إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس ذي ماركر 26/12/2024

هكذا تؤثر القرارات الجديدة على الاسرائيليين

بقلم: ناتي توكر

سلسلة القرارات التي ستفرضها الحكومة الحالية في ميزانية 2025، مع خطوات تمت المصادقة عليها في السابق، ستدخل عشرات آلاف الأشخاص الى الحساب المكشوف في كل شهر. هذا ما يتضح من الحسابات التي أجرتها “ذي ماركر”. في هذا التحليل يتبين أن العشرية الخامسة والسادسة في إسرائيل، التي حتى الآن نجحت في ادخال الأموال اكثر من النفقات، ستنتقل في 2025 الى منطقة العجز في اعقاب قرارات وزارة المالية. 

الإسرائيليون في العشرية الدنيا، الذين الآن مداخيلهم اكبر من نفقاتهم، سيتدهورون الى عجز شهري اكثر عمقا. التحليل يرتكز الى حاسبة القرارات في موقع “ذي ماركر”، الذي يمكن كل مستخدم من فحص الاضرار الاقتصادية له نتيجة قرارات 2025. هذه الحاسبة تستخدم البيانات الشخصية لكل مستخدم من اجل اظهار الضرر الاقتصادي من سلسلة الخطوات التي تمت المصادقة عليها أو التي يمكن المصادقة عليها في ميزانية 2025، وأيضا ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والارنونا.

هكذا فان رفع ضريبة القيمة المضافة الى 18 في المئة سيضر بشكل عرضي كل مواطني إسرائيل، الذين سيضطرون للدفع اكثر. ولكن الأكثر استهلاكا سيتضررون بشكل اكبر. تجميد معدل ضريبة الدخل ونقاط الاستحقاق الضريبية سيضر بالعاملين الذين يكسبون أكثر. في هذه الحالة الضرر لن يتم الشعور به في قسيمة الراتب، حيث أن حجم الدفعات الضريبية سيبقى على حاله، لكن بمفهوم واقعي الضرر سيؤدي الى تآكل الراتب وعدم القدرة على الحفاظ على نفس مستوى المعيشة.

قرارات أخرى مثل رفع رسوم التامين الوطني ومصادرة يوم من التعافي في الاقتصاد، التي ستضر بشكل متساو تقريبا جميع العاملين بدون صلة بمستوى دخلهم.

النتائج من الحاسبة يتم عرضها هنا وفقا للنماذج الأولية المنزلية. هذه النتائج تمت مقارنتها باستطلاع المكتب المركزي للاحصاء حول مداخيل ونفقات العائلات (على أساس بيانات 2021، بعد تكييفها مع العام 2024 طبقا لتغير متوسط الاجر ومؤشر أسعار المستهلك)، الذي يعرض أيضا الفجوة بين متوسط مداخيل  العشريات المختلفة وبين نفقاتها. 

نحن حاولنا معرفة كيف ستؤثر القرارات الصعبة على الميزان المالي الشهري لمواطني إسرائيل.

1- زوجان من بيتح تكفا، لديهما ثلاثة أولاد في اعمار 8، 11 و14 سنة. الزوجان يعملان بوظيفة كاملة. دخل الرجل في الشهر 14 ألف شيكل، ودخل الزوجة التي تعمل في القطاع العام 8 آلاف شيكل في الشهر. هذا الدخل إضافة الى الدخل من الدولة (مخصصات الأولاد) يضعهم في العشرية السادسة في إسرائيل من ناحية الدخل الخام.

الضرر الشهري على هذه العائلة سيبلغ 770 شيكل في الشهر. البند الاثقل هو رفع رسوم التامين الوطني وضريبة الصحة الذي سيجبرهم على دفع 190 شيكل إضافي كل شهر. هم سيتضررون أيضا من تجميد الأجور في القطاع العام الذي سيكلف 140 شيكل في الشهر، ومن تجميد قيمة نقاط الاستحقاق بمبلغ 70 شيكل في الشهر، وتجميد معدل الضريبة بمبلغ 30 شيكل في الشهر.

الزوجان والأولاد يتنقلون على الاغلب في المواصلات العامة، التي سترتفع بعشرات النسب المئوية وتزيد النفقات بعشرات الشواقل في الشهر. هما سيضطران الى دفع ضريبة قيمة مضافة اكثر على الاستهلاك، وأيضا نقل للدولة أيام صحية، التي بتقسيمها ستصل الى 80 شيكل في الشهر. حتى الآن الفجوة بين النفقات والمداخيل للزوجين كانت إيجابية. فقد نجحا في توفير في الشهر 761 شيكل. ولكن هما أيضا، رغم أنهما في العشرية السادسة، سيكتشفان في 2025 أنهما انتقلا الى عجز يبلغ 10 شيكل في الشهر، بالأساس، الآن هما لن ينجحا في التوفير.

البديل المتاح لديهم للعجز هو بالطبع الهبوط في مستوى المعيشة، شراء واستهلاك أقل. هذا بالطبع احتمالية، لكن هبوط مستوى المعيشة لعدد كبير من المواطنين يمكن أن يمس في نهاية المطاف بصورة عرضية بكل الاقتصاد. والضرر المتراكم يمكن أن يكون مؤلم اكثر للعائلات التي تعيش في حالة البطالة والاجر المنخفض.

2 – زوجان شابان من سدروت وبنت عمرها سنتين. هؤلاء سيعانون من تأثير أشد بسبب هذه القرارات لأنها ستفاقم العجز في حسابهم البنكي. ولكن رب العائلة يعمل براتب شهري يبلغ 11 ألف شيكل. في حين أن الأم لا تعمل. هذان الزوجان ينتميان للعشرية الرابعة. هما ليس لديهما سيارة ويسافران في الموصلات العامة. أيضا الآن يجدان صعوبة كبيرة في التصرف من ناحية اقتصادية. استطلاع النفقات والمداخيل للبيوت يكشف أن العشرية الرابعة اضطرت الى مواجهة كل شهر فجوة تبلغ 1800 شيكل، بين الدخل الشامل والنفقات.

سلسلة القرارات وارتفاع الأسعار في 2025 ستفاقم وضع الزوجين الشابين من سدروت. الفجوة بين دخلهم ونفقاتهم سترتفع اكثر من 300 شيكل في الشهر. وهما سيضطران اكثر فاكثر الى الاعتماد على القروض والسحب الزائد من البنك. 

3- زوجان من تل ابيب بدون أولاد. العشرية العليا أيضا ستتضرر بشكل كبير نتيجة القرارات – هذه الضربة يمكن أن تؤثر على كل الاقتصاد. مثلا، زوجان من تل ابيب بدون أولاد، واحد منهما دخله الشهري 22 ألف شيكل والآخر يعمل في القطاع العام بوظيفة عالية نسبيا ويحصل على 18 ألف شيكل في الشهر

في كانون الثاني. 

الزوجان من تل ابيب حصلا حتى الآن على دخل بفائض 14 ألف شيكل في الشهر بعد النفقات. الآن بعد القرارات فان الضرر بالنسبة لدخلهم سيكون متدن نسبيا مقارنة مع الأمثلة الأخرى التي ذكرت. ولكن من ناحية القيمة المطلقة سيكون اعلى وسيبلغ حوالي 1340 شيكل في الشهر، وخلال السنة سيبلغ اكثر من 16 ألف شيكل.

معنى هذا الهبوط في الدخل هو انخفاض مستوى المعيشة والتوفير الشهري. هذان الزوجان في الواقع سيستمران في الاستمتاع بزيادة حسابهم الجاري، لكن الانخفاض الشهري في المداخيل يمكن أن يؤثر على مجمل الاستهلاك والتوفير، ويؤدي الى ضرر على نطاق واسع. 

——————————————-

هآرتس 26/12/2024

أيها الجنود، هيا الى رحلة استجمام في جباليا

بقلم: جدعون ليفي

فيما يلي الانباء المفرحة من ساحات القتل: الجيش الإسرائيلي قام بانشاء قرية استجمام على شاطيء البحر في غزة، الشاويش يارون رابينوفيتش تناول هناك في هذا الأسبوع التشوريسوس والستيك، في الغرفة المجاورة قام احد الاخصائيين في العلاج الطبيعي بتدليك جسد أحد المقاتلين، القرية غارقة بالمسطحات الخضراء، هناك دمى للضرب موجودة في كل زاوية، أحد الجنود يستمتع بشرب الكابتشينو، آخر يحمل علبة “اكس ال” ومكعبات ثلج.

وجبات فطور ممتعة “مثلما في الفنادق”، وفي المساء يوجد شواء. “أنا لم اعتقد في أي يوم بأنه سيكون مكان كهذا هنا”، قال بسخرية الشاويش دانييل. توجد قاعة للتسلية، فطائر بلجيكية، توجد ماكنات لصنع الفوشار وشعر البنات، يوجد حلاق وبدي كير من اجل اقدام المقاتلين. 

في صفحتين نشرت هذا الوصف الصحيفة الناطقة بلسان الجيش الإسرائيلي “يديعوت احرونوت”، الذي يثير في بعض الأحيان الاشتياق الكبير للصحافة الموضوعية والمهنية التي توجد لـ “بمحنيه”. للوهلة الأولى يظهر أن هذه انباء مفرحة. الجنود يستحقون الانتعاش، سواء المساج أو البدي كير. مع ذلك، هناك شيء ليس له طعم في هذا الاستجمام. مقيت، مثير للغضب وحتى مثير للذكريات الصعبة، بالأساس بسبب المكان.  

السلاح اللوجستي اقام قرية استجمام قرب جهنم، في وسط جهنم، في “منطقة الاهتمام”، وهو الفيلم الصادم الذي حصل على جوائز كثيرة لجونثان غلايزر، شاهدنا كيف ادارت عائلة المانية حياة الاستمتاع والاستجمام وحياتها الروتينية في بيتها الذي كان قرب معسكر اوشفيتس. 

