افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
يديعوت احرونوت 2/2/2024
المحامية قطر
بقلم: آفى شيلون
إحدى المسائل التي تثيرها الحرب هي المسألة القطرية. فمن جهة، على مدى السنين حولت قطر ملايين الدولارات الى قطاع غزة والى حماس، ولكن من جهة أخرى، كان هذا التمويل بإذن من حكومة إسرائيل تحت نتنياهو معروف لنا جميعا، والأمور معروفة بقوة اكبر منذ نشوب الحرب، بان “الجزيرة” هي القناة الأكثر شعبية والمناهضة الإسرائيل في العالم العربي، وهي أيضا تمولها قطر. لكن من جهة أخرى، إسرائيل لا تغلق مكاتب المحطة هنا.
لا شك ان قطر ليست عاطفة على إسرائيل. مقابلتان طويلتان منحهما هذا الأسبوع رئيس الوزراء القطري لـ “الجزيرة” ولشبكة أمريكية تكفيان للفهم كم هو في الجانب الحماسي. كان صعبا عليه ان ينتقد ما اكتشف من تعاون لوكالة الغوث مع حماس التي يرى فيها لاعبا شرعيا وان كان يؤيد تحرير المخطوفين، فان أقواله لم تقل برأفة إنسانية.
فضلا عن ذلك: فقطر لا تستضيف في أراضيها فقط مسؤولي حماس بل انها فعلت ذلك أيضا بالنسبة لطالبان وتوسطت بينها وبين الولايات المتحدة. في تلك المقابلات لم يستبعد رئيس الوزراء القطري أيضا علاقة مع الحوثيين وطرح إمكانية التوسط بينهم وبين الغرب سطحيا، يمكن أن يقال ان قطر هي الدولة الأكثر ارتبطا بـ “الأشرار” بالنسبة لإسرائيل. فلماذا إذن التعاون معها؟
بشكل طبيعي فان اعمال قطر تبعث في إسرائيل غضبا شديدا ونتنياهو المختص بتشخيص المشاعر الجماهيرية وامتطائها، قال في حديث مع عائلات المخطوفين الأسبوع الماضي ان “قطر لا تختلف جوهريا عن الأمم المتحدة وبمفهوم معين هي حتى اكثر إشكالية. ليس لدي أوهام حولهم”. هذه الاقوال التي سربت عن قصد ( والا ما كان للرقيب سيأذن بھا) اثارت حسب المنشورات الغضب في قطر. ولاجل نيل بضعة نقاط أخرى في الراي العام الاسرائيلي كان يبدو ان نتنياهو مستعدا لان يخاطر بصفقة المخطوفين المحتملة، إذ ان قطر هي الوسيطة الرئيسة مع حماس.
لكن الحقيقة أكثر تعقيدا وتشهد كم هي القصة في الشرق الأوسط معقدة وتحتاج الى قيادة إسرائيلية نوعية تعرف كيف توازن المصالح وفقا للواقعية السياسية لا ان تتصل وفقا لما يمنحها النقاط لدى الجمهور. فالمشكلة هي ان قطر ليست دولة عادية أخرى. فهي تستضيف القاعدة الامريكية الأكبر في الخليج ما يمنحها حماية من ناحية ويمنح الأمريكيين معقلا استراتيجيا من ناحية آخرى. وهي مغروسة عميقا في العالم العربي ولكن أموال النفط تستغلها لصفقات وعلاقات مع العالم الغربي.
ما لا يقال لنا علنا هو ان الغرب على ما يبدو بقدر كبير وبموافقة صامتة. يسمح لقطر لان تكون محامية “الأشرار” للحالات التي تكون فيها مطلوبة علاقات مع منظمات لا يمكن الحديث معها مباشرة.
ان حقيقة ان قطر هي في واقع الامر مكتب محامين هي التي تجعل نقد نتنياهو لقطر سخيفا. صحيح انهم ليسوا وسيطا فريدا مثل كل مكتب محامين ناجح ، قطر معنية بمواصلة توسيع نطاق زبائنها وبذلك تعظيم مكانتها . لكن كي تتمكن قطر من أن تواصل كونها قناة اتصال لمنظمات مثل حماس وطالبان فانها ملزمة بان تكون في نظرهم ايضا في الجانب الصحيح. هذا هو السبب على ما يبدو فى أن الرقيب أذن بنشر اقوال نتنياهو ضدهم. المفارقة هي انه كان يزعج القطريين اكثر اذا قلنا هناك انه فى صالح إسرائيل.
عندما تنتهي الحرب يتعين على إسرائيل ان تفحص من جديد علاقاتها مع قطر والمكانة التي تسمح لها بها حيال حماس إذ في نهاية المطاف هكذا تعاظمت قوة السنوار وبفضل مالهم بنيت الانفاق. لكن فى هذه اللحظة لا يمكن لنتنياهو أن يصلح خطأ سابقا بخطأ جديد، سيتهم الرسول كي يحظى بنقاط لدى الجمهور. في هذه اللحظة مطلوبة قطر لغرض الصفقة والطريقة الصحيحة للتعاطي معها هي كما هي المحامية الوحيدة التي يمكن العمل معها لاجل انقاذ المخطوفين.
———————————————
إسرائيل اليوم 2/2/2024
“دعونا نتجاوز الانتخابات” حتى 27 شباط
العمال الفلسطينيون بين الاضطـرار الاقتصادي والخطر الأمني
بقلم: حنان غرينوود
قبل نحو شهرين توجه رجل أعمال معروف لرؤساء المجالس في المناطق واعطاهم إنذارا – إما ان تسمحوا بإدخال عمال فلسطينيين الى محلاتي أو أنى سأغلقها جميعها. التهديد نجح والعمال يعملون الان في الشبكة التي يملكها. لكن هذا استثناء يشهد على القاعدة ويدل على التوجه – احد لا يريد علاقة بالفلسطينيين، لكننا متعلقون بهم.
منذ بداية الحرب حل اغلاق على الضفة الغربية ويوجد حظر على تشغيل الفلسطينيين في داخل نطاق الخط الأخضر الحظر تام ومطلق بامر من الكابينت السياسي – الأمني. أما في الضفة الغربية فتوجد تعليمات متشددة لتشغيل الفلسطينيين مما يسمح بعودتهم الى المناطق الصناعية التي لا يوجد فيها تفاعل مع الإسرائيليين العاديين غير ارباب عملهم والحراس.
رغم أنه مرت أربعة اشهر منذ نشوب الحرب لا يوجد أي تغيير في القرارات بالنسبة لتشغيل الفلسطينين في احاديث مع محافل رفيعة المستوى في الحكومة يتبين أنه وان كانت توجد مداولات حول اليوم التالي لكن لا يوجد أي توقع لاتخاذ القرارات بالفعل.
“نحن لسنا ضد تشغيل الفلسطينيين”، يقول مفاجئا الاخرين احد المحافل “نحن ضد تشغيلهم في زمن الحرب”. هذا القول هام على نحو خاص، كونه يمثل النهجين المختلفين اللذين في الحكومة. فمن جهة، نهج وزير الاقتصاد نير بركات الذي يطلب جلب 170 الف عامل اجنبي الى إسرائيل كي يقطع اقتصاد إسرائيل عن التعلق بالفلسطينيين. وهو يعتقد بانه يمكن اطلاق مثل هذه المبادرة في غضون وقت قصير. مبادرة بركات عالقة في هذه اللحظة لانه لا يوجد قرار في هذا الشأن في الحكومة. غير قليل من الإسرائيليين يؤمنون بانه يجب الدفع قدما بهذا النهج وقطع كل اتصال مع الفلسطينيين كاستنتاج عن 7 أكتوبر. من جهة أخرى، يوجد نهج محافل أخرى في الكابينت تعتقد بانه لا يجب قطع الفلسطينيين عن اسرائيل كون الامر من شأنه أن يعرض المستوطنات في المناطق للخطر في المدى البعيد. في هذه الاثناء يؤجلون القرار عن العمال الى “اليوم التالي” الذي هو في هذه اللحظة نظرى تماما. ان انعدام القرار معناه عمليا حكم اعدام للاعمال التجارية في مجالات واسعة.
“ما كان ليس هو ما سيكون”
توجد غير قليل من المحافل التي تعتقد ان لا مجال لمواصلة الانتظار وانه يجب العمل على خطة تسمح بدخول العمال بشكل مرتب ومحمي. “الكل يفهم بان ما كان هو ليس ما سيكون، لكن يمكن إيجاد حلول ذات مرة كان يقف في مفترق مرکزی باص فيه حارس يفحص العمال وعندها يدخل الى موقع بناء او حقل محمي في داخل مدن إسرائيل دون اتصال بالسكان. لا يوجد ما يبرر ألا نعمل هذا الان ايضا. اذا انتظرنا اكثر – سنعود الى الوضع الاشكالي الذي كان بسبب ضغوط من الخارج او من الداخل فرع البناء مثلا مجمد تماما تقريبا منذ أربعة اشهر ومن يدري لاي وقت آخر ، وتوجد أعمال تجارية في مجالات أخرى تبلغ عن انهيار تام. مثال على الضائقة يمكن أن نراه في احدى مستوطنات الضفة الغربية. هناك يمكن ادخال عمال في ظروف متشددة على نحو خاص. في موقع البناء مدد المطورون سياجا جديدا بارتفاع ثلاثة امتار يفصل بين المستوطنة والموقع لاجل مواصلة تشغيل الفلسطينيين. كلفة السياج كانت في السماء، لكن البديل هو استمرار التجميد “هذا هو تجميد البناء الأطول منذ عهد أوباما – وهذه المرة فعلنا هذا نحن لانفسنا” ، كما وصف هذا ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي.
دائرة الفقر خلف الزاوية
عشرات الاعمال التجارية أغلقت فى ارجاء الضفة الغربية كنتيجة للحرب، وعشرات أخرى في خطر ملموس. في بنيامين مثلا يقول أصحاب المصالح التجارية ان حظر ادخال العمال الى المستوطنات والى مناطق صناعية امامية يهدد عائلات كثيرة من شأنها أن تدخل الى دائرة الفقر وتصل الى انهيار الاعمال التجارية. رؤساء السلطات في المناطق وفي إسرائيل يقفون امام معضلة شبه متعذرة. فمن جهة يحتج أصحاب المصالح على الانهيار، وبالمقابل يطالب السكان بعدم ادخال العمال الى المستوطنات والمدن فى المناطق رؤساء السلطات هم الذين يقررون بشكل قاطع اذا كانوا سيدخلون العمال في مدن إسرائيل هم الذين يقررون اذا كانوا سيمارسون الضغط على الحكومة في هذا الموضوع.
يخافون على الكرسي
غير قليل من المحافل المهنية تعتقد بان احدى المشاكل الكبرى هي الانتخابات البلدية حتى 27 شباط لا يمكن لرؤساء السلطات ان يسمحوا لانفسهم بان يقاتلوا في سبيل ادخال عمال فلسطينيين كون الامر من شأنه ان يعرض انتصارهم في الانتخابات للخطر. بل ان بعضهم يقول هذا صراحة: “دعونا نتجاوز الانتخابات”.
بعد الانتخابات يحتمل جدا ان نشهد ضغطا اعلى من جهة كبار المسؤولين في السلطات ممن تحرروا من رعب الناخب رؤساء المجالس لا ينجحون في هذه اللحظة في الصمود امام الضغط . وسترون بعد الانتخابات كيف سيعود العمال الفلسطينيون فجأة للعمل”، يقول مسؤول كبير في الضفة الغربية. ” في النهاية لا يوجد احد آخر”.
أصحاب المصالح لا تؤثر فيهم الحسابات السياسية. “مئات من أصحاب المصالح والاف العمال يقفون على شفا الهوة والتداعيات الاقتصادية التي ستفكك لنا مصلحتنا، حقنا في الرزق، صحتنا، وبخاصة عائلاتنا”، يقول احد أصحاب المصالح.
” على السكان ان يستوعبوا بانه على مدى السنين شجعت دولة إسرائيل واعتادت على عمل العمال الفلسطينيين بغياب حل مناسب لا يمكن إيقاف كل شيء والمس برزق الجميع. البيت الذي نقيمه على شفا الانتهاء، ومنع ادخال العمال يلحق بها خسارة اقتصادية كبيرة وخطر الدخول الى تصنيفنا لعائلة قليلة القدرة”.
