الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

قسم العناوين                                        الاحد 7/7/2024

 صحيفة هآرتس:

– المتظاهرون يدخلون مرحلة الحسم والعالم يجد صعوبة في فهم أسلوب نتنياهو

– متظاهرون ضد الحكومة ينظمون اليوم فعاليات أمام منازل المسؤولين

– وزير الاتصالات الإسرائيلي يعطي القناة الـ14 مزيدا من التسهيلات والمساعدات

 يديعوت أحرونوت:

– اللحظة الحاسمة في فرنسا: هل سيؤثر المتطرفون في كل أوروبا

– صافرات إنذار في مستوطنات جبل الشيخ

– على جدول أعمال الحكومة اليوم: تمديد خدمة الجيش الإلزامية لـ3 سنوات

– داخل عمق لبنان: اغتيال مهندس عسكري تابع لحزب الله

– الرئيس الإيراني الجديد: سأكون رئيسا لكل الإيرانيين والولايات المتحدة ترد (لا جديد في أقواله)

– مظاهرة أمام منزل غلانت

– يوم التشويش القومي: متظاهرون اليوم أمام منازل أعضاء كنيست ومنازل وزراء

– رئيس حزب “ديغيل هتواراه” موشيه غيفني يهاجم الحكومة لخرقها طقوس السبت

 معاريف:

– هل سيتم تخريب الصفقة: نتنياهو يفهم تماما أن هذه هي الفرصة الأخيرة

– نصر الله غير مكان إقامته بعد تحذير إيران إياه بأنه مهدد بالاغتيال من إسرائيل

– مظاهرات وإغلاق طرق اليوم للمطالبة بانتخابات مبكرة

 

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 7/7/2024

نفي 7 اكتوبر هو ظلم، لا يوجد لنا حق في انتقاد روجر ووترز

بقلم: جدعون ليفي

اسرائيل مصدومة من روجر ووترز. اسرائيل مصدومة من الذين ينفون 7 اكتوبر. الآن لا يوجد أي شيء اكثر خطورة بالنسبة للاسرائيليين من نفي الفظائع، وبحق. هذا الامر يشبه نفي الكارثة. فظائع 7 اكتوبر هو المبرر غير المحق لاسرائيل لكل ما فعلته منذ ذلك الحين، لذلك فان غضبها يشتعل بشكل خاص. في نظر اسرائيل لا يمكن حتى عدم معرفة أن هناك طفل اسرائيلي من بين المخطوفين. حتى عندما يكون هناك 17 ألف طفل فلسطيني قتيل، الذين قتلهم الاجرامي ينكره معظم الاسرائيليون.

غاي ليرر، من “هتسنور” (الانبوب)، مثل مقدمي برامج التلفزيون الآخرين، تردد في هذا الاسبوع عندما انتقل بين خيارين: إما أن ووترز فقد عقله أو أنه محتال. من لم يسمع عن كفير بيبيس هو مجنون أو محتال. ليرر تبنى هذين الخيارين. ووترز ليس أي واحد منهما، لكنه ليس بحاجة الى دفاعي عنه.

انكار 7 اكتوبر هو وبحق ظلم عديم الفهم. في 7 اكتوبر تم ارتكاب جرائم فظيعة ضد آلاف الاسرائيليين الابرياء، حتى بدون اطفال في الافران. يمكن ويجب الصدمة مما فعلته اسرائيل في غزة بعد ذلك، حتى بدون طرح نظرية مؤامرة لا اساس لها حول 7 اكتوبر. يمكن ويجب اظهار التعاطف مع الضحايا الاسرائيليين في حفلة “نوفا” وحتى نير عوز، من اوفكيم وحتى بئيري، وفي نفس الوقت الانصدام من جرائم اسرائيل في قطاع غزة والتعبير عن التضامن مع ملايين الضحايا فيه. التشكيك في صدق هذه الجزئية أو غيرها غير مهم، لأن الصورة الشاملة لـ 7 اكتوبر واضحة وصادمة.

حقيقة أن ووترز يبكي في كل صباح على اطفال غزة، كما قال في المقابلة مع بيرس مورغان، هي علامة شرف له ولضميره. أنا اعرف دموعه، هي دموع حقيقية. يا ليت كل الاسرائيليين يبكون على اطفال غزة. فهم يقتلون ويصابون ويصبحون أيتام بعشرات الآلاف. وحتى الآن لا يمكن الاستخفاف بأبعاد كارثة اسرائيل.

بعد قول كل ذلك فانه لا يوجد لاسرائيل أي حق في انتقاد من ينكرون 7 اكتوبر أو أي كارثة وطنية اخرى لها. لا توجد شعوب كثيرة تنكر الكوارث التي تسببت بها لشعوب اخرى مثل الشعب الاسرائيلي. اسرائيل هي أم منكري الحقيقة، التي تكذب على نفسها وعلى غيرها، بدءا بانكار الشعب الفلسطيني الذي يعيش منذ اجيال في فلسطين ومرورا بانكار النكبة وانتهاء بانكار القتل الجماعي الذي لا يميز في قطاع غزة. 100 سنة من الانكار.

المجتمع الذي يعيش في هذا الانكار، الذي لا توجد فيه درجة الحد الادنى من تحمل المسؤولية والاعتراف بالحقيقة، أو على الاقل التعامل بكرامة مع ضحاياه، يحتاج الى درجة كبيرة من الوقاحة من اجل ادانة من ينكرون كارثته. لأنه ما الفرق بين من ينكرون 7 اكتوبر ومن ينكرون النكبة، كارثة الشعب الذي فقد كل عالمه وبلاده وارضه وممتلكاته وكرامته في العام 1948؟ كم هو عدد الاسرائيليين المستعدين للاعتراف بالنكبة، ومتى ستعترف به اسرائيل الرسمية؟. اسرائيل تنكر ايضا الاحتلال برعبه وجرائمه وتنكر وجود الابرتهايد، هذه الانكارات أخطر من انكار 7 اكتوبر لأنها تنكر واقع مستمر ولا نهاية له.

عاموس بدرمان الرائع، رسم في يوم الخميس ووترز وهو يقف فوق كومة من الجثث والبيوت المشتعلة ومخربي نخبة وهم يختطفون اسرائيليين الى غزة. ووترز يسأل: أين هي الاثباتات. بدرمان كان يمكن أن يرسم صورة مشابهة: اسرائيل تقف فوق انقاض فلسطين، أو على الاقل فوق انقاض قطاع غزة وتسأل: أين هي الاثباتات. أين الاثباتات بأننا نفذنا تطهير عرقي في 1948 ولن نسمح للاجئين بالعودة الى بلادهم؛ أين الاثباتات بأن شعبين يعيشان تحت حكم واحد، واحد منهما توجد له كل الحقوق، والثاني يعيش تحت احتلال أبدي بدون أي حقوق – هل هذا ابرتهايد؟ أين الاثباتات بأن اسرائيل قتلت عشرات آلاف الابرياء في غزة؟ أين الاثباتات بأن الاطفال يحتضرون بسبب الجوع في غزة؟ أين الاثباتات؟ ومن هنا ينفي ذلك؟.

——————————————–

هآرتس 7/7/2024

عرابي تم التخلي عنه، ستروك وبن غفير لديهما مفتاح الدولة

بقلم: ايريس ليعال

يبدو أنه في هذه الايام، التي يتفاوضون فيها على الامور الاكثر مصيرية لوجودنا، هذه قصة صغيرة. ولكن الفضاء العام، الاعلامي والانترنت، سيكون له تأثير على قرارات بنيامين نتنياهو؛ هذا هو ميدان المدينة، هايد بارك من يشكلون الرأي العام. اليهودي بالطبع. غالبية المواطنين العرب، والفلسطينيين، مثل المحامي أمل عرابي، تفضل عدم التغريد منذ اندلاع الحرب، حرفيا. عرابي، ربما أنتم تعرفونه من خلال برنامج غاي زوهر “من الجانب الآخر”. هو الفتى الذي لديه لهجة عربية، والذي يقول امور تصيب اليمين بالجنون ويصعب على الوسط – اليسار هضمها. الاكثر دقة هو استخدام لغة الماضي في الوقت الذي فيه عرابي لا يوجد هناك. مهرج اليمين المكارثي شاي غليك قدم شكوى لهيئة البث، صدقوا ذلك أو لا تصدقوا، بسبب تغريدة لعرابي في حسابه الشخصي، اطلق فيها لقب “المتحدث باسم اليمين الفاشي والنازي الجديد في اسرائيل” على بن غفير. الحديث يدور عن بن غفير نفسه، الذي بعد سنتين اوشك على تحويل الشرطة الى شرطة سياسية، وهي صفة بارزة للانظمة الفاشية.