الكلاب ميد الجديد للجيش الإسرائيلي ليس قرب معسكر إبادة، لا توجد معسكرات إبادة جماعية في غزة، مع ذلك فان المقارنة تطل برأسها. الجنود يستريحون من مهمة التدمير والقتل التي تجمد الدماء في الشرايين ويشربون الاكسل الذي يوزعه الجيش عليهم. خلف الجدار توجد جهنم التي صنعوها بأيديهم. على بعد بضعة امتار يوجد اشخاص يموتون من الجوع والبرد، وهنا في قرية الاستجمام يوجد شعر البنات. 

“جباليا أصبحت مدينة اشباح. في الخارج تظهر قطعان الكلاب الضالة التي تبحث عن بقايا الطعام”، هكذا وصف المحلل العسكري في “هآرتس” عاموس هرئيل عندما عاد من هناك. من نوافذ قرية الاستجمام التي أقامها الجيش يمكن رؤية في يوم صاف قطعان الكلاب الجائعة، وربما أن المسطحات الخضراء تخفيها عن عيون الجنود، ولكن ما يخفيها بالتأكيد ويخفي الدمار المطلق حولهم هو العمى وقسوة القلب. 

قرية الاستجمام، في المكان الذي فيه الموت والخراب يصرخ من تحت الأرض، علبة “الاكس ال” غير بعيد عن المكان الذي يوجد فيه أطفال يحاربون الآن على زجاجة ماء يمكن شربها. الفطائر والستيك على بعد مسافة صفر عن المكان الذي يوجد فيه اشخاص جائعون لا يجدون قطعة خبز. بدي كير لاقدام الجنود الناعمة، غير بعيد عن المكان الذي فيه اشخاص يموتون ببطء، بعد أن قام جنود البدي كير بتدمير المستشفيات في غزة. حفلة شواء قرب المكان الذي يوجد فيه الملايين الذين يتجمدون في الليل في الخيام المكشوفة والممزقة وهم يرتدون الملابس الرثة.

100 ألف شخص كانوا يعيشون في هذا المكان المكتظ جباليا، تقريبا جميعهم تم طردهم بالقوة من قبل الجيش الى مكان مجهول. قتل منهم 2000 شخص. هل يوجد مكان مناسب اكثر من اجل إقامة قرية الاستجمام؟ حتى أن معظم كتاب المسرح سخرية ومرض لم يفكروا بمثل هذا السيناريو.

إقامة قرية الاستجمام هذه تندمج بشكل جيد مع مشروع الاخلاء – بناء المخيف، الذي قام في شمال القطاع، مع طمس الحقائق وذر الرماد في العيون. الجيش الإسرائيلي يبني من اجل البقاء هناك الى الأبد: الشوارع، البنى التحتية والآن قرية استجمام. الجنود، الذين يستجمون فيها الآن هم ابطال إسرائيل الذين يستحقون كل شيء، لكن كيف يمكن نسيان أنهم هم الذين نفذوا السياسة الوحشية بدون أن يرف لهم جفن وبدون تردد أو تشكك.

أن تخرب بالكامل مخيم لاجئين يعيش فيه بشكل مكتظ احفاد الكارثة الفلسطينية السابقة، التي هي من صنع يد إسرائيل ولا تفكر بمعنى ذلك، أن ترفع علبة الاكس ال في قلب كل ذلك وأن تستمتع بالمساج، وأن تلعق شعر البنات اللزج والناعم، أن تسترخي على وسادة ولا تفكر في أي شيء – الأساس هو أن لا تشعر بأي شيء. 

——————————————-

يديعوت احرونوت 26/12/2024

من يخاف الدولة الفلسطينية

بقلم: د. افرايم سنيه

عندما يُسأل أحزاب الوسط – اليسار كيف برأيهم سيتدبر الشعبان أمرهما في النهاية للعيش في بلاد إسرائيل، وهم المتساويان في عددهما، يخشون من تلفظ كلمتي “حل الدولتين”. رجال العلاقات العامة والاستطلاعات يشرحون لهم بانه بعد 7 أكتوبر الشعب يخاف من دولة فلسطينية، ولا يهم بأي شروط. بقدر غير قليل فان هذا هو نجاح نتنياهو في شيطنة السلطة الفلسطينية، واساسا كي يبرر لماذا ساعد على مدى سنوات حكمه في بناء القوة الاجرامية لحماس، عدو السلطة. في احاديث مغلقة يقول قادة الأحزاب إياهم انه لا يوجد سبيل للعيش هنا في بلاد إسرائيل دون السماح لخمسة ملايين ونصف فلسطيني بالعيش في دولة خاصة بهم على نحو خُمس مساحة بلاد إسرائيل، تبعا لشروط امنية. 

لكن لعله مطلوب حتى قبل ما هو متوقع قرار كيف نريد أن نعيش هنا، بأمان. وعليه فمن المهم استيضاح وقائع الحقيقة. 

الأهم من كل شيء هو أن إسرائيل هي الدولة الأقوى بين بحر قزوين والمحيط الأطلسي. وقد ثبت هذا في السنة الأخيرة. فاي تهديد يمكن لدولة فلسطينية أن تشكله على إسرائيل القوية كهذه؟ يوجد وضعان كهذا. الأول اذا ما انتشر في أراضيها جيش معاد لإسرائيل، والثاني اذا ما سيطرت على الدولة ذاتها منظمة إرهاب ترفض وجود إسرائيل. الوضع الأول يمكن منعه من خلال القول ان الدولة الفلسطينية ستكون مجردة من السلاح وان جيشا اجنبيا لم ينتشر فيها. هذا شرط أساس للاتفاق وإسرائيل يمكنها أن تفرضه. 

اكثر تعقيدا هو منع الوضع الثاني. لقد سبق ان كنا في هذا الفيلم، لكارثتنا. كنا هناك لان حكومة إسرائيل ارتكبت كل الأخطاء الممكنة، وانطلاقا من النية في أن تحكم حماس في غزة. الخوف من أن ما حصل في غلاف غزة سيقع في كفار سابا وفي غلبوع ليس بلا أساس. باستثناء أنه ليس قدرا وإسرائيل يمكنها أن تمنعه تماما دون أن تفقد طابعها اليهودي ودون أن تحكم بالقوة خمسة ونصف مليون فلسطيني. 

40 سنة منذ أن عينني اسحق رابين كرئيس الإدارة المدنية في يهودا والسامرة وأنا انشغل في مسألة كيف تكون الضمانة لان تحكم المناطق المأهولة بالفلسطينيين قيادة تريد أن تعيش الى جانبنا بسلام.  أجريت محادثات عميقة، مفاوضات، تقريبا مع كل زعيم فلسطيني في المناطق. كل ما اكتبه يقوم على أساس معرفة عميقة لهم. ليس فيهم محبو صهيون. لكنهم كلهم، بمن فيهم الذين يتطلعون لان يحلون محل أبو مازن ملتزمون بسياسته التي ترفض الإرهاب وتؤمن بان الدولة الفلسطينية ستقوم الى جانب إسرائيل وستعيش معها بسلام. يوجد عاملان موضوعيان يؤكدان هذا الالتزام.

الأول، هو الخصومة العميقة مع حماس. ليس صدفة أن فشلت كل محاولات المصالح بين فتح ومنظمة الإرهاب. حماس، جذورها في حركة الاخوان المسلمين وهي لا توافق على أي شراكة في الحكم. حلمها ليس دولة وطنية فلسطينية بل خلافة إسلامية في المنطق لها، تعيش حسب الشريعة الإسلامية. حلمها هو دولة دينية. الحركة الفلسطينية العلمانية التي فتح هي ابرز منظماتها، معنية بدولة وطنية علمانية وحديثة. لا يوجد حل وسط بين الاحلام ولا يوجد حل وسط على الحكم. وبالتالي لا مصالحة سياسية بين المنظمتين بل في أقصى الأحوال توافقات تكتيكية قصيرة المدى. للقيادة الوطنية العلمانية الفلسطينية ولاسرائيل يوجد عدو مرير مشترك – حماس. وعليه فقد نجح التنسيق الأمني وصمد رغم كل الخصومة الإسرائيلية – الفلسطينية. هدف حماس هو السيطرة على الضفة الغربية، التخلص من رجال السلطة الفلسطينية، والشروع في حملة إرهاب ضد أراضي دولة إسرائيل، على نمط 7 أكتوبر. في هذه الأيام تدور معارك حقيقية بين منظمات الإرهاب وبين السلطة التي تحاول تصفيتهم. يجدر الإشارة بأسى الى أن الأموال التي نقلت لحماس بمباركة الحكومة استخدمت أيضا لبناء بنية تحتية للارهاب في الضفة. 

العامل الثاني الذي يؤكد التعايش والتنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل هو العامل الاقتصادي. الناتج للفرد في الضفة يبلغ 3.000 دولار والناتج للفرد في إسرائيل هو نحو 52.000 دولار – 17 ضعف. لا يوجد أي احتمال لوجود مجتمع فلسطيني حديث ومزدهر بدون تعاون اقتصادي وثيق مع إسرائيل. لا يمكن لاي دولة عربية ان تعرض على الدولة الفلسطينية الفرص الاقتصادية التي يستطيع الاقتصاد الإسرائيلي المجاور ان يعرضها. كل القيادة الفلسطينية تعرف هذا. اذا كانوا يريدون دولة مزدهرة فعليهم أن يعيشوا بسلام مع إسرائيل. نظرا للصلة الأمنية والاقتصادية يمكن أن نفهم لماذا اذا كنا حكماء، وليس فقط أقوياء لا ينبغي لنا أن نخاف من دولة فلسطينية الى جانبنا.

——————————————-

هآرتس 26/12/2024

لماذا نحتاج الى لجنة تحقيق؟ نحن لم نر ولم نسمع هذه الحجة المثالية

بقلم: يوسي كلاين

لا توجد حاجة الى لجنة تحقيق رسمية كي نعرف من هو المسؤول عن كارثة 7 أكتوبر. فالمسؤول هو من يقف على رأس الدولة، وهو أيضا الذي اتهامه لا يشوبه أي شك، لأنه مندمج في دوره. استنتاجات اللجنة غير قانونية، بل هي جماهيرية، والحكومة غير ملزمة بتنفيذها. واذا كان الامر هكذا فلماذا نحتاج أصلا الى لجنة تحقيق؟.

