دولي

وزير الخارجية الإيراني يؤكد من الجزائر أن المقاومة في فلسطين لا تزال قادرة على الصمود.. ويكشف أجندة المفاوضات مع أمريكا

المسار الاخباري : دعا وزير الشؤون الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، من العاصمة الجزائرية، إلى تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية من أجل وضع حد للعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، مشددًا على ثقة بلاده في قدرة المقاومة على الصمود في وجه العدوان الصهيوني.

وأوضح الوزير، في تصريح للصحافة، عقب استقباله من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في قصر المرادية، أن هذا التنسيق أصبح ضرورة ملحة في ظل تصاعد الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، مشددًا على أهمية التحرك المشترك لوقف ما وصفه بـ”الانتهاكات الجسيمة” التي يتعرض لها الفلسطينيون. ونوّه وزير الشؤون الخارجية الإيراني في السياق بـ”المواقف الشجاعة والعادلة للجزائر وللرئيس تبون في دعم حقوق الشعب الفلسطيني على مستوى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن”.

وفي ما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أوضح عراقجي أن المحادثات مع الرئيس الجزائري، شملت سبل تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، إضافة إلى تنسيق المواقف في المحافل الدولية، مشددًا على أهمية مواصلة هذه المشاورات في ظل التحديات الراهنة. كما جدد المسؤول الإيراني دعوة بلاده للرئيس عبد المجيد تبون لزيارة طهران، مشيرًا إلى أن العلاقات بين الجزائر وإيران تقوم على الاحترام والتشاور المستمر حول قضايا المنطقة.

وفي استفاضة أكبر خلال لقائه مع نخب ومسؤولي وسائل إعلام جزائرية وإيرانية، قال عراقجي إن البلدين لديهما رؤى متقاربة ووجهات نظر مشتركة تجاه التطورات الإقليمية، وخاصة قضية فلسطين”. وذكر، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية، أن “مخاوفنا بشأن غزة والشعب الفلسطيني وجرائم الكيان الصهيوني مشتركة”، وقال: “لطالما عارضت الجمهورية الإسلامية الإيرانية فكرة الدولتين، ولا ترى أنها ستؤدي إلى قيام دولة فلسطينية. واليوم، أثبتت إسرائيل أنها تجاوزت حتى هذه الفكرة، وتسعى إلى تدمير فلسطين. الحقيقة هي أن هناك مؤامرة خبيثة في المنطقة لتطبيق ترتيبات جديدة، وخاصة في ما يتعلق بفلسطين. يسعى الكيان الصهيوني إلى طرد السكان من غزة والضفة الغربية، والقضاء على وجود فلسطين وشعبها، واحتلال الأراضي الفلسطينية بشكل كامل”.

وتابع: “إن العدوان الإسرائيلي على لبنان وسوريا واحتلال أراضٍ من هذين البلدين وخاصة سوريا والاعتداءات على بنيتها التحتية مستمرة. في الوقت نفسه، يتواصل الهجوم المشترك للقوات الأمريكية والصهيونية على الشعب اليمني، ورغم الموقف المشترك الذي يدين هذه الأعمال، إلا أن دول المنطقة لا تتخذ إجراءات عملية لمنع خطط كيان الاحتلال وأعماله الشريرة”.

وبحسب عراقجي، فإن إيران لا تزال تعتقد أن القوة الوحيدة القادرة على الصمود في وجه العدوان الصهيوني هي مبدأ المقاومة الذي يوجد لدى الكثير من شعوب المنطقة، قائلًا: “لا شك أن المقاومة تكبدت خسائر في الأشهر القليلة الماضية واستشهد العديد من قادتها، لكن هذا لا يعني أن المقاومة فقدت وجودها ومفهومها، وتجربتنا تظهر أنه كلما واجهت المقاومة مثل هذه الضربات فإنها تواصل مسيرتها بثبات أكبر من ذي قبل”.

وتابع يقول: “منذ أكثر من 80 عامًا يحاول الكيان الصهيوني تدمير القضية الفلسطينية من خلال قصف وقتل الشعب الفلسطيني والنساء والأطفال وتدمير المنازل، لكنه لم ينجح. وستواصل الجمهورية الإسلامية الإيرانية دعمها للمقاومة لأنها تقبل قضيتها وتؤمن بها”.

وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن الهدف المشترك هو الذي يربط بين فصائل المقاومة المختلفة في لبنان وفلسطين واليمن، ولا شيء غير ذلك، قائلًا: “الغرب يسعى للقول بأن فصائل المقاومة تعمل كقوى نيابة عن إيران، وهذا يدل على أنهم لا يعرفون إيران أو المقاومة، ربما يعرفونها جيدًا، لكنهم يحاولون إذلالها والتقليل من شأنها، لكنهم مخطئون”.

واسترسل: “مجموعات المقاومة مستقلة في مختلف القطاعات وتسعى لتحقيق أهدافها ومثلها العليا، وإيران تدعمها في طريق هذه المثل العليا. بالنسبة للجمهورية الإسلامية، لا يوجد فرق بين الطبيعة الشيعية والسنية لهذه الجماعات وقربها من أسس الجمهورية الإسلامية، وطالما استمرت في أهدافها فإن إيران ستواصل دعمها لها”.

وعن رغبة الكيان الصهيوني في توسيع الحرب إلى المنطقة بأكملها، قال وزير الخارجية: “لقد أجرت إيران مشاورات واسعة النطاق مع دول المنطقة خلال الأشهر الماضية، وأعتقد أن هذا الفهم الصحيح موجود بين دول المنطقة للوقوف في وجه عدوانية إسرائيل، وآمل أن يستمر”.

ولم تخل تصريحات الوزير العراقي من إشارات إلى التطورات المتعلقة ببلاده التي تقع تحت ضغط أمريكي كبير للتخلي عن برنامجها النووي. وذكر، في هذا السياق، أنه لن تكون هناك مفاوضات مباشرة مع أمريكا ما دامت توجد ضغوط، مبرزًا أن “أمريكا قبلت المفاوضات غير المباشرة”.

وأبرز عراقجي، وفق ما نقلته عنه وكالة الأنباء الإيرانية، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تريد الحرب، لكنها تعرف كيف تدافع عن نفسها جيدًا إذا لزم الأمر. وأضاف: “على الأقل فإن الأمريكيين يعرفون جيدًا إلى أي مدى يمكن للقوة الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تتوسع”.

وأردف: “في الأسابيع الأخيرة، مارست الحكومة الأمريكية ضغوطًا على البرنامج النووي السلمي الإيراني للتفاوض. إن اتهام إيران بالسعي للحصول على الأسلحة النووية هو اتهام لا أساس له من الصحة. ونحن على ثقة بأن برنامجنا النووي سلمي ومستعدون لمعالجة أي مخاوف وقلق في هذا الصدد من خلال الدبلوماسية”.

ويرى وزير الخارجية الإيراني أن المفاوضات يجب أن تتم من موقع متكافئ وعادل ومشرف، وليس تحت الضغوط القصوى والتهديدات العسكرية، مضيفًا: “ما دام هناك أقصى قدر من الضغط والتهديد، فلن تكون هناك ظروف لمفاوضات عادلة، ولن نجري مفاوضات مباشرة. لكن الطريق إلى الدبلوماسية لم تُغلق بعد، وقد أعلنا أننا قادرون على التفاوض بشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة”.

وشدد عراقجي على أن الولايات المتحدة قبلت أخيرًا بالمفاوضات غير المباشرة، وأن هذه المفاوضات ستبدأ الأسبوع المقبل، مضيفًا: “نشك في نوايا أمريكا، ولسنا متأكدين من أن لديهم الإرادة للتفاوض بشكل عادل وجدي، ولكننا سنحاول. إذا كانت رغبتهم هي منع إيران من التحرك نحو الحصول على الأسلحة النووية، فيمكن أخذ هذه الرغبة بعين الاعتبار، ولكن إذا كانت لديهم أهداف أخرى، فقد لا يحققون هدفهم”.

وبدقة أكبر، أجاب ردًا على سؤال حول محاور هذا الحوار غير المباشر بين طهران وواشنطن، قائلًا: “الملف النووي هو المحور الوحيد لهذا الحوار، بهدف توضيح طبيعة البرنامج النووي السلمية وتقديم الضمانات اللازمة مقابل رفع العقوبات الجائرة”.