الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

12/8/2024

نتنياهو يقود إسرائيل إلى “كارثة إستراتيجية”: النصر يبتعد

قلم: عاموس يادلين

تلقّى الردع الإسرائيلي، الذي انهار في السابع من تشرين الأول الماضي وخلال الشهور التي تلت الحرب، حقنة نشاط، وتعزز خلال تموز، وذلك على خلفية سلسلة من العمليات الناجحة، منها اغتيال قائدَي الجناح العسكري لكلٍّ من حركة “حماس” وحزب الله (محمد الضيف وفؤاد شُكر)، والهجوم على ميناء الحُديدة في اليمن، والعملية الناجحة في محور فيلادلفيا، واغتيال إسماعيل هنية في طهران، المنسوب إلى إسرائيل.

“أثبتت إسرائيل قوتها وصوابية دربها. أنا أقود البلد نحو طريق النصر. ’حماس’ في غزة مهزومة، ودفعت ثمناً باهظاً جداً لقاء ’جرائم’ السابع من تشرين الأول. لقد تم اغتيال قائدَي جيشَي ’الإرهاب’ لدى كلٍّ من ’حماس’ وحزب الله، وهو ما يثبت مرة أُخرى أنه لا يوجد مخبأ سري بما فيه الكفاية، لكي يختبئ فيه ’الإرهابيون’، بعيداً عن عيوننا الساهرة، ولا يوجد مكان بعيد جداً عن يد إسرائيل الطويلة. بعد عشرة شهور، أصبحت أهداف الحرب قريبة من التحقق – لقد تم تفكيك ’حماس’ فعلياً، كقوة عسكرية منظمة وحكومة فاعلة، ولم تعد قادرة على تكرار ما حدث في السابع من تشرين الأول، ولذلك، نحن نوقّع صفقة تعيد رهائننا إلى الوطن، وشهداءنا إلى قبور يهودية. هذه نهاية الحرب، لكنها ليست نهاية المعركة”.

“لقد توصلتُ إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، مفاده أن أيّ إعادة تسليح لحركة ’حماس’ ستكون مبرراً كافياً لكي تستأنف إسرائيل القتال في غزة. آمل أن يؤدي وقف الحرب في غزة إلى وقف القتال في الشمال، لكننا لن نتردد في خوض الحرب، إذا فُرضت علينا بصورة ردّ قوي من حزب الله وإيران. الآن، نحن نمنح السبل الدبلوماسية فرصة لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701، الذي يُبعد حزب الله شمالاً نحو نهر الليطاني. وهنا أيضاً اتفقت مع الولايات المتحدة على أنه إذا لم يتم تنفيذ القرار، فسنحصل على دعم كامل لاستخدام الجيش الإسرائيلي لإبعاد تنظيم حزب الله الشيعي عن الحدود الشمالية وضرب قدراته التي تهدد إسرائيل. وفي كل الأحوال، لن تتمكن وحدة الرضوان من تهديد الجليل بعد الآن”.

“بالتزامن مع ذلك، أنا أعمل على التوصل إلى اتفاق تاريخي مع المملكة العربية السعودية، يدخل حيز التنفيذ مباشرةً بعد الانتخابات الأميركية، بدعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وسنركز معاً على الهدف الرئيس الذي أتحدث عنه منذ 20 عاماً: منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، وإضعاف أذرع ’الإرهاب’ التابعة لها ولوكلائها في الشرق الأوسط”.

للأسف، لم يلقِ رئيس الوزراء خطاباً كهذا، يمثل “نصراً استراتيجياً”، ويتضمن أيضاً الواجب الأخلاقي المتمثل في إعادة الرهائن؛ لأنه يتعارض مع احتمالات بقائه في الحكم. ونتيجة ذلك، يدرك سكان دولة إسرائيل أن رئيس وزرائهم يقودهم في واحد من طريقين إلى كارثة استراتيجية، تخدم مصالح إيران ومصالح زعيم “حماس” في غزة يحيى السنوار.

المسار الأول – مسار “النصر الكامل”: الذي يعني استمرار الحرب في غزة، على الرغم من أننا منذ فترة طويلة، نخوض مواجهة إقليمية تتجاوز حدود القطاع كثيراً، وفيها ساحات تنطوي على تهديدات لإسرائيل، أكبر كثيراً مما تبقى لحركة “حماس” من قوة في القطاع. إن توزيع قواتنا (المحدودة العدد أصلاً) على المحورين [فيلادلفيا ونيتساريم] لن يؤدي إلى القضاء على “حماس” في غزة، بل سيسفر عن حرب طويلة الأمد في مواجهة حرب عصابات في القطاع، وتصعيد متزامن في ساحات أُخرى.

سيواصل أسرانا الموت في أنفاق “حماس”، وستتورط إسرائيل في حرب استنزاف طويلة، وسيستمر الاقتصاد الإسرائيلي في التدهور، وستنخفض مكانتنا في العالم إلى درك جديد، وسيشتد وقع الملاحقة القضائية ضدنا في المحاكم الدولية. وفي الواقع، إن استراتيجية “النصر التام” تخدم الاستراتيجيا الإيرانية: إسقاط إسرائيل في حرب استنزاف طويلة، على عدة جبهات، وبصورة متزامنة، إلى أن تنهار.

من ناحية أُخرى، هذه الاستراتيجية ستقود إسرائيل إلى مواجهة مع الولايات المتحدة التي تسعى، بكل قوتها، لإنهاء الحرب، وتنتظر منا الوفاء بالوعود التي قطعناها فيما يتعلق بالتقدم في صفقة الرهائن. وتتوقع واشنطن استراتيجية عمل أكثر إشكاليةً من “النصر الكامل” في غزة الذي يقود إلى حرب إقليمية ستتطلب، من دون شك، تدخُّل الولايات المتحدة، وهو آخر ما يحتاجه البيت الأبيض، عشية الانتخابات.

المسار الثاني – مسار الحرب الإقليمية: ربما ليست هذه هي استراتيجية نتنياهو المعلنة، لكن سلوكه، سواء فيما يقوم به بشكل مقصود، أو فيما يهمله من قضايا، وخصوصاً استمرار حرب الاستنزاف في غزة والساحات الست الأُخرى (لبنان، وإيران، وسورية، واليمن، والعراق، والضفة الغربية) سيؤدي بشكل كبير إلى اندلاع حرب إقليمية متعددة الساحات. هذا المسار خطِر، وهو سيناريو لم تبلور إسرائيل استراتيجية وأهداف حرب ملائمة له، وعلى الرغم من أن القتال منخفض الشدة في جميع هذه الجبهات، فإنه كان جارياً فعلياً. إلا إن الأوضاع تفاقمت على جبهة أُخرى، وهي الأهم.

إنها الجبهة الداخلية، حيث تُخترق خطوط حمراء كل يوم، مثل تكرار اقتحامات معسكرات الجيش الإسرائيلي والانتهاكات الجسيمة لسيادة القانون.

أضحت إسرائيل غارقة فعلاً في حرب استنزاف، وهي تتعارض مع مزايا قوتها (الضربة الساحقة)، وفي توقيت يُبرز نقاط ضعفها (مسألة طول النفَس). علينا أن نعود إلى مفهوم الأمن الخاص بنا، المتمثل في حروب قصيرة داخل أراضي العدو، والعودة إلى بناء الدولة والاقتصاد والمشروع الصهيوني بشكل عام. إنها استراتيجيا تتطلب إخراج الخصوم من الصورة وإزالة التهديدات التي يفرضونها علينا، وبالتدريج.

إن رئيس الوزراء مُلزم، من الناحيتين الاستراتيجية والأخلاقية، تبنّي توصيات الجهات الأمنية المهنية وإزالة العقبات التي وضعها في عجلات المفاوضات مع “حماس”، لتمكين صفقة الرهائن. هذه التوصيات التي لديها القدرة على تهدئة الجبهات الأُخرى والمساعدة على إغلاقها، وكذلك تمهيد الطريق إلى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم من خلال تسوية دبلوماسية مع لبنان.

وحتى إذا لم يتم التوصل إلى تسوية كهذه، فإن وقف الحرب سيمكّن الجيش الإسرائيلي من التعافي، وإعادة تعبئة مخازنه، والاستعداد للحرب، وبصورة خاصة مع حزب الله، وربما أيضاً مع إيران. تحتاج إسرائيل إلى تنسيق جميع هذه التحركات، عن كثب، مع الولايات المتحدة. فالدعم الذي ستقدمه واشنطن للقدس – من حيث طول النفَس والدعم السياسي – مصيري للغاية.

في نهاية المطاف، نحن على حافة تدهور إقليمي، وقد نُجر إلى حرب استنزاف مكثفة ومتعددة الجبهات، في مواجهة مجموعة من التهديدات التي لم نواجه مثلها من ذي قبل، وفي ظل خطر الانزلاق إلى حرب شاملة. هذا هو حلم السنوار: مواجهة في غزة تشعل جميع الجبهات وتوحّدها في قتال عالي الكثافة، وهذه هي الاستراتيجية الإيرانية: حلقة من النار حول إسرائيل إلى أن تنهار من الداخل.

