“لا لحماس ولا لعبّاس”.. نتنياهو يطرح خطة “احتلال تدريجي” لغزة وسط تحفظات من الجيش والمعارضة

Loai Loai
6 Min Read

المسار : قال بيان صادر عن رئاسة الوزراء الإسرائيلية، عند الخامسة صباح اليوم، إن الكابنيت، وبعد مداولات استمرت عشر ساعات في الليلة الفائتة، قد صادق على خطة اقترحها رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو بحسم “حماس”، رغم تحفظات واضحة من المؤسسة الأمنية.

تشمل الخطة خمسة مبادئ: نزع سلاح “حماس”، إعادة المخطوفين أحياء وأمواتاً، تحييد غزة من السلاح، فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وإقامة إدارة مدنية بديلة ليست “حماس” ولا السلطة الفلسطينية.

حسب الخطة، سيستمر إخلاء أهالي مدينة غزة حتى 7 أكتوبر القادم، وهو تاريخ مشحون بدلالة رمزية تشي برغبة الاحتلال في إغلاق دائرة على طريق الانتقام المتجدد

طبقاً لهذا البيان، يستعد الجيش “للسيطرة على غزة وسط تقديم مساعدات إنسانية للسكان خارج مناطق القتال”، ما يعني عمليًا طرد السكان من المدينة، رغم أن جهات قضائية وحقوقية عربية وأجنبية وإسرائيلية أيضًا تعتبر ذلك جريمة حرب.

وحسب الخطة، سيستمر إخلاء أهالي مدينة غزة حتى 7 أكتوبر القادم، وهو تاريخ مشحون بدلالة رمزية تشي برغبة الاحتلال في إغلاق دائرة على طريق الانتقام المتجدد من “طوفان الأقصى”. وبعد الإخلاء، سيفرض طوق على عناصر “حماس” المتبقين في المدينة.

الخطة الإسرائيلية، التي تقضي باحتلال تدريجي يبدأ بغزة المدينة قبل الانتقال لمخيمات الوسط، تتحاشى استخدام مصطلح “احتلال”، وتستبدله بمصطلح فضفاض “السيطرة”، وترغب عمليًا بالالتفاف على القانون الدولي، الذي يعتبر ذلك تهجيرًا وجريمة حرب، وثانيًا، هذا يحمّل المحتل مسؤولية مباشرة عن حياة المدنيين وتلبية احتياجاتهم اليومية، ما يعني أن إسرائيل تبحث عن احتلال غزة دون قول ذلك رسميًا.

وجاء في بيان رئاسة حكومة الاحتلال أنه تم تفويض نتنياهو ووزير الأمن كاتس للمصادقة على الخطة العملياتية النهائية كي يطبقها الجيش على أرض الواقع.

سخرية زامير

وتفيد تسريبات صحافية عبرية أن قائد جيش الاحتلال أيال زامير، وبعد رفض خطته والسخرية منها، قدّم اقتراحًا ساخرًا من طرفه دعا فيه لإزالة استعادة المخطوفين من سلة الأهداف.

حسب التسريبات أيضًا، شهد اجتماع الكابنيت نقاشات ساخنة ومشادات بين زامير وبعض الوزراء الذين سخروا من خطته بفرض أطواق على القطاع، وقالوا إنها “لن تحقق الهدف”. لكن زامير حذّر في الاجتماع من أن العملية ستؤدي لاستنزاف قوة وطاقات الجيش بالكامل، وتهدّد حياة المحتجزين في غزة.

وقال بيان رئاسة حكومة الاحتلال إن الكابنيت صادق على قرار الاجتياح بأغلبية أعضائه، وتفسّر التسريبات لماذا لم يُتخذ القرار بالإجماع، حيث تفيد بأن سموتريتش عارض العملية لأنها لم تشمل بندًا يمنع وقف الحرب حتى بحال حصلت صفقة مع “حماس”، علمًا أنه طالما كان يرفض فكرة الصفقة، وقد قال، حسب التسريبات: “بحال لم يتقرر الذهاب حتى النهاية، فمن المفضّل تبنّي خطة قائد الجيش”.

طبقًا لهذه التسريبات، عارض سموتريتش وبن غفير خلال مداولات الكابنيت بند إدخال مساعدات بكمية كبيرة إنسانية للمدنيين.

