الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 17/11/2024
الجهاد الإسلامي يجس النبض لصفقة مخطوفين خاصة به
بقلم: يونتان ليس
الاتصالات بين حماس واسرائيل من اجل عقد صفقة لاطلاق سراح المخطوفين وصلت الى طريق مسدود، لكن الجهاد الاسلامي بدأ في حملة علنية ومستقلة في محاولة للدفع قدما باطلاق سراح المخطوفين الموجودين لديه. في يوم الاربعاء الماضي نشرت هذه المنظمة الارهابية افلام ظهر فيها المخطوف ساشا ترفونوف وهو يطلب من اسرائيل استئناف الجهود لاطلاق سراحه.
إن قرار اسناد هذه الخطوة بالتحديد له، له دور مهم في الحرب النفسية التي يديرها الجهاد الاسلامي: ترفونوف يحمل الجنسية الروسية، وهو كما يبدو “الورقة” الاكثر اهمية التي يمتلكها الجهاد الاسلامي في هذه الفترة في جهود التوصل الى الصفقة.
حسب ما نشر في “اخبار 12” فان الحديث لا يدور عن اشارة أولية على الحياة، التي صدرت عنه في الفترة الاخيرة. السفير الروسي في اسرائيل قال في لقاء في الكنيست في هذا الاسبوع بأن موسكو حصلت على اشارة اخرى تدل على الحياة من الشاب المخطوف في الاسبوع الماضي، وأنه توجد لروسيا قنوات من اجل الحصول على تحديثات حول روسيين في الأسر، ترفونوف ومكسيم هركن.
صباح أمس قالت المتحدثة بلسان وزارة الخارجية الروسية، ماريا سخروفا، بأن “قضية المخطوفين بقيت لها الاولوية في الاتصالات بين روسيا وبين الذراع العسكري لحماس ومنظمات فلسطينية اخرى”. ودعت الى “اطلاق سراح على الفور وبدون شروط جميع المدنيين المحتجزين في غزة، من بينهم ابناء بلادنا ساشا ترفونوف ومكسيم هركن”. وبخصوص الجهود المبذولة لاعادتهما أكدت زخروفا على أن “الاسلوب السياسي – الدبلوماسي تبين أنه الاكثر نجاعة”.
في اسرائيل فضلوا مؤخرا عدم التطرق الى مسألة ما الذي يقف وراء الاشارة على الحياة التي صدرت عن ترفونوف. هل الحديث يدور عن حرب نفسية وحشية فقط، وهل الافلام تدل على قناة محادثات بديلة لها احتمالية للنجاح بوساطة روسيا، تستهدف تجاوز الاتصالات العالقة في قطر، أو أن الامر يتعلق بمحاولة تكتيكية للجهاد من اجل استخدام الضغط على روسيا وعلى اسرائيل في محاولة للدفع قدما بصفقة تبادل تؤدي الى اطلاق سراح المخطوفين المحتجزين لدى الجهاد الاسلامي.
يبدو أن الحرب النفسية صعدت درجة. فقرار وضع صورة رئيس شاس، آريه درعي، في الخلفية وراء ترفونوف في الفيلم الذي نشر أمس، يدل على معرفة جيدة للخاطفين بالسياسة الداخلية، ويشير الى الطريقة التي يقدرون فيها بأنه يمكن الضغط على رئيس الحكومة من اجل الدفع قدما بالصفقة والآن.
في حين أن جهات رفيعة، اسرائيلية ودولية، قالت إن نتنياهو نفسه هو الذي يعيق الاتصالات لعقد الصفقة مع حماس، ضمن امور اخرى، بسبب الخوف على استقرار الائتلاف والخوف من انسحاب الوزيرين ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش والاعضاء في حزبيهما على خلفية معارضة الصفقة قبل تحقيق “النصر المطلق”، فان درعي واعضاء حزب شاس يعتبرون مؤيدين مبدئيا لتقديم تنازلات من اجل اطلاق سراح المخطوفين.
في الجهاد الاسلامي قالوا في السابق بأنهم يحتجزون عشرات المخطوفين. اسرائيل طلبت اثناء المفاوضات تعهد من حماس بأنه يمكنها اطلاق سراح المخطوفين المحتجزين لدى الجهاد الاسلامي أو لدى منظمات اخرى أو اشخاص. في اسرائيل لا يعرفون اذا كانت خطوة الجهاد الاسلامي الآن قد تمت بموافقة حماس، أو أنه الى جانب الحرب النفسية هذه الخطوة تهدف الى الدفع قدما بصفقة جزئية حول المخطوفين المحتجزين لدى هذه المنظمة، أو أنها خطوة تستهدف كل المخطوفين في غزة.
——————————————–
هآرتس 17/11/2024
رؤساء المعارضة، يجب أن توقعوا على صفقة مع نتنياهو والآن
بقلم: ديمتري شومسكي
يجب رؤية الامور كما هي: في الحقيقة 101 مخطوف محتجز منذ اكثر من سنة لدى مخربي حماس والجهاد الاسلامي، لكن من يسمح باستمرار احتجازهم ورفض صفقة التبادل هو رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو. بناء على ذلك ومن اجل اعادة المخطوفين الى بيوتهم فانه يجب على اسرائيل اجراء المفاوضات ليس مع حماس، بل مع نتنياهو.
رؤساء المعارضة ملزمون بالبدء في التفكير خارج الصندوق. يجب عليهم على الفور بلورة خطة للدفع قدما بصفقة شاملة مع رئيس الحكومة، التي اساسها هو ضمان بقاء حكمه وحصانته القضائية مقابل تنفيذ الصفقة بينه وبين حماس. اقتراحات احزاب المعارضة كخطوط عريضة لصفقة مع نتنياهو يجب أن تكون واضحة وحاسمة. أولا، عندما يظهر نتنياهو استعداده لوقف الحرب وانسحاب قوات الجيش الاسرائيلي من قطاع غزة واطلاق سراح عدد متفق عليه من السجناء الفلسطينيين مقابل اطلاق سراح المخطوفين، فان احزاب المعارضة ستنضم على الفور للحكومة بدلا من احزاب نظرية العرق الكهانية التي ستنسحب منها. هذا بالطبع لا يكفي. الخطوة القادمة في الصفقة بين المعارضة وبين نتنياهو وعائلته يجب أن تكون صيغة قانونية أو تشريعية ناجعة تؤدي الى الغاء محاكمة رئيس الحكومة الجنائية.
يمكن التخمين بأن نتنياهو لن يكتفي بكل ذلك. هو سيطالب، بالتأكيد، بمنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية في احداث 7 اكتوبر. مع كل الاسف والألم في هذا الامر فانه من الضروري التنازل له ايضا في هذه المسألة. صحيح أنه سيكون في ذلك نوع من البصق في وجه ابناء عائلات القتلى والمقتولين. اضافة الى ذلك احباط تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الفشل الذريع في تاريخ دولة اسرائيل يعني المس الشديد بمبدأ مسؤولية الحكومة، مع اعطاء الشرعية للاهمال والفساد في مؤسسات القيادة السياسية والاجهزة الامنية. لا شك أن هذه الخطوة ستعطي حقنة تشجيع خطيرة لمواصلة تفشي الفساد العام وعملية قضم قاتلة في انظمة حراس العتبة في الدولة.
لكن في الوقت الذي فيه تكون حياة الانسان على كفة الميزان – ليس كشعار مجرد بل بصورته الملموسة جدا – فانه لا مناص من ذلك. مؤسسات السلطة واجهزة الدفاع المدنية، التي ستتضرر نتيجة الصفقة الكبيرة مع نتنياهو، يمكن ترميمها ذات يوم. وحتى لو كان ازاء الافلاس الاخلاقي للمجتمع الاسرائيلي في عهد نتنياهو، فان الحديث يدور عن عملية ربما ستستغرق عشرات السنين.
لكن حياة المواطنين الذين يحتضرون في أنفاق العدو لا يمكننا اعادتها. من هنا ينبع الواجب الاخلاقي – الوطني الاعلى، الذي لا يوجد له أي تفسير آخر، والذي يقول بأن الموت الجسدي للمخطوفين يسبق السلامة المؤسسية للدولة. مثلما تم الادعاء اكثر من مرة وبحق، فيما يتعلق بخصائص نظام وسلوك عائلة نتنياهو، فان الحديث يدور عن اسلوب عمل عصابة مافيا. للمفارقة، هذه الحقيقة تنطوي على ضوء أمل. عصابة المافيا يمكن أن تتصرف بعقلانية. اعطها ما تطلبه وستكون فرصة لأن تحصل على المقابل المأمول.
اذا كان الامر هكذا فان ممثلي المعارضة هم الجهة الواقعية الوحيدة التي تستطيع توفير لهذا الاخطبوط البيبي المجرم طلبه – استمرار حكم نتنياهو الفاسد – وفي المقابل كسب أعز شيء: حياة الانسان، المخطوفين، الجنود، المدنيين. افيغدور ليبرمان، بني غانتس، يئير لبيد ويئير غولان، من فضلكم، من اجل انقاذ الحياة، استسلموا لنتنياهو على الفور. من الآن فصاعدا يجب عليكم القول: صفقة الآن – مع بنيامين نتنياهو.
——————————————–
هآرتس 17/11/2024
يذبحون عشرات آلاف الاطفال والنساء ويحولون هذا الى قيمة
بقلم: جدعون ليفي
يئير فايغلر، وهو مربي اسرائيلي ومدير عام منظمة “معلمون للتغيير”، عاد من خدمة طويلة في الاحتياط. “الرمال، الزيتون، كانتري، شاطيء البحر، الشجاعية، البريج، يارون، مارون الراس… المستوطنون، التل ابيبيون، المخلون من غوش قطيف، اخوة السلاح، رجال تعليم ورجال هايتيك… فصيل واحد للمدرعات”، هذا ما كتبه بشكل شاعري هذا المربي وكأنه شاب عاد من نزهة بعد الجيش وهو مسرور من المناطق التي زارها. الشجاعية؛ الوحدة. أي جيش وأي شعب يوجد لنا.
رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت سارع الى مشاركة اقوال رجل التعليم: “جيل أسود جاء لشعب اسرائيل. لا شك لدي بأن هؤلاء الاشخاص، المقاتلين ورجال الاحتياط، سيعودون الى الحياة المدنية كاشخاص مثاليين اكثر وسيهتمون بالمجتمع اكثر، وهم الذين سيبنون من جديد دولة اسرائيل لخمسين سنة قادمة. يوجد لدي أمل!”، كتب بينيت. حتى لو تجاهلنا الرحمة المعدية التي توجد في القبعة المنسوجة، فانه لا يمكن عدم الانزعاج من جنون الانظمة الذي يحدث أمام أنظارنا المندهشة والعاجزة. النهار هو ليل والليل هو نهار. التطهير العرقي والقتل الجماعي هي مثل عليا، وجرائم الحرب تنتج مواطنين افضل واكثر قيمة، هذا هو الأمل بالنسبة لبينيت.
أنت تقرأ ولا تصدق. هكذا عبر المربي في اسرائيل عن خدمته الاشكالية في الاحتياط، وهكذا رد أحد زعماء اليمين المعتدل. الأمل في ايجاد بديل. في اسرائيل 2024 ليس فقط لا توجد بداية لمحاسبة النفس بسبب ما فعله الجيش في غزة وفي لبنان – نحن تعودنا على ذلك – الآن يرفعون الجرائم والوحشية الى درجة القيم. قريبا دروس المدنيات، هكذا يذبحون عشرات الاطفال والنساء ويحولون ذلك الى قيمة. هكذا يدمرون البلاد ويحولون الاسرائيليين الى مواطنين افضل. الابادة الجماعية كسلسلة تعليمية.
من توقع ظهور مشاعر الندم والانتقاد الذاتي وعلامات استفهام اخلاقية يحصل على العكس بالضبط. ومن توقع مجيء جيل يصاب بالصدمة مما فعله، مع كوابيس لا تتركه وصراخ اثناء النوم بسبب الافعال الفظيعة، سيحصل على التفاخر الوطني. المثال الصهيوني الآن هو الحرب في غزة. جريمة فظيعة، هكذا ستعتبر في محكمة العدل الدولية، كل العالم صدم منها حقا، يتم رفعها لتصبح قيمة. جيل من الاسود ظهر لدينا.
جيل الاسود هذا لا ينظر مباشرة الى ما فعلع بيديه، هو جبان. يمكن فهم هذا القمع والانكار – بدونهما لا يمكن ادارة مثل هذه الحرب، حرب ليس لها هدف ومنفلتة العقال. ولكن اسرائيل اخذت هذا الامر الى مكان لا يمكن تخيله. نحن لم نتفاخر هنا في أي يوم بجرائم حرب فظيعة جدا. الضباط يتجولون بين الانقاض في غزة امام العدسات مثل الطاووس. لا يوجد أي مراسل طبي واحد ينقذ كرامة المهنة ويسأل عن سبب هذا التدمير وما الهدف منه، ما هي قانونيته واخلاقيته، وعن الحق في فعله. قوافل من البؤساء تمتد فوق الرمال، اشخاص يمشون على العكازات أو على الكراسي المتحركة أو على الحمير الجائعة، مستعدون للترديد في أذن المراسل اهود حمو كل ما يريد سماعه مقابل نقطة مياه – هو يسمي ذلك انجاز صحفي، وبسبب ذلك يأتي تفاخر حمو المهني. مشكوك فيه أنهم في التلفزيون الروسي كانوا سيتجرأون على بث مسرحية قبيحة كهذه من اوكرانيا. ربما هناك الخجل كان سيمنعهم. هنا لا يوجد خجل، سواء لحمو أو القناة 12 أو وسائل الاعلام أو فايغلر أو بينيت.
اسرائيل لم تفقد الخجل فقط، بل هي تتفاخر بافعالها. الاسرائيليون لم يعودوا يعتبرون الحرب شر لا بد منه، كأنه فرض علينا العيش فيه. الآن الحرب اصبحت نموذج قيمي، وقصيدة تعليمية. الترانسفير في شمال القطاع والمذبحة في جنوبه كارث وطني. قريبا ستأتي الالبومات والمتحف. وسيكون من الصعب جدا التعافي من ذلك. بينيت وعد بأن جيل الاسود هذا الذي لا توجد له بوصلة أو ضمير هو الذي سيبني الدولة في الخمسين سنة القادمة. تخيلوا: هناك ما ننتظره.
——————————————–
معاريف 17/11/2024
حماس في مفترق طرق ومستقبلها سيتقرر وفقا لمنحى السيطرة في غزة
بقلم: مايكل هراري
حرب السيوف الحديدية تضع حماس في إحدى لحظاتها الصعبة إن لم تكن الأصعب. فالمنظمة توجد في مفترق طرق استراتيجي سيقرر خطواتها ومستقبلها في السنوات القادمة. أمامها أربعة تحديات أساسية.
التحدي الأول يتعلق بـ “اليوم التالي” لغزة. لقد تآكل هذا الاصطلاح جدا في اثناء السنة الأخيرة، لكن سيتعين على إسرائيل في نهاية الامر ان تقرر في موضوع صيغة السيطرة في القطاع بافتراض (وان لم يكن يقينا) الا تفرض حكما عسكريا والا تعنى مباشرة في إدارة القطاع. أفكار كثيرة القيت في الفضاء، لكن معقول الا يتفضل أي محفل خارجي، عربي أو دولي ان يأخذ على نفسه المهمة. وعليه فالصيغة التي ستقر في نهاية الامر ستقرر منحى يمكن لإسرائيل كيفما اتفق ان تهضمه، تحت مظلة السلطة الفلسطينية. اما حماس، كما ينبغي فيمكنها أن تتعايش مع إعادة السيطرة المدنية في القطاع الى السلطة على أمل أن مع الوقت تتمكن من اذابة سيطرتها. حماس، ربما مثل حزب الله، تفهم جيدا بان عليها أن تدفع ثمنا سلطويا في المدى الزمني الفوري على أمل بايام أفضل من ناحيتها.
التحدي الثاني يتعلق بمنظومة العلاقات التي بين “الداخل” و “الخارج” في حماس. لقد شهدت هذه العلاقات تغييرات كثيرة، لكن في السنوات الأخيرة مركز القوة انتقل الى “الداخل”. السنوار والذراع العسكري في المنطقة جمعوا في أيديهم قوة كبيرة، وجدت تعبيرا دراماتيكيا لها في 7 أكتوبر. مقتل السنوار والضربة العسكرية التي وقعت على المنظمة تفترض من حماس ان تنقل المركز الى خارج المنطقة. الأيام ستقول كم سينجح خالد مشعل ورفاقه خارج المناطق في ان يستعيدوا الى ايدهم القيادة، لكن واضح جدا أن بندول القوى سيميل الان نحوهم.
التحدي الثالث يتعلق بتوجه المنظمة. لقد بذلت حماس كل الوقت جهدا كبيرا للامتناع عن “الرعاية الخارجية” التي تمس جوهريا بحرية عملها. منظومة العلاقات مع ايران، عبر حزب الله أيضا، توثقت جدا في السنوات الأخيرة، ونتائجها معروفة. الان يطرح السؤال، أي مسار ستختار المنظمة. من ناحية معينة، هوية الدولة المضيفة لقيادة “الخارج” كفيلة بان تلمح بالاتجاه الجديد. ومع ان الامر لا يعني قطع العلاقة مع ايران لكن المنظمة سيتعين عليها أن تقرر اذا كانت ستعود الى الارتباط بالاب الأيديولوجي مع حركة الاخوان المسلمين، وكيف ستؤثر على طريقها استضافة تركيا، الجزائر او قطر حيث ستتجه قيادة “الخارج”.
التحدي الرابع يتعلق بالضفة الغربية. فالتأييد الواسع الذي تحظى به حماس في الساحة الفلسطينية لم ينفد رغم الحرب، ولا يزال يتبقى مراجعة ماذا ستكون تداعياته. واضح ان حماس ستسعى لان تحافظ على قوتها في الضفة، وربما حتى أن تعززها. الكثير جدا سيكون متعلقا بصيغة العلاقات التي ستتثبت مع السلطة الفلسطينية.
إسرائيل هي بالطبع لاعب أساس في الموضوع. منحى السيطرة في القطاع سيؤثر على الشكل الذي ستحاول به حماس ترميم قوتها. ينبغي أن نتذكر بان حكومة إسرائيل عملت بكل القوة في السنوات الأخيرة لمنع كل تقدم نحو حل الدولتين. وأدت حماس في هذا السياق دورا هاما، إذ ان سيطرتها في المنطقة سمحت لإسرائيل بان تدحر كل محاولة لاحياء مسيرة سياسية. من هذه الناحية مس 7 أكتوبر مسا شديدا بقيمة حماس من ناحية سياسة إسرائيل. لا يوجد توقع بان يتغير موقف إسرائيل في موضوع الدولة الفلسطينية، ناهيك عن أنه ينبغي الان أخذ وزن إدارة ترامب الثانية. ولا يزال من الصعب ومن السابق لاوانه جدا التقدير كيف ستؤثر الأمور على مكانة وفرص ترميم حماس.
——————————————–
هآرتس 17/11/2024
ايران تُعد الحساب بعد أن تنازلت عن غزة في المفاوضات
بقلم: تسفي برئيل
في خطة وقف اطلاق النار في لبنان يمكن الآن بالفعل رؤية ظل الماعز التي تقرر ذبحها استعدادا للتوقيع على الاتفاق، أهمها مطالبة اسرائيل بحرية العمل في لبنان اذا فشل الجيش اللبناني وقوة اليونفيل في منع خرق الاتفاق. نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني والوسيط الرسمي في الاتصالات عن حزب الله، اوضح بشكل حازم بأن هذا البند يمس بسيادة لبنان وهو غير خاضع للتفاوض.
نبيه بري يعارض ايضا تشكيل لجنة رقابة دولية الى جانب اليونفيل، تشرف على تطبيق الاتفاق. وحسب قوله فان هذه اللجنة، التي يشارك فيها كل من اسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة والامم المتحدة، توجد منذ العام 1996 كجزء من اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوقيع عليه بعد عملية “عناقيد الغضب”. بري، الذي يطمح الى طرح أي اتفاق جديد كاستمرارية للقرار 1701 من اجل تجنب أي مظهر لاتفاق آخر بين اسرائيل ولبنان، قال إن الضمانة التي تريدها اسرائيل توجد في موقف الولايات المتحدة، التي التزمت بدعم اسرائيل سواء في حالة الهجوم أو الدفاع.