بسبب الاحتفال، لجنة التحقيق هي احتفال تطهري، واحتفال من اجل إزالة التهمة عن الجمهور ونقلها الى اشخاص في داخله. لجنة التحقيق ستزيل المسؤولية عنه وتعيدنا، على الأقل في نظر انفسنا، الى معايير الدولة السليمة. مع اللجنة سنشعر بشكل أفضل رغم أننا نحن أيضا ساهمنا في الفشل. فقد عرفنا من الذين يجب علينا التعامل معهم والى أين يقودوننا، ومع ذلك قمنا بانتخابهم. بعد ذلك تعبنا، غطينا انفسنا باللامبالاة وتركناهم يخططون للفشل بهدوء، تعاملنا مع غزة بنفس عدم الاهتمام الذي نتعامل فيه مع المناطق، الانقلاب النظامي والمخطوفين. 

نحن لم نولد بالأمس. توجد من وراءنا لجان تحقيق كثيرة. فما الذي نتج عنها؟ لا شيء. صلاحياتها محدودة وتأثيرها قليل. المسؤولون عن الفشل الذين رمتهم من الباب عادوا من النافذة. اريئيل شارون رمته لجنة من وزارة الدفاع ولكن عاد كرئيس للحكومة. وعن نتنياهو قالت لجنة بأنه “يعرض أمن الدولة للخطر”، وأنه المسؤول عن موت 45 مواطن في ميرون. هذا جيد، هل حدث أي شيء؟.

نحن لسنا بحاجة الى لجنة للعثور على المسؤولين، بل من اجل حل لغز النهج.

يجب القيام بعملية معاكسة للاجراء القانوني، أي التحقيق في الدوافع بعد أن تم إيجاد المذنبين. حقائب الأموال وصلت الى حماس – ما هو الدافع؟ احداث قاسية تحدث في غزة – لماذا لا يتم النشر عنها؟ ما الذي يخفونه؟ ومن ماذا يخافون؟.

هناك من لا يريدون أن يعرفوا لأن الحقيقة تخيفهم. وهناك من هم مستعدون للتضحية بأنفسهم شريطة أن لا يعرفوا الحقائق. هم يحافظون على الحق في عدم المعرفة. ويحذرون من أن لا نحلم حتى في كشفها. كيف تعرف أي معلومة جنائية تختفي في مجموعاتهم في الواتس اب.

في البداية هذا يكون مفاجيء. هل هناك من لا يريد معرفة الحقيقة؟.

لكن عند التفكير من جديد ربما هذا مريح. الحقيقة يمكن أن تكون مؤلمة. من المؤلم قراءة جدعون ليفي وينيف كوفوفيتش. من المؤلم رؤية جثث الأطفال في غزة. الألم يصعب على روتين الحياة ويزعج الضمير. في التلفزيون عرفوا ذلك. الألم قاموا بمنعه هناك. لأننا لا نريد وبحق معرفة ما يفعله أولادنا في غزة. 

في نهاية المطاف نحن لم نكن لنخرج الى الشوارع حتى لو أننا كنا نعرف. أيام مظاهرات صبرا وشاتيلا انقضت، لكن مشاهدة الاعمال الفظيعة كانت ستحولنا من شهود مستمعين لامبالين الى شهود عيان، من شركاء في الجريمة الى من سيستيقظون ذات يوم من الاحلام والتحول الى حشرة كبيرة، التي التدمير المميت والخراب يصنع لها يومها، ويفرحها (هؤلاء هم الأشخاص اللطفاء من بين المعلقين). نحن لم نر ولم نعرف، هذه هذه الحجة المثالية.

أيضا بالنسبة لنتنياهو. حسب رأيه واجب المعرفة ملقى على عاتق الخاضعين له وليس علينا. هو لم يعرف ما حدث في ميرون، لم يبلغوه عن الغواصات، لم يحذروه في غزة. ماذا تريدون منه؟ اسألوا سارة. يتبين أن هذا الشخص هو مجرد مركبة فضاء منفصلة، تحلق وحدها في الكون. هكذا هو يريد أن يكون: ليس لديه أي علم وأيضا خال من المسؤولية. ليس فقط أنه يوقع على وثائق بدون قراءتها، بل هو أيضا يسارع الى اتلافها. هو يريد معرفة القدر الأدنى. لن تجدوه متلبس وهو يقول: أنا أعطيت تعليمات وأمرت بأن ينقلوا لي كل مادة مهمة.

هو يفضل التمترس وراء الـ “لم يقولوا لي، لم يكتبوا لي”. بعد كل الأكاذيب والمبررات ما زال (حسب الاستطلاعات) هناك مئات الآلاف الذين ينتخبونه لأنه لدينا الفشل ليس عائق امام رئاسة الحكومة، والفساد هو حتى يرفع ذلك.

لا توجد حاجة للجنة تحقيق كي تشير الى الإخفاقات. نحن نعرفها جيدا، لقد شهدناها على جلودنا. الإخفاقات لا تزعج الجمهور في أن يصدق بأن نتنياهو جدير بقيادتنا. لذلك، يجدر به الذهاب مباشرة الى الانتخابات وطرح نفسه كضحية أخرى من بين الـ 821 ضحية التي سقطت.

تعزينا فائدة واحدة توجد في النقاش حول لجنة التحقيق. طالما أن هذا النقاش يجري فاننا حتى الآن لم يمسك أي واحد منا بعنق الآخر.

——————————————-

هآرتس 26/12/2024

حماس تُدحر جانبا، وبغياب بديل عصابات الجريمة المنظمة تجمع قوة ونفوذ

نقلا عن نيويورك تايمز: حازم اسلام، سائق شاحنة فلسطيني، هو من بين سائقي شاحنات المساعدات التي تمت مهاجمتها في الشهر الماضي من قبل سارقين مسلحين. حسب قوله فان احد السارقين قام باقتحام مقصورة السائق واجبره على السفر الى حقل قريب، وأن ينزل من الشاحنة أكياس الطحين التي تزن آلاف الكيلوغرامات. “هذا كان مخيف”، يتذكر اسلام (47 سنة) في مكالمة هاتفية من القطاع، ووصف كيف قام أعضاء العصابة باحتجازه مدة 13 ساعة الى أن انهوا سرقة معظم حمولة الشاحنة. “لكن الجزء الأسوأ هو أننا لم ننجح في توفير المواد الغذائية للسكان الجائعين في غزة”، قال.

وحسب اقوال الموظفين في المنظمات الإنسانية فان الهجوم الذي سرقت فيه تقريبا 100 شاحنة مساعدات للأمم المتحدة كان صعب بشكل خاص. ففي اعقابه، بسبب ازدياد اعمال سرقة شاحنات المساعدات، اعلن في بداية هذا الشهر فيليب لازاريني، رئيس وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة “الاونروا”، بأن الوكالة ستتوقف عن ارسال المساعدات الى قطاع غزة في معبر كرم أبو سالم.

بعد سنة وشهرين على بداية الحرب بعد هجوم 7 أكتوبر فان الازمة الإنسانية في القطاع آخذة في التفاقم. جورجيوس باتروبولس، شخصية كبيرة في منظمة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والذي يعيش في رفح، قال إنه بالمقارنة مع بداية العام 2024، حيث جرت في حينه محاولات سرقة بمستوى قليل، في أحيان كثيرة كان ذلك من قبل الغزيين الجائعين، فانه الآن منظمات الإغاثة تواجه السرقة الممنهجة على يد عصابات جريمة منظمة. وحسب قوله فان الجيش الإسرائيلي لا يتدخل ولا يحاول منع عمليات السرقة في المناطق التي يسيطر عليها.

صورة الوضع التي تمثل سيطرة العصابات المسلحة على القطاع تستند الى عشرين مصدر، في إسرائيل وفي القطاع وفي الأمم المتحدة. موظفو منظمات الإغاثة، سكان في غزة ورجال اعمال فلسطينيين تحدثوا مع “نيويورك تايمز”، والصحيفة ايضا قامت أيضا بفحص مذكرات داخلية للأمم المتحدة حول هذه الظاهرة. 

منذ دخول الجيش الإسرائيلي الى رفح في شهر أيار الماضي، الذي استهدف تدمير احد المعاقل الأخيرة لحماس تفاقمت اكثر ظروف العيش في المنطقة. هذا إضافة الى أن إسرائيل لا تسمح بدخول شاحنات المساعدات من شمال القطاع الى الجنوب.

النقص الكبير في الغذاء وغياب سلطة حاكمة والانفجارات التي جبت حياة عشرات آلاف الفلسطينيين – خلقت فراغ فوضوي، والعصابات تزدهر فيه. حسب اقوال السكان وموظفي منظمات الإغاثة فان العصابات تقوم بسرقة الطحين والوقود وسلع أخرى، توفرها المنظمات لسكان غزة، وتبيعها بأسعار خيالية. في جنوب القطاع ارتفع سعر كيس الطحين، 25 كغم، الى 800 شيكل، في حين أنه في شمال القطاع حيث هناك التشويش في المساعدات يشعر به بشكل اقل فان سعر كيس الطحين 40 شيكل.

أيضا في وسط القطاع توجد صعوبة في الوصول الى الغذاء الأساسي. في الشهر الماضي ماتت ثلاث نساء في اعمال الفوضى التي اندلعت قرب فرن في دير البلح، الذي كان يبيع الخبز بسعر مدعوم. بسبب تزايد اعمال العنف تم اغلاق حتى الآن جميع المخابز المدعومة من الأمم المتحدة في وسط القطاع وجنوبه. “الآن الطموح الأعلى للغزي العادي هو ببساطة الحصول على قطعة خبز”، قال عبد الحليم عواد، وهو صاحب مخبز في دير البلح. “لا يوجد شيء محزن أكثر م.