على إسرائيل ألّا تخدم أهداف “حماس” وإيران. وعليها أن تعمل بناءً على استراتيجيا تتماشى مع مفهوم الأمن التقليدي الخاص بها: حروب قصيرة، وانتصار في كل معركة، ودعم من القوى العظمى، وتحالف إقليمي يشكل وزناً مضاداً للمحور “المتطرف”.

——————————————–

معاريف 12/8/2024

انزلاق إسرائيل نحو الحرب الإقليمية.. مقامرة خطيرة

بقلم: أوريئيل لين

إذا كان علينا أن نحدد الأهداف البعيدة المدى لإسرائيل، فإنه يمكننا أن نقول ببساطة إنها القضاء على التنظيمات “الإرهابية” المستعدة لمهاجمتنا فعلاً، وردع الأعداء الذين ليست لنا قدرة على القضاء عليهم، وإقامة علاقات مع دول صديقة وسط العالم الغربي، وأيضاً مع الصين ودول العالم العربي والإسلامي.

هكذا يجب أن تكون عموماً السياسة الخارجية لإسرائيل، إنها تبسيطية جداً لكن يمكن استيعابها، لأن الرؤية البعيدة المدى هي التي تبلور سياسة حكيمة. لكن حرب 7 تشرين الأول عقّدت وضعنا، وجعلت من الصعب تحقيق هذه الأهداف الواضحة.

لا شك في أن علينا القضاء على “حماس”، وأنا لا أقصد “حماس” كفكرة، إنما “حماس” كـ “قوة إرهابية” عسكرية. لكن من أجل تحقيق هذا الهدف، تواجهنا عقبتان معروفتان: تحرير المخطوفين، ومسألة المس بالسكان المدنيين، وخصوصاً الأطفال الذين يسكنون في قطاع غزة، ولا يغير شيئاً إذا كان هؤلاء السكان يؤيدون “حماس” أو أن الحركة تستخدمهم دروعا بشرية.

لا يمكن للمس بالسكان المدنيين أن يكون مقبولاً من العالم الواسع من كل الطبقات الاجتماعية طوال الوقت، وهذا يمكن أن يجعلنا نخسر تأييد العالم لنا كلما استمرت الحرب.

بالنسبة إلى تحرير المخطوفين، فقد انتهجنا سياسة خاطئة، وقد شدّدت أكثر من مرة في مقالاتي على هذه النقطة.

لقد كان وهماً وضع تحرير المخطوفين مع القضاء على “حماس” كهدف مشترك واحد، ومن الواضح أن “حماس” لن تطلق سراح المخطوفين – أقوى سلاح في يدها – إلاّ إذا حققت أهدافاً مهمة من الصفقة، ولن تعيدهم وتتيح القضاء عليها، فالعالم كله، ونحن ضمنه، يتحدث عن صفقة كسبيل وحيد لحل مشكلة المخطوفين.

وها نحن بعد مرور 10 شهور على الكارثة الوطنية، ولا يزال المخطوفون في أسر “حماس”، ولم نتمكن من القضاء عليها. إن العدالة المتأخرة ليست عدالة، كما يقول الشاعر الوطني حاييم بياليك في قصيدته “على المذبحة”؛ وتحرير المخطوفين المحتجزين منذ 10 شهور في زنزانات “حماس” من دون معرفة متى، ليس تحريراً حقيقياً.

منذ البداية، كان يجب أن نضع هدفاً واحداً فقط؛ تحرير المخطوفين، ليس عن طريق صفقة، إنما بوساطة الكفاح المسلح، ولو وضعنا هذا كهدف وحيد وقلنا إننا لن نجري صفقة مع “حماس” ولن نتعامل معها كطرف شرعي، إنما سنخوض ضدها قتالاً لا هوادة فيه حتى إطلاق آخر مخطوف، لأصبح كفاحنا مفهوماً ومقبولاً أكثر في العالم، ولكان في إمكاننا أن نقول للرئيس التركي أردوغان وللآخرين ما يجب قوله: “إذا كنتم تحرصون على السكان الفلسطينيين أثبتوا صدق نياتكم واحرصوا على إطلاق المخطوفين، وبذلك نكون قد كسرنا النموذج الذي شكّلناه بأيدينا؛ وهو أنه من المفيد والمجدي أن تخطف التنظيمات “الإرهابية” مدنيين أو عسكريين وتجري مفاوضات أمام العالم كله كطرفين متساويين.

في مواجهة هذه السياسة الخاطئة في الصراع مع “حماس” لم نتوقف لإعادة التفكير، وها نحن نواصل الركض قدماً في بلورة سياسة خاطئة أُخرى إزاء إيران.

نحن نجر بأيدينا إيران إلى مواجهة مباشرة معنا. صحيح أن إيران تبني وتسلح وتشجع التنظيمات “الإرهابية” على مهاجمتنا، وهي تفعل ذلك بوساطة وكلائها، لكن من الأفضل أن نخوض صراعاً فقط ضد وكلائها، وليس ضد إيران نفسها. إن الصراع المباشر مع إيران يحمل طابعاً مختلفاً تماماً عن الصراع مع وكلائها، إذ لديها اليوم علاقات خاصة مع روسيا التي هي في حاجة إليها في حربها ضد أوكرانيا.

ومع إيران تتعاطف دول أُخرى في “محور الشر”، وليس لدى إسرائيل مصلحة ولا قدرة على توسيع الصراع مع الحوثيين ومع حزب الله والحرس الثوري إلى حرب مباشرة مع إيران.

إن هذه مقامرة كبيرة وخطِرة جداً، ويتعين علينا مع مرور الوقت تهدئة المواجهات المباشرة مع إيران والسعي لبناء علاقات ودية مع تركيا. إن الإيمان بعدالة طريقنا يمكن أن يعطينا قوة داخلية، لكن هذا يجب ألاّ يحول دون انتهاج سياسية خارجية حكيمة، وهذا لا يعني التخلي عن مبدأ أن من يقتل إسرائيليين لن نسامحه قط وسنلاحقه حتى يدفع حياته ثمناً، لكن هذا سيكون خاضعاً لاعتبارات المكان والزمان. إن فهم مصالح وبنية القوى الفاعلة اليوم في الساحة الدولية هو أكثر تأثيراً من كل مبادئ العدالة والتحركات التي نقرر القيام بها اليوم.

——————————————–

هآرتس 12/8/2024

الآن.. توجد فرصة تاريخية للسلام

بقلم: شاؤول أرئيلي

كل حلم يتطلب خطة من أجل تحققه. حلم نتنياهو وبينيت وسموتريتش هو حكم فردي في دولة عرقية، التي سترسخ تفوق اليهود في كل “أرض إسرائيل الكاملة”، في ظل أيديولوجيا “شعب واحد سيعيش هنا” و”العالم سيتعود على ذلك”، كما وعد نفتالي بينيت. هذا الحلم القومي المتطرف المسيحاني أرادوا تطبيقه بوساطة “خطة التهدئة” الوهمية لبينيت، ضم مناطق (ج) من العام 2012. وبعد ذلك من خلال “مبادرة السلام” المضحكة للرئيس دونالد ترامب من العام 2020، التي تم وضعها على يد نتنياهو. والآن هم يريدون تحقيقه بالأساس بوساطة “خطة الحسم” المسيحانية لبتسلئيل سموتريتش من العام 2017.

جعل هذا الحلم الملتوي إسرائيل خلال عقد منبوذة في العالم، وأضر بقدرة ومكانة الجيش الإسرائيلي، ودمر شرطة إسرائيل، وأضعف نظام العدالة، وعمّق الاستقطاب الاجتماعي، وفي الوقت نفسه دهور إلى هاوية الحرب الأهلية، وقوض العلاقة مع أميركا، ودهور اقتصاد إسرائيل، ودفع الإسرائيليين إلى خارج البلاد، وعمّق الفساد في المؤسسات، وزاد معاداة السامية في العالم، وأضعف جهاز التعليم، وأبعد يهود العالم عن إسرائيل، وأضر بالتكافل في المجتمع الإسرائيلي، وهدد بالمسّ باتفاقات السلام مع مصر والأردن.

أمام هذا الخطر يجب على إسرائيل العودة إلى الحلم الصهيوني، دولة ديمقراطية مع أكثرية يهودية تعيش بأمان كجزء من أسرة الشعوب، واستكمال هذا الحلم. لذلك، هذا الأمر بحاجة إلى قيادة تتبنى هذا الحلم بوضوح وأن تفعل كل ما في استطاعتها لتحقيقه. في مجالات كثيرة في إسرائيل مطلوب إجراء التصحيح، لكن أحداث 7 أكتوبر والحرب في أعقابها أبرزت مرة أخرى مركزية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. تسوية هذا النزاع ستنشئ واقعاً مريحاً أكثر للمجتمع في إسرائيل من أجل معالجة المجالات الأخرى وليس العكس، رغم المزاج الصعب السائد في المجتمع الإسرائيلي وفي المجتمع الفلسطيني في أعقاب مذبحة 7 أكتوبر وتدمير قطاع غزة في الحرب، فإنه يجب اليوم وضع خطة لاستكمال تحقيق الحلم الصهيوني. التاريخ يعلمنا أنه على الأغلب، من خلال التدمير والوحشية المتبادلين، فإنه ينمو الإدراك وتفهم الحاجة إلى التنازل حتى دون حب (مردخاي أو إسماعيل)، الذي ربما يؤدي ذات يوم إلى المصالحة أيضاً.

