|
الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 2/2/2025
كراهية غزة تغطي على الشعور بالذنب
بقلم: ايريس ليعال
من منطلق التعاطف مع غادي موزيس واربيل يهود، وبسبب الخوف الحقيقي على مصيرهم، فقد عاد كثير من الاسرائيليين الى وجهة النظر التي تنكر حق جميع سكان غزة بالحياة. للوهلة الاولى هذا يبدو كرد طبيعي غاضب على الجمهور الذي يزدحم حول المخطوفين، لكن سرعان ما تبين أنه استمرارية للحملة التي تدار هنا منذ بداية الحرب.
“جمهور غزي يهاجم مخطوفين كانوا في الأسر بعد 482 يوم، نازيون”، صرخ الموغ بوكر. غيئولا ايفن شاركت فيلم فيديو منذ لحظة اطلاق سراحهم وكتبت: “اشخاص غير متورطين، ليحترقوا في جهنم”. هذه ايضا كانت مشاعر بوكر في تغريدة اخرى: “انظروا الى صور اطلاق سراح اربيل وغادي وحدثوني عن اشخاص غير متورطين”. هكذا املأت وسائل الاعلام والشبكات الاجتماعية برسالة واحدة وهي أن الفلسطينيين هم حيوانات بشرية مسموح أبادتهم.
سنبدأ بالمنطق البسيط: لا أحد قال في أي وقت بأن الجهاد الاسلامي أو حماس أو تنظيمات ارهابية اخرى هم اشخاص غير متورطين. اذا شاهدتم جنود الجهاد الاسلامي بالزي العسكري وهم يحيطون بفتاة وبشخص مسن واستنتجتم من ذلك بأن جميع الغزيين يستحقون الموت، فأنتم بالضبط مصابين بالاضطراب. ايضا مئات الغزيين الذين تجمعوا حول المخطوفين مثل كومبارس في عرض حماس، ليسوا الدليل على أنه يجب تدمير كل كائن حي في غزة. ولكن حقيقة أن الحكومة قررت فتح معبر رفح، من خلال نية قيام فلسطينيين من غزة (غير منتمين لحماس) بالمشاركة في تشغيله، الخطوة التي تعتبر اعتراف رسمي بأنه ليس جميع الغزيين هم من اعضاء حماس، لا تغير مواقف الاشخاص.
عدد كبير من الاسرائيليين يجب عليهم معرفة أن قتل 40 ألف فلسطيني، الذين بينهم اولاد واطفال رضع، وتجويعهم ومنع وصولهم للعلاج، هو دفاع عن النفس. اذا اعتقدنا أن الرضع الذين ماتوا كانوا سيصبحون حمساويون عندما سيكبرون، عندها هم على حق، يقول المنطق التبريري. لذلك هناك شيء يفطر القلب، تقريبا يثير الأمل بهذه الردود، لأنها تكشف مشاعر ذنب ثقيلة. اغلبية الاسرائيليين لا تريد أن تكون المسؤولة عن قتل جماعي لمدنيين، وهم يجب عليهم اختراع مبرر بأنه كان ضروري.
في نفس اللحظة، عندما لا يمكن التملص من المعاناة التي مرت على كل مخطوف، الذين لم ينهوا حياتهم بقصف سلاح الجو أو بالاطلاق عليهم من قبل حراسهم، فان اتهام حماس بشكل حصري يعفينا من الصراعات الداخلية. مثلا، حقيقة أن اليهود، وليس المسلمين، اعضاء حكومة اسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، هم الذين ابقوهم هناك 482 يوم، وأن اسباب تأجيل الصفقة كانت مفيدة وهي مكسب سياسي. أو من حقيقة أنه بعد 16 شهر على الحرب الدموية بدون استراتيجية سياسية باستثناء شعار “النصر المطلق” – دولة اسرائيل توجه مطالبتها بكبح الجمهور والاهتمام بأن مشاهد صباح يوم الخميس لن تتكرر للقيادة في غزة، وبذلك تعترف بأن حماس هي السيد.
