إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية.. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 2/3/2025

نتنياهو وعد الوزراء بالنصر في غزة، وحياة المخطوفين في أيدي ترامب

بقلم: حاييم لفنسون

ليس للـ 24 مخطوف الاحياء والإسرائيليين الذين تهمهم حياتهم، إلا تعليق آمالهم على دونالد ترامب. فقط هو الذي سيخلصهم. لو أن الامر كان الامر يتعلق بنتنياهو لكانوا سيموتون في غزة. ولكانت أسماءهم ستضاف الى النصب التذكاري الطويل الذي عليه أسماء قتلى الحرب. والشظية سيتم سحبها من المؤخرة وسنتقدم نحو الانتخابات التي سيعد فيها نتنياهو بأنه هو فقط سيحافظ على أمننا من غزو لحماس.

أول أمس (الجمعة) في بث حي من البيت الأبيض، جميعنا فهمنا أن وضع الآمال على ترامب يشبه أخذ سائق ثمل ليقودنا في رحلة في طريق جبلية. يجب أن نضع الرأس بين اليدين ونصلي – لكن هذا هو الموجود، نتنياهو يبذل جهود كبيرة لتخريب الى احتمالية لمواصلة الصفقة، إرضاء لسموتريتش. اهتمام الإدارة الامريكية تحول الى روسيا – أوكرانيا، وفي هذه الاثناء نتنياهو ينجح كثيرا في جهوده.

في الفترة الأخيرة أرسلت حماس رسائل لإسرائيل بواسطة دول الوساطة، بأنه يوجد ما يمكن التحدث عنه فيما يتعلق بدفعة أخرى لاطلاق سراح مخطوفين في اطار تفاهمات المرحلة الأولى، وذلك مرهون بوقف اطلاق النار حتى انتهاء شهر رمضان واستكمال الانسحاب من محور فيلادلفيا. ولكن هذا انتهى.

تصعب معرفة ما هي الديناميكية بين حماس ومصر وقطر. من هو في الواقع الوسيط ومن يتخذ القرار. توجد لمصر مصلحة في انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا. بيان مكتب رئيس الحكومة في يوم الخميس الذي يقول إن إسرائيل لن تنسحب من المحور فجر المفاوضات. بالنسبة لمصر اذا تم خرق الاتفاق بشكل صريح ولم يتم الانسحاب في اليوم الـ 50 على وقف اطلاق النار، فان إسرائيل يمكن أن تتدبر امرها وحدها مع حماس. قطر منذ بضعة أسابيع هي باردة ولامبالية في المفاوضات. يوجد لقطر جلد رقيق جدا، فهي لا تحب أبدا تصريحات نتنياهو ووزراء حكومة بأن قطر تقوم بتمويل حماس. حسب رأيها، سواء كانت مبررة أم لا، فقد هبت لمساعدة إسرائيل للمساعدة في حل مشكلة إنسانية في غزة، وسلوك الحكومة الذي يتهمها  هو نكران للجميل. أيضا بالنسبة لقطر اذا استمرت إسرائيل في بث هذه الرسالة فلتتدبر امورها لوحدها مع حماس. 

رئيس الحكومة الفعلي سموتريتش يحب جدا الازمة في المحادثات. من ناحيته يمكن التقدم نحو احتلال كامل لغزة. هو يشرح لكل من يريد أن يسمع بأنه محظور إعطاء وزن زائد لقضية المخطوفين، لأن ذلك يستدعي ابتزاز إسرائيل. حسب قوله فان كل منظمة إرهابية ستقوم باختطاف عائلة يهودية وستقول لإسرائيل بأن عليها عدم قصف وتفجير غزة – عندها ماذا سنفعل. يجب وضع حد لذلك. هو لا يقول ذلك بشكل صريح، لكن رسالته هي أنه في الأصل قتل 2000 شخص في الحرب، اذا ليقتل بضعة اشخاص آخرين، الأساس هو كسر ظهر حماس.

برنامج نتنياهو السياسي هو كالعادة برنامج سياسي. في نهاية الشهر يجب تمرير الميزانية. هو يعطي لسموتريتش تفجير الصفقة ويأمل أنه بعد ذلك ايتمار بن غفير سيعود الى الحكومة. عندها هو سيقلل قوة الأشخاص الراديكاليين في يهدوت هتورات مثل اسحق غولدكنوفف ويسرائيل آيخلر، الذين أيضا معارضتهم لن تمنع تمرير الميزانية. آريه درعي يخوفه بحرب يأجوج ومأجوج مع ايران، كي يقنع الحاخامات بأن هذا ليس الوقت المناسب لحل الحكومة.

قبل سنة تحدث نتنياهو في مؤتمر صحفي وقال “محظور الآن اجراء الانتخابات، في الوقت الذي نحن قريبون فيه من الانتصار”. مرت سنة وهو يعد الوزراء في النقاشات بأنه الآن هو جدي كليا. ها هو النصر يأتي. وهو يقول إن رئيس الأركان الجديد يقوم باعداد خطة لمهاجمة غزة بست فرق، وعندها كل غزي يريد فليغادر.

نتنياهو مقطوع عن الواقع، هو لا يعرف أن تجنيد كثيف آخر لجنود الاحتياط المتعبين بسبب أكثر من 200 يوم خدموها منذ 7 أكتوبر، واستمرار عدم تجنيد الحريديين والعودة الى القتال في غزة الذي سيتسبب بموت المخطوفين – كل ذلك سيؤدي الى الحد الأقصى للازمة الاجتماعية في إسرائيل. مشكوك فيه أن يكون هذا الامر يهمه أيضا. هو يجب عليه أن يمرر الميزانية، وبعد ذلك سيفكر فيما سيأتي. ربما سنقصف ايران، ربما سنعقد سلام مع السعودية، الامر مرهون بالجانب الذي ينهض عليه في ذلك الصباح. 

الوحيد الذي يمكنه أن يفعل شيء بهذا الشأن هو ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص وغير الدبلوماسي الغارق في شؤون روسيا – أوكرانيا، والشرق الأوسط يتسرب من بين أصابعه، هو يؤجل زياته هنا. الآن يمكن أن يصل بعد خطاب وضع الامة، أي قبل نهاية الأسبوع. اذا لم يدخل الى مكتب نتنياهو ويدفعه الى الزاوية ويقول له انتهى الامر – من ناحية نتنياهو وسموتريتش لن تكون مرحلة أولى ولا مرحلة ثانية، هذا هو كل ما في الأمر. 

—————————————-

هآرتس 2/3/2025

حلمي الامريكي: فقط تهديد من ترامب سيؤدي الى انهاء الاحتلال

بقلم: جدعون ليفي

في حلمي لم يكن فلودمير زيلنسكي هو الذي جلس أول أمس في المكتب البيضوي في البيت الأبيض، بل بنيامين نتنياهو. دونالد ترامب ونائبه، جي دي فانس، تطاولا على نتنياهو امام العدسات وقالا له بأنه برفضه وقف الحرب في غزة فانه يقامر على حرب عالمية ثالثة. “أنت يجب أن تقول شكرا. رجالك يموتون وأنت تقول لنا “أنا لا أريد وقف النار”، وأنك تريد كذا وكذا. اذا كان يمكنك الموافقة على وقف اطلاق النار الآن فانك تفعل ذلك من أجل أن يتوقف رجالك عن الموت، لكنك لا تريد وقف اطلاق النار. أنا أريد، لا توجد لديك أوراق للمراهنة. نحن الذين نقف الى جانبك، ومن غيرنا فانه لا يوجد لك شيء. إما أن توقف النار أو سنكون في الخارج”.

الاقوال التي قالها ترامب لزيلنسكي أسمعها في حلمي لنتنياهو. هكذا كلمة كلمة، كان يجب أن يقول ذلك له.

لكن الحلم هو حلم، والمشهد المخيف لم يحدث أول أمس مع نتنياهو، هو كما يبدو أيضا لن يحدث، رغم أنه أمر يقتضيه الواقع. تخيلوا محادثة كهذه. نتنياهو يخرج من البيت الأبيض بصورة مستعجلة، وجهه متكدر مثل وجه زيلنسكي، وفي اليوم التالي يعود ويطرق بابه. هو مستعد لانهاء الحرب في غزة وإخراج جميع قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع فورا. جميع المخطوفين يتحررون، تم تجنب إبادة جماعية أخرى. بدون هذه المحادثة إسرائيل تسرع الخطى نحو استئناف الحرب. يصعب التفكير بحلم مخيف أكثر من ذلك. يصعب التفكير بحرب عديمة الجدوى اكثر من هذه. التي ستكون مخيفة اكثر في الفصل الثاني.