خطة الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، التي توجد على جدول الأعمال، تتكون من ثلاثة عناصر. الأول هو الاستعداد الإقليمي أمام إيران ووكلائها في المنطقة، الذي سيخدم أمن إسرائيل. الثاني هو الدفع قدماً بإقامة الدولة الفلسطينية. الثالث هو التطبيع بين إسرائيل والسعودية. توجد خطوات مكملة للخطة الشاملة تتمثل في وقف الحرب في غزة وفي منطقة الشمال وإطلاق سراح المخطوفين. الاتفاق الأميركي – السعودي يجب أن يشمل “رزمة” إسرائيلية – فلسطينية، ترتكز على الالتزام بتسوية النزاع حسب حل الدولتين.

هذه “الرزمة” ستكون لها مرحلتان. الأولى، الإعلان الملزم. يجب على إسرائيل الإعلان بأنها تلتزم بحل الدولتين، ويجب على الفلسطينيين ضمان تمثيل شرعي للشعب الفلسطيني. من أجل ذلك يجب إجراء انتخابات للبرلمان والرئاسة والمجلس الوطني الفلسطيني التابع لـ م.ت.ف، وفصل “حماس” عن ذراعها العسكرية، وأن يعترف كل المرشحين للانتخابات بإسرائيل وبالاتفاقات التي تم التوقيع عليها معها.

الثانية (المشروطة باستكمال المرحلة الأولى)، تشمل إجراءات لخلق الثقة وبناء الدولة الفلسطينية على الطريق. يجب على إسرائيل أن تطرح وأن تنفذ خطة منطقية لتواصل جغرافي فلسطيني، بالصورة التي تم تخطيطها من قبل أرئيل شارون وأيهود أولمرت في إطار “خطة الانفصال” الموسعة التي تمت بلورتها في 2004، وخطة “الانطواء على الذات” من العام 2006. هذه الخطط تضمنت إخلاء المستوطنات المعزولة على شارع 60 الذي يربط المدن الرئيسة الفلسطينية في الضفة.

إسرائيل ستستأنف الانتقال الآمن مع إعطاء الأولوية للمضمون الأكثر أمناً الذي يتمثل بسكة حديد، حسب خطة الانفصال عن غزة في 2005، تربط بين قطاع غزة وقرية ترقوميا بوساطة سكة حديد بين عسقلان وكريات غات. الفلسطينيون الذين سيحصلون للمرة الأولى على تواصل جغرافي سيلتزمون بنشر مراكز للشرطة من أجل إنفاذ القانون والنظام وإظهار القدرة على الحكم في كل المناطق التي توجد تحت سيطرتهم، والسلطة الفلسطينية تقوم بنشر القوات في القطاع وتستأنف التنسيق الأمني مع إسرائيل هناك. في الوقت نفسه يجب على إسرائيل التعهد بنقل بشكل ثابت وغير مشروط أموال الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة. ويجب على الطرفين تحديث اتفاق باريس الذي يتناول الاقتصاد.

عند انتهاء تنفيذ هذه “الرزمة” الإسرائيلية – الفلسطينية، التي يمكن أن تستمر بضعة أشهر، إسرائيل ستواصل الاحتفاظ بالصلاحية الأمنية في الضفة الغربية، وستحصل على تنسيق مع الشرطة الفلسطينية، في الضفة وفي غزة، وستحتفظ بغور الأردن. أيضاً إسرائيل ستقوم بترميم العلاقات مع الأردن ومصر والمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة. سيحصل الفلسطينيون على تواصل جغرافي وجسم شرعي واحد لإجراء المفاوضات مع إسرائيل ومع العالم. وسيحصلون على سيطرة محسنة على الاقتصاد وتعزيز السيطرة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة في المناطق التي توجد تحت سيطرتهم. في المقابل، الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل ستنفذ خطوة أولية للتطبيع وتشكيل تحالف إقليمي.

الخطوة التالية هي تسوية تدريجية للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين باتفاق دائم، في إطار خطة “الاستكمال” التي سيتم طرحها فيما بعد. وفقاً لنجاح تطبيق هذه “الرزمة” سيتم فتح ثلاث قنوات مفاوضات للتسوية الدائمة. الأولى بين إسرائيل والفلسطينيين بوساطة أميركية – عربية حول القضايا الأربع الرئيسة وهي الحدود والأمن والقدس واللاجئين، حسب المعايير التي حددت في أنابوليس في 2008. الثانية، مفاوضات بين إسرائيل والعالم العربي حسب مبادرة السلام للجامعة العربية، التي تتناول في الأساس التطبيع والتحالف أمام إيران وامتداداتها. الثالثة، مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين والمجتمع الدولي حول اتفاقات أمنية واقتصادية وآلية لتسوية قضية اللاجئين ومساعدات أمنية وما شابه. عند التوقيع على كل الاتفاقات في القنوات الثلاث سيبدأ تطبيقها بشكل متواز ومشروط وفي جدول زمني واحد.

بلورة وتطبيق “خطة الاستكمال” يمكن أن تستغرق بضع سنوات، لكن يجب على الطرفين الفهم أن هذه هي الإمكانية الوحيدة لوقف التصعيد الخطير ووضع أمل أمام الشعوب. نحن لن نبالغ إذا قلنا إن هذه فرصة تاريخية، التي للأسف جاءت بثمن حياة عشرات آلاف الفلسطينيين و1500 إسرائيلي وتدمير قطاع غزة وإخلاء مستوطنات النقب الغربي وبلدات الشمال. لذلك محظور تفويت هذه الفرصة. التحدي الكبير الذي يواجه المجتمعَين، الإسرائيلي والفلسطيني، هو اختيار قيادة جديرة تقودهما إلى مستقبل يختلف عن الواقع الذي عاشا فيه في المئة سنة الأخيرة.

——————————————–

نيويورك تايمز 12/8/2024

على إدارة بايدن منع حرب في لبنان

بقلم: ستيفن سايمون

باحث وأكاديمي أميركي، وعضو في “مجلس الأمن القومي” بعهد إدارتَي كلينتون وأوباما.

مع تنامي التوتر بين إسرائيل و”حزب الله”، الذي يُعد القوة السياسية والعسكرية المهيمنة في لبنان، لا يرغب أي من الطرفين في حرب شاملة. ولكن حرباً من هذا النوع يمكن أن تندلع عن غير قصد – تعجّل بها الهجمات الأخيرة على مرتفعات الجولان وعلى قادة “حزب الله” و”حماس” – أو عن قصد، إذا ما وجدت إسرائيل فرصة في مرحلة ما بعد حرب غزة للتخلص من عدو آخر من أعدائها.

في أفضل الأحوال، من شأن وقف لإطلاق النار في حرب إسرائيل على “حماس” في غزة أن يدفع “حزب الله” إلى وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وبذلك تتلاشى إمكانية اندلاع حرب في لبنان.

ولكن التوترات تصاعدت مع إطلاق ما قالت إسرائيل: إنه صاروخ لـ”حزب الله” أصاب مجدل شمس في مرتفعات الجولان وقتل 12 طفلاً ومراهقاً. وهو ما ردّت عليه إسرائيل بقصف مبنى في بيروت، قائلة: إنها استهدفت القيادي في “حزب الله” الذي تعتقد أنه المسؤول عن إطلاق الصاروخ. وفي اليوم التالي، اغتيل القيادي البارز في “حماس” إسماعيل هنية في طهران، ووجهت “حماس” وإيران اتهامها لإسرائيل التي لم تعلّق على الخبر.

غير أنه إذا ما ذهبت إسرائيل إلى أبعد من ذلك وشنّت عملية كبيرة لاجتثاث “حزب الله”، مثلما يحثّ على ذلك أعضاء اليمين في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن ذلك سيكون مدمراً.

ذلك أن الصراع من شأنه أن يؤدي إلى تدمير المجتمع اللبناني، الذي يعاني أصلاً من انهيار الاقتصاد، والتسبب في أزمة إنسانية سيتعين على الولايات المتحدة، وغيرها من الدول دفع ثمنها، وخلق هجمات متزايدة ضد المصالح الأميركية في العراق وسورية وغيرها، ودفع عنف قوات الحوثي في اليمن إلى مستويات أعلى. كما أنه من المرجح أن يفشل في القضاء على “حزب الله”.

ولا شيء من هذا يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة. ولهذا، يتعين على واشنطن، بالتوازي مع تأكيدها على أنها ستواصل الدفاع عن إسرائيل، أن توضح لتل أبيب أنها لن توافق على مثل هذه الحرب أو تسهّلها عبر توفير الذخيرة لها، أو الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي في هجمات ضد “حزب الله”، أو توفير غطاء دبلوماسي لمقتل المدنيين.

