هآرتس : نتنياهو يجب أن يقرر ” إما السعي الى إنهاء الحرب أو تدمير اقتصاد اسرائيل “

بقلم: ناتي توكر

لقد كان لمقتل زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، في يوم الخميس الماضي اثناء مواجهة مع جنود في رفح، تأثير غريب على سعر الشيكل. رغم أن الحادثة خلقت فوضى قيادية في غزة واستدعت تهديدات من قبل حزب الله وغيره بتشديد الهجمات ضد اسرائيل، فان الشيكل بالذات تعززت قيمته.

الشيكل تعزز بعد نشر نبأ مقتل السنوار، من 3.75 شيكل للدولار الى 3.70. المرة السابقة التي كان فيها الشيكل حول هذه النسبة كانت في 25 ايلول عندما انتشرت الانباء عن مبادرة امريكية لوقف الحرب في لبنان، التي لم تتحقق في نهاية المطاف. الاسواق تحب وقف النار، والاموال في حينه تدفقت الى العملة المحلية.

ايضا الآن في الاسواق يظهرون التفاؤل ويأملون بأن احداث يوم الخميس تبشر بنهاية الحرب، أو على الاقل نهاية المرحلة الحالية فيها.

مقتل السنوار يبرز فقط الفهم الذي يقول بأن اسرائيل استنفدت القدرة على استخدام القوة العسكرية الكثيفة من اجل تحقيق أي اهداف في المعركة الحالية. وقد اصبح من الواضح للجميع أن اعادة الـ 101 مخطوف، الهدف الذي اهملته الحكومة الحالية حتى الآن، لن تتحقق بالوسائل العسكرية.

بعد الهزيمة المريرة والاهمال السياسي والامني الذي تكشف في 7 اكتوبر 2023. فقد قضت تقريبا على كل القيادة العليا في التنظيمات الارهابية المحيطة بها والتي هاجمتها في السنة الماضية. صورة النصر يبدو أنه تم تحقيقها: من نفذ مذبحة 7 اكتوبر، مستلقي وهو مهان وميت تحت انقاض بيوت غزة وتحت ارجل جنود الجيش الاسرائيلي. 

اسرائيل ليس من شأنها أن تعود الى الوضع الذي كان قبل 7 اكتوبر. نظريتها الامنية ستتغير بشكل جوهري، بالطبع، وستحتاج الى المزيد من القوة البشرية والتكنولوجية. ايضا العملية العسكرية في لبنان يبدو أنها ستستمر لفترة من اجل ازالة التهديد المستقبلي على حدود اسرائيل. مع ذلك، افق انهاء الحرب لا يمكن رؤيته بوضوح في المرحلة الحالية.

موت السنوار هو انعطافة في هذه المنظومة العسكرية. لن يكون لاسرائيل صور نصر اخرى، ولم يبق لها أي اهداف عسكرية اخرى ذات اهمية معنوية. الاهداف السامية الآن هي اعادة المخطوفين واعادة سكان الشمال الى بيوتهم بأمان. ومن الواضح للجميع أن هذا سيتم تحقيقه فقط بالاتفاق.

 حرب مزمنة

الى جانب المعركة العسكرية يجب علينا عدم نسيان الساحة الاقتصادية. الاسواق تتوقع أن تسعى الحكومة الآن لانهاء الحرب.

هذا الانهاء، أو على الاقل طرح خطوط عامة له، كان يمكن أن يشجع الحكومة على الخروج بمبادرة سياسية في محاولة لاعطاء استقرار اقليمي معين، ولكن الحكومة الحالية، لاسباب سياسية فقط ولارضاء قوائم الائتلاف، لا تنشغل بالقضايا الاستراتيجية، وهي معنية بالابقاء على وضع القتال بدون أي نهاية تظهر في الأفق. 

الخوف الاساسي للاسواق هو من تمترس اسرائيل في معركة سياسية دون موعد نهائي لها، مع تكلفة عالية ومواصلة المس بسوق العمل والاقتصاد – استمرار الارتفاع في علاوة المخاطر في اسرائيل.

فقط في الاسبوع الماضي نشر المكتب المركزي للاحصاء بيانات الانتاج القومي الخام المحدثة (التقدير الثالث للحسابات القومية في الربع الثاني للعام 2024)، الآن هو يقدر بأن النمو في الربع الثاني من هذا العام كان تقريبا صفر – 0.3 في المئة، مقابل الربع السابق بحساب سنوي.