ونعت رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد قرار الكابنيت بـ “كارثة ستنجب كوارث أخرى”، لافتًا إلى أن سموتريتش وبن غفير جرّا نتنياهو لقتل المخطوفين، وللمزيد من قتل الجنود، وتبديد المليارات، وتعميق ورطة إسرائيل في العالم، وسيؤدي إلى انهيارٍ سياسي.

وأضاف لبيد: “هذا بالضبط ما أرادته حماس، أن تحاصر إسرائيل في أرضٍ بلا هدف، في احتلالٍ لا طائل منه، لا أحد يفهم إلى أين يقودها”.

وتبعه رئيس حزب “يسرائيل بيتنا”، وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان، الذي قال، في منشور ورد في شبكة “إكس”، إن قرار الكابنيت، المخالف للموقف المهني لقائد الجيش، يُثبت أن قرارات الحياة والموت تُتخذ على خلاف الاعتبارات الأمنية وأهداف الحرب. “إن رئيس حكومة السابع من أكتوبر يُضحي مرة أخرى بأمن المواطنين الإسرائيليين من أجل الرئاسة”.

وقال رئيس حزب “الديمقراطيون” (العمل وميرتس)، يائير غولان: “القرار يعني حكمًا بالإعدام على المختطفين وعائلاتهم المفجوعة. علينا تكثيف النضال. إسقاط هذه الحكومة سينقذ أرواحًا”.

وخلا موقف المعارضة من مطلب أو أي إشارة لمعاناة المدنيين الفلسطينيين، وللتجويع والتهجير، وللناحية الأخلاقية، واكتفوا كعادتهم بميزان الربح والخسارة.

هارئيل: توسيع القتال سيفاقم حالة إسرائيل في العالم، والفجوة بين الأقوال حول الحسم والانتصار وبين الواقع لم تكن يوماً أكبر مما هي عليه اليوم

وحملت صحيفة “هآرتس” على قرار الكابنيت، وعلى العناد غير المنطقي المستبطن به، وقال محللها العسكري عاموس هارئيل إن توسيع القتال في غزة سيفاقم حالة إسرائيل في العالم، مؤكدًا أن الفجوة بين الأقوال حول الحسم والانتصار وبين الواقع لم تكن يومًا أكبر مما هي عليه اليوم.

تسونامي عالمي؟

نتنياهو، الطامع بالانتقام وبصورة انتصار، وبالبقاء في وعي الإسرائيليين وفي سدة الحكم، لا يكترث بانتقادات المعارضة الضعيفة بشكل عام، ولا بضغوط الشارع الإسرائيلي، وهي الأخرى مترددة، ولا يبالي بالانتقادات الصادرة عن دول الغرب، فحتى الآن هي الأخرى لفظية مخففة وملطفة دون عقوبات وخطوات فعلية، وتنمّ عن تعامل غربي مع إسرائيل بصفتها “ابنة مدلّلة”، كما ينعكس في الاعتراف المتأخر والمشروط وغير العملي بفلسطين.

والحديث عن تسونامي دولي ضد إسرائيل صحيح، وينطبق على مستوى الشعوب والحراك الشعبي المناهض للحرب والمعادي لإسرائيل. على سبيل المثال، دعت عشرات الحراكات والحركات السياسية في اليونان للتظاهر ضد حرب الإبادة في غزة، في 25 مدينة وموقع، وذلك ضمن حملة احتجاج دولية جديدة تنطلق اليوم الجمعة.

وقد استعدت الفعاليات السياسية والمدنية في اليونان لهذه المظاهرات بنشر شعارات ولافتات في شوارع المدن اليونانية تندد بـ “دولة الإرهاب” وبالإبادة، وتقول للإسرائيليين، وبعدة لغات تشمل العبرية: “غير مرحّب بكم هنا”.

دوليًا أيضًا، دعت وزارة خارجية أستراليا إسرائيل لعدم القيام بالحملة العسكرية الجديدة، ونوّهت إلى كونها انتهاكًا للقانون الدولي، فيما اكتفت بريطانيا بالقول إنها تأمل أن تعيد إسرائيل النظر في قرارها الخاطئ الذي يفاقم الوضع غير المحتمل في غزة.

Loading

Share This Article