عرابي قام بمحو التغريدة، لكن مع ذلك غاب عن شاشة القناة الرسمية، وحدود الحوار تقلصت ببضعة كيلومترات اخرى. الى أن وصلت شكوى اخرى لغليك، الذي طور استحواذ مقلق لعرابي – في هذه المرة تم تقديم الشكوى في لجنة الاخلاق في مكتب المحامين، الذي قرر تقديم عرابي لمحاكمة انضباط لأنه شارك خطاب لسكرتير عام الامم المتحدة، واضاف كلمات “خطاب ممتاز”، وغرد باللغة الانجليزية “لا تتوقفوا عن التحدث عن فلسطين”. ايضا بسبب أنه اطلق على بن غفير “مخرب”.

في نفس اليوم المدعية العامة في الدولة قررت أن اقوال الوزيرة اوريت ستروك، التي اطلقت على اعضاء الكنيست من راعم “ارهابيين يرتدون البدلات”، ولديهم الحق في حرية التعبير. بن غفير كان عضو في تنظيم كاخ الارهابي. اعضاء الكنيست من راعم لم يكونوا.

محامي عرابي وعدد من اليساريين الراديكاليين حاولوا اثارة الاهتمام في اسرائيل، أي فتح نقاش في تويتر، فيه اغلبية ساحقة من المواطنين العرب اصبحوا لا يسمعون اصواتهم. أنا تذكرت تجند المعسكر الليبرالي في انتخابات مكتب المحامين من اجل منع انتخاب آفي نافا، كجزء من النضال ضد الانقلاب النظامي ايضا، وعولت على رد رؤساء المعسكر (لم أعول، أنا اعرف مع من اتعامل، هذه مقولة من اجل الادعاء). عرابي يقف امام خطر تعليق عضويته أو سحب رخصته بسبب شيء ما، الذي لو كنت أنا من كتبته لكان مر بهدوء.

أنا قرأت الرد على الشكوى الذي صاغه المحامي الون سبير. وأنا لا اشعر بالقلق على عرابي لأنه سيفوز. أنا اقلق علينا. على المجتمع الاسرائيلي والمعسكر الليبرالي اللامبالي تجاه الفاشية العرقية التي تتزايد هنا، ازاء صور الاطفال الذين يقتلون في غزة، بينما يشجع المجانين في اليمين وأبواق نتنياهو الاحتلال والسلب واهانة الغزيين باستمتاع.

الملاحقة المكارثية يوجد لها تأثير مهديء. فلجنة الاخلاق التابعة لهيئة البث أو مكتب المحامين هي ورقة عباد الشمس الحقيقية لحدود حرية التعبير التي يسمح بها المجتمع. وعدم تأييد المعسكر الليبرالي واعضاء الكنيست من اليسار وقادة الاحتجاج لحرية التعبير للفلسطينيين، يسمح لليمين بتحديد حدود الشرعية للخطاب.

بالعمى وبصم الآذان عن كل تفكير يوجد خارج حدود التيار العام، وعدم المبالاة بقمع اشخاص مثل عرابي، الذي طوال حياته المهنية يعمل من اجل الشراكة الاسرائيلية – الفلسطينية، فان المعسكر الليبرالي يحكم على نفسه بحرية تتضاءل كل يوم: شتم بيبي وابناء عائلته بابداعية، هذا شيء جميل. ولكن حرية التعبير لمواطن عربي صرخ ازاء الموت والدمار لابناء شعبه، هذا اقل اهمية. اذا كانت هذه هي صورتنا فمن الجدير أن تعرفوا بأننا نعطي ستروك وبن غفير وسموتريتش مفاتيح الدولة.

———————————————

يديعوت 7/7/2024

حرب لم نشهد لها مثيل

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

اليوم قبل تسعة اشهر نشبت اكثر حروب إسرائيل استثناءاً مواجهة بلا اسم متفق عليه. ليس واضحا متى وكيف ستنتهي. لكنها أصبحت منذ الان المعركة الأطول منذ 1948.

تنطوي الحرب على بضع سوابق تاريخية: 7 أكتوبر كان اليوم الأكثر فتكا في تاريخ الصهيونية. فقد ترافق واجتياح لم يشهد له مثيل الى أراضي الدولة. تقتيلا واختطافا جماعيا للمواطنين، واخلاء واسعا من بلدات الجنوب والشمال. وتبدو الاستثناءات واضحة أيضا في الجانب الاستراتيجي الواسع. فقد اختبرت إسرائيل في الماضي معارك متعددة الساحات ومواجهات مع قوى ليست دولة، لكن هذه نشبت في الغالب في حدودها القريبة ولم تتوزع على وجه الشرق الأوسط كله. هذه المرة يوجد تصد للتهديد الحوثي وللميليشيات الشيعية في العراق. كما تضمنت الحرب المواجهة الجبهوية الأولى بين إسرائيل وايران، التي تغذي قسما هاما من التهديدات الحالية لكنها ليست بالضرورة مصدرها جميعها وبخاصة ليس في سياق حماس التي معظم خطواتها مستقلة.

الحرب الحالية هي صدام إضافي بين إسرائيل والمعسكر الإقليمي الذي يتبنى فكرة المقاومة. اطراف هذا المعسكر تقف في مركز الصراعات التي تخوضها إسرائيل في نصف القرن الأخير والتي تختلف عن حروب الماضي التي خاضتها ضد جيوش ودول. عقيدة المقاومة تقوم على بضعة أسس: يتصدرها اطراف ليست بدول تتمسك برؤيا إسلامية متطرفة؛ مواجهة غير متماثلة، أساسا من خلال قوة مدفعية، حرب عصابات وإرهاب؛ حروب قصيرة بلا حسم. ابداء صبر وصمود؛ دمج المنظمات في المجال المدني بحيث ان كل قتال ضدها تثير معاضل أخلاقية وضغطا دوليا؛ استنزاف من خلال إيقاع خسائر ومنع نسيج حياة مستقر في إسرائيل.

هذه الأسس موجودة أيضا في المعركة الحالية، لكن شدتها هذه المرة غير مسبوقة وتضاف اليها تجديدات تصبح معا تهديدا استراتيجيا. متصدرو الصراع لا يركزون فقط على حرب العصابات او النار الصاروخية، بل مزودون بقدرة جيوش تقليدية، كما تمثل في هجوم 7 أكتوبر وفي خطط حزب الله لاجتياح الجليل. المبدأ الموجه لم يعد النصر من خلال عدم الهزيمة بل ضرب اهداف عسكرية ومدنية استراتيجية في إسرائيل وتحييد دفاعها واستخباراتها، ضمن أمور أخرى من خلال سلاح دقيق تزوده ايران. تجديدات أخرى تظهر في المعركة الحالية هي التنسيق العميق بين أعضاء معسكر المقاومة، والضغط الدولي السابقة على إسرائيل التي تدحر بالتدريج الى موقع “المنبوذة”.

هذه التغييرات تعكس تحولات طرأت على اطراف المقاومة: منظمات أصبحت صاحبة السيادة العملية (حماس) او شبه دولة (حزب الله)، لكنها لم تهجر ابدا رؤياه الأيديولوجية. هي ذات قدرة عسكرية لدولة، تسيطر على ارض، وتهندس وعي الجمهور التابع لها، مثلما يتضح في غزة التي يتماثل الكثير من سكانها مع حماس ويشاركون في اعمالها. ان تعزز قوة هذه الفصائل ينبع أيضا من تغييرات عالمية وعلى رأسها الصعوبة الامريكية في أداء دورها كـ “شرطي عالمي” وضعف العالم العربي.

تتحول المواجهة الحالية بالتدريج الى حرب استنزاف في جبهتين. فيما أن في الخلفية خلافات داخلية شديدة في إسرائيل وتوتر بين القدس وواشنطن. على هذه الخلفية يتغير مفهوم ايران، التي على مدى عشرات السنين حددت إبادة إسرائيل كهدف قابل للتحقيق، لكنه هدف سيكون ممكنا تحقيقه في مستقبل غير محدد. تقارير حول برنامج إيراني للدفع قدما بعد نحو سنتين بابادة إسرائيل تعكس إحساس طهران في أن هذه الرؤيا توجد هذه المرة في متناول اليد مثلما اعلن خامينئي: “إسرائيل تشهد ضربة لن تشفى منها، فهي مهزومة على ايدي قوى أضعف منها وتتصدى لعالم بدأ يؤيد شعارات المقاومة”.

