أخبار المقاطعةتقارير ودراساتعربي

أصوات أردنية تُحارب أوهام “السلام”.. إزالة حالة العداء مع “إسرائيل” مرفوضة

شبكة المسار الاخباري: كان الشارع الأردني طوال السنوات الماضية ولا يزال، من أهم الساحات العربية المنتفضة وأكثرها اشتعالًا حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية ومقدساتها وشعبها الرازح تحت ظلم الاحتلال الإسرائيلي، ولعل حملات المقاطعة من أبرز ملامح التضامن الشعبي الأردني مع الفلسطينيين على مدار عقود.

ويُثبت الأردنيون باستمرار أنّ أي خطوات تطبيعية في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية والإعلامية وغيرها التي من شأنها أن تسمح لـ “إسرائيل” ببسط نفوذها وتحقيق مصالحها في أراضيهم وإزالة حالة العداء معها، ستبقى مرفوضة وتُحارب.

ومع مرور الوقت، بات لحملات المقاطعة ومناهضة التطبيع مناصرون بالآلاف، من الكتاب والأدباء وشخصيات سياسية ونقابية وحزبية (إسلامية، وسطية ويسارية)، وهذا يجعل “إسرائيل” غير مرتاحة وفي دوامة الرفض الشعبي العربي وتداعياتها.

ومن أبرز الحملات التي تناهض التطبيع في الأردن، اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع، ولجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع النقابية، وجمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، وتجمع “اتحرك”، ولجنة مقاومة التطبيع والقضايا القومية في نقابة المهندسين الأردنيين، وحركة “الأردن تقاطع” وغيرها من الحملات الشبابية والطلابية الأخرى.

ويرى مسؤولو ومنسقو هذه الحملات، أن الدافع وراء تأسيسها وطني أولاً وقومي ثانياً؛ فهنالك 21 أسيراً أردنياً يقبعون في سجون الاحتلال، إضافة لتعرض الأردن لخطر تنفيذ قرار ضم الضفة الغربية وتغيير الوضع القائم بالوصاية الأردنية على المقدسات في مدينة القدس في سياق مخططات تصفية القضية الفلسطينية وخطورة تلك المخططات على الأردن وشعبه.

وأكدوا في تصريحاتٍهم  أنّ هذه الحملات تأتي أيضًا نصرة لقضية الشعب الفلسطيني الذي سلبت أرضه وهجّر منها، واستخدم ضده كل سبل الإبادة الجماعية أينما تواجد، فهو له الحق ليعيش كباقي الشعوب بحقوق كاملة غير منقوصة.

وقال رئيس اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع في الأردن، أحمد العرموطي، إنّ الأردن اليوم يقف في طليعة البلدان المناهضة للتطبيع مع الاحتلال، حيث تلعب المؤسسات المدنية والشعبية فيه دوراً قوياً للتصدي لمشاريع الاحتلال والعمل على عزله عربياً ودولياً، وتعرية جرائمه وعدوانه المستمر والمتزايد ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة منذ الاحتلال سنة 1948.

وشدد “العرموطي”، أنّ مجابهة التطبيع مع الاحتلال واجب وطني وقومي، وقيام بعض الحكومات العربية بإقامة علاقات وتوقيع اتفاقيات مع الاحتلال سواء اقتصادية وغيرها، يعتبر مخالفة للضمير العربي والوطني وانسياقاً وراء “أوهام سلام مع احتلال غاصب”، يسعى ويخطط لمزيد من التوسع والسيطرة في كل أنحاء الوطن العربي.

ورأى أنّ ما يجري من تطبيع عربي رسمي ليس إلا دليل على نجاحات اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتجسيداً لعقيدة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو القائمة على مبدأ القوة لدفع العرب والفلسطينيين لفقدان الأمل بالانتصار بل والاستسلام بوجود الاحتلال وتهميش القضية الفلسطينية.

حملة مستمرة..

وفي ذات السياق، وعن الهيئات الشبابية المناهضة للتطبيع، قال منسق حركة الأردن تقاطع BDS، حمزة خضر: “نحن من الجيل الثالث في الحملة التي تأسست عام 2014 على يد مجموعة من النشطاء الأردنيين، ومنذ تأسيس الحركة وحتى اليوم ونحن نركز على تثقيف الناشئة بضرورة مناهضة الاحتلال والتطبيع معه بكافة الأشكال”.