وهناك عدة أسباب تجعل الحرب عبر حدود إسرائيل الشمالية مروعة، ومن ذلك أن قوات “حزب الله” وأسلحته متغلغلة في الحياة المدنية، فيما يعتبره كثيرون إستراتيجية الدروع البشرية، ونتيجة لذلك، يمكن أن تؤدي الهجمات إلى مقتل عشرات الآلاف من اللبنانيين.

ولأن إسرائيل تعلم أن تدمير أسلحة “حزب الله” لا طائل منه طالما أن إعادة الإمداد من إيران ممكنة، فإنها ستعمد على الأرجح إلى عزل أجزاء من لبنان وغلقها، ما يحول دون وصول المواد الغذائية وغيرها من الضروريات إلى الكثير من المدنيين.

وحتى الآن، تثني الولايات المتحدة إسرائيل عن خوض حرب ضد “حزب الله” عبر تحذيرها من الكلفة التي ستدفعها إسرائيل. ولكن بوسع المرء أن يفترض بكل ثقة أن الإدارة الأميركية لا ترغب في تحمّل مسؤولية مأساة إنسانية أخرى.

والحال أنه إذا ما فشلت إدارة بايدن في منع إسرائيل من شنّ حرب على “حزب الله”، فإنها ستتعرض لضغوط سياسية لدعم العمليات الإسرائيلية.

ولهذا، يجب على إدارة بايدن أن تضع حداً لمثل هذا التفكير الإسرائيلي، وأن تكون صريحة في القول إن الوعود الإسرائيلية بشن حرب منضبطة لن تكون لها أي مصداقية بعد سقوط قرابة 40 ألف قتيل في غزة، وفقاً للسلطات الصحية الفلسطينية، والدمار الهائل هناك.

——————————————–

هآرتس 12/8/2024

يجب عدم الاستقالة وعدم اليأس، هم سيخسرون

بقلم: رفيف دروكر

كل يوم خميس توجد جلسة ثابتة لنواب المستشارة القانونية للحكومة. هم يقرأون جدول الاعمال المخطط له لجلسة الحكومة القادمة وتبريرات الوزراء للقرارات المختلفة، ويقررون اذا كانت توجد حاجة الى التدخل القانوني. في هذه الحكومة الجلسة تعقد بعمى. ليس دائما يتم في يوم الخميس نشر جدول اعمال الجلسة. وعندما ينشر فهو على الاغلب يكون ناقص. الاقتراحات تأتي في اللحظة الاخيرة واحيانا اثناء الجلسة كي لا يتمكن أي أحد من الفحص.

سكرتير الحكومة، يوسي فوكس – الذي كان في السابق محلل قانوني في القناة 14 واعتاد على تقديم تحليلات مقتبسة من منتديات مقدرة عندما كانوا يريدون تلطيف الاجواء والضحك قليلا، الآن لا يرى نفسه فقط وريث لسكرتير الحكومة يوسي بيلين وسكرتير الحكومة دان مريدور، بل هو يعتبر نفسه الوريث المباشر لاهارون براك ومئير شمغار، أي المستشار القانوني للحكومة.

رئيس الحكومة نتنياهو صادق على تصفية اسماعيل هنية في طهران، وهي العملية التي أي شخص عاقل يدرك بأنها ستؤدي الى الحرب، لكنه لم يطرح هذه العملية لمصادقة الحكومة عليها (الكابنت) كما هو مطلوب حسب القانون. اهارون براك من علي اكسبرس ينظف خلفه، ويشرح لماذا هذا يعتبر قانوني.

محاولة تحويل اسرائيل الى ديمقراطية كونية تستمر. الوزراء ينظرون بحسد الى ايتمار بن غفير، الذي نجح في الحفاظ على غطاء آلية الديمقراطية – الشرطة والقائم بأعمال المفوض العام وقادة المناطق والزي الرسمي – لكن المضمون أصبح يذكر بقوات الشرطة في انظمة اخرى. خلايا نشيطة من الشرطة تركض نحو كل بطانية في حديقة عامة من اجل ابعاد الاشخاص الذين يحاولون تناول الجحنون قرب منزل مسؤول منتخب، بينما يتم التعامل مع مئات المشاغبين في سديه تيمان وبيت ليد، الذين اقتحموا القواعد العسكرية، باللامبالاة من قبل رجال الشرطة.

رغم ذلك من الجدير القاء نظرة على هذا الصراع: احتجاج مدني يثير الالهام، غير مسبوق في تاريخ الدولة، اوقف حكومة مفترسة لديها اغلبية ثابتة. انظروا الى المؤتمر الصحفي المتغطرس لعدو الديمقراطية ياريف لفين في شهر كانون الثاني 2023. فقد عرض الانقلاب النظامي فقط كمرحلة أولى. لم يحدث أي شيء من ذلك. المواطنون أوقفوا بارادتهم الاشخاص الذين يمسكون بقوة بالدولة.

الجانب الثاني، ايضا تعلم الدرس: هو لن يسارع الى الاقتراب من لجنة تعيين القضاة، ولن يتجرأ على طرح من جديد في الكنيست الغاء ذريعة المعقولية، وفقرة الاستقواء مع الـ 61 مقعد عادت لتكون بند رمادي في كلية الحقوق. ورغم الدعوات التي سمعت أمس إلا أن الانقلاب النظامي لن يعود. الامر اكثر عمقا من ذلك. فتحالف اليمين البيبي والحريديين تعلم درس حول محدودية القوة. فقد ادركوا ثمن تجسيد حلمهم المسيحاني. لن تكون اموال لمخصصاتهم، ولن يكون جيش لحمايتهم، هم لن يكونوا جزء من أسرة الشعوب، المعسكر الليبرالي ربما لا توجد له اغلبية في الكنيست، ولكن بدونه ستكون لنا دولة من دول العالم الثاني، وربما من العالم الثالث.

في بداية الحرب قدرت بأنه في هذه المرحلة سيكون مليون شخص في الشوارع. أنا اخطأت. ولكن المهم هو أن اجواء اليأس لم تسيطر. يجب ذكر كم كان شامل النصر في النضال السابق. فالمحكمة العليا تقوت وقامت بالغاء قوانين أساس، الاغلبية الليبرالية في لجنة تعيين القضاة زادت، والبيبيون لم ينجحوا في السيطرة على أي وسيلة اعلام، سواء “صوت الجيش” أو “هيئة البث”، حتى لو أن المحاولات مستمرة، أو على “القناة 13”.

في نهاية المطاف الهستيريا ستنتهي. والاضرار التي حدثت الآن قابلة للاصلاح. يمكن اقالة المفوض العام لخدمات الدولة ويمكن تعيين قيادة عليا جديدة للشرطة. في غضون ذلك يجب تعزيز المقاتلين على المتاريس: المستشارة القانونية وطاقمها المدهش، رئيس قسم التحقيقات البعيد عن أن يكون مثير للانطباع ولكنه شخص نزيه تراجع عن نية تقديم استقالته كي لا تسقط الشرطة في يد بن غفير، وحتى في قسم التحقيقات مع رجال الشرطة اكتشفت علامة على الحياة للمرة الاولى في الاسابيع الاخيرة. من المهم عدم الاستقالة وعدم اليأس، هم سيخسرون.

——————————————–

يديعوت احرونوت 12/8/2024

التنازل ليس خيارا

بقلم: ناحوم برنياع

هذا الأسبوع بكيت كثيرا. بكيت عندما قفزت الرياضيات الخمسة من اسرائيل فجأة الى المكان الثاني ونالت الميدالية الفضية. بكيت عندما تسلقت لونا تشمتاي سلفتر من المكان العاشر الى التاسع، بكيت عندما ادخل ستاف كيري الكرات الى السلة من اللامكان – بكيت مع لفرون جيمس الذي فاز بفخر ومع نيقولا يوكتش الذي خسر بشرف. الحقيقة هي أني بكيت مع كل متنافس في الاولمبيادا انهى دورة، مع كل علم ارتفع، مع كل قضمة شقية للميدالية. للحظة نسيت اذا كان المتنافسون يأتون من دولة هي معنا أم ضدنا: فرحت لسعادتهم.

لماذا، سألت، مثلما في الاغنية القديمة لمريم يلين شتكليس، لماذا تنهمر الدموع من تلقاء ذاتها. الجواب يوجد على ما يبدو في الأشهر العشرة الرهيبة التي مرت علينا منذ 7 أكتوبر: فمحجر الدموع جف من الحزن، من الغضب، من الاكتئاب، من احباط العجز. وفجأة، امام نصر حقيقي، كامل، نقي من الشكوك، محجر الدموع ينفتح من جديد.

يحتمل أن يكون هنا درس يتجاوز التجربة الأولمبية. عشرة اشهر والدولة تعيش تحت سحابة كثيفة من الحزن والقلق. وهذه تحوم فوق ميدان المخطوفين ومن فوق مظاهرة العائلات امام بوابة بيغن، في الشقق المؤقتة للعائلات التي اخليت وفي منازل البلدات التي لم تخلى؛ وهي واضحة بالحركة الهزيلة في أماكن التربيه وفي الاحاديث في أماكن العمل. حزن على أولئك الذين تركوا لمصيرهم وقتلوا؛ قلق على أولئك الذين تركوا لمصيرهم واختطفوا؛ قلق على المقاتلين في الميدان؛ قلق لما سيحل هنا من هجمات صاروخية من ايران وحزب الله؛ قلق على مستقبل الدولة. لا أتذكر فزع كهذا في فترات ازمة سابقة ولا حتى في حرب يوم الغفران او في الانتفاضتين الأولى والثانية.