أصحاب شركات نقل في غزة وسائقي شاحنات وموظفين في منظمات الإغاثة قالوا إن عصابات كثيرة شاركت في سرقة قافلة المساعدات في الشهر الماضي. ولكن مصادر مطلعة على تنظيم الارساليات قالت إن من يقف من وراء سرقة الشاحنات هو شخص اسمه ياسر أبو شباب (35 سنة). وحسب قول هذه المصادر فان عصابته تسيطر على شرق رفح. ومن اجل تأكيد هذه الاقوال قال اسلام إن السارقين الذين قاموا باحتجازه اثناء عملية السطو على الشاحنة عرفوا انفسهم بأنهم تابعين لأبو شباب.

عوض عبيد، احد سكان رفح، قال للصحيفة بأنه حاول شراء الغذاء من رجال أبو شباب. “طلبت من واحد منهم كيس طحين لاطعام اولادي، لكنه رفع المسدس امامي”، قال. وحسب قوله هو لاحظ مسلحين يحرسون المخازن التي توجد فيها صناديق البضائع التي توجد عليها إشارة الأمم المتحدة.

أبو شباب نفى الادعاء بأنه هو المسؤول عن سرقة الشاحنات، لكنه اعترف بأن رجاله نهبوا ست شاحنات منذ بداية الحرب. وحسب قوله فان السرقة استهدفت توفير الغذاء لعائلته وجيرانه. وقال “كل شخص جائع يحصل على المساعدات”. واتهم حماس بالمسؤولية عن سرقة المساعدات. في حماس قاموا بنفي هذا الادعاء.

الهجمات على المساعدات وقطعها، الى جانب أسعار المواد الغذائية المرتفعة جدا، تقوض سلطة حماس في المناطق التي ما زالت تنشط فيها، لكن قواتها تحاول محاربة العصابات. في 25 تشرين الثاني الماضي اقتحم رجال حماس الحي الذي يعيش فيه أبو شباب وقتلوا اكثر من 20 شخص. وحسب اقوال أبو شباب فان شقيقه أيضا قتل في هذا الهجوم. في وسائل اعلام حماس الرسمية نشر أن رجالها قتلوا عشرين شخص من “عصابات السارقين الذين نهبوا المساعدات”. 

الجريمة المزدهرة في المناطق التي توجد كما يبدو تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، تجر أيضا الادعاءات تجاه سلوك الجيش. سائقو شاحنات وموظفو إغاثة قالوا إنه طوال الوقت الجيش يغض النظر. “الجيش الإسرائيلي يظهر التسامح باستمرار تجاه السرقة بدرجة لا يمكن تصورها، في المناطق التي يبدو أنه يسيطر عليها بالفعل”، قال باتروبولس.

——————————————-

اسرائيل اليوم 26/12/2024

الوضع الاقتصادي المتفاقم لدى الفلسطينيين قد يؤدي الى تصعيد

بقلم: داني زاكن

لماذا حقا لم يعيدوا العمال الفلسطينيين من الضفة للعمل في إسرائيل رغم التداعيات الاقتصادية ثقيلة الوزن؟ بالنسبة لحاييم بيباس رئيس بلدية موديعين ورئيس مركز الحكم المحلي، يوجد جواب – الاعتبارات السياسية للحكومة، او للدقة أجزاء منها، تمنع ذلك.

يتهم بيباس في ذلك رئيس الصهيونية الدينية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش. كيف يستوي انه خلف الخط الأخضر في مستوطنات الضفة أقروا إعادة العمال، وممثلهم في الحكومة لا يقول شيئا، لكنه يمنع بجسده عودة العمال الى داخل الخط الأخضر؟ “هناك لا يوجد خوف امني؟ ربما يريدون ان يبنوا اكثر في المستوطنات وليس داخل الخط الأخضر”، يتساءل بيباس وربما حتى يقرر. 

فور نشوب الحرب وعدت الحكومة بجلب 150 الف عامل اجنبي، لكن هذا لم يحصل. حسب معطيات مركز الحكم المحلي والمقاولين يوجد ابطاء 50 في المئة في مستويات البناء وفي تسليم المباني العامة مع التشديد على مؤسسات التعليم. “في هذه اللحظة كلهم نائمون – وزارة المالية، الإسكان، التعليم. قبل أيلول بقليل سيستيقظون، والنتيجة – عشرات الاف الأولاد سيتعلمون في السنة القادمة في الكرافانات”، يحذر بيباس. على حد قوله، السلطات المحلية يصعب عليها تمويل كلفة البناء التي ازدادت بنحو 40 في المئة، ضمن أمور أخرى لان كلفة العامل الأجنبي تصل الى ضعف كلفة العامل الفلسطيني. إضافة الى ذلك، فان الدولة تخسر عشرات مليارات الشواكل من مداخيل الضرائب وتسويق الأراضي للبناء بسبب الجمود في الفرع.

وماذا بشأن الامن أو إحساس الامن بعد 7 أكتوبر؟ بيباس يعرض خطة مفصلة لجلب عمال فلسطينيين مع تصريح عمل – ممن فحصهم الشباك. في الخطة يشير الى تسفيرات مركزة الى مواقع بناء محددة، دوريات امن تراقب ومسؤولية زائدة من المقاولين على العمال. ويذكر بحثا اظهر انه على مدى 20 سنة عدد العمليات التي نفذها عمال مع تصاريح عمل كان هامشيا. في جهاز الامن يعطون لبيباس ولخطته اسنادا مع التشديد على الاشراف والرقابة المتشددين على الداخلين، المتابعة لارباب العمل واغلاق دائرة على عودتهم الى المنطقة. إضافة الى ذلك، الرقابة على ارباب العمل الذين يبيتون ويسفرون. وهم يقترحون تغييرا للمعايير لاجل تقليص الاحتمال للانخراط في الإرهاب (العمر، المزايا العائلية وغيرها). 

ثمن مضاعف

كما اسلفنا، اصبح الاتهام يوجه أساسا الى وزير المالية سموتريتش الذي يرفض إعادة الفلسطينيين الى العمل في إسرائيل. على حد قوله يدور الحديث عن قوة خطيرة تذكر بالمفهوم المغلوط لدى محافل الامن التي كانت مع ادخال عمال فلسطينيين من قطاع غزة وإعطاء تسهيلات اقتصادية. في بيان نشره أول امس جاء انه يعمل على تخفيض كلفة العاملين الأجانب كي يسرع الاعمال في فرغ البناء. “لم اعد مستعدا للتجاهل والعودة الى الدخول المكثف للفلسطينيين الى إسرائيل. هذا ليس صحيحا امنيا، قوميا واقتصاديا. آليات بناء جديدة يجب ان تدخل، لكن الإدمان على الرخيص والمعروف ليس حلا، وبالتأكيد حين يحوم التهديد الأمني”.  في محيطه يشددون- لن نعود الى مفهوم “الهدوء مقابل الهدوء”، طريقة “سيكون على ما يرام”. كما يقولون هناك ان سموتريتش عارض أيضا عودة العمال الى المستوطنات – لكن الصلاحيات هناك هي في يد قائد المنطقة الوسطى الذي اقر الخطوة.

في جهاز الامن يختلفون مع سموتريتش، ويشيرون الى أنه بسبب هذه السياسة تصاعدت ظاهرة دخول الماكثين غير القانونيين الى نحو 40 – 50 الف في اليوم. خط التماس فالت الان تماما. لكن “اذا اعدنا العمال ستكون لنا رقابة على الداخلين وعلى دخول الماكثين غير القانونيين، الذين لا توجد عليهم أي رقابة”، يقول مصدر أمني كبير. 

وحسب المصدر إياه، فان “ما لم ينجح في قطاع غزة ينجح حاليا على الأقل في الضفة. في القطاع فشلنا في الفهم بان المواجهة هي مع نظام إسلامي لحماس عمل كل الوقت على خطة الاجتياح وزعيم نجح في خداعنا وخداع جهات أخرى في المنطقة. في الضفة الوضع مختلف. نحن في المنطقة ونعرف كيف نحبط معظم العمليات”.

وكيف يرتبط هذا بالجانب الاقتصادي؟ “انتبه لما يحصل في الضفة منذ 7 أكتوبر. لقد أمل السنوار في أن تكون هذه واحدة من الجبهات التي تعمل ضد إسرائيل. لكن الجمهور الفلسطيني ليس هناك. من ينفذون العمليات هم مخربو الجهاد وحماس وكذا خلايا من متطرفي فتح، في طولكرم أساسا. اعمال اخلال بالنظام قليلة وعلى نطاقات ضيقة. لكننا نخشى من ان يؤدي الوضع الاقتصادي المتفاقم الى تصعيد”. على حد قوله، فانه بدون استقرار وامن اقتصادي يكون “اسهل” تحريض الناس على الانشغال بالإرهاب، لان المال والسلاح في هذه العوالم يمكن الوصول اليها بسهولة في مناطق الضفة. من هنا الخوف الحقيقي. 

البطالة تؤدي الى التصعيد؟ المعنى العملي لهذه السياسة هو انتاج السلطة الفلسطينية. حسب تقرير البنك الدولي فان هذا الإنتاج هبط في الضفة بأكثر من 23 في المئة في النصف الأول من العام 2024 (وفي القطاع بـ 86 في المئة). الاجر في القطاع العام في السلطة انخفض بما لا يقل عن 60 في المئة بسبب العجز الهائل، والسلطة اضطرت لان تقترض المال من الأسواق المالية كي تدفع الرواتب وتمول عملهم. 

ان وقف تشغيل قرابة 100 الف عامل في إسرائيل، معظمهم في فرع البناء بعد بدء الحرب هو سبب أساس للازمة. هؤلاء العمال ادخلوا قبل الحرب الى الاقتصاد الفلسطيني أجرا بمقدار نصف مليار شيكل في الشهر، مال حرك الاقتصاد وبعضه انتقل بالضرائب الى ميزانية السلطة. معدل البطالة المقدر الان في الضفة يقترب من 40 في المئة مقابل 17 في المئة في النصف الأول من العام 2023. 