خطر أمني
لادخال العمال الفلسطينيين يوجد جانب امني واسع. يوجد اجماع لدى محافل الامن بانه يجب إيجاد سبيل لاعادة العمال الى إسرائيل كون الاقتصاد الفلسطيني يوجد في هذه اللحظة في انهيار حر الامر الذي من شأنه ان يدهور المنطقة، كما يؤمنون ، الى فوضى تامة. وتعتقد محافل امنية فتقول “نحن قبل لحظة من انفجار تام الفقر والوضع يتيحان لجهات أخرى، مثل ایران و حماس الدخول الى الفراغ، وسيكون في النهاية أناس ينجحون في التأثير عليهم.
لقد سبق أن نشر قبل بضعة أسابيع عن مشروع تجريبي لاعادة العمال الفلسطينيين الى المدن، وذلك أيضا بسبب الجانب الأمني، لكن في هذه اللحظة يبدو أن لا شيء يتقدم. وعلى حد قول المحافل الأمنية فانه “توجد الكثير من السبل لتقليص الاتصال الإسرائيلي بالعامل الفلسطيني، لكن لاجل عمل هذا يجب التقدم والعمل في هذه اللحظة لا يوجد أي قرار، والوضع يتفاقم فقط – في الجانب المدني وفي الجانب الأمني على حد سواء”.
——————————————–
هآرتس 2/2/2024
في قطاع غزة: هدم ممنهج لكل الجامعات وقتل متعمد للعلماء.. ومؤسسات أكاديمية إسرائيلية: نبارك أعمال الجيش
بقلم: عنات مطر
في 17 كانون الثاني تم قصف وتدمير الجامعة الأخيرة في القطاع. استخدم الجيش الإسرائيلي الكثير من المواد المتفجرة ولم يترك أثراً لجامعة الإسراء في جنوب مدينة غزة. وحسب التقارير، استخدمت قوات الجيش في السبعين يوماً التي سبقت ذلك مبنى الجامعة قاعدة عسكرية ومعتقلاً مؤقتاً للتحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين قبل نقلهم إلى مكان مجهول. واضح أن المبنى الذي كانت تقوم عليه الجامعة لم يكن مبنى مشتبهاً أنه خطير. وكان من الواضح أن الانفجار حدث من داخل مبنى الجامعة وليس بسبب القصف.
كان رد الجيش الإسرائيلي على ذلك أن الحادثة “قيد الفحص”، وكأن الأمر يتعلق بحادثة استثنائية. ولكن نظرة أوسع تثبت أنه لا استثناء أو انحراف عن سياسة التدمير التي طبقتها منذ 7 أكتوبر. هذه السياسة نفسها هي استمرار، مضخم جداً، لسياسة إسرائيل تجاه الأكاديميا الفلسطينية.
منذ 40 سنة والجامعات الفلسطينية تعاني من التنكيل المنهجي من قبل المحتل الإسرائيلي. في فترات مختلفة تم إصدار أوامر بإغلاق الجامعات، وفي الوضع “العادي” يتم فرض محظورات مختلفة على استدعاء محاضرين ضيوف أو خروج من البلاد لاستكمال التعليم أو المشاركة في مؤتمرات في الخارج. قيود الحركة في الضفة الغربية تمنع التعليم المنتظم، والطلاب ورجال الكادر يعتقلون بين حين وآخر.
كان الوضع دائما أكثر خطورة في قطاع غزة، لا سيما مع الحصار والمحظورات على إدخال مواد البناء لإعادة إعمار الصفوف التي دمرتها هجمات إسرائيل، وأيضاً القيود على إدخال الكتب والمواد التعليمية. يجب أن نضيف إلى ذلك القيود المشددة على التعاون بين مؤسسات الأكاديميا في الضفة الغربية القطاع. هذا الأمر يصعب على الطلاب في غزة، الممنوعين من استكمال الدورات في جامعات الضفة الغربية الأكثر جاهزية وحداثة. خروج الطلاب من غزة إلى الخارج للمشاركة في مؤتمرات أو مواصلة التعليم مقيد جداً. أكثر من مرة حصلت طالبات على منح من جامعات فاخرة في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكنهن لم يتمكن من استخدامها بسبب منعهن من مغادرة سجن القطاع.
كل ذلك تضاعفت شدته بأضعاف منذ 7 أكتوبر. التعليم في مؤسسات الأكاديميا في الضفة الغربية يتم بالأساس “أون لاين”، تقريباً بدون حياة جامعية؛ بسبب الحواجز الخانقة التي يقيمها الجيش الإسرائيلي منذ ذلك الحين حول كل بلدة في الضفة، وبسبب تعاظم عنف المستوطنين. أما أعضاء الكادر والكثير من الطلاب فتعتقلهم إسرائيل، وكثيرون منهم يحكمون عليهم حكماً “إدارياً”؛ أي بدون محاكمة.
تدمير الجامعات في القطاع بدأ بقصف الجامعة الإسلامية في غزة في الأسبوع الأول للحرب، واستمر بتدمير جامعة الأزهر بالقصف من الجو في 4 تشرين الثاني. بعد ذلك تم تدمير جميع المؤسسات الأكاديمية في غزة، والكثير من المدارس والمكتبات والأرشيفات ومؤسسات تعليم وثقافة أخرى. من المهم الإشارة إلى التدمير الكامل للأرشيفات الرئيسية لبلدية غزة بكل ما فيها من الوثائق التاريخية، وتدمير مكتبة البلدية وفرعين لـ “مكتبة إدوارد سعيد” مع الكتب الموجودة فيها باللغة الإنجليزية، في بيت لاهيا وفي مدينة غزة. فضلاً عن تدمير مبان تاريخية ومواقع أثرية جراء قصفها، وفقدت كل محتوياتها.
إضافة إلى تدمير البنى التحتية، قتل في عمليات القصف مئات الطلاب وعدد كبير من أعضاء الكادر. وحسب بعض المصادر، قتل نحو 94 شخصاً أكاديمياً في جامعات القطاع منذ بداية الحرب. مؤخراً، عرفنا عن موت البروفيسور فاضل أبو حيان، المحاضر في علم النفس في جامعة الأقصى، والباحث المعروف دولياً. كان مختصاً في صدمات الأطفال وقام ببحث الصدمات التي يعاني منها الأطفال في غزة في ظل روتين القصف. وحسب الأنباء التي نشرت، تم إطلاق النار عليه بشكل متعمد على يد قناص. وفي نهاية تشرين الثاني، تم قصف منزل في جباليا يعود لرئيس الجامعة الإسلامية، الفيزيائي المعروف البروفيسور سفيان التايه، وقتل معه جميع أبناء عائلته. في بداية كانون الأول، قتل الكاتب والشاعر والباحث رفعت العرعير بإطلاق صاروخ موجه، كان عالماً في الأدب والكتابة الإبداعية في نفس الجامعة. وقتل معه شقيقته وعائلتها قتلوا.
يدور الحديث عن تدمير شبه كامل للأكاديميا الفلسطينية. هذا تدمير سيحتاج إلى سنوات كثيرة لإصلاحه. هذا إذا وصلنا إلى لحظة إعادة الإعمار. سنحتاج إلى إعادة بناء الجامعات واعدادها مجدداً، بالأساس إعادة من بقي من الكوادر والطلاب الذين يحملون الندب، والأيتام والمصابين جسدياً ونفسياً، والذين سينهضون بعد أشهر طويلة من اللجوء والفقدان والجوع والمرض. في شهادات شخصية كتبها فلسطينيون في القطاع، تتكرر مشاعر الفقدان مع تدمير البيت، ويكتنفها أيضاً فقدان الكتب والمواد التعليمية التي كان يحتوي عليها.
الحياة الروحية شريان كل مجتمع. المجتمع الفلسطيني معروف بنسبة مرتفعة لمثقفيه الأكاديميين. فرغم العزلة والاحتلال والحصار، خرج منه مثقفون وعلماء مشهورون، من بينهم عالم الاجتماع سليم تماري، ورجل الاقتصاد جهاد الوزير، والشاعرة والفنانة ابتسام بركات، والسينمائي إيليا سليمان، وعالم السياسة خليل الشقاقي. بعض الأشخاص الرئيسيين في الأكاديميا الفلسطينية كانوا في الأشهر الأخيرة أهدافاً للقتل المتعمد، وآخرون تم اعتقالهم وسجنهم. التاريخ يُعلمنا أن تدمير التعليم العالي في قطاع غزة والتنكيل الممنهج بالتعليم والطلاب في الضفة الغربية لا يعتبر “أضراراً جانبية” بل جزء من سياسة متعمدة لإسرائيل هدفها محو البنية التحتية المادية، والروحية أيضاً.
مؤسسات الأكاديميا الإسرائيلية لا تتطرق بشكل عام إلى هذا التدمير وتأثيره على مستقبل المجتمع الفلسطيني والمجتمع الإسرائيل على حد سواء. بالعكس، جميع الإعلانات التي يتم نشرها باسمهم، تبارك وتشجع على أعمال الجيش في الحرب، بدون أي تشكيك في عدالة وطريقة إدارة هذه الحرب. في الوقت نفسه، ينشر رؤساء الجامعات إدانات لمجموعات أكاديمية في الخارج، تعبر عن الصدمة من الكارثة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، بما في ذلك الأعمال المتعمدة لمحو الحياة الروحية والثقافة.
أعتقد أن علينا، نحن الزملاء والزميلات في الأكاديميا الإسرائيلية، إسماع صوتنا ضد تدمير البنية التحتية للتعليم العالي في قطاع غزة والمس بالمؤسسات التعليمية والثقافية هناك. علينا عدم الصمت على القتل الجماعي للطلاب وزملائنا والاعتقالات الجماعية لآخرين. بصفتنا أكاديميين وباحثين ومحاضرين وطلاباً، فعلينا رفع صوتنا ضد القتل والتدمير، والمطالبة بتقرير من الحكومة المسؤولة عن ذلك وإنقاذ ما ومن يمكن إنقاذه.
———————————————
إسرائيل اليوم 2/2/2024
بعد “لاهاي” و118 يوماً على الحرب “القمح مقابل الفيتو والذبح”.. وإسرائيل: لم نحقق هدفاً.. ويد حماس ما زالت العليا
بقلم: يوآف ليمور
في منتصف الأسبوع فوجئت حماس بإيجاد الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع مرة أخرى. فبعد اعتقادها بأنه قسم من الحرب بات خلفها، كشفت قوات مشاة (لواء الناحل) ومدرعات (لواء 401) في حي صبرا والرمال وفي أطراف الشاطئ أيضاً.
هذا جزء من المرحلة الثالثة من الحرب الذي يغير فيه الجيش شكل عمله وينتقل من معركة مكثفة بقوات غفيرة، إلى معركة أكثر تركيزاً ضد أهداف محددة. تتاح هذه المرحلة بعد أن أنهك الجيش قبلها ألوية وكتائب حماس، وترك على الأرض قوات أصغر وأقل تنظيماً، يمكن التصدي لها بنصف جيش.
هذه العمليات ستستمر لفترات زمنية متغيرة. أحياناً ليلة أو يوم، أحياناً بضعة أيام. سيتقرر هذا حسب الهدف – في الغالب بنى لحماس التحتية التي يتطلب الأمر ضربها. يخطط الجيش للعمل في هذه الصيغة في المستقبل المنظور، أشهراً وربما سنين: دخول، وضرب، وخروج. حتى قيام حكم جديد في غزة، أكثر نجاعة وأقل عداء، وحتى ذلك الحين ستتطلع إسرائيل لامتلاكها حرية عمل أمني أقصى مثلما تفعل في الضفة منذ حملة “السور الواقي”.
هذه العملية المحدودة في شمالي القطاع تجري بالتوازي مع المعركة الأكثر كثافة في الجنوب. يكاد الجيش الإسرائيلي ينهي الضربة للواء مدينة خان يونس بكتائبه الأربع. بقيت فلوله فاعلة في مخيم اللاجئين غربي المدينة وجنوبها، وإن كانت نجاعتها محدودة. الحراك المكثف للمدنيين من المدينة (نحو 150 ألف من سكانها نزحوا من أصل نحو ربع مليون) يشهد على أنهم لا يؤمنون بقدرة حماس على حمايتهم. الانتقاد الذي أطلقه بعضهم – بوجه مكشوف، في وسائل الإعلام – يدل على أن اليأس يفوق الخوف عندهم.
كما أن الجيش الإسرائيلي تباهى هذا الأسبوع بقتله مئات من نشطاء حماس وأسر مئات آخرين نقلوا إلى التحقيق. كما أنه دمر بنى تحتية أرضية عديدة وإن كانت القاعدة السارية هنا ليست ما دمر بل ما تبقى. في هذا الجانب ينبغي الاعتراف: الحرب تجري ببطء. ببطء شديد. معظم البنى التحت أرضية لا تزال فاعلة. ونسبة كبيرة من قوة حماس المقاتلة لم تصب بأذى، أو أصيبت جزئياً فقط وانتقلت إلى “شكل” قتالي آخر، حرب العصابات.
