُعبدت لأسبوعين، في إثر توتر يصيب بالشلل، بعد إقدامها على الاغتيال (وفي هذا إشارة إلى الترقب والقلق اللذين سادا في انتظار الرد، بعد التهديدات منذ مطلع هذا الشهر)”.

وشكّكت الصحيفة في ما إذا كان باستطاعة الإسرائيليين، أن يقولوا “لماذا تم تنفيذ اغتيال يمكن أن يقود إلى مواجهة أكثر تعقيداً بمليون مرة مما هي عليه في الشمال والجنوب، بينما القصة هناك أيضاً بعيدة من أن تنتهي”.

وتساءلت الصحيفة ساخرةً: “كيف يُفترض أنّ يقوم القادة، الذين سبق أن أقرّوا عدة مرات خططاً لغزو رفح، والذي لم يحدث بعد، بتهديد طهران؟”.

وأمام ذلك، وجدت “يديعوت أحرونوت”، أنّ الجواب هو “جواب كلاسيكي إسرائيلي آخر”، ومفاده: “خطأ، مخطئون، أخطأنا”.

كذلك، لفتت الصحيفة إلى أنّ التقدير الاستخباري، كان يفيد بأنّ إيران “لن تغيّر طريقة عملها”، في حال أقدم “الجيش” الإسرائيلي على اغتيال شخصية لها في دمشق، في أرض سيادية بالنسبة لطهران.

وفي إشارة إلى سوء التقدير الإسرائيلي، رأت الصحيفة أنّ المسؤولين الإسرائيليين “نسوا أنّ إسرائيل لم تعد تظهر بصورة المهدِّد، وأنّ لديها حكومةً لا تتمتّع بالثقة، وأنّ جيشها أخطأ أكثر من مرة، ولا يعرف كيف يتعافى من ذلك”.

بالإضافة إلى ذلك، تساءلت الصحيفة عما إذا كانت عملية الاغتيال “ملحّةً”، علماً بأنّ “إسرائيل كانت على وشك التعرّف عن كثب إلى حلقة النار التي أقيمت حولها”.

وتابعت بأنّه “مرة أخرى، ثبت أنّ إسرائيل لا تحبّ التفكير بصورة مختلفة، عندما يتعلّق الأمر بخطوات دراماتيكية من جانب العدو”.

وفي هذا الإطار، عادت الصحيفة إلى معركة “سيف القدس” عام 2021، والتي “اعتقدت فيها إسرائيل أنّ حماس لن تقصف القدس وتخاطر بمعركة شاملة، وإلى الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر، حين “اعتقدت أنّ حماس مردوعة”.

وكذلك، فإنّ اغتيال القادة في الحرس، في استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق بُنِيَ، خطأً، “على تردّد إيراني، تحوّل إلى هجوم تاريخي”، بحسب “يديعوت أحرونوت”.

ويأتي ما كتبته الصحيفة في سياق تعليقات إعلام الاحتلال على الرد الإيراني، التي أبدت خشيةً من “تغيّر قواعد اللعبة في أي مواجهة مع طهران”، حيث تحدّثت عن “التعرّض لإهانة ثقيلة وغير مسبوقة”، إذ إنّ “الردع الإسرائيلي الذي تحطّم في غزة ولبنان، تحطّم في طهران أيضاً”.

———————————————

لوموند: إسرائيل في مأزق بعد الهجوم الإيراني

“القدس العربي”: قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن بعض أعضاء حكومة بنيامين نتنياهو يريدون الانتقام من طهران بأي ثمن، على الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة التي تخشى اندلاع حريق إقليمي، معتبرة أن إسرائيل ما زالت لا تعرف كيف تستعيد قدراتها الرادعة، بعد ستة أشهر من الحرب الفوضوية في غزة، والتي أسفرت عن مقتل 33 ألف فلسطيني، وحملة من الضربات المكثفة في لبنان وسوريا لم يسبق لها مثيل منذ عقد من الزمان.

