الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 21/10/2024

العلاقة بين الانفصال في غان مئير والاستيطان في غزة؟ النشوة الدينية وشبهة الجرائم الجنسية

بقلم: غيل تلشير

الطريق بين ايلي غزة وغان مئير تمر في بلفور، شارع غزة في القدس. في خضم الصلاة في تل ابيب يتم انشاء مدينة عرائش مستقبلية على مدخل الغلاف بعنوان “نستعد للاستيطان في غزة”. اجراس الكنائس لم تسمع في أي وقت مضى اقرب اكثر من ذلك. 

في شهر ايار قال رئيس هيئة الامن القومي، تساحي هنغبي، المقرب من نتنياهو، بأن “غالنت ضد قرار يؤدي الى حكم عسكري، لكن أنا لا اعرف في كابنت الحرب أي شخص، بما في ذلك رئيس الحكومة، يريد حكم عسكري للجيش الاسرائيلي في قطاع غزة”. وفي هذا الشهر تم تعيين في قسم منسق اعمال الحكومة في المناطق رئيس للجهود الانسانية المدنية في غزة. حجر الانطلاق لتأسيس حكم عسكري ينطوي على اقتصاد لاستيطان يهودي. في نهاية المطاف كل مستوطنة في المناطق تمت شرعنتها من قبل المحكمة العليا كجبهة داخلية مدنية للحكم العسكري. هنغبي في الواقع تحفظ في تصريحه الحاسم بالقول “احيانا نحن ننجر الى بدائل، التي هي ليست بدائل، لأن الواقع يفرض ذلك”. ولكنه أكد على أن السياسة التي تريدها الحكومة هي سلطة لزعماء محليين في غزة.

بعد مرور شهرين، في شهر تموز، وزير الزراعة آفي ديختر، الذي يطمح الى منصب وزير الدفاع ويحرص على تكرار فقط روح القائد، قال في السابق بانفعال “إما اسرائيل أو حماس. اسرائيل يجب أن تحكم غزة”. هل في الواقع الحكومة انجرت بسرعة الى البديل الذي لا يعتبر بديل، أو على فرض أن هذا ليس هو البديل الذي يريده نتنياهو – شخص آخر يفرضه عليه؟.

من لديه خطة منظمة وما هي العلاقة بين مستوطنة ايلي غزة والمطالبة بالصلاة بشكل منفصل في غان مئير في يوم الغفران؟ من هو صاحب نظرية الانسحاب المزدوج التي تنتقد خط الحاخام كوك، الذي كانت غوش ايمونيم مخلصة له، الذي اعتبر الصهاينة العلمانيين جزء من بداية الخلاص الديني؟.

“من هو حاخامك؟”، سأل عكيفا نوفيك في مقابلة اجراها مع يسرائيل زعيرا، المدير العام لمنظمة “رأس يهودي في تل ابيب”. زعيرا اجاب: “الحاخام تاو، رئيس المدرسة الدينية هار هامور”. ولكن الحاخام تسفي تاو يشن حرب ضروس ضد الروح التل ابيبية، النساء والمثليين، قال نوفيك. نعم، تاو يعارض ما يعتبره انسحاب مزدوج: انسحاب من ارض اسرائيل المقدسة، والانسحاب من نمط الحياة اليهودية. موقف المدارس الدينية من هذا الخط ومن يمثلونه فان هذه مجرد اذرع مندمجة ومتشابكة: حرب ضروس ضد الليبرالية في تل ابيب، والاستيطان اليهودي في قطاع غزة من اجل تحقق الخلاص. وما علاقة نتنياهو بذلك؟ عندما قالوا في “رأس يهودي” بأنهم لن يؤدوا صلاة عامة علنية، اقامت ابواق نتنياهو، غادي تاوب، شمعون ريكلين وعيريت لينور، صلاة منفصلة بشكل متحد. 

هذا ليس كل شيء. فمن ناحية عسكرية فان ظروف تفجير بيجرات حزب الله أدت الى عدة قرارات تكتيكية غيرت الخارطة. اسرائيل اقرب من أي وقت مضى من تفكيك اذرع الاخطبوط للمحور الايراني. التفوق العسكري يمكن من بلورة استراتيجية عسكرية مصيرية. الاستراتيجية العسكرية هي النتيجة لهدف سياسي: قائد المنطقة الشمالية أمر في السابق رؤساء المستوطنات التي تم اخلاءها بالاستعداد للعودة بعد عيد العرش. الهدف الذي تم ادراجه مؤخرا في اهداف الحرب قد يتحقق في البداية، في حين يقبع المخطوفون في زنزانات حماس حتى بدون اجراء مفاوضات لاطلاق سراحهم. ولكن بعد ضرب حزب الله ومعالجة بناه التحتية هل الجيش الاسرائيلي سيجد نفسه في الوحل اللبناني، أو أنه سيحقق  الردع ويوجد نظام جديد وينشر قواته بشكل مختلف على الحدود الشمالية ويعيد جنودنا الى حدودهم؟.

في مؤتمر “عوريه تسافون” (حركة الاستيطان في جنوب لبنان)، الذي عقد في شهر حزيران القت دانييلا فايس خطاب، التي هي رائدة الاستيطان في غزة. حاجي بن آرتسي، شقيق سارة نتنياهو، تحدث عن الاحتلال حتى نهر الفرات. والمدير العام لمنتدى كهيلت، عميحاي كوهين، قال إنه يجب الاحتلال حتى نهر الليطاني ومنع عودة عشرات آلاف المواطنين اللبنانيين. اذا قررت اسرائيل بأنها ستضم جنوب لبنان، قيل هناك، فانه يمكن شرعنة ذلك سياسيا وقانونيا. ومن اجل التمكين من تحقق هذيان المستوطنين فانه تعمل منظومة كاملة من المؤثرين والكُتاب المقربين من مكتب رئيس الحكومة على ترسيخ ما هو واضح لكل من يضع سياسة، أن الاستراتيجية العسكرية هي الطريقة للتوصل الى الاتفاقات بين الدول. جيش كامل من الايديولوجيين والكُتاب في موقع “ميدا” والقناة 14 و”اسرائيل اليوم”، والمطالبة بخطوة سياسية حاسمة هي جزء من “التصور”. من قال نحن بحاجة الى تسوية سياسية؟ بالنسبة للشعب الخالد هذا الامر غير مُلح. تأجيل الخطوة السياسية هو جزء من نظرية منظمة. هكذا فان الانتصارات التكتيكية تصبح استراتيجية للاحتلال الفعل، وهو الامر الذي سيجلب معه الاستيطان اليهودي في كل ارض اسرائيل، بما في ذلك قطاع غزة وجنوب لبنان.

بالنسبة لسموتريتش، الذي في الاستطلاعات لا يجتاز نسبة الحسم، والحاخام تاو، فان البقاء في رمال غزة وفي الوحل اللبناني يخدم الهدف، الذي هو حسب رأيه خطة الهية لخلاص شعبه. النشوة التي يستقيها اصحاب نظرية المعجزة من كارثة 7 اكتوبر، التي بالنسبة لهم هي الطريقة لتدمير وطرد ووراثة البلاد من يد الغزيين واللبنانيين، تتميز بتقديس الموت والعمل من خلال الانتقام واحتقار الادارة الامريكية ونظرية أن الشعب سيعيش وحيدا. باعادة صياغة مقولة مئير اريئيل، في نهاية كل قرار سياسي يوجد حاخام متطرف مشتبه فيه بارتكاب مخالفات جنسية.

——————————————–

معاريف 21/10/2024

خدعة “النصر المطلق”

بقلم: افرايم غانور

تصفية يحيى السنوار بعث من جديد لدى مؤيدي الحكومة التي في ورديتها وقعت علينا كارثة 7 أكتوبر الدعوة لـ “النصر المطلق”، الدعوة التي يوجد فيها اكثر من أي شيء آخر إرضاء لنزعة الثأر. لولا مخطوفينا لكان مستبعدا ان ينضم الكثيرون في إسرائيل الى الرغبة في المحاسبة، والثأر من الغزيين الذين الى الابد لن تنسى ولن تغتفر لهم المذبحة. 

الدعوة لـ “النصر المطلق” ليست فقط هاذية وغير واقعية. فيها تجاهل تام للمخطوفين الذين يذوون في انفاق حماس والذين بدونهم اعادتهم لا يمكن لاي انجاز ان يعتبر “نصرا مطلقا” أصبحت دعوة تستهدف رفع الحكومة ورئيسها. دعوة معناها توجد هنا حكومة قوية ومصممة، لا تخضع للضغوط. يوجد هنا رئيس وزراء تجاهل الضغوط، المحللين والجنرالات المتقاعدين ممن دعوا الى التنازلات وبقي مصمما على الا ينفذ “صفقات سائبة” كما وصف هذا بعض من شركائه ممن مارسوا عليه الضغوط على طول الطريق. 