الفلسطينيون ليسوا المتضررين الوحيدين من ذلك. فحسب تقرير بنك إسرائيل تضرر الاقتصاد الإسرائيلي بعشرات مليارات الشواكل بسبب غياب العمال الفلسطينيين والشلل في فرع البناء والبنى التحتية. وجاء في التقرير أن وقف عمل الفلسطينيين أدى الى “مس خطير على نحو خاص في فرع الزراعة وفرع البناء، حيث يشكل الفلسطينيون نحو ثلث اجمال العالمين واغلبية العاملين في “الاعمال الرطبة””. ولم يؤدِ عمل الحكومة للتغطية على النقص الى نتائج، ويقضي بنك إسرائيل بانه “… لا يوجد حل واسع النطاق للنقص في العمال في فرعي البناء والزراعة غير العمال الفلسطينيين. 

رغم المعارضة الشديدة من جانب سموتريتش والضرر الاقتصادي المتراكم من غير المتوقع للسياسة تجاه العمال الفلسطينيين أن تتغير قريبا. لكن في جهاز الا من يقدرون بان التغيير كفيل بالذات ان يأتي بعد دخول ترامب الى منصبه، ربما كجزء الى الطريق للوصول الى صفقة إقليمية شاملة، تلك التي حظيت منذ الان بلقب “الصفقة الكبرى”.

——————————————-

يديعوت احرونوت 26/12/2024

الجبهة السابعة

بقلم: نافيه درومي

بعد أن صممت إسرائيل غزة من جديد، اعادت حزب الله عقودا الى الوراء وغيرت وجه الشرق الأوسط، يمكن للأسبوع الأخير ان يعتبر هادئا. صحيح أن إسرائيل عادت الى شمال القطاع، لكن لاسفنا بات هذا أمرا عاديا، من الأفضل البقاء، لتنفيذ خطة الجنرالات او للتفكير في حل آخر. ولا يزال توجد ساحة معتملة أخرى لا تلقى الاهتمام اللازم والمرغوب فيه. لماذا مرغوب فيه؟ لان ساحة يهودا والسامرة كانت دوما مليئة بالإرهاب والان يمكن لنا حقا أن نسمع دقات القنبلة. 

هاكم مثلا، هذا الأسبوع فوجئت، هكذا حسب بعض التقارير، محافل في جهاز الامن بعد أن وثق وجود آر.بي.جي في ايدي مسلحين فلسطينيين في جنين. لكن تدور منذ زمن ما حرب بين منظمة إرهاب واحدة اجتازت تبييضا على ايدي إسرائيل في سنوات المفهوم المغلوط الا وهي السلطة الفلسطينية، ومنظمات إرهاب فلسطينية أخرى. قبل يومين أصيب بجراح طفيفة قائد لواء منشه، العقيد أيوب كيوف بعبوة. معه في المركبة كان قائد فرقة يهودا والسامرة. 

على مدى كل الحرب يشددون بان إسرائيل تقاتل في سبع جبهات: غزة، لبنان، سوريا، اليمن، ايران ويهودا والسامرة. في الجبهة الأخيرة سيتفجر لإسرائيل المفهوم المغلوط الذي بنته وطورته على مدى السنين: السلطة الفلسطينية. منذ عهد عرفات والانتقال التجميلي لـ “منظمة التحرير الفلسطينية” الى الاسم المغسول “السلطة الفلسطينية” كانت تتشكل من أناس يعملون بالإرهاب ويتماثلون معه. 

على مدى السنين حولت إسرائيل وجهاز الامن هذا الجسم الإرهابي الى مؤسسة شرعية لا يمكنها فقط أن تمثل الفلسطينيين بل وان تشارك أيضا في الحفاظ على أمن إسرائيل. هذا التعلق الكبير بحيث انه تنطلق حتى اليوم أصوات تتساءل – ماذا سيحصل لو سقطت السلطة الفلسطينية؟ وهذا يشبه بالمناسبة التفكير الذي كان قائما لدى الكثيرين بالنسبة لحماس – من سيصعد بدلا من حماس – كما تساءلوا في إسرائيل على مدى السنين. وقدروا بان هذا يمكن ان يكون أسوأ من حماس.

هذا هو الموقف من السلطة الفلسطينية اليوم أيضا. كجزء من الصراع المشروع والصحيح للتحرر من قيود المفهوم المغلوط – يجب ان تؤخذ بالحسبان امكانيتان اخريان بالنسبة للسلطة الفلسطينية وليهودا والسامرة. الأولى، هي ان السلطة الفلسطينية متهالكة وايامها معدودة. المداولات وتقديرات الوضع يجب ان تكون على الاستعداد للحظة التي تسقط فيها هذه، مثلما كان استعداد كبير للحظة التي سقط فيها الأسد. 

الى جانب ذلك توجد إمكانية أخرى وهي معاكسة. في ضوء النقد من منظمات الإرهاب ومن فلسطينيين آخرين أيضا مجرمين اكثر بقليل فقط من السلطة الفلسطينية في أن السلطة “تتعاون” مع إسرائيل من شأن أجهزة السلطة أن تستخدم بشكل واضح وعلني سلاحها وقواتها – ضدنا. 

يهودا والسامرة كانت المنطقة التي وقعت فيها 7 أكتوبر “صغير” على مدى السنين. الفتك في رام الله، قتل الرضيعة شلهيفت باس، قتل عائلة بوغل، قتل الفتيان الثلاثة، قتل أبناء عائلة سولمون، اغتصاب وقتل اوري انسبخر – هذه فقط الحالات التي يتذكرها الجمهور الإسرائيلي من القتل بايدي فلسطينيين، بعضهم من رجال السلطة الفلسطينية – ويقصر اليراع عن تفصيلها جميعها.

دولة إسرائيل لم تتوقع 7 أكتوبر بسبب إخفاقات كتب وسيكتب عنها الكثير. لعله من المجدي منذ الان الاستعداد وتوفير الكلام الذي سيكتب عن مفهوم السلطة الفلسطينية المغلوط قبل ان يتفجر لنا هذا في الوجه.

——————————————-

معاريف 26/12/2024

تخوف في القدس: تدخل تركيا في سوريا سيؤدي الى مواجهة

بقلم: افي اشكنازي

يوشك سقوط نظام بشار الأسد في سوريا على تغيير خريطة موازين القوى في الشرق الأوسط – في ظل دخول متجدد لتركيا كقوة عظمى إقليمية، من شأنه أن يؤدي الى مواجهة مباشرة مع إسرائيل. 

عملت تركيا وتعمل من خلف الكواليس في الثورة في سوريا. فمنذ العام 2011 وهي تستثمر مقدرات اقتصادية وعسكرية بداية كي تضرب الإقليم الكردي وتمنع ارتباطا بينه وبين الإقليم الكردي في تركيا. لكن لتركيا توجد تطلعات امبريالية في المنطقة بما في ذلك العودة لان تكون نوعا من الإمبراطورية العثمانية، في سوريا في المرحلة الأولى. 

“بعد أن نجحوا، بخطوة سريعة في دحر ايران وروسيا من سوريا، يسعون لان يملأوا الفراغ الناشيء”. يقول د. حاي ايتان كوهن ينروجيك، خبير في الشؤون التركية في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب. 

في الأيام الأخيرة تصدر بيانات عن الحكم التركي بما فيها على لسان الرئيس التركي اردوغان عن نواياهم بالنسبة للإقليم الكردي في سوريا ولكن أيضا بالنسبة لاجزاء أخرى من سوريا بما فيها المحافظات الجنوبية.

وضمن أمور أخرى اعلن الاتراك عن نيتهم إعادة شق سكة القطار الحجازي: إسطنبول دمشق، بالتوازي مع شق طريق سريع بين تركيا وسوريا، وإقامة مطارات وموانيء تركية في سوريا، وذلك الى جانب ضم أجزاء من سوريا مما ينزع المياه الاقتصادية من قبرص ويمنع تمديد انابيب الغاز التي تربط إسرائيل – قبرص – اليونان. 

“هذه الخطوة ستؤدي الى تحالفين مركزيين في المنطقة: التحالف الإسرائيلي، الذي سيتشكل من قبرص واليونان والى جانبهما الأردن، اتحاد الامارات وفي الخلفية السعودية؛ وبالمقابل تحالف تركيا، مع سوريا، لبنان وليبيا”. يقول د. ينروجيك.

يلقى هذا القول تعزيزا في جهاز الامن الإسرائيلي أيضا الذي يتابع الخطوات التركية. 

أحد لم يتوقع الخطوة التي وقعت بهذه السرعة في سوريا. الجولاني لم يفكر في أن يقع له الدومينو في هذه السرعة. فقد قصد حلب وليس الاحتلال السريع لكل سوريا”، تقول محافل في الجيش الإسرائيلي. “يدور الحديث عن دولة مع تطلعات امبريالية. تركيا تعنينا جدا في هذه اللحظة”. 

“هذه دولة مع سكان يبلغ عددهم 84 مليون نسمة، الاقتصاد رقم 17 في العالم، مع قوة انتاج ناجعة على نحو خاص. لديها قوة بحرية عسكرية كبيرة وهامة، سلاح جوها مثل سلاحنا في العدد وان لم يكن في النوعية ولديهم أيضا قوة برية هامة وقوية”. 

في الجيش الإسرائيلي يضيفون بانه لا تزال هناك علاقات وانه يجري حوار بين الدولتين، بما في ذلك على مستويات العمل الأمني.

في إسرائيل ينتظرون دخول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني. ترامب هو المجهول الأكبر. في الجيش وفي جهاز الامن يستعدون لسيناريوهين مركزيين في هذا الشأن. الأول ان يسعى ترامب للعمل بقوة حيال ايران، يسعى لترتيب المنطقة ولخلق تحالف من الاتفاقات بين إسرائيل والدول السنية المعتدلة في المنطقة وعلى رأسها السعودية. 