من التوبيخ الذي حصل عليه الحليف العاجز زيلنسكي، الذي شمل تنكيل اجرامي من قبل اشخاص من نوع فانس وترامب، هو بالتأكيد ليس الأول في نوعه. الجديد هو أنه كان امام العدسات، باستثناء “وقع، يا كلب”، ما قاله حسني مبارك لياسر عرفات فوق المنصة في احتفال التوقيع على اتفاقات القاهرة في 1994، العدسات لم تبث استعراض مهين جدا للقوة لاسياد العالم أو الذين يعتقدون أنهم اسياد العالم تجاه رعاياهم. 

يجب شكر ترامب لأنه كشف عالم الداخلي، الذي ليس فقط أي مكان للشفقة، القيم، القانون الدولي، الإنسانية أو الإخلاص. فقط القوة والمال – المال والقوة. ولكن أيضا وجهة النظر هذه هو يطبقها بشكل انتقائي. لقاء ترامب – زيلنسكي كان يمكن ويجب أن يحدث ايضا مع نتنياهو. كل كلمة وجهها ترامب لزيلنسكي هي ذات صلة بنتنياهو. ولكن لا أحد يتخيل ذلك. ربما لأنه في أراضي الضفة لم تكتشف بعد مناجم المعادن. ولكن ماذا بشأن الريفييرا في غزة؟.

بالنسبة لإسرائيل ونتنياهو، الذين يفهمون فقط القوة، هذه كان يمكن أن تكون محادثة تاريخية تغير قواعد اللعب. هي كما يبدو لن تحدث، لكن اذا كنا ننسج الاحلام فلماذا لا نحلم أحلام كبيرة وضخمة؟ تخيلوا محادثة مشابهة في البيت الأبيض، حيث يكون على الاجندة انهاء الاحتلال الإسرائيلي. لقد كان  سينتهي في اعقابها بسرعة كبيرة، أكثر مما نتخيل. عمليا، لم تبق أي طريقة لانهاء الاحتلال الإسرائيلي إلا بواسطة محادثة كهذه. لا يوجد لإسرائيل أي ورقة لصالح الاحتلال باستثناء دعم أمريكا. الناس يقتلون بسببه بلا توقف. هو بؤرة التوتر التي تعرض العالم للخطر. لا توجد دولة تقول إنها تؤيده، ولا يوجد أي موضوع يوحد كل العالم مثل معارضته، على الأقل كضريبة كلامية. يصعب أيضا فهم أي مصلحة أمريكية يخدم هذا الاحتلال، الذي يكره الناس في الولايات المتحدة بدرجة لا تقل عن تكريهه للدولة التي ترعاها. أيضا عندما نتحدث بلهجة ترامبية يصعب أن نفهم لماذا محادثة كهذه لن تحدث. في حلمي نتنياهو يأتي الى البيت الأبيض، وترامب، الرجل الفظيع والخطير، يهدده كما هدد أول أمس زيلنسكي. وفي صباح اليوم التالي تبدأ عملية تفكيك كريات اربع وكريات سيفر. مجرد حلم.

——————————————

إسرائيل اليوم 2/3/2025

اعلان فك ارتباط ترامب

بقلم: أبراهام بن تسفي

يوم الجمعة، 29 شباط، وقع انفجار كبير هزَ دفعة واحدة الشخصية الأساس التي صمم وتبلور عليها النظام العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى أيامنا هذه. خلاصة هذا النظام كانت في الاعتراف بان “القوى العظمى الغربية” وعلى رأسها الولايات المتحدة ملتزمة الان، في اعقاب تحدي المانيا النازية وشركائها في أوروبا وفي آسيا بإقامة عالم جديد ومستقر اكثر بكثير من سلفه الذي حطم ودمر على ايدي زعران هتلر المجرمين. 

هذا الواقع العالمي الجديد قام على أساس مبدأ “الامن الجماعي” وبموجبه أوروبا المحررة تحظى بمظلة دفاع عسكرية واقتصادية مصداقة من جانب الولايات المتحدة من خلال هامش تحالفات واتفاقات، وفي نفس الوقت تكون البنية التحتية لاعمار القارة اقتصاديا وسياسيا وفقا للشخصية والقيم الأساس للديمقراطية الغربية. 

في جبهة الحرب في أوكرانيا وجد هذا المفهوم تعبيرا جليا وصافيا. رغم أن أوكرانيا ليست عضوا في الناتو اضطرت إدارة الرئيس بايدن وبشكل فوري بان تمد لها المساعدة العسكرية، وبمساعدة أعضاء الناتو أتيح لها الصمود في الصراع في سبيل استقلالها ضد الدب الروسي الكاسح وذي المقدرات المتفوقة. 

لكن هذه السياسة المتمثلة بصد التهديد الروسي على مجرد وجود مفهوم السيادة والوحدة الإقليمية لدول أوروبا وصلت الى نهاية طريقها في اثناء القمة البائسة والمحرجة التي انعقدت بين الرئيس ترامب وزعيم أوكرانيا زلنسكي في اليوم الأخير من شهر شباط. التهجم العلني والحاد يستوجب بضع تفسيرات. 

ان اعلان فك الارتباط عن أوكرانيا، وربما حتى عن أوروبا ككتلة سياسية، والذي رأيناه في الغرفة البيضوية ينطوي على تفسيرات استراتيجية، أيديولوجية وشخصية تترابط الواحد بالاخر. الأول، وربما المركزي، هو الضغينة العميقة التي يكنها ترامب لزلنسكي. تعود هذه الضغينة الى الوراء حتى 2019، حين حاول ترامب اجبار الرئيس الاوكراني على أن يحول له مواد تدين هنتر بايدن، أبن جو بايدن الذي كان شريكا في حينه في شركة طاقة اوكرانية. بل ان ترامب هدده بان يعرقل نقل مساعدات امنية اذا لم يفعل ذلك. زلنسكي رفض، ومحضر المكالمة بينهما سرب، احرج ترامب وساهم في تورطه في محاكمة تنحية. 

لهذه الرواسب انضمت منظومة العلاقات القريبة التي نشأت بين أناس بايدن وبين زلنسكي. صحيح ان الرئيس الأمريكي اكثر من الشكوى على جوانب معينة من المساعدة، لكن لا شك أن العلاقات كانت بعمومها علاقات محبة قامت على عطف واشنطن على دولة تقاتل في سبيل حياتها. اما ترامب بالمقابل فرأى في ذلك جزء من سياسة بايدن الفاشلة. 

هكذا تداخل العداء الشخصي الذي طوره ترامب تجاه زلنسكي، مع معارضته لمبدأ “الامن الجماعي” والمساعدة العسكرية الامريكية بدون مقابل. ان إمكانية أن تكون شهية بوتين ستزداد نحو دول أوروبا لا توجد في رأس همومه. العكس هو الصحيح، كانعزالي جديد يرى في الديمقراطيات الغربية عبئا او حتى موبئة تمتص من أمته مقدرات غالية.

والاستنتاج واضح: الرئيس الـ 47 يرى أمام ناظريه ساحة دولية جديدة تقوم على أساس خرائب العالم القديم. هذه وان كانت ستكون ساحة ثنائية القطب لكنها لن تكون كدية مثلما في عهد الحرب الباردة. الولايات المتحدة وروسيا ستتطلعان بلورة بؤر توافق وتوزيع غنائم متبادل، يدفع قدما بالهدف المركزي الذي وضعه ترامب لنفسه: عزل الخصم الخطير، الصين. وماذا بالنسبة لاوروبا؟ الناشيء عن هذه الرؤيا، القائم على أساس تقسيم العالم الى مناطق نفوذ، هو أنها بالفعل ستترك لمصيرها. 