ان مؤيدي “النصر المطلق” يمجدون طريق نتنياهو في أنه بفضل عناده على الدخول الى رفح نجحنا في تصفية السنوار. وهذا بخلاف الحقيقة التي شاعت في حينه في وسائل الاعلام: الطلب القاطع من جانب غانتس وآيزنكوت في 15 شباط في موضوع السيطرة على خانيونس ورفح، الطلب الذي عارضه نتنياهو في حينه خوفا منه من توسيع ساحة الحرب.

أولئك الذين يكررون شعار “النصر المطلق” في اعقاب موجات النجاحات العسكرية دخلوا في حالة نشوة مبالغ فيها ومنقطعة عن الواقع، تثبت أننا هنا لا نتعلم شيئا. نافذة الفرص التي فتحت مع تصفية السنوار في الوقت الذي باتت فيها أيدينا هي العليا تشكل فرصة في تحول في الشرق الأوسط. فبدلا من تكرار “النصر المطلق” كان على نتنياهو ان يعرض على الفور (ولا يزال هذا غير متأخر) مبادرة لاعادة المخطوفين مقابل وقف الحرب في غزة. وهذا، الى جانب الدعوة لكل من هو لديه اهتمام بما يجري في منطقتنا، بالعمل فورا على بلورة خطة لتمويل دولي لاعمار القطاع، بإقامة جهاز مدني من الدول العربية ليدير ويوفر الاحتياجات الأساسية فيه، والى جانب هذا يشرف على الحياة اليومية فيه. هذا الجهاز يشكل حكما مؤقتا حتى بلورة حكم دائم يدير غزة، المجردة من السلاح الهجومي.

بالتوازي، من المهم استغلال وضع حزب الله الصعب لاتفاق متجدد مع لبنان، على أساس قرار 1559 والذي فيه احترام لسيادة لبنان مع تفكيك الميليشيات العاملة فيه وعلى رأسها حزب الله بنزع سلاحها. 

وعلى رأس هذا حان الوقت للعمل بتأييد امريكي ووضع طلب لا لبس فيه امام ايران: المساعدة والتدخل الإيراني في المحاولات للمس بإسرائيل، الذي اذا لم يتم سيؤدي الى ضربة للنووي الإيراني، للاماكن الاقتصادية في الدولة ولرموز الحكم فيها.

ولا يزال، هجمات حزب الله في نهاية الأسبوع هي دليل على المسافة الشاسعة عن وهم “النصر المطلق”. فهذه الهجمات، بتشجيع إيراني، تشير الى اننا بعيدون عن انهاء الحرب وان ايران تواصل العمل على إدارة حرب استنزاف هدفها تقويض إسرائيل – ماديا، اقتصاديا واجتماعيا. محظور على إسرائيل أن تنجرف الى مثل هذه الحرب التي هي جيدة للايرانيين. يبدو ان لا مفر، ولا سبيل لوقف الحرب دون توجيه ضربة لـ “رأس الافعى” الإيرانية. ضربة قاسية واليمة لإيران وحدها فقط تصدح في كل الشرق الأوسط ستؤدي الى وقف الحرب والتغيير في المنطقة.

——————————————–

إسرائيل اليوم 21/10/2024 

موت السنوار، هجوم في ايران

بقلم: آفي برئيلي

أعلنت إدارة بايدن بانها ستسعى الى استغلال مقتل السنوار لوقف الحرب. معنى الامر هو أن بايدن يعود ليخطيء في فهم طبيعة الحرب الإسرائيلية ضد ايران وجيوش الإرهاب التي اقامتها على حدودنا، ومثله يخطئون في فهمها أيضا مؤيدو الإدارة في وسائل الاعلام وفي المعارضة في إسرائيل. لقد حسن مقتل السنوار قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها في قسم معين من حربها ضد ايران، أي في المعركة في قطاع غزة – لتحرير المخطوفين ولتصفية القوة السلطوية والعسكرية لحماس. فكيف يتصور بايدن ان تكتفي إسرائيل بقتل السنوار و“تعلن” الى جانب الولايات المتحدة عن نصر في القطاع بينما لا تزال حماس تسيطر في أجزاء واسعة من الأرض وعلى السكان في القطاع؟ 

لا نحتاج الى “صورة نصر” – فهذه فكرة صبيانية. نحن نحتاج الى نصر واضح الى دولة الإرهاب التي لا تزال توجد في القطاع حتى ولو كانت توجد بصعوبة. هذا يعني – النقيض للمفاوضات مع حماس كمنظمة، أي مع أي قيادة في الخارج او في الداخل، وبالتأكيد النقيض لـ “اشراكها” مع فتح، كما تتطلع الولايات المتحدة، تحت غطاء كاذب وأطر “محسنة” لـ م.ت.ف والسلطة الفلسطينية.

حماس لن تتغير، فقد كانت منظمة نازية جديدة تسعى الى إبادة شعب حتى قبل قيادة السنوار. فتح أيضا هي منظمة إرهاب وحشية. فهما تستهدفان ذبح الواحدة الأخرى وبالتأكيد لا للتعاون في “منحى تسوية” مع إسرائيل كريهة نفسيهما. سفك دمائنا فقط يمكنه أن يوحد بينهما. لا يمكن تصور “حل” او “استراتيجية” كهذه: تحت هذا الغطاء وغيره حماس وفتح تديران القطاع، لإسرائيل توجد زعما حرية عمل عسكرية وهي تمنع استئناف دولة الإرهاب هناك. هذه رؤيا منقطعة عن الواقع، تشبه في مخاطرها “رؤيا” فك الارتباط.

المصلحة التي تستوجب من إسرائيل ان تقف عندها هي استمرار تفكيك حماس الى عناصر ميدانية  متناثرة، مفاوضات معها على تحرير مخطوفين مقابل مال ومخرج للخاطفين، على أساس ضغط عسكري متواصل وفاعل يحفزها على اخذ المال والهرب. هنا يوجد الامل العملي الوحيد لإنقاذ المخطوفين والاقتلاع التام للقدرات السلطوية والعسكرية لحماس. 

مصلحة حيوية مشابهة توجد لإسرائيل في الجبهة الشمالية. فنحن لا يمكننا أن نسمح لانفسنا بان “نرتاح” بعد أن قطعنا رأس قيادة حزب الله بينما شمال البلاد وحيفا يشتعل ومنزل رئيس الوزراء يهاجم. علينا أن نواصل حملة الاحتلال شمالا مع اخلاء مؤقت للسكان ومواصلة قصف منظومة الصواريخ في كل لبنان. محظور التوقف حتى تتحقق تسوية تلبي احتياجات الامن، على أساس تواجدنا العسكري شمالي الجليل.

التوقف الان كما يتطلع بايدن ورجاله، معناه فتح باب لإيران لتجديد جيش الا رهاب، مثلما حصل بعد الحرب في 2006. لكن وهم إدارة بايدن في ضوء القدر المشتعل في الشرق الأوسط يصل الى الدرك في كل ما يتعلق بايران. فهي لا تفهم بان الهجمات على إسرائيل في سبع جبهات ليست تدحرجات للنزاع مع الفلسطينيين في أساسها – بل معارك في حرب واحدة، حرب ايران ضد إسرائيل ومن أجل هيمنتها في المنطقة.

ايران تستخدم نزاعنا مع الفلسطينيين لأغراض حربها، وعليه فان المفتاح للحسم في الحرب لا يوجد في غزة او في لبنان. لا يمكن ان تصب هناك الماء على النار والامل في أن تختفي الحرب وترضى ايران. مصدر الاشتعال يوجد في ايران وفي تطلعاتها الامبريالية. وهي من ينبغي ردعه – بما في ذلك باجتثاث وكلائها القريبين وبهجوم مباشر عليها أيضا.

ثمة تخوف من أن تسعى الولايات المتحدة من أن تستغل موت السنوار ليس فقط كي توقف إسرائيل في غزة وفي لبنان بل وأيضا كي تمنع هجوما على ايران. كيف سيرد نتنياهو؟ مصلحة اسرائيل معاكسة – التصعيد مع ايران مباشرة وبالتدريج، حتى ضرب المشروع النووي. التصعيد سيوضح للولايات المتحدة بانه لا يوجد أساس لطريق المصالحة الدبلوماسية ولطريق العقوبات الاقتصادية. ايران هاجمت إسرائيل مرتين وعلى اعلان الحرب هذا يجب الرد الان لضربة أليمة.