يوجد للمجتمع الاسرائيلي ايضا صعوبة في الاعتراف بأنه يوجد في ازمة اخلاقية عميقة، التي حتى لو كانت الاغلبية تعتقد أن نتنياهو والحكومة فشلوا وأنه يجب عليهم الاستقالة، بعد 7 اكتوبر، كل ما هو اقل من التدمير المطلق والشامل، وكل ما لا ينتهي بمحو غزة – يشكل بالنسبة له هزيمة مهينة. الجنود دخلوا الى غزة وهم يحملون هذه الروحية. لقد حصلوا على الدعم لقتل كل ما يتحرك. هذا كان نشوة فظيعة، شكلت انبوب الاوكسجين لنتنياهو في السنة وربع سنة الاخيرة. ومن تجرأ مثل غادي ايزنكوت على قول الحقيقة، بأنه لم تكن عندنا هنا عملية عنتيبة اخرى، تعرض للشتم والقذف. ولكن الحقيقة هي أن الطرفين هزما هزيمة حقيقية واخلاقية، لأنهما لم يتنازلا عن الاعتقاد بأن القوة العسكرية هي التي ستحسم الصراع.
——————————————-
إسرائيل اليوم 2/2/2025
السعودية الى جانب اسرائيل
بقلم: داني زاكن
من الصعب التقليل من أهمية زيارة رئيس الوزراء نتنياهو الى واشنطن هذا الأسبوع واهمية لقائه بالرئيس ترامب. هذا اللقاء حاسم. وغني عن البيان انه سيتقرر فيه بقدر كبير المستقبل القريب للشرق الأوسط.
على جدول الاعمال، قائمة مواضيع كلها مرتبطة ومتداخلة الواحد بالاخر وموجهة الى هدف ترامب الا وهو الصفقة الكبرى – التسوية الإقليمية الشاملة للشرق الأوسط الجديد (حقا).
إعادة المخطوفين وانهاء الحرب، بما في ذلك الحل لغزة، مشاركة دول الخليج في الحل، التطبيع بين إسرائيل والسعودية، مستقبل النزاع مع الفلسطينيين، حل مسألة ايران وكذا مسائل جغرافية استراتيجية أخرى كدور الصين وروسيا في المنطقة، سوريا، تركيا وغيرها.
حماس – كالشوكة في الحلق
لكن الشوكة العالقة في حلق حل كل المسائل تقريبا هي حماس. مسألة تربيع الدائرة، أي اخراج حماس من المعادلة في غزة، وكقوة إرهاب بعامة، الى جانب تحرير المخطوفين وانهاء الحرب – هي المهمة الأولى في جدول الاعمال. في هذه المسألة يتلقى نتنياهو في الأيام الأخيرة مساعدة ثقيلة الوزن قبيل اللقاء من السعودية ورئيسها محمد بن سلمان ولي العهد. مصدر سعودي مطلع على الاتصالات يقول لـ “إسرائيل اليوم” ان رسالة بموجبها الحل الكامل للقطاع يجب أن يتضمن اخراج حماس من معادلة السيطرة في القطاع وتجريده الكامل من السلاح نقلت الى ترامب، سواء في لقاءات ويتكوف في السعودية ام بطرق أخرى.
المصدر يقول انه يشارك في هذا الموقف تقريبا كل الأطراف التي تعنى باليوم التالي للحرب، بما في ذلك السلطة الفلسطينية نفسها، وانه في البيت الأبيض على وعي بهذا الموقف ويساندونه. مصادر دبلوماسية أمريكية تؤكد هذا. على حد قولهم، الموقف السعودي الصريح نقل الى واشنطن في الأيام الأخيرة بشكل لا لبس فيه، بل وحصل على جواب في أنه في الإدارة أيضا يعملون على تنفيذ هذه الخطوة. المعنى هو ان الضغوط التي يتحدثون عنها في إسرائيل تجاه نتنياهو في سياق استكمال الصفقة ليست قبولها بكل ثمن بل فقط بالنسبة للطريق والجدول الزمني لاسقاط حماس. تكاد تكون كل دول المنطقة – والاهم، الأمريكيين – ساروا على الخط مع هدف الحرب الإسرائيلي: تقويض حماس واخراجها من القطاع كقوة فاعلة.