حيال الأهداف الثلاثة المعلنة للحرب (إعادة المخطوفين إلى الديار، وضرب قيادة حماس وتدمير بنى القيادة والتحكم فيها) نجح الجيش في تحقيق أحدها، الثالث، وحتى هذا بشكل محدود. الهدف الأول، المخطوفون، لا يزال بعيداً؛ مع أن الاتصالات تجري لكن أمامنا قرارات صعبة. ستكون الصفقة المقترحة عسيرة على الهضم من حيث عدد السجناء الذين ستحررهم إسرائيل، مدة وقف النار، خصوصاً أن بعدها سيبقي معظم المخطوفين في غزة، وذلك دون الدخول إلى الدوامة السياسية التي ستخلقها الصفقة على خلفية تهديدات وزراء وأحزاب للانسحاب من الائتلاف.
لقد أوضح الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع أنه سيعرف كيف يوقف القتال إذا ما تطلب منه ذلك، وبناء عليه –يستأنفه أيضاً. كان هذا جوابه في تشرين الثاني أيضاً حين تحققت الصفقة السابقة لتحرير المخطوفين. في حينه أيد الجيش الصفقة لعلمه أن لا سبيل فاعلاً آخر لضمان عودة المخطوفين أحياء إلى الديار. في حينه مثلما هو اليوم، أوضح أيضاً بأنه سيكون لوقف النار – وبالتأكيد إذا كان طويلاً – أثمان. وأساساً في قدرة الترميم العسكري لحماس وتأجيل المعركة المخططة في رفح.
الهدف الثاني محبط لآمال إسرائيل جداً. فقد اعترف مصدر رفيع المستوى هذا الأسبوع بأنه كان مقتنعاً في هذا الوقت، بعد أربعة أشهر في الحرب، بأن إسرائيل ستصفي اثنين – ثلاثة على الأقل من مسؤولي المنظمة. أما عملياً فهي لم تقتل أياً منهم، فالسنوار والضيف ومروان عيسى وبضعة مسؤولين كبار آخرين يواصلون العمل في قيادة المنظمة، حتى وإن كان أصعب عليهم بسبب مشاكل الاتصال والسرية، فقد ظل حكمهم متماسكاً. صحيح أن إسرائيل قتلت عشرات القادة في المستويات الوسطى من قيادات الكتائب والسرايا، لكن الضربة لمن هم أكبر منهم صغيرة جداً وتدل على أنه في السباق الذي أداره الطرفان عشية الحرب – حماس كي تعد أماكن اختباء وإسرائيل لتعثر عليها وتستهدفها، كانت يد الأولى هي الأعلى بوضوح.
سيعثر على قيادة حماس في النهاية. قد يحصل هذا اليوم أو بعد شهر أو بعد سنة. كونها أحاطت نفسها بالمخطوفين، فقرارات كيفية العمل سترافقها معاضل أخلاقية وجماهيرية غير بسيطة. القيادة والجمهور سيحتاجان إلى أعصاب من حديد. أثبت الجمهور بأنه ناضج بما يكفي ليواجه الواقع الصعب الذي فرض عليه. أما القيادة فتواصل الغرق في الشقاق السياسي، وربما تفقد الشرعية لقراراتها. كل قرار، بدءاً من صفقة وحتى عملية ستكلف حياة مخطوفين.
لا قتال بدون مساعدات
في هذا الواقع الصعب، برزت نقطة ضوء واحدة هذا الأسبوع: قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعدم إصدار أمر احترازي لوقف القتال، وعملياً أعطى لإسرائيل شرعية لمواصلة المعركة. النقاش المبدئي في دعوى جنوب إفريقيا الهاذية بالإبادة الجماعية في غزة، وإن لم تحسم قانونياً بعد، لكن إسرائيل حررت لمواصلة طريقها بكل معنى الكلمة، حتى وإن دعيت لتحرص أكثر على الشؤون الإنسانية لسكان غزة وعلى لسان منتخبيها.
هاتان المسألتان مهمتان لمواصلة الحرب، والأولى لمنح إسرائيل مزيد من الوقت والشرعية حتى تهزم حماس. الادعاءات والمظاهرات ضد إدخال المساعدات إلى غزة مفهومة، لكن بدون مساعدات لن يستمر القتال. هذا جزء من الصفقة مع الأمريكيين، وخلاصتها – دقيق ووقود مقابل قذائف وفيتو في الأمم المتحدة. ترى واشنطن المعطيات: نحو 30 ألف فلسطيني قتيل ونحو 65 ألف جريح ونحو 1.4 مليون لاجئ يتجمعون الآن في منطقة رفح، ويطلبون من إسرائيل اتخاذ الخطوات المناسبة. الحكومة تتفهم وتقر وعلى عادتها وتتلعثم حين يصل هذا إلى الحاجة لتقول الحقيقة للجمهور الإسرائيلي.
ما يقودنا إلى المسألة الثانية. كلما مرت الأيام، يحرر الكثير من الوزراء أنفسهم من قيود الحرب والوحدة ويعودون إلى السياسة القديمة والسيئة. هذا واضح في كل زاوية، في كل خطاب، في كل زيارة. قلة هم الذين يتسامون ويرون مصلحة الجماعة والمسؤولية الوطنية وفرصة لا تتكرر تلقيناها كي ننهض من اللظى أقوى وأكثر وحدة، لكن لسوء الحظ، كثيرون لا يفهمون هذا. يواصلون ملء البركة بالماء فيغرقوننا جميعاً فيها.
———————————————
هآرتس 2/2/2024
حكومة نتنياهو لـ”لاهاي”: نهديك “العودة إلى غوش قطيف” وسنواصل الرقص على الدماء
بقلم: زهافا غلئون
هاكم بعض الأفكار التي جاءت في أعقاب مؤتمر “العودة إلى غوش قطيف”، الذي عقد في هذا الأسبوع في القدس بمشاركة آلاف الأشخاص، من بينهم وزراء في الحكومة، تحت شعار “يجب احتلال واستيطان القطاع”.
كما أشار نير حسون (“هآرتس”، 29/1)، هو مؤتمر ناقش الترانسفير، هذه جريمة حرب. جميع المشاركين عرفوا أنها جريمة حرب لأن محكمة العدل الدولية في لاهاي وضحت الأمر تماماً. الأخلاق لا تعنيهم، ولا يعنيهم أيضاً أنهم ماضون بشكل فعلي نحو اتخاذ خطوات ضد إسرائيل. هؤلاء أشخاص يجلسون في الحكومة، وليسوا أعضاء كنيست غرباء أو مجانين لا يمثلون أحداً، هؤلاء وزراء وأعضاء في الائتلاف. من الجدير الاستيقاظ لأن هؤلاء الأشخاص هم الذين يمثلوننا، وهم الذين يمسكون بزمام السياسة. القصة ليست “كيف نشرح هذا المجنون المناوب”، بل كيف حدث أنه الآن يجلس وراء دفة القيادة وكيف يمكن إزاحته عنها.
يجدر أيضاً التخلص من الأوهام حول فرق كبير بين أحزاب الائتلاف. لا فرق حقيقياً بين الليكود و”قوة يهودية”. ففي الحزبين أعضاء كنيست يؤيدون جرائم الحرب ويسوقونها. الفرق الوحيد أن في الليكود أعضاء كنيست لا يؤيدون حقاً، لكنهم مستعدون للتعايش مع هذا بارتياح، أو على الأكثر يعتقدون أنه “الآن ليس الوقت المناسب لمناقشة هذا الأمر”.
بناء على ذلك، لا يوجد ما نقوله عن رئيس الحكومة نتنياهو. والقول إنه “أسير المتطرفين” ليس صحيحاً. المأسورون الوحيدون هم الذين بيد المتطرفين، بيد حماس، ومصيرهم مأسور في يد بن غفير وسموتريتش ونتنياهو. يتحدثون عن نتنياهو وكأنه لا خيار أمامه. بل أمامه ألف خيار. هو غير ملزم بأن يكون رئيس الحكومة، ولم يكن واجباً عليه ترتيب هذه الحكومة الفظيعة لنفسه. شاهدنا هذه العملية تحدث أمام أنظارنا طوال سنين، حيث أصبحت كل حكومة أكثر هستيرية، ويخوض نتنياهو الانتخابات مع صديق أكثر حثالة. هذا هو الشخص وهذا أسلوبه. هؤلاء هم الأشخاص الذين يريدهم حوله. ولذلك، يمثلونه خير تمثيل. لا يوجد نتنياهو مقابل تالي غوتلب.
كلمة أخيرة عن ميل الحكومة للرقص في وقت ندفن فيه أمواتنا، سمعت كل التفسيرات والتبريرات. لم تكن المرة الأولى التي يركض فيها هؤلاء الأشخاص علناً بعد 7 أكتوبر، حتى وهم يعرفون جيداً كيف يفسر ذلك. إنهم سعداء الآن. الاغتصاب والقتل والاختطاف بالنسبة لهم ثمن ضئيل لندفعه. انظروا إليهم، في اللحظة الأكثر رعباً في تاريخ إسرائيل: يرقصون الرقصات الشعبية، وبعد قليل سيقدمون المشروبات. هم في حالة نشوة على رائحة دمائنا. هؤلاء هم.
لم يعد مهماً كتابة لماذا هذه الحكومة كارثية ويجب إزالتها. كتبنا وقلنا، وكل أقوالنا تحققت. من لم تقنعه الرقصات الشعبية، لن يقتنع. في الأسبوع الماضي، احتفلوا بالذكرى العاشرة لموت شولاميت ألوني. “لا أصدقكم. لا أصدقكم”، قالت لحكومة فشل حرب يوم الغفران في العام 1974. “الأشخاص الذين يعتقدون أن الأمر لن يستقيم بدونهم هم أكثر الزعماء خطراً”. نتنياهو على قناعة بأن الدولة هي هو، وهكذا هي أيضاً تبدو. لذلك، فإن السؤال الوحيد المهم الآن هو: كيف سنزيح هؤلاء الأشخاص بعيداً؟ كل يوم يبقون فيه وراء دفة القيادة سيكون فيه مخطوفون معذبون ومخطوفات مغتصبات، وهو يوم سنتقدم فيه نحو العقوبات الدولية وفتح جبهة مجنونة أخرى في الضفة. هم الذين قادونا نحو الهاوية والآن يرقصون على الحافة. نحن مجبرون على وقف ذلك.
———————————————
هآرتس 2/2/2024
مع تمنيه رفض حماس للصفقة.. لنتنياهو وزمرته: لا صورة نصر دون إعادة “المخطوفين”
بقلم: أسرة التحرير
لا توجد ولن توجد صورة نصر بدون إعادة المخطوفين. فالتخلي عن الصفقة، مهما كانت أليمة – وترك إضافي لأولئك منهم ممن لا يزالون على قيد الحياة لمصيرهم، لن يسمحا للمجتمع الإسرائيلي أن يشفى من جراح 7 أكتوبر.
إن تصريحات نتنياهو وشركائه في اليمين في الآونة الأخيرة تكشف أمانيهم: أن تقوم حماس عنهم بالعمل القذر، فتشدد مواقفها وتفجر الصفقة. وهكذا يكون بوسعهم توجيه نظرة متساذجة لعائلات المخطوفين وللجمهور كله متهمين منظمة الإرهاب بفشل الاتصالات، ليواصلوا الحرب ويكسبوا مزيداً من الوقت لبقاء الحكومة.
إن التنازلات التي ستكون إسرائيل مطالبة بها جسيمة بالفعل: تحرير آلاف السجناء وتوقف طويل للقتال في قطاع غزة مقابل تحرير دفعة أولى من نحو 35 مخطوفاً. تحدث الوزير بن غفير ضد مثل هذه الصفقة ونثر تهديدات بتفكيك الحكومة، فيما يسير الوزير سموتريتش في أعقابه.
في ضوء معارضتهما، يبدو نتنياهو غير مستعد للتعهد أيضاً؛ ففي زيارة إلى مستوطنة “عيليه” هذا الأسبوع، قال إن الحكومة “تعمل على تحقيق مخطط – لكن ليس بكل ثمن… لن ننهي الحرب. لن نخرج الجيش من القطاع ولن نحرر آلاف المخربين”.
