مع اقتراب فصل الشتاء، أضحت أزمة ارتفاع أسعار الملابس ونقصها في الأسواق بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ عام، حديث وهموم المواطنين اليومية في قطاع غزة.
وتتفاقم هذه المعاناة، على النازحين والمشردين في الخيام ومراكز الإيواء، الذين أجبرهم الاحتلال الإسرائيلي على ترك منازلهم تحت القصف وعدم قدرتهم على جلب أمتعتهم سوى القليل منها، في الوقت الذي يواصل فيه إغلاق المعابر ومنع دخول أي ملابس جديدة للقطاع.
أسعار غير معقولة..
على مدار ثلاث أيام متواصلة، واصلت السيدة مريم جبر (30 عاماً) البحث بالأسواق عن ملابس لأطفالها الأربعة بأسعار مناسبة، في ظل الوضع الاقتصادي المرير وعدم وجود عمل لزوجها، في الوقت الذي وصل فيه سعر طقم الملابس الواحد إلى 120 شيكل وذو جودة متوسطة.
تضيف جبر، أنها مضطرة للشراء على أمل أن تجد أسعاراً أرخص من ذلك أو الاتجاه للملابس المستعملة، بسبب قصف منزلها من قبل طائرات الاحتلال في شهر نوفمبر/تشرين ثاني من العام الماضي، وعدم قدرتها على إخراج أي شيء من المنزل.
ولا يختلف الحال كثيراً عن حال المواطن إبراهيم خميس وهو أحد النازحين من شمال القطاع لأحد مراكز الإيواء في دير البلح، والذي يحاول البحث عن ملابس لطفلتيه، ما اضطره لطلب ملابس من أخواته وأقاربه المتواجدين في دير البلح.
ويضيف خميس في حديثه ، أن الملابس التي جلبها معه خلال النزوح في شهر أكتوبر/تشرين أول من العام الماضي كانت أغلبها تخص فصل الصيف، ولم يتمكن من جلب ملابس شتاء كثيرة، والتي أيضاً اهترأت في حياة الخيام ومراكز الإيواء على مدار عام كامل، وبعضها أصبحت صغيرة على أطفاله.
ويشير في ذات السياق، إلى أن الملابس المستعملة باتت تباع بأسعار مقاربة للملابس الجديدة قبيل الحرب، حيث وصل في هذه الأيام سعر “الترنق” المستعمل إلى 60 شيكل، وحالته متوسطة.
من جانبه، يقول تاجر الملابس محمد منصور، والذي كان يستورد كميات كبيرة من الملابس المتنوعة قبيل الحرب، إن لديه عدد من شحنات البضائع في الضفة الغربية، ولكنها عالقة بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي من دخولها.
ويضيف منصور في حديثه، أن خسائره في هذه الحرب برفقة أخوته الشركاء تقدر بـ50 ألف دينار، عقب تعرض محالهم ومخازن بضائع لهم للقصف من قبل طائرات الاحتلال ومدفعيته.
ويؤكد، رفضه التام لجلب بضائع من التجار المحليين لارتفاع أسعارها كسعر جملة، مما سيضاعف أسعارها على المستهلك بما يقارب أربعة أضعاف حيث أن القطعة التي كانت جملتها بـ15 شيكل، اليوم تباع بـ80 شيكل وتصل للمستهلك من 100-120 شيكل، لافتاً إلى أنه اضطر تحويل مهنته لبيع المواد التموينية في محاولة منه لتوفير قوت يومه إلى حين تحسن الأوضاع الاقتصادية وانتهاء الحرب.
معابر مغلقة لأكثر من 150 يوماً
وفي السياق، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يغلق جميع معابر القطاع، والتي كان آخرها معبر رفح، ومعبر كرم أبو سالم منذ أكثر من 150 يوماً بشكل متواصل، لذلك يمنع إدخال الملابس بكافة أشكالها لقطاع غزة.
ويضيف الثوابتة في حديثه ، أن إغلاق المعابر فاقم الأزمة الإنسانية لدى المواطنين وخصوصاً النازحين، الذين يزيد عددهم على أكثر من 2 مليون نازح، واهترأت ملابسهم على مدار عام كامل من الاستخدام.
ويشير، إلى أن هؤلاء النازحين خرجوا من منازلهم بدون أي شيء، بسبب تهديد الاحتلال الإسرائيلي بقصف المنازل، لافتاً إلى أن الاحتلال دمر 75 % من المنازل والوحدات السكنية في قطاع غزة.
ويبين شهود العيان أن الأزمة أصبحت واضحة وهناك العديد من المناشدات بهذا الخصوص لتوفير ملابس وخاصة للأطفال مع اقتراب فصل الشتاء، الذي يحتاج للمزيد من الملابس لتدفئة الأطفال الذين يقدر بمليون طفل في القطاع.
ويضيف، أن هذه الأزمة أصبحت مركبة خاصة على النازحين المنتشرين في أكثر من 543 مركز إيواء في جميع محافظات قطاع غزة، مطالباً بفتح المعابر وإدخال الملابس حتى يتم إنقاذ الواقع الإنساني في قطاع غزة.
وفي بيان سابق، أطلق المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، نداء استغاثة إنساني عاجل لإنقاذ مليوني نازح في قطاع غزة قبل فوات الأوان، بالتزامن مع قدوم المُنخفضات الجوية، ودخول فصل الشتاء، وظروفه المناخية القاسية، واهتراء خيام النازحين.
ولفت إلى أن ما نسبته 74% من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك وفقاً لفرق التقييم الميداني الحكومية، والتي أفادت بوجود 100,000 خيمة من أصل 135,000 خيمة بحاجة لتغييرعاجل نتيجة اهترائها.
وتتواصل حرب الإبادة الجماعية التي تشنها “إسرائيل” على قطاع غزة لليوم الـ 370 تواليًا، مخلفة 42 ألفًا و10 شهداء، بالإضافة لـ 97 ألفًا و720 مصابًا بجروح متفاوتة.