هنا، في “إسرائيل اليوم” كتبنا عن ذلك قبل بضعة أسابيع والان واضح أن هذه هي المسألة الأساس. غير ان حماس ترفض التخلي عن الحكم في القطاع، واستعراضات القوة لايام التحرير تشهد على ذلك. فهي تحاول إعادة تفعيل الأجهزة المدنية ولا تسمح لرجال السلطة الغزيين ان يشاركوا في ذلك. تلوح بالورقة الوحيدة التي في يدها، المخطوفين المتبقين 79 في عددهم، منهم نحو نصفهم على قيد الحياة (ومنهم 24 ينتظرون المرحلة الثانية بما في ذلك أربعة جنود) كي تمنع استئناف القتال واساسا ابعادها عن القطاع – الفعل الذي يشهد على هزيمتها المطلقة.
بضعة حلول للمعضلة
على جدول الاعمال بضعة حلول للمعضلة: احدها سبق أن عرض على حماس- نفي كبار رجالات المنظمة من القطاع ومعهم على الأقل جزء من القوة القتالية “النظامية” لدولة كالجزائر وإعطاء حصانة في البلاد المضيفة. حماس يفترض عندها ان تسلم سلاحها. حماس الخارج لم تستبعد مبدئيا؛ حماس الداخل، أي محمد السنوار، رفض تماما. الثاني – الحل العسكري، عودة الى القتال لاجل تحرير مزيد من المختطفين للضغط العسكري، لكن مع هدف محدد يتمثل بتصفية قيادة حماس وقوتها العسكرية. النواقص، تخوف شديد على حياة المخطوفين المتبقين، قتال شديد قوي باهظ الثمن وطويل المدى سيركز فيه الجيش الإسرائيلي قسما هاما من قوته والحاجة الى الحرص على احتياجات السكان المدنيين الغزيين.
افضل العقول في إسرائيل وفي الولايات المتحدة – وهذا ليس كليشيها، تنكب على الحلول التي خارج الصندوق. بضعة اقتراحات موضوعة على طاولة نتنياهو وترامب، والرئيس الأمريكي المح بها في تصريحاته بشأن نقل مؤقت لمئات الاف الغزيين الى دول أخرى في زمن الاعمار. الخط الرابط بين معظم الاقتراحات هو جدول زمني طويل. أي، العمل على تحرير المخطوفين قبل نزع سلاح حماس وفقط بعد ذلك تنفيذ اخراج حماس من المعادلة.
وعلمت “إسرائيل اليوم” عن اقتراح آخر يتحدث عن مرحلة أولى موسعة من الصفقة أي تحرير مجموعة مخطوفين آخرين لاجل مواصلة المفاوضات ووقف النار، وبالتوازي نقل قسم من الإدارة المدنية والمساعدات الإنسانية الى اياد دولية.
هنا إسرائيل ستكون مطالبة بمزيد من التنازلات مثل تحرير مخربين من النوع الوحشي والنازف للدم وعلى ما يبدو ستكون مستعدة لذلك كي تجلب معظم المخطوفين الاحياء. في اثناء هذه المرحلة سيكون تركيز جهد دبلوماسي وغيره على قيادة حماس في ظل تهديد ملموس في أنهم اذا رفضوا ستخرج إسرائيل الى خطوة عسكرية قوية مع اسناد كامل من الولايات المتحدة، مع وقف المساعدات وتشديدات أخرى.
في إسرائيل يشككون في الحلول والتقدير هو – في ا لجيش وفي المستوى السياسي انه ستكون حاجة الى عملية عسكرية واسعة أخرى لتنفيذ القضاء على حماس. هذه هو المزاج كما سمع في مكتبي رئيس الوزراء والوزير رون ديرمر وفي تقديرات الجيش والشباك.
