افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
يديعوت 5/9/2025
ضم 82% من الضفة يعني تصفية الدولة اليهودية واقامة دولة ثنائية القومية
بقلم: بن درور يميني
هذه هي المسألة الأكثر جوهرية لمستقبل دولة إسرائيل. نحن في ذروة الحرب الأكثر عدالة، التي أدت بنا الى الدرك الأسفل الأخطر. ستكون جدالات. سيكون الحال صعبا. لكن يخيل أن ثمة من يصر على ان إسرائيل لن تنجح في الانتعاش. لان على الطاولة توجد أيضا المسألة الأهم للمدى البعيد: دولة ثنائية القومية ام دولة يهودية؟ في هذه الأيام بالذت يطلق بتسلئيل سموتريتش إنذارا. هو يري أن يضم 82 في المئة من أراضي يهودا والسامرة. هكذا، ببساطة، ليس دولة يهودية بعد اليوم، بل كيان يضم في داخله، في المرحلة الأولى، بانتوستان فلسطيني صغير من 18 في المئة من أراضي يهودا والسامرة. في المرحلة الثانية ستكون هذه دولة ثنائية القومية. دولية واحدة. من البحر حتى النهر. منذ الان نحن على شفا الهوة لدولة ثنائية القومية. لكن لا يزال ممكنا وقف الكارثة. فالغالبية المطلقة من المستوطنين خلف الخط الأخضر يسكنون في شرقي القدس، في المدن الحريدية وفي الكتل الاستيطانية. هذه، في كل تسوية ستكون جزءا من دولة إسرائيل. لكن خطة وزير الدفاع بالفعل ووزير المالية، الرجل الاقوى في الحكومة التي يمثل معظم أعضاء الكنيست من الليكود ستؤدي الى نتائج محملة بالمصيبة. الانهيار السياسي الحالي سيبدو كلعبة أطفال مقارنة لما سيحصل لنا. بدلا من اتفاقات إبراهيم سنحصل على منحى جنوب افريقيا. اتحاد الامارات تهدد منذ الان بان “ضم الضفة تحت خط احمر سيمس بشدة بروح اتفاقات إبراهيم”. وهي لن تبقى وحدها.
منذ الان، بقدر ما يدور الحديث عن أوروبا، فهذه أساسا هي المانيا التي تنجح في منع المقاطعة الاقتصادية التي هي الحلم الرطب لكارهي إسرائيل. لكن سموتريتش، بن غفير ورفاقهما، أعضاء الائتلاف من البحر الى النهر سيحرصون على تجسيد الحلم. وهم يدعون بان الولايات المتحدة ستعطي اسنادا لمبادرة الضم. من اين هذه الأوهام؟ فالرؤيا السياسية لادارة ترامب، بالضبط مثل رؤيا سابقتها، هي دولتين للشعبين وان كانت على خطوط مختلفة قليلا. منذ الان، يجدر بالذكر، تشير الاستطلاعات الى أن إسرائيل تفقد ليس فقط مؤيدي الحزب الديمقراطي، ليس ببطء، لكن بالتأكيد مصوتي الحزب الجمهوري أيضا. كم من المؤيدين سيبقون لإسرائيل بعد الضم.
منذ عقدين وانا مجند للدفاع عن إسرائيل في وجه دعاية الأكاذيب. لماذا لا يوجد سلام، يسألونني المرة تلو الأخرى. فاجيب لان الفلسطينيين رفضوا كل عرض يقوم على أساس دولتين للشعبين. فيتحدوني بقولهم ان هذه دولة ابرتهايد. ليس صحيحا، اجيب، لان إسرائيل لم تضم المناطق وفي اليوم الذي يتفضلوا فيه فيوقفون الصراع ضد مجرد وجود إسرائيل – سيكون ممكنا الوصول الى مصالحة وتسوية نزيهة. إذ ان هذه كانت سياسة نتنياهو أيضا، الذي كان بين أولئك الذين بلوروا رؤيا لاسلام لترامب.
فماذا نقول الان؟ ماذا سيقول الن درشوفيتس؟ وجهات أخرى بات صعبا عليهم منذ زمن بعيد؟ اذن الان؟ حين تكون إسرائيل على شفا الهاوية؟ كارثة الضم تقف امام اعتابنا. هذه هي الهدية الأفضل التي من شأن حكومة الأقلية الحالية بقيادة سموتريتش، بن غفير ونتنياهو أن تمنحها لكارهينا. وهذه هي الركلة الأكثر ايلاما، ولعلها القاضية التي من شأن أصدقاء إسرائيل أن يتلقوها.
لعلكم تدورون الاحبولة الاعلامية؟
يمكن الافتراض بان نتنياهو محق، ومقترح حماس، المزعوم الجديد عن استعدادها لانهاء الحرب، هو احبولة إعلامية. غير أنه بدلا من القفز مع رد سلبي يمكن الرد بطريقة تحرج حماس. وبدلا من العناوين الدائمة في صيغة “حماس تقترح اتفاقات لوقف الحرب وتحرير المخطوفين وإسرائيل ترفض” – كان يمكن الرد بطريقة اكثر ذكاءً. بالحيل تصنع لك حربا. واعلاما أيضا. مثلا، كان يمكن القول: إسرائيل ترحب بكل اقتراح لوقف الحرب على ان يكون يستوفي الشروط التي عرضتها الجامعة العربية قبل أسابيع طويلة بما في ذلك نزع سلاح حماس وتجريد القطاع. نحن نعرف ان حماس ستقول لا. لكن هذا بالضبط هو الموضوع. بدلا من أن تقول حماس نعم وإسرائيل تقول لا، يمكن قلب الأمور والحصول على عناوين إعلامية مجدية اكثر لإسرائيل. لكن يبدو أن فكرة الرد بطريق ذكية تحت هذه الحكومة – متعذرة.