نتنياهو يعلن عن التزامه بهدفيه اللذين بات واضحاً أنهما غير منسجمين معاً: تحرير المخطوفين وتصفية حماس. والتخلي عن صفقة الآن مثلها مثل حكم الإعداد للمخطوفين. المعنى العميق لمثل هذا التخلي هو خرق صريح للعقد الأساس الذي بين الدولة ومواطنيها.
ينبغي السؤال: إذا كانت إسرائيل ستتجرأ على ترك المخطوفين لحتفهم وعائلات المخطوفين لعذابات انعدام اليقين والثكل – فأي نوع من الدولة ستبقى هنا؟
هذا الأسبوع وقفت عدينا موشيه، التي تحررت من أسر حماس، أمام الكاميرات وتوجهت لنتنياهو. روت عن وضع صعب يمر به المخطوفون العجائز الذين يذوون في أنفاق حماس، واستجدته العمل على إعادتهم قبل قوات الأوان.
على رئيس الوزراء ووزراء اليمين الإنصات لهذا الاستجداء الذين يشارك فيه كثير من الجمهور والاستجابة له.
———————————————
معاريف 2/2/2024
في إسرائيل: لا فرق بين يمين و”يمين معتدل”.. الكل: نعم لطرد الفلسطينيين
بقلم: حاييم رامون
إن مؤتمر “عودة الاستيطان إلى غزة” الذي انعقد هذا الأسبوع بالجوهر (ربما بالأسلوب أيضاً) عكس موقف معسكر اليمين. ففكرة وجود “يمين آخر”، يمين “معتدل” من ناحية سياسية، وهم كان ينبغي تحطيمه منذ زمن بعيد. لم يشارك فقط هذا المؤتمر أعضاء “عظمة يهودية” و”الصهيونية الدينية” فحسب، بل وزراء ونواب من الليكود.
فضلاً عن ذلك، فإن ممثلي اليمين في الساحة السياسية ممن غابوا عن المؤتمر، لم يعربوا عن أي تحفظ على المواقف التي عبر عنها. وذلك لأن اليمين “المعتدل” أيضاً يوافق بشكل مبدئي على الدعوات التي انطلقت في المؤتمر لفرض حكم مدني أبدي على القطاع وإقامة مستوطنات في قلب السكان الغزيين.
ليس لأن مواقف كهذه انطلقت لأول مرة في المؤتمر موضع الحديث، فهي كلها جزء من أيديولوجيا ثابتة ومرتبة لمعسكر اليمين. لم يكن في الساحة السياسية رجل يميني واحد وقف ضد البؤر الاستيطانية غير القانونية. كلهم يؤيدون ضم كل “يهودا والسامرة”. كلهم مع حكم مدني كامل على أكثر من مليوني غزي. وكلهم مع إقامة مستوطنات في قلب السكان الغزيين.
بلاد إسرائيل الكاملة بحكم يهودي حصري… “الثنائي المتطرف” يريد تحقيقها بالقتل والتدمير… وغانتس ولبيد بـ”رقة ولطف”
ليس صدفة أن كل تحفظات سياسيي اليمين على المؤتمر لم تتضمن أي نقد على المواقف التي طرحت فيه (ورغم ذلك لم تكن للمتحفظين شجاعة ليعرفوا أنفسهم بالاسم ولم يذكروا إلا تحت عنوان “كبير في الليكود”). ولا أحد في اليمين تحفظ على دعوات الترحيل التي ظهرت متخفية تحت عنوان “الهجرة الطوعية”. وزير الاتصالات من الليكود شلومو كرعي، شرح معنى ذاك “الطوعي”: “نفرض عليه إلى أن يقول: أريد الترحيل طواعية”.
صحيح، ينشر سموتريتش وبن غفير مذهبهما السياسي على رؤوس الأشهاد وبشكل فظ، بينما ينشر يمينيون “معتدلون” مثل جدعون ساعر، ونفتالي بينيت، ومتان كهانا، ويولي ادلشتاين ويوعز هيندل، المذهب السياسي إياه بالضبط، ولكن برقة ولطف، بحلو اللسان وبتدوير العينين.
إضافة إلى ذلك، فهذه هي مواقف الأيديولوجية لمعسكر اليمين، ومن حقه محاولة إقناع الجمهور بحقها.
المأساة الحقيقية هي أن “المعسكر الرسمي” و”يوجد مستقبل” ليسا في الحدث، ففي ردود الفعل على المؤتمر، ركز غانتس وآيزنكوت ولبيد على التنديد بالأسلوب والتوقيت وليس على التنديد بالجوهر. فقد شرح غانتس بأن لا وقت للصراعات السياسية الآن. وتحدث آيزنكوت عن أهمية الإجماع الوطني الواسع، أما لبيد فما أزعجه أكثر تلك الرقصات التي جرت في المؤتمر. لكن أمام السياسة الواضحة التي عرضها اليمين في المؤتمر، لم يكلف أحد من زعماء “المعسكر الرسمي” و”يوجد مستقبل” نفسه عناء عرض بديل سياسي ما.
إن الجدال الأيديولوجي العظيم الذي يجري الآن في المجتمع الإسرائيلي هو بين أولئك الذين يريدون أن يحكموا حكماً أمنياً ومدنياً أكثر من مليوني غزي ويقيموا مستوطنات في أوساطهم، وأولئك الذين لا يريدون إلا حكماً أمنياً إسرائيلياً في القطاع ويتولى الحكم محفل غير إسرائيلي حكماً مدنياً، ليدير حياة السكان هناك ويعفينا من العناية بالمجاري والبطالة ونزاعات العشائر في غزة وخانيونس (ما سيكلف مليارات الشواكل). لكن هذا الجدال الأيديولوجي لا يدور في الساحة السياسية إلا من مكانة طرف واحد.
يعمل معسكر اليمين بكل نشاط على تحقيق دعم جماهيري لمشروعه في إقامة مستوطنات في القطاع وطرد كل الغزيين (“طوعاً”). كما يعمل اليمين على تقويض السلطة الفلسطينية بدعوى أن “السلطة هي حماس”، وذلك لتحقيق الهدف الأسمى، ألا وهو بلاد إسرائيل الكاملة والحكم اليهودي الحصري الذي معناه العملي هو حكم مدني كامل لإسرائيل على خمسة ملايين واستمرار الاختلاط بهم إلى أن نصبح دولة واحدة، ثنائية القومية مع أغلبية عربية.
“خوف شال”
بالمقابل، هناك فراغ أيديولوجي مطلق في “المعسكر الرسمي” و”يوجد مستقبل”، فبدلاً من الترويج لمواقف سياسية واضحة، يركزون على توقيت المؤتمر وعلى الرقصات التي كانت فيه. وأخطر من ذلك، فإن زعماء المعسكر يخافون من عرض أيديولوجيا مصممة في وجه أيديولوجيا اليمين، وبدلاً من هذا، يفضلون التورط بأقوال مشوشة ومتناقضة حول الحكم في قطاع غزة.
عندما سُئل غانتس إذا كان مع أو ضد أن تحكم السلطة الفلسطينية في القطاع، شرح بأنه ينبغي “السماح بنمو قدرات إدارية مدنية”. بمعنى أن إسرائيل ستبحث عن نوع فاخر من الغزيين محبي صهيون، ستسقيهم وتنميهم إلى أن يتمكنوا من إدارة القطاع. في هذا السياق، يجدر بنا ان نذكر بوجود مبادرات “تنمية” لإسرائيل في بداية طريق حماس وحزب الله.
تسامى الوزير حيلي تروبر على زعيمه، وشرح بأن “ليس صحيحاً أن إسرائيل ستحكم هناك مدنياً… لكني أيضاً أرفض بقاء حماس، وعليه ينبغي بناء قوة محلية… لا نريد قوة عسكرية لكن لا أشخص في هذه اللحظة قوة محلية يمكنها أن تفعل هذا، لكنها مسيرة يجب أن تتجسد”. من فهم قصد تروبر، فلينهض.
إن اقتراح غانتس وتروبر “بناء” قوة محلية تحكم القطاع لا أساس له. وحتى لو كان فيه أي احتمال، فهي مسيرة ستستغرق أشهراً طويلة إن لم يكن سنين. ومن سيحكم القطاع حتى ذلك الحين؟ الجواب واضح للجميع (ولغانتس وتروبر أيضاً). ثمة محافل رفيعة المستوى في الجيش تبلغ بأن حماس بدأت بترميم حكمها المدني الآن في كل مكان يقلص فيه الجيش الإسرائيلي قواته.
لذا، تقف إسرائيل في هذه اللحظة أمام إمكانيتين فقط إزاء الحكم المدني في القطاع: حكم عسكري مؤقت لإسرائيل، أو استئناف حكم حماس. غانتس وتروبر وباقي أعضاء “المعسكر الرسمي” يعارضون الحكم العسكري المؤقت، وبذلك يساعدون على ترميم حكم حماس.
الجمهور الإسرائيلي يريد أمناً، ومعنى الأمر حكم أمني إسرائيلي في قطاع غزة على مدى سنين. لكني أؤمن بأنه بخلاف المشاركين في المؤتمر، الأغلبية الساحقة من الجمهور لا تريد لإسرائيل العودة لاستيطان قطاع غزة أو إدارة الحياة اليومية لأكثر من مليوني غزي بكلفة عشرات مليارات الشواكل في السنة على دافع الضرائب الإسرائيلي.
يجب أن يقام حكم عسكري مؤقت إسرائيلي في القطاع في هذه اللحظة، للأسباب المذكورة أعلاه، وبالتوازي خوض مفاوضات سياسية مع الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة على نقل الحكم المدني في القطاع إلى السلطة الفلسطينية شريطة أن تجتاز التغييرات اللازمة وتحكم هناك بإسناد ورقابة من تلك الدول العربية. ولمن نسي، هذه الدول تشترط نقل المليارات اللازمة لترميم القطاع بعودة السلطة الفلسطينية إلى هناك.
يحاول “المعسكر الرسمي” و”يوجد مستقبل” الإقناع بأنه لا فوارق كبيرة بينهما وبين اليمين في أفكارهما السياسية بعامة وفي مسألة “اليوم التالي” في قطاع غزة بخاصة. إذا كان هذا هو الواقع بالفعل، فسيفضل الناخب البضاعة الأصلية وليس تقليدها الرخيص. إن الخوف من عرض مواقف حقيقية إزاء موضوع حرج كالحكم المدني في القطاع ليس ضاراً فقط من ناحية سياسية ومرفوض من ناحية أخلاقية، بل ويشكل خطأ سياسياً جسيماً. حان الوقت لغانتس، آيزنكوت ولبيد أن يصحوا ويعرضوا بديلاً سياسياً واضحاً ومصمماً في وجه معسكر اليمين.
———————————————
هآرتس 2/2/2024
شمال القطاع بين محدودية الجيش الإسرائيلي وتسرع حماس في السيطرة..
”الصفقة”: “تتقدم ببطء ولا يقين بشأنها”.. ونتنياهو بين شركائه وعقيدة بايدن الجديدة للشرق الأوسط
بقلم: عاموس هرئيل
بات مطلوباً تقديم ملاحظة تحذير، فرغم المعلومات الكثيرة والتنبؤات المتفائلة التي تطلقها مصادر أمريكية ومصرية وقطرية، فإن صفقة تحرير المخطوفين القادمة لم تغلق بعد. في الأسبوع الأخير، حدث تقدم حقيقي بعد أن قدمت الولايات المتحدة والوسطاء العرب اقتراحاً يتفق عليه الوسطاء الثلاثة، وتم عرضه على الطرفين، إسرائيل وحماس. ولكن ما زالت هناك مسافة يجب اجتيازها في المفاوضات – لا يقين الآن بأن المفاوضات ستنتهي بتفاهمات، أو حتى بجدول زمني واضح لتنفيذها.
قبل استكمال صفقة شاليط في 2011 اهتم رجال المخابرات المصرية بإجراء “محادثات تقارب” بين الطرفين في القاهرة. ممثلو إسرائيل وحماس رفضوا الجلوس في نفس الغرفة، لذلك تمت استضافتهم في أماكن منفصلة في الفندق، في حين كانوا يتنقلون بين الوفدين للتوصل إلى صيغة متفق عليها حول الصفقة. أحد كبار ممثلي حماس الذي وصف بأنه رئيس الأركان في حماس في ذلك الوقت، أحمد الجعبري، الذي اغتالته إسرائيل بعد سنة على إطلاق سراح جلعاد شاليط، من الجو في عملية استهلت عملية “عمود الدخان”. بعد ذلك، تم الادعاء بأن المكوث القسري في القاهرة أثناء المفاوضات “أفسد” الجعبري. فقد تعود على ملذات الحياة خارج القطاع، وتوقف عن التصرف كمطلوب، وفي نهاية المطاف أصيب عندما نزلت عليه شعرة تصويب إسرائيل.