لقد أبدى حلفاؤها الغربيون هذه الملاحظة المثيرة للقلق بهدوء، حتى قبل أن تظهرها إيران، ليلة السبت13 أبريل إلى الأحد 14 أبريل، بإطلاق أكثر من 300 طائرة بدون طيار وصاروخ باليستي باتجاه الدولة العبرية.

واعتبرت الصحيفة أن هذا الرد الإيراني المباشر يضع حكومة بنيامين نتنياهو في مأزق، إذ لا يُمكن لإسرائيل الرد على الأراضي الإيرانية دون المخاطرة بالتصعيد، وهو ما ترفضه حليفتها الأمريكية بكل قوة، خوفاً من حرب إقليمية.

الرد الإيراني المباشر يضع حكومة بنيامين نتنياهو في مأزق، إذ لا يُمكن لإسرائيل الرد على الأراضي الإيرانية دون المخاطرة بالتصعيد

وإذا لم يستجب (نتنياهو)، فإنه يسمح لإيران بوضع قاعدة جديد: فقد أصبح من الممكن الآن توجيه ضربات صاروخية باليستية مباشرة، رداً على الهجمات الإسرائيلية ضد مصالحها.

وأضافت “لوموند” أنه في مواجهة هذه المعضلة يماطل بنيامين نتنياهو. ويبدو أن المحادثة الهاتفية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، صباح الأحد، قد أعاقت الرد الذي كانت إسرائيل تقترحه منذ عدة أيام بأنه سيكون فوريًا وجوهريًا. ومنذ ذلك الحين، لم يصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي سوى بيان مقتضب: “لقد اعترضنا وأوقفنا، معاً سوف نفوز”. وانتهى اجتماع مجلس الوزراء الحربي مساء دون إعلانات. وبعد ذلك، سُمح للمدارس بإعادة فتح أبوابها يوم الإثنين، في إشارة إلى احتمال تراجع التصعيد.

تراكمت في الصحف، أمس الأحد، تسريبات منسوبة لكبار مسؤولي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، تشير إلى تخوفهم من الجدل الذي يوصف بالتحريض على الحرب داخل الحكومة منذ أيام. وأعرب هؤلاء الضباط عن تخوفهم من الرد المتسرع وغير المدروس على الضربات الإيرانية، دون التقليل من أهميتها. وأعربوا عن أسفهم بشكل عام لغياب أي رؤية سياسية في هذه الحرب على جبهات متعددة، والتي يرفض نتنياهو تحديد أهدافها، بما يتجاوز وعد النصر الكامل.

تعب وارتياح الإسرائيليين

وتابعت “لوموند” القول إن الحليف الأمريكي يخشى من جانبه أن ينجذب رئيس الوزراء إلى توسيع الحرب في غزة إلى صراع إقليمي، وهو الذي حاول مجدداً، نهاية 2020 ، إقناع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشن ضربات، خلال الأشهر الأخيرة من ولايته، ضد المنشآت الباليستية والنووية الإيرانية.

ويتعرض نتنياهو لضغوط من جانب حلفائه الأصوليين الدينيين، المستبعدين من الدائرة الضيقة للوزراء المسؤولين عن اتخاذ القرار بمفردهم بشأن متابعة الضربات الإيرانية، داخل مجلس الوزراء الحربي. ومن بين هؤلاء المنتقدين، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي رفض، يوم الأحد، أي منطق للاحتواء والتناسب في مواجهة طهران، معتبراً أن إسرائيل قد ضلت الطريق على مدى خمسة عشر عاماً في مواجهة “حماس” في غزة. ويعبر جزء من حزب “الليكود”، حزب نتنياهو، عن نفس التطرف. هذه الأصوات تتردد في الرأي العام الإسرائيلي، الذي ما يزال يعيش على وقع هجوم 7 أكتوبر 2023 في الوقت الحاضر، والذي يعتبر انهيار القدرات الدفاعية للدولة في ذلك اليوم، أمام هجوم “حماس”، أزمة وجودية. وقد لخص رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، من اليمين الديني المتطرف، هذا الشعور بشكل جيد، قائلاً إن إسرائيل لا يمكن أن تكون راضية عن “النصر الدفاعي الذي تشجعه واشنطن ضد طهران: “أنت لا تربح الحروب بمجرد اعتراض نيران أعدائك، ولا تردعهم بهذه الطريقة”.