والديماغوجيون يقارنون
ليس مهما من أي جانب يأتون. واضح ان في مجتمع ديمقراطي – وإسرائيل لا تزال ديمقراطية رغم الحالي – الراديكاليون فقط يضرون بالمعسكر السياسي الذي يدعون تمثيله. زعران من التلال يضرون باليمين. الزعران الأكبر سنا، ممن احرقوا حاويات القمامة وتسببوا باحتراق سيارة، يضرون بالمعسكر ضد الحكومة. لقد قفز نتنياهو عليهم كلقية غنيمة وعرض نفسه كضحية مطلق ترعبها “كتائب فاشية”. يا له من مسكين.
الفعلة بالكاد نشرت وردود الفعل على نمط “لماذا لا يشجبون” وجهت منذ الان لاحزاب الوسط واليسار ولرؤساء الاحتجاج أيضا. أحقا. لقد مرت دقائق وانتظم الجميع في صف واحد كي يشجبوا. يدهم لم تكن العليا.
للاحتجاج، كل احتجاج، يكون من يركب عليه بالمجان. فهل كان الاحراق بالتشاور مع شيكما براسلر؟ مع لبيد؟ ولا حتى مع يئير غولان. غير أنه يوجد فرق. لانه يوجد زعران اكثر تنظيما في اليمين. هم ينكلون بشكل منهاجي بفلسطينيين أبرياء. هم يحرقون ممتلكات فلسطينية، يقتلعون الأشجار واحيانا يقتلون أيضا. فهذا هو سموتريتش لها الذي دعا الى محو حوارة. وأولئك تقريبا هم كل السياسيين من اليمين الذين بشكل منهاجي ودائم يدعمون، احيانا بالصمت، أحيانا بطريقة أوضح، الزعران الذين يمسون بالموساد، بالصهيونية، باليهودية، بدولة إسرائيل.
——————————————
هآرتس 5/9/2025
روني نوما وقف خلف إقامة بؤرتين استيطانيتين في الغور حين كان قائدا للمنطقة الوسطى
بقلم: هاجر شيزاف
في نهاية الشارع الذي يمكن رؤية الأردن منه تقف عدة مباني، بعضها بنيت من الطوب وبعضها يشبه الكرفانات. بينها يوجد قطيع ابقار، ويمكن أيضا رؤية مدخل اسطبل. هذا المشهد الطبيعي يستقبل القادمين الى مزرعة اوربي. هي لم تكن موجودة هنا دائما. إضافة الى ذلك فانه منذ اقامتها قبل حوالي تسع سنوات تم نقلها من مكانها على الأقل مرة واحدة. سبب النقل هو ان المزرعة في الحقيقة هي بؤرة استيطانية غير قانونية في غور الأردن. ولكنها ليست مثل مزارع البؤر الاستيطانية الأخرى. فقد بادر الى اقامتها قائد المنطقة الوسطى السابق روني نوما عندما كان في الخدمة الفعلية، بالتعاون مع مستوطنين في بؤر استيطانية أخرى. هذا حدث تحت الرادار وبدون معرفة رئيس الأركان في حينه غادي ايزنكو.
عمليا، الحديث لا يدور فقط عن مزرعة اوري. فالبؤرة التوأم لها بادر الى اقامتها أيضا الجنرال (احتياط) نوما، وهي مزرعة تسورئيل. الأولى توجد على حدود المحمية الطبيعية أم زوكا ومنطقة التدريب 903، والثانية توجد قرب مستوطنة محولا على حدود منطقة التدريب 900. إضافة الى ذلك جرى التخطيط لبؤر مشابهة في جنوب جبل الخليل. جميعها كانت في اطار مبادرة واحدة، التي هدفت، كما تدعي مصادر كانت مطلعة على ما يحدث، الى توجيه شباب التلال من الجريمة القومية المتطرفة لعنل ما يرونه فعل أيديولوجي.
في هذه المعادلة كان هناك أيضا متغيرات. الأول هو الموعد، 2016 – بعد فترة غير بعيدة على قتل عائلة دوابشة في قرية دوما. الثاني هو المكان – منطقة ظهر الجبل (أي يتسهار، كوخاف هشاحر)، التي منذ ذلك الحين وحتى الآن معروف انها بؤر لاعمال عنف المستوطنين المتطرفين. الفكرة كانت انهم في الغور، الأقل اكتظاظا، سيواجه الشباب اقل عدد من الفلسطينيين. وقد كان هناك هدف آخر لا يقل عن ذلك أهمية وهو ان البؤر الاستيطانية التي ستقام على حدود مناطق التدريب سيتم استخدامها كمواقع عسكرية، تحافظ على عدم قيام الفلسطينيين بالسيطرة على الأراضي. بهذا المعنى كان هناك نجاح كبير لحركة الاستيطان، في الفترة التي لم ينطلق فيها المشروع كان في الغور بؤرتان استيطانيتان، في حينه توجد الآن فيه حوالي عشرين بؤرة على الأقل، وفي مناطق أخرى في الضفة توجد عشرات البؤر الاستيطانية.