إذا سمعنا في القريب عن البدء في جولة محادثات تقارب، فقد يكون علامة على تقدم حقيقي في المفاوضات. سيكون من الصعب استكمال اتفاق معقد دون مكوث جسدي للوفود في القاهرة، خصوصاً في الوقت الذي يختبئ فيه يحيى السنوار في الأنفاق ولا يجري اتصالات بشكل مباشر مع العالم الخارجي.
الخطوة الأساسية الأولى قبل الصفقة الجديدة تمت في بداية الأسبوع في مؤتمر باريس. وجرى هناك، بدون تمثيل لحماس، اقتراح موجه لممثلي إسرائيل. الآن لا يوجد للطرفين مصلحة في التشاجر مع الوسطاء. فإسرائيل بحاجة إليهم للمضي بالصفقة، وحماس بحاجة أكثر لتزويدها بالأوكسجين المهم، الأموال القطرية، وحرية الحركة من القطاع وإليه عبر مصر. تمت في باريس بلورة إطار وآلية للدفع قدماً بالاتفاق، لكن بدأت بشكل رمزي لعبة الاتهامات التي يقودها الوسطاء. لهم مصلحة في أن تظهر إسرائيل أو حماس بأنها أفشلت الصفقة.
مؤخراً، بدأت تتسرب تفاصيل عن طبيعة الاتفاق. بعضها خرج من إسرائيل، على الأغلب من مكتب رئيس الحكومة نتنياهو. هذه كانت عملية متعددة المراحل. ففي البداية نشرت خطة مخيفة للصفقة (“إطلاق سراح آلاف المخربين”). بعد ذلك تم إجراء استطلاع في “أخبار 12” اظهر أن أغلبية ساحقة من الجمهور تعارض هذه الخطة (من الذي يرغب في إطلاق سراح آلاف المخربين؟)؛ بعد ذلك أصدر نتنياهو تصريحاً أثناء زيارته للمدرسة التمهيدية العسكرية في مستوطنة “عيلي” (“لن نطلق سراح آلاف المخربين”)، وفي نهاية المطاف في اللقاء مع عائلات المخطوفين (“كلما تم الحفاظ على سرية هذه الجهود، فستكون لها احتمالية أكبر للنجاح”).
بلغة كرة القدم، لهذا السلوك تعبير مناسب وهو “أن تركل الضربة الركنية وتركض لإدخال الهدف بالرأس”. نتنياهو يحاول السيطرة على كل مراحل العملية، ويثور الشك بأنه لا يسارع نحو الصفقة؛ لأنها عملية تضعه على مسار التصادم مع الجناح اليميني جداً في الائتلاف. خلال ذلك، هو يتجاهل أن مبعوثيه في باريس، رؤساء جهاز الأمن، نسقوا المواقف مسبقاً مع دول الوساطة منذ فترة طويلة، وأن الكثير من تفاصيل الاقتراح تبلور بموافقة إسرائيل.
وزراء في اليمين المتطرف وبعض وزراء الليكود انضموا هذا الأسبوع لتوجيه انتقادات علنية للخطة التي تلوح في الأفق. وحسب التفاصيل التي تسربت، فالحديث يدور عن عدة مراحل، في المرحلة الأولى سيتم إطلاق سراح “حالات إنسانية” من بين المخطوفين، 35 – 40 من النساء (لكن من غير الواضح أنه يشمل المجندات المخطوفات) وكبار السن والمرضى والجرحى. هذه المرحلة ستمتد شهراً ونصف شهر، وفي المراحل القادمة سيتم إطلاق سراح المزيد من المخطوفين وجثامين إسرائيليين محتجزين في القطاع، في حين أن الجنود الذين بينهم، سيكونون آخر من ستتم إعادتهم. الحديث يدور عن مرحلتين أو ثلاث مراحل، على فترة تمتد لبضعة أشهر، يحافظ في أثنائها على وقف كامل لإطلاق النار. خلافاً للطلبات السابقة، يبدو أن حماس لن تطلب الآن تطبيق انسحاب كامل لقوات الجيش الإسرائيلي من القطاع من أجل المصادقة على الصفقة كشرط للبدء في تطبيقها.
حماس تحتجز حتى الآن 136 مخطوفاً إسرائيلياً وأجنبياً في القطاع. 30 منهم أعلن عن قتلهم على يد الجيش الإسرائيلي استناداً لتحليل المعلومات التي تم جمعها. من المرجح أن عدد القتلى الحقيقي أكبر. في المفاوضات لم يتم تحديد أعداد بعد. ومن غير المعروف عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل مخطوف. من المرجح أن عدد المحررين الفلسطينيين سيرتفع بشكل كبير في مراحل الصفقة النهائية. يبدو أن نتنياهو الآن قادر على الوفاء بوعوده التي أطلقها في هذا الأسبوع، لا لوقف شامل للحرب ولا لإطلاق سراح آلاف المخربين، على الأقل في هذه المرحلة. ولكن استمرار تطبيق الصفقة سيفاقم صعوبته السياسية في الجناح اليميني في الحكومة، وأيضاً لعدد من ناخبيه.
في الخلفية هو يكافح ضد التهديد السياسي. رغم أن رئيس الحكومة يواصل مغازلة فكرة صفقة سياسية كبيرة، تشمل التطبيع مع السعودية، ولكن تنطوي أيضاً على أخطار من ناحيته. توماس فريدمان، الصحافي المقرب جداً من الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قدر أمس في “نيويورك تايمز” بأن الإدارة الأمريكية قد تعرض في الفترة القريبة عقيدة جديدة للشرق الأوسط، أساسها المضي بإقامة الدولة الفلسطينية وحلف دفاع مع السعودية (إلى جانب التطبيع بين السعودية وإسرائيل) و”الصمود” أمام إيران. ما هي احتمالية المضي بمثل هذه المبادرة، بموافقة إسرائيل، ما دام نتنياهو في الحكم؟ يبدو أنها احتمالية ضعيفة جداً.
نتنياهو يأمل اجتياز دورة الكنيست الشتوية التي ستنتهي بعد شهرين تقريبا بسلام بدون أي هزة تدمر ائتلاف الحرب. أسلوب البقاء الذي يتبعه قائم على نثر الوعود المتناقضة ونشر الضباب بشكل دائم حول نواياه. كلما اقترب موعد اتخاذ قرار حاسم بشأن صفقة المخطوفين يزداد الضغط في الشارع والحكومة، ويصعب عليه تحقيق أهدافه.
بين جنين وغزة
إلى جانب استمرار القتال في خان يونس، عاد الجيش الإسرائيلي لمهاجمة شمال القطاع في هذا الأسبوع، لا سيما وسط وغرب مدينة غزة. الاقتحام البري هناك الذي قتل فيه عشرات مسلحي حماس كان من أجل القضاء على محاولة حماس إحياء نشاطاتها العسكرية وسيطرتها المدنية في المناطق التي خفف فيها الجيش الإسرائيلي من وجوده.
للمفارقة، هذه العملية تشير إلى محدودية جهود إسرائيل وإلى ضعف حماس أيضاً. أولاً، عندما يقلص الجيش الإسرائيلي قواته في بعض المناطق، في ظل غياب أي تحرك سياسي لتحقيق الاستقرار في المنطقة، فإن حماس تتعجل العودة إليها. ثانياً، قوة حماس العسكرية محدودة حالياً بدرجة كبيرة. بالنسبة لحماس، كان الجيش الإسرائيلي يحتاج فقط إلى اثنين من الطواقم اللوائية القتالية في المكان الذي استخدم فيه فرقتين لهجومه في الشمال، مع دعم سلاح الجو. هذه هي الصيغة التي تخطط لها رئاسة الأركان للسنة القادمة: هجمات مركزة ومحدودة ضد أهداف حماس المتبقية وفي الأماكن التي ستحاول فيها إعادة فرض سيطرتها.
في هذه الأثناء، المقاومة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي تذكر بما يحدث في مدن شمال الضفة الغربية، جنين ونابلس وطولكرم، أكثر مما تذكر بالوضع الذي ساد في القطاع في بداية الحرب. السؤال هو: هل يمكن الحفاظ على مثل هذه النشاطات لفترة طويلة، وفي نفس الوقت مواصلة إضعاف قوة حماس؟ وقف طويل لإطلاق النار سيناقض لذلك.
يتعزز في القسم الجنوبي للقطاع الحصار حول خان يونس. الفرقة 98 حاصرت هذا الأسبوع المدينة من الجنوب والغرب، وأدخلت القوات إلى مخيم اللاجئين الكبير في غرب المدينة. قائد الفرقة العميد دان غولدبوس، وصف “قتالاً متزامناً، فوق الأرض وتحتها أيضاً في الأنفاق”. الجيش الإسرائيلي، خلافاً لخططه السابقة، يدخل المقاتلين إلى الأنفاق، حيث يتم تمشيطها وتطهيرها قبل تدميرها بالمواد المتفجرة.
التحدي الصعب للقتال في منطقة مكتظة، فيها سكان وأنفاق، والجهود المبذولة للعثور على إشارات استخبارية تشير إلى وجود مخطوفين، تقتضي العمل المتلازم مع وحدات خاصة، بما في ذلك دورية هيئة الأركان، وشلداغ، والكوماندو البحري ووحدة يهلوم التابعة لسلاح الهندسة. للمرة الأولى، تندمج سرايا من هذه الوحدات داخل الطواقم الحربية اللوائية، وهي عملية تعتبر نجاحاً عملياتياً كبيراً رغم أنها جبت خسائر استثنائية لجزء من الوحدات.
مراسل “أخبار 12” رافق هذا الأسبوع قوة نظامية للمظليين في خان يونس. وعندما سأل الجنود عن هدف الحرب كان الجواب واحداً: إعادة المخطوفين. من غير المؤكد أن هذا هو ما يرغب نتنياهو في سماعه، وأقل منه رغبة سموتريتش وبن غفير.
———————————————
رئيس الشاباك الأسبق: الحرب انتهت وحماس باقية بحكم غزة
قال الرئيس الأسبق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) كرمي غيلون إن الحرب في غزة انتهت، وإن إطلاق النار قد يتوقف لمدة تصل إلى 5 أو 6 سنوات.
ورأى غيلون – في حديث أدلى به للقناة الـ12 الإسرائيلية ونشرت مقتطفات منه الخميس- أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تلقت “ضربة قوية” في هذه الحرب الانتقامية، حسب وصفه.
لكنه أضاف أن حماس “ستبقى هي الهيئة الحاكمة في القطاع ما دام هناك فراغ وليس هناك من يملؤه حتى الآن”.
وتوقع غيلون أن يتوقف إطلاق النار لمدة تصل إلى 6 سنوات قد يتجدد بعدها إطلاق الصواريخ من غزة، لكنه قال إن “قصة ما حدث في 7 أكتوبر لن تتكرر في رأيي”، في إشارة إلى هجوم المقاومة الفلسطينية المباغت على المواقع العسكرية الإسرائيلية ومستوطنات غلاف غزة ضمن عملية طوفان الأقصى.
وأضاف “برأيي الحرب انتهت، والسبب الوحيد لبقاء الجيش الإسرائيلي في الميدان هو إعادة الرهائن (الأسرى الإسرائيليون في غزة)”، مشيرا إلى أن الضغط العسكري هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يعيدهم.
وفي ما يتعلق بالإخفاق الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال غيلون -الذي ترأس الشاباك بين عامي 1994 و1996- إن “أحدا لم يكن يتخيل حدوث ذلك، ليس لدي تفسير يتعلق بالاستخبارات، وأعتقد أنه مع استمرار القتال والكشف عن المزيد من الحقائق بشأن استعدادات حماس يتبين أن الإخفاق الاستخباراتي هائل”.
———————————————
صدمة “طوفان الأقصى” ستؤثر على “إسرائيل” لسنوات
مأزق جديد ينتظر الاحتلال بعد انتهاء حرب غزة
وضعت حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة الاقتصاد الإسرائيلي أمام مأزق حقيقي، وربما يستمر لسنوات.
ويرى البنك المركزي الإسرائيلي، في تقرير الاستقرار المالي الصادر مساء الأربعاء، أن تأثير الحرب على غزة بات محسوسًا في جميع القطاعات الاقتصادية، ويمثل مخاطر رئيسية رغم التدابير التي اتخذت لتفادي صدمة الحرب على غزة.