على فرض أن المناكفة في البيت الأبيض لم تكن عفوية تماما، فقد استهدفت أيضا نقل رسالة رعب لدول صغيرة أخرى (مثل الدانمارك بالنسبة لغرينلاند؛ التي لا يعتزم الرئيس الحالي التردد في استخدام الوسائل كي يحقق أهدافه. 

وماذا بالنسبة لنا؟ حتى لو كان نفور ترامب من حماس عميقا ورغم رغبته الشديدة في أن يرى القضاء على منظمة الإرهاب الاجرامية، فانه يبقى مصمما على تطلعه لان يصل الى نهاية سريعة للقتال في غزة وتحقيق رؤيا التطبيع الإسرائيلي – السعودي. التأخير في التقدم نحو المرحلة الثانية في الاتفاق قد يحمله الى انفجار إضافي، وهذه المرة تجاه الحليف الذي يعرض للخطر رؤيا وجائزة نوبل المنشودة. 

في هذه اللحظة، على الأقل، مركز اهتمام ترامب يوجد في جبهة أخرى لكن لا ينبغي أن ننسى بان مثل هذه الأمور سبق أن وصلت في علاقاته مع نتنياهو، التي لم تسر دوما على مياه هادئة.

——————————————

هآرتس 2/3/2025 

وقف نار كردي كفيل بتغيير موازين القوى في سوريا وتحدي إسرائيل

بقلم: تسفي برئيل

الإعلان التاريخي لزعيم حزب العمال الكردي (بي.كي.كي) عبد الله اوجلان في يوم الخميس، الذي دعا فيه الحزب الى القاء السلاح والسعي الى عقد سلام مع تركيا، يمكن أن يؤدي الى تغيير جذري في ميزان القوى في سوريا؛ التأثير على المكانة الإقليمية لتركيا؛ الدفع قدما بسحب القوات الامريكية من سوريا؛ تحدي استمرار تواجد إسرائيل في مناطق في جنوب سوريا.

هذه ليست المرة الأولى التي يستجيب فيها اوجلان لمبادرة تركية للبدء في مفاوضات وتحريك عملية مصالحة تاريخية مع الحركة الانفصالية – التي تعتبر في تركيا منظمة إرهابية. ولكن اذا في 2013، بعد حوالي اربع سنوات من المفاوضات شبه السرية، اقترح اوجلان وقف النار ودعا رجاله الى الانسحاب من تركيا والانتقال الى العراق، في هذه المرة الحديث يدور عن خطوة ابعد بكثير: التنظيم دعي ليس فقط لالقاء السلاح بل أيضا لحل نفسه. 

القرار الذي أعلنت عنه أمس قيادة التنظيم، التي مقرها في جبال قنديل في العراق، تبني بيان اوجلان (حتى الآن بشكل جزئي) والاعلان عن وقف فوري لاطلاق النار، حتى الآن لا يدل على استعدادها لحل الاطار التنظيمي الذي يعمل منذ أربعة عقود، أو نزع سلاحه. مع ذلك، الحديث يدور عن خطوة أولى حيوية قبل البدء في المفاوضات السياسية المليئة بالعقبات المتفجرة، التي من المبكر حتى الآن القول اذا كانت ستتوج بالنجاح. المصلحة الحيوية للجانين، الاكراد والحكومة التركية برئاسة طيب رجب اردوغان، وضع حد للنزاع الذي منذ الثمانينيات أدى الى موت اكثر من 40 ألف شخص، توجد منذ سنوات. ولكن يبدو أن التطورات الإقليمية منذ 7 أكتوبر، التي كانت ذروتها سقوط نظام الأسد وإقامة نظام جديد في سوريا برئاسة احمد الشرع، اوجدت اطار سياسي جديد اعطى الحاحية واولوية لتسوية بين تركيا والاكراد وزيادة احتمالات نجاحه.

تركيا، التي حولت نفسها بسرعة الى دولة رعاية لسوريا بعد سقوط نظام الأسد، تطمح الى أن تكون اكثر من مجرد شريكة رئيسية في مشروع إعادة الاعمار الضخم لهذه الدولة التي تدمرت في الـ 14 سنة من الحرب الاهلية. اردوغان يرى في جارته في الجنوب جزء لا يتجزأ من أدوات نفوذه الاستراتيجية الإقليمية، بعد انسحاب ايران منها، وروسيا من مكانة متدنية تحاول الحفاظ فيها على الأقل على قاعدتين، في حميميم وطرطوس. ولكن جني المكاسب السياسية والعسكرية في سوريا يلزم تركيا بمساعدة الشرع على إقامة دولة موحدة مع جيش وطني واحد يستبدل عشرات المليشيات التي ما زالت تعمل فيها.

من خلال خليط المليشيات هذا هناك قوتان عسكريتان اساسيتان تهددان عملية الانصهار العسكري والسياسي: في شمال الدولة هناك القوات الكردية السورية التي تنتظم في اطار “قوات سوريا الديمقراطية” (اس.دي.اف) وهي الجسم العسكري الذي يتكون بالأساس من الاكراد، لكن أيضا يوجد عرب وسريان وأرمن فيه، هذا الجسم اقامته الولايات المتحدة من اجل محاربة داعش، ومن “وحدات الدفاع الشعبي” الكردية. في جنوب الدولة هناك القوات الدرزية التي نجحت في الحفاظ على درجة من الاستقلال الذاتي وصد سيطرة جيش الأسد على منطقة السويداء ومحيطها.

هذان الاساسان القويان توجد لهما طلبات يصعب تحقيقها، حيث كل واحد يطالب بحقوق حكم ذاتي، ثقافي وسياسي، بصورة يمكن أن تحول سوريا الى دولة كانتونات. حتى اذا تطورت هذه الى دولة فيدرالية فانها ستنتقص من صلاحيات الحكم المطلقة التي يطمح اليها الشرع. في هاتين المنطقتين تسيطر أيضا قوات اجنبية: في الشمال تركيا احتلت مناطق في المحافظات الكردية على طول الحدود مع سوريا، وفي الجنوب سيطرت إسرائيل على عدة مناطق، وهي تعتبر “دولة حماية” للدروز. 

تركيا، التي تقف الى جانب سوريا مع دول عربية مثل السعودية في دعوتها لتحرير سوريا من الاحتلال الإسرائيلي، يجب عليها هي نفسها أن تسحب قواتها من سوريا كي تستطيع استكمال الشراكة الاستراتيجية مع النظام الجديد في سوريا، وكي لا تبقى تعتبر دولة محتلة. في نفس الوقت احباط كل إمكانية لاقامة حكم ذاتي للاكراد يمكن أن يواصل الكفاح المسلح ضدها. وتنفيذ هذه الخطة الرئيسية سيلزم الرئيس السوري بدمج القوات الكردية في الجيش السوري، ومنح المحافظات الكردية درجة معينة من الاستقلال الذاتي الثقافي، لكن بدون أن تتحول الى كانتون منفصل. حتى الآن القوات الكردية أعلنت أنها مستعدة للاندماج في الجيش السوري، لكن ليس كافراد بل كمجموعة منظمة. ولكن الشرع يعارض ذلك خوفا من إقامة جيش للاكراد داخل الجيش الوطني. بناء على ذلك، طالما أنه لم يتم إيجاد حل لقضية القوة الكردية فان تركيا لا تنوي سحب قواتها. 

الادعاء الرئيسي الذي تستند اليه تركيا في سيطرتها في شمال سوريا ومحاربتها للاكراد في سوريا، يقول أن القوات الكردية السورية هي جزء لا يتجزأ من الـ بي.كي.كي، وهكذا هم يشكلون جسم إرهابي يهدد أمنها الوطني. السؤال المطروح الآن هو كيف سيؤثر وقف اطلاق النار الذي اعلن عنه حزب العمال الكردستاني وعملية المصالحة اذا تطورت، على استمرار القتال بين تركيا وبين القوات الكردية السورية.

زعيم القوات الكردية في سوريا، مظلوم عابدي، سارع الى الإعلان بأنه لا توجد اي صلة بين تصريحات اوجلان وقرار الـ بي.كي.كي وبين سلوك قواته، وأن قرارات الـ بي.كي.كي غير ملزمة له. ولكن التواجد العسكري والاقتصادي للقوات الكردية في سوريا يعتمد على الدعم الأمريكي وتواجد 2000 جندي ومدرب امريكي في شمال سوريا.