و يوم الأحد، رددت نشرات الأخبار التلفزيونية المسائية تعب وارتياح الإسرائيليين الذين هرعوا إلى محلات السوبر ماركت لتخزين المواد الغذائية، تحسباً للهجوم الإيراني. لكن هذه النشرات تبنت أيضاً لهجة الرضى للمتحدثين باسم الجيش، الذين أشادوا بالقدرات الدفاعية وسلطوا الضوء على التناقض مع انهياره في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ما يشير إلى أن صفحة قد طويت، تتابع “لوموند”.

تعزيز العلاقات مع الدول العربية

داخل الحكومة، أعرب عن هذه الثقة رئيس الأركان السابق بيني غانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت. خلال ليلة السبت إلى الأحد، بحسب موقع أكسيوس، فقد اقترح الأول في مجلس الحرب، قيام إسرائيل بتنفيذ ضربات في إيران، حتى قبل وصول الطائرات بدون طيار التي أطلقتها طهران إلى شركة الطيران الوطنية الفضائية.

ويوم الأحد، تحدث غانتس علناً عن ضرورة الرد على إطلاق الصواريخ الإيرانية، لكنه كان أكثر صبراً. وعلى غرار غالانت، دعا غانتس إلى إتاحة الفرصة لإحياء الدعم الأمريكي والغربي لإسرائيل، في حين وعدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بإعطاء الأولوية للعمل الدبلوماسي من أجل عزل طهران.

غانتس: الحادث لم ينته بعد؛ فالتحالف الإستراتيجي ونظام التعاون الإقليمي الذي بنيناه، والذي صمد أمام هذا التحدي الهائل، يجب أن يتم تعزيزه اليوم أكثر من أي وقت مضى

وفي الوقت نفسه، عبّر غانتس عن أمله في تعزيز العلاقات مع الدول العربية: “إن هذا الحادث لم ينته بعد- فالتحالف الإستراتيجي ونظام التعاون الإقليمي الذي بنيناه، والذي صمد أمام هذا التحدي الهائل، يجب أن يتم تعزيزه اليوم أكثر من أي وقت مضى. وفي مواجهة التهديد الإيراني، سنبني تحالفًا إقليميًا ونضمن أن تدفع إيران الثمن بالطريقة، وفي الوقت الذي يناسبنا”.

وكان الجنرال يشير إلى معاهدة السلام الموقعة في عام 1994 مع الأردن، الذي أسقطت قواته الجوية طائرات إيرانية بدون طيار على أراضيه، وكذلك إلى اتفاقيات التطبيع الدبلوماسي المبرمة في عام 2020، ولا سيّما مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين. ويرتكز هذا التفاؤل على أن دول الخليج تمكنت من رصد الطلقات الأولى والإبلاغ عنها يوم السبت، بالتعاون مع واشنطن. ولكن هؤلاء الجيران ظلوا رغم ذلك يعبرون عن انزعاجهم طيلة أشهر، في كل مرة يزعم المسؤولون الإسرائيليون أنهم يستشعرون فرصة للتقارب الإقليمي، في حين يواصلون حرباً لا نهاية لها في غزة، توضح “لوموند”.

وهم يشعرون بالقلق بشكل خاص إزاء الطريقة التي تقود بها إسرائيل الصراع على الحدود اللبنانية، وفي سوريا، من خلال مضاعفة الضربات ذات الكثافة غير المسبوقة منذ عام 2006، ضد “حزب الله” و”الحرس الثوري” الإيراني.. وتوج هذا التصعيد في السلطة باغتيال الجنرال الإيراني محمد رضا زاهدي، في القسم القنصلي بالسفارة الإيرانية في دمشق، في الأول من نيسان/أبريل الجاري، وهو ما ردت عليه طهران بإطلاق الصواريخ.

——————انتهت النشرة——————