تغيير “عميق وجوهري” في السلطة الفلسطينية
وستكون مواضيع أخرى في اللقاء في البيت الأبيض – اتفاق مع السعودية مثلا من المتوقع أن يتحقق بعد انتهاء الحرب، الى جانب صياغة بند يعنى باستئناف المفاوضات لحل سياسي مع الفلسطينيين. هنا يقول لي المصدر السعودي انه واضح للجميع ان الحديث يدور عن خطوة للمدى البعيد وان السلطة الفلسطينية، التي عليها يوجد نقد حاد في دول الخليج بسبب الفساد وانعدام القدرة على الحكم، تحتاج الى تغيير عميق وجوهري. لكنه يضيف: “على إسرائيل أن تعطي موافقة على تحريك المسيرة مع إرادة والتزام للوصول الى الحل السياسي الصحيح الذي يضمن امنها والتطلعات الى تقرير المصير. “في النهاية هناك حاجة لان يكون افق لدولة فلسطينية، والا فان النزاع سيستمر الى الابد”، هكذا حسب الناطق السعودي.
في مسألة ايران يبدو أنه متوقع أن تهاجم إسرائيل بنفسها وليس الولايات المتحدة حين يكون واضحا تماما ان مثل هذا الهجوم سيحظى باسناد كامل في واشنطن.
——————————————-
هآرتس 2/2/2025
فكرة الترانسفير التي يقترحها ترامب قد تعرقل تحرير المخطوفين
بقلم: تسفي برئيل
المرحلة الثانية، المعقدة والقابلة للانفجار في المفاوضات حول تحرير المخطوفين، يمكن أن تبدأ في الغد. عمليا، هي بدأت في الاسبوع الماضي عندما قام الرئيس ترامب بالقاء الى الساحة برميل مواد متفجرة، على شكل طلبه من مصر والاردن استيعاب حوالي مليون ونصف من الغزيين. مرتان كرر ترامب هذا الطلب، حيث أنه في المرة الثانية أكد على ثقته من أن هذا الطلب سيتم الرد عليه بالايجاب، لأن مصر والاردن تعتمد على المساعدات الامريكية. “مصر والاردن ستفعل ذلك، ستفعل ذلك، أليس كذلك؟”، قال. “نحن نفعل الكثير من اجلها وهي ستفعل ذلك”.
يبدو أن ترامب على قناعة بأن السوط الاقتصادي الذي يستخدمه ضد كولومبيا والمكسيك من الجيد استخدامه ايضا في الشرق الاوسط. ولكن أمس، في مؤتمر قمة وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة، وقف امامه “سور الدفاع” العربي. فقد اوضحوا له (ولجوقة المشجعين في اسرائيل) بأنه ليس فقط دول الهدف المباشرة في خطة الترانسفير له، مصر والاردن، لا يخطر ببالها استيعاب فلسطينيين من غزة من اجل أن تقيم على اراضيها “دولة واحدة لشعبين”. السعودية، قطر ودولة الامارات، التي مع مصر والاردن تشكل المحور المؤيد لامريكا/ المناهض لايران، وهو الاساس الذي تعتمد عليه امريكا واسرائيل لتأسيس “حلف ناتو الشرق الاوسط، رفضت بشكل حازم هذه الفكرة.
آلاف المصريين الذين تظاهروا قرب معبر رفح وهتفوا بشعارات ضد “التهجير” لسكان غزة، لم يستقظوا في الصباح ويقرر بشكل عفوي التعبير عن موقفهم. في مصر المظاهرات الكبيرة محظورة قانونيا، لا سيما في منطقة تعتبر من المناطق المحمية جدا في مصر، منطقة الوصول اليها بحاجة الى عدة تصاريح من المخابرات المصرية. ولكن رغم أن الامر يتعلق بمظاهرة بادرت اليها الشرطة إلا أنها تعبر عن شعور أصيل للجمهور المصري الواسع، وهو الجمهور الذي يتماهى مع معاناة الفلسطينيين ويؤيد الحل السياسي، لكن ليس على حساب مصر أو حساب مواطنيها.