بالنسبة للقوات الكردية فان الولايات المتحدة يحكمها حاليا الرئيس ترامب الذي سعى بالفعل في 2019 الى سحب قواته من سوريا، وهي الخطوة التي لم تتحقق بسبب ضغط الكونغرس والمجتمع الدولي. الآن حيث الكونغرس الى جانبه وعلاقاته مع “المجتمع الدولي”، أي دول أوروبا، تبدو مثل منافسة للي الاذرع والبصق في الوجه، فان سوريا والتزام الولايات المتحدة بالاكراد لن تحتل صدارة أولويات البيت الأبيض. ترامب يمكنه الآن أيضا أن يقتنع بأن صديقه اردوغان يمكنه استبدال الاكراد بحرب ضد داعش، وهكذا ينهي قضية التدخل الأمريكي في سوريا.

نتيجة لذلك يمكن أن الاكراد يجدون انفسهم في مواجهة عسكرية امام تركيا وسوريا، بدون دعم عسكري من الولايات المتحدة، في حين أنه في نفس الوقت تركيا تجري عملية مصالحة مع حزب العمال الكردي، الذي يمكن لاحقا أن ينزع سلاحه. حسب هذا السيناريو الذي تدفع به قدما تركيا فانه لن يبقى للاكراد في سوريا أي هامش مناورة، سياسي أو عسكري، وسيضطرون الى الموافقة على املاء الشرع، أي املاء اردوغان، الموافقة على سيطرة النظام السوري على كل المحافظات الكردية، الامر الذي سيمكن أيضا من انسحاب تركيا من سوريا. عندها ستقف إسرائيل أيضا في وضع جديد تكون فيه القوة المحتلة الأجنبية الوحيدة في سوريا وستضطر الى أن تواجه ليس فقط الضغط التركي والسوري، بل أيضا ستقف امام الإدارة الامريكية التي يمكن أن تعطي اردوغان إمكانية أن يكون صاحب البيت “من قبلها” في سوريا.

في نهاية الأسبوع نشرت وكالة “رويترز” بأن إسرائيل تحاول اقناع الإدارة الامريكية بالعمل على إبقاء القاعدتين الروسيتين في سوريا من اجل اضعاف النظام السوري، وكذلك تخفيف نفوذ تركيا في سوريا، الذي تعتبره إسرائيل تهديد لأمنها. التقدير هو أنه في القريب، أيضا المجال الجوي السوري الذي كان مفتوح امام إسرائيل بالتنسيق مع روسيا، سيتم اغلاقه اذا حلت تركيا مكان روسيا كقوة الدفاع الجوي للنظام الجديد.

هذه الخطوات ترتبط بدرجة كبيرة بالاتجاه الذي سيسير فيه ترامب، وبوزن أدوات تأثير اردوغان في واشنطن. هذه يمكنها أن تحصل على افضلية زائدة اذا نجحت تركيا في تحقيق مصالحة مع الاكراد، التي يمكن أن تعطيها أيضا نقاط افضلية في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي. هذه ساحة لعب جديدة تسعى فيها إسرائيل الى تحقيق إنجازات تكتيكية، في حين أن تركيا تنوي تحقيق نتائج استراتيجية بعيدة المدى.

——————————————-

إسرائيل اليوم  2/3/2025

حزب الله: اليوم التالي لنصر الله

بقلم: ايال زيسر

في الأسبوع الماضي دفن حسن نصرالله، زعيم حزب الله، وخليفته، هاشم صفي الدين الذي صفي بعد أسبوع منه. 

منظمة الإرهاب اللبنانية سعت لان تجري استعراضا جماهيريا للقوة يثبت بان المنظمة لا تزال حيا يرزق، وتتمتع بتأييد واسع بين السكان الشيعة في لبنان. لهذا السبب اختارت ان تجري طقوس الدفن، بخلاف ما هو دارج في الإسلام، بعد خمسة أشهر من تصفية نصرالله وصفي الدين، وهكذا سعت لان تضمن استعدادا افضل للجنازة والا تعرقل إسرائيل أيضا سيرها. 

الجنازة التي جرت في الاستاد الرياضي في بيروت، اجتذب كما كان متوقعا الكثير من المشاركين، وان كان أقل بكثير مما توقع أو عمل حزب الله. سرب من سلاح الجو ظهر في السماء بالضبط عندما ادخل نعشا نصرالله وصفي الدين الى الملعب. لكن بعد كل هذا بقي على حاله السؤال اذا كان احتفال التشييع يمثل نهاية حسن نصرالله أم يمثل أيضا نهاية حزب الله كقوة عسكرية مسلحة تشكل تهديدا على إسرائيل. 

ليس لهذا السؤال بعد جواب واضح، وبغياب مثل هذا الجواب يفضلون في إسرائيل “التعويل” على الاماني – ان يكون حزب الله أصيب بضربة شديدة وهو اليوم تنظيم مردوع يبحث عن الهدوء وليس عن المواجهة، بالضبط، بالمناسبة، مثلما درجنا على القول عن هذا التنظيم بعد حرب لبنان الثانية في صيف 2006، ومثلما درجنا على القول أيضا عن حماس بعد كل جولة مواجهة خضناها مع منظمة الإرهاب الغزية على مدى العقد الماضي. 

من هنا قصير الطريق لسماح الجيش الإسرائيلي وحكومة إسرائيل لسكان الشمال بالعودة الى بيوتهم. 

لكن الواقع على الارض لا يتوافق وهذه الاماني.

حقيقة هي أن حزب الله تعرض لضربة شديدة في اثناء الحرب الأخيرة. قيادته العليا وقيادته العسكرية صفيت، الكثير من قدراته العسكرية دمر، والسكان الشيعة شهدوا دمارا وخرابا على مستويات غير مسبوقة. 

ايران تجد صعوبة في مساعدة التنظيم بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وأخيرا – في لبنان انتخب رئيس لا يتماثل مع حزب الله او يستمع لاوامره، بل قامت حكومة ملتزمة بنزع سلاح التنظيم. 

لا غرو ان التخوف في إسرائيل من حزب الله اختفى، والدليل، الجيش الإسرائيلي يعمل بحرية وبلا قيد، حاليا على الأقل، في كل مرة يشخص فيها محاولات من التنظيم لاعادة بناء قدراته العسكرية. 

كل هذا صحيح. لكن تنظيم حزب الله لم يهزم ولم يصفى، وكذا أيضا دافعه للمس بإسرائيل. فقد تمكن التنظيم من أن يبقي بعضا من قدراته العسكرية، بضع عشرات الاف الصواريخ وبضع عشرات الاف المقاتلين من حملة السلاح، وهو لا يزال اقوى من الجيش اللبناني الذي يفترض بان ينزع سلاحه.

لا غرو أن جيش لبنان لا يفعل شيئا كي ينزع قدرات حزب  الله العسكرية. احد من مخربي التنظيم الارهابي لم ينسحب الى شمالي الليطاني، والتنظيم لم يسلم للجيش اللبناني حتى ولا صاروخ واحد ولا استحكام عسكري واحد من تلك المئات التي يملأها في ارجاء لبنان.

واضح ان أحدا في لبنان لا يعتزم الصدام مع التنظيم ومع مؤيديه، الامر الذي من شأنه ان يدهور الدولة الى حرب أهلية متجددة، وبالتالي فان اغنية اللبنانيين – وبالمناسبة، امنية إسرائيل أيضا – هي أن يوافق التنظيم، تحت ضغط سياسي لكن ليس عسكريا، على تسليم سلاحه.

غير ان من يعرف لبنان يعرف ان حزب الله لن يوافق طوعا على ان يفقد صوابه. تنظيم حزب الله اختار خيارا استراتيجيا في أن يخفض الرأس الى ان يمر الغضب. ان يمتص الضربات التي توقعها عليه إسرائيل وفي هذه الاثناء يرمم قوته، بالضبط مثلما تحاول حماس عمله في غزة. 

للتنظيم منطق خاص به، ليس منطقا غربيا او إسرائيليا، و “زمن حزب الله” يقاس بالسنين وبالعقود، وليس بالايام او الأسابيع مثلما هو عندنا. 