حرية عمل اسرائيل في لبنان هي في الحقيقة حاسمة، لأنها ستعطي اسرائيل الشرعية الدولية لمهاجمة لبنان اذا خرق الاتفاق. هكذا، اسرائيل ايضا يمكن أن تحرم حزب الله من حقه في الرد على أي هجمات اسرائيلية بذريعة الدفاع عن أمن لبنان. عمليا، هذا بند زائد والتصميم عليه يمكن أن يشكك في احتمالية وقف اطلاق النار، لأنه حتى حسب خطة الاتفاق فان هذا لا يعتبر حق تلقائي. في أي حالة يتم فيها ملاحظة خرق من قبل حزب الله فان الجيش اللبناني وقوة اليونفيل يمكنهم منع ذلك، واذا فشلوا في هذه المهمة فان اسرائيل يمكنها أن تعمل. اسرائيل تتطلع وبحق الى منع الواقع نشأ بعد اتخاذ قرار 1701، لكن حتى لو لم يكن هذا القرار يشير بشكل صريح الى حق اسرائيل في الرد على خرق الاتفاق، فان اسرائيل كان يمكنها فعل ذلك. في الحقيقة أن اسرائيل غضت النظر عن الوضع لسنوات وتعاملت بلامبالاة مع ضعف قوة اليونفيل، وهكذا ساهمت في افراغ القرار من مضمونه.
التوقع هو أنه خلال يومين – ثلاثة ايام سيعطي لبنان رده وتحفظاته على الخطوط العريضة لوقف اطلاق النار بعد أن يقول حزب الله كلمته. وحسب اقوال نبيه بري فانه “يوجد اساس للتفاؤل”. ولكن اضافة الى القضايا القانونية والعملية التي يمكن أن تعيق تنفيذ الاتفاق، بما في ذلك اعداد الجيش اللبناني وتمويله وتسليحه، تجدر الاشارة الى “اختفاء” الشرط الاساسي الذي وضعه حزب الله حتى الآن وهو انهاء الحرب في غزة. هذا الشرط أدى حتى الآن الى تأخير المحادثات حول وقف اطلاق النار، وحتى موته رفض حسن نصر الله النظر الى الخطوط العريضة التي قدمها المبعوثون طالما أن الحرب مستمرة في قطاع غزة. فقد كان يعرف الاقتراحات بالتفصيل، لكن الدفاع عن مبدأ “وحدة الساحات” الذي فرض الربط بين غزة ولبنان أقنع ايضا المبعوث الامريكي عاموس هوخشتاين بأنه لا يمكن تحريك عجلة المفاوضات بدون وقف اطلاق النار في غزة.
الاشارة الاولى على تغيير موقف حزب الله صاغه نعيم قاسم في خطابه في 8 تشرين الاول الماضي، حتى قبل تعيينه كأمين عام للحزب، عندما أيد جهود نبيه بري من اجل التوصل الى وقف لاطلاق النار “شريطة أن لا يضر بمصالح الحزب”. محمد عفيف، المسؤول عن علاقات حزب الله مع وسائل الاعلام، قال إن الهدف هو هزيمة العدو واجباره على وقف عدوانه، لكن يجب أن نشكر الجهود السياسية، الداخلية والخارجية، التي تهدف الى وقف العدوان، طالما أنها تتساوق مع رؤيتنا العامة حول الحرب. الاثنان قاما بطمس الارتباط بغزة، ولكنهما لم يخفياه. ولكن وزير الخارجية الايراني، عباس عراكجي، قال في خطابه قبل اربعة ايام من خطاب قاسم بأن وقف اطلاق النار في غزة وفي لبنان يجب أن يكون منسقا. ولكن في يوم الجمعة وصلت رسالة جديدة محدثة من علي لاريجاني، المستشار الكبير للمرشد الايراني علي خامنئي.
لاريجاني، الذي كان رئيس البرلمان 12 سنة، والذي استبعد في هذه السنة وفي العام 2021 عن الترشح لمنصب الرئيس، هو مقرب جدا من خامنئي رغم أنه محسوب على التيار المحافظ الذي أيد الرئيس الأسبق حسن روحاني. ليس بالصدفة أنه هو بالذات الذي تم ارساله الى بيروت، “نحن سنؤيد أي قرار لحكومة لبنان. أنا لم آت الى هنا من اجل تفجير مسودة الاتفاق أو أي شيء آخر”، قال. وهو لم يذكر أي شيء عن الصلة بين لبنان وغزة أو عن “وحدة الساحات”.
الاتفاق مع لبنان لم يتم التوقيع عليه بعد، والوضع في غزة يمكن أن يظهر في جولة دبلوماسية – ربما كشرط جوهري أو ربما كماعز ستتم التضحية بها في التنازلات المتبادلة. ايران يمكنها كالعادة القول بأن أي قرار سيتم اتخاذه هو من مسؤولية حكومة لبنان وحزب الله وأنها هنا فقط من اجل المساعدة. لكن تغيير موقفها بارز، ويمكن عزوه لثلاثة عوامل اساسية: المس بقيادة حزب الله وقدراته العسكرية، الاضرار الكبيرة التي لحقت بلبنان، ونزوح اكثر من مليون و400 شخص من بيوتهم، الامر الذي يثير الانتقاد الكبير لحزب الله، الى درجة الشعور بالعصيان المدني. في المقابل، تأثير ترامب يدفع ايران الى اعادة النظر في استراتيجيتها الاقليمية: الهدف الهام والاساسي لها هو الحفاظ على المكانة السياسية لحزب الله في لبنان كي لا يتم دفن ذخرها في لبنان.
بالنسبة لايران فان الوقف المنفصل لاطلاق النار في لبنان هو ثمن يمكن تحمله، وحتى أنه حيوي، حتى لو كان في ذلك اعطاء شيك مفتوح لاسرائيل من اجل مواصلة الحرب في غزة. لأنه في المرحلة القادمة طهران ستحاول أن تكون شريكة في اعادة اعمار لبنان. وحسب التقارير فان لاريجاني عرض على رئيس الحكومة المؤقتة في لبنان مساعدات مالية ولوجستية، لكنه تم رفض ذلك. بالنسبة لايران وحزب الله فان اعادة الاعمار هي عامل رئيسي في العملية السياسية التي ستثبت تعهد حزب الله بتعويض السكان المحليين، وحتى انبوب لضخ الاموال “الشرعية” للحزب. على الصعيد السياسي ايران تتنافس الآن مع نتنياهو على نفس “الهدية” التي يريدان اعطاءها لترامب، الذي وعد ناخبيه العرب، لا سيما اللبنانيين، بالسلام في الشرق الاوسط. يبدو أنه اذا تم استكمال الاتصالات بنجاح، فان ايران لن تنسى عرض الفاتورة السياسية والحصول على ثمنها.
——————————————–
هآرتس 17/11/2024
نحن سنواصل اعمال الشغب والوحشية، وسنستطيع القول برضا أن الجميع يكرهوننا
بقلم: اهود اولمرت
اعمال الشغب الذي قام بها المسلمون ضد مشجعي مكابي تل ابيب هي حدث خطير، كان يجب معالجته بشكل حثيث وقوي. الشرطة في هولندا لم تستعد بسرعة ولم تتخذ الخطوات المطلوبة للدفاع عن الضيوف الذين دخلوا بشكل قانوني الى عاصمتها. ردود الزعماء السياسيين في هولندا، بمن فيهم رئيسة بلدية امستردام، تدل على أنهم يدركون أن هذا الحدث غير محتمل، وأنه يهدد الاستقرار الداخلي وسمعتها كدولة يوجد فيها تطبيق للقانون ضد الجرائم، وبالاساس تدل على الادراك بأن التسليم باعمال الشغب العنيفة لجمهور مسلم منفلت العقال يمكن أن يضر ليس فقط بمشجعي كرة قدم، بل سيضر مواطنيها ايضا.
هولندا ليست الدولة الوحيدة في اوروبا التي توجد فيها جالية مسلمة كبيرة، التي احيانا تسمح لنفسها باستخدام العنف، حتى دون صلة بدولة اسرائيل واليهود أو بالشرق الاوسط. المانيا، فرنسا، بلجيكا، بريطانيا ودول كثيرة اخرى، اصبحت هدفا لهجرة المسلمين. الفجوة بين التراث الاجتماعي لدول اوروبا ونمط الحياة فيها، وغياب نمط حياة ديمقراطي في الدول التي جاء منها المهاجرون المسلمون، تقلق جدا اوروبا التي توجد فيها مسلمين كبيرة. في الاتحاد الاوروبي، بما في ذلك بالذات في هولندا، هذه الفجوة خدمت احزاب اليمين التي تعتبر المهاجرين المسلمين تهديدا لنمط الحياة الذي اغلبية ساحقة في هذه الدول تريد الحفاظ عليه. يبدو أن الصدمة التي تسببت فيها الهجمات العنيفة على مشجعي مكابي تل ابيب يمكن أن تؤدي الى استخلاص الدروس، التي ستؤدي الى مواجهات داخلية بين السلطات الحكومية في الدول الاوروبية وبين الجاليات الاسلامية التي تعيش فيها.
بخصوص اسرائيل والاسرائيليين فانه ليس بالضرورة أنه سيحدث تغيير. قبل أي شيء آخر لأن اعمال الشغب هذه ليست ظاهرة عنيفة من اللاسامية. فقد كانت بالاساس مظهر من مظاهر كراهية معظم المسلمين لدولة اسرائيل ومواطنيها، بسبب ما حدث ويحدث في المنطقة، وليس استمرارا للاسامية التاريخية التي مصادرها تكمن في التعصب الديني المسيحي. الرد التاريخي الذي ساد في هولندا وتمثل في تصريحات هزلية لعدد من قادتها لا يمثل سبب الكراهية المتزايدة لاسرائيل ومواطنيها، لكن هذه الكراهية آخذة في الاتساع وهي تهدد بعزل اسرائيل بشكل سيهدد مكانتها ونمط حياتها.