الفزع يعكس الوضع لكنه لا يؤدي الى أي مكان: ليس فيه بشرى. احدى المزايا التي جعلت حركة الاحتجاج جذابة كانت الوعد بالتغيير؛ كان فيها قوة؛ كان فيها تفاؤل. ضربة 7 أكتوبر بددت هذا أيضا.

أحيانا اجدني احسد سياسيي اليمين الديني. اوريت ستروك مثلا. منذ 7 أكتوبر وكلها بهجة. مثلها سموتريتش، روتمان، بن غفير، كل العصابة. كحجم الكارثة حجم الفرصة؛ ربما الرب تبارك اسمه هو الذي رتب لهم الحرب الإقليمية التي حلموا بها كل السنين؛ حتى لو لم يكن هذا، فان الحرب تقرب الإسرائيليين من رؤياهم، واولا وقبل كل شيء الجنود في الجيش؛ وما لا يعطيهم الرب تبارك اسمه يعطيهم إياه نتنياهو، بعناصر القوة، بالميزانيات، بالنفوذ السياسي. هم أول من يستمتعون بارباح الحرب. فرحون أيضا رسل القطاع اليميني – الديني في وسائل الاعلام. فقد اكتشفوا في الحرب بان للابتهاج توجد تغطية إعلامية. الناس عطاشى لسمو الروح، للشماتة. وكذا للأغراض والكذب. الشبكة الاجتماعية تحب هذه الأمور. وهي تثيبهم بالمتابعين.

ظننت أن الغضب في ضوء قصورات الحكم واخفاقاته سيفجر هذه الموجة. إذ ان كل واحد يفهم حجم الفشل، عمق الحفرة التي وقعنا فيها في وضع الامن، في مكانتنا في العالم، في الاقتصاد، في التكافل الداخلي. أخطأت: الحكومة تعلمت كيف تستخف. المظاهرات لا تؤثر فيها ولا انتقاد جهاز القضاء او الفرائض المكتوبة في القانون. الانقلاب النظامي الذي تعهد نتنياهو احتفاليا بوقفه، انبعث بقوة.

إذن ما العمل، يسأل كل من هو قلق على المستقبل هنا. ليس لي جواب جيد، بل نصيحة فقط: عمل الامر ذاته، ناقص اليأس. التخف من التباكي، محاولة العثور من جديد على التطلع لنصر رافق الاحتجاج من بدايته. ما قيل في كانون الثاني 2023، عندما عرض يريف انقلابه، صحيح اليوم أيضا، وبقوة اكبر. دولة إسرائيل اغلى من ان تترك في ايدي سياسيين سائبين، مسيحانيين، محملين بالمصائب.

لعلنا نتعلم شيئا ما أمريكا. قبل شهر تنافس في الانتخابات للرئاسة اثنان، واحد غير مؤهل، وآخر غير جدير، وكانت نتائج الانتخابات معروفة مسبقا. وعندها صحا بايدن وتنازل، وكمالا هاريس وقفت مكانه. الأحزاب ورسائلها بقيت كما كانت، لكن الروح تغيرت: الديمقراطيون امتلأوا بالادرينالين وترامب غرق في الاكتئاب. السباق بدأ من جديد. وفي شؤون الدولة، مثلما في الاولمبيادا لا شيء ينتهي الى ان ينتهي.

——————————————–

معاريف 12/8/2024

حجم القوات الكبير في القطاع يستهدف تشديد الضغط وجباية

بقلم: آفي أشكنازي

بعد بضعة أيام من إعادة التنظيم والهدنة في القتال في القطاع، عادت فرقة 98 الى المناورة للمرة الثالثة في خانيونس. مقاتلو لواء 7 من المدرعات، ومعهم مقاتلو المظليين، مقاتلو سلاح الهندسة القتالية ووحدات أخرى، يعملون منذ يوم الجمعة فوق وتحت الأرض في خانيونس.

بالتوازي، فان مقاتلي الفرقة 162 يعملون بوتيرة قتال عالية في رفح، مع التشديد على مقاتلي الهندسة القتالية الذين يمشطون الانفاق. اكثر من 100 نفق اكتشفت، وفي الجي الإسرائيلي يعملون على تدميرها. بالضبط مثلما عمل مقاتلو الفرقة الثالثة من الجيش الإسرائيلي في داخل غزة، فرقة 252، الذين نجحوا في العثور على احد الانفاق الهامة لحماس في وسط القطاع.

في الجيش الإسرائيلي يعرفون بان القطار انطلق من المحطة. فتصفية رئيس اركان حزب الله فؤاد شكر ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران التي نفذتها يد مجهولة – ادتا هما بالذات الى بداية نهاية الخطوة القوية في الحرب في غزة. فالان توجد امكانيتان على جدول الاعمال – صفقة او حرب.

في الصفقة سيكون الجيش الإسرائيلي مطالبا بان يوقف النار لستة أسابيع على الأقل. من ناحية الجدول الزمني هذا سيخدم الديمقراطيين في الانتخابات في الولايات المتحدة، الذين يضعون كل ثقل وزنهم على الخطوة باتجاه الصفقة. واضح أن الصفقة ستؤدي أيضا الى وقف التوتر في الشمال وتسمح ببلورة ائتلاف إقليمي. ويبدو انها ستسمح أيضا بتوريد ذخائر كثيرة لن تعارض إسرائيل تلقيها من الأمريكيين ومن الالمان.

في هذه اللحظ تقررت ليوم الخميس قمة وساطة لعقد الصفقة. اذا ما فشلت الخطوة، فانه سيبدو اننا نسير الى خطوة حربية. محدودة ام قوية؟ ليس واضحا.  النار ستتركز من شمالنا ومن شرقنا. الى هذا يمكن أن تضاف الضفة. ظهر أمس تلقينا تذكيرا أليما في أن هذه ساحة قتال بحد ذاتها، تصونها جيدا ايران عبر منظمات الإرهاب، مع التشديد على الجهاد الإسلامي. في هذه هي الحالة سيكون الجيش الإسرائيلي مطالبا بان يحرك الفرقة 98 وربما وحدات أخرى من غزة في صالح القتال في الشمال. الكثيرون يسألون اذا كان المستوى السياسية غير معني بالصفقة ولهذا يبقي الفرق الثلاثة في غزة إضافة الى فرقة الخط الدائمة المتواجدة في الغلاف. إذن هذا هو، يبدو أن الجواب على ذلك سلبيا. حجم القوات الكبير المتبقي والذي يواصل القتال في هذه اللحظة يستهدف تشديد الضغط وجباية ثمن، قبل لحظة من رفع القدم عن دواسة الوقود.

هذا الضغط ملموس جيدا. الحديث يوم السبت هو على ما يبدو مؤشر آخر على ضغط حماس التي تخلق رواية الـ 100 مواطن بريء قتلوا زعما في الهجوم الإسرائيلي على المدرسة التي تستخدم مأوى للاجئين غزيين. حاولت حماس تجنيد العالم لممارسة الضغط على إسرائيل لوقف القتال.

في القطاع الوضع صعب. حماس فقدت على الأقل 75 في المئة من قوتها: من مقاتليها، من كمية الذخرة، من الاتفاق، من قدرات الإنتاج، ولم نتحدث بعد عن الدمار في الشوارع، الاحياء، المزروعات والبنى التحتية في القطاع. لا رحمة على القطاع، لا رحمة على حماس. في الجيش الإسرائيلي يسمعون الأصوات، ويرون المخربين، الذين يضعون السلاح عند مدخل المبنى ويستسلمون بلا قتال. بعد عشرة اشهر من الحرب يصعب على المخربين البقاء في الانفاق، الظروف لا تسمح بذلك. ولهذا فهم يخرجون ويحاولون الاختباء في مناطق اللجوء. هذا هو السبب الذي جعل العقيد افيحاي أدرعي، الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة العربية يطلب في كل صباح في الأيام الأخيرة من مزيد فمزيد من السكان في احياء في رفح، في خانيونس وفي مخيمات الوسط التحرك الى مناطق أيواء جديدة.

يستخدم الجيش الإسرائيلي الان قوته كي يواصل تفكيك حماس. السؤال هو كم يوم بقي لقادة ومقاتلي الجيش للعمل الى أن تتوقف ساعة الرمل.