خلافا للادعاء بأن بؤر المزارع الاستيطانية بالفعل هي عامل مهديء، فان انتشارها في كل ارجاء الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة يؤدي الى عكس ذلك. عمليا، هي غيرت الواقع غيرها، وحياة الفلسطينيين الذين يعيشون قربها وتجمعات الرعاة الذين عاشوا في هذه الأراضي تم ابعادها عنها, ورغم ان مكانة هذه البؤر الاستيطانية كانت وما زالت غير قانونية الا انها الآن تحصل على الدعم الواضح من الحكومة ومن شخصيات رفيعة في الجيش.
في تلك الفترة، على الأقل تجاه الخارج، الأمور جرت بشكل مختلف. في حينه حاول قائد المنطقة إخفاء الدعم، وبالتاكيد علاقته الوثيقة بالمشروع. ومن اجل ذلك فقد اتصل مع ثلاثة من المستوطنين، أصحاب مزارع استيطانية أقدم، الذين كانوا بمثابة الوسطاء. هذا الربط استهدف ليس فقط إخفاء العلاقة عن الجيش، بل أيضا عن شباب التلال، الذين جذبهم عدم شرعية أعمالهم بحد ذاته.
منطقة رمادية ظاهريا
الفكرة وراء إقامة البؤر الاستيطانية حسب نموذج المزارع، قالت مصادر للصحيفة، كانت محاولة تركيز المشروع في منطقة رمادية من ناحية قانونية: ان تكون نقاط صغيرة من ناحية السكان، لها بنى تحتية ومباني مؤقتة وقطعان من اجل ان يكون من السهل عند الحاجة اخلاءها. المواقع التي تم اختيارها صادق عليها نوما بنفسه.
بسبب ان الأمور كانت بالسر فان أعضاء جهاز الامن الذين تحدثوا مع “هآرتس” من اجل هذا التقرير، لم يعرفوا ان المبادرة لاقامة البؤر كانت لقائد المنطقة الوسطى. مصدر كان في حينه في الإدارة المدنية، عرف بشكل مؤكد ان بؤر المزارع الاستيطانية حصلت على معاملة متعاطفة من قبل الجيش الإسرائيلي. “قادة الجيش اسرهم التعامل مع شباب التلال”، قال في محادثة مع “هآرتس”. “لقد اعتقدوا ان هذه هي الطريقة الصحيحة وانهم بذلك يساعدون على حماية مناطق التدريب”.
حسب اقوال هذا المصدر كانت هناك حالات طلبت فيها الإدارة المدنية اخلاء المزارع، في حين ان الجيش عارض ذلك ومنعه. ولكن مع مرور السنين هو لا يتذكر عن أي مزرعة يدور الحديث. “هم أصدقاء جيدون”، هكذا وصف الطريقة التي كانت سائدة في الجيش في معاملته لاصحاب المزارع. “هم يساعدون شباب التلال ويهتمون بان يكون لهم عمل، ولا ينشغلون باعمال تدفيع الثمن، تحت هذه الحجة”. وكانت هناك اعمال تعاون أخرى.
في نيسان 2017، بعد أربعة اشهر على إقامة اول بؤرة استيطانية، مزرعة اوري، كتبت عميره هاس في الصحيفة بان هذه البؤرة تم ربطها بشبكة المياه في قاعدة التدريب التابعة للواء كفير، الذي كانت قربها. في الجيش قالوا في حينه بان الامر يتعلق بربط غير مصرح به، وانه “يجري التحقيق في ذلك من قبل سلطات القانون”. بعد فترة قصيرة نقلت البؤرة الى مكان آخر غير بعيد. هذا لم يكن الاخلاء الوحيد للبؤر الاستيطانية التي أقامها نوما. فخلال السنين كان هناك عدة اخلاءات كهذه، استهدفت الحفاظ على صورتهم، سواء امام الجيش أو امام شباب التلال، وكأن ذلك لم يكن بالتنسيق معهم.
بشكل عام شكاوى هاتين البؤرتين لم تتأخر، بعضها تم توجيهه لنوما نفسه، حيث كان بطبيعة الحال هناك تضارب مصالح. في أعوام 2016 و2017 توجه اليه المحامي ايتي ماك فيما يتعلق بالبناء غير القانوني، حول ما اصبح “مزرعة تسورئيل”، وفيما يتعلق بما يحدث في مزرعة اوري، التي بالنسبة لها أشار الى ان المستوطنين في البؤرة الاستيطانية يهددون ويزعجون الفلسطينيين في المنطقة.
هذا الى جانب حقيقة ان البؤرة كانت قد نقلت مكانها. “لقد حدث انه خلال نصف سنة تمكن هؤلاء المستوطنين من إقامة بؤرة استيطانية غير قانونية رغم انف (او بتعاون) الجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية”، كتب ماك. “بدون فعل أي شيء لوقفهم”. بعد هذه الرسالة أيضا لم يتم فعل أي شيء في هذا الشأن.
في تلك الفترة، في أيلول 2017، كشف في “هآرتس” تسجيل لرئيس مجلس غور الأردن، دافيد الحياني، الذي قال فيه ان نوما صادق على إقامة البؤر الاستيطانية. هذا الكشف استدعى تقديم شكوى أخرى من قبل المحامي ماك، هذه المرة كانت موجهة لكبار قادة جهاز الامن، وطلب فيها التحقيق مع نوما وتعليق عمله هو والحياني. بعد شهرين جاء الرد، الذي بحسبه إقامة المزارع تم وقفها بسبب الخطوات التي اتخذتها سلطات الدولة. وتم البدء في إجراءات الرقابة ضد البناء غير القانوني (لذلك كتب، نحن لم نجد أي حاجة الى فتح تحقيق أو القيام بخطوات انضباطية). ولكن بعد ثماني سنوات من ذلك المزارع ما زالت موجودة، وسكانها أيضا وتأثيرها السلبي على السكان الفلسطينيين.