ويقول البنك في تقريره الذي يصدر مرتين في العام إن صدمة الحرب تركزت في الاقتصاد الكلي، إذ رفعت علاوة المخاطر في البلاد، ويشير إلى أن تداعيات الحرب رفعت كذلك مخاطر الائتمان بشركات المقاولات، بالإضافة إلى ارتفاع مصاريف التمويل، مما كان له أثر سلبي على الوضع المالي لشركات المقاولات.
في السياق ذاته، ترى تقارير غربية أن الكلفة المرتفعة للحرب وتداعياتها المالية ربما تستمر لسنوات على الرغم من التطمينات التي تصدر عن الجهات الرسمية في تل أبيب.
وترى مؤسسة “راند” الأميركية أن التكاليف الاقتصادية للحرب على غزة يمكن أن تتسبب في خسارة إسرائيل لنحو 400 مليار دولار من النشاط الاقتصادي على مدى العقد المقبل، وتهدد مستقبل إسرائيل الاقتصادي. وهذا الرقم أكبر بكثير من تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية لكلفة الحرب البالغة 51 مليار دولار.
ويقول تقرير “راند” إن 90% من الصدمة الاقتصادية لإسرائيل ستأتي من التداعيات غير المباشرة على الاقتصاد المتمثلة في انخفاض الاستثمار، واضطراب سوق العمل، وتباطؤ نمو الإنتاجية، وارتفاع حجم الدين الخارجي، وارتفاع كلفة الاستدانة الجديدة، وهروب الاستثمارات من السوق الإسرائيلية.
من جانبها، أكدت شركة “برايس ووترهاوس كوبرز”، في تقرير عن قطاع التقنية الذي يعد من ماكينات النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية للاقتصاد الإسرائيلي، أن قيمة عمليات التخارج من التكنولوجيا الإسرائيلية، بما في ذلك عمليات الاندماج والاستحواذ والاكتتابات العامة، تراجعت بنسبة 56 في المائة إلى 7.5 مليارات دولار من 16.9 مليار دولار في العام السابق.
وأشارت الشركة إلى أن العديد من الشركات الناشئة المحلية تكافح من أجل جذب التمويل الأساسي، وخاصة من المستثمرين الأجانب، في حين أنه من غير المرجح أن تتم الصفقات الكبرى.
من جانبه، قال المستثمر الإسرائيلي جون أفيريت، في مقابلة مع صحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية نشرت الاثنين الماضي: “يوجد حاليًا تريليون دولار محاصرة في صناديق رأس المال الاستثماري بإسرائيل”، مضيفا أن “وضع السوق الحالي في إسرائيل يمثل عاصفة حقيقية بالنسبة لنا في صناديق الاستثمار”.
ويلاحظ أن هؤلاء المستثمرين في هذه الصناديق في حاجة ماسة إلى السيولة، ولكنهم ربما لن يتمكنوا من ذلك بسبب الخسائر الضخمة التي سيتكبدونها في حال بيع أصولهم.
ضرائب مرتفعة
ويرى تقرير “فورين ريبورت” الصادر الأربعاء أن “الضرائب المرتفعة التي تنوي الحكومة الإسرائيلية فرضها لتغطية نفقات الحرب ستؤدي إلى إعاقة تطوير الأعمال والنمو، وفي نهاية المطاف، النمو الاقتصادي”.
ويشار إلى أن إسرائيل تمتعت لسنوات عديدة بتصنيف ائتماني قوي بشكل غير عادي بفضل مواردها المالية الحكومية، ولكن بيئة الأمن القومي الأقل أمانًا بعد عملية “طوفان الأقصى” والحرب رفعت المخاطر الاستثمارية أمام المستثمرين الأجانب لاستثمار أموالهم في إسرائيل.
وأكد التقرير أن البيئة الأمنية ستكون لها آثار عميقة على قطاع الشركات الناشئة في إسرائيل، الذي يجمع نصف رأسماله أو أكثر من الخارج، ويعتمد بشكل كبير على قوة عاملة غالبيتها الساحقة من الشباب والذكور الذين سيؤدون الآن المزيد من الخدمة العسكرية. كما أن المخاطر الأمنية قد تدفع مهندسين ورجال أعمال للهجرة إلى الخارج. وببساطة فإن “وهم إسرائيل كواحة آمنه لبناء الثروة انهار بشكل كبير بسبب الحرب على غزة وتداعياتها”، حسب التقرير.
على الصعيد الداخلي، يعاني المواطن الإسرائيلي من ارتفاع معدل التضخم الذي يثير الغضب الشعبي ضد حكومة بنيامين نتنياهو، ويهدد ببقاء الفائدة المصرفية مرتفعة، وبالتالي عرقلة تمويل الاقتصاد وحرمانه من النمو.
وفي الشهر الماضي، تعرضت إسرائيل لموجة ارتفاعات شديدة في أسعار السلع وبعض الخدمات، كان آخرها ارتفاع أسعار الوقود أول أمس.
ويقول تقرير بصحيفة “غلوبس” الإسرائيلية، في هذا الشأن، إن “أسعار المواد الغذائية ترتفع بشكل حاد في إسرائيل، وتواصل الشركات فرض أسعار مرتفعة”.
وحتى الآن، وفرت الحرب على غزة وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر العذر للشركات الإسرائيلية لـ”رفع أسعار السلع الغذائية كما تشتهي”، حسب ما يقول منتقدو المتاجر الكبيرة في إسرائيل. ولكن التقارير الدولية تشير بوضوح إلى أن هجمات الحوثيين رفعت كلف نقل السلع، حيث تراجعت العديد من الشركات عن مسار الرحلات عبر البحر الأحمر ولجأت إلى رأس الرجاء الصالح، وهو ما رفع تلقائياً من كلف النقل، ورفع كذلك من شهادات التأمين.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإن العديد من شركات الشحن البحري تفادت الرسو في الموانئ الإسرائيلية بسبب كلفة مخاطر الحرب. وارتفعت أسعار شحن الحاويات من 1500 دولار إلى 7200 دولار، كما تضاعفت مواعيد التسليم بسبب طول الرحلات حول أفريقيا.
ويرى محللون إسرائيليون أن ضعف الشيكل مقابل الدولار ساهم كذلك في رفع أسعار السلع المستوردة.
قطاع التقنية
ولاحظ تحليل “فورين ريبورت”، الصادر يوم الأربعاء، أن الأعوام الثلاثين التي سبقت عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول كانت سنوات “فورة الشركات الناشئة”، إذ تبنت إسرائيل نموذج الشركات الناشئة في وادي السليكون بحماسة ملحوظة، الأمر الذي أدى إلى نموها كقوة عالمية هائلة في مجال التكنولوجيا الفائقة.
وقد خلق هذا القطاع أعداداً هائلة من الوظائف ذات الأجور الجيدة، واجتذب مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية، كما خلق فائضاً تجارياً غير مسبوق، وبالتالي ساهم في بناء الثروات، ومكن بالتالي الحكومة من خفض الضرائب الشخصية إلى مستوى أقل بقليل من المتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. لكن بعد عملية “طوفان الأقصى” وتداعيات الحرب، يقدر أن يرتفع الإنفاق الدفاعي بنسبة تقترب من 80 في المائة هذا العام (بإضافة المساعدات الأميركية)، أو نحو 70 مليار شيكل (حوالي 20 مليار دولار).
ولا يزال هذا الرقم محل نقاش، ولكن المؤكد أن الإنفاق على الحرب سيرتفع بنحو 20 مليار شيكل ( 5.46 مليارات دولار) خلال العام الجاري. ولدفع هذه التكاليف، اختارت حكومة الاحتلال خفض الإنفاق في الخدمات وزيادة عجز الموازنة إلى 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، لذا يرى تقرير “فورين ريبورت” أنه إذا ظل الإنفاق العسكري عند مستوى مرتفع على مدى السنوات القليلة المقبلة، فسوف تضطر إسرائيل إلى زيادة الضرائب على المواطنين. و”يبدو أن ارتفاع الإنفاق العسكري أمرٌ لا مفر منه، حتى لو انتهت حرب غزة أو أصبحت حرباً أقل حدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة”.
الديون الإسرائيلية
يقول مراقبون إن السوق العالمية لا تزال تضع علاوة مرتفعة للغاية على ديون إسرائيل الدولية، بالنظر إلى أن الحرب مستمرة، وتشعر السوق بالقلق بشأن كيفية تأثير الحرب على نمو إسرائيل ومستويات الدين العام، والتصنيفات السيادية اللاحقة.
ويفوق الدين الإسرائيلي نسبة 60% من إجمالي الناتج المحلي الإسرائيلي الذي كان يقدر قبل الحرب بنحو 522 مليار دولار، وفق بيانات صندوق النقد الدولي. ويرى بنك إسرائيل أن “الزيادة المستمرة، وليس المؤقتة، في صافي الدين الحكومي العام دون اتخاذ تدابير تعويضية يمكن أن تشكل مخاطر على الاقتصاد الإسرائيلي”. وقال البنك إن “هذا هو أحد الأسباب التي تجعل التصنيفات في الوقت الحالي تتمتع بنظرة مستقبلية سلبية”.
يذكر أن حجم الدين الخارجي الإسرائيلي كان يبلغ 155.2 مليار دولار في سبتمبر/ أيلول 2023، أي قبل عملية “طوفان الأقصى”.
———————————————
محلل إسرائيلي: بعد توقف حرب غزة ستبدأ عندنا “معركة سياسية”
يعقوب كاتس اعتبر في مقال بصحيفة “جروزاليم بوست” العبرية أن تدمير “حماس” غير ممكن
القدس / عبد الرؤوف أرناؤوط
رأى محلل سياسي إسرائيلي، الجمعة، أنه عندما تتوقف الحرب على قطاع غزة ستبدأ “معركة سياسية” في إسرائيل.
وكتب يعقوب كاتس، الباحث في معهد سياسة الشعب اليهودي (غير حكومي) بمقال في صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية: “رغم التصريحات السابقة التي بموجبها سوف يدمر الجيش الإسرائيلي حماس ويقضي عليها، فإن إسرائيل تدرك اليوم أن هذا غير ممكن”.
وأضاف كاتس، رئيس التحرير السابق لـ”جروزاليم بوست”: “بل إنها تركز بدلا من ذلك على ما تبدو وكأنها أهداف أكثر تواضعا تتمثل في تحرير الرهائن، والإطاحة بقيادة حماس، وإيجاد واقع أمني جديد جنوب إسرائيل”.
وتابع أن “النصر بالطريقة التي نميل إلى التفكير فيها غير ممكن في هذا الصراع، ورغم أن إسقاط حماس وإعادة الرهائن أمر ممكن، فإن النصر الحاسم لن يتحقق رغم ذلك”.
ورجح كاتس أنه “حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة فإن حزب ’الوحدة الوطنية’ برئاسة بيني غانتس (الوزير بمجلس الحرب) سينسحب من الحكومة”.
وقال: “ستكون هذه بداية معركة جديدة ستندلع في إسرائيل، معركة تدور حول بقاء (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو السياسي وما إذا كان سينجح في البقاء في منصبه”.
وأضاف كاتس: “سيكون وقف إطلاق النار، سواء كان مؤقتا أو لأجل غير مسمى، هو أيضا النقطة التي ستنفجر فيها الاحتجاجات بطريقة لم تشهدها إسرائيل من قبل”.
وتابع: “ستكون (الاحتجاجات) على نطاق جديد، فيمكن أن تؤدي إلى اضطرابات عامة واسعة مثل المسيرات حول تشريع مشروع قانون المعقولية العام الماضي والتي شهدت إغلاق مدن بأسرها لعدة أيام، ويعد قادة الاحتجاج بأن تلك الاحتجاجات لن تكون شيئًا مقارنة بما هو قادم”.
وأشار كاتس إلى أن “الناس سينفسون عن غضبهم على الحكومة ونتنياهو جراء سنوات الإهمال، وعلى الجيش الإسرائيلي”.
ورأى أن “ما سيفعله نتنياهو سيحدد ما سيحدث بعد ذلك، لكن الاعتقاد بأن الاحتجاجات، التي سيصورها فورا على أن اليسار يقودها هي التي ستدفعه إلى التنحي، فكرة خاطئة”.
وقال: “ستكون خيارات نتنياهو محدودة.. ستكون غريزته هي تصوير المتظاهرين على أنهم يساريون ومحاولة توجيه الحديث بعيدا عن إخفاقات 7 أكتوبر الماضي ونقلها بدلاً من ذلك إلى مسألة اليمين مقابل اليسار.. لكن هذا وحده من غير المرجح أن يكون كافيا لوقف الاحتجاجات”.