وهكذا يبث للروس وللصينيين أيضا القوة، وبعد اشهر من القتال ينشأ واقع هدوء إقليمي وقوة أمريكية ما يتيح له استمرار فترة ولاية هادئة في ظل التركيز على الشؤون الداخلية والاقتصاد الأمريكي. 

سيناريو ثان ومعاكس هو ان تهمل الولايات المتحدة النشاط العسكري في المنطقة. بل انها يمكنها أن تسمح لتركيا بان تستنفد تطلعاتها في سوريا فيما تسمح للامريكيين بحرية العمل التي يريدونها في المنطقة. الثمن الفوري سيدفعه الاكراد الذين يريد الاتراك رأسهم الان.

تدعي محافل في الجيش بانه الى جانب الوضع الجديد الناشيء في سوريا، فان الجيش كان معنيا عشية وقف النار في لبنان مواصلة القتال، لكن ثلاث بؤر مركزية منعت هذا وأدت الى تأييد الجيش وجهاز الامن لوقف النار: “لو كنا نعمل في ساحة قتالية واحدة، لو كانت لنا مقدرات أكثر ولو كانت لنا شرعية دولية”.

في القدس مصممون على تنفيذ خطوة انفاذ هامة في لبنان حتى بعد مرور الستين يوما من وقف النار. 

هذه الليلة أبدت إسرائيل اكثر من تلميح على هذا التصميم، حين هاجم سلاح الجو في البقاع في عمق لبنان مخازن سلاح كبيرة لحزب الله. بعض من الذخيرة، حسب منشورات اجنبية، نقل في الأيام الأخيرة من سوريا الى لبنان.

في الجيش الإسرائيلي يشعرون حتى بانه اذا لم يفِ الجيش اللبناني بتعهداته للقيام بانفاذ هام في المناطق التي يفترض بالجيش الإسرائيلي ان يخليها في داخل لبنان فان الجيش الإسرائيلي سيؤجل الاخلاء كما تقرر في الاتفاق. إضافة الى ذلك يشددون على أن قيادة المنطقة الشمالية توجد لها القدرات والوفرة العملياتية لان تدخل الى كل منطقة في جنوب لبنان تخليها اذا ما وقعت فيها خروقات للاتفاق وانعدام انفاذ من جانب الجيش اللبناني.

——————————————-

هآرتس 26/12/2024

البارون بنيامين نتنياهو غير مستعدّ للكذب حتى من أجل المخطوفين!

بقلم: ب. ميخائيل

يجب أن يظهر هذا نبأ على رأس الأخبار. لم يكن هذا الأمر لدينا حتى الآن. بعد سبعين سنة وأكثر من الكذب المتقن والمتواصل والمدهش والمكشوف، أعلن جلالة البارون فون مونشهاوزن (كارل فريدريك فون مونشهاوزن أحد النبلاء الألمان، تنسب إليه القصة الشهيرة بعنوان «مغامرات البارون مونشهاوزن»، التي تحولت فيما بعد إلى أفلام ومسلسلات إذاعية- المحرر)، أنه قرر عدم الكذب. انهارت الأسس تقريباً.

حتى الآن لم يجد نفسه في أي يوم في مثل هذا الوضع. لم يخشَ في أي يوم من الكذب. يمكنه القول إنه يؤيد حل الدولتين (أو ثلاث أو أربع دول)، وأنه لن يضم في أي يوم بن غفير لحكومته، وأنه بأمّ عينه رأى شقائق النعمان البريطانية أو الأقحوان الهندي أو جهنم نيبال.

هو قادر على القول 6470 مرة على التوالي «لم أرَ، لم أعرف، لم أسمع، لم يقولوا لي، لا أتذكر، بالتأكيد لا أتذكر، بالتأكيد أتذكر، لم أعرفها، هكذا عرفتها، أنا أعتذر، لن أعتذر، العفو، أعطيت تعليمات لإلغاء قوة الجاذبية، زوجتي الحبيبة أرادت، زوجتي الحبيبة لم ترغب، زوجتي الحبيبة – المحبوبة، كيف لي أن أعرف ماذا تفعل؟ حياتي كلها جهنم». وكل ذلك دون أن يتلعثم مرة واحدة، أو ظهور أي احمرار على وجهه، أو نقطة عرق على جبينه. بالضبط هو فنان الألاعيب، حتى تسريحة شعره هي خدعة كبيرة. الآن، دون تحذير وفجأة، تدهور إلى درجة قول الحقيقة على الملأ: «أنا لن أوقف الحرب»، قال. وعلى وجهه النظرة الحازمة ذاتها التي يجيد إظهارها أمام العدسات.

في المعلومة ذاتها لا يوجد أي جديد. من الواضح أنه لن يوقف الحرب. ومن اعتقد غير ذلك؟ لأنه مرتبط كلياً باستمرارها الثابت. ولكن في هذه المرة ليس فقط مؤخرته مرتبطة بها، بل أيضاً هناك 100 مخطوف، يقف أمام عودتهم إلى البيت رفض النبيل البارون مونشهاوزن إخراج شيء كاذب من فمه. وإذا وافق فقط على القول «أنا أتعهد بوقف الحرب»، فإن المخطوفين سيركبون سيارات الجيب البيضاء ويشقون الطريق نحو بيوتهم.

لكن حتى هذا هو غير مستعد للقيام به. ربما يخشى من أن يشكوا في أنه قال الحقيقة، وأن السموتريتشيين والبن غفيريين سيشعلون الفوضى.

لا يوجد مكان لهذا الخوف، كل العالم يعرفون أنه يكذب. في نهاية المطاف لن يتوقع منه أي أحد أن ينفذ ما يقوله. ولكن في هذه الأثناء سيكون المخطوفون في البيت. هل من أجل ذلك هو غير مستعد لتصدر عنه خدعة صغيرة؟ لا.

يبدو أنه وراء هذه الحقيقة الصغيرة التي قالها تقف كذبة أكبر. لا يصعب حل اللغز. من الواضح أنه مطلوب صفقة على الطاولة. ترامب يضغط. لذلك تم اقتراح معيب جداً، على أمل أن يرفضه الطرف الثاني. مثلاً نصف صفقة، مع طرد السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم إلى الخارج، ودون إطلاق سراح مروان البرغوثي، الذي هو خطير بشكل خاص ومن شأنه أن يدهور كل المنطقة – لا سمح الله – إلى الاتفاق.

حتى نصف صفقة معيبة كهذه يمكن أن تغضب السموتريتشيين والبن غفيريين. لذلك، يجب إيجاد عامل أمني إضافي، مثل الالتزام الصريح بمواصلة الحرب «إلى حين ألا تبقى حماس في غزة». كما هو معروف فإنه حسب رأي مونشهاوزن جميع سكان غزة هم «حماس». لذلك فإن قتل مليونَي شخص ليس إلا مسألة بسيطة.

يجب أن يكون المرء غبياً جداً من أجل التوقيع على مثل هذه الصفقة، التي تضمن فقط الحرب. هل هذه الصفقة لا تروق لهم؟ يجب ألا يوقعوا عليها. الأساس هو أن الحرب وبيبي يواصلان كالعادة.

ماذا بشأن المخطوفين؟ ما شأن بيبي والمخطوفين؟ لأنه في نهاية المطاف حتى الكذب من أجلهم هو غير مستعد للقيام به.

——————————————-

هآرتس 26/12/2024

شهادات لجنود إسرائيليين بارتكاب «جرائم حرب» في غزة

بقلم: يوئيل إليزور

القلق على سلامة أفراد العائلة، الذين يخدمون في الجيش، هو جزء من حياة العائلة في إسرائيل. مثل أقراني، كنت أباً قلقاً عندما خدم أبنائي في الجيش الإسرائيلي، وأنا الآن جدٌ أكثر قلقاً. إنني أشعر بالرعب من القتل الجماعي للمدنيين في غزة، ومنزعج من تأثير هذه الوحشية على صحة الجنود النفسية، فجنودنا مهددون بسبب الخطاب التحريضي للحكومة وضعف نظامَي القضاء المدني والعسكري. وهذه السياسات تقوض مدونة سلوك الجيش الإسرائيلي، وتدعم الفظائع، وتزيد من خطر الإصابة بالضرر الأخلاقي.

يحدث الضرر الأخلاقي عندما يتصرف الجنود ضد قيمهم ومعتقداتهم الأخلاقية أو يشاركون كمراقبين، ويعاني أولئك المصابون بهذا الضرر من الشعور بالذنب والعار، وهم عرضة للاكتئاب والقلق والدوافع الانتحارية. ويوفر الجيش الإسرائيلي علاجاً مكثفاً لمدة شهر للجنود المصابين بالصدمات النفسية، وبعضهم ممن تعرضوا للضرر الأخلاقي، في مراكز إعادة التأهيل الخلفي. وبعد ذلك يتم تسريح نصف هؤلاء الجنود باعتبارهم غير مؤهلين للخدمة العسكرية.

وينظر المجتمع الإسرائيلي إلى الجيش الإسرائيلي على أنه جيش أخلاقي، ويثير الحديث عن الفظائع مقاومة عاطفية على الرغم من أنه من المفهوم فكرياً أن الجرائم موجودة في كل مجتمع متحضر، وأن جرائم الحرب ارتكبها جنود في كل جيش. وحدد علماء النفس التنموي سمات قسوة القلب لدى الأطفال الصغار، بينما أثبت علماء النفس الاجتماعي أن التوجيهات السلطوية والضغط الاجتماعي يقودان الأشخاص العاديين إلى سلوك مؤذي.

ومع ذلك، من الصعب مواجهة عنف الجنود القساة ووحشية الجنود العاديين. لذلك لا أشعر بالاطمئنان عندما يقول لي حفيدي: “لا تقلق، يا جدي، سأرفض أي أمر غير قانوني”.

