أسرىانتهاكات الاحتلال

أسرى من حماس وحزب الله يقبعون في سجن الرملة تحت الأرض بظروف قاسية

المسار : كشفت إذاعة “كان” العبرية، الاثنين، عن احتجاز سلطات الاحتلال الإسرائيلي العشرات من مقاتلي النخبة في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة “حماس”، إضافة إلى عناصر من وحدة “الرضوان” التابعة لحزب الله اللبناني، داخل سجن جديد تحت الأرض في سجن الرملة، أقيم في أيلول/ سبتمبر الماضي، ويُعرف باسم “راكيفيت” (بالعبرية تعني زهرة بخور مريم).

ووصفت الإذاعة الرسمية السجن بأنه “خزنة إسمنتية” مغلقة، يخضع فيها الأسرى لرقابة صارمة على مدار الساعة من خلال كاميرات ذكية ترصد أدق تحركاتهم داخل الزنازين، حيث يُحتجزون في ظروف وصفت بأنها “الحد الأدنى مما يسمح به القانون الدولي” على حد زعمها.

احتجاز كامل تحت الأرض

يعيش الأسرى في هذا السجن، وبينهم مقاتلون شاركوا في عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر بحسب الرواية الإسرائيلية، في عزلة تامة داخل زنازين مغلقة طوال اليوم، باستثناء ساعة واحدة يُسمح لهم فيها بالخروج إلى ما تُسميه إدارة السجن “ساحة”، وهي في الواقع غرفة صغيرة محصنة، بجدران إسمنتية وسقف تمر منه أشعة شمس خافتة عبر قضبان حديدية.

وفي خطوة تُوصف بأنها نفسية وقمعية، علقت سلطات السجن صورة كبيرة لمدينة غزة المدمرة على جدران الساحة، لتكون أمام أعين الأسرى خلال هذه الساعة المحدودة، التي يُطلب منهم فيها تنفيذ عدد من المهام: الاستحمام في سبع دقائق فقط، تنظيف الزنزانة، والمشي داخل المساحة المحدودة، دون أي تواصل أو حديث مع أسرى آخرين.

إجراءات مشددة.. و”أسماء حركية” للسجانين

وفق تصريحات قائد قسم “راكيفيت” للإذاعة العبرية، فإن جميع السجانين يعملون دون الكشف عن هوياتهم الحقيقية، ويحملون بطاقات تعريف بأسماء عملياتية وأرقام فقط، ضمن ترتيبات أمنية مشددة، ويُطلب منهم أن يكونوا “في حالة استنفار دائم”.

وقال المسؤول إن القسم يُعد “تجربة عملياتية أولى من نوعها في مصلحة السجون الإسرائيلية”، وأنه “يتعامل مع الأسرى الأخطر”، في إشارة إلى عناصر من نخبة حماس والكوماندوز البحري، ومن قوة الرضوان التابعة لحزب الله.

وأكد أن الطاقم تلقى تأهيلا خاصا، “ذهنياً بالدرجة الأولى”، للتعامل مع “التحديات اليومية” في القسم، مشيراً إلى أن العمل فيه يتطلب رباطة جأش عالية، و”ضبطا للنفس” لتجنب “الانجرار إلى تعامل عاطفي”، وفق تعبيره.

عزلة مطلقة وقيود صارمة

وبحسب التفاصيل التي أوردتها الإذاعة، فإن الأسرى لا يُسمح لهم بمغادرة القسم إطلاقاً، حتى في الحالات التي تستدعي لقاء محامين أو الحصول على علاج طبي، إذ يتم تنفيذ هذه اللقاءات أو الفحوص داخل القسم نفسه، دون إخراج الأسير إلى أي مكان آخر، ما يعمق من حالة العزلة والتجريد.

وعند دخول أي سجان إلى الزنزانة، يُفرض على الأسير اتخاذ وضعية “الجلوس القرفصاء” مع وضع اليدين خلف الظهر وتوجيه الوجه نحو الأرض، حتى يتم إغلاق فتحة الباب، ولا يُسمح لأي شكل من أشكال الحديث بين الأسرى، فيما يتم إدخال الطعام ثلاث مرات يومياً بصمت.

شهداء في غارات إسرائيلية.. واستهداف متعمد لمنتظري المساعدات

ورغم محاولة سلطات الاحتلال تبرير هذه الإجراءات بالاستناد إلى القانون الدولي، إلا أن ممارسات كهذه – وفق منظمات حقوقية – تندرج ضمن أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، خاصة أنها تستهدف أسرى لم يُعرضوا على محاكمات عادلة، وتُفرض عليهم عزلة كاملة وقيود نفسية وجسدية طويلة الأمد.

وتأتي هذه الإجراءات في ظل تصاعد التوتر على الحدود الشمالية مع لبنان، واستمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث تتعامل سلطات الاحتلال بوحشية متزايدة تجاه الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين، في ظل غياب أي رقابة دولية حقيقية أو تدخل من المنظمات الحقوقية الكبرى.

وبحسب تصريحات قائد القسم، فإن التجربة لا تزال “أولية”، ما يثير مخاوف من توسع هذا النموذج في سجون أخرى، وتحويله إلى “نظام دائم” للتنكيل بالأسرى السياسيين والعسكريين من حركات المقاومة.

ويُشار إلى أن سجن الرملة يعد من أقدم وأشد السجون الإسرائيلية حراسة، وسبق أن شهد حالات وفاة بسبب الإهمال الطبي والتعذيب، ما يضيف إلى هذا القسم الجديد مزيداً من القلق بشأن مصير الأسرى المحتجزين فيه.