“مزرعة اوري اخذت كل أراضينا ولم يبق لنا أي شيء”، قال فوزي ضراغمة، وهو احد سكان قرية خربة سمرا القريبة. “من ناحية مناطق الرعي لم يبق لنا أي شيء. نحن كنا نقوم بالرعي في الأعلى، في منطقة المزرعة، وكانت لنا أراضي نقوم بفلاحتها. كل ما كان لنا – هو سيطر عليه”.
أيضا سكان قرية خلة مكحول، غير البعيدة عن مزرعة اوري، تحدثوا عن نشاطها. المستوطن الذي أقامها، اوري كوهين، تم توثيقه في 27 تشرين الثاني 2023، حيث ظهر وهو يرتدي الزي العسكري ويحمل سلاح الجيش. “لقد وثق وهو يقول للفلسطينيين: من القاعدة هنا الى هذه القاعدة، الأرض لي”. “انت يجب ان لا تدخل مع قطيعك”، قال لاحد الفلسطينيين. يوسف بشارات، الذي وثق ما يحدث وعرف كوهين قال انه في المنطقة التي يدور الحديث عنها هو قام برعاية اغنامه لاكثر من عشرين سنة. حسب قوله، كوهين حاول طرده من منطقة الرعي. عندها فقط كان يراه هناك، ولم يكن يذهب في أي وقت الى بيته. هذا هو الامر الجديد في هذه المرة – لكنه ليس الوحيد. “الآن الجيش يساعده والشرطة تساعده والجميع يساعدونه”، قال في حينه لـ “هآرتس”.
وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: “كوهين، الذي تم تجنيده لقوات الدفاع القطرية (التي هي جزء لا يتجزأ من فرقة يهودا والسامرة وتشمل مئات جنود الاحتياط)، عمل خلافا لاوامر الجيش وتجاوز صلاحيته”.
اصبح جزءا من المشهد
أسماء الوسطاء الثلاثة الذين يعملون لخدمة نوما، عومر عتيديا، ايتمار كوهين واسحق سكالي، يبدو انها غير معروفة للجمهور الواسع، لكن في عالم البؤر الاستيطانية هي معروفة جدا. سكالي هو صاحب البؤرة الاقدم، التي أقيمت في 1998 قرب مستوطنة الون موريه. بؤرة “عينوت كيدم” لعتيديا، هي بؤرة اصغر من موديل 2004. عتيديا هو أيضا ضابط احتياط في وحدة التحرك العملياتي (في مقال نشر في كان 11، تمت الإشارة الى انه استضاف جنود من الوحدة في مزرعته). في مزرعة عتيديا يتواجد شباب، بعضهم ذوي خلفية قاسية ويعملون فيها كل أنواع الاعمال، الامر الذي يميز كل المزارع الاستيطانية بشكل عام.
ليس فقط توجد لعتيديا صلة وثيقة بالجيش ورجاله. مصدر خدم في حينه في الإدارة المدنية قال للصحيفة بانه توجد لكوهين، صاحب المزرعة ابنه الـ 12 سنة في منطقة التدريب 904أ، علاقة وثيقة مع شخصيات في وحدة انفاذ القانون التابعة للإدارة المدنية. حسب قوله فانه في النقاشات طرحت في حينه إمكانية لاستثناء بؤرته من منطقة التدريب.
بنظرة الى الوراء، يبدو أن ما كان في السابق يحتاج الى الاخفاء، حتى لو تم تنفيذه، اصبح الآن واضح للعيان. ورغم اننا لا نعرف عن حالة حديثة فيها بادر الجيش الى إقامة بؤرة استيطانية، الآن العلاقة الدافئة بين القيادة العليا في الجيش وبين أعضاء المزارع، هي أحيانا مصدر للتفاخر. فقط في الأسبوع الماضي كشف في “آي 24” بان رئيس الأركان ايال زمير قام بزيارة مزرعة مع قائد المنطقة الوسطى الحالي آفي بلوط. وهناك أيضا امثلة كثيرة بعيدة عن التصريح.
منذ بداية الحرب الجيش يخصص جنود الدفاع القطري لحراسة المزارع. “الجيش يعتبرها ذخر بكل معنى الكلمة”، قال مصدر مطلع الذي حتى وقت قريب شارك في نقاشات داخلية تناولت المزارع ووضعها. “بالنسبة لكل اللاعبين فان بؤر المزارع جميعها شرعية. في الحقيقة الجيش يطالب بمكونات امنية لها مثل الاسوار، الكاميرات، المصابيح وطرق للوصول اليها”.
في ولاية الحكومة الحالية الأمور أصبحت فظة اكثر. وزارة الاستيطان مولت مسيرات، كاميرات وسيارات عسكرية، بملايين الشواقل للمزارع. وهناك أيضا جانب الجيش الذي ما زال يعتبر مشروع المزارع البديل عن بؤر التلال. حسب مصدر آخر خدم في الجيش حتى فترة قريبة، فانه توجد لذلك جوانب أخرى. الجنرال بلوط وقائد فرقة يهودا والسامرة التارك، العميد ياكي دولف مثلا، قالوا في نقاشات داخلية بان المزارع الجديدة تساهم في الامن. “هي غير قانونية، أليس كذلك؟”، اكد المصدر.