في غزة، حتى بعد الضربات غير المسبوقة التي تلقتها، حماس لا تزال الطرف السائد في كل المستويات وفي كل المناطق، ولا تسمح لاي بديل ان ينشأ بدلا منها. قسم هام من قيادتها نجا، الذراع العسكري فاعل حتى بعد تفكيك الأطر الكتائبية، المنظمة تسيطر على المجال المدني ولا ينشأ احتجاج واسع ضدها. وفي ذلك ينعكس فشل الاستراتيجية التي تتخذها إسرائيل منذ نحو نصف سنة وبموجبها يمكن تقويض حكم حماس بالتدريج من خلال اجتياحات، حتى دون سيطرة مباشرة وبقاء في الأرض المحتلة.

ان الاعتراف بالطبيعة الخاصة للمعركة الحالية يستوجب تبنيا لبضعة استنتاجات بعضها عسير على الهضم:

بالنسبة لغزة – العقيدة الحالية لا تؤدي الى تقويض حماس او تحرير المخطوفين وتجسد بالملموس انه مطلوب الاختيار بين احتلال كل غزة الامر الذي لم يعد قابلا للتنفيذ في هذه اللحظة، وبين صفقة معناها وقف القتال في هذه اللحظة.

في كل صفقة على إسرائيل أن تصر، فضلا عن تحرير كل المخطوفين، على نظام جديد في محور فيلادلفيا وعلى منع اعمار غزة. هدف يثبت في نظر حماس ان في وسعها ان تبقي على الجهاد وعلى الحكم في نفس الوقت. يمكن للغزيين أن يحصلوا على مساعدات إنسانية، لكن لا افق وحية طبيعية.

بدلا من الغرق في حروب استنزاف في الجنوب وفي الشمال، ينبغي الاستيعاب بان ايران هي التهديد الاستراتيجي والتركيز عليه، بخاصة في البرنامج النووي. وذلك في ظل اقناع العالم بالتهديد الذي تنطوي عليه في ساحات عديدة (مثلا البحر الأحمر وأوكرانيا) الامر الذي يستوجب عزلها والعمل ضدها.

تعلم الدروس يستوجب التخلي عن مفاهيم اعتمدت عليها الاستراتيجية في العقود الأخيرة، وعلى رأسها السلام الاقتصادي والحرب ما بين الحروب. ينبغي استبدالها بمبادرات هجومية واسعة، أساسا ضد حماس التي لا ينبغي التسليم باستمرار وجودها كحكم في غزة.

في الموضوع الفلسطيني – الذي امتنعت فيه إسرائيل عن البحث والحسم فيه عشية 7 أكتوبر – سيكون مطلوبا الفحص كيف يمكن من جهة السعر الى الانفصال المادي بين الشعبين ومن الجهة الأخرى منع تهديد وجودي ينبع من استقلال فلسطيني (بخاصة السيطرة على البوابات التي بين فلسطين والعالم).

والاهم من كل شيء: في ضوء الحاجة للتركيز على تهديدات خارجية، من الحيوي هجر المسائل التي تخلق شروخات داخلية اضعفت عشية 7 أكتوبر وصرفت الانتباه عن تهديدات خارجية.

——————————————–

هآرتس 7/7/2024

الجيش يفعل نظام هنيبعل ويخاطر بالمدنيين

بقلم: ينيف كوفوفيش

في هذه الدقائق الطويلة كانت الفوضى عارمة. التقارير تدفقت والمعنى لم يكن دائما واضح. واذا كان واضحا فانهم عندها فسروه بأنه مخيف. شبكات الاتصال لم تتحمل تدفق التقارير، حتى وليس الجنود الذين ارسلوا التقارير واستمعوا ونقلوا الرسائل. ولكن ما قيل في 7 اكتوبر في الساعة 11:22 في شبكة اتصال فرقة غزة، الجميع فهمه. “يجب ألا تعود أي مركبة الى غزة”، هكذا كان الأمر. في هذه المرحلة لم يكونوا يعرفوا بعد في الجيش ما هو عدد المخطوفين في الغلاف، وكانوا يعرفون أن هناك عدد كبير منهم. لذلك، كان من الواضح معنى الاقوال التي قيلت وما هو المصير الذي يمكن أن تحكم به على عدد من المخطوفين.

هذا لم يكن الأمر الاول الذي أعطي في الفرقة التي أمرت باحباط عمليات الاختطاف بثمن حياة المخطوفين، أو كما هو معروف في الجيش الاسرائيلي اجراء “هنيبعل”. الوثائق التي وصلت “هآرتس” اضافة الى شهادات ضباط كبار وجنود في الجيش الاسرائيلي تكشف سلسلة من الأوامر والاجراءات التي اتبعوها في فرقة غزة وفي قيادة المنطقة الجنوبية وفي هيئة الاركان حتى ساعات ما بعد الظهر في 7 اكتوبر – وهو التفصيل الذي كشف الى أي درجة كان واسع استخدام هذا الاجراء في الساعات الاولى لهجوم حماس، وفي نقاط مختلفة في منطقة غلاف غزة. غير معروف للصحيفة كم هو عدد الجنود والمدنيين الذين اصيبوا نتيجة هذه التعليمات. ولكن من المعلومات التي تراكمت يتبين أن عدد غير قليل منهم كان معرض للخطر ومكشوف للنيران الاسرائيلية، حتى لو لم يكونوا هم الهدف.

في الساعة 6:43 صباحا حيث كانت اطلقت نحو اسرائيل صليات من الصواريخ، وآلاف من نشطاء حماس هاجموا مواقع ومسوا بقدرات المراقبة والاتصال للفرقة، اعلن قائد فرقة غزة، العميد آفي روزنفيلد: “غزو”، هذا اجراء خاص لاقتحام العدو لاراضي اسرائيل، ومعناه أن قائد الفرقة يأخذ صلاحيات أوسع من المعتاد، من بينها استخدام النار الثقيلة داخل اراضي اسرائيل لوقف الاقتحام. مصدر رفيع في الجيش أكد للصحيفة بأنه في ذلك اليوم تم تفعيل اجراء هنيبعل. ولكنه اضاف أن هذا لم يتم على يد قائد الفرقة. من الذي اعطى هذا الأمر؟ قال: هذا ربما سينجح الباحثون في الحرب في توضيحه.

على أي حال، قال مصدر امني مطلع على ما يحدث في فرقة غزة، “في الصباح لم يكن لدى أي احد فكرة عما يحدث في الخارج”. حسب قوله فان روزنفيلد كان في غرفة العمليات ولم يخرج. “في الوقت الذي كانت تجري فيه في الخارج حرب عالمية”. بشكل عام “الجميع كانوا في صدمة بسبب عدد المخربين المقتحمين، حتى في اسوأ الاحلام لم تكن لنا خطة لهجوم كهذا. لم يكن لدى أحد فكرة عن عدد المخطوفين وأين توجد القوات. كانت هستيريا كبيرة، وبدأوا باتخاذ القرارات بدون معلومات مؤكدة”.

احد القرارات تم اتخاذه في الساعة 7:18 عندما ابلغ موقع المراقبة “يفتاح” عن مخطوف في معبر ايرز القريب من قيادة التنسيق والارتباط للجيش. “هنيبعل في ايرز”، خرج أمر من الفرقة. “زيك الآن”، زيك هي مسيرة انقضاضية، والمعنى هنا ايضا كان واضح. هذه لم تكن المرة الاخيرة التي سمع فيها أمر كهذا في اجهزة الاتصال. في النصف الساعة بعد ذلك ادركوا في الفرقة بأن مخربي حماس نجحوا في اختطاف وقتل الجنود الذين يخدمون في المعبر وفي القاعدة القريبة. بعد ذلك، في الساعة 7:41 تكرر ذلك: هنيبعل في ايرز، هجوم في المعبر، هجوم في القاعدة نفسها. فقط يجب ألا يتم أخذ جنود من هناك. أوامر بهذه اللغة أعطيت بعد ذلك ايضا.

