فلسطينيمقالات

بقلم “حمزة حماد” في وداع الرفاق..

أعلم أن الشهداء لا يموتون بل يخلدهم التاريخ، يرحلون جسدا وتبقى أرواحهم تلوح في الأفق عبر كلماتهم وافكارهم ونضالاتهم المشرفة التي تغرس فينا حب الوطن أكثر فأكثر. لقد ودعت فلسطين بالأمس أحد ثوارها، القائد الوطني الكبير الرفيق طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين خلال غارة صهيونية غادرة في حي الصبرة بمدينة غزة.

هذا القائد الملهم، المثقف والشجاع، الذي تمسك بتراب هذه الأرض المقدسة، ودافع عنها حتى النفس الأخير بعد أن رفض يستجيب لتهديدات الاحتلال وبقي صامدا بين أبناء شعبه، مؤكدا أن النصر حتمي وحليف شعبنا حتى إنجاز حقه في الحرية والعودة وتقرير المصير. والنماذج كثيرة أيضا، لشهداء هذا الوطن الذين عاشوا من أجل فلسطين وضحوا بكل ما يملكون خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل، وعمليات الإبادة الجماعية التي لا توصف على الإطلاق.

نعيش هذه الأيام ذروة الأحداث مجددا ونحن نرى جرائم الاحتلال الفاشي ترتكب بحق أهالي معسكر جباليا شمال القطاع وما تتعرض له رفح من عمليات إخلاء كاملة ونزوح غير مسبوق، واستهدافات تطول كل مكونات المجتمع الفلسطيني بهدف تدميره واليأس من بناء الدولة المستقلة التي حلم بها الرفيق أبا أحمد وكل شهداء الوطن.

محطات عظيمة عاشها هذا الرفيق العنيد والصلب، مكرسا حياته لخدمة شعبه وقضيته العادلة، والذي تشهد له ميادين العمل السياسي والوطني والمقاوم، حيث تميز رفيقنا المُشتبك دوما، بصوته ورسالته الوحدوية، وكان مثالا للقائد صاحب النظرة الثاقبة والتحليل السياسي الصائب. عملنا معا داخل الحياة التنظيمية، فكان ذاك الإنسان الناجح في قراراته، والموفق في محاولاته، لكنهم لا يعلمون أن الجبهة التي ولدت هذا القائد الثائر ستنجب المزيد من الثوار الذي سيواصلون المسيرة ويدافعون عن كرامة شعبهم.

أملك الكبير يا رفيقي بالفوز في حقوق شعبنا سيبقى حيا لن يموت، ونقول لك نم وأنت مطمئن أن خلفك فرسان لن يكلوا أو يملوا لأنهم وجدوا لأجل الهدف الذي ناضلت من أجله، فمنك نستمد صدق الانتماء وستبقى بوصلتنا فلسطين. فلا ننسى حضورك الاجتماعي اللافت، فكان يعرفك الصغير والكبير، ويحترمك الجميع، ونشهد أنك كنت خدوما لكل أبناء الشعب.

ربما ظنوا باغتيالك أنهم سيكسرون إرادة الأوفياء، فلا بد أن يعلموا برحيلك قد زاد حبنا للوطن وإصرارنا على مواصلة المشوار. تعلمنا أن الشرح الطويل لن يفيد أيها الرفيق الحبيب، ونعلم أن الفراق صعب، لذلك نعزي أنفسنا باستشهادك فهو عرس وطني احياه شعبنا بمزيد من الصمود والثبات والمقاومة أمام عدوان وتغول الاحتلال ومواصلة الطريق التي شقيتها ومعك شهداء معركة “طوفان الأحرار” كما أطلق عليها في المؤتمر الوطني الثامن للجبهة الديمقراطية مؤخرا والذي انتخبت فيها عضوا في المكتب السياسي.