لكن تاثيرها السلبي اصبح يتضح اكثر فاكثر في كل ما يتعلق بطرد تجمعات الرعاة في الضفة. مزرعة زوهر صباح مثلا، لعبت دور حاسم في طرد سكان قرية المعرجات في شهر تموز، بعد ان تعرض سكان قرية المعرجات الى التنكيل من صباح ورجاله اضطروا الى المغادرة. نهاية العملية كانت إقامة بؤرة قرب القرية. أيضا زوهر نفسه شوهد هناك.
يتبين من ذلك مدى انخراط هذه المزارع في المشهد الطبيعي للضفة الغربية من خلال شرعنة بعضها رسميا. “جمعية المزارع” تشمل 70 مزرعة استيطانية، ولجنتها التنفيذية تضم اوري كوهين، ابن المزرعة التي سميت على اسمه (المعروفة أيضا باسم نوف جلعاد)، والتي يظهر فيها أيضا الزوجان عتيديا. في موقع الجمعية يذكر أصحاب المزارع حتى قضية القتل في دوما، التي بعدها “قاد المزارعون مع جهات رفيعة في الجيش” المبادرة الى إقامة هذه المزارع.
لكن هناك طريقة أخرى لرؤية ترسخ المزارع وهي بالأرقام. حسب بيانات جمعية كيرم نبوت فانه حتى نهاية 2015 كان يوجد في كل الضفة 21 بؤرة كهذه. الآن يقول درور ايتكس، من اعضاء الجمعية، بان هناك اكثر من 70 مزرعة، وقريبا اكثر الى 190 مزرعة (فيها أيضا بؤر تلال صغيرة وبؤر فيها عدد اكبر من السكان)، حوالي نصفها أقيمت من 2024 فصاعدا. ربما هذا لا يفاجيء اذا اخذنا في الحسبان ان بعض بؤر المزارع ترعاها حركة “امانة” برئاسة زئيف حيفر (زمبيش)، المقرب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. أيضا بالنسبة لغور الأردن وشرق شارع الون – خلف منطقة “ظهر الجبل” حدث تغيير راديكالي، قال ايتكيس، في هذه المنطقة التي في بداية العقد السابق كانت لا توجد فيها مزارع، فانه الآن حسب ايتكيس هناك اكثر من 30 مزرعة، والتوجه واضح.
وقد جاء من الجيش الإسرائيلي: “نحن نعمل وفقا للقانون وحسب تعليمات المستوى السياسي”. نوما رفض الرد.
——————————————
معاريف 5/9/2025
احتلال غزة سيكون كارثة إنسانية للفلسطينيين ومأساة عسكرية وسياسية لإسرائيل
بقلم: ألون بن دافيد
بينما يقف جنودنا مرة أخرى في بوابات غزة حاولوا هذا الأسبوع في القيادة الأمنية الفهم اذا كان رئيس الوزراء جدي في نيته للخروج الى معركة ستكون لها اثمان كثيرة وانجازات قليلة أم سيتراجع قبل لحظة من اصدار الامر. مثلما في كل حكم مطلق عندنا أيضا ينشأ الفرع الرياضي لتخمين الإرادة الحقيقية للزعيم، لاعطاء إشارات بلغة جسده، في بادرات طيبة وفي الحدس، في محاولة لفهم ما الذي يجري في رأس من بلسانه تحسم الأمور.
لقد عرضت عليه المعطيات وهو يعرفها جيدا: مدينة غزة الموسعة حيث يتواجد في هذه اللحظة نحو مليون نسمة تختلف في طبيعتها عن باقي مدن وبلدات القطاع. معظم عماراتها لا تزال على حالها، ومن تحتها لا تزال تعتمل شبكة انفاق حماس، التي قسم صغير منها فقط تضرر في الاحتلال السابق للمدينة في نهاية 2023.
في الجيش الاسرائيل يقدرون بان احتلال وتطهير كامل للمدينة، من فوق ومن تحت الأرض سيكلف حياة نحو 100 مقاتل وسيستغرق سنة على الأقل. هذا التقدير عرض أيضا في الكابنت، ليس كنتيجة دقيقة لصيغة حسابية بل كي يوضح لاصحاب القرار بان هذه لا توشك على أن تكون حملة أخرى، بل حرب ثقيلة وطويلة احد لا يمكنه ان يضمن ان تنتهي بـ “حسم” لحماس.
الثمن الذي سيدفعه الجيش الإسرائيلي هو الاخر معامل النهج والسرعة اللذين ستعمل فيها القوات. حركة سريعة الى مراكز ثقل حماس ستوفر إنجازا ظاهرا ومؤثرا في الوعي في غضون زمن قصير، لكنها ستخلف وراءها الكثير من البنى التحتية التحت أرضية التي لم تدمر. بالمقابل، فان تقدما بطيئا وهدما منهاجيا لبنى العدو التحتية سيحقق ضربة مادية ذات مغزى اكبر بقدرات حماس لكنه سيتطلب بقاء أطول في المنطقة..