——————————————–

هآرتس 21/10/2024

وثائق تسربت من البنتاغون تشهد على تخوف الولايات المتحدة من خطوات إسرائيل في ايران

بقلم: عاموس هرئيلِ

العقيد احسان دقسة، قائد لواء المدرعات 401 الذي قتل أمس في قطاع غزة، هو اللواء الرابع الذي فقده الجيش الاسرائيلي في الحرب. فقد سبقه قادة من لواء الناحل والوحدة متعددة الابعاد ولواء الجنوب في القطاع، الذين قتلوا جميعهم في 7 تشرين الاول من العام الماضي في الساعات الاولى بعد هجوم حماس الارهابي في بلدات الغلاف. الظروف في هذه المرة مختلفة وهي تعكس التغيرات التي جرت على طبيعة الحرب الطويلة المستمرة منذ ذلك الحين.

قادة الالوية الثلاثة قتلوا اثناء معارك دفاع يائسة في القطاع امام قوات متفوقة لحماس التي اقتحمت المستوطنات. القتال الآن يجري في عمق المنطقة، في عملية ثالثة للجيش الاسرائيلي داخل مخيم جباليا في شمال القطاع. القوة التي كانت بقيادة دقسة وصلت في دبابتين الى المخيم. القادة نزلوا منها الى نقطة للمراقبة. قائد اللواء قتل وقائد كتيبة اللواء اصيب اصابة بليغة عندما صعدت القوة فوق عبوة ناسفة وضعت في المكان.

حماس ما زالت تشغل آلاف المسلحين في المخيم، الكثيرون منهم اصيبوا ولكن استمرار القتال في المخيم يدل على درجة مبالغة ادعاءات اسرائيل حول استكمال النصر على حماس. في المناطق التي خرج منها الجيش الاسرائيلي، وفي ظل غياب أي بديل سياسي لحماس وازاء تصميم حكومة اسرائيل، فان حماس عادت وللسيطرة في المنطقة. 

تحليل دقيق

تسريب الوثائق من البنتاغون عشية هجوم اسرائيل المخطط له على ايران يدل على امور غير قليلة حول الوضع الحالي للعلاقات بين واشنطن والقدس. يصعب التصديق بأن التسريب هو نتيجة قرار مؤسساتي، وإلا لكانت المادة ستصل الى “نيويورك تايمز” وليس الى قناة “تلغرام” التابعة لقراصنة مؤيدين لايران، ولما كانت تضمنت صور لوثائق سرية. ولكن مجرد نشرها في هذا الوقت الحساس يدل على عدم رضا امريكا على خطوات اسرائيل. شخص في سلسلة من يعملون في هذا الامر (يمكن أن يكون ضابط صغير في المخابرات يتماهى مع الفلسطينيين مثلا) غضب الى درجة المخاطرة ونشر المعلومات السرية. بيان البنتاغون حول التحقيق في التسريب في الحقيقة يشير الى أن الادارة الامريكية تعتبر هذه الامور خطيرة، لكن في نفس الوقت تؤكد على أن المعلومات في الوثائق هي معلومات أصيلة وموثوقة.

الصديقة الكبيرة لنا تراقبنا منذ عدة عقود، ويجب أن نكون ساذجين جدا للتصديق بأنه لا يحدث هناك جمع مشابه للمعلومات في الاتجاه المعاكس. الوثائق التي تم الكشف عنها مؤخرا تدل على ما يشغل الامريكيين، وكيف يحصلون على المعلومات ويستخلصون منها الدروس. من المنشورات يظهر أن الولايات المتحدة تجري عملية متابعة وثيقة لاستعدادات سلاح الجو وجهاز الاستخبارات بخصوص الهجوم الذي تهدد القيادة في اسرائيل باخراجه الى حيز التنفيذ منذ هجوم الصواريخ البالستية الايرانية في 1 تشرين الاول الحالي. 

وقد جاء بالتفصيل في الوثائق حول نقل سلاح وطائرات بين قواعد سلاح الجو الى جانب مناورات اجراها سلاح الجو استعدادا للهجوم. محللون في المخابرات الامريكية، وبدرجة لا تقل عن نظرائهم الاسرائيليين، يستندون الى تحليل دقيق لتفاصيل من مجمل مواقع وتنوع كبير من مصادر الجمع من اجل استخلاص الاستنتاجات. يجب الافتراض بأنه بدرجة مقلصة اكثر ايضا ايران وحزب الله يقومون باجراء عملية تحليل وجمع معلومات مشابه.

الـ “سي.ان.ان” نشرت بأن البنتاغون يخشى من تسريب معلومات سرية اخرى عن استعدادات اسرائيل في القريب. في الخلفية يسمع ايضا اعلان الرئيس الامريكي الذي بحسبه هو يعرف كيف ومتى ستعمل اسرائيل. الادارة الامريكية تحاول بقدر استطاعتها التنسيق مع اسرائيل خطواتها واستيعاب حجم قوة المواجهة من اجل أن لا تشتد لتصل الى تصادم متواصل ومباشر بين اسرائيل وايران، قبل اسبوعين على الانتخابات الرئاسية. من الوثائق التي تسربت يبدو ان الامريكيين يقدرون أن رد اسرائيل سيكون كبير وسيشمل هذه المرة عدد غير قليل من المواقع (حسب منشورات اجنبية في نيسان تمت مهاجمة هدف واحد وهو رادار لبطاريات اس 300 المضادة للطائرات). ومن المرجح أن تشمل اهداف عسكرية. في وسائل الاعلام الاجنبية ناقشوا ايضا امكانية اختيار اسرائيل المس ايضا بمواقع تتعلق بصناعة النفط في ايران وحتى المشروع النووي.

تفجير المسيرة التي اطلقها حزب الله نحو بيت رئيس الحكومة الخاص في قيصاريا يطرح امكانية اخرى، وهي أن اسرائيل التي تتهم ايران اكثر من حزب الله بمحاولة الاغتيال (الوفد الايراني في الامم المتحدة سارع الى نفي ذلك) ستحاول المس في الرد برموز السلطة في ايران. لا يوجد أي سبب للاستخفاف بالخطر الذي يكمن في خطوة لبنان، رغم أن نتنياهو لم يكن موجود في قيصاريا اثناء الاصابة. صحيح أن معظم المعلومات متوفرة في الانترنت، ولكن من شغلوا المسيرة حسب الصور التي يتم نشرها في وسائل الاعلام الخليجية، نجحوا في تفجيرها على نافذة معينة في البيت، بعد طيران طويل تملصت فيه منظومات الدفاع الاسرائيلية. في السابق كان من المعروف أن نتنياهو يكثر من التواجد في منزله في قيصاريا في نهاية الاسبوع.

حتى الآن نتنياهو بقي نفس نتنياهو: ايضا حادثة حقيقية تتحول الى احتفال بالحيونة، والتركيز على الذات والانغلاق. المتحدثة بلسان حزب الليكود بتوجيه منه وبخت رؤساء المعارضة الذين لم يدينوا حسب رأيهم بالسرعة المطلوبة مهاجمته. هو نفسه يتحدث بلا توقف عن تعرض حياته وحياة زوجته للخطر. في حين أن العاملين في المنزل الذين يدفع المواطنون رواتبهم ينشغلون بجمع التعويضات من الدولة، التي لم تكلف نفسها عناء اظهار أي اهتمام ونجاعة كهذه بالاضرار الاقتصادية التي يتكبدها مئات آلاف الاسرائيليين منذ بداية الحرب. نتنياهو يطلب تعاطف لا نهائي لنفسه في الوقت الذي فيه زيارته الموعودة في كيبوتس نير عوز، الذي سكانه تم التخلي عنهم، اختطفوا وذبحوا، لم يتم اجراءها حتى الآن. ليس من الغريب أنه بعد يوم على محاولة الاغتيال فان الرد الاساسي من قبل الكثير المواطنين هو الشعور بالغثيان.

قدر محتم

بيانات الشعور بالصدمة لوزراء واعضاء كنيست من الليكود ظهرت على خلفية الصمت المطلق امام ما اعتبر في السابق روتين وقدر محتم – موت ثلاثة جنود ومواطن اسرائيلي في يوم السبت اضافة الى دقسة: جنديا الخدمة الالزامية اللذان قتلا باصابة دبابة بصاروخ مضاد للدروع في غزة وجندي الاحتياط الذي مات متأثرا بجروحه في معركة في لبنان والمواطن الذي قتل باصابة صاروخ في الجليل الغربي.

أمس استمر اطلاق كثيف لمئات الصواريخ واطلاق عدد كبير من المسيرات التي استدعت اطلاق صفارات الانذار بشكل دائم في ثلث الدولة الشمالي. 