بالنسبة لمصر فان نقل مليون ونصف فلسطيني الى اماكن سكن ثابتة فيها يعتبر ايضا تهديد أمني خطير. ليس فقط أن المظاهرات المؤيدة للحكومة يمكن أن تتطور وتصبح مظاهرات جماهيرية لا يمكن السيطرة عليها، بل ان اقامة مستوطنة منفى فلسطينية في شبه جزيرة سيناء يشكل ارض خصبة لازدهار بؤر ارهابية جديدة. التهديد على الاردن اخطر، وحسب ادراك الملك عبد الله هو تهديد وجودي حقيقي. فثلثي مواطني الاردن هم من اصل فلسطيني. واضافة مئات آلاف الفلسطينيين يعني أن الاردن يمكن أن يصبح الدولة الفلسطينية البديلة.
هذه التهديدات يتم فحصها الآن ازاء تهديد ترامب الذي يلمح اليه بشأن التزام الاردن ومصر كمقابل للمساعدات الامريكية. مصر والاردن في الحقيقة تعتمد بشكل كبير على هذه المساعدات، ويوجد للتهديد بالمس بها وزن في قرارات الدولتين. ولكن المس المتوقع بالمصالح الوطنية والوجودية لها يمكن أن يكون اثقل. من هنا فان اهمية مشهد التضامن أمس في القاهرة، الذي وقفت فيه الدول العربية الغنية الى جانب الاردن ومصر، كأنها ارادت القول بأنه اذا كان ترامب يلوح بسوط المساعدات الاقتصادية فانه سيكون هناك من يمكنه أن يحل محله.
ليس من نافل القول التذكير بأن الدول الثلاثة الرائدة، السعودية ودولة الامارات وقطر، تستثمر عشرات مليارات الدولارات في الشركات والعقارات في الولايات المتحدة. وحتى أن السعودية اعلنت عن نية استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة في فترة ولاية ترامب، وهكذا فان التهديد الامريكي المس بالتمويل يمكن أن يتبين أنه سيف ذو حدين. ولكن الاموال، كما هو معروف، ليست كل شيء. فعندما يحول ترامب اخلاء غزة الى منافسة للي الاذرع مع الاردن ومصر، فان السعودية يمكنها استخدام ايضا ورقة التطبيع مع اسرائيل من اجل “اقناع” ترامب بالنزول عن الشجرة. نحن لا نحتاج الى تخيل سيناريو أكثر خطورة مثل تجميد اتفاق السلام بين مصر الاردن والامارات، وبين اسرائيل. ولكن اذا ظهر أن اسرائيل ستكون المسؤولة عن نكبة فلسطينية جديدة، فان التطلع الى انشاء واقع جديد في الشرق الاوسط يمكن أن ينتقل الى ارض الاحلام.
حتى لو افترضنا للحظة أن مصر والاردن ستوافق على استيعاب لاجئين من غزة، وأن الدول العربية الغنية ستقوم بتمويل عملية الطرد والتوطين من جديد، وتمويل تواجد الفلسطينيين هناك لفترة طويلة، فكيف ستتصرف اسرائيل اذا رفض سكان غزة ركوب الحافلات و”الهجرة بشكل طوعي”؟ هل الطرد عندها سيشبه طرد الارمن من تركيا أو الاجتثاث بالقوة لملايين سكان القوقاز في فترة ستالين؟ أو طرد الالمان من بولندا في السنوات التي اعقبت الحرب العالمية الثانية؟. الاجابة على هذه الاسئلة يمكن أن تؤدي باسرائيل الى مكان مخيف، ويمكن الأمل في أن الكابح العربي سينجح في شطب هذه الفكرة من جدول الاعمال.
المشكلة الفعلية هي أن الانشغال بفكرة الترانسفير وكأن الامر يتعلق بخطة قابلة للتنفيذ وموجودة على الباب، تُبعد وتقمع ضرورة مناقشة قصية ادارة قطاع غزة وتهدد تنفيذ المرحلة الثانية في اتفاق اعادة المخطوفين. في هذه الاثناء استكمال الاتفاق واعادة جميع المخطوفين يلزم اسرائيل ليس فقط بوقف الحرب، بل ايضا تجنب استئنافها والانسحاب من قطاع غزة والبدء في مناقشة اعادة الاعمار هناك. ولكن عندما تكون موضوعة على الطاولة فجأة فكرة الترانسفير فان المطالبة بالغائها يمكن أن تصبح شرط اساسي آخر تقوم حماس بطرحه، الامر الذي سيجعل كل المخطوفين رهائن من اجل سلامة جميع سكان غزة ومستقبل القطاع.