محاولة المقارنة بين اعمال الشغب في امستردام وحدث كارثي هي في المقام الاول الدليل على فقدان الاتزان النفسي لجزء من الذين يردون في داخلنا، لكن ذلك اكثر. فنحن نعيش منذ سنوات غير قليلة في اجواء فيها حكومة اسرائيل تشجع وتقوم برعاية نظرية أن كل العالم ضدنا وأن الجميع يحاولون القضاء عليها. الاسرائيلي الذي يعارض سياسة الحكومة أو جزء من عملياتها العسكرية في السنة الاخيرة يعتبر حسب من يؤيدون الحكومة وبعض اعضائها بأنه من حماس ويتعاون مع قتلة الاسرائيليين، وربما حتى قام بالتنسيق للهجوم القاتل في تشرين الاول في 2023 مع يحيى السنوار. ايضا من ينتقد خطوات الحكومة خارج الدولة أو ينتقد الاحداث التي تحدث في ساحات الحرب فهو بشكل تلقائي عدو الشعب ومؤيد لحماس.
في هذا المناخ قمنا بتحويل الرئيس الامريكي التارك جو بايدن، الصديق الكبير لاسرائيل الذي هب لمساعدتها بشكل لم يفعله أي رئيس امريكي آخر في أي يوم، الى عدو ومؤيد لحماس. بايدن ارسل جيشه الى الشرق الاوسط، وارسل حاملات الطائرات والغواصات، والطائرات القتالية الاكثر تقدما شاركت بالفعل في الدفاع عن المدن والمستوطنات لدينا من صواريخ ايران. ولكن تأخير صغير في تزويدنا بعدد من القنابل على ضوء الاستخفاف الفظ من قبل الحكومة، وبالاساس رئيس الحكومة، بتصويات الادارة الامريكية في مواضيع تتعلق بالمس الشديد بمئات آلاف الفلسطينيين الذين ليسوا ارهابيين في غزة، كان من شأنه أن يعرض بايدن كعدو.
الحادث في امستردام لا يعتبر الحادث الواحد والوحيد. يتوقع أن يكون احداث كثيرة مثله في الدول الاوروبية. في المقام الاول هذا تعبير عن الغضب المتزايد على ما يحدث في منطقتنا. ليس فقط نتيجة الكراهية المتجدرة، القديمة، لليهود والاسرائيليين، بل ايضا غضب متزايد مما نفعله، وما نقوله وكيف نظهر في نظر الكثيرين الذين ليس لهم ارث تاريخي في كراهية اليهود.
في ارجاء اوروبا وفي امريكا الشمالية وفي امريكا الجنوبية ودول كثيرة في آسيا فان ما يشكل الوعي هو صور الدمار في غزة. التحقيق الذي تجريه الجهات الامنية لدينا في هذه الفترة حول قتل مئات المدنيين الفلسطينيين الذين لم تكن لهم أي صلة بالارهاب، هو فقط طرف جبل الجليد للاحداث التي تهز مزاج الملايين في ارجاء العالم.
كثيرون تماهوا مع ألمنا بسبب المذبحة الاجرامية التي ارتكبها مشاغبو حماس في 7 اكتوبر، لكنهم ليسوا لامبالين ازاء المشاهد المتواصلة التي تبثها وسائل الاعلام في ارجاء العالم عن اكثر من مليون من الفلسطينيين الذين يسيرون وهم يحملون اكياس البلاستيك في ارجاء غزة، مرة من الشمال الى الجنوب واحيانا من الجنوب الى الشمال بعد تدمير بيوتهم بالكامل. كثيرون في العالم لا يمكنهم التسليم بتحويل غزة الى انقاض. اعادة غزة أو الاحياء السكنية في بيروت (ليس الضاحية وحدها) الى العصر الحجري كما وعد بعض الزعماء لدينا، هي ليست بالضبط الشعار الذي يحسن سمعة دولة اسرائيل ويعزز مكانتها في العالم. المظاهرات، العنيفة احيانا، ضد اسرائيل والاسرائيليين ستستمر في مدن كثيرة اخرى في العالم، واقوال الهراءات لنتنياهو التي تقارن هذه الاحداث بالكارثة لن تمنع ولن توقف هذا الهياج.
لا مناص من الاعتراف بأن المجتمع الاسرائيلي أحب حاجتنا الى الظهور كضحايا للكراهية وما هو معروض كلاسامية، التي تأخذ تعبيرات عنيفة في اماكن مختلفة في العالم. ولكن هذه المظاهر، هذه المرة خلافا لاحداث اخرى في التاريخ الدموي للشعب اليهودي، ترتبط بالتجربة المعاصرة لاعمال العنف والوحشية، احيانا القاتلة، التي نحن انفسنا الميؤولون عنها.
ما يحدث في هذه الفترة في غزة ليس حرب وجودية لنا، وليس تعبير عن حاجة مبررة للدفاع عن انفسنا، بل هو استمرار بدون أي مبرر لعنف ليس له هدف أو اتجاه واضح، لكنه يساهم بشكل حاسم في تقليص احتمالية انقاذ المخطوفين، وهو يتعلق بموت الكثير من الجنود في احداث لا تؤدي الى أي نتيجة مناسبة، ايضا، يجب الاعتراف بذلك بنزاهة، يؤدي الى موت الكثيرين من سكان غزة غير المشاركين في الارهاب.
الادعاء الكاذب بأن جميع سكان غزة هم مؤيدون لحماس، وبناء على ذلك فقد تم حسم مصيرهم، هو بالضبط ما يثير غضب الكثيرين في ارجاء العالم، ويشجع المسلمين الذين يعيشون في اوروبا وامريكا على التظاهر ضدنا، واحيانا استخدام العنف ضدنا، الذي لا يوجد له أي مبرر ولا توجد أي طريقة للتسليم به. الاستحواذ المرضي لدينا كي نظهر ونشعر بالاضطهاد والكراهية ضدنا، يجد التشجيع الحقير من حكومة اسرائيل، وهو يستهدف تبرير مواصلة المعركة العسكرية وتعزيز تضامن الضحايا بين السكان الاسرائيليين واثبات الادعاء بأنه لا يجوز لنا تقديم أي تنازل قد يؤدي الى انهاء الحرب وانقاذ المخطوفين، الذين بقوا على قيد الحياة وجثث الموتى. في نفس الوقت لعب دور الضحية يدفعنا الى التورط بلا حاجة الى استمرار القتال في لبنان، الذي يجبي ايضا عدد كبير من الضحايا في اوساط مواطني شمال البلاد وفي اوساط الجنود ايضا.
الحدث في امستردام هو حدث مؤسس، لكن هذه الاحداث شكلت ايضا تذكيرا للعداء الآخذ في الازدياد تجاه اسرائيل والاسرائيليين، ليس لكونهم يهود. العداء هو بسبب أنه يتم عرضهم في كل وسائل الاعلام العامة في العالم، في اوروبا بالتأكيد وفي الشبكات الاجتماعية، كممثلين لدولة التي العنف والتدمير والمس بالمدنيين تمثلها الآن بصورة لا يمكن تجاهل ابعادها أو أخطارها.
حتى الآن لم نقل أي شيء عما يفعله الاسرائيليون في الضفة الغربية. اعمال الشغب هناك، القتل والتمييز وتدمير الممتلكات ونشاطات ممنهجة تستهدف سحق حقوق الانسان للكثيرين هناك، ربما (للاسف) لا تجد أي تغطية كافية لها في وسائل الاعلام في اسرائيل، لكنهم في اوروبا يشاهدون ويسمعون ويفقدون الصبر علينا.
هذا يحدث بالذات في الايام التي نسمع فيها وزراء مهمين في الحكومة وهم يتحدثون عن فرض سيادة اسرائيل في المناطق. وهذا يحدث في الوقت الذي فيه مكتب بن غفير يقتبس الرسائل التي تنتقل بين اعضاءه والتي تقول بأنه عند الحاجة يمكن اشعال كل المنطقة من خلال الاستفزازات في الحرم. وعندما في وسائل اعلام معينة، التي توجد لديها الشجاعة، يقتبسون الاقوال الفظيعة لشوفال بن نتان حول قتل الكثير من الاطفال والمدنيين واحراق البيوت من اجل الفرح. هل حقا يجب علينا أن نندهش من أن هذه الاقوال تثير موجة ردود معادية التي يمكن أن تتحول الى اعمال شغب عنيفة.
في كل الاحوال أنا غير مستعد للتسليم مع امكانية أن الاحتجاج ضد اسرائيل سيصبح موجة عنف ونموذج عمل ثابت ودائم. ولكن هل نحن غير مُسلّمين بالانغلاق تجاه الفلسطينيين في المناطق كنموذج سلوك دائم وثابت؟. عندما الادارة الامريكية تهدد اسرائيل بفرض عقوبات بسبب رفض ادخال المساعدات الانسانية الى سكان غزة، هل يمكن أن نندهش من أن هناك من يرون في هذا السلوك جريمة حرب تبرر الردود الشديدة؟.
أنا اعرف الرد البافلوفي لكثيرين في اوساطنا، الذين يقولون إن المساعدات الانسانية لغزة تعتبر يتم الاستحواذ عليها من قبل قتلة حماس، وهي تخدمهم، ولا تصل الى المواطنين المحتاجين اليها. بالتأكيد هناك القليل من الحقيقة في هذا الادعاء، لكن دولة اسرائيل، وجيشها، التي تقوم بشق الشوارع الجديدة وتبني الممرات المريحة للوسائل القتالية في غزة، وتقوم بتحسين البنى التحتية التي تخدم استمرار القتال، لا يمكنها تشغيل المنظومات اللوجستية من اجل توفير الغذاء للمدنيين الذين يفقدون رويدا رويدا امكانية الوجود.
نحن سنواصل اعمال الشغب، والكشف عن عدم الحساسية، وكوننا متوحشين تجاه الناس الذين يعيشون في مناطق القتال رغم أنهم ليسوا ارهابيين، اضافة الى جميع الاثمان التي ندفعها مقابل القتال. وهم سيواصلون التظاهر ضدنا في ارجاء العالم والتنديد بنا في وسائل الاعلام العالمية وسيواصلون ايضا كراهية افعالنا وكراهية من يتماهى مع هذه الافعال. انفصال دولة اسرائيل عن العالم سيتواصل، لن يأتوا الينا ونحن لن نسافر، وستتم مقاطعتنا في المطارات والموانيء والتصويت ضدنا في الامم المتحدة. نحن يمكننا القول برضا وبقدر كبير من الشفقة على الذات: الجميع يكرهوننا.
