الغارديان: حماس لم تُهزم باغتيال هنية.. وانتقال القيادة سيكون سلسا ولن يؤثر على غزة

نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لبيثان ماكرنان قالت فيه إن إسرائيل وجهت ضربة لحركة حماس عندما قتلت رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية أثناء زيارة لطهران يوم الأربعاء.

وتساءلت عن الخطوة المقبلة للحركة، مضيفة أن هنية ليس الزعيم الأول الذي تغتاله إسرائيل، فقد اغتالت مؤسس الحركة وزعيمها الروحي أحمد ياسين والمؤسس المشارك عبد العزيز الرنتيسي والقائد العسكري صلاح شحادة في بداية القرن الحالي. وقتل أحمد الجعبري الذي قاد عملية السيطرة على غزة عام 2007 في غارة جوية بمدينة غزة عام 2012.

وترى الصحيفة أن حماس كانت دائما قادرة على تجميع وإعادة تنظيم نفسها إلا أن الحرب الجارية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر تركت الحركة في حالة من فراغ القيادة، فقد اعتبرت إسرائيل في حربها على الحركة وتعهدها بتدميرها سياسيا وعسكريا القادة في الخارج أنهم “أهداف للقتل”.

ففي بداية العام الحالي، قتلت إسرائيل صالح العاروري، أحد نواب هنية بغارة جوية على لبنان. وقالت إسرائيل إن مروان عيسى أحد قادة حماس العسكريين قتل في النصيرات في آذار/مارس. وأعلنت إسرائيل يوم الخميس أن قائد كتائب القسام محمد الضيف قتل في الغارة الإسرائيلية على خان يونس قبل ثلاثة أسابيع.

وتلاحق إسرائيل الضيف منذ عام 1995 ونجا من عدة محاولات اغتيال. وكان الضيف ويحيى السنوار وهنية على قائمة قدمها مدعي عام الجنائية الدولية لاستصدار مذكرة اعتقال بتهم ارتكاب جرائم حرب، إلى جانب مذكرات ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يواف غالانت. وتقول الصحيفة إن حماس لم تؤكد مقتل الضيف، ولو تأكد فسيشعر زعيم حماس في غزة السنوار بأنه بات وحيدا. ولم يكن هنية من قاعدة إقامته في العاصمة القطرية، الدوحة قادرا على إدارة الأمور في غزة. ولم يكن هنية أو أي من قادة حماس في الخارج يعرف عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولو كانت قيادة الخارج تعرف فليس من الواضح إلى أي مدى.

لم يكن هنية أو أي من قادة حماس في الخارج يعرف عن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولو كانت قيادة الخارج تعرف فليس من الواضح إلى أي مدى

وعلى خلاف السنوار، كان هنية يتنقل ويسافر وظل حتى مقتله الوجه المعروف لحماس، حيث أدار علاقات الحركة مع إيران والحركات الموالية لها في الشرق الأوسط، مثل حزب الله. وكان معتدلا ووجه وفود حماس لمفاوضات الهدنة التي توسطت بها مصر وقطر والولايات المتحدة، والتي ابتعد منظورها كثيرا الآن.

وفي الماضي، استخدمت حماس الانتخابات الداخلية في غزة والضفة الغربية والسجون لاختيار زعيم جديد، وهو أمر صعب في الظروف الحالية. وبدلا من ذلك فقد يتقدم خالد مشعل، رئيس مكتب الفلسطينيين في الشتات، وسلف هنية لتولي منصب مدير المكتب السياسي وإن بصفته قائما بالأعمال.

وولد مشعل، 68 عاما، في الضفة الغربية ونشأ في الكويت وظل شخصية مركزية للحركة منذ التسعينات حيث قام برعاية مصالح الحركة والدفاع عنها من الخارج.

وفي عام 1997 تعرض لمحاولة تسميم على يد عملاء الموساد في عمان، العاصمة الأردنية، وهو ما أغضب الملك حسين الذي هدد بقتل العملاء الإسرائيليين المتورطين في العملية، إلا في حالة زودت إسرائيل الأردن بالدواء المضاد للسم.

ومثل هنية، فهو شخصية معتدلة وبراغماتية وقام بمراجعة لميثاق حماس عام 2017. وتنحى عن رئاسة المكتب السياسي في نفس العام نظرا لدعوته إلى المصالحة مع حركة فتح التي تسيطر على الضفة، حسب الصحيفة. وتوترت علاقاته مع سوريا وإيران منذ عام 2011، نظرا لدعمه الثورة السورية ضد بشار الأسد.

وهناك خليل الحية، الذي قاد وفد حماس لمفاوضات الهدنة، ويقيم في قطر، وله علاقات مع المسؤولين الإيرانيين، بشكل يجعله في وضع جيد لخلافة هنية.