وعليه فلا حاجة لان نتفاجأ حين يحصل غير المتوقع، في وقت ابكر مما نقدر، والتنظيم سيعود ليرفع الرأس، يرفض على نحو استعراضي نزع سلاحه بل وسيستأنف عمليات الإرهاب ضدنا اذا ما اقتنع بان إسرائيل غير معنية بجولة قتال أخرى بعد أن يكون سكان الشمال عادوا الى بيوتهم. 

——————————————-

هآرتس 2/3/2025

مواجهة البيت الابيض: رسالة ان الولايات المتحدة تمر بتغيير استراتيجي عميق

بقلم: نتنئيل شلوموبيتس

دونالد ترامب لم يحاول إخفاء احتقاره لاوروبا. في ولايته الأولى قال إن الاتحاد الأوروبي “أسوأ من الصين”؛ وهدد بالانسحاب من الناتو اذا لم “يدفعوا اكثر ويتوقفوا عن استغلالنا”؛ حتى أنه قام باهانة معظم زعماء القارة الأوروبية بشكل شخصي في حضورهم. في اجتماع “جي 7، مثلا القى بحلوى “التوفي” على المستشارة الألمانية انجيلا ميركل وقال بشكل متحد: “حتى لا تقولوا إننا لم نعطيكم أي شيء”. ترامب لم يتغير، بل هو في ولايته الثانية اصبح حر ومتحرر وبدون قيود.

الزعماء هم الذين يهتمون بأن تبقى كل مواجهة بينهم، مع أو بدون حلوى، وراء أبواب مغلقة. هذا لم يحدث في هذه المرة. الرئيس الأمريكي ظهر كمن بحث عن مواجهة علنية وببث مباشر. امام المراسلين والعدسات وكبار قادة أمريكا وأوكرانيا. ترامب وزيلنسكي لم يظهرا مسرورين منذ أن جلسا في المكتب البيضوي. المراسلون طرحوا الأسئلة وترامب أجاب بشكل مستعجل. بعد ذلك في المشهد الذي ظهر أنه مخطط جدا اندفع نائب الرئيس جي دي فانس وقال: “أنا يجب علي أن اجيب”.

عمليا، فانس لم يكن يجب عليه أن يجيب. ترامب جلس على جانب ووزير الخارجية ماركو روبين على الجانب الثاني وفي الوسط فانس الذي كان مستعد للكمين. “هل قلت لنا في أي يوم شكرا؟”، صرخ على الرئيس الاوكراني الذي جاء الى البيت الأبيض في محاولة يائسة لإنقاذ بلاده من غزو وحشي. “نحن نشكركم جدا”، قال زيلنسكي. وعندما سخن النقاش وزيلنسكي صمم على موقفه، ترامب انضم الى نائبه وصرخ على الاوكرنيين لأنهم لم يستسلموا للجيش الروسي بدون شروط. “أنتم لستم منتصرين”، قال ترامب. “بفضلنا توجد لكم طريق للانسحاب”. 

منذ سقوط الستار الحديدي وحتى الآن فان الشك تجاه الكرملن هو مركب رئيسي في الهوية الامريكية بشكل عام ولدى الجمهوريين بشكل خاص. الجناح الصقوري في الحركة المحافظة أدار الحزب الى أن اندفع ترامب الى مسرح التاريخ. في مثل هذه اللحظة يجدر فحص من جديد العنوان الذي كان على الحائط، والذي مؤيدو الرئيس قاموا برفضه باستخفاف.

التحول الاستراتيجي الذي يتشكل في الولايات المتحدة تجاه العالم لم يأت من أي مكان، بل هو يعكس الرغبة الحقيقية العميقة لترامب في التقرب من الزعماء الذين يعتبرهم أقوياء. وهؤلاء يتراوحون على المحور بين روسيا وهنغاريا. في حملته الأولى اعتبر مرشح مجنون بسبب تصفيقه لبوتين.

معظم المنتخبين الجمهوريين في الكونغرس خافوا عندما قاز في الانتخابات التمهيدية في 2016، وخوفهم فقط ازداد في ذلك الصيف. خطوته الأولى كمرشح رسمي كانت أن يزيل من حملة الحزب الجمهوري بند واحد وهو التعهد بالدفاع عن أوكرانيا وتوفير لها “سلاح دفاعي”. هذا كان بعد سنتين فقط من ضم روسيا لاجزاء في شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم. منذ ذلك الحين مرت ثماني سنوات.

بعد أربعة اشهر على أدائه لليمين في أيار 2017 فاجأ ترامب الولايات المتحدة والعالم عندما قام بإقالة رئيس الـ “اف.بي.آي” جيمس كومي، الذي اعتبر بالذات من أضر بحملة كلينتون الرئاسية. خطأ كومي كان أنه فتح تحقيق لفحص علاقات ترامب المتشعبة مع روسيا، التي تشمل صفقات عقارية مشكوك فيها، حتى منذ الثمانينيات. هذه الإقالة اثارت في حينه ضجة في الحزبين في واشنطن بسبب المس بالمعايير، لكن كشف واشنطن لمنشور في فترة لاحقة اثار الاهتمام بما حدث بعد ذلك. بعد الإقالة ترامب تم توثيقه وهم يحتفل في البيت الأبيض مع وزير الخارجية الروسي سرجيه لافروف والسفير الروسي سرجيه كسلياك. صورتهم وهم يضحكون بسعادة كانت صعبة على الهضم في واشنطن، لكن في جهاز الامن خافوا اكثر من أن يكون ترامب قد كشف امام الشخصين الروسيين معلومات سرية جدا. المعلومات، التي اخفيت عن حلفاء الولايات المتحدة، وحتى في داخل الإدارة نفسها، كانت تتعلق بمؤامرة لداعش في سوريا، وقد وصلت الى الولايات المتحدة من “حليفة لها في الشرق الأوسط” في اطار اتفاق معلوماتي خاص، خوفا من كشف مصدرها.

اللحظة التي نقشت في الذاكرة اكثر من أي شيء آخر هي المؤتمر الصحفي المشترك بين بوتين وترامب في قمة هلسنكي في 2018. في الخلفية كان هناك الكثير من المنشورات عن نتائج تحقيقات المخابرات الامريكية التي بحسبها روسيا عملت على زرع الفوضى في الانتخابات الامريكية. عندما تم سؤال ترامب عن ذلك استعان ببوتين وليس برجال مخابراته: “الرئيس بوتين يقول إن روسيا لم تفعل ذلك. أنا لا أرى أي سبب كي أعتقد العكس”، قال ترامب وشرح ما الذي اقنعه في اقوال بوتين. “لقد كان قوي جدا وحازم في نفيه”.

في ولايته الأولى كان ترامب محاط بطبقة جدية من الجمهوريين من النوع القديم. أيضا الحاجة الى الترشح لولاية أخرى جعلته يفحص من جديد القيام بخطوات غير شعبية. ترامب عاد الى البيت الأبيض وهو محاط بمتملقين ومخلصين، بدون قدرة دستورية على الترشح لولاية ثالثة.

المكتب البيضوي عرف عدد لا يحصى من المواجهات الصاخبة، واحيانا بين رؤساء أمريكيين ورؤساء دول، لكن مسرحية علنية كهذه لم يكن مثلها حتى الآن. الرئيس الأمريكي قام باستدعاء رئيس دولة حليفة، في ذروة الحرب، ضد عدو مشترك، من اجل توبيخه أمام انظار العالم. ومثل آخر رجال المافيا ترامب طلب أن يسلمه نصف الثروات الطبيعية لاوكرانيا كرسوم حماية. كما يقال “كييف مدينة جميلة ومن المؤسف أن يحدث لها شيء. زيلنسكي سار مباشرة نحو هذا الشرك، لكن من غير الواضح اذا كان يوجد امامه خيار آخر. وقد تمكن من مغادرة واشنطن بدون التوقيع على أي وثيقة تعطي الولايات المتحدة الهدايا. 