الحياة في هذه المناطق مشوشة تماما وحتى الآن لا تلوح في الافق أي احتمالية لوقف اطلاق النار. وتيرة الصواريخ في الحقيقة لا تشبه التوقعات المسبقة، المحزنة، للجيش الاسرائيلي قبل الحرب ولكنها تزداد بالتدريج. الحياة من خط العفولة – عتليت وشمالا مشوشة بالكامل؛ وزراء الحكومة بصعوبة يكلفون انفسهم عناء التطرق الى ذلك؛ الضرر الذي اصاب الفترينا في قيصاريا اكثر اهمية بالنسبة لهم. تقريبا نحن لا نسمع عن زيارات وزراء في المناطق التي يتم قصفها كل يوم، هذا ببساطة شيء لا يصدق. زيارة في قيادة فرقة تحارب الآن في جنوب لبنان، غير بعيد عن الحدود، تطرح صورة وضع مركبة. في هذه الاثناء تعمل في لبنان اربع فرق تقريبا، وتحتها عدد كبير جدا من الطواقم الحربية اللوائية، من الجيش النظامي والاحتياط. العدد في الواقع لا يذكر حتى الآن بالعملية في قطاع غزة في نهاية السنة الماضية، لكنها آخذة في الازدياد. مع ذلك، الجيش الاسرائيلي لا يقوم باحتلال جنوب لبنان ولا يحاول في نفس الوقت السيطرة على المناطق حتى نهر الليطاني. العمليات محدودة في هذه الاثناء بقطاع ضيق جدا في الحدود الشمالية، وتركز على اقتحام قرى معينة، وعندما ينتهي تدمير البنى التحتية لحزب الله في قرية أو في منطقة معقدة فان القوات تقوم باخلاء المكان وتنتقل الى قرى وبلدات اخرى. 

الدمار، حسب الصور الجوية التي يتم نشرها في الشبكات الاجتماعية، كبير جدا. وخلافا لما كان يمكن توقعه يصعب في هذه الاثناء ملاحظة أي توتر واضح بين هيئة الاركان وقيادة المنطقة الشمالية بخصوص مواصلة الحرب. في الطرفين يتحدثون عن عملية محددة الوقت، التي ستستمر لبضعة اسابيع على الاكثر. بعد ذلك يريد الجيش التوصل الى وقف لاطلاق النار وتسوية سياسية بتدخل دولي، بحيث يقلص جدا تهديد حزب الله لمستوطنات الشمال بعد الضربات التي تكبدها. اضافة الى العمليات في جنوب لبنان فقد بدأ أمس سلاح الجو في مهاجمة منشآت اقتصادية مهمة لحزب الله في بيروت.

المشكلة هي أن تحقيق هذا الهدف يتعلق بجهات اخرى مشاركة. اولا، من غير المؤكد أن حزب الله سيوافق على التسوية، بالتحديد ازاء الاضرار التي تكبدها. ثانيا، من غير الواضح موقف حكومة اسرائيل، بالتأكيد ازاء ضغط سكان البلدات على الحدود الشمالية من اجل مواصلة السيطرة على مناطق اخرى، وربما حتى اعادة المنطقة الامنية، التي حسب رأيهم ستحميهم من التهديد القادم من لبنان.

——————————————–

هآرتس 21/10/2024

بؤرة استيطانية قرب الخان الأحمر تهدد السكان وتمنع الوصول الى المدرسة

بقلم: هاجر شيزاف

سكان البؤرة الاستيطانية التي اقيمت قرب قرية الخان الاحمر الفلسطينية في الضفة الغربية قبل شهرين يهددون سكان هذه القرية ويمنعون الوصول الى المدرسة في الطريق التي تمر قرب البؤرة. حسب سكان القرية، التي قام اليمين الاستيطاني في السابق بحملة واسعة من اجل اخلائها، فان سكان البؤرة الاستيطانية اتهموهم بأن البناء في المكان غير قانوني.

في الادارة المدنية قالوا ردا على شكوى قدمتها “هآرتس” بأنه عند اقامة البؤرة وصل اليها ضباط وقاموا بجولة فيها قبل اخلاء المباني فيها، لكن لم المصادقة حتى الآن على ذلك من قبل المستوى السياسي. المسؤولان في المستوى السياسي عن اخلاء المباني في البؤر الاستيطانية هما الوزير بتسلئيل سموتريتش وادارة الاستيطان برئاسة يهودا الياهو. الاثنان كانا من مؤسسي جمعية رغفيم، التي قادت النضال لاخلاء قرية الخان الاحمر.

خلال سنوات قدم المستوطنون، من بينهم سكان كفار ادوميم القريبة من القرية الفلسطينية، التماسات لاخلائها بدعم سياسيين كبار. الى جانب التماسات اليمين فان المحكمة رفضت في 2018 التماس قدمه سكان القرية ضد نية هدمها وتمهيد الطريق لاخلائها لأن المباني فيها غير قانونية. في المقابل، القرية مدعومة من قبل المجتمع الدولي الذي ضغط على اسرائيل من اجل عدم اخلائها. الضغط نجح، وبعد عدة التماسات رفضت المحكمة العليا في أيار 2023 التماس رغفيم. القضاة قبلوا ادعاء الدولة بأنه لم يكن بالامكان اخلاء القرية في ذلك الوقت “لاسباب محدثة تتعلق بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية”.

البؤرة الجديدة تبعد عشرات الامتار عن بيوت القرية وتقع على قمة تلة. زيارة الى المكان اظهرت أنه يوجد فيها حظيرة اغنام ومبنيين. حسب اقوال سكان الخان الاحمر فان سكان البؤرة الاستيطانية يسافرون عبر القرية ويقومون بتوجيه الاضواء على بيوتهم في الليل ويمنعون الطلاب من السير في الطريق العادية المؤدية الى المدرسة. حسب اقوال احد سكان القرية فقد هددوه بأنه محظور عليه البناء في المكان الذي يوجد بيته فيه. “في كل مرة يأتي مستوطن آخر الى هناك”، قال عيد جهالين وهو أحد سكان القرية. “قبل اسبوع جاء الى هنا موظف من الادارة المدنية وقال إنه يريد مساعدتنا. قلت له: أنتم تسمحون لهذا المستوطن بالسكن هنا. بعدها أنت تأتي وتقول بأنك تريد مساعدتي؟”.

مدرسة القرية لا تخدم فقط اولاد قرية الخان الاحمر، بل اولاد من تجمعات اخرى في المنطقة. “عندما نذهب الى المدرسة أحد سكان البؤرة الاستيطانية يقوم احيانا برشق الحجارة عليها ويطلب منا مغادرة المنطقة”، قال لؤي (14 سنة) وهو من تجمع المهتوش. حتى اقامة البؤرة الاستيطانية تعود الطلاب على السير من القرية الى المدرسة فوق التلة التي توجد عليها البؤرة الاستيطانية. “في الايام العادية كان السير يستغرق ربع ساعة، الآن يستغرق نصف ساعة”، قال طالب آخر. “هو يقف هناك ويقوم بتصويرنا”. سكان القرية قالوا بأنهم استدعوا الشرطة في اعقاب الاحداث، لكنها لم تساعد.

احد سكان القرية الذي يسكن في بيت قريب جدا من البؤرة قال إنه هو وابناء عائلة لا يستطيعون النوم بسبب المضايقات. “هو (المستوطن) جاء وقال إنه المسؤول عن الامن وأنه يحظر علي البناء هنا”، قال. “ما يحدث هنا هو ما حدث في شمال غور الاردن”. وتطرق الى توجه طرد سكان قرى فلسطينية في مناطق ج اثناء الحرب على يد اعضاء بؤر استيطانية استوطنوا قرب التجمعات البدوية. وحسب معطيات “بتسيلم” فانه منذ بداية الحرب وحتى نهاية شهر آب الماضي تم طرد 19 تجمع فلسطيني بهذه الطريقة.

في السابق أيد سياسيون يمينيون كبار اخلاء الخان الاحمر، من بينهم رئيس الحكومة نتنياهو، واعلنوا لناخبيهم بأنه سيتم اخلاء هذه القرية. القرية اصبحت رمز سواء بالنسبة لليمين الاستيطاني أو بالنسبة للفلسطينيين والمجتمع الدولي. في اطار ادارة الالتماسات حول اخلاء قرية الخان الاحمر فقد اقترحت الدولة على سكانها خيارين لم يكونا مقبولين عليهم. الخيار الاول هو قرب قرية أبوديس قرب مكب النفايات. الثاني قرب منطقة النبي موسى، التي اقيم فيها محطة لتكرير مياه المجاري.