——————————————–
إسرائيل اليوم 17/11/2024
ترامب في ولايته الثانية يمكن له ان يصبح افضل رئيس نعرفه
بقلم: ايال زيسر
إدارة دونالد ترامب، اذا ما حاكمنا الأمور حسب التعيينات التي اعلن عنها الرئيس المنتخب ستكون على ما يبدو “إدارة يمين على المليء”، وثمة من سيقول إدارة يمينية ذات مواقف صقرية حتى اكثر من مواقف حكومة إسرائيل.
بدء بالسفيرة الى الأمم المتحدة، عضو الكونغرس اليس سبتنك، التي قادت المعركة ضد الإرهاب واللاسامية اللذين تعززا في الجامعات الامريكية؛ عبر السفير الى إسرائيل مايك هكابي المؤيد بالفم المليء لضم يهودا والسامرة الامر الذي حتى حكومة إسرائيل تخشى من التعهد به؛ وانتهاء بوزير الخارجية ماركو روبيو، بمستشار الامن القومي مايكل فالس وبوزير الدفاع بيت هكسغت – كلهم مؤيدون واضحون لإسرائيل.
تدل هذه التعيينات على أن دونالد ترامب لا يحب حسابا لاحد ويتخذ القرارات وفقا لارائه ونزواته أيضا. اكثر مما تجرأ في ولايته الأولى. ومع ذلك، فقد عين هؤلاء الأشخاص في مناصبهم ليس بسبب مواقفهم في مسألة الشرق الأوسط او إسرائيل بل بسبب ولائهم والتزامهم بالرئيس المنتخب. لهذا السبب شطبت من القائمة أسماء بعض من مؤيدينا الكبار في الولاية الأولى لترامب – وزير الخارجية مايك بومباو والسفيرة الى الأمم المتحدة نيكي هيلي.
تعيينات ترامب هذه تبدد بعض الشيء الغموض وعلامات الاستفهام في الأشهر الأخيرة بالنسبة لنوايا وسياسة ترامب في المستقبل. فالى جانب التأييد والحنينية تجاه إسرائيل فانه توجه كما هو معروف الى جمهور المصوتين العرب، الذي هو في قسمه الأكبر مناهض لإسرائيل بوضوح وحاول تجنيده الى جانبه. وقد وعد المصوتين العرب بان ينهي الحرب في منطقنا – وهؤلاء فسروا الاقوال كوعد منه للضغط على إسرائيل لانهاء الحرب في غزة وفي لبنان، قبل أن تحقق فيها أهدافها.
لكن لا يدور الحديث فقط عن تصريحات انتخابية بل وأيضا عن تغيير ذي مغزى تحقق في داخل “العائلة الملكية”. ففي الولايات الأولى لترامب تحكمت ابنته ايفانكا التي تهودت تهويدا ارثوذكسيا وزوجها جارد كوشنير الذي كان مبعوث الرئيس الى الشرق الأوسط ودفع الى الامام باتفاقات إبراهيم و”صفقة القرن” التي استهدفت حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. ضحك القدر، بالمناسبة، هو أن أبو مازن الذي رفض الصفقة وبعث بترامب الى “الجحيم” يغازله بنشاط اليوم في محاولة منه لان ينتزع منه ما رفض الفلسطينيون قبوله قبل بضع سنوات فقط.
غير أن الدائرة العائلية التي تحيط بترامب اليوم تضم أيضا ممثلي العالم العربي: مُسعد بولس حمى ابنته والكفيل بان يعين كمبعوثه الى العالم العربي. ابن مُسعد، مايكل، متزوج من ابنة ترامب، تيفني. بولس الاب هو رجل اعمال لبناني، تنافس في 2009 وخسر في الانتخابات للبرلمان اللبناني في قائمة تصدرها سليمان فرنجية حليف منظمة حزب الله.
اليوم يدعو بولس الى السلام بين إسرائيل والعرب ويبدو أن تواجده الى جانب ترامب نقله الى جانب الاخيار. لكن مع ذلك، في رأس اهتمامه يوجد لبنان والعالم العربي، ومن هنا أيضا جهوده لاقناع ترامب لانهاء الحرب في منطقتنا بسرعة.
وبعد كل هذا، ترامب في ولايته الثانية بقي لغزا. فهو يوجد في موقع قوة قلة ممن نزلوا في البيت الأبيض تمتعوا بها. فهو ليس ملزما لاحد بشيء ولا يحتاج لاحد.
هل سيتبين كانعزالي يمقت التدخل الأمريكي في شؤون العالم لان برأيه يأتي هذا على حساب دافع الضرائب الأمريكي وبالتالي سيمتنع عن العمل بحزم ضد إسرائيل ويسعى الى الهدوء والاستقرار؟ ام ربما بالذات لانه محرر اليوم من الاضطرابات سنحظى باسناد ويد حرة في محاولة إعادة تنظيم الشرق الأوسط والدفع قدما بعلاقاتنا مع العالم العربي، في ظل دحر المسألة الفلسطينين عن جدول الاعمال الإقليمي.
في اثناء ولايته الثانية في البيت الأبيض يمكن لترامب ان يصبح افضل رئيس نعرفه، لكن في نفس الوقت يمكن أيضا يتبين كمن قضم من الالتزام والمساعدة المالية والعسكرية التي تمنحها الولايات المتحدة لإسرائيل. مهما يكن من امر – لم يتبقَ لنا غير أن نصلي ونأمل بالخير.
——————————————–
يديعوت احرونوت 17/11/2024
ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون الى جانبنا لن يرحلوا
بقلم: شمعون شيفر
في اليوم الذي سيكتب فيه تاريخ هذه الحرب الطويلة ستترافق بعض التعابير وكل فصل في وصف المعركة: “سمح بالنشر”، “ردع”، “مُسيرات ومنظومات صاروخية”، “مخطوفون ومخطوفات” وغيرها. وفي النهاية سيكتب الفصل عن “التسوية”، وقف نار في الشمال وتوافق على تحقيق هدوء تجاه قطاع غزة. اما العنوان فسيكون “الحدث انتهى”.
من أجلكم، أيها القراء، أتجرأ على أن أقول اننا لا نزال بعيدين عن انتهاء الحدث. امام لبنان، يروون لنا بان الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا منذ الان على شروط التسوية. لكن لبنان ليس دولة ككل الدول – ففي داخله يعمل حزب الله ويدير دولة إسرائيل تحت رعاية نظام ايات الله. وكما علمنا بعد حرب لبنان الثانية، لا مشكلة لحزب الله أن يوافق على منحى ما – شريطة الا ينفذ المنحى.
حزب الله لن يوافق على تسوية في اطارها يمكن لإسرائيل أن تعمل في أراضي لبنان، وبالطبع لن يوافق على التحلل من مخزون السلاح الهائل الذي تبقى تحت سيطرة الحزب. اما إسرائيل، كما يمكن الامل، فستطالب بإقامة قوة حفظ نظام فاعلة تحل محل اليونيفيل في جنوب لبنان. وفي النهاية، السؤال هو ما الذي يريده ترامب. فقد أعلن منذ الان بانه جاء لان يغلق الحروب لا ان يبدأ حروبا جديدة، ونتنياهو سيستجيب لطلبه. اما نحن، في هذه الاثناء، فسنواصل الهروب الى الملاجيء.
يوجد ثمن لانعدام قرار نتنياهو حيال ما يحصل في غزة. فلن يكون ممكنا أن نخفي عن عيون العالم الواقع الذي سينشأ في القطاع مع حلول الشتاء، بدون ظروف صحية أساسية. التخوف من الأوبئة سيؤدي الى دعوة حازمة من جانب الاسرة الدولية لفرض المسؤولية على ما يجري في هذا الإقليم الذي يخطط شركاء نتنياهو في الحكومة لان يعودوا اليه في اطار “المعجزة” التي تحققت لهم.
ونحن، في هذه الاثناء، سنواصل الانشغال بالقضية الخطيرة المتعلقة بالاشتباه بتزوير بروتوكولات الحرب في مكتب رئيس الوزراء. يدور الحديث عن حدث خطير جدا جعل السكرتير العسكري للحكومة يضطر لان يتوجه بشأنه بشكل شاذ الى المستشارة القانونية للحكومة – لكن عندنا يوجد منذ الان من يجتهدون بتقزيمه وتقزيم تحقيقه. هنا أيضا، في النهاية، لا تتوقعوا من احد أن يأخذ المسؤولية.
تعيين مايك هكابي سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل اثار ردود فعل حماسية في الجانب اليميني من الخريطة السياسية عندنا. اسمحوا لي أن اخرب على هذه الحفلة: ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون الى جانبنا لن يرحلوا الى أي مكان. وحتى لو أيد هكابي فكرة بلاد إسرائيل الكاملة فالامر لن يؤدي الى وقف كفاحهم للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي. علينا أن نجد جوابا لتلبية تطلعاتهم هنا – والا سنعيش ابدا على حرابنا، حتى بعد أن يعود هكابي الى اركنسون.
الملازم عبري دكشتاين الراحل من عاليه الذي قتل قبل بضعة أيام في اشتباك مع مخربين في جنوب لبنان ينضم الى الكثيرين من أبناء الاستيطان في يهودا والسامرة في الحرب. الاثمان الباهظة التي يدفعها سليلو الاستيطان في هذه المناطق ستلقى على الوزن الذي سيقرر في نهاية الامر حدود إسرائيل.
بارتولد بريخت كتب يقول ان الشاعر هو من يكون ملزما بان يتحدث عندما يصمت الجميع. وكذا ملزم أيضا بان يصمت عندما يتحدث الجميع”. تذكرت هذه الاقوال عندما قرأت القصيدة التي كتبها ايلي الياهو بعد 7 أكتوبر: “وعدت الى هذه المدينة بعد أيام طويلة ورأيت أن الناس غيروا وجوههم ولم تعد البيوت كما كانت وما لم يفعله العقل فعلته الأزمنة ولم تزهر الحدائق ونسي الجيران وسرت في المدينة حزينا وساعة الموت توقفت في كل الساعات”.
وأنا افكر في اننا نطلع على الاعمال الاجرامية زعما في مكتب رئيس الوزراء نتنياهو ونبقى بلا كلام.