لكن الامر لا يتعلق فقط بايرز. من المعلومات التي وصلت “هآرتس”، والتي تم تأكيدها من قبل الجيش، فانه في ذلك الصباح تم الاعلان عن اجراء هنيبعل ايضا بالنسبة لموقعين تم اقتحامهما من قبل المخربين، موقع ريعيم الذي كان يوجد فيه قائد الفرقة، وموقع ناحل عوز الذي كانت توجد فيه المراقبات؛ اختطاف 7 مراقبات لم يمنعه اجراء هنيبعل ولا حتى قتل 15 مراقبة و38 جندي آخر.

منطقة تدمير

في الساعات التالية بدأوا في الفرقة بتجميع قطع الفسيفساء للهجوم وادركوا حجم الاقتحام، ربما باستثناء اقتحام نير عوز الذي وصلت اليه القوة الاولى فقط بعد مغادرة المخربين. ولكن في كل ما قيل في الهجمات باستخدام اجراء هنيبعل يبدو أنه لم يحدث أي تغيير. مثلا، في الساعة 10:19 تم الابلاغ في غرفة عمليات الفرقة بأن زيك نفذت هجوم في موقع ريعيم. بعد ثلاث دقائق تم الابلاغ عن هجوم آخر، كان يوجد في الموقع مقاتلو شلداغ الذين شاركوا في المعارك ضد مخربي حماس. حتى الآن غير معروف اذا كان أي أحد منهم اصيب في هذا الهجوم. المعروف حقا هو أنه في شبكة الاتصال سمعت في حينه جملة “التأكد من أنه لا يوجد أي جندي في الخارج. هناك قوات تدخل لتطهير الموقع”.

“قرار الهجوم في داخل المواقع”، قال مصدر أمني رفيع، “سيرافق هؤلاء القادة الكبار طوال حياتهم. فمن اتخذ مثل هذه القرار عرف أن المقاتلين في المنطقة يمكن أن يصابوا”. ولكن الهجمات، كما يتضح، لم تكن فقط في داخل المواقع أو القواعد. ففي الساعة 10:32 صدر أمر جديد يقضي بـ “جميع الوحدات في القطاع مطلوب منها اطلاق نار المدفعية نحو قطاع غزة”. في الحوار في الجيش فان هذا القرار الذي نسب للعميد روزنفيلد حظي بانتقاد شديد في اوساط رجال الجيش لأنه في ذلك الوقت لم يكن للجيش الاسرائيلي صورة كاملة عن مجمل القوات في المنطقة، التي كان فيها ايضا مقاتلون والكثير من المدنيين؛ بعضهم كانوا في مناطق مفتوحة وفي احراش قرب الحدود، هناك حاولوا الاختباء من المخربين.

في ذلك الوقت الجيش لم يعرف عدد المخطوفين الى القطاع ولم يقدر حجم ذلك. ايضا هم اعتقدوا في هذه المرحلة بأن الامر يتعلق بعشرات، قال مصدر أمني للصحيفة. لذلك فان نار المدفعية نحو القطاع كانت تهديد لهم ايضا. اضافة الى ذلك فان الامر الذي جاء بعد ذلك، في الساعة 11: 22 الذي يقول “يجب ألا تعود أي مركبة الى قطاع غزة”، هذا التوجيه أخذ خطوة الى الامام. “كان من الواضح للجميع أنه يمكن أن يكون هناك مخطوفون في هذه السيارات”، قال للصحيفة مصدر أمني في قيادة المنطقة الجنوبية. “لم تكن هناك أي حالة هاجموا فيها سيارات تم تشخيص مخطوفين فيها، وايضا لم يكن بالامكان حقا معرفة اذا كان يوجد مخطوفون في السيارات. أنا أعرف أنه كان هناك أمر واضح، ولكن كان واضح للجميع معنى ألا تعود أي مركبة الى غزة.

حدث تطور في هذا القاطع قبل الساعة الثانية ظهرا بقليل. في حينه طلب من جميع القوات المقاتلة أن لا تخرج من بلدات الغلاف نحو الغرب، نحو الحدود، “مع التأكيد على ملاحقة المخربين”. عمليا، في تلك الفترة تحولت منطقة الجدار الى منطقة نيران، حتى بالنسبة للمخربين وبالنسبة لأي شخص آخر كان هناك. خطر لم يكن من الممكن الهرب منه. كما قال المصدر في قيادة المنطقة الجنوبية فان “الامر كان تحويل منطقة الجدار الى منطقة تدمير، واغلاق خط الاتصال باتجاه الغرب”. يبدو أنه لن تتم معرفة في أي يوم الى أي درجة كانت هذه المنطقة الى ميدان للقتل. ولكن حسب الجيش نحن نعرف حتى اليوم حالة واحدة قتل فيها مواطني اسرائيلي في هذه المنطقة بسبب هذه الهجمات وهو دولب اهود، الذي عثر على بقايا جثته في الشهر الماضي.

في الساعة 18:40 ظهرت في شعبة الاستخبارات امكانية أن الكثير من المخربين ينوون الهرب والعودة الى القطاع بصورة منظمة. المنطقة التي تم الحديث عنها هي محيط بئيري وكفار عزة وكيسوفيم. في اعقاب ذلك بدأ الجيش في اطلاق قذائف المدفعية نحو الجدار، قرب بعض البلدات. بعد فترة قصيرة ايضا تم اطلاق القذائف نحو معبر ايرز. في الجيش قالوا إنهم لا يعرفون عن حالات اصيب فيها مدنيون.

اطلاق النار بدون قيود

الحالة التي تمت فيها المعرفة عن مصابين مدنيين وحظيت بقدر غير قليل من العناوين هي الحادثة التي كانت في بيت بيسي كوهين في كيبوتس بئيري. حيث كانت محتجزة هناك 14 رهينة في البيت عندما قامت قوات الجيش بمهاجمته. 13 من بينهم قتلوا. في الاسابيع القريبة القادمة يتوقع أن ينشر الجيش الاسرائيلي نتائج التحقيق في سلوك الجيش في هذه الحالة، وهي نتائج يمكن أن تجيب على سؤال هل العميد براك حيرام، قائد الفرقة 99، الذي قاد القتال في بئيري في 7 اكتوبر، استخدم اجراء هنيبعل. هل أمر قائد الدبابة بالاقتحام الى الداخل حتى بثمن اصابة مدنيين، كما قال في المقابلة التي اجريت معه في “نيويورك تايمز”. خلال الاشهر التي مرت امتنع الجيش عن اعطاء رد على سؤال اذا كان اجراء هنيبعل استخدم في هذه الحالة تجاه مدنيين تم اخذهم كرهائن. الآن يبدو أنه حتى لو كان الرد على هذا السؤال ايجابي فربما أن السؤال هو جزئي فقط. ربما أن افعال العميد حيرام ببساطة تساوقت مع معيار سلوك الجيش في ذلك اليوم.

حسب “هآرتس” حتى الساعة 21:33 هذا هو الوضع الذي كان سائدا على الارض. عندما اشارت عقارب الساعة الى هذا الوقت جاء توجيه آخر من قيادة المنطقة الجنوبية: اغلاق كل خط التماس مع قطاع غزة بالدبابات. عمليا، كل القوات في ذلك القاطع حصلت على أمر يقضي بأنه “يمكن استخدام النار الحية ضد كل من يقترب من المنطقة. لا يوجد قيود على سياسة اطلاق النار”.

وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي بأن “الجيش يقاتل منذ نصف سنة بصورة قوية في عدة ساحات في نفس الوقت، وهو يركز على تحقيق اهداف الحرب. في موازاة ذلك، الجيش بدأ في عملية التحقيقات الداخلية في 7 اكتوبر وما قبله. الهدف من التحقيقات هو الفحص واستخلاص الدروس لمواصلة القتال. عندما تنتهي التحقيقات سيتم عرض النتائج بشفافية على الجمهور”.

——————————————–

هآرتس 7/7/2024

غياب حل لادارة غزة كفيل بأن يخدم معارضي صفقة المخطوفين

بقلم: تسفي برئيل

من المهم الدقة. حتى الآن لا يوجد أي اتفاق على وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحماس. المخطوفون حتى الآن محتجزين، ليس فقط في الانفاق أو في بيوت خاصة لرجال حماس. مصيرهم متعلق بشرنقة سياسية اسرائيلية معقدة، فيها يتم استخدامهم كأداة لعب. التطورات الاخيرة في مسار المفاوضات المتعب تدل على احتمالية اكبر، ربما هي الاكبر والاكثر عملية، من اجل التوصل الى اتفاق مع حماس. ولكن الكرة توجد مرة اخرى في يد رئيس الحكومة، الذي فعل حتى الآن كل ما في استطاعته، ليس من اجل المخطوفين، بل من اجل تعزيز ائتلاف الجريمة خاصته. هل سيجد مرة اخرى أي ثقب كي يزرع فيه عبوة ناسفة تحطم التفاهمات التي تم التوصل اليها، أو أن ضغط الجمهور والضغط الدولي سيرجح الكفة ويقنعه بتبني التفاهمات التي يمكن أن تؤدي الى اطلاق سراحهم؟.