حسب اقوال عيد الجهالين فانه عندما زار موظف الادارة المدنية القرية عاد وسأله لماذا لا ينتقلون الى أبوديس. “أنا قلت له بأن هذه اراضي خاصة. فأجابني: البديل الثاني قرب مفترق النبي موسى.  هذا المكان عندما تمر قربه أنت تغلق النافذة بسبب الرائحة، لأن حيث يوجد على بعد 300 متر من محطة تكرير مياه المجاري. قلت له: اذا اردت اذهب أنت واسكن هناك. أنا مستعد للسكن هناك اذا كنت ستكون جاري”.

من مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق جاء: “الجيش الاسرائيلي وضمنه الادارة المدنية هم المسؤولون ضمن امور اخرى عن انفاذ القانون فيما يتعلق بالبناء غير القانوني في مناطق ج. وحدة الرقابة والضباط فيها يعملون على تنفيذ القانون. عملية تنفيذ القانون تتم وفقا لتقدير الوضع العملياتي وبمصادقة من المستوى السياسي، لا سيما ادارة الاستيطان. البؤرة الاستيطانية مدار الحديث اقيمت قبل نحو شهرين قرب تجمع المباني غير القانوني في الخان الاحمر. عند اقامتها وصل اليها ضباط في الادارة المدنية، ادارة التنسيق والارتباط، واجروا جولة تسبق اخلاء المباني. المكان سيتم اخلاءه عندما ستتم المصادقة من قبل المستوى السياسي على ذلك”.

——————————————–

يديعوت احرونوت 21/10/2024

هاريس تنتقل الى الوسط

بقلم: سيفر بلوتسكر

لم يعد هذا سرا مدفونا في أرصفة واشنطن السياسية. فبعد المقابلة غير الناجحة كثيرا التي منحتها نائبة الرئيس كمالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة الامريكية، لشبكة التلفزيون “فوكس” المؤيدة علنا وبحماسة لترشيح دونالد ترامب، تكتيكها بات واضحا: التوجه يمينا لاجل اجتذاب مؤيدين مترددين من الحزب الجمهوري. بالتأثير في اللحظة الأخيرة، قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الانتخابات على مجموعة كبيرة يمكن أن نصفها بتعابير إسرائيلية “يمين رسمي”. فهم محافظون ويمينيون لكنهم يتحفظون من الترشيح الانقسامي والفئوي لترامب المتطرف اكثر مما ينبغي، العنيد اكثر مما ينبغي، غريب الاطوار اكثر مما ينبغي برأيهم. هم جمهور الهدف الأساس لها. فهل مثل هذه المجموعة كفيلة بالفعل ان تحسم نتائج الانتخابات للرئاسة في الولايات المترددة؟ وهل برغبتها في أن تعجب “اليمين الرسمي” تخسر هاريس ليس فقط تأييد اليسار الديمقراطي بل وأيضا الصف المركزي في حزبها؟ كثيرون في العاصمة الامريكية يخشون من ان هذا من شأنه بالفعل ان يكون نتيجة التغيير الحاد في رسائل هاريس. يقول نشيط رفيع المستوى في مقر “انتخابات محلي: “هاريس بدأت حملتها للرئاسة بزخم، حين نجحت في أن تجتذب جمهور مصوتين من الشباب. اكثر راديكالية، اكثر ثورية. لكن الإحصاءات عملت ضدها. فشريحة المصوتين هذه، كما يتبين قليلة في عددها، تتركز في مناطق انتخابية مضمونة فيها على أي حال اغلبية كبيرة لمؤيدي الحزب الديمقراطي. وفي عناقها الان للناخب المتردد فانها تضغط بقوة على الجناح اليساري وتحرف كفة الرسائل يمينا. وعندما تفعل مرشحة للرئاسة هذا قبل وقت قصير من الانتخابات، فان من شأنها ان تعتبر مفزوعة وغير مصداقة. عديمة العمود الفقري”.

قلقون على نحو خاص النشطاء الميدانيون من تحفظ هاريس من سياسة الرئيس بايدن. فالتحفظ يثير أيضا السؤال الصعب اين كانت كنائبة رئيس ثلاث سنوات ونصف، ويسحب الأرض من تحت الحجة – الصحية واقعيا بـ 100 في المئة – وتقول ان عهد رئاسة بايدن حسن جدا الوضع الاقتصادي – الأمريكي. 

“مؤخرا”، كما يعترف محلل سياسي “يمكن الاستنتاج من أجوبة وخطابات كمالا بان ثمة أساس ما للاتهام الباطل الذي يوجهه المعسكر الجمهوري في أن بايدن كان كارثة لامريكا. وبدلا من التملق لكارهي بايدن كان عليها أن تتمسك بانجازاته بكل قوة الاقناع”. في نهاية الأسبوع كان اعتراف هاريس في زلة لسان غير ناجحة – في رد على سؤال ضاغط – في أن الانقطاع الجارف عن سياسة بايدن بالفعل “سيكون غير نافع”. انعطافة ما بدت أيضا في تصريحات هاريس عن إسرائيل، لفرحة مؤيديها اليهود الكثيرين الأقوياء والاغنياء. لم يختفِ تماما “التفهم” الذي ابدته في الماضي للمتظاهرين الذين يتهمون إسرائيل بابادة جماعية متواصلة، وهذا ينبع من اقوالها بين الحين والآخر حين تمتشق ردا ارتجاليا. لكنها تعرف الان كيف تقطع على الفور كل خطاب في الموضوع بقول مثل “الان انا اتحدث”، و “ليس عن هذا جئت لاتحدث”. الرسالة: ما يحصل في غزة، إسرائيل ولبنان ليس في جدول اعمالي ولن يكون موضوعا في خطاباتي. في الرد المسجل الذي اطلقته على مقتل السنوار، هاريس لم تهنيء فقط بالتصفية (“تحقق العدل”)، بل اتهمت أيضا السنوار بـ “اشعال حرب تدميرية في غزة”. 

وبالتوازي شددت النبرة تجاه ايران. ويشرح مستشار انتخابات فيقول: “تخلت هاريس عن تأييد القسم المتزمت والمناهض لإسرائيل والصاخب في الجالية الإسلامية وخير أن فعلت هذا. حسب استطلاعات عميقة، فان اغلبية المسلمين الأمريكيين يصوتون وفقا لمنظومة اعتبارات امريكية داخلية في مسائل الاقتصاد، العمل، الرفاه، الهجرة وعلى هذا ينبغي لمرشحتنا ان تركز. ان تبتعد قدر الإمكان عن الحروب الرهيبة في مكان ما هناك في الشرق الأوسط”.

وبعد كل هذا، توجد لهاريس ورقة مظفرة وفرصة طيبة للانتصار بفضلها. وهذه تسمى ترامب، المرشح للرئاسة عن المعسكر الجمهوري، رجل غريب، غارق في نظر الجميع في الاوهام والاخيلة، في الالتواءات والتلعثمات. مشكوك أن كان في تاريخ الولايات المتحدة سياسي مناسب اقل من ترامب ليتولى منصب الرئاسة وعلى خطر اكبر على مصيرها كأمة. بعد لحظة سيعلن عن نفسه كرسول على وجه الأرض. انتظروا وسترون. 

——————————————–

هآرتس 21/10/2024، 

استراتيجية الساق الواحدة

بقلم: اريئيل لفيتا

من البديهي أن الاستراتيجية الأمنية للأمة يجب أن تقوم على أربعة أرجل: السياسة والدبلوماسية، الجيش (بما في ذلك المخابرات)، الاقتصاد والمجتمع والمعلومات (معلومات ودعاية). في السنة الماضية تبين أن اسرائيل تضع كل أملها فيما يتعلق بالأمن فقط على رِجل واحدة: العسكرية. النتائج هي حسب ذلك؛ الانجازات المثيرة للانطباع مهما كانت في العمليات العسكرية (المكشوفة والسرية) تبقى في المجال العملياتي. نحن ننجح في الاحتلال، القتل، التدمير، كما نريد، وحتى أبعد من ذلك. ولكن بسبب أن الانجازات لا ترافقها جهود في المجال السياسي، الاقتصادي – الاجتماعي والمعلوماتي، فان اسرائيل تتعثر في غزة وفي يهودا والسامرة وفي لبنان وامام ايران ووكلائها في سوريا والعراق واليمن. اسرائيل لا يمكنها ترجمة الاستثمار والدقة والمخاطرة والتضحية المرتبطة بانجازاتها الى واقع أمني محسن وثابت.