وترى الصحيفة أن وفاة هنية لن تترك أي أثر على ساحة المعركة. وتزعم إسرائيل أنها استطاعت قتل نصف قيادة حماس العسكرية في غزة، بمن فيهم ستة قادة بارزين لكتائب وأكثر من عشرين قائد فرقة وقتلت وجرحت 14,000 مقاتل، وهي أرقام لم يتم التحقق من صحتها. ورغم عدم قدرة حماس على شن هجمات صاروخية وضعف نظام القيادة لديها، إلا أنها استطاعت وبنجاح التحول إلى حرب العصابات وزيادة أعدادها من خلال تجنيد متطوعين جدد في صفوفها واستخدام شبكة الأنفاق لمواجهة القوات الإسرائيلية. وقطعت إسرائيل خط الإمدادات الرئيسي من رفح في أيار/مايو وهو ما سيؤثر على قدرة الحركة للقتال، لكنها لم تهزم بعد.

قوة لم تنته

ورأى ريتشارد سبنسر في صحيفة “التايمز” أن المرحلة الانتقالية في القيادة داخل حماس ستكون سلسة، لكن ما تعنيه وفاته للحركة ولغزة ولمستقبل الدولة الفلسطينية أقل وضوحا. فحماس التي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين وأيديولوجيتها حركة منضبطة وبعملية واضحة وآلية لاستبدال القادة. فعندما حل هنية محل مشعل عام 2017 تم ذلك بدون توضيح ولكن بدون أي معارضة. وظل مشعل ناشطا في مكتب الحركة السياسي وظهر من جديد بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر وكمتحدث قوي في الإعلام العربي. ويتوقع معظم المحللين أن يعاد تكليف مشعل برئاسة المكتب السياسي، فلديه العلاقات الضرورية والدبلوماسية مع تركيا وقطر ومصر التي توسطت في مفاوضات الهدنة، مع أن هنية كان ينظر إليه على أنه الأكثر اعتدالا.

لكن حماس ستتأثر ميدانيا بمقتل الضيف، لو كان التقدير الإسرائيلي أنها نجحت باغتياله في 13 تموز/يوليو. وفي النهاية فالقرارات السياسية تتخذ بموافقة الجميع، بما فيها الصفقات التي تقدم بها هنية، لكن محمد ضيف كان الزعيم الذي أنشأ الجناح العسكري وجعله جيشا متعدد الأهداف خصوصا استهداف إسرائيل.

لعبت كتائب عز الدين القسام دورا مهما في تأكيد حكم حماس في غزة وأطلقت الصواريخ ضد إسرائيل وقامت ببناء مستوى من الردع

فقد لعبت كتائب عز الدين القسام دورا مهما في تأكيد حكم حماس في غزة وأطلقت الصواريخ ضد إسرائيل وقامت ببناء مستوى من الردع غير المتناسق الذي خرب على الغزو الإسرائيلي لغزة. فالدبابات الإسرائيلية قادرة على التحرك في أي مكان تريده داخل القطاع وتقوم طائرات إسرائيل بتدمير أي بناية تريدها من الجو، لكن مقاتلي حماس، يستطيعون الخروج من أنفاقهم حسبما يريدون للقيام بعمليات خاطفة.

وقتل أكثر من 300 جندي إسرائيلي حتى الآن، وبالتأكيد خسرت حماس آلافا من مقاتليها، بحسب التقدير الإسرائيلي الأكثر تفاؤلا وهو 14,000 مقاتل. ومع هذا فهناك أكثر من 15,000 مقاتل لا يزالون في الأنفاق وأماكن أخرى وينتظرون ما تقرره إسرائيل والمجتمع الدولي لغزة في المرحلة المقبلة. وفي غزة اليوم فوضى وعصابات نهب غير مرتبطة بحماس تقوم بنهب ما تبقى في الأنفاق. ولأن إسرائيل اعتبرت الشرطة الفلسطينية هدفا عسكريا، فقد اندمج بعضهم مع المدنيين أو عادوا إلى الأنفاق.

وتقول إسرائيل إنها لن تسمح لحماس بممارسة أي دور في مستقبل غزة، بل واستبعدت أي دور للسلطة الوطنية التي تسيطر عليها فتح في الضفة الغربية، لكنها بالتأكيد قادرة على لعب دور المخرب بما تبقى لديها من قوة تحت قيادة يحيى السنوار الزعيم العام لغزة، وفي حالة قررت إسرائيل فرض قيادة ميدانية تختارها.

ومن الخيارات التي يتم التلويح بها، هي قيادة موالية للإمارات التي تعتبر الدولة العربية ذات العلاقة الجيدة مع إسرائيل. إلا أن أبو ظبي تضع سمعتها وكذا قوات حفظ السلام على الخط لو حاولت فرض حكم مدني في وقت ينتظر عشرات الآلاف من المسلحين للرد سريعا من الأنفاق. صحيح أن حماس لم تعد تمثل تهديدا على إسرائيل علاوة على قدرتها تنظيم هجمات مثل 7 تشرين الأول/أكتوبر، لكنها لا تزال خطرا على غزة. وتواجه إسرائيل ورطة من خلال مواصلة تدمير حماس وقتل السنوار أو المخاطرة بحرب مع حزب الله، المنظمة التي لديها قدرات لإمطار وقصف إسرائيل بالصواريخ.