شبكة المسار الاخباري: قال أطبّاء أميركيّون عملوا في مناطق ومستشفيات مختلفة بقطاع غزّة، إنّ الدمار الّذي خلّفته إسرائيل لم يروا مثله في مناطق صراع أخرى.
جاء ذلك في حديثهم للصحفيّين بالأمم المتّحدة، الخميس، بعد اجتماعهم مع الأمين العامّ للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش.
وعلى مدار أكثر من 15 شهرًا من الإبادة الّتي ارتكبتها إسرائيل بغزّة، لم يسلم القطاع الصحّيّ من دائرة الاستهداف المباشر، إلى جانب تبعات الحصار الّذي تفرضه، ما أضاف عبئًا هائلًا على كاهل الفلسطينيّين.
إسرائيل قتلت عددًا كبيرًا من الكوادر الطبّيّة باستهداف المنشآت الصحّيّة واعتقلت آخرين، ما أدّى إلى نقص حادّ في الطواقم الطبّيّة داخل القطاع.
ومنعت القيود الإسرائيليّة دخول فرق طبّيّة دوليّة للمساهمة في تخفيف العبء، ما جعل النظام الصحّيّ في غزّة يواجه شبح الانهيار الكامل.
الطبيب ثائر أحمد الفلسطينيّ الأصل الّذي يعمل في شيكاغو ذكر أنّه خدم في “مستشفى ناصر” جنوب قطاع غزّة في كانون الثاني/ يناير 2024.
وقال أحمد إنّ قتل العاملين في المجال الصحّيّ أصبح أمرًا “طبيعيًّا” بالنسبة لإسرائيل.
وأكّد أنّ حسام أبو صفيّة، الطبيب الفلسطينيّ مدير “مستشفى كمال عدوان” المعتقل لدى إسرائيل خسر كلّ شيء، ودفن ابنه بيديه، لكنّه رغم ذلك لم يتخلّ عن واجبه.
وشدّد الطبيب على ضرورة الإفراج الفوريّ عن الدكتور أبو صفيّة من السجون الإسرائيليّة.
وفي 28 كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، أعلنت وزارة الصحّة في غزّة أنّ الجيش الإسرائيليّ اعتقل أبو صفيّة، بمحافظة شمال غزّة.
وقبلها بيوم، اقتحم الجيش الإسرائيليّ مستشفى كمال عدوان وأضرم النار فيه وأخرجه من الخدمة، واعتقل أكثر من 350 شخصًا كانوا داخله، بينهم أبو صفيّة.
وأشار أحمد إلى أنّ غياب الدبّابات أو القوّات الإسرائيليّة عن غزّة لا يعني عدم موت مزيد من الناس، محذّرًا من أنّ العديد من الناس سيموتون إن لم تتوفّر الإمدادات الطبّيّة اللازمة.
وأضاف أنّه كان من المقرّر بناء آليّة للإجلاء الطبّيّ في إطار اتّفاق وقف إطلاق النار بين “حماس” وإسرائيل، لكنّ هذه العمليّة لم تتمّ.
من جانبها، قالت عائشة خان، الطبيبة بمستشفى جامعة ستانفورد الأمريكيّ: “خدمت في حوالي 30 منطقة حول العالم. وما رأيته في غزّة لم يسبق له مثيل”.
وأشارت خان إلى أنّ أطفالًا تراوح أعمارهم من 5 إلى 6 سنوات كانوا يأتون إلى المستشفى مصابين بطلقات ناريّة وإصابات ناجمة عن المتفجّرات.
وحذّرت من أنّ الأطفال قد يموتون من الجوع حتّى لو لم تسقط أيّ قنابل على غزّة، وقالت: “هناك حاجة ملحّة لإجلاء 2500 طفل وإلّا فإنّهم سيموتون خلال أسابيع قليلة ولا يوجد نظام لتنفيذ إجلائهم”.
أمّا الطبيبة فيروزة سيدوا فقالت: “لم أر مكانًا مثل غزّة في حياتي، ما حدث كان أمرًا فظيعًا”، مبيّنة أنّ النظام الصحّيّ كان مستهدفًا بصورة مباشرة وأنّ كلّ مستشفى بالقطاع تعرّض للهجوم.
وذكرت سيدوا أنّه كان هناك 250 مريضًا في المستشفى الأوروبّيّ خلال فترة وجودها هناك، نصفهم من الأطفال.
ولفتت إلى أنّ واحدًا من كلّ 20 عاملًا في مجال الرعاية الصحّيّة في غزّة قتلته إسرائيل.
وأمّا الطبيبة محمودة سيّد، فقالت إنّ غوتيريش تعهّد بالتركيز على وضع الطبيب الفلسطينيّ أبو صفيّة وتسهيل عمليّات الإجلاء الطبّيّ.
وأوضحت أنّها حاولت علاج الأطفال الّذين أصيبوا برصاصة في الرأس دون أيّ إمدادات طبّيّة تقريبًا.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023 دمّرت إسرائيل 34 مستشفى من أصل 38، منها حكوميّة وأهليّة، تاركة 4 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تضرّرها، وسط نقص حادّ بالأدوية والمعدّات الطبّيّة، بحسب آخر إحصائيّة للمكتب الإعلاميّ الحكوميّ بغزّة.
كما أخرجت الغارات الإسرائيليّة 80 مركزًا صحّيًّا عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب تدمير 162 مؤسّسة طبّيّة أخرى.
وتعرّضت الكوادر الطبّيّة في غزّة لاستهداف مباشر، إذ وثق المكتب الإعلاميّ الحكوميّ “استشهاد 331 من العاملين في القطاع الصحّيّ، بينهم ثلاثة أعدموا داخل السجون الإسرائيليّة”.