التحالفات الديمقراطية التي بلورها ورعاها الرئيس السابق جو بايدن سرعان ما ظهر أنها تواصل الوجود حتى بدون الولايات المتحدة، مثلما أن المواجهة بين ترامب وزيلنسكي كان عرض اعلامي للجمهور اليميني، الذي استهدف الاثبات بأن ترامب يهتم بـ “أمريكا أولا” – وهكذا أيضا الردود في الغرب. واحد تلو الآخر، زعماء الدول غردوا تغريدات الدعم لاوكرانيا وزيلنسكي. عشرات زعماء الدول الديمقراطية، من بريطانيا وحتى كندا ونيوزيلندا، تجندوا للوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ. عندما ترامب يقوم بالدبلوماسية في الغرف المفتوحة، فان أوروبا أيضا تفعل ذلك. زيلنسكي شارككل تغريدة كهذه مع شعار “شكرا على الدعم”.

حتى الآن من غير المؤكد أن الشعب الأمريكي الذي يعتبر نفسه زعيم العالم الديمقراطي، مسرور ليكون في المعسكر الروسي ضد أوروبا. ولكن صدمة النظام العالمي لا يجب أن تفاجيء أي أحد. هناك خط مباشر يصل بين التوبيخ العلني في المكتب البيضوي وبين كل خطوات الرئيس ترامب حتى الآن. فقط في هذا الأسبوع صوتت الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ضد أوكرانيا، مع روسيا وكوريا الشمالية والصين وإسرائيل. ورغم أن ترامب يوفر فضائح بشكل يومي فمن المهم عدم نسيان المواجهة الحالية التي فيها قام الرئيس برمي حليفة ديمقراطية للكلاب. هذه انعطافة تاريخية في السياسة الخارجية الامريكية ووصمة عار لن تمحى.

——————————————- 

معاريف 2/3/2025

الأمور التي يجب أن تتم في نهاية الحرب في غزة

بقلم: المحامي اوريئيل لين

لم يعد مجال أو مكان للادعاءات، الشروحات والتفسيرات. صفقة المخطوفين، المرحلة الثانية، يجب انهاؤها بسرعة، بفترة زمنية من أسابيع. والا، فستكون هنا هزة أرضية قومية لم يسبق أن كان لها مثيل حتى اليوم، ولا حتى بعد حرب يوم الغفران. صدع قومي عميق، لم نشهده من قبل. من الصعب التقدير اذا كان سيكون ممكنا رأبه في عشرات السنين القادمة. خجل وعار سيحلان الى الابد على حكومة تعيق استكمال المرحلة الثانية في صفقة تحرير المخطوفين، ولا يهم ما هي الادعاءات لذلك. 

ليست حماس فقط تريد وقف النار. فإسرائيل هي الأخرى بحاجة له. كل من يقول “سننهي صفقة المخطوفين ونعود الى القتال ضد حماس” يقول ترهات. من الصعب أن نفهم اذا كان من يقول هذا يفهم السخافة الكامنة في أقواله أم أنه يفعل ذلك من اجل استعراض وقف سياسية. في كل حال، فهذه بالضبط هي الثرثرات إياها والتصريحات إياها التي تعمل ضد انهاء المرحلة الثانية. 

يمكن أن نقول عن حماس كل ما نريد. هي فظيعة، هي متوحشة، حياة السكان في قطاع غزة لا تهمها، والضحايا في صفوفها لا يؤبه لهم هم أيضا. لكن شيئا واحدا لا يمكن أن نقوله: انها غبية. أناس حماس يفهمون جيدا القوة التي في أيديهم، باحتجاز المخطوفين. وهم لن يعيدوا المخطوفين كي نتمكن من أن نستأنف ضدهم الحرب ونبيدهم بسهولة اكبر. 

كما أن اقوالا عن استئناف القتال كبديل لانهاء المرحلة الثانية هي اقوال عديمة المسؤولية تنطوي على انعدام الحس. بقدر كبير، حتى الان، استنفذنا قدرتنا القومية لابادة حماس. ليس لنا خيار لاستئناف قتال نتائجه جد غير واضحة بعد أن دفعنا ثمنا عاليا جدا على مدى سنة وخمسة اشهر تقريبا. نحن نوجد الان على مسار انهاء القتال بالطريقة المنطقية الوحيدة: خلق بديل لحكم حماس الى جانب اعمار القطاع. لا يمكن أن نكلف جنود الاحتياط اكثر مما كلفناهم لفترات خدمة سنوية من 60 يوم، 90 يوم، 120 يوم او 300 يوم، بينما يناور الائتلاف كي لا يشرك الحريديم بالعبء. في العالم كله ليس لنا شركاء باستئناف الحرب، واذا كان لنا كهؤلاء في إسرائيل نفسها فهم في الأقلية.

 ينبغي أن نكون صادقين مع أنفسنا ونعترف: عدم انهاء القتال في نيسان 2024 أتاح لنا أن نبيد قسما كبيرا من حماس ونحقق فضائل كثيرة. لكن في نفس الوقت نحن ملزمون بان نعترف: هذا تم في ظل المخاطرة بحياة المخطوفين. حكومة مثل جيشها الفاخر تخلت عن حياة سكان الغلاف وادارت استمرار الحرب بثمن ضحايا كثيرين من صفوف الجيش ملزمة اليوم، فوق كل مصلحة أخرى ان تعمل على تحرير المخطوفين كلهم، حتى آخر واحد منهم حقا. هذا ليس واجبا أخلاقيا. هذا واجب اسمى ومطلق. لا توجد مصالح قومية افضل من هذا الهدف. 

في نظري، واضح ما الذي ينبغي عمله: مواصلة وقف النار حتى الانهاء التام لتنفيذ الاتفاق؛ خروج الجيش الإسرائيلي من القطاع كله؛ التزام واضح كعدم استئناف القتال لفترة محددة؛ إقامة اتحاد من الدول العربية الكبرى، تأخذ الحكم في غزة، الى جانب اعمار القطاع. تلقي ضمانات مناسبة في الا يستأنف بناء حماس من جديد. 

يمكن للمرء الا يحب ما كتب هنا. يمكن أن يرى بهذا انهزامية. لكن هذا ما نحن ملزمون بعمله، ويمكن الافتراض باننا سنعمله. ومن الأفضل الا نتلاعب بمشاعر عائلات المخطوفين.  في المستقبل سيتعين علينا أن نبحث عن طرق فاعلة وذكية اكثر للتصدي لتهديد حماس. والامر سيستوجب أيضا بلورة سياسة مختلفة لحالات الاختطاف.

——————————————- 

يديعوت احرونوت 2/3/2025 

ترامب يلعب بالنار

بقلم: بن درور يميني

المواجهة في المؤتمر الصحفي في البيت الأبيض كانت حدثا تاريخيا في بث حي ومباشر. كانت مؤشرات مسبقة: فقد سبق لترامب ان وصف زلنسكي “دكتاتور”؛ نبرته المتصالحة تجاه بوتين أثارت تساؤلات وعلامات استفهام؛ لكن شيئا لم يعدنا لخازوق في بث حي ومباشر. زلنسكي الصغير، الذي يصارع قوة عظمى، ومنذ ثلاث سنوات ينجح في الإيفاء بالمهمة، يقف امام نقطة الانعطافة الأخطر منذ بدأت الحرب. 

يحتمل أن يكون هدف ترامب هو الوصول الى نهاية الحرب. يحتمل أن يكون يريد جائزة نوبل للسلام. يحتمل أنه يتخذ نهج العلاج بالصدمة. وينبغي الاعتراف حتى بانه توجد فرصة صغيرة لان ينجح هذا. ربما، من يدري، بعد بضعة اشهر سيوقع في الرياض اتفاق ما يوقف الحرب. لكن يوجد احتمال، ويخيل أن هذا اكبر، في أنه مع نهجه الوحشي، احتمال أن يصل ترامب الى اتفاق في شرق أوروبا يشبه احتمال تنفيذ فكرة الترحيل. وهذا مقلق. 

إسرائيل بالذات يفترض أن تنظر الى النزاع بين روسيا وأوكرانيا بعيون مفتوحة اكثر بكثير. لانه هناك أيضا، بالضبط مثلما هو هنا، يدور الحديث عن هجمة وحشية هي نتيجة حرمان حق تقرير المصير لاوكرانيا. هناك أيضا، بالضبط مثلما هو هنا، القوة التي تصارع ضد أوكرانيا هي دكتاتورية، عديمة الكوابح، تمس بنية مبيتة بكل مسلمة إنسانية. هناك أيضا، بالضبط مثلما هو هنا، واكثر من هنا، تتعلق أوكرانيا بمساعدة دولية. وهناك أيضا، مثلما هو هنا، يقف الواحد تلو الاخر شر مطلق من جهة مقابل دولة مصممة على الدفاع عن نفسها من جهة أخرى. 