——————————————–
معاريف 17/11/2024
الهدف: تركيع حزب الله
بقلم: افي اشكنازي
إسرائيل ملزمة بان تحدد جدولا زمنيا بالنسبة للوصول الى تسوية في لبنان. صحيح أن هناك حاجة للطرفين لاجل الوصول الى اتفاق وليس كل شيء متعلقا بالجانب الإسرائيلي، لكن يمكننا وينبغي لنا أن ننهي شدة القوة ووتيرة النار.
في اثناء الأسبوع المنصرم تلقى القتال في الجبهة الشمالية انعطافة. والتقدير هو أنه كلما تقدمت المفاوضات للتسوية على الحدود هكذا يحاول كل طرف تثبيت الضغط على طرف آخر لاجل خلق صورة نصر. حزب الله من جهته يحاول تركيز الجهد لنار مكثفة الى مناطق مثل الكريوت والجليل الغربي. بالمقابل، يعمل سلاح الجو الإسرائيلي فيهاجم قلب الضاحية في بيروت فيسقط مبانٍ متعدد الطوابق، الامر الذي يعرض نوع من صورة النصر لإسرائيل. في نهاية الأسبوع فقط هاجم سلاح الجو الضاحية بست جولات وذلك الى جانب الغارات على صور، صيدا والنبطية.
حزب الله دحر الى الوراء. يوجد له 2250 قتيل منذ بداية المناورة قبل نحو خمسين يوما. خطوط دفاعه دمرها الجيش الإسرائيلي. كل منظومة قيادته او معظمها صفي. منظوماته اللوجستين تضررت.
رغم كل هذا، لا يزال حزب الله حيا يتنفس ويطلق النار. امس اطلق اكثر من 70 صاروخا الى كريوت، نهاريا، عكا والجليل الأعلى.
اذن صحيح، الصواريخ للمدى القصير يصعب عليها عبور خطوط كريات يام في الغرب وكريات آتا في الشمال. الصواريخ قصيرة المدى لحزب الله هي العمود الفقري المركزي له وآخر قدرتها هو الوصول الى خليج حيفا.
التوقعات المتشائمة عشية الحرب تحدثت عن سيناريو نار بالمتوسط 70 صاروخ كهذه تضرب مدينة حيفا في كل ساعة في كل يوم من القتال.
عمليا، ينجح حزب الله بصعوبة في اطلاق 90 حتى 100 صاروخ في كل يوم قتال الى كل المناطق، ويبدو أن هذه الاحداث تتناقص.
وبالنسبة للمُسيرات نحو إسرائيل أيضا الوضع صعب على حزب الله. فهو يفهم بانه يوجد مدى ضرر محدود وموضعي لهذا السلاح، لكن اثر الخوف الذي يخلقه في اثناء الملاحقة هو مثابة مضاعف ضرر هام.
هكذا، يوم الخميس الأخير قرابة مليون مواطن، من نهاريا، عكا، الكريوت، حيفا وقرى الدروز في الكرمل طلب منهم الاحتماء في الملاجيء بسبب مُسيرة تسللت الى إسرائيل وفي النهاية ضربت قاعدة الياكيم وتسببت بإصابة جنديين.
يبذل حزب الله جهودا للإبقاء على القوات التي نجت في القتال مع التشديد على قوات الرضوان وغيرها. ويرى الحزب نفسه مرة أخرى يعود لان يكون قوة عسكرية مركزية في لبنان فور الحرب الحالية.
بالتوازي مع حاجة الجيش الى اضعاف حزب الله ماديا، هو ملزم أيضا بتقزيمه امام قوى أخرى في لبنان وإعادة الطائفة الشيعية الى مكانها الطبيعي كدون امام الطوائف الأخرى في الدولة مثلما كانت عشية نشوب الحرب الاهلية في لبنان في السبعينيات من القرن الماضي.
والى ذلك، اصبح العقيد افيحاي درعي الشخصية القوية في لبنان – حين يحذر قبل الهجوم الكل يقف صامتا في لبنان. بلاغاته التي تدعو الى اخلاء المدنيين تستهدف بالطبع منع الإصابة لغير المشاركين لكنها بالتوازي تعتبر في لبنان أيضا كتحدث للقوة السيادية لحزب الله.
هذه البلاغات تفسر على سبيل الإهانة لحزب الله. صور المباني التي تسقط في الضاحية في الأيام الأخيرة تضيف فقط الإهانة لحزب الله وهدفها، بالنسبة لإسرائيل، هو إيصال الحزب الى الاستسلام.
معقول جدا ان في الأيام القادمة سيشتد الضغط الإسرائيلي من خلال سلاح الجو وستزداد الغارات ضد مباني وقيادات حزب الله في لبنان.
إسرائيل ملزمة في هذه اللحظة بتركيز جهودها المضاعفة: الأول – التقدم الى عمق الأراضي وتحييد قدرات حزب الله باطلاق النار الى منطقة خليج حيفا وعكا.
الثاني – مواصلة الدرب بقوة لمركز سيطرة حزب الله. فتفكيك المنظمة ينقل رسالة الكل الشرق الأوسط، وبخاصة الى ايران.
هذا الإنجاز يجب أن يتم قبل وقت طويل من دخول ترامب الى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني. وكلما بكرت إسرائيل هذه الخطوة هكذا ستعتبر قوية، مصممة وتتمكن من أن تستعيد، جزئيا على الأقل قدرة ردعها في المنطقة.
خطوة سريعة كهذه كفيلة بان تبكر نهاية القتال في ظل الوصول الى اتفاق مخطوفين في جبهة غزة.
——————————————–
هآرتس 17/11/2024
ماذا سيكون موقف نتنياهو من كتاب المستشارة القانونية بشأن مراجعة النظر بولاية بن غفير؟
بقلم: أسرة التحرير
ليس صدفة أن تجد المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا، نفسها على رأس سلة الأهداف السياسية لائتلاف نتنياهو حين يدعو الوزراء الأكثر صخباً في الحكومة إلى إقالتها صبح مساء. فبهراب ميارا ببساطة تصر على أداء وظيفتها بخلاف تام مع سلوك الحكومة التي تشير لها، والتي تسعى لمنح نفسها قوة غير محدودة والتآمر ضد الديمقراطية.
الخميس الماضي، بعثت المستشارة كتاباً لرئيس الوزراء نتنياهو أمرته فيه أن يراجع موقفه بشأن ولاية بن غفير وزيراً للأمن القومي. الكتاب جزء من بلورة موقف قبيل رفع رد الدولة إلى محكمة العدل العليا في الالتماس الذي يطلب منها إصدار أمر لنتنياهو باستخدام صلاحياته وإقالة الوزير الذي يعرض الدولة والديمقراطية للخطر. “الأحداث الجديدة وتراكمها مع الأحداث التي سبقت رفع الالتماس، تخلق ظاهراً جمعاً شاذاً وخطيراً ومتواصلاً للاستخفاف بالقانون وانتهاك القواعد والمس بالمبادئ الأساس للنظام، في ظل تسييس عمل الشرطة”، كتبت بهرب ميارا لنتنياهو. وشرحت في كتابها بأن التدخلات المرفوضة من جانب بن غفير في أعمال الشرطة (الأمثلة لا تنقص: العنف الشرطي المعربد ضد المتظاهرين، ومحاولة الوزير منع حراسة شاحنات المساعدات الإنسانية لغزة، وتغيب الشرطة عن قاعدة “بيت ليد” في زمن الشغب) وبين تعلق ضباط الشرطة ببن غفير لترفيعهم يمس بإمكانية ضمان عمل الشرطة انطلاقاً من الولاء للجمهور وليس للمستوى السياسي، وطلبت من نتنياهو تناول الأمور.
بهرب ميارا ذكرت نتنياهو في كتابها بما يريد للجمهور أن ينساه: بن غفير ليس قدراً من السماء. بل عين مسؤولاً عن الشرطة من حكومة إسرائيل التي يترأسها نتنياهو، وهناك شيء يسمى مسؤولية جماعية للحكومة. نتنياهو لا يمكنه التهرب من المسؤولية.
حتى قبل كتاب المستشارة، فهم نتنياهو اتجاه هبوب الريح وقال إنه إذا أمرت محكمة العدل العليا بإقالة بن غفير “فسيكون هذا هو الطريق السريع لأحداث أزمة دستورية”. نتنياهو يعمل وفقاً لنموذجه الثابت: السماح بسياسة مناهضة للديمقراطية أو مناهض للدستور انطلاقاً من المعرفة بأن المحكمة ستضطر إلى التدخل؛ وعندما تتدخل المحكمة، فسيتهمها بتدخل مرفوض وبخلق أزمات فيما يطلق قاعدته ضد “عدو الشعب”.
محظور السماح لنتنياهو وعصبة المتسيبين الذين عينهم للحكومة مواصلة هدم الدولة. نأمل أن يؤدي موقف المستشارة في محكمة العدل العليا بالحسم لصالح الملتمسين وليس كالمرة السابقة عندما ردت التماساً مشابهاً. على هيئة القضاة أن تأمر نتنياهو بإقالة بن غفير. إذا كانت تنقصها الجرأة، فلتأخذ إلهاماً من بهرب ميارا.
——————————————–
هآرتس 17/11/2024
«تكتيكات التضليل» الإسرائيلية للتغطية على جرائم الحرب في غزة
بقلم: شاي غرينبرغ
في مطلع تشرين الأول، وإثر تشديد الحصار على شمال قطاع غزة وتصاعُد الهجمات في المنطقة، تقدمت منظمة “غيشاه- مسلك”، بالتعاون مع منظمات حقوق إنسان أُخرى، بالتماس إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، تطالبها فيه بإصدار أمر احترازي يُلزم إسرائيل بالسماح بإيصال كامل للمساعدات الإنسانية الضرورية لبقاء السكان المدنيين في المنطقة.
في تلك المرحلة، كان واضحاً أن كمية البضائع التي دخلت القطاع انخفضت بشكل كبير، خصوصاً في شماله. فوفقاً للبيانات التي ينشرها منسق شؤون المناطق في الحكومة الإسرائيلية (المنسق)، كانت كمية البضائع التي دخلت في تشرين الأول هي الأدنى منذ بداية العام، بل أدنى من الكمية التي دخلت في بداية الحرب، في تشرين الثاني 2023. أمّا القيود التي فرضتها إسرائيل على إدخال بضائع القطاع الخاص إلى غزة، والتي تُعتبر مصدراً رئيساً يمكن أن يزيد في الإمدادات في السوق المحلية، فقد أدت إلى رفع أسعار المواد الغذائية أكثر، في ظل وضع اقتصادي صعب أصلاً.