التغيير الاساسي بين التقدير الثاني والثالث (الذي هو ايضا شمل تحديثا مهما نحو الاسفل لرقم النمو مقابل التقدير الاول)، نبع من تأثير الرقم على الارتفاع في النفقات للاحتياجات العامة، الذي انخفض من زيادة تبلغ 8.2 في المئة في التقدير الثاني الى 5.3 في المئة. بكلمات اخرى، ايضا سياسة الحكومة التوسعية، التي هي تشويه بحد ذاتها، لم تنجح كما هو متوقع في تسريع عجلة الاقتصاد.

الخوف من خلق “تطبيع جديد” لاقتصاد اسرائيل لحالة القتال المستمر، تم ذكره في تقرير شركة التصنيف الائتماني موديس، التي خفضت بدرجتين التصنيف الائتماني للحكومة قبل شهر تقريبا. في الشركة أوضحوا بأنه بسبب عدم وجود لاسرائيل استراتيجية خروج من الحرب فانها غارقة في سياسة ادارة الحرب، التي تشمل اعتبارات سياسية، واحتمالية التعافي بسرعة لم تعد قائمة. هذا هو سبب أنهم في الشركة ما زالوا حتى الآن يبقون ايضا افق تصنيف سلبي لاسرائيل. 

اثناء الحرب تدهور وضع اسرائيل بشكل حاد تقريبا بكل المقاييس. ليس فقط أن الانتاج يتخلف 5 في المئة مقابل الامكانية الكامنة، بل ايضا العجز اعلى من المتوقع (قفز الى 8.5 في المئة في ايلول)، والدين قفز، وعلاوة المخاطرة قفزت، كما ينعكس ذلك في تفاوت العائدات على السندات الاسرائيلية مقارنة مع السندات الامريكية، وفي اسعار الـ سي.دي.اس (بوليصة التأمين ضد افلاس حكومة اسرائيل).

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اعتاد على التلويح بأداء مؤشر تل ابيب 35 في البورصة، الذي ارتفع 12.8 بالمئة منذ بداية السنة. ولكن ايضا هذا المؤشر يعرض عائد مفقود، مؤشر الاسهم الامريكي اس آند بي 500 مثلا ارتفع في نفس الفترة 23 في المئة. 

صورة نصر

الحكومة حصلت الآن على حبل النجاة الاخير. التصفية غير المخطط لها للسنوار تعطيها صورة النصر. في هذه الانعطافة كان يمكن أن تخرج الحكومة الى الانتخابات وأن تطالب مرة اخرى بتأييد الشعب. هذا كما يبدو لن يحصل، لكن على الاقل يجب على الحكومة التصرف بمسؤولية وتعمل على اعادة المخطوفين وانهاء الحرب. من اجل ذلك توجد حاجة الى عرض خطة تعافي شاملة تتضمن ميزانية للعام 2025 مع تعديلات مهمة ومؤلمة، لكن ايضا مع خطوات حقيقية لتسريع النمو واعادة ترميم المناطق التي تضررت.

لكن الحكومة التي لا تعمل من خلال خطة استراتيجية واضحة، والتي الرؤساء فيها يضربون بعضهم البعض طوال الوقت، والتي فشلت في كل عملية سياسية – يمكن أن تتخذ ايضا قرارات مختلفة في هذه الانعطافة. الخوف هو من أن التيارات المتطرفة في الحكومة، التي تقرر مصير الحكومة، ستختار مواصلة الحرب بدون فائدة وبدون موعد نهائي. ثمن استمرار القتال الشديد سيكون باهظا: ارتفاع آخر في النفقات الامنية، عجز اكثر عمقا، ارتفاع النسبة بين الدين والانتاج، مواصلة هروب المستثمرين، انخفاض في النمو وفي الارباح الشخصية لمواطني اسرائيل.

نقطة الانعطاف يمكن أن تظهر ايضا كنقطة اللاعودة. اذا لم تعمل الحكومة في الوقت الحالي على انهاء الحرب بواسطة حبل النجاة الصدفي الذي اعطي لها فانها ستثبت للاسواق بأنه لا يوجد لها قيامة حقيقية. الرؤية بخصوص الاخطار الجيوسياسية ستترسخ جذورها اكثر، وسيكون من الصعب اكثر بعد ذلك تسويق اسرائيل بواسطة “قصة” عن دولة هايتيك مزدهرة وحديثة.

هذا مفترق طرق آخر لاتخاذ القرارات الحاسمة بالنسبة لرئيس الحكومة نتنياهو. ولكن من ناحيته يبدو أن الهدف الاكثر اهمية هو البدء في ادلاء شهادته في محاكمته الجنائية التي يمكن أن تستأنف في بداية كانون الاول القادم.