يجدر بنا أن نتذكر بان إسرائيل هي التي تقف، في كل انعقاد للجمعية العمومية للأمم المتحدة، في كل بحث في مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة، امام أغلبية دول ظلامية. التصويتات هناك تلقائية. مرات عديدة جدا – بدعم دول أوروبا. على هذه الخلفية يخيل ان تصويت إسرائيل في الأمم المتحدة، ضد أوكرانيا وضد معظم دول العالم، الى جانب الولايات المتحدة، روسي وايران – ليس خطوة تضيف لنا شرفا. وحتى حقيقة أن أوكرانيا نفسها، بشكل عام، تصوت مع دول أوروبية ضد إسرائيل ليس بالضبط سببا للثأر. نحن نطلب من العالم العدل والنزاهة والتمييز بين الخير والشر. يجدر بنا ان نطلب هذا من أنفسنا أيضا. 

عندما ننظر الى الجهات التي تؤيد بوتين نجد خصلة مشتركة أخرى، مخيفة ومقلقة. في الائتلاف المؤيد لروسيا يمكن أن نجد بروفيسورات بارزين مثل جيفري ساكس وجون ميرشهايمر، الى جانب اعلاميين مثل تاكر كرلسون وتندس افانس وفنانين مثل روتجر ووترز. الأول في القائمة ساكس هو يهودي. لكن ميزة الجميع هي كراهية لاذعة لإسرائيل وللصهيونية، مع مؤشرات لاسامية بارزة. ونعم، يوجد أيضا يهود لاساميون. هم في جانب حماس التي تتبنى أيديولوجيا إبادة اليهود. والان هم في جانب بوتين. عرفنا منذ البداية بان قسما من مؤيدي ترامب بمن فيهم نائب الرئيس جي دي فانس، هم انعزالون. لكن كان يخيل، ولا يزال يخيل انه فقط في السياق الاوكراني، وربما جبهات أخرى في العالم. لكن ليس إسرائيل. لكن هذه ليست بالضبط انعزالية. في الموقف من عناق الإدارة الامريكية لبوتين – هذا تدخل. لكن في الاتجاه الخطير.

لادارة ترامب يوجد صندوق حقوق بالنسبة لإسرائيل. فلا يمكن تجاهل المرسوم الرئاسي ضد محكمة الجنايات في لاهاي، استئناف ارساليات السلاح التي اخرتها الإدارة السابقة، التصميم على الصراع ضد مناهج لاسامية تخفت في صورة تقدمية. لكن الركلة لزلنسكي هي ضوء تحذير. زلنسكي لم يجتاح روسيا. زلنسكي لم يهدد بتصفية القوة العظمى المجاورة. ورغم ذلك هو وليس بوتين، نال لقب دكتاتور بل وتلقى ركلة في بث حي ومباشر.

ترامب هو زعيم العالم الحر. لا يوجد أحد آخر. هذا العالم الحرب أوقع خيبات أمل في العقود الأخيرة. نزعة المصالحة تجاه دول دكتاتورة بعامة وتجاه ايران بخاصة – هي عار. هكذا أيضا الميول التقدمية التي استقرت في نخب الاكاديمية والاعلام والتي هي عار لا يقل. فاحد الأسباب لتأييد ترامب هو النفور من هذه الميول. في الولايات المتحدة نفسها تتخذ إدارة ترامب سلسلة من الخطوات التي لعلها، فقط لعلها، تؤدي الى تغيير. لكن ماذا عما يحصل في الساحة الدولية؟ ما هو بديله؟ حلف مع بوتين؟ هذا مقلق لانه ليس واضحا اذا كان ترامب سينجح في أن يقطع بوتين عن ايران، لكن يوجد تخوف من أن ينجح بوتين في أن يصالح بين البيت الأبيض وطهران. وماذا عندها؟ نحن قد نحصل على اتفاق نووي في صيغة أسوأ من صيغة 2015.

الاقوال التي تكتب هنا هي بالأساس مخاوف. لانه يحتمل ان يكون تأييد ترامب لبوتين والخازوق لزلنسكي هما طريقته الغريبة بعض الشيء للوصول الى وقف النار. فنحن لا نزال في البداية. لا تزال لا توجد مسودة سلام. لا يزال لا يوجد موعد للمحادثات في الرياض التي في السعودية. وبالاساس، التصريحات من جانب وزير الخارجية الروسي لافروف تشهد على ان شهية روسيا ازدادت فقط في اعقاب سياسة ترامب. على هذه الخلفية توجد مخاوف ان يكون ترامب يلعب بالنار. هو لن يؤدي الى السلام بل الى احتدام النزاع. ليتنا نكون مخطئين. 

——————————————- 

مقترحات ويتكوف غير واقعية.. ونتنياهو يبيع أكاذيب للإدارة الأمريكية

بقلم: إيهود براك

الناصرة- “القدس العربي”: يستخف رئيس حكومة الاحتلال الأسبق إيهود براك بـ”مقترحات ويتكوف”، ويحمل بشدة على رئيسها الحالي بنيامين نتنياهو، ويقول إن كل ما يفعله هو للحفاظ على ائتلافه واستمراره، وإنه يبيع الأكاذيب للأمريكيين، ويستغل عدم فهمهم العميق لواقع الحال في المنطقة وانشغالهم بقضية أوكرانيا.

في حديث للإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم الأحد، قال براك: “لو كنا نعيش في عالم مثالي، لكانت مقترحات ويتكوف ممتازة، أما ونحن نعيش في أرض الواقع، فإنها تنطوي على إشكالية كبيرة”، مشددًا من جديد على أن الأولوية الأولى ينبغي أن تكون لاستعادة كل الرهائن دفعة واحدة.

نتنياهو هو من قرّر وقف شحنات المساعدات إلى غزة بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، وحكومة الاحتلال وافقت على إمكانية استدعاء 400 ألف جندي من جيش الاحتياط

ومضى براك في تحذيراته الحادة: “إن استمرار هذا النقاش حول الصفقة يعني حكمًا بالإعدام عليهم، واستنساخ عشرات من قصة ملاح الجو الإسرائيلي المفقود في لبنان منذ أربعة عقود، رون أراد. لا صلاحية أخلاقية للحكومة لفعل ذلك، ولا لحرب جديدة، خاصة بحرب تقتل بقية الرهائن”.

ويعتقد براك، وهو خصم لدود لنتنياهو منذ سنوات، أن الحرب لن تتجدد على غزة لأسباب أخرى لدى نتنياهو، الراغب في التفرغ لتمرير مشروع قانون الموازنة العامة، الذي يعني عدم المصادقة عليه سقوطًا فوريًا لحكومته.

وأطلق براك سهام انتقاداته نحو المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، بقوله إن “ويتكوف مشغول بأوكرانيا، وإنه يشكّك في قدراته على فهم حقيقة الواقع، ويخشى أن ينجح نتنياهو بالتغرير به، وبالتالي نسج وهم وصورة مزورة لديه وهو يتعامل مع الشرق الأوسط”.

وكررّ براك انتقاداته لحكومة الاحتلال، مشددًا على أن “إهمال المخطوفين كارثة يتحمل مسؤوليتها نتنياهو ودرمر، فإنقاذ الحكومة والبقاء في الحكم هو الأساس لديهما”.

وردًا على سؤال عن البديل، يرى براك أنه على إسرائيل الدخول في مداولات تعيد الرهائن فورًا، زاعمًا أن حركة “حماس” لن تكون موجودة، ليس بالجهد العسكري، بل بطرح سياسي لليوم التالي، باستبدالها بجهة أخرى.

ويضيف: “لن تنجح الحكومة عسكريًا بفعل ما فشلت في تحقيقه حتى الآن طيلة عام وربع العام. مقاتلة “حماس” عسكريًا حتى تدمير آخر جندي فيها هذا وهم. كنا في جباليا أربع مرات، ولن يحدث شيء جوهري في المرة الخامسة، بل ستقتل العمليات العسكرية الرهائن، وسيُقتل المزيد من الجنود، وسنعود إلى نقطة الصفر. الحرب ستقتل الرهائن، ورأينا أن مثل ذلك قد حدث… وهذا علاوة على مكانة إسرائيل في العالم وتهديد اتفاقات إبراهام”.

