
وكالات: نفت وزارة الموارد المائية العراقية، الأحد، ما أورده تقرير صحافي أمريكي من تحذيرات بشأن احتمال تعرض سدّ الموصل، الذي وصفه بـ»أخطر سدود العالم» للانهيار وتكرار الأحداث التي شهدتها مدينة درنة الليبية، فيما أكدت «استعداد السدّ لاستيعاب أيّ موجة مائية محتملة» أشارت إلى أن جميع السدود في البلاد، «آمنة ومؤمنة».
وذكرت في بيان صحافي، إن «بعض وسائل الإعلام تداولت أنباءً حول احتمال تكرار ما حدث في مدينة درنة الليبية في العراق من خلال انهيار سد الموصل» مطمّئنة المواطنين أن «وضع سد الموصل مستقر ومطمئن ولا صحة لانهياره، كما أشيع مؤخرا من قبل وسائل الإعلام».
فراغات تخزينية كبيرة
وأكدت «وجود فراغات تخزينية كبيرة في السدود تمكننا من مواجهة أي احتمال لسقوط كميات كبيرة من الأمطار، وتخزينها بشكل آمن».
وحسب تصريحات للمتحدث باسم الوزارة، خالد شمال، فإن «سد الموصل يعتبر من أهم منشآت الخزن في مشاريع الري والسيطرة في العراق، وهو يخضع لبرنامج فحص وصيانة السدود ضمن برنامج سلامة السدود، وهو من السدود الاستراتيجية الذي يزيد خزنه عن 10 مليارات متر مكعب».
وأكد أن «خزين السد يقدر بمليارين و700 مليون متر مكعب، وهذا يعني أن أكثر من ثلثي الطاقة الاستيعابية للخزن في السد، فارغة. وبالتالي، لا توجد مشكلة في استيعاب أي موجات فيضانية وخزنها في السد أو تمريرها من خلال عمود نهر دجلة إلى سدة سامراء وتحويلها لبحيرة الثرثار التي فيها فراغ خزني يقدر بـ4 مليارات متر مكعب».
واستبعد «أي مخاطر بخصوص سد الموصل» مؤكداً أن «جميع السدود العراقية آمنة ومؤمنة وتخضع لسلامة وتفتيش السدود. ونحن قادرون على استيعاب أي موجات مائية».
التطمينات الحكومية جاءت بعد تحذيرات لتقرير نشرته شبكة «ناشيونال جيوغرافيك» الأمريكية، من تكرار كارثة مدينة درنة الليبية، في العراق.
وناقش التقرير، التداعيات التي يمكن أن يخلفها انهيار سد الموصل في شمالي العراق، والذي وصف أنه «أخطر سد في العالم» سواء من ناحية الخسائر البشرية وكذلك تلك المتعلقة بالمواقع الأثرية التي تنتشر على جانبي نهر دجلة، حيث يقع السد.
«أخطر سد في العالم»
ويعد السد، أكبر خزانات العراق المائية، لكنه مبني على أساسات من «الجص» ويتطلب حقنا منتظما للإسمنت لملء التشققات في هيكله.
ووفق الشبكة، الكثير من الخبراء يعتقدون أن التهديد بانهياره لا يزال قائما.
ونقلت عنهم تحذيرهم من أن الانهيار «يمكن أن يؤدي إلى موت مليون ونصف المليون شخص ممن يعيشون على ضفاف نهر دجلة في حال لم يتم إخلاء مسار الفيضان في الوقت المناسب في غضون ثلاث أو أربع ساعات».
كما لفتوا إلى أن «المياه ستغمر مدينة الموصل، أكبر مدن شمال العراق، بارتفاع 21 مترا خلال ساعات من انهياره، وكذلك تندفع موجة مد داخلية لمسافة 280 كيلومترا باتجاه الجنوب على طول نهر دجلة».
وحسب التقرير، «احتمال حدوث كارثة إنسانية ضخمة واضح تماما، لكن الانهيار يمكن أن يمحو أيضا آلاف المواقع الأثرية والثقافية على طول نهر دجلة».
وتشمل هذه المواقع نمرود ونينوى، العاصمة الآشورية القديمة التي كانت ذات يوم أكبر مدينة في العالم، وأولى الإمبراطوريات الحقيقية التي ظهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد. إضافة إلى متحف الموصل وعدد لا يحصى من المواقع الدينية، التي تعرضت جميعها للتخريب على يد تنظيم «الدولة» في 2014.
وبين، أستاذ علم الآثار في جامعة بوسطن، مايكل دانتي أن «من الصعب التوصل إلى تقديرات أخرى، غير أن آلاف المواقع الأثرية والمواقع التراثية سوف تُمحى» مضيفا: «ستكون خسارة غير مسبوقة».
أشار إلى مخاطر موت مليون ونصف مليون شخص… ومحو آلاف المواقع الأثرية
ومنذ اكتمال بناء السد في 1984 سعت الحكومة إلى تدعيم أساسه بضخ مادة إسمنت خاصة في الفجوات التي تظهر تحت البناء. ويبلغ ارتفاع السد، الذي وصفه سلاح المهندسين التابع للجيش الأمريكي في عام 2006 بـ»أخطر سد في العالم» 113 مترا وعرضه ثلاثة كيلومترات.