شرط مسبق للمناورة هو نقل السكان الذين يتواجدون الان في غزة جنوبا، الى منطقة المواصي ومخيمات الوسط الذي يوجد منذ الان مليون نسمة آخرون. في الخريطة التي رسمتها قيادة تنسيق اعمال الحكومة في المناطق عثر على مناطق فارغة في هذه المجالات يمكنها أن تأوي مدن الخيام الجديدة للمخلين من غزة.
لكن الفلسطينيين في غزة لا يبدون حاليا رغبة في الاخلاء وحماس هي الأخرى تمنع حركتهم جنوبا على أمل ان يبقوا هناك كـ “كمين انساني” للقوات الإسرائيلية المناورة. لاجل نقلهم سيحتاج الجيش الإسرائيلي لما يسميه “نار مشجعة” – نار على قرب من تجمعات السكان تدفعهم لان ينهضوا ويرحلوا.
لا ستالينغراد أخرى
حتى بعد أن ينتقل السكان لن تحل المشاكل الإنسانية، لانه في جنوب القطاع لا توجد الشروط لاستيعاب مليون نسمة آخرين: لا توجد أي منظومة يمكنها أن تمتص مجاري مليوني نسمة، توجد أربعة مستشفيات قابلة للاستخدام وثمانية مستشفيات ميدانية أخرى لن تتمكن من معالجة العدد الهائل من السكان. خطوط المياه لن تلبي احتياجات الشرب ومشكوك أن تنجح أربعة مراكز توزيع للغذاء أخرى تفتح هناك في ان تتصدى للطوفان البشري.
قطاع غزة هو مثل صفحة ورق طويناها من النصف وعندها مرة أخرى الى النصف، ومرة أخرى، ومرة أخرى، الى ان تأتي اللحظة التي لا يعود ممكنا طيها اكثر.
وعليه فمعقول ان يختار قسم لا بأس به من سكان غزة الا يخلوا ويبقوا في منطقة القتال، ما يجعل عمل القوات صعب. هذا سيتطلب من الجيش الإسرائيلي أن يفرض مزيدا من الانضباط على المقاتلين لاجل الامتناع عن الإصابات الإنسانية التي ستسحق بقايا شرعيتنا الدولية اذا كان لا يزال لنا كهذه.
القيد الأصعب سيكون وجود المخطوفين. قيادة المخطوفين والمفقودين تعنى بشكل دائم بوضع المخطوفين. أحيانا تكون خريطتهم أوضح، أحيانا تكون غامضة. ينبغي الافتراض بان قسما من المخطوفين يحتجزون في شمال القطاع، في المنطقة التي سيعمل فيها الجيش الإسرائيلي ومعقول أن يكون بعضهم يوجد أيضا على مقربة من المسؤولين الكبار الذين تبقوا من الذراع العسكري لحماس: عزب الدين الحداد ورائد سعد، وكلاهما هدفين للجيش الإسرائيلي.
الجيش سيمتنع عن العمل في مناطق يشتبه بان فيها مخطوفون، لكن هذا على افتراض ان تكون الصورة الاستخبارية لدينا دقيقة. المؤكد هو أنه حتى بعد الانصراف المبارك لابي عبيده، الناطق بلسان حماس، سيكون في منظومة الوعي الكبرى للمنظمة من سيعرف كيف يستخدم المخطوفين كي يمارس الضغط على الرأي العام الإسرائيلي.
واضح لحماس بان ليس لهم أي قدرة عسكرية لوقف قوات الجيش الإسرائيلي. هم لا يستعدون لمعركة على نمط ستالينغراد – المقاومة حتى المقاتل الأخير، بل اكثر لمعركة على نمط السرايا – قتل عصابات يجبي ثمنا من القوات المناورة في ظل جهد لمزيد من الاختطافات من بين القوات.
لكن حماس تخشى هذه المواجهة ومن الإصابة لقاعدة حكمها في القطاع وسيسرها أن تزيل عنها التهديد باحتلال مدينة غزة. يحتمل أن في الزمن القصير المتبقي حتى منتصف الشهر، موعد بدء الهجوم على قلب المدينة، ستلين المنظمة مواقفها من صفقة اسرى وتجبر إسرائيل على إعادة التفكير. هذا كفيل بان يكون سلما لبنيامين نتنياهو، اذا كان يبحث عن مثل هذا السلم، للنزول عن الخطوة العسكرية التي تحمل معها جملة مخاطر واثمان مؤكدة مع احتمالات صغيرة جدا لنجاح مدو ولـ “نصر مطلق”.
ترامب يبتعد عن الخاسرين
سلم آخر كفيل بان يأتي من واشنطن التي بدأت بابداء قصر نفس تجاه حربنا التي لا تنتهي. الرئيس دونالد ترامب قال منذ هذا الأسبوع صراحة ان إسرائيل “لا تنتصر” في الحرب على العلاقات العامة وكان على مسافة خطوة من أن يصفنا بـ “الخاسرين”، وترامب كما هو معروف لا يوجد ابدا في جانب الخاسرين.
في كل يوم نعمق غرقنا عديم الجدوى في رمال غزة نعمق الخسارة في الساحة الدولية التي ليست اقل أهمية لمستقبلنا وأمننا. العالم لا يفهم ما الذي نبحث عنه اكثر في غزة، وإسرائيل تصبح كل يوم دولة معزولة اكثر على شفا المنبوذة. هذه ليست فقط مقاطعة اكاديمية او ثقافية، هذا بات يمس مباشرة بقدرة الجيش الإسرائيلي على ان يحصل على العتاد اللازم لمواصلة القتال.