حسب تقارير ممثلي حماس التي نشرت في وسائل الاعلام العربية فانه يبدو أن حماس وافقت على تدوير الزاوية وتليين موقفها في قضيتين كانتا حتى الآن شرطا اساسيا في أي مفاوضات، المطالبة بالوقف الكامل للحرب الذي يشمل انسحاب قوات الجيش الاسرائيلي في المرحلة الاولى من المفاوضات، ووثيقة ضمانات خطية بأن الحرب لن تستأنف بعد استكمال المرحلة الاولى الانسانية في الصفقة. لكن هذين الشرطين كانا العائق امام التفاوض على اجراء المفاوضات. الآن يمكن الأمل بأنه يمكن التوصل الى مفاوضات جوهرية فيها بقيت حتى الآن قضايا لم يتم حلها مثل قائمة السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم في اطار الصفقة، من سيحدد القائمة ومن سيكون مشمول فيها وما هي النسبة التي بحسبها سيتم تحديد عدد السجناء المحررين. هل سيتم تحديد موعد نهائي للتفاوض على المرحلة الثانية والثالثة، أو أن هذه المفاوضات يمكن أن تستمر بدون تحديد موعد، حيث باقي المخطوفين سيتم استخدامهم كورقة مساومة. الجزء الآخر الذي يشكل جزء لا ينفصل عن الصفقة يتعلق بالتفاوض حول الادارة المدنية واعمار قطاع غزة، الذي سيكون فيه على اسرائيل حسم من سيكون الجسم المسؤول عن الاجهزة المدنية في قطاع غزة بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي.

حماس، التي تقوم باجراء المفاوضات كدولة، جسم يطمح الى استئناف السيطرة في القطاع، نجحت في خلق حزام أمان حولها من الدول، يهدف الى ضمان أنه بعد استكمال المرحلة الاولى واعادة بعض المخطوفين الى بيوتهم، لن ينفذ نتنياهو خيار “الصفقة الجزئية”، التي اعلن عنها في المقابلة مع القناة 14 في 23 حزيران الماضي وأنه لن يستأنف الحرب. هذا التصريح الذي كان سيؤدي الى تفجر المفاوضات اجبر دول الوساطة، قطر ومصر والولايات المتحدة، على اقتراح على حماس رزمة ضمانات موثوقة اكثر، حتى لو لم تكن خطية. حتى الآن من غير الواضح ما الذي تشمله هذه الضمانات. ولكن في الاسبوع الماضي نشرت صحيفة “الاخبار” اللبنانية، المقربة من حزب الله، بأن المبعوث الامريكي الخاص لشؤون لبنان، عاموس هوخشتاين، سأل رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، الذي يجري المفاوضات باسم حزب الله مع الامريكيين: هل حزب الله، بفضل تحالفه مع حماس وعلاقته الوطيدة مع الحزب سيكون على استعداد للمساعدة في وقف اطلاق النار في غزة من خلال اقناع حماس بالموافقة على مبادرة الرئيس بايدن، مقابل تعهد شخصي من الاخير بأنه اذا تم التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار فانه لن تستأنف الحرب.

نبيه بري، حسب الصحيفة، اجاب بأنه لا يقدر بأن حزب الله سيرغب في التدخل في قرار حماس. ولكن اذا عرض هوخشتاين وبحق هذا السؤال فانه يمكن الفهم من ذلك بأن الرئيس الامريكي نفسه قد صادق على تقديم ضمانته الشخصية لوقف الحرب، وليس فقط وقف اطلاق النار. وأن هذا الاقتراح تم تقديمه لقطر ومصر من اجل نقله لحماس. واذا كانت هناك ضمانة امريكية كهذه فانه حينها حتى لو كانت شفوية، فان الولايات المتحدة ستجد صعوبة في انكارها في الوقت الذي فيه قطر ومصر وربما شركاء غيرهم يعرفون عن مضمونها.

عمليا، اذا لم تكن حماس تثق بالتعهد الشفوي الامريكي، فانه حتى وثيقة موقعة لن تساعد. لأن حماس حتى الآن ما زالت كيان غير سياسي، بحيث يمكنها مطالبة الولايات المتحدة أو أي دولة اخرى بضمان وقف الحرب وعدم خرق الاتفاق. ربما أن المطالبة بضمانات خطية كانت من البداية “عنزة” ادخلتها حماس الى المفاوضات كي تحصل على التزام جوهري بعدم استئناف الحرب، حتى لو لم تكن خطية وموقعة كوثيقة قانونية. اذا حققت وبحق حماس طلبها في قضية الضمانات لوقف الحرب فهي في الاصل تكون قد حققت ايضا تنفيذ الشرط الثاني الذي يضمن الانسحاب، حتى لو كان بالتدريج، لقوات الجيش من القطاع. هنا يكمن التنازل الاكثر اهمية الذي تطرحه حماس مقابل موقفها السابق الذي وضع الانسحاب كشرط مسبق لأي مفاوضات. في الوقت الذي توجد فيه ضمانات في يدها بعدم استئناف الحرب، وجزء من المخطوفين سيبقون لديها، فانها تستطيع الافتراض بأنه يمكنها املاء وتيرة الانسحاب وفقا للجدول الزمني للمفاوضات حول المرحلة الثانية والثالثة في الضفقة، التي ستجري أصلا اذا دخل الاتفاق الى حيز التنفيذ في ظل ظروف وقف اطلاق النار وتعهد بعدم استئناف الحرب، الامر الذي يعني أنه حتى الهجمات العرضية لقوات الجيش الاسرائيلي في القطاع، أو “المطاردة الساخنة” ستعتبر خرق لاتفاق وقف اطلاق النار.

وقف اطلاق النار وانسحاب الجيش الاسرائيلي بالتدريج سيبقي على حاله وبدون حل موضوع ادارة القطاع في المرحلة الاولى للصفقة، لا سيما في الفترة التي تليها عندما سيخفض الجيش قواته أو سينسحب بشكل كامل. ليس فقط توزيع المساعدات، التي في معظمها عالقة في المخازن قرب الرصيف الامريكي، سيستمر في اشغال المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي بشكل عام. عودة سكان القطاع من الجنوب الى الشمال والترميم الاولي للبيوت واستئناف نشاطات البنى التحتية مثل الكهرباء والمياه والعيادات وادخال الاموال الى فروع البنوك التي بقيت في القطاع واعمال الشرطة والحماية من عصابات الاجرام وخروج السكان المرضى والجرحى الى مصر لتلقي العلاج، وبعد ذلك فتح المدارس ورياض الاطفال، كل ذلك لا يوجد له في هذه الاثناء جسم اداري ومنظم، والنقاشات في اسرائيل حول تفعيل اجسام محلية لم تثمر حتى الآن عن برامج عمل قابلة للتنفيذ.

في ظل غياب قرار لاسرائيل، باستثناء القرار الذي يرفض بشكل مطلق عودة السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة، فان الامكانية الوحيدة هي اقامة حكم عسكري اسرائيلي. ولكن هذه العملية ستقتضي استمرار تواجد الجيش في القطاع بحجم سيعتبر خرق لاتفاق وقف اطلاق النار الذي سيتم التوصل اليه مع حماس. الخيار الثاني هو أن الفراغ السلطوي سيملأه موظفو حماس، الذين حتى لو أنهم لن يحملوا السلاح بشكل علني، إلا أنهم بالفعل سيعيدون الحكم المدني في القطاع الى حماس. هنا يكمن العائق المهدد اكثر لصفقة التبادل، التي بالتأكيد سيتم عرضها من قبل من يعارضونها، الذين يضعون المسدس السياسي المدخن على رأس نتنياهو، كخضوع مطلق لحماس.