أقرّت الدولة، في معرض ردها على المحكمة العليا، بأنها لم تقم بـ”تنسيق التحركات” إلى شمال القطاع منذ عدة أسابيع، وأكدت أنها لا تزال تمنع دخول المساعدات إلى الجزء الشمالي من القطاع. لقد حاولت الدولة تبرير منع المساعدات بحجة “الاعتبارات العملياتية” الناجمة عن القتال، إلّا أن هذه الحجة مضللة، لا بل عبثية، فالالتزامات الموكلة إلى إسرائيل في المنطقة تنبع من حالة القتال نفسها. ويعكس ردّ الدولة هذا، في الواقع، انتهاكاً مستمراً للقانون الدولي، الذي ينص على أن منع المساعدات الإنسانية عن المدنيين بشكل متعمد يُعتبر جريمة حرب.
هذا الادعاء الذي تقدمه الدولة هو مثال لاستخدام تكتيكات التضليل [1]، إذ تسعى بذلك لتشويه الحقائق، والتنصل من مسؤوليتها عن الكارثة الإنسانية، وتضليل الرأي العام بشأن واجباتها تجاه السكان المدنيين في القطاع. لقد عكس تقرير بار بيليغ (المنشور في صحيفة “هآرتس” (31/10) [2] الذي تناول انخفاض كميات المساعدات، استخدام المنسق لهذا التكتيك، إذ زعم أن السبب الرئيس لعرقلة الإمدادات هو “انخفاض في المساعدات الدولية، وليس القيود التي فرضتها الدولة”، وأن “مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات لا تزال تنتظر على الجانب الفلسطيني من المعابر، ولم يتم تسلّمها”.
لا يعدو الأمر كونه استخداماً جزئياً، أو غير ملائم للمعلومات. إذ إن مئات الشاحنات تنتظر فعلاً عند المعابر، لكن بسبب الظروف الميدانية، التي تتحمل إسرائيل مسؤوليتها، لا تتمكن المنظمات من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. وتنبّه المنظمات مراراً إلى المخاطر التي تواجهها جرّاء القتال في المنطقة، من قصف واستيلاء عنيف من مسلحين على الشاحنات ونهبها. وتشير التقارير إلى أن نحو نصف طلبات هذه المنظمات للتنسيق مع الجيش الإسرائيلي تُرفض، وهو ما يحول دون وصول المساعدات إلى المدنيين.
لقد تسببت الهجمات العسكرية المستمرة في أنحاء القطاع بتدمير البنى التحتية، وأصبحت الطرقات غير صالحة للتنقل، في حين يحدّ الجيش من الحركة على الطرقات المؤدية إلى نقاط توزيع البضائع على الجانب الفلسطيني من المعابر. بالإضافة إلى ذلك، يتم تأخير قوافل المساعدات في أثناء توجّهها من الجنوب إلى الشمال بسبب الحواجز العسكرية، وفي كثير من الحالات، يمنع الجنود مرورها، وهو ما يضطر القوافل إلى العودة. لقد فقد العديد من موظفي المنظمات حياتهم، على الرغم من تنسيق عبورهم مع إسرائيل، لكن هذا لم يوفر لهم الحماية على الأرض.
بهذه الطريقة، تنحي إسرائيل باللوم عن نفسها وتوجّهه نحو منظمات المساعدات، وتتملص من مسؤوليتها. فمنذ بداية الحرب، تقوم إسرائيل بتشويه عمل المنظمات الإغاثية وتحميلها مسؤولية إخفاقاتها، لكن من المفارقات أن الدولة تفاخر في مداولات المحكمة العليا بتعاونها الوثيق مع هذه المنظمات.
إلى ذلك، زعم منسق شؤون “المناطق” أن “إسرائيل تبذل جهوداً واسعة النطاق لتسهيل نقل المساعدات إلى قطاع غزة بالتنسيق مع الولايات المتحدة ومصر والأمم المتحدة ومنظمات المساعدات الدولية”. هذا الزعم ليس سوى مثال واضح آخر للتضليل. فإلى جانب أن القانون الدولي يُلزم إسرائيل بالسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع ، (وهو ما لا تلتزم به إسرائيل)، كونها طرفاً في النزاع وقوة احتلال، فإن واجباتها، حسبما قررت محكمة العدل الدولية في لاهاي، لا تنتهي بمجرد دخول المساعدات إلى الجانب الفلسطيني، بل تمتد حتى تصل المساعدات إلى المدنيين المحتاجين إليها.
هناك مثال آخر للتكتيك التضليلي يتمثل في “التقييم” الذي قدمه المنسق في المحكمة العليا، والذي يفيد بوجود “احتياطات كافية من المساعدات” في شمال القطاع. من المهم التوقف عند هذا التقييم، لأنه لا أساس له من الصحة، ويتناقض بوضوح مع تقارير المنظمات الإغاثية. أيضاً أصدرت اللجنة المشتركة للأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة هذا الأسبوع تحذيراً من تدهور الكارثة الإنسانية وتجاوز عتبة المجاعة في شمال القطاع. وعلى الرغم من أن المحكمة العليا طلبت من الدولة عدة مرات تقديم البيانات التي تستند إليها قراراتها، فإن الدولة امتنعت عن ذلك.
في إطار الالتماس الذي قُدم قبل ثمانية أشهر، أقرّت إسرائيل بأن زيادة كمية المساعدات تؤدي إلى انخفاض حالات النهب. ومع ذلك، بدلاً من بذل جهود في هذا الاتجاه، يكتفي المنسق بإصدار تصريحات تدّعي “التزامه بتوفير استجابة إنسانية فعالة”. لكن في الواقع، تقوم إسرائيل بالعكس تماماً؛ إذ تمنع توزيع المساعدات، وتزيد في تعقيد عمل المنظمات على الأرض بكل الطرق الممكنة. وبهذا الأسلوب، عبر التلاعب وتشويه الحقائق وإخفائها، تقوم إسرائيل بتنفيذ سياسات مروعة، تشمل سياسة تجويع للسكان.
في الوقت نفسه، تستمر المحكمة العليا في منح الدولة فرصاً متكررة للتملص من المسؤولية وتقديم رواية كاذبة تزعم فيها التزامها بواجباتها بموجب القانون الدولي. وبهذا، تكون المحكمة أيضاً شريكة في التضليل الذي تمارسه إسرائيل.
[1] استخدمت الكاتبة مصطلح Gaslighting، الذي يشير إلى نوع خاص من التلاعب النفسي يجعل الضحية تشك في قدرتها على إدراك الواقع. يقوم الشخص الذي يمارس هذا النوع من التلاعب بإقناع الضحية بأن تجاربها، أو مشاعرها، أو استنتاجاتها، غير دقيقة، ما يجعلها تشعر بعدم الثقة بنفسها، وبتفسيرها للوقائع. يعود أصل المصطلح إلى مسرحية وفيلم قديم بعنوان Gas Light، إذ يحاول الزوج إقناع زوجته بأنها تتخيل أشياء غير حقيقية، بهدف إضعافها والسيطرة عليها.
[2] يقول تقرير بيليغ المذكور: إن شهر تشرين الأول 2024 شهد أدنى مستوى لدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة هذا العام، إذ دخلت 859 شاحنة فقط، مقارنةً بالمتوسط الشهري الذي بلغ 3591 شاحنة منذ بداية الحرب. وشمل التراجع جميع أنواع المساعدات، باستثناء الوقود، ويرجع إلى عمليات المعابر بفعل الأعياد اليهودية وتقييمات أمنية مرتبطة بالأوضاع العسكرية. وعلى الرغم من فتح المعابر لاحقاً بشكل محدود، فإن مئات الشاحنات لا تزال بانتظار الدخول وتوزيع ما تحمله على هيئات الأمم المتحدة المختلفة. ويضيف بيليغ في التقرير: إن إسرائيل، على الرغم من هذا كله، تسعى لتسهيل نقل المساعدات بالتنسيق مع جهات دولية.
——————————————–
عن “N12” 17/11/2024
مَـن يـسـيـطـر عـلـى الـطـعـام يـسـيـطـر عـلـى غـزة
بقلم: ألموغ بوكير
ما يجري في شمال قطاع غزة لا يقود إلى الحسم فقط في جباليا. فالجيش يسيطر على مزيد ومزيد من المناطق، ونجح في إصابة أكثر من 1100 “مخرب” خلال الشهر الماضي فقط، وفي الأساس يقوم بإلحاق الضرر بكل الأماكن التي أُطلقت منها قذائف في اتجاه إسرائيل والأماكن التي تحاول “حماس” ترميم قوتها فيها.
وكلما استمرت العملية، ومن المتوقع أن تستمر عدة أسابيع، فإن الجيش سيستطيع الوصول إلى الحسم في كل شمال القطاع.
“الحسم” في جباليا، حسبما يتم تعريفه، هو حسم على الصعيد العملياتي فقط.
صحيح أن هذه العملية هي الأكثر دراماتيكية في المنطقة التي تحولت إلى مركز لـ”الإرهاب” ومركز لقوة “حماس” في شمال القطاع.
وسيسمح تنظيف جباليا بخلق واقع جديد في الميدان، وإن لم يتم القيام بخطوة أُخرى ومختلفة فستعود إسرائيل بعد بضعة أشهر إلى الوضع الذي كانت فيه سابقاً.
يجب على هذا التغيير أن ينعكس في خلق بديل من إدارة القطاع، دون أهمية لمن يكون هذا البديل: الجيش، أو شركة أميركية أو أيّ قوة أُخرى.
في جميع الأحوال، لا يمكن الاستمرار في هذه الحال، أن تدخل إسرائيل، ثم تخرج، وتقوم “حماس” بترميم قوتها خلال هذه الفترة.
المطلوب قوة تستطيع السيطرة على جميع مناطق القطاع على الصعيدين الأمني والمدني، بشكل يسمح لإسرائيل بالتراجع خطوة إلى الوراء.