أفق التهديدات يظهر مقلق اكثر من أي وقت مضى. نحن نوجد في حرب عصابات غير محدودة بجدول زمني في قطاع غزة، وموجة ارهابية في المناطق ومن داخلها، وحرب من الجو وعلى الارض في لبنان، ومواجهة عسكرية مباشرة مع ايران التي تسير نحو الذرة، واحتكاك متزايد مع وكلائها في الشرق الاوسط وربما ايضا ابعد منه.

قوة اسرائيل العسكرية وقوتها الاستخبارية تتآكل من الجهد الكبير الذي بذل خلال سنة. في هذه الاثناء هناك عملية تتلو عملية اخرى. وكل مخرب تتم تصفيته يقوم بدلا منه وريث مليء بمشاعر الانتقام وينجح في جمع آخرين خلفه.

الردع، القتل والدمار، هي احيانا الحل الضروري. ولكن فائدتها، اذا وجدت، هي بالضرورة مؤقتة ومرهونة برِجل واحدة مُنهية، التي ليست الرجل العسكرية.  

في هذه الاثناء المجتمع في اسرائيل نازف وممزق، ومصير المخطوفين يقضم العقد الاجتماعي، معظم مواطني الدولة يخضعون لتعليمات قيادة الجبهة الداخلية، والدفاع الجوي والشباك، من اجل ممارسة نمط حياة طبيعي كما يبدو ازاء موجات الصواريخ والقذائف والصواريخ المجنحة والعمليات المتواترة. 

المخطوفون في قطاع غزة الذين ما زالوا على قيد الحياة يعانون بدرجة كبيرة وهم في تناقص. فقط جزء من المجتمع مستعد للتجند ومواصلة الخدمة. ايضا الاقتصاد يتعثر ويتدهور، ومصالح تجارية كثيرة تنقل مركز نشاطها الى الخارج، طوعا أو كرها. 

اساس التفوق العلمي والتكنولوجي والتجاري في دولة اسرائيل يتعرض لخطر ملموس. أداء معظم الوزارات الحكومية مثير للشفقة، وهو يتحرك بالاساس بواسطة الاعتبارات السياسية الضيقة وقصيرة المدى. الثقة بها، والاكثر اهمية الثقة بالقدرة على ايجاد مستقبل افضل للدولة، آخذة في التلاشي في اوساط شرائح واسعة في الجمهور. كثيرون (جدا) يئسوا من العيش في اسرائيل، أو أنهم يفحصون الهجرة.

العالم آخذ في التضييق علينا. حتى اصدقاءنا يجدون صعوبة في الوقوف الى جانبنا أو دعمنا بالذات في الوقت الذي نحن فيه بحاجة اكثر من أي وقت مضى الى مساعدتهم المادية وغيرها من اجل أن نحارب الآن وترميم انفسنا بعد ذلك. الثقة بمصداقية نضالنا آخذة في التآكل في ظل غياب رؤية تكون استكمال ومواصلة، وبديل لحرب متعددة الساحات الى الأبد. قيادة الدولة التي عرفت في السابق كيفية معالجة كل هذه الامور تتهرب بصورة ثابتة من طرح على الجمهور وعلى شركائها المحتملين رؤية قابلة للتحقق من اجل انهاء القتال، وطريقة قابلة للتنفيذ من اجل استبداله بواقع آخر افضل وثابت، واستراتيجية للبقاء حتى ذلك الوقت. 

في الاصل لا توجد خطة عمل واقعية للمواجهة طوال الوقت. بدلا من ذلك نحن نعود ونسمع الشعار الذي يقول بأنه يجب علينا التوحد ودعم القيادة التي توجهنا نحو الحرب المتصاعدة وغير النهائية في جبهات مختلفة.

لكن ربما نحن نظلم الحكومة، لا سيما رئيسها، بالادعاء بأنه لا توجد لديهم رؤية؛ ربما توجد لديهم رؤية ولكنهم لا يكلفون انفسهم عناء طرحها على الجمهور. الخطوات على الارض والتصريحات المختلفة تشير الى أنه ربما هذا هو الوضع، على الاقل في كل ما يتعلق باحتلال اسرائيل المتواصل في القطاع والاستيطان هنا وهناك وضم المناطق وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة منها (تحويل الاردن الى فلسطين) ومهاجمة المنشآت النووية في ايران على أمل أن تنفذ الولايات المتحدة المهمة من اجل اسرائيل مرة والى الأبد، واقامة حزام امني في جنوب لبنان، وفوق كل ذلك تحريض السكان لدى اعدائنا ضد زعمائهم على أمل تأسيس انظمة ودية اكثر لدولة اسرائيل.

يظهر بوضوح أن التسويات السياسية (بدءا بصفقة التبادل وحتى اقامة حكم عربي في القطاع، بدون التحدث عن المناطق) لا تعتبر جزء من المعادلة (على الاقل ليست افضلية)، ايضا لا تعتبر خطة واقعية لتعزيز الامن وتماسك المجتمع وتجنيده، وترميم الاقتصاد، وتحسين مكانة اسرائيل الدولية، وتعزيز علاقات اسرائيل مع الولايات المتحدة وما شابه. 

لكوننا دولة ومجتمع نحب الحياة فان احتمالية بقائنا هنا مرهونة الآن برص الصفوف حول حلم واضح وخطة عمل واضحة، وخلف منتخب سياسي ومهني يستطيع تطبيق هذه الخطط. لذلك، لم يبق للجمهور أي خيار. يجب عليه الطلب من الحكومة أن تعرض عليه وعلى الفور رؤيتها. ليس فقط بالنسبة للأرجل الثلاثة المهملة للاستراتيجية الامنية للدولة، بل ايضا للحفاظ على التفوق العسكري والامني لاسرائيل لفترة طويلة، بالنظر الى التحديات الصعبة، الداخلية والخارجية، التي تواجهها. مثلا، لا يمكن مواصلة لفترة طويلة الاعتماد على جزء آخذ في التقلص من المجتمع والذي يتحمل العبء وأصبح اكثر قسوة واكثر ايلاما مما في السابق. 

ليس فقط القيادة الحالية للدولة مطلوب منها طرح على الجمهور عقيدتها، بل يجب أن يفعل ذلك ايضا كل من يوجدون في المعارضة ويتفاخرون باستبدال هذه القيادة. يجب عليهم طرح رؤية موازية وبديلة، خطة عمل عملياتية، ومنتخب واعد من اجل تطبيقها. يجب على كل هؤلاء اجراء الآن نقاش عام، وبعد ذلك سيتم وضعهم لاختبار الشعب.

كل من يرفض طرح رؤيته وخطة عمله – يفضل أن يخلي مكانه على الفور. إن واقع “على حد السيف الى الأبد” واستمرار المراوحة في المكان والضبابية، هي وصفة مؤكدة للذبول المتواصل للحلم الصهيوني.

——————————————–

“إسرائيل” على بعد خطوة من ضربة في إيران

استمر اجتماع “الكابنيت” الإسرائيلي حتى ساعة متأخرة من فجر الليلة الفائتة دون الكشف عن مخرجاته حتى الآن في ما يتعلق بمستقبل الصفقة مع “حماس” بعد استشهاد يحيى السنوار، سوى أن هناك “أفكارًا خلاقة” مطروحة الآن، كما قالت الإذاعة العبرية الرسمية، اليوم.

ولم يتضح بعد إذا ما تمّ تخويل نتنياهو وغالانت صلاحية تحديد موعد الضربة في إيران.

قبل ذلك، كانت الإذاعة العبرية قد نقلت، أمس، عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن إسرائيل ستضرب قريبًا جدًا في إيران، وهي تعي أنها لن تحتملها وسترد، ولذا فقد اتخذت تدابير دفاعية خاصة.

وتدلل مواقف القيادات السياسية والعسكرية في إسرائيل، خاصة نتنياهو، على أنها تواصل مساعيها لتوجيه ضربة قوية في إيران واستدراج الولايات المتحدة إلى “ارتطام عظيم” معها بالانتقال من الدفاع إلى الهجوم.

منذ صعوده لسدة الحكم، وضع نتنياهو إيران على رأس أولوياته، كما تجلى في تصريحاته المتتالية، وذلك لاعتبارات إستراتيجية ترى في طهران العدو الأخطر، ولحسابات سياسية؛ فقد استخدمها نتنياهو فزاعة لطرح إسرائيل كضحية معتدى عليها في العالم، ولصرف الأنظار عن القضية الفلسطينية، ودفع الإسرائيليين للاصطفاف خلفه بصفته “القائد القوي الوحيد” القادر على مواجهة “هذا الغول الفارسي”، “تشرتشل الإسرائيلي”.