وذكر كاتس أن “نتنياهو قد يلجأ إلى تشكيل لجنة تحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر حينما فاجأت حماس بهجوم على 22 بلدة و11 قاعدة عسكرية في غلاف قطاع غزة”.
وقال: “من الصعب أن نرى كيف ستكون لجنة التحقيق كافية لوقف الاحتجاجات”.
وبيّن كاتس: “لذلك، قد يضطر نتنياهو إلى بذل المزيد من الجهد مثل إعلان انتخابات جديدة”.
واستدرك: “السبب هو إيجاد مسافة بين 7 أكتوبر والانتخابات، فهو (نتنياهو) يريد من الناس أن يبتعدوا عن الكوارث والإخفاقات، بقيادة سياساته، وأن يركزوا على قضايا أخرى بمجرد حلول الصيف واضطرارهم إلى التصويت، ما هي القضايا الأخرى؟ الدولة الفلسطينية هي أحد الأمثلة ومعارضته لها، وكذلك التطبيع مع السعوديين، والذي سيحاول إعادته إلى المسار الصحيح”.
وعلى ذلك فقد رأى كاتس أن “إسرائيل تتجه نحو مرحلة معقدة ستختبر هذا البلد بطرق جديدة، فقد يؤدي وقف إطلاق النار إلى إنهاء الهجوم المكثف على غزة، لكن بالنسبة للبعض فإن المعركة الحقيقية قد بدأت للتو”.
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شنت “حماس” هجوما على نقاط عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة ما أدى إلى مقتل نحو 1200 إسرائيلي، وإصابة حوالي 5431، وأسر 239 على الأقل.
وأمس الخميس، أبدى متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري “تفاؤلا” في أن يقود العمل الحالي على إبرام صفقة لتحرير المحتجزين الإسرائيليين في غزة، إلى “هدنة مطولة” بين حركة حماس وإسرائيل.
والأحد، عُقد اجتماع في العاصمة الفرنسية باريس بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر، لبحث صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب في غزة، تتم عبر 3 مراحل، وفق مصادر فلسطينية وأمريكية.
———————————————
جهات إسرائيلية: نتنياهو يتمنى أن يفجّر السنوار الصفقة طمعاً بالبقاء في الحكم
بقلم: وديع عواودة
“القدس العربي”: تسود في إسرائيل، اليوم الجمعة، اليوم التاسع عشر للحرب على غزة، حالة ترقّب تبلغ حدّ حبس الأنفاس لدى عائلات المحتجزين في غزة، إزاء التقارير المتواترة عن موافقة إسرائيل و”حماس” المبدئية على “اتفاق إطار” لصفقة جديدة، تمت صياغته في قمة باريس.
ورغم انعقاد مجلس الحرب والمجلس الوزاري المصغر، ليلة أمس، لم يصدر بعد موقفٌ رسمي من إسرائيل حيال هذه التقارير المتفائلة، وتبدو الصورة ضبابية، خاصة أن موسم المناورات والشائعات والكذب والتضليل يبلغ ذروته هذه الأيام، مع تجاذبات وتوترات وتهديدات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل. ولذا تزداد الصورة ضبابية، في ظل أنباء ومصالح متناقضة ومؤثرات مختلفة، ولكثرة الأشجار لا يتسنى رؤية الغابة بكاملها الآن.
وذهبت إذاعة الاحتلال لحدّ القول إن احتمالات تنفيذ الصفقة اليوم هو 50% مقابل 50%، وذلك بالاستناد لمصدر إسرائيلي وصفتْه بـ “المتداخل في مداولات باريس”.
وفي ظل صمت رسمي، في الساعات الأخيرة، حيال مداولات الصفقة، مقابل أوساط إسرائيلية ترفض أي صفقة دون تدمير “حماس”، يشكك عددٌ كبير من المراقبين الإسرائيليين بنوايا وحسابات رئيس حكومة الاحتلال وزمرته في سدة الحكم.
في مقال بعنوان “رؤية بايدن الجديدة”، يواصل المعلق السياسي البارز في “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع الطعن بصدقية ومصداقية نتنياهو، فيقول إن رئيس الموساد عاد من باريس مع مسودة اتفاق إطار، والآن يمكن البدء بالتباحث بالتفاصيل، ومن غير الواضح إذا ما كان سيوافق السنوار عليها بضغط قطري مصري وعسكري. لكن الموضوع ليس لدى السنوار فحسب بالنسبة لبارنياع: “رئيس الموساد العائد من باريس لم يقل ما يعرفه كل من هو متداخل: عدا السنوار، هناك لاعبٌ آخر على الملعب، وغير فرح للتوصل لصفقة. نتنياهو يدير معركة مركبة: الهدف هو إحباط الصفقة، دون أن يقوم أحدهم ويوجّه له إصبع الاتهام بذلك، ومثلما أنه غير مستعد لدفع ثمن الصفقة، فهو غير مستعد لدفع ثمن إفشاله لها”.
ثلاثة فيلة داخل الغرفة
وفي نطاق فضحه حقيقة نتنياهو وحكومته المتطرفة الغيبية، يقول بارنياع إن السنوار هو فيل واحد في الغرفة، ونتنياهو الفيل الثاني، والإدارة الأمريكية هي فيل ثالث. معتبراً أن من كثرة الفيلة من الصعب الرؤية إلى أين تتجه الحرب.
وحسب بارنياع أيضاً، فإن الفيل الأكبر هو إدارة بايدن، ويعلّل ذلك بالقول إن أحداث السابع من أكتوبر ولّدت لدى واشنطن استنتاجات مختلفة تماماً عن استنتاجات تل أبيب، وإن الضعف الذي أبداه الجيش الإسرائيلي، صباح ذاك اليوم “الأسود” في السابع من أكتوبر، وتبيان تبعيته المطلقة بإمدادات طوارئ أمريكية، كل ذلك قاد واشنطن للاستنتاج بأن إسرائيل غير قادرة على تدبّر أمورها لوحدها، وإن تحاشي نتنياهو المثابر لاتخاذ قرارات عزّز هذا الاستنتاج”.
أما بارنياع نفسه فيخلص لاستنتاج، بالقول صراحة: “على أصدقاء إسرائيل الأمريكيين أن يتخذوا قرارات بدلاً منها، ومن أجلها”. ويستعرض بارنياع رؤية بايدن الجديدة، التي تشمل دولة فلسطينية فوراً يتم فيها دمج “حماس” بالسلطة، علاوة على التطبيع مع السعودية، وبناء تحالف شرق أوسطي واسع ضد إيران، داعياً الإسرائيليين للموافقة على هذه الرؤية، رغم أثمانها.
تصريحات أمريكية.. تغيير في اللهجة والوتيرة
وشهدت الأيام الأخيرة تصعيداً بلهجةِ ووتيرة الانتقادات الأمريكية لحكومة الاحتلال، أو أوساط فيها، وللمستوطنين الذين أعلنت عن قرارها بمعاقبة بعضهم، أمس، لكن يبقى الامتحان طبعاً بالتطبيق، وبخواتيم الأمور. فرغم التصريحات المتتالية عن وقف الحرب والانتقادات للاستيطان، تكشف صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الجمعة، عن مخطط جديد لوزير المالية والوزير الإضافي في وزارة الأمن المسؤول عن الاستيطان سموتريتش لبناء 7000 شقة سكنية داخل الضفة الغربية المحتلة.
وعلى غرار بارنياع، تشكّك زميلته المعلقة السياسية سيما كادمون بنتنياهو وائتلافه، وتقول إنه بعدما مزّقَ الشعب بـ “الإصلاحات القضائية”، خلال 2023، فإنه يواصل تقسيم الإسرائيليين: “إن كنت مع صفقة فأنت يساري ومهزوم، وإن طالبتَ بتدمير “حماس” أولاً فأنت يميني ونصير للجنود، والبقاء في الحكم يسبق كل شيء”.
الصراع الداخلي حول الصفقة بلغ ذروته
وينضم المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل للتقييمات، بأن ما تمّ حتى الآن هو “اتفاق إطار” لم يعلن بعد القبول به من قبل إسرائيل و”حماس”، وأنه، في الأيام الأخيرة، حصل تقدمٌ بعدما قدمت أمريكا ومصر وقطر مقترحاً مشتركاً لإسرائيل و”حماس”.
كما يوضح هارئيل أنه، رغم التقارير المتفائلة القادمة هذا الأسبوع من قطر ومصر والولايات المتحدة، فإن المداولات مقابل “حماس” هناك تنتظرها عدة مراحل في الطريق وصولاً للخلاصة . مؤكداً، هو الآخر، أن المفاوضات تحتاج للمزيد من المداولات، والآن لا يوجد يقين بأن الاتصالات ستنتهي بالتوافق، وحتى جدول زمني واضح لا يوجد بعد”.
وضمن انتقاداته لعدم ترسيم ملامح اليوم التالي، يقول هارئيل إن مشاهد الأسبوع الأخير في شمال القطاع قدّمت لنا “منظراً موجزاً” لما هو آت، وهو خطير. منوهاً لعودة ملامح سيطرة “حماس” المدنية من جديد. وبذلك ينطق هارئيل بلسان الجيش الذي يصعّد تحذيراته من خطورة التورط في المراوحة في المكان والاستنزاف، وبالتالي تبدد المكاسب وزيارة الخسائر.
أي دولة هذه ستكون بدون استعادة المخطوفين!
وتواصل صحيفة “هآرتس” العبرية” التغريد خارج السرب الإعلامي الإسرائيلي، وتعبّر بصوت واضح عن الحاجة لوقف الحرب من أجل استعادة المحتجزين. في افتتاحيتها تقول “هآرتس”، اليوم، إنه لا ولن توجد صورة انتصار دون إرجاعهم أحياء، وإن التنازل عن الصفقة، مهما كانت موجعة، وتركهم لمصيرهم، لن يمكّن المجتمع الإسرائيلي من الاستشفاء من جراح السابع من أكتوبر”.
وحسب “هآرتس”، فإن تصريحات نتنياهو وشركائه، في الأيام الأخيرة، تكشف عن أمنيتهم: أن تقوم “حماس” بالعمل القذر نيابة عنهم، تصلّب موقفها، وتفجّر الصفقة، وهكذا يستطيعون التوجّه لعائلات المخطوفين، ولكل الإسرائيليين، والقول بنظرة متساذجة إن “حماس” هي السبب في فشل المفاوضات ومواصلة الحرب واقتناء وقت إضافي لبقاء الحكومة.
حكم بالإعدام
وترى الصحيفة العبرية أن التنازلات المطلوبة من إسرائيل ثقيلة: إطلاق آلاف الأسرى، وهدنة طويلة مقابل الدفعة الأولى (35 مخطوفاً)، منبهة إلى أنه بعد تهديدات بن غفير وسموتريتش بتفكيك الحكومة، نتنياهو أيضاً يرفض الالتزام، وتنقل عنه اجتراره لاءاته الثلاث: “الحكومة تسعى لتحقيق صيغة اتفاق، لكن ليس بكل ثمن.. لن ننهي الحرب، ولن نخرج الجيش من غزة، ولن نفرج عن آلاف المخربين”.
وتقول “هآرتس” إن نتنياهو ما زال يعلن التزامه بأهداف الحرب، التي بات واضحاً أنها لا تتجانس: تدمير “حماس” واستعادة المحتجزين. مشددة على أن التنازل عن صفقة الآن يعني حكماً بالإعدام على المخطوفين والمعنى العميق لهذا التنازل: انتهاك صريح للعقد الأساس بين الدولة وبين مواطنيها.
وتضيف: “ينبغي السؤال: بحال تجرأت إسرائيل على التنازل عن المخطوفين وعائلاتهم المكابدين للفقدان وعدم اليقين، أي دولة ستبقى هنا؟ السيدة عدينا موشيه، التي سبق وعادت من الخطف في غزة، توجهت هذا الأسبوع لنتنياهو، وروت عذابات المخطوفين الذين يموتون يومياً داخل الأنفاق، مطالبة إياه باستعادتهم، وتوسلت من أجلهم، قبل أن يفوت الميعاد”.
وخلصت “هآرتس” للقول إنه على رئيس الحكومة ووزراء اليمين الإصغاء لتوسلات العائدات من غزة، واللواتي يؤيدهن عددٌ كبير من الإسرائيليين.
———————————————
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خطة تل أبيب للاستيلاء على محور فيلادليفيا (محور صلاح الدين) المحاذي للحدود المصرية في قطاع غزة.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن الخطة ناقشها رئيس الشاباك خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، وهدفها منع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة.