نحن ندفع ثمناً كبيراً في الوضع الحالي، والحديث يدور حول مصلحة إسرائيلية واضحة للدفع بالحل الذي يقترحه الأميركيون من أجل خلق واقع مختلف.
يجب العودة وقول الحقيقة: إن الضغط العسكري الذي يجري، الآن، بصرف النظر عن قوته، لن يخلق أداة ضغط لتحرير الرهائن في إطار صفقة.
أحد الأسباب الكامنة وراء أننا لسنا في وضع يسمح بالوصول إلى صفقة، هو إدارة المساعدات الإنسانية.
بعد صفقة التبادل الأولى، سمحنا لهم بالعودة إلى الوضع الذي كان سائداً قبل الحرب.
لقد بدؤوا بالحصول على 200 شاحنة مساعدات كل يوم، دون مقابل.
لذلك، منحنا “حماس”، عملياً، طريقة للسيطرة على العامل المركزي الذي يسمح لها بمعاظمة قوتها وإعادة ترميم نفسها.
يدور الحديث هنا حول نصف مليار دولار خلال نصف عام. وفي الوقت نفسه، فقدت إسرائيل أداة الضغط الأهم التي كانت لديها.
هذا هو أحد الأسباب المركزية التي تمنعنا من التقدم في اتجاه أيّ صفقة تبادُل إضافية: لا توجد لديهم مصلحة في ذلك.
في رأيي، رئيس الحكومة نتنياهو أيضاً يفهم أن الوضع اليوم مختلف عمّا كان عليه قبل شهرين، أو ثلاثة، حين كان السنوار لا يزال في الميدان. وعلى الرغم من ذلك، فإن حكومة إسرائيل تواجه صعوبة في اتخاذ القرار، ومن الممكن أنها لا تريد ذلك أصلاً.
المشكلة الكبرى هي اختلاف الآراء داخل الحكومة بين مَن يعتقد أنه يجب العمل من أجل الدفع بسلطة في غزة مختلفة عن سلطة “حماس”، ومَن يعتقد أنه ممنوع علينا التقدم في هذا الاتجاه، والحفاظ على سيطرة إسرائيلية.
لذلك، نحن في وضع مستحيل، فنحن مَن يُدخل المساعدات الإنسانية التي تذهب في نهاية المطاف إلى “حماس” وتعزز قوتها في القطاع، وأيضاً نستمر في العمل العسكري، وندفع أثماناً كبيرة إلى جانب الإنجازات العسكرية، ولا نتقدم إلى حيث يمكننا إعادة المخطوفين، وفي الأساس، نحن نطيل أمد الحرب.
الوضع الحالي هو أن “حماس” تسيطر على الأكل – ولذلك، هي تسيطر أيضاً على قطاع غزة.
“حماس” هي المسؤولة عن كل مكان لا يوجد فيه الجيش – مثلما كانت عليه الحال قبل 7 تشرين الأول.
يمكن أن يقود الضغط الأميركي في هذه المرحلة إلى تغيير إيجابي.
سيكون على الحكومة أن تقرر أيّ تكتيك آخر ستتّبعه لإنهاء حُكم التنظيم “الإرهابي”: وما هي البدائل، سواء أكانت الجيش (حُكم عسكري)، أم شركة أميركية (السلطة الفلسطينية ليست حلاً، إنما هي جزء من المشكلة، ولذلك لا يمكن أن تكون بديلاً)، هي بدائل أفضل من الوضع الحالي، الذي يتم فيه الإبقاء على حُكم “حماس”.
——————————————–
يديعوت 17/11/2024
بـعـد قـرار الـمـحـكـمـة رفـض تـأجـيـل شـهـادتـه
نتنياهو أمام طريق مسدود: «العجز المؤقت» أصبح واقعاً !
بقلم: نتعئيل بندل
ردت المحكمة، أول من أمس، طلب رئيس الوزراء تأجيل شهادته في المحكمة التي بدأت قبل أكثر من سبع سنوات. “لم نقتنع بأنه طرأ تغيير جوهري يبرر تغيير موعد الشهادة”، أشار القضاة في القرار. وكان الطلب رُفع، هذا الأسبوع، بحجة أنه في ظل الحرب فإن نتنياهو مشغول، وبالتالي لا يمكنه أن يتفرغ للقاء محاميه، وإعداد شهادته كما ينبغي. لقرار القضاة معنى عظيم: لأول مرة، ستكون لموضوع عجز رئيس الوزراء احتمالات حقيقية، لشدة المفارقة، بسبب حجج نتنياهو أساسا.
في طلب تأجيل شهادته ادعى نتنياهو أنه في فترة الحرب كرئيس وزراء لا يمكنه أن يجري جلسات استعداد مع محاميه، وبالتالي لن يكون ممكنا الادلاء بشهادته وهو منقطع العلاقة في سياق الشهادة. في المداولات، أول من أمس، شدد المحامي عميت حداد على أنه لا يمكن إدارة دولة في حرب والادلاء بشهادة أيضا. غير أنه في الماضي، في ظروف أخرى، سُمع نتنياهو يقول خلاف ذلك. ففي القضية التي امام المحكمة العليا المتعلقة بـ “رئيس وزراء تحت لائحة اتهام”، صرح نتنياهو بانه يمكن إدارة الدولة، في الوضع العادي، في ظل إدارة المحاكمة. أما الآن ففي طاقم الدفاع عن نتنياهو يعترفون بانه بخلاف الوضع العادي في الحرب لا يكون ممكنا إدارة الدولة. اذا كان نتنياهو يعترف بذلك، فمن سيدير الدولة في الوقت الذي يدلي فيه بشهادته؟
من المعقول أن تأمر المستشارة القانونية نتنياهو بانه في الوقت الذي يقف فيه على منصة الشهود عليه أن يخرج الى حالة عجز مؤقت.
اذا رفض نتنياهو فسيُرفع التماس الى المحكمة العليا، غير ان هذه المرة، بخلاف المرة السابقة التي بحثت فيه المحكمة في التماسات كهذه، يوجد نتنياهو في موقف دون قانوني، إذ كما اسلفنا هو الذي طرح حقيقة انه لا يمكن إدارة دولة في حرب والادلاء بالشهادة في الوقت ذاته.
لقد قضى قرار محكمة العدل العليا بأن تعديل القانون الأساس في موضوع العجز لن يدخل حيز التنفيذ إلا ابتداء من الكنيست التالية. وبالتالي الوضع القانوني الآن يتطابق والقانون القديم؛ هناك لا يوجد أي تعريف للعجز. غير انه كما أسلفنا فسّر نتنياهو نفسه بان شهادة رئيس الوزراء في الحرب هي عجز.
يمكن لمحامييه ان يدّعوا في المحكمة العليا بان اخراج رئيس الوزراء الى العجز في ساعة الحرب، حتى لو كان مؤقتا، غير معقول ويتعارض والمصلحة العامة، وانه توجد “وسيلة أقل ضرراً”، وهي أن يصعد شاهد آخر ليشهد عنه. غير أنه سيكون صعباً على محكمة العدل العليا ان تقبل بهذه الحجة من ناحية بحثية؛ لان المحكمة المركزية سبق أن قررت ان يشهد نتنياهو، ومحكمة العدل العليا ليست هيئة استئناف على المركزية.
إذاً، ما الذي يمكن لنتنياهو أن يجرب عمله؟ توجد ثلاث إمكانيات، كلها إشكالية.
الامكانية الأولى، ان يتنازل عن الشهادة، فهذا من حق المتهم. غير أنه من ناحية قضائية يكون التنازل عن الشهادة في غير صالح المتهم، وهو أيضا تفويت لفرصة ظهور دفاعي. هذا سيسيء لوضع نتنياهو القضائي، ويعرضه لخطر الإدانة.
الامكانية الثانية، مع أنه لا يمكن الاستئناف على “قرار مرحلي” من ناحية قضائية لكن في حالات شاذة يمكن رفع التماس الى محكمة العدل العليا ضد المركزية. وحتى لو قررت محكمة العدل البحث في مثل هذا الالتماس، فمن شبه اليقين أنها ستضطر الى رده؛ لأن طلب تأجيل شهادة نتنياهو كان طلبا هزيلا للغاية، من صفحة واحدة، حيث إن حججاً كثيرة كان يمكنه أن يطرحها في المركزية ولم يطرحها، ولا يمكن طرحها لأول مرة في محكمة العدل العليا.
الامكانية الثالثة، والعملية للغاية من ناحية نتنياهو، هي أن يتقدم الى المحكمة بطلب إضافي، ويدعي هناك ان في القانون مادة بموجبها يمكن بدء “قضية الدفاع”، المرحلة الحالية في المحاكمة، ليس بشهادة المتهم بل بشهادات دفاعه. غير أنه كان لمثل هذه الخطوة ان تقبل لو انها اتخذت قبل القرار الذي صدر، أول من أمس. فمسألة شهادة نتنياهو بحثت منذ الآن، وتقرر أن يشهد في كانون الأول.
الامكانية الرابعة، إمكانية عملية أخرى هي رفع طلب الى المركزية يقول انه بعد أن تقرر لنتنياهو أن يشهد لاعتبارات مصلحة الدولة يجب تغيير أزمنة الشهادة: بدلا من ان تجرى الشهادة ثلاثة أيام في الأسبوع على مدى سبع ساعات كل يوم، ان يتقرر مثلا ان تجرى مرة في الأسبوع ولثلاث ساعات فقط. هذا هو الطلب الوحيد الذي سيوافق القضاة على البحث فيه، غير أن فرصه أيضا ليست عالية كون القضاة شددوا على أهمية الدفع قدما بالمحاكمة. فتقليص مواعيد وأزمنة الشهادة سيطيل شهادة نتنياهو من شهرين الى اكثر من نصف سنة، وتأخير كهذا سيكون من الصعب إدخاله ضمن تعريف “الدفع قدما بالمحاكمة”.
يبدو أنه من ناحية قضائية، دخل نتنياهو الى طريق مسدود وفرض العجز المؤقت اصبح واقعياً اكثر من أي وقت مضى. جمهور مؤيدي رئيس الوزراء سيجدون صعوبة في قبول ممثل هذه الخطوة بحيث يحتمل أن تكون الأزمة توجد حقا خلف الزاوية، واذا كنا نريد الدقة، في 2 كانون الأول.
——————انتهت النشرة——————