وبين “خضر”، أن الحملة وصلت لمرحلة من التقدم أصبحت فيها مواجهة التطبيع ثقافة لُمست نتائجها في العدوان المتواصل على قطاع غزة، من خلال حملة مقاطعة بضائع الشركات الداعمة للاحتلال، خصوصاً عند الناشئة، والتي نجحت بشكل غير مسبوق ما أدى لخروج شركات من السوق نتيجة المقاطعة.

ولفت أن الحملة تقوم بشكل مستمر على تنظيم مخيمات صيفية بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني النقابية والتعليمية، بهدف نشر الوعي بالقضية الفلسطينية ومواجهة مشروع الاحتلال وكيفية استخدام الأدوات في مواجهة التطبيع معه.

ولدى الحراك الشبابي الأردني الوعي والقدرة على إنتاج الفعل القوي، فالحركات الطلابية بأوج عطائها، فعلى سبيل المثال “إن من وقف ضد اتفاقية الماء مقابل الكهرباء التي كادت تتم بين الحكومة الأردني والاحتلال، هي الحركة الطلابية في الجامعات الأردنية، وفق خضر.

من جانبه، قال منسق تجمع “اتحرّك” لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع، محمد العبسي، إن الحملة جاءت لتعرّي كافة أساليب المبشرين بغدٍ يغدو فيه الاحتلال جزءًا طبيعيًّا من وطننا العربي الكبير، مشدداً على أن الحملة ترفض كل مشاريع التسوية وتتبنى المقاومة بكافة أشكالها كخيار وحيد لاسترجاع الأرض والحقوق المسلوبة غصباً.

وبين أن الحملة أنشأت لتساهم في دعم المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وكل الوطن العربي، بالإضافة إلى تحقيق هدف كبير يتمثل في أن يصبح طرد سفير الاحتلال في عمان وإسقاط كل الاتفاقيات المُبرمة معه وعلى رأسها اتفاقية الغاز وإلغاء معاهدة وادي عربة أمراً يمكن تحقيقه.

وفي ذات السياق، أكد المنسق العام للحملة الوطني الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي “غاز العدو احتلال”، هشام البستاني، أنّ الشارع الأردني المنتفض والرافض للتطبيع مع الاحتلال لا يزال يصرّ على أن أي خطوات تطبيعية تسعى لها “إسرائيل” لفرض نفوذها وتحقيق مصالحها في الأردن ستبقى الطرق أمامها مسدودة وستُحارَب بقوة.

وبين “البستاني”، أن مذكرة التفاهم التي وقعتها الحكومة الأردنية مع “تل أبيب” لاستيراد الغاز الإسرائيلي بقيمة 15 مليار دولار لـ 15 عاما عملت على خلق رأي عام لدى الشارع الأردني يرفض الصفقة بقوة.

وأجرت إدارة الحملة اتصالات فردية مع جميع أعضاء مجلس النواب _والكلام لضيفنا_ وحاورتهم من أجل رفض الصفقة التي ما زالت مجمدة حتى اليوم من قبل الحكومة الأردنية جراء الرفض النيابي والشعبي الواسعين.

 

وشدد أنه تاريخيا، كانت جهود مقاومة التطبيع مع الاحتلال بالرغم من توقيع معاهدة وادي عربة، ناجحة ومؤثرة في كثير من الأحيان، وكانت النقابات المهنية الأردنية تشكل الرافعة الأولى لمقاومة التطبيع في الأردن.

وتوسّعت مؤخراً حملات مقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية والدول الشركات الداعمة للاحتلال، وباتت المسألة اليوم أوسع بكثير، إذ انخرط فيها جميع أفراد المجتمع المؤمنين بجدوى المقاطعة؛ طلابًا وعمّالًا وموظفين، وكتابًا وفنانين ومصمّمين ورسّامين، وأصحاب محال تجارية صغيرة أو كبيرة، وهيئات المجتمع المدني ومؤسساته على اختلاف توجهاتها.

ويجمع ضيوفنا في أحاديثهم أنّ حملات المقاطعة، لم تعد مقتصرة على فكرة الأثر الاقتصادي ونزع الشرعية عن الاحتلال، بل صارت مرتبطة بأبعاد تتعلق بالكرامة الوطنية ورفض الارتهان والتبعيّة.