——————————————–

هآرتس 12/8/2024

ايران لا تزال مصممة على الثأر

بقلم: تسفي برئيل

“يوجد لنا حق شرعي في الدفاع عن النفس، وهذا الحق غير مرتبط بغزة بأي شكل من الاشكال. ولكن نحن نأمل في أن ردنا سيأتي في الوقت والصورة التي لن تسيء لوقف اطلاق النار المحتمل في قطاع غزة”، هذا ما جاء في بيان البعثة الايرانية للامم المتحدة في يوم الجمعة. كالعادة، نص ايران متعرج بما فيه الكفاية كي يسمح لكل طرف بتفسيره كما يشاء دون التعهد أو الرمز الى طبيعة الرد وموعده، وبالاساس كيف سيتساوق الرد، اذا جاء، مع نية التوصل الى وقف اطلاق النار الذي تسعى اليه جميع الاطراف قبل اللقاء في يوم الخميس القادم.

الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي تبذلها واشنطن 24 ساعة في اليوم، التي تشمل ضمن امور اخرى المحادثات مع اسرائيل ومصر وقطر، وتركيا وسلطنة عمان والعراق والاردن وروسيا والصين ايضا، تهدف الى اقناع ايران بأن ترى في وقف اطلاق النار في غزة البديل المناسب للثأر بشكل عام، أو على الاقل رد لن يجر المنطقة الى الحرب.

حتى الآن من السابق لاوانه القول اذا كانت هذه الجهود قد اثمرت، لكن يجدر الانتباه الى الاصوات العلنية التي تسمع في ايران نفسها. في الايام الاخيرة نشرت صياغات مختلفة حول الخلافات السائدة في القيادة العليا بخصوص طبيعة وتوقيت الرد. على سبيل المثال، نشر موقع “ايران انترناشيونال” نبأ يقول بأن الرئيس الجديد، مسعود بزشكيان، توسل للزعيم الروحي علي خامنئي كي لا يشن هجوم يمكن أن يمس بشكل شديد بالدولة، اقتصادها وقدرته على ادارة الحكومة الجديدة. في موازاة ذلك نشر بأنه يوجد خلاف كبير بين الرئيس وبين حرس الثورة حول هذه المسألة، وهو النبأ الذي تم نفيه بسرعة في موقع “تسنيم”، المقرب من حرس الثورة الايراني.

تصعب معرفة مستوى الحقيقة في هذه التقارير. ولكن هذه ليست خلافات غير متوقعة، حيث مثلها رافقت حكومات سابقة في ايران. ليس فقط أن بزشكيان محسوب على التيار الاصلاحي، بل هو ايضا قام بتعيين مستشار للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، وهو الشخص الذي كان وزير الخارجية في فترة الرئيس حسن روحاني والذي وقع على الاتفاق النووي وحاول بدون تحقيق نجاح كبير، تحسين اقتصاد ايران. ظريف هو مثل الخرقة الحمراء امام حرس الثورة. ففي شهر شباط 2021 تم تسريب مقابلة لم تكن للنشر، مع معهد ابحاث في ايران، هاجم فيها مباشرة تدخل حرس الثورة، وبشكل مباشر قاسم سليماني قائد “قوة القدس” الذي تمت تصفيته بالقصف الامريكي في كانون الثاني 2020، الذي حسب اقوال ظريف استخدم الضغط الكبير لافشال جهود التوصل الى الاتفاق النووي.

ظريف الذي كان مدير حملة بزشكيان في الانتخابات الاخيرة لن يكون وزير في الحكومة الجديدة، التي أسماء الـ 19 وزير فيها عرضها الرئيس أمس أمام البرلمان، بعد مشاورات مطولة مع خامنئي. من الواضع لظريف، مثلما لبزشكيان، بأنه لن تكون أي فائدة من شمل اسمه في قائمة سيرفضها البرلمان. ولكن كمستشار استراتيجي فان ظريف لا يحتاج الى مصادقة البرلمان. وبقوة هذا المنصب فانه سيكون الشخص الذي سيرسم الاستراتيجية السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، للرئيس، التي يتوقع أن تضر بعدد غير قليل من المناطق الحساسة، سواء لحرس الثورة أو للمحافظين، وبالاساس المحسوبين على التيار الاصولي.

إن تعيين ظريف وتشكيلة الحكومة الجديدة سيطر أمس على جدول اعمال وسائل الاعلام في ايران، حتى أكثر من قضية رد ايران المتوقع على اسرائيل. بشكل عام، يبدو أنه مع مرور الوقت منذ تصفية اسماعيل هنية فان وسائل الاعلام في ايران، بما في ذلك التي يسيطر عليها النظام وحرس الثورة، خفضت حجم التغطية وقوة التصريحات مقابل الردود التي نشرت على الفور بعد عملية الاغتيال.

“الالتزام” بالثأر الشديد والعقاب الرادع الذي سيجبي من اسرائيل ثمن التصفية ما زال قائما. ولكن الى جانبه يتم عرض “التصرف بحكمة” و”التخطيط بشكل جيد” و”عدم التسرع”. على سبيل المثال في موقع “اطلاعات” الاصلاحي اقترح المحلل سيد مسعود رجوي تبني مبدأ “الصبر”. “لا شك أنه ضد الصهيونية التي توحد في اسرائيل لا يمكن القتال بشكل عاطفي، بالشعارات والطرق الدارجة. من اجل محاربة البنية “التنظيمية” التي توجد لديها معرفة وقدرة تحليل وتكنولوجيا، ونسيت الرحمة، فمن الحيوي التزود بمعلومات كافية وتطبيق خطة مفصلة ضدها”، كتب. “يجب التصرف بصبر وليس بتسرع وفقا للمصالح الوطنية”.

جوهر هذه المصالح عرضه كاتب آخر هو الدكتور بهرام امير احمد يان، الذي شرح بأنه “من اجل التفاخر وزيادة القوة الاقتصادية والسلطة الوطنية للدولة يجب اتخاذ قرارات جدية… لقد حان الوقت للتصالح مع البيئة الدولية لجذب الاستثمارات الاجنبية. وحكومة الطبيب (بزشكيان هو جراح قلب وشغل منصب وزير الصحة في حكومة الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي في الاعوام 2001 – 2005) تمهد الطريق لملاءمة البلاد مع هذه البيئة”. احمد يان يقدم ايضا خطة مفصلة عن كيفية التعامل مع هذه التحديات.

في فترة ولاية الرئيس ابراهيم رئيسي، الذي قتل في حادثة المروحية في شهر أيار، لم يكن للمراسلين وتوصيات المهنيين والخبراء والمحللين الاصلاحيين وزن كبير، هذا اذا كان اصلا، لكن بزشكيان يأتي مع اجندة مختلفة، فيها سيكون لصوت الاصلاحيين أذن صاغية. بزشكيان الذي هو ليس اقتصادي وليست لديه خلفية في الاقتصاد وضع ترميم الاقتصاد على رأس سلم اولوياته، وقام بتعيين رجل الاقتصاد الكبير في الدولة، علي طيب، الذي كان وزير الاقتصاد في ولاية روحاني، والمؤيد المتحمس للاتفاق النووي، في منصب رئيس منظمة الموازنة والتطوير، وهي الهيئة العليا لتخطيط الاقتصاد، الذي فعليا سيكون هو المسؤول عن الخطط الاقتصادية للحكومة.

التحديات التي سيواجهها، تضخم 50 في المئة، العملة التي فقدت قيمتها بـ 20 في المئة من بداية السنة، نسبة بطالة مرتفعة، فساد هيكلي عميق، منظومة مصرفية مدمرة، هرب رؤوس الاموال، هذا فقط جزء منها. دولة نفط كبيرة غير قادرة على توفير كل احتياجات الغاز لمواطنيها، والمليون سيارة جديدة (السيئة) التي تقوم بانتاجها لا يوجد لها وقود. ايران تنتج 97 مليون لتر من البنزين يوميا مقابل استهلاك يبلغ 115 مليون لتر. هذه الفجوة تغطيها بواسطة الاضافات الكيماوية التي تلوث الهواء.

ايران تصدر 1.5 مليون برميل نفط يوميا، تقريبا 90 في المئة منها للصين، لكن تطوير آبار نفط جديدة تدفع بها قدما لانتاج حوالي 2.5 مليون برميل يوميا، يواجه صعوبة كبيرة. احد الحلول هو تقليص بشكل كبير دعم الوقود. وقد كان مؤخرا اعضاء في البرلمان طرحوا رفع سعر الوقود بـ 25 ضعف، وحتى تقليص دعم الطحين، لأن جزء كبير من الحبوب الذي تنتجه ايران تضطر الى استيراده بسبب أن المزارعين يمتنعون عن بيع محاصيلهم للحكومة بالسعر المنخفض الذي تعرضه عليهم.

بزشكيان الذي اعتبر ترميم العلاقات مع دول العالم ومع الجيران العرب ومع الولايات المتحدة كهدف استراتيجي للدولة، يريد تعيين عباس عراكتشي في منصب وزير الخارجية، الذي كان نائب ظريف وترأس بعثة المفاوضات للاتفاق النووي ودفع قدما بجهود صياغة الاتفاق النووي الجديد في فترة ولاية الرئيس جو بايدن. توجد للوزير القادم علاقات جيدة مع نظرائه في اوروبا والسعودية ومتخذي القرارات في واشنطن. واذا تمت المصادقة على تعيينه من قبل البرلمان، أي أنه اذا حصل على مباركة الزعيم الروحي علي خامنئي فانه يمكن أن يكون (مع ظريف) مهندس سياسة ايران الخارجية الجديدة، شريطة أن ينجح في شق الطريق بين حرس الثورة الايراني والخصوم المحافظين. ولكن هنا مطلوب ملاحظة تحذير مهمة. فوعود وآمال مشابهة سمعت ايضا من فم الرئيس روحاني الذي لم ينجح في التغلب على هذه العقبات وخيب أمل مؤيديه الاصلاحيين.