وفي الشهر الماضي، أكد وزير الموارد المائية العراقية عون ذياب، أن حالة سد الموصل «مطمئنة ومستقرة». وتتزامن التحذيرات بشأن سد الموصل مع الكارثة الإنسانية التي شهدتها مدينة درنة الليبية حيث تسببت الأمطار الغزيرة الناجمة عن عاصفة البحر الأبيض المتوسط «دانيال» في حدوث فيضانات وسيول مميتة مطلع الأسبوع الماضي بعد انهيار سدين.
ويشهد العراق الذي يعدّ واحداً من بين خمسة بلدان على مستوى العالم «الأكثر تضرراً» جراء التغيرات المناخية، من نقصٍ حاد في المياه التي تدخل أراضيه من دول الجوار (تركيا، وإيران، وسوريا).
ووفق ذياب، وضع مياه شط العرب «جيد» مشيراً إلى فتح مياه نهر الكارون القادم من إيران، منذ فترة طويلة، وهو لايزال مفتوحاً.
وأشار، في مؤتمر صحافي لإطلاق مشروع «صمود الإنسان والتنوع البيولوجي لأهوار بلاد الرافدين» بتمويل من السفارة الكندية وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، أن المشروع «بداية لدعم وتطوير مناطق جنوب العراق وخصوصا منطقة الجبايش التي دخلت ضمن المدن الرطبة والمسجلة عالمياً».
وأضاف، أن «الدعم سيكون من منظمة الأمم المتحدة للتعاون الإنمائي بالتعاون مع الحكومة الكندية، بمنحة تبلغ 3 ملايين و700 ألف دولار أمريكي، لدعم المشروع ولمدة ثلاث سنوات».
ولفت إلى أن «الهدف من المشروع، اتخاذ إجراءات تتعلق بحياة الناس والمجتمعات القائمة في المنطقة، وتطوير الأسماك وإيجاد بعض السبل للسيطرة على الصيد الجائر والطرق البدائية التي يجب الحد منها، إضافة إلى الدعم من منظمة الأمم المتحدة للتعاون الإنمائي والحكومة الكندية لدعم موقف العراق لحصوله على حصة مائية عادلة من دول الجوار لاستدامة الأهوار وإنعاشها باستمرار» لافتاً إلى أن «الأهوار تعرضت لحالات متذبذبة بحاجة إلى ثبات لتكون مستدامة».
وتعليقاً على المحادثات مع دول الجوار بشأن زيادة الإطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات، أكد الوزير العراقي، أنها «لا تزال مستمرة، وآخر زيارة لممثل الرئيس التركي لملف المياه شهدت لقاءات مكثفة، وحصل تفاهم وحديث جدي بهذا المجال». وأوضح أن «هنالك رغبة وجدية بالتوصل الى اتفاق واضح وملزم لاعطائنا الحد الادنى من المياه التي تطلق من الجانب التركي، خاصة في حوضي الفرات ودجلة».
أما مع الجانب الإيراني، فأشار إلى أن «هنالك تفاهمات مع إيران، ونعلم أن هور الحويزة يتغذى من الجانب الإيراني، وهذا يحتاج أن يكون هنالك اهتمام من الجانب الإيراني بتغذيته بشكل مستدام».
ولفت إلى أن «مياه نهر الكارون مفتوحة منذ فترة طويلة، ووضع مياه شط العرب جيد» منوهاً إلى أنه «ولأول سنة نشهد صيفاً صعباً في العراق لكنه في البصرة كان أفضل».
وعزا هذا الوضع إلى «التأثير الايجابي الناتج عن الحديث والمباحثات مع الجانب الإيراني» واصفاً الواردات الى سد دربندخان أنها «لا بأس بها وأفضل من العام الماضي».
يأتي ذلك بالتزامن مع حثّ القنصل العام للولايات المتحدة في إقليم كردستان العراق، مارك سترو، أمس، المركز والإقليم، على مواصلة الجهود في حماية الموارد المائية في ظل الجفاف والتغييرات المناخية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال منتدى حول الجرائم الالكترونية والأمن السيبراني في أربيل.
وقال في كلمته: «أعتقد أن هذا المنتدى سيكون سببا لنا لإيلاء المزيد من الاهتمام لقضية تغير المناخ وإظهار مجموعة من المبادرات» معربا عن أمله، أن «يجد هذا المنتدى ويقدم مجموعة من الحلول الجذرية لهذه المشاكل، لأنها مهمة جدا بالنسبة لنا».
وأضاف أن «الولايات المتحدة تعدُّ نفسها الرائدة في العالم بمواجهة تغير المناخ، وقد اتخذت خطوات جيدة لمعالجة هذه التغييرات، لأن المناخ يتغير باستمرار».
وأكد أن «الولايات المتحدة وإقليم كردستان، تواجهان حاليا تغيرات مناخية كبيرة، بما في ذلك الجفاف وحرائق الغابات والاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة» منوها إلى أنه «من خلال العمل معا، يمكننا حماية المجتمع من تغير المناخ».
وأشار إلى، أنه «من خلال برامج المساعدات الإنسانية، ساعدنا العراق على تنويع اقتصاده، ونشجع سلطات العراق وإقليم كردستان على مواصلة الجهود لحماية الموارد المائية».