——————————————–

معاريف 7/7/2024

حكومتنا مشغولة بابادة صورة إسرائيل التي اختطفتها عصابة لا بد من أن تزول

بقلم: بن كسبيت

تسعة اشهر على الكارثة، بقينا مع عنوانين مركزيين: العنوان الأول هو ان إمكانية إبادة دولة إسرائيل عادت الى جدول الاعمال ولم تعد تبدو بلا أساس في عيون اعدائنا، وليس فقط في عيونهم. العنوان الثاني هو انه رغم النجاح المدوي لضربة البداية في 7 أكتوبر، في النهاية لم نباد. خطة السنوار انهارت بعد مرحلة البداية. فقد نجح في مفاجأة الإمبراطورية الإسرائيلية في حملة تضليل ذكية وأوقع علينا الضربة الأكثر ايلاما في تاريخنا. لكن كل ما كان يفترض أن يحصل فور ذلك – ببساطة لم يحصل.

لقد اعتذر السنوار بأثر رجعي لحسن نصرالله على أنه فاجأه هو أيضا. فقدرات الاستخبارات الإسرائيلية، حسب السنوار لم تسمح له باطلاع شركائه في “محور الإبادة” على موعد الهجوم. يبدو أن نصرالله بلع الإهانة لكنه لم يفعل ما توقع السنوار منه أن يفعله ولم ينضم مليء – مليء الى الحرب. فقد اطلق الصواريخ، اطلق النار، ازعج إسرائيل، لكنه لم يوقع هجوما صاروخيا قويا على مراكز القوة الإسرائيلية، المطارات، المفترقات، اهداف البنى التحتية وحشودات القوات.  قعد على الجدال في الشمال، قدم هنا وقدم هناك، ورفع العتب. عرب إسرائيل هم أيضا خيبوا أمل السنوار، وامل بن غفير. هم هادئون نسبيا. في الضفة، بالمقابل، الجمر يشتعل. يوجد هناك جهد عسكري إسرائيلي وشباكي متواصل، يومي، لمنع اللهيب من التفجر. الامر الأخير الذي نحتاجه هناك هو الإرهاب اليهودي، لكن ضده لا يوجد من يعمل. فالشرطة أممت منذ زمن بعيد، يدا الشباك مكبلتان، والان حتى الاعتقالات الإدارية أخرجت من صندوق الادوات. من يدري، لعله في النهاية ينجح سموتريتش وبن غفير في احداث حرب جوج وماجوج، رغم كل شي.

ان فشل السنوار في جمع الساحات وفتح بوابات جهنم علينا لا يعني انه يمكن لنا أن نهدأ. العكس هو الصحيح. فالمعمعان فشل والسنوار وجماعته انتقلوا الى الخيار الثاني: الاستنزاف. هذا ما يفعلوه الان. في الأسبوع الماضي دفنا 12 جنديا، وهذا لم يكن أسبوعا شاذا على نحو خاص. الجيش الإسرائيلي يقترب من 700 شهيد منذ 7 أكتوبر، قبل أن نحصي المدنيين والمخطوفين.  هذه وتيرة تآكل لا يمكن لإسرائيل ان تصمد فيها على مدى الزمن. فليست حياة الانسان وحدها تسحق هنا. بل القيم أيضا، الجوهر أيضا، قدرة الصمود أيضا، تراص الصفوف الداخلية أيضا.

المزيد فالمزيد من الإسرائيليين يفكرون بصوت عال اذا كان هذا هو المكان ليربوا فيه الأجيال القادمة. المزيد فالمزيد من الإسرائيليين لم يعودوا مقتنعين بان إسرائيل الحالية هي الدولة إياها التي أقامها هنا الآباء المؤسسون قبل 76 سنة. نحن ننزف في كل المجالات – المقاتلين، المدنيين، الأطباء، العلماء، رجال التكنولوجيا، وأنواع أخرى طيبة من الإسرائيليين ممن يتلقون عروضا مغرية من خلف البحر. بعضهم يمسح الدموع، يجمع الامتعة ويغادر. بعضهم يتردد. بهذه الوتيرة، فان الطبقة التي تصون هنا الاقتصاد، الامن، الاكاديميا، الصناعة والتكنولوجيا ستضعف وستتبدد. هذا الخطر واضح وملموس اكثر من خطر الإبادة الجسدية على أيدي حزب الله، ايران وكل ما بينهما. يدور الحديث عن خطر واضح وفوري.

شيء واحد لم يعد ممكنا أن يتغير، حتى لو حققنا “النصر المطلق” الذي يسوقه لنا بائع الاثاث الذي اختطف الدولة: يحيى السنوار جعل نفسه الصيغة الحديثة الأقرب الى صلاح الدين. من موقع دون مهزوم، نجح في أن يوقع على القوة العظمى الإسرائيلية الضربة الأشد التي أوقعت عليها في أي وقت مضى. سخر من الاستخبارات الإسرائيلية، اخفى الجيش الإسرائيلي، ضرب البطن الأكثر طراوة لإسرائيل وجسد كل كوابيسها. أوقع كارثة عظيمة أيضا على أبناء شعبه، لكن هذا حقا لا يهمه. عيناه علينا. علينا فقط. هو يرى المجتمع الإسرائيلي يتفكك امام عينيه ويستمتع بكل لحظة. يؤمن، اكثر من أي وقت مضى بان الزمن يعمل في صالحه. هو يعرف بان أيامه لن تطول، لكنه يعرف ان اسمه سيخط الى الابد في تاريخ شعبه. كل هذا أتيح على جثثنا.

الانباء الطيبة هي أنه رغم ان السنوار امسك بها في نقطة الضعف الأدنى والأكثر تطرفا التي يمكن له فيها أن يمسكنا فيها، نجاحاته العسكرية الحقيقية كانت قصيرة المدى والموعد. فقد كانت هذه هجمة من طرف واحد فقط. لم يكن اخطار، لم يكن جيش، لم تكن قيادة وتحكم، لم تكن جاهزية، لم تكن جدية، لم تكن عقيدة دفاع جديرة باسمها. في طرفنا لم يكن شيء ولا يزال، حتى مساء 7 أكتوبر كان معظم قتلة النخبة قد ماتوا او فروا للنجاة بحياتهم في داخل القطاع.

الغلاف والدولة انقذها افراد، جماعات، انتظاما على عجل لمقاتلين، مدنيين، شرطة ومجرد أناس ببساطة نهضوا وساروا ليقاتلوا في سبيل البيت. مثلما كشف السنوار عن عارنا في 7 أكتوبر هكذا كشف أيضا عن عظمتنا. مثلما كان 7 أكتوبر ساعتنا الأصعب، كارثتنا الأشد والأكثر فظاعة، هكذا كان احد أيامنا العظمى. كميات البطولة الفائقة التي ابديناها على مدى هذا اليوم تضع في الظل كل البطولة الإسرائيلية منذ انبعاثنا في 1948 وحتى اليوم. ولا تزال اليد ممدودة.

وبعد أن قلنا كل هذا، من الصعب أن نفهم كيف أن أناسا اكثر مما ينبغي ممن كانوا مسؤولين عن إخفاقات اكثر مما ينبغي لا يزالون يتولون مناصبهم. في اخبار 12 في الأسبوع الماضي جيء بالرسال الالكترونية الأخيرة التي بعثت بها “و”، الرقيبة من وحدة 8200 التي حذرت واخطرت وتنبأت بالكارثة التي الأشهر التي سبقت وقوعها. الرسائل الأخيرة التي بعثت بها الى قادتها، قبل أسبوع او أسبوعين من المذبحة هي وثيقة لا تفهم تكشف حجم انغلاق الحس، الغرور، الاعتداد بالنفس، التعالي والتجاهل الذي أدى الى الكارثة أتوقع من رئيس الأركان هرتسي هليفي أن يحرص على أن كل من تلقى هذه الرسائل ولم يقلب على الفور كل الطاولات في محيطه ان يطير الى بيته مكللا بالعار، واذا كان ممكنا أيضا بدون تعويضات وتقاعد. هكذا ببساطة. ثمة من يعتقدون بان هؤلاء المسؤولين يجب أن يصلوا حتى السجن. انا لست بينهم. لكن حقيقة ان بعضهم لا يزالوا يتولون مناصبهم لا تقل انعداما للفهم. من قائد الفرقة، عبر قائد أمن القيادة، عبر كل السلسلة ممن قرأوا صرخات “و” وازاحوها باستخفاف. عليهم أن يختفوا من حياتنا.