تحديات الاقتصاد والسياسة الخارجية لا تخفى عن عيون خامنئي. وعندما يتحدث المتحدثون بلسان النظام عن ضرورة الانتقام من اسرائيل، لكن دون المس بمصالح الدولة، فانهم يدركون جيدا ليس فقط الثمن الاقتصادي الباهظ الذي ستدفعه ايران مقابل هذا الانتقام، بل ايضا يدركون الضرر الكبير المتوقع لمكانتها الاقليمية والدولية، بالذات بعد نجاحها في مراكمة منظومة علاقات ثابتة مع دول رئيسية في المنطقة مثل دولة الامارات والسعودية. ولا يقل عن ذلك اهمية هو تأثير الحرب مع اسرائيل على رد الشعب الايراني، الذي انتخب بزشكيان على أمل ترميم اقتصاد الدولة، والذي وعد برفع العقوبات الدولية المفروضة عليها.

نحن لا نعرف كيف سيحسم خامنئي الامر، وهو الزعيم الذي من جهة صك مفهوم “اقتصاد المقاومة” الذي بواسطته أمر بتوجيه الدولة ضد العقوبات كرمز لقوة ايران في الحرب ضد “استبداد الغرب”. وفي المقابل تحدث عن “مرونة بطولية” كاسلوب صحيح لخدمة مصالح الدولة. ولكن عندما تتحدث ايران عن رد “لن يسيء لوقف اطلاق النار المحتمل في قطاع غزة”، فربما هي تضع السلم الذي سيسمح لها على الاقل بالحد من الرد بشكل “مرن”.

——————————————–

إسرائيل اليوم 12/8/2024

قمة الخوف: محظور للصفقة أن تعطي حصانة للارهاب

بقلم: أمنون لورد

محاولة تحليل وتفسير مبادرة استئناف المفاوضات لتحرير المخطوفين ووقف النار تكاد تكون متعذرة، اذا اخذنا بالاعتبار الجهة التي نحاول انتزاع المخطوفين منها. يوجد رئيس عصابة نجح في اختطاف نحو 240 مواطن إسرائيلي، والان تبقى في يده بضع عشرات، عددهم غير معروف بيقين ورئيس العصابة إياه ينجح في احداث ازمة عالمية. هو لا يتحكم في المنطقة، منظمته مفككة ومدمرة في معظمها، ومع ذلك – دول مثل الولايات المتحدة، مصر وقطر تبني حول ذاك المجرم العظيم، يحيى السنوار، قمة سياسية لم تعقد حتى في اطار وقف النار في حرب يوم الغفران.

بين كل التفاصيل التي لم يتفق في شيء حولها، العنصر الجديد الذي دخل منذ الان وكأنه مأخوذ من مسرحية سخرية: ايران ستستجيب للضغوط ولن تهاجم إسرائيل وبالمقابل إسرائيل توقف القتال في غزة وتنسحب من محور فيلادلفيا. الامر الوحيد الذي يمكن أن نتعلمه من المناكفات السياسية في الأسبوع الأخير هو أن التوتر مع ايران وحزب الله بالنسبة للعدوان الذي يخططان له ضد إسرائيل يخلق رسالة علنية لحرب غزة. وهنا يبدأ وجه الشبه بين السعي الراهن لوقف نار في غزة وبين ما حصل في الأيام الأخيرة من حرب يوم الغفران في 1973. في حينه أيضا، في الأيام الثلاثة الأخيرة من الحرب تلقى التوتر الحربي بعد حافة مواجهة نووية بين القوتين العظميين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. التوتر انتهى بوقف النار الثاني في 24 أكتوبر.

في حالتنا حيال حماس، مثل مصر في حينه – واقل منها سوريا – حماس تريد وقف نار كي توقف الجيش الإسرائيلي الذي يهدد بابادتها. يحيى السنوار يريد أملا لمواصلة وجود منظمته. ومصر، قطر والان الولايات المتحدة أيضا، تحرصان علنا على بقاء حماس. حماس هي تلك المنظمة الإرهابية التي انتجت هجمة النخبة في 7 أكتوبر. موقف الإدارة الامريكية من رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته يمكن ان نفهمه من المقاطعة والاحتقار اللذين بثتهما مرشحة الحزب للرئاسة كمالا هاريس، حين رفضت أداء مهام منصبها كرئيسة مجلس الشيوخ في خطاب رئيس الوزراء في الكونغرس.

لإسرائيل توجد مصلحة عليا لتحرير المخطوفين المتبقين في ايدي السنوار ومنظمته الإرهابية. واذا كنا صادقين، فانه يمكننا أن نساوم على “النصر المطلق” اكثر مما على محور فيلادلفيا وعلى تفتيش اللاجئين العائدين الى شمال القطاع. هذه هي اللحظة التي تكون فيها إسرائيل مطالبة باجراء حسابها: ما هي عناصر الامن القومي الجوهرية لمواصلة الصراع في السنوات القادمة. ان حصانة إسرائيل ليست متعلقة فقط بترتيبات تكنو- أمنية، بل أساسا بمبنى قوة عسكرية صحيح وروح قتالية وحصانة قومية. على إسرائيل ان تضمن الا يمنح وقف النار حصانة لاعمال إرهاب في غزة.

منذ تشكيل الحكومة الحالية والامريكيون يعملون على نزع شرعيتها. وهم لا يتوقفون عن ذلك حتى على مدى الحرب. لا يمكن لاي مساعدة امنية أن تغطي على هذا. هذه وصلة مؤكدة لمواصلة المخططات العدوانية ضد إسرائيل. وعليه فعندما يتحقق وقف النار يجب أن يكون تفهم من جانب الأمريكيين بان إسرائيل يمكنها ان تعمل بشكل حر لغرض الملاحقة في غزة وتصفية قواعد الإرهاب في اللحظة التي تجد من الصواب عمل هذا؛ وذلك بروح الاتفاق من العام 2004 بين الرئيس في حينه جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء الراحل أريك شارون.

——————————————–

هآرتس 12/8/2024

هل بنيامين نتنياهو يسعى الى حرب عالمية

بقلم: روغل الفر

رئيس حكومة اسرائيل يعتبر خطير على السلام العالمي. ففي خطابه في الكونغرس في الشهر الماضي أوضح بأنه يعتبر اسرائيل رأس الحربة في حرب الغرب ضد الاسلام الراديكالي العالمي، أو كما سمى ذلك “الحضارة ضد البربرية”.

نتنياهو أوضح للامريكيين بأنه يقوم بحمايتهم، وأنه يحارب حربهم. وقد كان واضحا من اقواله بأن امريكا ملزمة بأن تعترف بجهوده من اجلها وليس العكس. من ناحيته المساعدات الضخمة التي تحصل عليها اسرائيل من الولايات المتحدة تخدم المصلحة الامريكية الوجودية. وكلما قامت الولايات المتحدة بزيادة هذه المساعدات فان مصلحة امريكا الوجودية ستحصل على خدمة افضل. والمصلحة الامريكية حسب نتنياهو هي الحرب العالمية.

في نفس الوقت نتنياهو طرح نفسه كزعيم العالم الحرب والذي يرسم طريقه. في مقابلة مع مجلة “تايم” في الاسبوع الماضي أكد على أن المذبحة في 7 تشرين الاول هثل مثل “بيرل هاربر” بالنسبة له. من خلال افعاله والحلم الذي عرضه في الكونغرس فانه مثل فرنكلن روزفلت، وبيرل هاربر خاصته، وضعت أمامه واجب استراتيجي واخلاقي لشن الحرب العالمية.

الولايات المتحدة هي بالاجمال وكيلته. لذلك فهي من شأنها أن تقصف المنشآت النووية في ايران. في كل مرة تهدد ايران بالدخول الى المعركة مع وكيلها حزب الله، يقوم نتنياهو باحضار وكيله، وهو على ثقة بأنه يلاحظ افضل من الادارة الديمقراطية مصالح امريكا، ويخدمها افضل من الرئيس جو بايدن.

يمكن الادعاء بأن نتنياهو هو استراتيجي سيء. فقد قام بتصفية كل من اسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في الضاحية ولم يأخذ في الحسبان حجم الرد. هل هو حقا لم يأخذ ذلك في الحسبان؟ من يعتبر نفسه زعيم الغرب في الحرب ضد البربرية يعرف جيدا أن الاغتيال الصحيح في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح يمكن أن يشعل الحرب العالمية، التي ستستمر لسنوات وستبقيه في الحكم الى حين انتهائها. هذه الحرب العالمية هي الطفل الذي يتعهده، واستراتيجيته بدأت تثمر. في الحقيقة هو في شهر نيسان اوجد وضعا تجندت فيه الولايات المتحدة وحلفاءها من الحرب العالمية الثانية، فرنسا وبريطانيا ودول عربية معتدلة، لتحالف دافع عن اسرائيل. هذا تجسيد لحلم نتنياهو، العالم كبيت دواء واسرائيل في الوسط.