بحكم الامر الواقع، توجد إسرائيل اليوم تحت حظر سلاح من معظم دول الغرب، ومن يسمع البحث الناشيء في الولايات المتحدة، بما في ذلك في أوساط الجمهوريين، حول استمرار المساعدات العسكرية لإسرائيل، يجب ان يفهم بان السند الاستراتيجي لنا لم يعد مضمونا الى الابد. الضرر الذي لحق منذ الان بالمكانة الدولية لإسرائيل حتى قبل أن نعيد احتلال غزة سيشعر به الجيل التالي من الإسرائيليين أيضا.
كمن كان حتى قبل بضع سنوات سياسي مقدر ومغازل في كل العالم، من الصعب التخيل بان نتنياهو اعمى عن هذه التطورات او لا يفهم معناها. كما أن مكانته الشخصية تآكلت، وقائمة الدول التي هو مدعو لان تطأ قدمه فيها تقلصت دراماتيكيا في السنتين الأخيرتين. يحتمل الا يكون مستقبل إسرائيل يقف في رأس اهتمام نتنياهو. لكن هل هو مستعد لان يضحي أيضا بمكانته الشخصية كي يرضي شركاءه الائتلافيين.
بشكل شاذ، في جلسة الكابنت التي عنيت بالعملية في غزة هذا الأسبوع لم تسمع جوقة موحدة من الوزراء كالتي ميزت جلسات الكابنت في السنتين الأخيرتين. ووزراء الليكود بالذات وبالذات أولئك الذين يتميزون كخدم مطيعين للزعيم، تجرأوا على أن يطرحوا تساؤلات عن الحملة المخطط لها وعن رفض صفقة المخطوفين المقترحة. ثمة من يرون في هذا الشذوذ خطوة من نتنياهو لتهيئة التربة في حالة أن يقرر التوجه الى صفقة. قراره النهائي سيكون، مثلما هو الحال دوما، في اللحظة الأخيرة فقط.
——————————————-
إسرائيل اليوم 5/9/2025
الهدف تصفية كل شريك
بقلم: يوسي بيلين
بعد انتخاب ترامب للرئاسة في الولايات المتحدة، التقيت برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ووجدته متفائلا على نحو خاص. أراني رسالة ترامب اليه، التي كانت مفعمة بكلمات الود وقال انه كان له حوار موضوعي معه في عهد ولايته الأولى وانه يؤمن بان نهجه التجاري كفيل بان يدفع قدما بمساعي السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وفرص حل الدولتين.
بعد كل شيء، في خطة ترامب في كانون الثاني 2020 أيضا كان يدور الحديث عن حل كهذا والعلاقات القريبة بين نتنياهو والرئيس المنتخب قد يكون بوسعها المساهمة في التغيير المنشود.
قلت له ان الفضل الذي يمكن ان نعزوه لترامب هو كونه غير متوقع تماما، فابتسم وقال انه متفائل في ما يتعلق باحتمال ان يفاجيء انعدام اليقين هذا إيجابا من يؤمنون بالسلام في المنطقة واساسا لان الرئيس جعل تلقي جائزة نوبل للسلام هدفه المعلن.
لقد كان هذا على ما يبدو تفاؤلا مبالغا فيه. قرار الإدارة الامريكية منع التأشيرات عن محمود عباس وحاشيته قبيل الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نهاية الشهر هو قول لا لبس فيه: إدارة ترامب تقبل موقف اليمين الإسرائيلي وترفض كل مفاوضات على اتفاق دائم مستقبلي مع الفلسطينيين. السبب الرئيس لرفض الإدارة منح التأشيرات هو كفاح رام الله للدفع قدما بإقامة دولة فلسطينية، بما قرار صريح من مجلس الامن اتخذ قبل تسع سنوات بدون معارضة أمريكية يدعو بالضبط الى إقامة دولة كهذه في اقرب وقت ممكن.
حكومة اليمين في إسرائيل استقبلت القرار الأمريكي بفرك للايادي، كانجاز هام جدا للدبلوماسية الإسرائيلية الحالية التي تتلخص في أربع كلمات. بدون حماس وبدون عباس. وفيما تكتب هذه السطور لم نتعرف بعد على كل ردود فعل العالم على القرار الأمريكي، الذي يتعارض والالتزامات المبدئية للسماح لكل من يدعى للمشاركة في الحدث الرسمي في الأمم المتحدة أن يلبي هذه الدعوة. المادة 11 في الاتفاق الموقع في 1947 بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة يقضي بهذا صراحة. سيكون صعبا على احد ما ان يشرح بين زعيم ابن 90 يأتي كل سنة ليخطب في الجمعية في نيويورك والميزة الأبرز له هي الدعوة المتكررة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين اصبح فجأة تهديدا على امن أمريكا.
من يؤمنون باننا خلقنا لنقاتل الى الابد، وانه لا يوجد طريق آخر للعيش في بلادنا، مسرورون هذه الأيام من قرار الإدارة. لكن من يؤمنون بان التضحيات التي قدمت حتى الان كانت تستهدف خلق وضع يمكنه أن يمنع سفك دماء متواصل في المستقبل لا يمكنهم الا يخيب ظنهم من الخطوة الامريكية.