صحيح حتى الان، حكومة إسرائيل لا تنشغل بالدفاع، لا تنشغل بالهجوم، لا تنشغل بالاعمار ولا تنشغل بتخطيط المستقبل او باي استراتيجية. هي تنشغل بالابادة، ليس للعدون بل للعلامة التجارية الإسرائيلية. هذا ينعكس في كل فعل، في كل قصور، في كل قرار للعصابة التي اختطفت سرائيل. كل شيء مقلوب.

في الأسبوع الماضي مدد اخلاء سكان الشمال حتى 31 آب. مطلوب لذلك ميزانية نصف مليار شيكل. في الأسبوع إياه وزعت حكومة السلب والنهب نحو 900 مليون شيكل أموال ائتلافية لقطاعات، جماعات ضغط وحريديم، وكأننا في ذروة أيام الحياة العادية والاستجمام. هذا المال كان ينبغي أن يوجه الى الجهد الحربي ولمواصلة تمويل اخلاء السكان. لكنهم لا يلمسونه. فهم لن يخاطروا بالائتلاف. لكنهم يخاطرون بالدولة. يواصلون توزيع الغنائم والسلب والنهب وكأن شيئا لم يكن. ولهذا فقد نفذ اقتطاع “عرضي” سيمس بنا جميعنا، بدلا من استغلال الأموال الائتلافية. على هذا فقط يجب ان تنهى في اقرب وقت ممكن ولاية حكومة الخراب هذه.

حكومة سوية العقل كانت ستسعى الان بكل قوتها لانهاء الصيغة الحالية للحرب في غزة وإعادة كل المخطوفين والجثث. رئيس وزراء مسؤول كان سيصل الى اتفاق هاديء مع الرئيس الأمريكي يتيح لنا مواصلة القتال ضد حماس بالطريقة التي نقاتل فيها ضد الإرهاب في الضفة، مواصلة صيد قادة حماس والعودة الى غزة في الزمان والمكان الذي نقرره. المشكلة هي انه لا توجد هنا حكومة سوية العقل ولا يوجد هنا رئيس وزراء مسؤول. يوجد هنا انسان مصاب بتضارب بنيوي للمصالح في كل عمل يقوم به تقريبا، واساسا في الاعمال التي لا يقوم بها. شخص يحتاج الى تمديد الحرب قدر الإمكان بينما تحتاج دولته الى وقفها بأسرع وقت ممكن.

نحن نحتاج لان ننهي الحرب ففي غزة، لان خطر حماس تقلص الى الحد الأدنى، للسنوات القريبة القادمة على الأقل. محظور السماح لها أن تنمو مرة أخرى، وينبغي مواصلة العمل الى أن يكون واضحا بانه لا توجد بنية عسكرية ذات مغزى لحماس في غزة. سلم الأولويات الحالي هو العمل شمالا وانهاء الحديث هناك أيضا بأسرع وقت ممكن، لاجل التفرغ للتحدي الحقيقي: استكمال دائرة التحالفات الإقليمية – من المغرب وحتى السعودية، البحرين والامارات بقيادة أمريكية. استقرار التحالف الأمريكي – السُني – الإسرائيلي ضد ايران. إعادة بناء الجيش الإسرائيلي وتوسيعه على نحو ذي مغزى. تعبئة مخازن الذخيرة للجيش الإسرائيلي الى حجوم لم يشهد لها مثيل حتى الان، وانا اتحدث عن عشرة اضعاف مما كان قبل ذلك (وحتى هذا لا يكفي). الاستعداد لامكانية ضربة عسكرية لإيران، للبنية التحتية النووية، اذا ما وعندما يتبين انهم يوشكون على اجتياز الحافة والاقتحام أيضا لـ “مجموعة السلاح”.

لقد تأجل الحساب التاريخي الى موعد لاحق. الرجل الذي وقع على القنبلة النووية هو اليوم رئيس وزرائنا. هو الذي اقنع دونالد ترامب للخروج من الاتفاق النووي. هو الذي اهمل الخيار العسكري. هو الذي ركز على بقائه بدلا من بقائنا. سنواته الأخيرة للحكم اضعفت إسرائيل، مس بعظمتها. سحقت ردعها، اضعفت اقتصادها وفككت المجتمع وتراص صفوفه الداخلية.

ينبغي ترميم كل هذا. ينبغي بناء كل هذا من جديد. الانباء السيئة هي انه لا يزال هنا وانه لا توجد له أي نية لتركنا لحالنا والسماح للدولة لان تنتعش من اضرارها. الانباء الطيبة هي انه توجد هنا قوى عظمة، حيوية، وطنية وصهيونية قادرة على التحدي الأكبر الذي نقف امامه. إن كان.

——————————————–

إسرائيل اليوم 7/7/2024

هجوم حماس في السابع من اكتوبر يتطلب مراجعة لمهام الشاباك

بقلم: ايال زيسر

مهزلة تحرير مدير مستشفى الشفاء من المعتقل كشفت الدم الفاسد بين الأشخاص والهيئات ممن يفترض ظاهرا أن يديروا معا، بالتعاون بينهم، الحرب ضد حماس. الى جانب مواضيع الأنا والحسابات الشخصية والسياسية، هذه عقدة بل وحتى فوضى بنيوية، تكمن في العمل الذي اودع على مدى السنين في أيديهم لمعالجة شؤون القطاع وحماس وكان لكل واحد مهمة ومسؤولية وعلى أي حال أيضا فكرا ومصالح خاصة به.

هكذا، في داخل الجيش، الذي ينتقل فيه منسق اعمال الحكومة في المناطق الى قيادة المنطقة الجنوبية، “امان” وهيئة الأركان؛ وهكذا في جهاز الامن الذي يعمل فيه بالتوازي، الجيش، الشاباك والان مصلحة السجون أيضا. لكن لا يزال يوجد موضوع آخر: مسؤولية الشاباك عن إدارة الحرب ضد حماس. الامر يبدو لنا مفهوما من تلقاء ذاته ومع ذلك يجدر طرح الأسئلة بل ويحتاج الى نقاش ثاقب. فهذه معضلة تاريخية يعود أساسها الى الواقع الذي خلفته حرب الأيام الستة التي لا تزال تتواصل حتى أيامنا هذه دون أن يعطي فيها احد الرأي فيها، وهي لا شك ساهمت في اخفاق 7 أكتوبر. الشاباك أقيم في بداية الخمسينيات كجسم مسؤول عن احباط التجسس الأجنبي والمؤامرات والإرهاب من الداخل، الى جانب مسؤوليته عن حراسة الشخصيات، المؤسسات والمنشآت. هذه كانت مهام احباط ومنع وليس مهام إدارة حرب ضد جيش عدو. بعد حرب الأيام الستة، ما ان سيطرت إسرائيل على الضفة والقطاع ووجدت نفسها تتصدى لارهاب فلسطيني، اودعت المسؤولية عن احباط هذا الإرهاب في ايدي الشباك. وتحولت هذه لتصبح مهمته الأساس.

طالما كان الحديث يدور عن مكافحة إرهاب الافراد والخلايا التي تعمل من داخل السكان الفلسطينيين الذين كانوا يحافظون في معظمهم على الهدوء كان يمكن الفهم لماذا كان الشاباك هو الذي يتحمل العبء. فقد كانت له الخبرة والتجربة للتصدي للمؤامرات والإرهاب في داخل إسرائيل. لكن عندما اصبح الإرهاب الفلسطيني إرهابا منظما بل وارهابا جماهيريا، بدأت العربة تترنح.

أضواء تحذير اشتعلت مع اندلاع الانتفاضة الأولى في ضوء اخفاق الشاباك في توقعها. فقد كان هو مشغولا في إحصاء الأشجار – التصدي لعمليات إرهاب موضعية ولم يرَ الغابة – ما يجري تحت السطح في الشارع الفلسطيني.

التغيير الأهم وقع في العقدين الأخيرين، عندما انقطعت غزة عن إسرائيل وقامت فيها دولة حماس مع جيش بكل معنى الكلمة. لكن المنظومة الإسرائيلية وعلى رأسها الشاباك لم تستوعب معنى التغيير وواصلت التفكير في حماس بتعابير منظمة إرهاب قوتها في تفعيل خلايا تنفذ هجمات إرهاب موضعية او تطلق صواريخ نحونا.