ويتم بموجب الخطة تركيب وسائل تكنولوجية لكشف محاولات الاقتراب من محور فيلادلفيا، وسيعمل 750 شرطيا مصريا على المحور من الجانب المصري.
وزعمت الصحيفة أنه في الوقت نفسه، أجرت إسرائيل محادثات مع إحدى الدول الخليجية حول تمويل بناء سياج تحت الأرض وتعهدت بعدم القيام بأي عمل عسكري في رفح في الوقت الحالي.
وجاء في التقرير الذي أعده سميدير بيري، وإيتامار أيشنر، وتسيبي شميلوفيتز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن إسرائيل تواصل دراسة البدائل لنشر قوات الأمن الإسرائيلية على محور فيلادلفيا، وهو الأمر الذي تعارضه مصر.
وأضافت الصحيفة: “أصبح من المعروف الآن أنه خلال زيارة رئيس الشاباك رونان بار ورئيس الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون حاليفا الأسبوع الماضي إلى مقر المخابرات المصرية في القاهرة، تمت مناقشة اقتراح إسرائيلي جديد”.
وأوضحت الصحيفة أن الاقتراح البديل يشمل نشر “أجهزة تكنولوجية” فوق محور فيلادلفيا من الجانب الإسرائيلي تكتشف وجود الفلسطينيين أو محاولات الاقتراب من المحور في محاولة للانتقال إلى سيناء أو تهريب الأسلحة إلى غزة من خلال الأنفاق تحت الأرض.
وأضافت أن إسرائيل تعهدت خلال المحادثات بعدم القيام في الوقت الراهن بعمليات عسكرية في رفح، بسبب وجود مليون لاجئ فلسطيني اضطروا إلى مغادرة شمال القطاع ووسطه إلى منطقة رفح الحدودية مع مصر.
وقالت الصحيفة إن مسؤولا مصريا كبيرا أكد أن إسرائيل قررت أيضا التوقف فورا عن نشر البيانات المتعلقة بنقل سكان غزة إلى منطقة سيناء أو مدن القناة في مصر.
وقدر مسؤولون إسرائيليون، أمس الخميس أن إسرائيل ومصر “تقتربان من التوصل إلى اتفاق” بشأن محور رفح وفيلادلفيا، وبعد الاتصالات مع المخابرات المصرية، أوضحت إسرائيل لكبار المسؤولين الأمريكيين أنه سيكون هناك “وجود إسرائيلي مؤقت” في منطقة محور فيلادلفيا.
في الوقت نفسه، أرسل مسؤولون إسرائيليون كبار إلى المخابرات المصرية طلبا عاجلا لإجراء اختبارات عمق، لمعرفة ما إذا كان هناك أي أنفاق متبقية في منطقة فيلادلفيا، وذلك رغم أن الرئيس المصري وكبار مسؤولي المخابرات المصرية أوضحوا أنه تم تدمير جميع الأنفاق مع غزة.
وقالت يديعوت إنه في الوقت الحالي لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت مصر ستوافق على بناء نفس الجدار تحت الأرض بتمويل من دولة عربية أم لا.
———————————————
“هآرتس 2/2/2024
صاروخ “ألماس” مستنسخ من غنائم إسرائيلية سقطت بيد حزب الله في حرب 2006
بقلم: عودد يارون
في حرب أكتوبر 1973 التهديد الأكثر تقدماً على قوات المدرعات الإسرائيلية كان صاروخ الساغر. في حرب لبنان الثانية واجهت قوات الجيش الإسرائيلي صاروخ الكورنيت، صاروخ مضاد للدروع (مضاد للدبابات) الذي أصبح التهديد الأكبر من جانب حزب الله على قوات المدرعات وسلاح المشاة في الجيش الإسرائيلي. خلال الأسبوع الأخير انضم بشكل علني ورسمي صاروخ جديد مضاد للدروع – بعد أن نشر حزب الله توثيقاً لهجوم على منشأتين إستخباريتين تابعتين للجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية.
الصاروخ، من طراز ألماس 1، لديه قدرات متقدمة تتيح لمشغليه إطلاقه باتجاه الهدف، حتى عندما يكون خلف سلسلة مرتفعات أو عندما لا يكون موجوداً على خط رؤية مباشر من زاوية الرؤية الخاصة بالمُطلق. الكورنيت يمكن توجيهه بواسطة ليزر، لكن المطلق – أو مساعده، يجب أن يرى الهدف ويوجه الصاروخ إليه. في المقابل، صاروخ الألماس يمكن إطلاقه بشكل عام نحو مكان الهدف المخمّن، حتى عندما لا يكون مرئيا لدى المطلق أو مساعده. يمكن للصاروخ الإرتفاع بعد الإطلاق والإلتفاف على عوائق الرؤية. مشغّله يتابع المسار عبر كاميرا مركبة بخرطوم [بمقدمة] الصاروخ، إلى أن يشخص الهدف، وعندئذ يواصل توجيه الصاروخ حتى يحقق إصابة دقيقة.
خبير الصواريخ والمسيرات والباحث رفيع المستوى في Missile Defense Advocacy Alliance، طال عنبر، قال لـ “هآرتس” إن “هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توثيق لا لُبس فيه لإطلاق هذا الصاروخ، لكنه ليس الإطلاق الأول”. فبالتوثيق الأول الذي بثه حزب الله ظهر إطلاق صاروخ ألماس باتجاه منشأة استخبارات موجودة على سلسلة الهضاب الحدودية، شمالي شلومي. الكاميرا بخرطوم الصاروخ توثق تحليقه نحو الأعلى، وحينها تظهر القاعدة بكاملها أمام أنظار المشغل، الذي يوجه الصاروخ مباشرة نحو قبة بيضاء رُكّب بداخلها على ما يبدو رادار أو وسيلة استخبارية أخرى. الفيلم القصير ينتهي. بالفيلم يعرض حزب الله منشآت إضافية في القاعدة كانت قد استُهدفت بهجمات سابقة.
القبة التي على ما يبدو أُصيبت منصوبة على الأرض، وليست مرفوعة، الأمر الذي يمكن أن يشير إلى أنها غير عملياتية (ليست قيد الإستخدام). غداة الهجوم نشر المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية صورة لتلك القبة، سليمة، وادعى أن حزب الله يكذب.
في يوم السبت نشر حزب الله فيلماً يوثق هجوماً إضافياً بواسطة صاروخ الألماس. هذه المرة أيضاً ظهر تحليق الصاروخ، من الكاميرا بخرطومه: الألماس يصعد نحو الأعلى باتجاه الغرب، وعندها يتجه جنوباً نحو قاعدة رأس الناقورة، ويحلق باتجاه قبة بيضاء بداخلها وسائل استخبارية. هذه المرة نشر حزب الله توثيقاً إضافياً للإصابة، من زاوية أخرى، لكي يثبت أن القبة انفجرت فعلياً.
الألماس، الذي تم الكشف عنه للمرة الأولى في العام 2016، هو نسخة عن أحد صواريخ المضاد للدروع المتطورة في ترسانة الجيش الإسرائيلي. وأشار عنبر: “أصل الصاروخ هو عدة صواريخ سبايك إسرائيلية سقطت غنيمة بيد حزب الله في العام 2006”. المسألة تقدم نموذجاً عن قدرة إيران على تنفيذ استنساخ لذخيرة غربية – كما فعلت بأنواع كثيرة من الصواريخ، قطع طيران غير مأهولة ووسائل قتالية إضافية سقطت بيدها. “إيران هي دولة متقدمة نسبياً، يمكنها أخذ منظومات من هذا النوع، واستنساخها بمستوى عال من التطابق والقرب مع النسخة الأصلية، وأثبتت مرات عديدة قدرات ارتجال مؤثرة. من الواضح أن إسرائيل تنتج نسخاً متقدمة غير موجودة لديهم، لكن من أجل احتياجات حزب الله، ما يوجد بحوزتهم هو أكثر”.
صواريخ “السبايك” (غيل) الإسرائيلية تقدم قدرات ليست متوفرة وسط سابقاتها، مثل الكورنيت والتاو التي يستخدمها حزب الله. السبايك مجهز بمنظومة توجيه إلكترو-بصري، يتضمن مهدافاً حرارياً، تمنحه قدرات “أطلق وانسى”: المشغل يختار هدفاً، يطلق، والصاروخ يطارد الهدف – حتى وإن كان متحركاً – ويستمر بمطاردته حتى يصيبه. بالتناوب، في حال كان الهدف موجوداً على مسافة بعيدة ما وراء خط رؤية المشغل، فهو يمكنه أولاً إطلاق الصاروخ، السماح له بالإقتراب من المنطقة المقدّرة وفقط في مرحلة متقدمة جداً يختار هدفاً. إحدى المزايا الشهيرة “للسبايك” تكمن بقدرته على تنفيذ هجوم علوي للدبابات والآليات المصفحة، وهكذا تحقيق إصابة في المنطقة التي يكون فيها التصفيح ضعيفاً نسبياً.
يمكن إطلاق “السبايك” من منصة ثلاثية القوائم موضوعة على الأرض، آليات خفيفة، آليات مدرعة، مروحيات، سفن ومسيرات. نسخة صاروخ الـ “تموز” (SPIKE NLOS) جيل سادس لديه مدى يصل إلى 50 كلم بالإطلاق من الجو. الإضافة الأخيرة لعائلة الصواريخ هي الـ “معوز” (SPIKE FIREFLY) – محلقة انتحارية تم استخدامها بعمليات في غزة وجنين.
ووفقاً لمنشورات في إيران، فإن “الألماس 1” له مدى يصل إلى 4 كلم، لكنهم عرضوا نماذج تصل وفقاً لادعائهم أيضاً إلى 8 كلم. وقال عنبر إن “تطوير صاروخ من هذا النوع هو مشروع معقد جداً يستغرق سنوات، عملت عليه أفضل الأدمغة”. وأضاف “يصعب جداً استنساخ كل شيء بشكل كامل، لكن وفقاً لنتائج التجارب في إيران، على افتراض أن الحديث لا يدور عن تزييف فوتوشوب، فهم توصلوا إلى مستويات دقة نقطوية. النقطة الأهم هي أنه يوجد هنا صاروخ لا يستلزم بالضرورة خط رؤية. ففي إيران توجد أيضا نسخة يتم إطلاقها من طائرة من دون طيار، إذن علينا افتراض أن هذا الدمج قائم أيضاً لدى حزب الله”.
في نهاية الأسبوع الأخير نشر حزب الله فيلماً آخر مثيراً للقلق، بدت فيه ظاهرياً طلعة جمع استخباري بعمق إسرائيل، نفذها على ما يبدو نموذج طائرة أو طائرة من دون طيار. وفقاً لما تم ادعاؤه بالفيلم، الطلعة نُفذت في يوم الأربعاء، الـ 24 من كانون الثاني. وتظهر بالفيلم نموذج الطائرة تحلق شمالاً فوق سهل الحولا، ملتقطةً من بين عدة أمور صوراً لـ “كفربلوم” وما هو، وفقاً لادعائهم، قبة حديدية بمحاذاة الكيبوتس.
ما لم يكن الحديث يدور عن فيلم مزيف، فإن التوثيق هو من الفترة الأخيرة. وبالفيلم يدّعي حزب الله أنه غداة الطلعة الإستخبارية هاجم البطارية بواسطة مسيرات انقضاضية. في يوم الخميس فعلاً أفاد المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي عن أن “هدفين جويين معاديين” تابعين لحزب الله سقطا بالقرب من كفربلوم، وأن الحادث لم يسفر عن سقوط إصابات ولا أضرار.
في 24 كانون الثاني، التاريخ الذي ادعى حزب الله أنه نفذ فيه الطلعة الإستخبارية، لم يُنشر عن أي إنذار بشأن تسلل قطعة طيران معادية في هذه المنطقة. ولا حتى في اليوم التالي، في يوم الهجوم على البطارية. الإنذار الأخير في هذه المنطقة، قبل الهجوم على البطارية، كان قبل ذلك بأربعة أيام. ورداً على سؤال “هآرتس” عن كيف يمكن أن نموذج طائرة أو طائرة من دون طيار تابعة لحزب الله نفذت طلعة جوية للتصوير في سهل الحولا وحلقت مباشرة فوق بطارية قبة حديدية، أُفيد من الجيش الإسرائيلي أنه لا علم له بطلعة جمع استخباري بهذا التاريخ، وأن “الفيلم ومواصفات التحليق قيد التحقيق كما كل حادث، بهدف تحسين تشكيل الكشف لدى سلاح الجو”.
——————انتهت النشرة——————