بين طهران ودمشق

ضمن هذه المساعي، بادر نتنياهو للمصادقة على اغتيال قائد “حماس” إسماعيل هنية وهو في أحضان إيران، داخل طهران، وقبل ذلك صادقَ على اغتيال جنرال إيران داخل سفارتها في دمشق. وهو يعي أن هذه ضربة لإيران ولهيبتها وكرامتها القومية، وذلك في إطار مساعٍ حثيثة وخبيثة لجرّ أمريكا. وقتها أعرب حتى مراقبون إسرائيليون عن شكوكهم حول جدوى وقيمة هذين الاغتيالين أمام مفعولهما الخطير في تصعيد التوتر ودخول محور المواجهة المباشرة الخطيرة مع إيران، فيما تشتعل الحرب في جبهات أخرى.

حتى بدا وكأن نتنياهو معنيٌّ هو الآخر بـ “وحدة الساحات”. ولذا وظّف طاقات ومساحة كبيرة من خطابه أمام الكونغرس، قبل شهور، لإقناع الرأي العام الغربي، خاصة الأمريكي، بضرورة ضرب “رأس الأخطبوط” الذي يهدّد الغرب، وأن إسرائيل تقوم بمواجهته نيابة عنه، فقد ذكرها في كلمته هذه 27 مرة.

تموز ودير الزور

والآن، أكثر من أي وقت مضى، عشية الانتخابات الأمريكية التي تمكّنه من مواصلة ابتزاز الأمريكيين، يجد نتنياهو نفسه أمام لحظة تاريخية لتوجيه ضربة شديدة لإيران ربما تشمل منشآت نووية فيها، وسط رهان على دفع واشنطن مضطرة للانضمام للهجوم كي لا تبدو الإدارة الأمريكية كمن تترك حليفتها لوحدها، وبالتالي صب الماء على طاحونة ترامب وزيادة حظوظه الانتخابية.

يتجه نتنياهو الآن، بدوافع إستراتيجية عسكرية، لتوجيه ضربة شديدة لإيران، ربما تشمل منشآتها النووية، خاصة أنه يذكر، ومعه الإسرائيليون، أن رئيس حكومة الاحتلال الراحل مناحم بيغن (زعيم حزب “الليكود”) قد ضرب مفاعل تموز في بغداد عام 1981 رغم المعارضة الأمريكية، كما يذكرون قيام سابقه في المنصب، وخصمه السياسي اللدود إيهود أولمرت بضرب مفاعل نووي سوري في دير الزور، عام 2007.

فهل الآن، بعدما باتت المواجهة مع إيران مكشوفة، سيمتنع نتنياهو عن القيام بما لا يقلّ عمّا فعله بيغن وأولمرت وهو المصاب بجنون العظمة ومسكون بهاجس التاريخ؟ علاوة على ذلك، يتطلع نتنياهو لاصطياد عصفور آخر بتوجيه ضربة لإيران، فهي تدخل إسرائيل بدائرة “بينغ بونغ” مع إيران، ما يجعل الحرب على جبهاتها المختلفة مفتوحة، طمعًا بالابتعاد عن يوم الحساب الداخلي الذي ينتظره.

نتنياهو، السياسي المجرب، منذ اعتلاء سدة الحكم عام 1996، يستفيد من ضعف الضغوط الخارجية والداخلية. فالإسرائيليون لا يخرجون بكميات كبيرة للشوارع لوقف الحرب المكلفة لأنها ما زالت مستمرة، ومعظمهم يشارك أبناؤهم فيها. ولكن عندما تنتهي الحرب، من المؤكد أن يخرج مئات الآلاف منهم مطالبين بلجنة تحقيق رسمية، وربما بانتخابات مبكرة، لإدراكهم أن ضربة “طوفان الأقصى” أكبر من أن يسامحوا عليها، بعدما ألحقت ضررًا فادحًا بهم وبدولتهم وحفرت في وعيهم.

في التزامن، يتنبّه نتنياهو إلى أن الاستطلاعات لا تبتسم له، رغم المكاسب التكتيكية المتتالية في لبنان وغزة، ما يعني سقوطه من الحكم ومن التاريخ، وهذا هو الكابوس الأكبر بالنسبة له. ولذا، فإنه يخشى وقف الحرب والذهاب لانتخابات عامة، ويمعن في إشعال الحرائق رغم أن مصلحة إسرائيل تقتضي وقف النزيف، وفق ما يراه مراقبون إسرائيليون أيضًا.

مسيّرة قيساريا

ويواصل نتنياهو هذه المساعي، فيوظف الآن مسيّرة “حزب الله” التي هاجمت بيته الخاص في مدينة قيساريا الساحلية. سارع للقول إن وكلاء إيران الذين حاولوا اغتياله وعقيلته (السبت) ارتكبوا خطأً فادحًا، مهددًا من جديد بالقول إن ذلك لن يردعه، ولن يردع إسرائيل عن الاستمرار في الحرب ضد أعدائها.

وتوجه نتنياهو إلى الإيرانيين وشركائهم، محذّراً من أن كل من يمسّ سكان إسرائيل سيدفع ثمنًا باهظًا. ومضى في التهديد والوعيد: “إننا مستمرون في تصفية المخرّبين، وأكرر التزامي بإعادة المخطوفين من قطاع غزة وسكان شمال البلد إلى منازلهم، كما أكرر تعهدي بتحقيق أهداف الحرب المنشودة وتغيير الواقع الأمني في المنطقة”.

على خلفية محاولات نتنياهو وعدد كبير من وزرائه، الذين انضموا لحملة اتهام إيران وتحميلها المسؤولية عن عملية المسيرة في قيساريا، بغية شيطنتها وحصد المزيد من الشرعية الدولية لمهاجمتها، سارعت طهران للنأي بنفسها عن العملية.

ويستفيد نتنياهو، اليوم، من ضعف المعارضة برئاسة يائير لبيد، وانقيادها خلف شعارات الحرب، وتأييدها لضرب إيران، رغم دعوة بعض الجنرالات في الاحتياط للتريث، وإعادة النظر بضرب إيران، والذهاب لوقف الحرب ولتسوية في الجبهات المختلفة، تحاشيًا لاستمرار النزيف والتورط بمغامرة لا أحد يعرف كيف تنتهي.

الرهان على النار

وانضم اليوم عددٌ من المراقبين في إسرائيل للتحذير مما وصفوه بـ “المغامرة الخطيرة”، منهم المحلل السياسي في القناة 13 العبرية رافيف دروكر، الذي يقول إن نتنياهو الآن يندفع نحو إيران وتبادل لكمات معها لاعتبارات تتعلق به لا بإسرائيل، مشددًا على أنها مغامرة كبيرة وخطيرة.

ويضيف، في مقال تنشره “هآرتس”، اليوم، تحت عنوان “طريق مسدود”: “في السطر الأخير، يمكن طرح عدة سيناريوهات لمستقبل الحرب، وقسم منها مبارك يؤدي لتآكل قدرات أعدائنا العسكرية، لكن سيناريو واحداً من الصعب رؤيته: وقف الحرب.

نتنياهو غير مستعد لسماع ذلك، ولذا صفقة التبادل مع “حماس” عالقة. جهات مطلعة على المفاوضات تقول إن حالة المداولات لم تتغير بعد مقتل السنوار.

الشيء الوحيد الذي حدث هو أن نتنياهو عزز زعمه المضرّ، وبموجبه هناك مبرر لمواصلة الحرب… فها نحن قد قتلنا للتوّ السنوار، والآن ربما نقتل أخاه محمد”.

في هذا السياق، يوجّه المؤرخ الإسرائيلي المختص بحرب 1973 انتقادات واسعة للمعارضة أيضًا، وليس فقط لائتلاف نتنياهو، بسبب تغييب الحلول السياسية ورهان إسرائيل على القوة العسكرية فقط.

دلالة تهريب المستندات

ويرى المحلل العسكري في الصحيفة، عاموس هارئيل، أن تهريب مستندات البنتاغون الخاصة بالضربة الإسرائيلية القوية في إيران يدل على مخاوف أمريكا منها. كما يرى أنه من الصعب التصديق أن التسريب جاء بقرار مؤسساتي أمريكي، لكنه يدل على القلق في واشنطن من توسيع نطاق التصعيد عشية الانتخابات.

بحسب هارئيل، “يستدل من المستندات المذكورة أيضًا أن واشنطن تقدر أن إسرائيل تعدّ لضربة قوية في إيران، وأن مسيّرة قيساريا تطرح احتمال استهداف رموز سلطة إيرانية”.

هذا التصعيد مع إيران يرافقه تصعيد في لبنان، فقبيل الهجمات المدمرة على بنوك “القرض الحسن”، هدد غالانت بالانتقال من هزيمة “حزب الله” إلى تدميره.