ترامب لن يحصل على جائزة نوبل للسلام لقاء منع مشاركة الفلسطينيين في مداولات الجمعية. بالعكس، هذا المنع سيصعد الجهد العالمي المبرر لتأييد حل الدولتين. الكرسي الفلسطيني الشاغر سيسمع ويبرز، في ظل استياء زعماء اليمين الإسرائيليين، اكثر بكثير من تواجد الفلسطينيين الجسدي. خطاب عباس، الذي سيسمع اغلب الظن بالفيديو سيسمع اكثر بكثير مما لو كان القي على لسانه على خلفية الحائط الأخضر المعروف للجمعية.
إسرائيل، التي ايدت علنا حل الدولتين – تأييد اطلقه على خلفية الحائط الأخضر إياها مرات عديدة، على لسان رؤساء وزراء من اليمين واليسار بمن فيهم نتنياهو نفسه – ستجد نفسها عنيدة ومعزولة، دون أي تفسير مقنع بالتغيير الحاد الذي طرأ على سياستها. هي تجعل نفسها متعلقة بالرئيس الأمريكي اكثر من أي وقت مضى.
لا تزال توجد إمكانية لاستغلال التأييد العالمي المتعاظم لحل الدولتين، لاجل الوصول الى صيغة كصيغة المبادرة الفرنسية – السعودية التي تضع قيودا على هذه الدولة المستقبلية (مثل التجريد، الاعتراف بحق الوجود المتبادل وغيرها). بدلا من استغلال التأييد الأمريكي لغرض الوصول الى حل يضمن إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية نحن نسير مسحورين في الظلام في اعقاب مجموعة صغيرة وهاذية اتخذت لنفسها هدف القضاء على الزعماء البراغماتيين في العالم العربي. محظور علينا السماح لها بتقرير مصيرنا جميعنا.
——————————————
هآرتس 5/9/2025
نتنياهو يعنف “مراقب الدولة”: ما جعلتك في منصبك هذا لتنتقدني وحكومتي بتقاريرك
بقلم: أسرة التحرير
مراقب الدولة، متنياهو أنجلمان، صنع رحمة صغيرة لرئيس الوزراء نتنياهو، بنشره تقرير رقابة رقيقاً نسبياً على استجابة مدنية فاشلة من جانب الحكومة للجمهور بعد هجمة 7 أكتوبر. النقد موجه لنتنياهو، ولوزير المالية سموتريتش، ولوزير الدفاع السابق يوآف غالنت، ولمدير عام ديوان رئيس الوزراء السابق يوسي شيلي.
وقضى المراقب بأنه على مدى الـ 17 سنة منذ حرب لبنان الثانية وحتى نشوب الحرب الحالية، لم تستخلص حكومات إسرائيل التي وقف على رأسها نتنياهو الدروس، ولم تطبق التوصيات لمعالجة الجبهة الداخلية. ولماذا يوجد في ذلك نوع من الرحمة؟ لأن نتنياهو جدير بنقد أشد بكثير؛ ففي وضع توجد فيه حكومة مضخمة من 33 وزيراً، وازدواجية لخمس وزارات حكومية، وتعيين أناس غير مناسبين لمناصب أساسية – فإن فشل معالجة الجبهة الداخلية ليست صدفة. وهي دليل على تخل مستمر وجد تعبيره أيضاً في الإخفاق الأمني – السياسي الذي جلب 7 أكتوبر.
نتنياهو، الذي يفر من لجنة التحقيق الرسمية التي يجب أن تقوم، فضل أن يهاجم أنجلمان ولبس ثوب الضحية كعادته: “رئيس الوزراء يرد استنتاجات ناشئة عن التقرير، ويرى فيه وثيقة لا صلة لها بالحقيقة”. حتى المراقب الملاطف الذي رتبه لنفسه، ليس محصناً من لحظة يتجرأ فيها على توجيه النقد نحوه. ثمة توقع أقل من أنجلمان.
نهج نتنياهو تجاه التقرير يعكس موقفه الثابت من النقد على مسؤوليته العليا عن الإخفاقات بعامة وعن القصور الأكبر في تاريخ الدولة بخاصة: التهرب من المسؤولية، ودحرجة الذنوب على آخرين، ووصم كل من له حتى ولو بارقة توقع من السياسي الأكثر تأثيراً في إسرائيل في العقدين الأخيرين. الرجل الذي يحرص على قول “أوعزت” و”أمرت” يتنكر للمسؤولية في كل مرة يدفع فيها الجمهور الإسرائيلي أثماناً باهظة على إخفاقاته. فهو الذي رأى في حماس ذخراً وشجع قطر على ضخ مليارات الدولارات لها مما أتاح لها تعظيم قوة منظمة الإرهاب الجهادية، وبالتوازي، أهان وأضعف السلطة الفلسطينية ومنع كل تقدم في المسار الدبلوماسي.
حتى الجمهور الذي يكافح مع عائلات المخطوفين الذين اختطفوا في ورديته، هاجمه نتنياهو أمس: “ما يحصل في المظاهرات المنظمة والسياسية ضد الحكومة هو أنها تجاوزت كل حدود. قالوا إنهم سيحيطون بيتي، بيت رئيس الوزراء بطوق من النار، تماماً مثل الكتائب الفاشية”، قال بلا خجل من أودع الأمن القومي في أيدي الكهاني بن غفير، وسلم المناطق المحتلة لسموتريتش. وبدلاً من إعطاء الحساب على فشله الذريع في إعادة المخطوفين الذين يذوون في الأسر يدعي بأنه الضحية مرة أخرى.
مرة أخرى، يثبت نتنياهو بأنه ليس أهلاً وليس جديراً بقيادة وإعادة بناء إسرائيل.
—————–انتهت النشرة—————–