المسار : قالت مصادر في إسرائيل إن اتفاقية تطبيع بينها وبين إندونيسيا كانت جاهزة للتوقيع في تشرين الأول/أكتوبر 2023، غير أن «طوفان الأقصى» وتبعاته أفشلها. ووفقًا لموقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» (موقع «واينت»)، كانت هناك تفاهمات بالفعل بشأن انضمام إندونيسيا إلى «اتفاقيات إبراهام»، لكن بعد اندلاع الحرب في غزة اندلعت مظاهرة حاشدة ضد إسرائيل، ومنذ ذلك الحين أعربت البلاد عن دعمها القاطع للفلسطينيين.
ويقول الموقع العبري إن الآراء في إسرائيل تنقسم حول إمكانية موافقة إندونيسيا على تطبيع العلاقات قبل السعودية، إذ إن الاتفاق معها سيكسر حالة الجمود. ويضيف: «يعتقد البعض أن إندونيسيا قد تسبق السعودية، ويأملون في توطيد العلاقات، على سبيل المثال في مجال السياحة. من ناحية أخرى، يُبدي آخرون تشككًا أكبر، ويعتقدون أن الإندونيسيين غير مستعدين لهذه الخطوة نظرًا لحساسيتهم للرأي العام، وسيجدون صعوبة في الترويج لها قبل نهاية الحرب أو التوصل إلى اتفاق مع الرياض».
وينقل «واينت» عن مسؤول إسرائيلي قوله: «من المشكوك فيه أن تكون إندونيسيا هي الأولى، لأنها تخشى مظاهرات واحتجاجات المتطرفين، ولذلك من المنطقي أن تنتظر السعودية». ويضيف: «هذا الأسبوع تحديدًا، وردت تقارير عن استجواب زوجين إسرائيليين في بالي للاشتباه في إدارتهما لشركة عقارية، وإنقاذهما من البلاد بعد جهود بذلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية مع إندونيسيا، التي سعت لإنهاء الحادث بسرعة وهدوء. على مدار العام الماضي، مُنع الرياضيون الإسرائيليون من دخول الدولة الإسلامية، مما أدى إلى حرمانها من استضافة العديد من البطولات الدولية».
وأفادت وكالة أنباء محلية الأربعاء أن إندونيسيا حصلت، ولأول مرة، على إذن لإسقاط مساعدات إنسانية بالمظلات إلى قطاع غزة، ولم يؤكد أي مسؤول إسرائيلي هذا الخبر كما لم ينفه. وفي المقابل، أفادت تقارير مؤخرًا أن إسرائيل توصلت إلى اتفاق مع إندونيسيا، تستقبل بموجبه الأخيرة فلسطينيين من قطاع غزة.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الإندونيسية أعلن أن البلاد ستجدد منشأة طبية في جزيرة غالانغ غير المأهولة، بهدف استقبال حوالي 2000 جريح فلسطيني من غزة للعلاج والتأهيل. وقيل إن هذه خطوة إنسانية تهدف إلى علاج ضحايا الحرب حتى يتعافوا ويعودوا – وفقًا للخطة على الأقل – إلى القطاع، ولذلك لا تعتبر إندونيسيا هذا إخلاءً للسكان.
مصادر عبرية: كانت جاهزة للتوقيع قبل 7 اكتوبر
وتقع جزيرة غالانغ جنوب سنغافورة، بالقرب من جزيرة سومطرة، والتي كانت تُستخدم سابقًا كموقع للاجئين تابع للأمم المتحدة ومستشفى ميداني لعلاج مرضى كوفيد-19. وجاءت هذه المبادرة بعد أشهر من اقتراح الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو استقبال الجرحى الفلسطينيين على أراضي البلاد، إلا أن هذا الاقتراح أثار معارضة كبار رجال الدين الذين حذروا من أوجه التشابه مع مبادرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للهجرة الطوعية من غزة.
وأوضح سوبيانتو أنه يؤيد حل الدولتين، وأنه «يعارض بشدة أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسرًا من وطنهم». وخلال اجتماع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أوضح أن بلاده مستعدة لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إذا اعترفت بدولة فلسطينية. وفي غضون ذلك، تُصدر إندونيسيا، سرًا، تأشيرات لرجال أعمال إسرائيليين مقابل 1200 دولار أمريكي، وهو مبلغ يُعتبر مرتفعًا، وذلك وفق ما يؤكده موقع «واينت» العبري.
وإندونيسيا هي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، ورابع أكبر دولة من حيث عدد السكان بعد الصين والهند والولايات المتحدة، حيث يبلغ عدد سكانها 282 مليون نسمة. بعد اتفاقيات أوسلو، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين إندونيسيا في 15 تشرين الأول / أكتوبر 1993، والتقى بالرئيس الإندونيسي آنذاك سوهارتو. وعقب الزيارة، فُتحت البلاد أمام السياح الإسرائيليين، ولكن لم يُفتتح أي تمثيل رسمي. وبعد انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسًا لحكومة الاحتلال عام 1996، وفي ظل توقف محادثات السلام والجمود السياسي، أغلقت إندونيسيا أبوابها أمام السياح الإسرائيليين عام 1997.
اليوم، كما ذُكر، تخشى إندونيسيا من تحسين العلاقات، لكن في الماضي عُقدت محادثات سرية بين الجانبين بشأن التطبيع. وينقل «واينت» عن مصدر إسرائيلي مطلع على العلاقات السرية قوله إن «إندونيسيا، كغيرها من الدول، تريد القرب من الولايات المتحدة الأمريكية». ويضيف المصدر: «كانت هناك اتصالات منذ عام 2018 رغبةً في إقامة علاقات، لكن الأمر كان يعتمد دائمًا على المملكة العربية السعودية».
وأوضح المصدر أنه حتى اليوم لا توجد علاقات قوية مع إندونيسيا: «العلاقة أكثر رسمية، وللأسف لن يحدث شيء قبل نهاية الحرب». وحسب الموقع الإسرائيلي، بلغت العلاقات بين البلدين ذروتها قبل 7 أكتوبر، عندما أجرى الطرفان اتصالات دبلوماسية مكثفة قبل عام من الهجوم المفاجئ. وقد تم التوصل بالفعل إلى تفاهمات بشأن توقيع اتفاقية اقتصادية وقنصلية كخطوة تمهيدية قبل إقامة علاقات دبلوماسية تشمل فتح مكاتب تمثيل في إسرائيل وجاكرتا، وفتح مكاتب تجارية في رام الله. وكان من المفترض أيضًا أن يقدم مكتب الاتصال الإندونيسي في إسرائيل خدمات قنصلية للإسرائيليين الراغبين في زيارة إندونيسيا.
وقد صيغت هذه التفاهمات في اجتماع بين وزير الخارجية السابق إيلي كوهين والمدير العام السابق لوزارة الخارجية رونين ليفي ومستشار الرئيس الإندونيسي. وكان من المفترض أن يوقع البلدان الاتفاقية خلال شهر أكتوبر، لكن الحرب اندلعت في بدايته وأفسدت كل شيء.