يمكن فهم الخطأ. الشاباك لم يقم ويبنى كجسم مخصص للتصدي لجيش عدو – فما بالك لدولة عدو. بعد كل شيء احد لا يتوقع من الشاباك أن يتصدى استخباريا وعملياتيا لإيران او لسوريا ولا حتى لحزب الله. لمثل هذا التصدي هناك حاجة لقدرات مختلفة عن تلك المطالبة بمعالجة التآمر والإرهاب، واساسا مطلوب نهج فكري مختلف وكذا منظمة تعرف كيف تجمع وتحلل المعلومات عن العدو وجيشه.

عظمة الشاباك كان في الستينيات والسبعينيات في قدرته على العمل بين السكان الفلسطينيين وتفعيل شبكة متعاوني وعملاء اتاحوا له إبقاء الاصبع على النبض الفلسطيني والتصدي لارهاب الافراد. هذه القدرة ضاعت مع الانسحاب وفك الارتباط عن القطاع، وكذا بسبب الأولوية التي أعطيت للتكنولوجيا التي بدت مغرية ولامعة وبهذه الصفة جعلت تفعيل المتعاونين والعملاء لا داعٍ له.

وهكذا واصل الشاباك التعاطي مع حماس كمنظمة إرهاب. هذا في الوقت الذي أقيمت فيه عمليا دولة حماس التي يوجد لها جيش خطط ونفذ هجوما عسكريا شاملا الحق ضررا اكبر من هجوم جيش مصر وسوريا في أكتوبر 1973. من تلقاء ذاته ينشأ السؤال اذا لم يكن مناسبا مراجعة غاية الشاباك ومهامه، اذا كان من الصواب ان يواصل إدارة الحرب ضد حماس، واذا كان نعم – أليس مطلوبا مراجعة تسمح له بالايفاء بمستلزمات هذا التحدي.

——————————————–

هآرتس 7/7/2024

الإسرائيليون وعائلات المخطوفين لحكومة نتنياهو: إما “صفقة” أو شوارع تعج بالملايين

بقلم: أسرة التحرير

تخرج صفقة مخطوفين على الطاولة مرة أخرى، متضمنة إعادة جزء من المخطوفين إلى جانب مسار متفق عليه لبحث مستقبلي على تحرير المتبقين. وربما تنشأ فتحة لمفاوضات سريعة على صفقة في الشمال تمنع حرباً شاملة.

عائلات المخطوفين ودائرة أحبائهم والجمهور في إسرائيل، يجدون صعوبة منذ 7 أكتوبر في ترقب لأي إعادة باتت مجربة لخيبات الأمل. هذه هي المرة الأولى، أو الثانية، التي يبدو فيها أننا نقترب من الصفقة رغم أن أحد الطرفين أو كليهما معاً حرصا على عرقلتها.

ومع ذلك، يخيل هذه المرة أن احتمالات الصفقة أكبر من أي وقت مضى. في لقاء عقده غالنت مع عائلات مخطوفين عقب رد حماس على مقترح الوسطاء في المفاوضات على صفقة المخطوفين، قال وزير الدفاع: “نحن أقرب من الصفقة من أي وقت مضى”. المنشورات في الشبكات الأجنبية تؤكد ذلك. وفي اللقاء الذي جمع بين أمين عام حزب الله حسن نصر الله ورجل الذراع السياسي لحماس خليل الحية، الجمعة، نشر أن حماس أبلغت حزب الله موافقتها على اقتراح لوقف النار، وأن مصدراً رسمياً في حزب الله قال في نهاية اللقاء إنه “إذا حدث اتفاق في غزة فسيحدث وقف لإطلاق نار في لبنان”.

غالنت يشعر بوجود احتمال جدي للصفقة، وكل قادة الأجهزة الذين يعملون في المفاوضات أيضاً من الجيش و”الموساد” و“الشاباك” ومركز الأسرى والمفقودين برئاسة اللواء احتياط نيتسان ألون، يعتقدون بإمكانية جسر الفجوات بين مواقف الطرفين في المفاوضات هذه المرة.

لكن أمام هذه الأصوات والنهج الذي يرى في إعادة المخطوفين فريضة عليا، يقف نتنياهو وشركاؤه المتطرفون الذين قد يعرقلون الصفقة بوسائل مختلفة تخوفاً من تفكيك حكومته، ولدى آخرين منهم رغبة في مواصلة الحرب بل وتوسيعها إلى ساحات أخرى لتحقيق تطلعات إمبريالية مسيحانية.

البديل، إذن، هو صفقة ووقف الحرب أو ترك المخطوفين لمصيرهم يموتون وحرب شاملة. وللتغلب على نتنياهو واليمين المتطرف، على الجمهور أن يوضح للحكومة ولرئيسها رغبته في صفقة تعيد المخطوفين إلى الديار. “شعب إسرائيل يصوت المرة تلو الأخرى في كل استطلاع واستطلاع، أنه مع صفقة كاملة لإعادة كل المخطوفين والمخطوفات. لن نسمح لوزراء في الحكومة عرقلة الصفقة مرة أخرى”، كما أفادت عائلات المخطوفين وهددت بأنه إذا ما أفشلت الحكومة الصفقة فإن “الملايين ستخرج إلى الشوارع”. هذه لحظة اختبار للجمهور. محظور إبقاء العائلات وحدها في المعركة. يجب الانضمام إليها في المطالبة من الحكومة: صفقة الآن.

——————————————–

معاريف 7/7/2024

الموساد.. الكابينت سيقر الصفقة

بقلم: بار شيفر وآخرون

حماس قررت التنازل عن مطلب أن تتعهد إسرائيل بوقف نار دائم قبل التوقيع على الاتفاق، هذا ما أفاد به أمس مصدر رفيع المستوى في المنظمة لوكالة “رويترز” للأنباء. وحسب التقرير، وافقت حماس على إجراء الاتصالات في موضوع وقف النار أثناء المرحلة الأولى من الصفقة، التي ستمتد لستة أسابيع.

وأشار المصدر رفيع المستوى في حماس إلى أن المنظمة قبلت المقترح الأميركي ووافقت على أن تبدأ المحادثات على تحرير جنود ورجال مخطوفين بعد 16 يوما من بدء المرحلة الأولى في الصفقة. وحسب الاتفاق ينبغي الوصول إلى اتفاق على تحرير المخطوفين قبل نهاية الأسبوع الخامس من المرحلة الثانية من الصفقة. مسؤول فلسطيني كبير مشارك في المفاوضات، قدر بأن الاقتراح الحالي كفيل بأن يؤدي إلى صفقة، إذا ما وافقت إسرائيل على الشروط المقترحة.

وأكد مصدر في الطاقم الإسرائيلي المفاوض أنه يوجد احتمال حقيقي للوصول إلى اتفاق. وحسب هذا المصدر، فإن الاقتراح الحالي يتضمن وقف نار مؤقت، نقل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة وانسحاب قوات الجيش، طالما تواصلت المحادثات لتنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة. في مكتب رئيس الوزراء نتنياهو لم يعقبوا بعد على التقرير.

وفي الأيام الأخيرة، اشتدت الجهود في إسرائيل، الولايات المتحدة وقطر للوصول إلى منحى متفق عليه للصفقة. بل إن وفدا إسرائيليا برئاسة رئيس الموساد دادي برنياع سافر إلى قطر بهدف حث الصفقة. ويوم الجمعة غادر الوفد الدوحة بعد أن التقى بالوسطاء.

وجاء من مكتب رئيس الوزراء أن وفدا إضافيا سيسافر الأسبوع الحالي، إلى قطر لمحاولة جسر الفجوات بين الطرفين. وأعربت مصادر إسرائيلية واجنبية عن تخوفها من أن يحاول نتنياهو عرقلة الصفقة لاحقا، وقدرت أنه يعمل منذ زمن بعيد على تخريب الاتصالات.

وأفاد تقرير في “وول ستريت جورنال” نقلا عن مصادر في الموساد، بأنها “تؤمن أن الكابنت سيقر الاقتراح الأخير لوقف النار”.

ومع ذلك، مواجهة حادة وقعت يوم الجمعة في الكابنت السياسي الأمني بعد أن احتج بن غفير على قرار نتنياهو إرسال الوفد إلى قطر من دون أن يطرح المسألة على الكابنت.

وكما يذكر، فإن نتنياهو أفاد تحت عنوان “مصدر سياسي” بأنه “بعد مداولات أجراها نتنياهو أقر إرسال وفد للمفاوضات. وعاد نتنياهو وشدد على أن الحرب لن تنتهي إلا بعد تحقيق كل أهدافها وليس قبل لحظة من ذلك”.

——————انتهت النشرة—————-