في التزامن، يصل المبعوث الأمريكي هوكشتاين إلى بيروت ليجدد المفاوضات تحت النار، وهي تبدو كمساعيه السابقة فاشلة، فهذه المرة أيضًا يحمل شروطًا تعجيزية نقلها نتنياهو لواشنطن

——————————————–

يديعوت أحرونوت 21/10/2024

لنتنياهو: ماذا عن “المخطوفين” بعد أن أشبعت غرورك بقتل السنوار؟

بقلم: عيناب شيف

تصفية السنوار رفعت مستوى ثقة رئيس الوزراء وولدت إحدى ألاعيبه الإعلامية الناجحة: لولا إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب رغم الضغط الداخلي والخارجي، لما دخلت إسرائيل إلى رفح وما كانت لتحقق إغلاق الدائرة مع الشيطان الذي نفذ المذبحة الرهيبة. يُفهم من ذلك بطبيعة الحال أن موت السنوار ليس مجرد عدالة أساسية لضحاياه الكثيرين، بل بمثابة “صورة نصر” أو قريب منها.

ما يثير الحفيظة في هذه المزاعم ليس انعدام دقة الحقائق (مثلاً انتقاد وزير الدفاع والنائبين غانتس وغادي آيزنكوت وكأنهم من عرقلوا الأعمال الهجومية بينما نتنياهو هو المعروف بصفته الحصان الأكثر اندفاعاً في تاريخ الحصن المندفعة)، ولا السحر المنطقي والبياني الذي ينزع عن نتنياهو المسؤولية عن المذبحة والوعود بـ “خطوة نحو النصر” التي تتواصل منذ أشهر وتجبي ثمناً باهظاً، بل يعقد له التيجان بعد أن حزت صورة جثة السنوار المتقطعة في الوعي القومي.

ما لا يطاق هو الديماغوجيا: يمكن الاعتقاد بأن تأييد وقف النار يستهدف حماية عظيم القتلة بحجم تاريخي أو انطلاقاً من انهزامية مثيرة للشفقة تنغرس بشكل ما في أناس كرسوا كل حياتهم للحفاظ على أمن إسرائيل، وكأن الفشل الذريع في 7 أكتوبر وكل حياة المواطنين والجنود الذين سقطوا في حينه ومنذئذ لا تلاحقهم في الليالي والأيام وستواصل عمل ذلك حتى آخر نفس لديهم. أولئك المتاجرون الذين يحصون جثث زعماء الإرهاب الذين صفوا في السنة الأخيرة كما يجمع الأطفال البطاقات التي تحمل صور نجوم كرة القدم، يميلون لسبب ما بأن ينسوا الرقم الوحيد الذي يهم الآن: 101.

هذا الرقم كان أعلى في حينه، قبل بضعة أشهر، عندما طالب من هم في دائرة اتخاذ القرار وطاقم المفاوضات استنفاد كل جهد للوصول إلى اتفاق يعيد أكبر عدد من المخطوفين والمخطوفات أحياء. الجدال المشروع بل والحرج حول أيهما الأكثر إلحاحاً: إغلاق الحساب الذي كان يمكنه أن يصدح في كل الشرق الأوسط (وليطيل حياة الائتلاف أكثر)، أم دليل حي على أن إسرائيل تفعل كل شيء لتنقذ المواطنين والمواطنات، وكذا الجنود والمجندات الذين تركتهم لمصيرهم؟ (خطوة كانت ستؤدي باحتمالية عالية إلى انتخابات).

بالمناسبة، بخلاف الرأي السائد في منطقة المركز المتطرف أيضاً، كان لوقف الحرب في تلك المرحلة فضائل أخرى: شرعية دولية، وإعداد للمعركة في الشمال، وترميم الاقتصاد، وتخفيف ما في العبء عن الاحتياط وراحة فكرة للجمهور بعد أشهر من الهموم. بل كان هو الموقف القومي والأخلاقي: يجب دفع ثمن الإخفاق لمنع اغتصاب النساء وحفظ كبار السن من الاختناق، وبشكل عام ألا يعاقب من اختطفوا من أسرتهم لأن الدولة انهارت بالموت لهذا السبب.

ولعل ما يبعث على الاكتئاب في احتفال “نتنياهو صمد أمام الضغط” أكثر من أي شيء آخر هو أن مصير المخطوفين والمخطوفات بات أكثر غموضاً. فالمحتفلون والمحتفلات لم يتكبدوا حتى عناء ذكر الحقيقة البسيطة: قد يكون نتنياهو “صمد أمام الضغط” لكننا لا نعرف حتى كم مخطوفاً دفع بحياته كي نتمكن من رؤية الثقب الفاخر في رأس السنوار. للترويج للرواية الكاذبة عن “حرب القيامة”، كان المخطوفون والمخطوفات هواء وبقوا هواء.

——————————————–

هآرتس 21/10/2024

“لتحلوا ضيوفاً علينا”.. الليكود: “نستعد للاستيطان في غزة” إلى الأبد

بقلم: أسرة التحرير

من يعتقد بأن فكرة الاحتلال الدائم لقطاع غزة وإقامة مستوطنات هناك هي لحفنة مسيحانيين، يجدر به رؤية من وقع على الدعوة في مؤتمر “نستعد للاستيطان في غزة”، الذي سينعقد اليوم: الليكود. “يشرفنا دعوكم للمشاركة في حدث “نستعد للاستيطان في غزة”… ولتحلوا ضيوفاً في عريشة الليكود”. الحزب الحاكم يدعو الجمهور الغفير إلى مؤتمر يتضمن إقامة بؤرة استيطانية في الطريق إلى إقامة مستوطنة جديدة شمالي القطاع. هذا الجنون كله في إطار مبادرة تقودها حركة “نحلا”، المعروفة بالترويج لاستيطان غير قانوني في الضفة.

“سنصل جميعاً -أعضاء ليكود، وقادة فروع، وزراء ونواباً- وندعو معاً “غزة لنا، إلى الأبد!”، باحترام الوزير ماي غولان والنواب بورون، غواتا، غوتليف، دلال وفاتوري، ميلبسكي، كلنر، شطريت وشكاليم”. يحافظ رئيس الوزراء نتنياهو حالياً على مسافة عن هذه الأفكار. عندما يُسأل في هذا الموضوع يقول إنه ليس في نية إسرائيل إقامة مستوطنات في القطاع. هكذا كان في المقابلة مع السي.ان.ان في أيار حين قال لم تكن على جدول الأعمال عودة إقامة المستوطنات في غزة. وكرر هذه الأقوال بعد شهر من ذلك، في القناة 14 وفي خطابه أمام الكونغرس في تموز.

ومع ذلك، يجدر أن نتعاطى مع المبادرة بجدية. فالتجربة تدل على أنه لا ينبغي إلغاء تصريحات عن الاحتلال والاستيطان بأنها مجرد أقوال عابرة لا تمثل الجمهور الغفير. أفكار سياسية عن مشروع الاستيطان تمثل جمهوراً كبيراً. “الحدث مخطط ليس فقط كمؤتمر فكري، بل كتدريب عملي وإعداد فعلي لاستيطان متجدد في قطاع غزة”، كما أوضحت حركة “نحلا”، وشددت على أنها خطوة “في مسيرة متقدمة بتأييد من الحكومة والجمهور”. وبالفعل، ينضم الوزراء والنواب من الليكود إلى رفاقهم في اليمين المتطرف في الحكومة ممن أكدوا حضورهم الآن: الوزراء بن غفير وسموتريتش وعميحاي إلياهو وإسحق فسرلوف.

في كانون الثاني، جرى حدث مشابه بعنوان “الاستيطان يجلب الأمن والنصر”، بمشاركة 12 وزيراً، بينهم بن غفير وسموتريتش وأوريت ستروك وإسحق غولدكنوف وميكي زوهر وعيديت سيلمان وحاييم كاتس من الليكود، و15 نائباً. وقال بن غفير هناك: “حان وقت العودة إلى الديار في “غوش قطيف” وشمال “السامرة” [شمال الضفة الغربية]. حان وقت تشجيع التهجير. هذا وقت الانتصار”.

حان وقت اليقظة والفهم بأن هذه الأفكار الخطيرة تغلغلت عميقاً في الحزب الحاكم. والأمر يشغل البال على نحو خاص سبب لأن هناك حقائق تتقرر على الأرض وتخلد وجود الجيش الإسرائيلي وتطور بنية تحتية للاستيطان المدني، مثل الطرق وقواعد الجيش. على نتنياهو أن يوضح أنه لن يسمح بإقامة مستوطنات في قطاع غزة، وأن هذه المنطقة ليست جزءاً من أي خطة مستقبلية للاستيطان اليهودي.

——————انتهت النشرة——————