نتيجة اغتيال هنية تثير الانطباع أكثر من ناحيته. بايدن ارسل الى المنطقة قوة عسكرية تجعل شهر نيسان يتقزم. نتنياهو يحدد جدول الاعمال. العالم ينقسم حوله. افعاله تقض المضاجع، وحتى مضاجع فلادمير بوتين. هو اكثر اهمية على المسرح العالمي اكثر من أي وقت مضى. نتنياهو يمنع انهاء الحرب في قطاع غزة من اجل اشعال الحرب العالمية. بأوهامه المصابة بجنون العظمة هذه الحرب العالمية، انتصار الحضارة على البربرية، ستكون ارثه.

اسرائيل صغيرة على القوة التدميرية التي تندلع منه، وتتوق الى اغراق العالم. في “التايم” شبه نفسه بجورج الابن بعد عملية التوائم. الدوري الماسي. نتنياهو دائما يقارن نفسه بزعماء الامبراطوريات في العالم وهو يتصرف على هذا الاساس. لذلك هو في حالة نشوة. يبدو له أن وهم يأجوج ومأجوج يتحقق أمام ناظريه وأنه في المستقبل سيتم ذكره في كتب التاريخ مع تشرتشل وروزفلت، “من هزم البرابرة”.

في غضون ذلك فان من سينقذون مواطني اسرائيل، ايران والعالم، من بربرية نتنياهو هم بالذات بوتين (الحساس لكرامته ويطلب الحصرية في اشعال الحرب العالمية في هذه الاثناء)، ورئيس “البرابرة” الجديد مسعود بزشكيان. العالم كله يوجد له الآن سبب جيد للأمل في اسقاط نتنياهو، لأنه طالما أنه موجود في الحكم فانه ليس المخطوفين فقط في خطر، بل كل العالم في خطر.

——————————————–

إسرائيل اليوم 12/8/2024

السنوار في معضلة: مصيره الشخصي أم مستقبل حماس؟

بقلم: شاحر كلايمن

أربعة أيام فقط على موعد انعقاد الاجتماعي الذي سعى اليه الوسطاء لاجل الوصول الى صفقة مخطوفين، واذا بحماس مرة أخرى تؤشر بانها تتمترس في مواقفها وتحاول التشكيك بوحدة الموقف الإسرائيلي.

في بيان، طويل كعادتهم، حاول أمس الناطقون بلسان حماس القاء المسؤولية عن الجمود في الاتصالات على إسرائيل. على هذه الخلفية ذكروا في حماس موافقتهم المزعومة على بيان مجلس الامن في الأمم المتحدة، الذي يتضمن شرط وقف نار دائم – بخلاف الموقف الإسرائيلي.

كما أنهم في المنظمة ذكروا تأييدهم لخطاب بايدن الذي فسروه من ناحيتهم بالشكل ذاته. وفي النهاية ذكروا موافقتهم الأخيرة على وقف نار مؤقت في المرحلة الأولى، لكنه وقف للنار يتضمن هدنة طالما الاتصالات على المرحلة الثانية تتواصل، على الأقل حسب مصادر اجنبية.

في حماس امتشقوا مرة أخرى التهمة بـ “شروط جديدة” زعموا ان إسرائيل طرحتها لكنهم نسوا ان تلك الشروط ترتبط أساسا بمحور فيلادلفيا التي لم يكن تحت سيطرة إسرائيل في اثناء الجولات السابقة.

المحور المحاذي لحدود مصر وقطاع غزة هو بالفعل ذا أهمية استراتيجية لحماس. فمنذ أيام طويلة وفي حماس يعانون من نقص في الوسائل القتالية والذخيرة ولذلك لان مقاتلي الجيش الإسرائيلي قطعوا شريان الحياة لاعمالهم الإرهابية. وعليه، فان المخربين يضطرون لان يتوجهوا أحيانا لاستخدام ذخيرة الجيش الإسرائيلي التي لم تنفجر.

هذا الوضع يضع يحيى السنوار في معضلة. من جهة يمكن للضغط العسكري الإسرائيلي ان يكلفه حياته، وفي المدى القصير. من جهة أخرى اتفاق لا يتيح إعادة السيطرة الكاملة في محور فيلادلفيا يحسم مصير المنظمة للمدى البعيد.

لقد أدت هذه المعضلة بحماس لان تتوجه الى الوسطاء بالدعوة لاجبار إسرائيل على التنازل لشروط السنوار. وعليه فقد كتب في البيان بان لا معنى “لجولة أخرى من المفاوضات”، وانه يجب وضع خطة لتنفيذ تفاصيل الاتفاق كما تراه حماس.

بكلمات أخرى: وقف نار في المرحلة الأولى، زعما مؤقتا، يؤدي بالضرورة الى وقف نار دائم؛ انسحاب من محور نتساريم بشكل يسمح للمخربين بتعزيز فلول حماس في شمال قطاع غزة؛ وانسحاب تام من محور فيلادلفيا بشكل يسمح لحماس بمحاولة إعادة التسلح على مدى الزمن.

مع ذلك، في حماس لم يغلقوا الباب على الاتصالات ولم يعلنوا صراحة بانهم لن يرسلوا وفدا الى قطر او الى مصر. ان من ابقى الباب مفتوحا بعد تصفية إسماعيل هنية ومحمد ضيف، فانه لن يغلقه الان.

——————————————–

معاريف12/8/2024

مأمور من جماعته

بقلم: أسرة التحرير

حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو تواصل الهجمة على مبنى النظام الديمقراطي لدولة إسرائيل. الحكومة تفعل هذا تقريبا بدون عراقيل، مستغلة حقيقة أن الجمهور منشغل بالحرب، يستعد لهجمات حزب الله وإيران ويوجد في حالة نجاة اقتصادية يومية. أمس أقرت الحكومة بالإجماع اقتراحا بأن يعين نتنياهو بنفسه مأمور ديوان شؤون موظفي الدولة ونقل التعيين لإقرار لجنة تعيين كبار المسؤولين. كل هذا بدلا من أن يكون الإجراء من خلال لجنة التعيينات. الخطوة تتعارض وموقف حماة الحمى وتمت بتجاهل فظ لهم.

المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا قضت بأن طريقة التعيين هذه “لا تتناسب وطبيعة المنصب” وتعرض للخطر قدرة المأمور المنتخب على العمل “برسمية وبشكل مستقل”. وأوضحت المستشارة بان هذا إجراء غير قانوني، وأنه يوجد مانع قضائي لدفعه قدما وأن على التعيين أن يتم من خلال لجنة تعيينات برئاسة قاضي محكمة عليا متقاعد. كما أن المستشارة القانونية لديوان رئيس الوزراء شلوميت برنيع باركو قضت بانه لا يجب إجراء التعيين وفقا للأهلية التي عمل عليها نتنياهو وطالبت بأن يتم التعيين من خلال لجنة التعيينات. وأوضحت المستشارة بان للجنة تعيين كبار المسؤولين لا توجد قدرة على فحص الملاءمة المهنية للمرشح للمنصب.

إن منصب مأمور شؤون الدولة وأهميته ليست معروفة للجمهور الغفير؛ هذا منصب مهم يتضمن الإشراف على عموم التعيينات في الخدمة العامة ومنع تلويثها بتعيينات حزبية وغير مهنية. على المأمور أن يتأكد من أن تكون الخدمة العامة مهنية وغير متحيزة وليست خدمة مقربين من الحكم. عليه أن يحافظ على أن تكون خدمة الدولة مهنية، مستقلة، نوعية، رسمية وغير حزبية.

أحد الشروط المهمة لوجود الديمقراطية السليمة هو الفصل بين المستوى السياسي وخدمة الدولة. على السياسيين أن يدفعوا قدما بمواقفهم وعلى رجال خدمة الدولة أن يعملوا وفقا لمعايير مهنية ورسمية ووفقا للمصلحة العامة.

المأمور المنصرف، دانييل هيرشكوفتس يعتبر مريحا لنتنياهو، وتميزت ولايته بالتدهور في جودة خدمة الدولة. لكن حتى مأمور واهن لا يكفي نتنياهو الذي يريد إمعة مطلقة. هكذا أيضا يمكنه أن يجعل الحكم جهازا لتوزيع الوظائف.

إذا ما تحكم نتنياهو تقريبا بدون كوابح في تعيين مأمور خدمة الدولة فإنه يمكنه بواسطة التعيين أن يتحكم بالمستوى المهني لخدمة الدولة. بهرب ميارا لا يمكنها أن تكبح وحدها الانقلاب النظامي. وعلى أي حال فإن اليمين المتطرف مصمم على نيته لتنحيتها. على الجمهور أن يفهم بأن الحكومة تستغل الحرب كي تدفع قدما بالانقلاب وأن يوضح لها بأن هذه المرة أيضا سيمنعها من ذلك.

——————انتهت النشرة——————