ويرى براك أن الرئيس الأمريكي، ترامب، لا يتعامل مع خطة التهجير بجدية، ولا يرى واقعنا المركب.

براك، الذي تحدث للإذاعة العبرية قبيل الكشف عن مخطط التجويع الجديد بإغلاق بوابات القطاع، يمضي في تبرير رفضه لفكرة الحرب على غزة مجددًا، بالقول: “في نهاية المطاف، سنكون مضطرين لنقل السلطة إلى جهة أخرى بدلًا من “حماس”، ولذا علينا أن نفعل ذلك الآن. نحن المسؤولون، وعلينا طرح أفكار عملية من أجل استبدال “حماس”، وبالتعاون مع دول عربية والولايات المتحدة، مع احتفاظ إسرائيل بخط الرجعة للحرب مستقبلًا”.

وهم النصر الكامل

وفي سياق متصل، قالت القناة العبرية 14، التي تعتبر بوقًا لنتنياهو، إن الأخير هو من قرّر وقف شحنات المساعدات إلى غزة بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، منوهةً بأن حكومة الاحتلال وافقت على إمكانية استدعاء 400 ألف جندي من جيش الاحتياط.

وسارع وزير المالية المستوطن، بتسلئيل سموتريتش، للدعوة إلى جريمة حرب جديدة وفقًا للقانون الدولي، بقوله: “يجب فتح أبواب الجحيم بأسرع وقت وبأقسى طريقة على العدو الوحشي حتى تحقيق النصر الكامل”.

وهذا ما دعا إليه وزير الأمن القومي المستقيل، إيتمار بن غفير، المدان بالإرهاب، بقوله هو الآخر: “الآن هو الوقت المناسب لفتح أبواب الجحيم، وقطع الكهرباء والمياه، والعودة للحرب”.

من جهته، يطالب منتدى عائلات المحتجزين بالتخلي عن “مقترحات ويتكوف” والعودة إلى مخطط ترامب؛ استعادة كل المخطوفين معًا، أو فتح الجحيم على “حماس”. وقد نظّم المنتدى مظاهرات، اليوم الأحد، مقابل بيوت الوزراء.

براك: لن تنجح الحكومة عسكريًا بما فشلت في تحقيقه حتى الآن طيلة عام وربع العام. مقاتلة “حماس” عسكريًا حتى تدمير آخر جندي فيها وهم. كنا في جباليا 4 مرات، ولن يحدث شيء جوهري في المرة الخامسة

في ظل تهديد ووعيد حكومة الاحتلال بحرب جديدة أشد شراسة، وسط حشد قوات عسكرية، تبدو عائلات الرهائن غاضبة ومتألمة، وهي توجّه إصبع الاتهام للحكومة، قائلة: “هذه أزمة مفتعلة قام نتنياهو بهندستها”.

وقت الحسم

في المقابل، وقبل الكشف عن هذه التطورات، قال المعلق السياسي الإسرائيلي البارز شيمعون شيفر، في مقال بعنوان “وقت الحسم” نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم الأحد، إن “المطلوب الآن صفقة الكل مقابل الكل، لكن قيادتنا لا تريد هذا”.

كما يقول شيفر: “سيأتي يوم يشتم فيه ترامب نتنياهو، كما فعل مع زيلينسكي، وقد فعلها مع نتنياهو في الماضي”، داعيًا إلى استعادة الرهائن ووقف الحرب الآن.

وتبعه زميله المعلق السياسي، بن درور يميني، في مقال بعنوان “ترامب يلعب بالنار”، قال فيه إن “معانقة الإدارة الأمريكية لبوتين والركلة بالبث المباشر لزيلينسكي ينبغي أن تشعل ضوءًا أحمر في إسرائيل أيضًا”.

ويعلل بن يميني رؤيته هذه بالقول: “ربما هذه محاولة غريبة من قبل ترامب لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن الخوف أن يقود ذلك فقط إلى التصعيد. هذا مبعث قلق، لأنه من غير الواضح إذا كان هذا العناق سيُخرج روسيا من تحالفها مع إيران، وهناك خوف من أن ينجح بوتين في تليين العلاقات بين البيت الأبيض وطهران”.

——————————————- 

هآرتس 2/3/2025

“إدارة نزاع” وخطأ استخباري ودفاع مشوش.. والنتيجة 7 أكتوبر: أين لجنة التحقيق؟

بقلم: أسرة التحرير

تحقيقات الجيش الإسرائيلي عن أحداث 7 أكتوبر التي عرضت الخميس الماضي عشية اعتزال رئيس الأركان هرتسي هليفي، تؤكد الكثير من المعلومات والاستنتاجات المنشورة. 7 أكتوبر ليس وليد مواضع خلل وقعت في أثناء يوم واحد، بل وليد “خلل” عديد السنين. تتابع التحقيقات سلسلة من القرارات المغلوطة في الليلة التي سبقت القرار وعلى مدى كل اليوم، لكن يتبين منها أن جذر قصور 7 أكتوبر يكمن في فهم مشوش للواقع، فقد كان على مدى سنوات طويلة، ولم يبدأ في تلك الليلة فحسب. ثمة سوء فهم أثر على المستوى التحليلي – الاستخباري، ومن جانب الرد والاستعداد.

“أين كان الجيش الإسرائيلي” هو سؤال يطرح أكثر من أي سؤال آخر في ذاك السبت. يتبين من التحقيقات أن السبب الأساس لتغيب الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر في غلاف غزة – تأخر الجيش في الظهور، وعندما فعل ذلك كان بقوى جزئية– هو أن أسرة الاستخبارات، والجيش و”الشاباك” على رأسها، لم تصدق أن حماس قادرة على إخراج هجوم منسق لآلاف المخربين في أكثر من مئة نقطة اجتياز، نجحت في حسم فرقة غزة والسيطرة على جزء كبير من المنطقة. إضافة إلى الاستخفاف بالعدو، تشخص التحقيقات تجاهلاً من المستويات الدنيا وثقة زائدة بالنفس في قدرات الاستخبارات على توفير إخطار مسبق يمنح الجيش وقتاً لتنظيم نفسه.

يتبين من التحقيقات أن السبب الأساس لتغيب الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر في غلاف غزة هو أن أسرة الاستخبارات، والجيش و”الشاباك” على رأسها، لم تصدق أن حماس قادرة على تنفيذ هجوم منسق

7 أكتوبر وليد مفهوم سياسي مشوش يمكن بموجبه “إدارة النزاع” و”حماس هي ذخر” (بكل ما ينطوي على ذلك من معنى: إضعاف السلطة الفلسطينية وضخ حقائب مال قطري إلى غزة)، إلى جانب خطأ استخباري يقيد بأن حماس لا تريد ولا تستطيع تنفيذ هجوم بحجم كهذا، إلى جانب استعداد دفاعي مشوش. الصلات الظرفية العميقة بين هذه الأضلاع الثلاثة لا يمكن بدء حل لغزها بلا لجنة تحقيق رسمية.

إن عرض التحقيقات قبل لحظة من اعتزال هليفي يشدد على الفجوة بين استعداد من وقف على رأس الجيش ومسؤول عن قصور الجهاز الذي قاده للسماح بالتحقيق في قصوراته وقصورات الجيش – وإن لم يفصل هليفي أخطاءه ذات يوم، باستثناء تحمله المسؤولية العامة – والمستوى السياسي الذي يرفض الاعتراف بالمسؤولية ويمنع تحقيق الأحداث. بعد التحقيقات العسكرية، المطلوب هو لجنة تحقيق رسمية تحقق أيضاً بالقصور السياسي، الذي يتبع له المستوى السياسي، وعلى رأسه رئيس وزراء إسرائيل في الـ 16 سنة الأخيرة (باستثناء سنة واحدة)، نتنياهو. بدون هذا، لن تحظى إسرائيل بالوصول إلى تقصي الحقيقة ولن تتمكن من الاستعداد كما ينبغي لمنع القصور التالي.

—————–انتهت النشرة—————–