كتب ابراهيم الذويب … قوة العمال وأثرها على علاقات العمل

محامي ومحاضر جامعي

المسار الإخباري : إن العامل بمفرده وبمعزل عن العمال الاخرين طرف ضعيف، لكن هذا الضعف يتحول الى قوة مؤثرة في المجتمع وسوق العمل، عندما يتجمع العمال في تنظيم نقابي مهني مُشكّل وفقاً للقانون، ونقصد هنا بالقانون قانون النقابات الذي ما زال غير مشرع في الحالة الفلسطينية، حيث أغفل المشرع الفلسطيني هذا الموضوع عند إلغاء قانون العمل الاردني وتعديلاته رقم (21) لسنة 1960 والذي كان معمولا به في محافظات الضفة الغربية، أما في غزة فالحال يختلف، فكان هناك قانون تنظيم نقابي مستقل، عن قانون العمل رقم (16) لسنة 1964 المعمول به في محافظات قطاع غزة، على العكس من القانون الأردني الذي كان قد أفرد بابا خاصا للتنظيم النقابي ضمن القانون. وعلى الرغم مما سبق فإن الحق في التنظيم النقابي حق دستوري مكفول بالقانون الأساسي الفلسطيني في باب الحقوق والحريات العامة، وكذلك في قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000 بالمادة الخامسة، فوفقا لأحكام قانون العمل فإن للعمال وأصحاب العمل الحق في تكوين منظمات نقابية على أساس مهني تهدف الى رعاية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم، وحتى عندما استثني موظفو الحكومة والهيئات المحلية من انطباق أحكام قانون العمل عليهم كفل حقهم في تكوين نقابات خاصة بهم.
تشكيل وتنظيم النقابات الفرعية والعامة بالقطاعات العمالية والمهنية، حتى تشكيل إتحادات عامة للعمال تعزز قوتهم وتخلق أجساما تمثيلية لهم، وتقوم بالإنابة عن العمال بالتفاوض مع أصحاب العمل لإبرام إتفاقيات عمل جماعية (عقود عمل جماعي) لتحسين شروط وظروف العمل، تبرم بين نقابات العمال وأصحاب العمل، أي بين طرفي الإنتاج وبذلك يتبلور النوع الثاني من عقود العمل، والذي يتمثل بعقد العمل الجماعي عبر المفاوضات الجماعية وهي النقاشات والحوارات التي تجري بين العمال أو نقاباتهم وبين أصحاب العمل أو منظماتهم النقابية، ويكون الهدف منها سنداً لقانون العمل حسم نزاعات العمل الجماعية وتحسين شروط وظروف العمل ورفع الكفاءات الإنتاجية، وتنظيم العلاقات بين العمال ومنظماتهم وأصحاب العمل ومنظماتهم.
وهذا أيضا كان محل اهتمام المنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية والمنظمات العمالية العربية وكذلك تشريعات العمل. إن هذه المفاوضات هي الوسيلة الفعالة لتنظيم علاقات العمل على أسس عادلة تتماشى مع التطور الاقتصادي والاجتماعي وتخلق أجواءً من المساواة والعدالة. أشار قانون العمل الفلسطيني لذلك بالمادة (49) إلى أن المفاوضات الجماعية تجري على مستوى التنظيمات النقابية وليس على مستوى الأفراد وهذا ما يعزز التعاون والإستقرار، على عكس عقود العمل الفردية حيث ألزم المشرع أن يكون عقد العمل الجماعي مكتوبا وباللغة العربية ويتضمن أحكاماً تتعلق بتحسين شروط العمل ورفع الكفاءة الإنتاجية، والكتابة ملزمة ليس فقط بالعقد بل ايضاً في التعديلات التي تطرأ على أحكام إتفاق العمل الجماعي، وإن تخلف الكتابة يترتب عليه بطلان العقد ولا يترتب عليه أي إلتزام، كما أن شروط إتفاق وإنعقاد العمل الجماعي موضوعية لأنها موضوع الإتفاق، وشكلية تتمثل بالكتابة حسب نص المادة (54)، والإيداع لدى وزارة العمل ومن شروط إيداعه أن يتضمن مطابقته للقانون ويعتبر تاريخ سريانه من تاريخ الإيداع.
وعليه فإن تنظيم العمال ووحدتهم النقابية تعتبر ركيزة أساسية ونقطة قوة العمال في إطار تنظيم علاقات العمل ووضع الضوابط لحماية مصالحهم كما أنها تسهم أيضاً في خلق الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر كاتبيها وليس عن وجهة نظر المسار الإحباري