أريد أن أحميه هو والآخرين جميعاً ممن يخاطرون بأجسادهم وعقولهم عندما يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وأريدهم أن يعرفوا مدى صعوبة أن يقفوا في وجه قائد قاسٍ، وأن يقاوموا ضغط الأقران الذي يشجع على الوحشية، وأريدهم أن يعرفوا عن المنحدر الزلق للتوحش، وأن يتعلموا عن المعضلات الأخلاقية التي سيواجهونها أثناء الحرب، وهذا ما دفعني لكتابة هذا المقال بصفتي جدّاً وبصفتي عالم نفس درس تجربة الجنود مع الوحشية.

كانت نوبهار إيشاي كرين ضابطة الرعاية الاجتماعية لكتيبتَيْ مشاة كانتا متمركزتيْن في جنوب قطاع غزة خلال الانتفاضة الأولى (1987-1993)، وتحدثتْ مع الجنود وفتحوا لها قلوبهم. وبعد أربع سنوات أشرفتُ على دراستها البحثية في مرحلة الدراسات العليا حول وحشية الكتيبتين. واستخدمت المقابلات السرية لاستكشاف الانحراف الأخلاقي والوحشية والمشاكل النفسية المترتبة على ذلك. ونُشرت مقالتنا العلمية لاحقاً كأول فصل في كتاب محرر بعنوان “لطخة من غيمة خفيفة: الجنود والجيش والمجتمع الإسرائيلي في الانتفاضة” في سنة 2012.

عكست الفصول اللاحقة بحثنا وتوسعت فيه، وكتبها مجموعة متعددة التخصصات من الباحثين في مجالات الصحة النفسية وعلم الاجتماع والقانون والعلوم السياسية والإعلام والفلسفة، وكان هناك أيضاً كتّاب وفنانون وضباط متقاعدون ذوو رتب عالية في الجيش.

لقد حددنا خمس مجموعات من الجنود بناءً على السمات الشخصية:

  1. مجموعة صغيرة تتكون من جنود قساة القلب، وقد اعترف بعضهم بممارسة العنف قبل التجنيد. وارتكب هؤلاء الجنود معظم الفظائع الشديدة. وكانت القوة التي حصلوا عليها في الجيش مغرية: “إنها مثل المخدرات… تشعر وكأنك أنت القانون، أنت من يضع القوانين. كما لو أنه منذ اللحظة التي تغادر فيها المكان المسمى إسرائيل وتدخل إلى قطاع غزة، تصبح أنت الله”؛ كانوا ينظرون إلى الوحشية كتعبير عن القوة والرجولة.

ويقول أحدهم: “ليست لدي مشكلة مع النساء. لقد رمتني إحداهن بنعلها، فركلتها هنا (مشيراً إلى العانة)، وكسرت كل شيء هنا، ولا يمكنها الإنجاب اليوم”.

أطلق “إكس” النار على عربي؛ حيث أصابه بأربع رصاصات في ظهره، وأفلت من العقاب بدعوى الدفاع عن النفس، ويقول: “لقد كانت أربع رصاصات في الظهر من مسافة عشرة أمتار جريمة قتل بدم بارد. وكنا نفعل أشياء كهذه كل يوم”. ويضيف: “كان هناك عربي يسير في الشارع، يبلغ من العمر نحو 25 سنة، ولم يلق حجراً، ولم يفعل شيئاً. وفجأة، أطلقوا عليه رصاصة في بطنه، وكان يحتضر على الرصيف، ثم ابتعدنا بالسيارة بلا مبالاة”.

وكان هؤلاء الجنود بلا رحمة، ولم يبلغوا عن إصابتهم بإصابة نفسية أخلاقية، وقد تمت إدانة بعضهم من قبل المحاكم العسكرية، وشعروا بالمرارة والخيانة.

  1. كانت هناك مجموعة صغيرة عنيفة من الناحية الأيديولوجية تدعم الوحشية دون أن تشارك فيها. وكانوا يؤمنون بتفوق اليهود ويظهرون ازدراء تجاه العرب، ولم يتم الإبلاغ عن إصابات نفسية أخلاقية في هذه المجموعة.
  2. كانت هناك مجموعة صغيرة نزيهة تعارض تأثير المجموعات القاسية والأيديولوجية على ثقافة الكتيبة. في البداية تم ترهيبهم من قبل القادة الوحشيين، ثم اتخذوا موقفاً أخلاقياً في وقت لاحق، ومضوا في الإبلاغ عن الفظائع التي ارتكبوها إلى قائد اللواء. وبعد تسريحهم من الخدمة اعتبر معظمهم أن خدمتهم كانت ذات مغزى ومعززة. ومع ذلك تعرض أحد المبلغين عن الفظائع للمضايقات والإقصاء الشديد، وكان من الضروري نقله إلى وحدة أخرى، وأصيب بالصدمة والاكتئاب وغادر البلاد بعد تسريحه.
  3. تألفت مجموعة كبيرة من الأتباع من جنود لم يكن لديهم ميول سابقة نحو العنف، وتأثرت سلوكياتهم بشكل كبير بتقليد الضباط الصغار وأعراف الكتيبة. وأبلغ بعض الأتباع، الذين ارتكبوا الفظائع، عن إصابات نفسية أخلاقية، حيث يقول أحدهم: “شعرتُ وكأنني مثل النازيين.. وبدا الأمر وكأننا نحن النازيون وهم اليهود”.
  4. كانت المجموعة المقيّدة تتكون من جنود كثر ذوي توجيه داخلي، حافظوا على الأعراف العسكرية ولم يرتكبوا الفظائع. لقد استجابوا للعنف الفلسطيني، والمواقف التي تهدد حياتهم بطرق متوازنة ومبررة قانونياً، ولم يُبلّغوا عن إصابات نفسية أخلاقية. وفي كل الكتائب تطورت ثقافة داخلية تأثرت بشكل كبير بالضباط الصغار والجنود ذوي الكاريزما. وفي البداية، كانت الأعراف تحرض على ارتكاب الفظائع.

يقول أحدهم: “جاء قائد جديد إلينا. وخرجنا معه في أول دورية في السادسة صباحاً، لقد توقف؛ حيث لم يكن هناك أحد في الشوارع، وكان هناك فقط طفل صغير يبلغ من العمر أربع سنوات يلعب في الرمال في فناء منزله. فجأة بدأ القائد في الجري، وأمسك بالطفل، وكسر ذراعه من المرفق وساقه من هنا. وداس على بطنه ثلاث مرات وغادر. وقفنا جميعاً هناك وأفواهنا مفتوحة من الذهول. ونظرنا إليه في حالة من الصدمة.. سألتُ القائد: “ما قصتك؟”. قال لي: “يجب قتل هؤلاء الأطفال منذ اليوم الذي يولدون فيه”. عندما يفعل القائد ذلك، يصبح الأمر مشروعاً”.

أدى التدخل القوي من قائد اللواء إلى تغيير مكان كتيبتَيْ المشاة، وبعد التقرير الذي قدمه الجنود النزهاء، بدأ القائد تحقيقاً أسفر عن إدانات. بالإضافة إلى ذلك، تم تعيين اثنين من الجنود النزهاء لتدريب الضباط. وعندما عادوا إلى الكتائب كضباط، راقبوا الجنود عن كثب، وفرضوا انضباطاً صارماً، وعززوا ثقافة داخلية كانت متوافقة مع مدونة قواعد سلوك الجيش الإسرائيلي.

وهناك الكثير من الأدلة على جرائم الحرب المزعومة في الحرب الحالية وهي متاحة بسهولة. وقد قام لي موردخاي، المؤرخ الإسرائيلي، بجمع البيانات وتصنيفها وتحديثها بانتظام. وتشمل البيانات تقارير من مؤسسات مرموقة مثل الأمم المتحدة، وتقارير من وسائل الإعلام الرئيسية، بالإضافة إلى الصور ومقاطع الفيديو التي تم تحميلها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وهناك توثيق لإطلاق النار على المدنيين الذين يلوحون بالرايات البيضاء، والتنكيل بالأسرى والجثث، وحرق المنازل دون موافقة قانونية، والتدمير الانتقامي للممتلكات، والنهب. بالإضافة إلى ذلك، يجد موردخاي أن “عدداً ضئيلاً جداً من التحقيقات” قد تم فتحها “مقارنةً بالأدلة على الجرائم المرتكبة”.

وأظهرت دراستي للبيانات تصنيفاً مشابهاً للجنود مع بعض الاختلافات المهمة. وأبرز ما لاحظته هو أن مجموعات الجنود القساة والعنيفين أيديولوجياً تبدو أكبر حجماً وأكثر تطرفاً، حيث يعبرون عن أيديولوجياتهم متجاهلين أعراف الجيش الإسرائيلي ونظام العدالة الضعيف.

وتوضح الكلمات التأبينية التي ألقيت في جنازة شوفائيل بن ناتان، جندي الاحتياط الذي قُتل في لبنان، هذا التحول. فقد أشار أحد المتحدثين إلى قتل بن ناتان لفلسطيني يبلغ من العمر 40 سنة كان يقطف الزيتون مع أطفاله في الضفة الغربية. وروى أفراد وحدته العسكرية كيف رفع معنوياته في غزة بإضرام النار في أحد المنازل دون موافقة. وأعلنوا التزامهم بمواصلة عمليات الحرق والانتقام في غزة ولبنان والسامرة (الضفة الغربية).

ومع تزايد تأثير الجنود القساة والعنيفين أيديولوجياً في الجيش الإسرائيلي يتم تهميش الجنود النزهاء. وقد أعلن ماكس كريش، جندي احتياطي، معارضته للمشاركة في جرائم ضد الإنسانية مثل “تسوية غزة بالأرض”. وكانت النتيجة النبذ الاجتماعي الشديد، حيث يقول: “لقد طردوني من فريقي، وأوضحوا أنهم لا يريدونني”، وعاد من الخدمة الاحتياطية وهو يشعر بأنه “محطم نفسياً”.

ويشبه “سديه تيمان”، وهو مركز احتجاز، نموذجاً مصغراً للوحشية في الحرب الحالية، فقد أصبح هذا المكان سيئ السمعة عندما أبلغ طبيب مخضرم نزيه عن علامات تعرض أحد المحتجزين لاعتداء جنسي شديد. بعد ذلك، تم احتجاز تسعة جنود احتياطيين من الجيش الإسرائيلي للاشتباه في ارتكابهم جريمة اغتصاب الفلسطينيين العنيف وأشكال أخرى من الانتهاكات.

ووفقاً للتقارير الإعلامية، هناك 36 تحقيقاً بشأن وفيات المعتقلين الذين كانوا محتجزين في “سديه تيمان” منذ السابع من تشرين الأول. وتشير شهادات الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم والتي جمعها مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان “بتسيلم” إلى استخدام العنف التعسفي القاسي بشكل متكرر، والإهانة والإذلال، والتجويع المتعمد وغيرها من الممارسات التعسفية. وقد أعرب الجنود، دون الكشف عن هويتهم، عن كيف أن خطاب الكراهية والانتقام قد جعل التنكيل بالمعتقلين أمراً طبيعياً.

ووصف أحد الطلاب المقيدين في الاحتياط التعذيب وتأثيره على الأتباع، قائلاً: “رأيت أشخاصاً ساديين هناك، وأشخاصاً يستمتعون بتسبُّب المعاناة للآخرين. وكان أكثر ما يزعجني هو رؤية مدى سهولة وسرعة انفصال الأشخاص العاديين عن أنفسهم وعدم رؤيتهم للواقع أمام أعينهم عندما يكونون في موقف إنساني صعب وصادم”.

وبالمثل، صرح طبيب احتياطي قائلاً: “هنا يحدث تجريد كامل من الإنسانية. أنت لا تعامِلهم كما لو أنهم بشر. وبالنظر إلى الوراء، فإن أصعب شيء بالنسبة لي هو ما شعرت به، أو في الواقع ما لم أشعر به عندما كنت هناك. ما يزعجني أن ذلك لم يشعرني بالإزعاج. وهناك تطبيع للعملية، وفي مرحلة ما، يتوقف الأمر عن الإزعاج”.

وقالت مجندة احتياطية من فئة “المقيدين” والتي حافظت على معاييرها: “لقد أخافني التجريد من الإنسانية. وكانت مواجهة مثل هذه المواقف الخطيرة، التي أصبحت أكثر تقبلاً في مجتمعنا، كان مؤلماً بالنسبة لي. لقد قمت بتسريح نفسي من الخدمة الاحتياطية بمساعدة طبيب نفسي”.

ويجب النظر إلى سجن “سديه تيمان” وجرائم الحرب في غزة ضمن السياق الأوسع. فقد دخلت إسرائيل في الحرب بعد القتل الجماعي للمدنيين على يد “حماس”، وكشف نواياها بشأن الإبادة الجماعية. وبعد ذلك بوقت قصير، هاجم “حزب الله” الذي كان يعد البنية التحتية لقتل جماعي موازٍ في الشمال سكاننا المدنيين. لقد تم تسليحهم وانضمت إليهم إيران التي كانت تصرح علناً بنيتها إبادة دولة إسرائيل واستكمال “الحل النهائي” لليهود الإسرائيليين.

لقد شعرنا بالضعف والعجز ونحن نعيش ذكريات المحرقة مرة أخرى، وكنا بحاجة للدفاع عن أنفسنا ضد التهديدات الحقيقية لوجودنا. كما كانت هناك مشاعر مظلمة من الغضب والانتقام، دون أي تعاطف مع أهل غزة الذين فرحوا بمجزرة النساء والأطفال اليهود.

لقد خاض أبناؤنا وأحفادنا وأزواجنا وزوجاتنا هذه الحرب بشجاعة، وخاطروا بحياتهم بصحبة رفاقهم الذين يعكسون ما كان له قيمة ومعنى في بلادنا. لقد كان من واجب حكومتنا وقيادتنا العليا أن تقود جنودنا في المعركة، وأن تهيئهم بدنياً وذهنياً وأخلاقياً لمواجهة التحديات الخاصة لهذه الحرب، ولقد كنا بحاجة إلى قادة يساعدوننا على مواجهة ظلامنا بشجاعة ويمنعوننا من الانتقام بشكل قاطع. وكتب اللواء (احتياط) يعقوب عميدرور في كتاب “بقعة من سحابة خفيفة”: “الحرب شيء قاسٍ. إن السؤال الحقيقي هو: كيف يمكن توجيه القسوة إلى أولئك الذين يريدون إيذاءنا، وليس إلى الآخرين الذين تصادف وجودهم في المنطقة”.

وفي هذا السياق، أدى خطاب حكومتنا القائم على الكراهية والانتقام، والذي عززه إصرارها على تقويض النظام القضائي، إلى الإفراط في الانتقام والقتل الجماعي للمدنيين في غزة. وقد وفر ذلك دعماً للأفعال الوحشية التي ارتكبها الجنود القساة والعنيفون عقائدياً، وزادت من نفوذهم على الأتباع، وهمشت النزهاء. وفي هذه الوضعية الصعبة تتحمل القيادة العليا مسؤولية الحفاظ على القيم المدرجة في مدونة الأخلاقيات للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك طهارة السلاح والانضباط، التي تنص على أنه “لن يستخدم جنود الجيش الإسرائيلي سلاحهم أو قوتهم لإلحاق الأذى بالمدنيين أو الأسرى غير المتورطين”، و”سيحرص الجندي على أنه لا يصدر أوامر قانونية فقط، ولا ينفذ الأوامر غير القانونية”، ومن خلال التمسك بهذه القيم يمكنهم منع الاعتداء على الأبرياء وحماية روح جنودنا.

علينا – نحن المواطنين الذين نرسل أبناءنا وأزواجنا وأحفادنا إلى الخدمة العسكرية – أن نجد سبل المقاومة، فنحن ملزمون بأن نتكلم بوضوح من أجل إبقاء حدود لقسوة الحرب، ومن أجل التمسك بميثاقنا الأخلاقي، وحماية الجنود من الإصابة بالضرر المعنوي وعواقبه على المدى الطويل.

——————————————-

هآرتس 26/12/2024 

الصفقة: من كذبة “فيلادلفيا” حتى “ترسيم ترامب”.. من يصدق نتنياهو؟

بقلم: أسرة التحرير

 حنه كتسير ابنة الـ 78، التي اختطفت من بيتها في “كيبوتس نير عوز” وتحررت في صفقة المخطوفين الأولى بعد 49 يوماً في أسر حماس، رحلت إلى عالمها هذا الأسبوع. “قلبها لم يحتمل المعاناة الرهيبة منذ 7 أكتوبر”، قالت ابنتها، كرنيت بالتي كتسير. رئيس الوزراء نتنياهو، أعرب عن حزنه على موت كتسير، وأضاف بأنه “ملتزم بعمل كل شيء ومواصلة العمل” إلى أن يعود كل المخطوفين. أحقاً؟

لإعادة المخطوفين، على نتنياهو أن يوقف الحرب في قطاع غزة، ويأمر الجيش الانسحاب، لكنه غير مستعد لذلك. في مقابلة مع “وول ستريت جورنال” هذا الأسبوع، أعلن رئيس الوزراء بأنه لن يوافق على صفقة مخطوفين تنهي الحرب ما بقيت حماس في الحكم في القطاع. فما بالك مع وجود نقاط خلاف أخرى، تعرقل حتى صفقة جزئية (انسحاب كامل من معظم محور فيلادلفيا، مسألة مروان البرغوثي وهوية السجناء الفلسطينيين الذين سيتحررون)، بحيث إن “الالتزام” الذي يعرب عنه نتنياهو هو في واقع الأمر التزام من الشفة إلى الخارج.

في الواقع، عاد الفريق الإسرائيلي من قطر، وتواصل عائلات المخطوفين التخمين ما إذا كانت الاتصالات انهارت، أم أن عليها وعلى أعزائها الذين يذوون في الأسر مواصلة العذاب حتى ترسيم الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب في 20 كانون الثاني. في كل مرة يكون فيها أمل حقيقي في عقد صفقة، تنكشف أسماء سرية جديدة – من “محور فيلادلفيا حتى “ترسيم ترامب” التي تصبح سبباً للتأخير. قدر كبير من الإبداعية لإخفاء السبب الحقيقي: بقاء نتنياهو السياسي وتخوفه من تفكيك بن غفير وسموتريتش للائتلاف.

ثمة تقرير يبين جملة التنكيلات التي اجتازها المخطوفون الذين تحرروا في الصفقة الأولى وفي عملية الإنقاذ توفر تذكيراً بالجحيم الذي يعيشه المخطوفون المتبقون. التقرير يبسط؛ شهادات مفصلة عن المعاملة القاسية التي تعرض لها المخطوفون: تنكيل جسدي ونفسي، تجويع، منع العلاج الطبي، تعذيب وإهانات، اعتداءات جنسية ضد نساء ورجال وقاصرين. وتندرج في التقرير شهادات عن أن حراساً فلسطينيين أحدثوا حروقاً في أجساد المخطوفين على سبيل وسمهم.

محظور إشاحة النظر عن الحقيقة: أي تأخير إعادة المخطوفين معناه ترك 100 المخطوفين لعذابات حتى الموت. كما أنه محظور انتظار ترامب لإنهاء الصفقة مع حماس. لقد أثبت نتنياهو بأنه عندما يريد عقد صفقة فإنه يفعل هذا حتى بثمن وقف الحرب والعودة إلى الواقع البعيد عن أن يكون مثالياً، مثلما في الشمال.

لقد حان الوقت لوضع حد لهذا الكابوس: وقف الحرب في قطاع غزة مقابل إعادة كل المخطوفين.

——————انتهت النشرة—————-