لكن في هذه المرة حماس يمكنها الاستناد الى الشرعية التي ستعطي طلبها الموقف العربي الشامل، الذي بمجرد محاربته للترانسفير فانه يرفع غزة من مكانة مشكلة انسانية محلية الى تهديد أمني وجودي للعرب. الاتفاق القائم عندها يمكن أن لا يكفي من اجل تحرير كل المخطوفين. اسرائيل حينها يجب عليها اجراء مفاوضات، ليس فقط على هوية السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم في المرحلة الثانية في الاتفاق، وعلى عمق الانسحاب من القطاع، بل على طريقة ادارة القطاع، من اجل وضع كابح امام تطبيق فكرة الترانسفير.
على هذه الخلفية اسرائيل ستجد صعوبة ايضا في تبرير استئناف الحرب من اجل انهاء تدمير حماس، بدون الاعتراف بأنها تتنازل عن حياة المخطوفين الباقين، خاصة بعد أن ثبت بأن الاتفاقات، الضمانات والضغوط السياسية، هي التي أدت الى تحرير المخطوفين حتى الآن وليس الضغط العسكري.
لكن المعنى هو أنه حتى لو تم تحقق هدف استئناف الحرب، وآخر رجال حماس تمت تصفيته مع آخر مخطوف، فانه حتى الآن لم يتم ايجاد حل لادارة القطاع وادارة حياة الـ 2.25 مليون فلسطيني الذين يعيشون فيه.
——————————————
هآرتس 2/2/2025
نتنياهو يصاب مرة أخرى باحساس الغرور ولا يزال يأمل بانهيار الصفقة
بقلم: عاموس هرئيلِ
صفقة المخطوفين تتقدم حتى الآن كما هو مخطط لها. الفوضى التي سادت في يوم الخميس في مراسم اعادة المخطوفين التي قامت بها حماس في خانيونس، حل محلها صباح أمس جهد واضح من قبل حماس لاعادة فرض النظام، من خلال عرض سيطرتها على قطاع غزة. في هذه المرة تسلم الصليب الاحمر المخطوفين الثلاثة عوفر كلدرون ويردين بيباس من كيبوتس نير عوز، اللذان تم تسليمهما في خانيونس، وكيث سيغال من كيبوتس كفار عزة الذي تم تسليمه في ميناء غزة، بدون أي مشاكل.
لقد اثقل على السعادة من اعادة المخطوفين النبأ الذي اصبح مؤكد، وهو أن بيباس فقد عائلته في اعقاب الهجوم الارهابي القاتل لحماس. كلدرون وسيغال هما أكبر سنا، وقد أصيب عدد من ابناء عائلاتهم والاصدقاء في المذبحة. هما عانيا كما يبدو من معاملة قاسية ومن التنكيل في الأسر. ويحتمل جدا أن مسألة أن المخطوف تم احتجازه لفترة طويلة، تقريبا 16 شهر، في الانفاق أو في بيت فوق الارض، تؤثر على حالته النفسية والعقلية عند عودته الى البيت. الشجاعة وضبط النفس والسرور الذي يظهر في كل صورة أو كل تقرير عن المراقبات الشابات تسر القلب. مشاهد مشابهة وثقت ايضا في اللقاءات المؤثرة لكلدرون مع ابناء عائلته أمس، لكن سيكون من المبالغ فيه توقع بالضرورة رؤية نفس الشيء في كل النبضات القادمة. من الافضل ايضا أن يكون الجمهور الاسرائيلي يدرك هذا مسبقا.
في هذه الاثناء يبدو أن هناك من يريد التأكد من أن مراحل الصفقة القادمة – بقي حتى الآن 79 مخطوف في القطاع، الذين اكثر من نصفهم اموات – لن تخرج الى حيز التنفيذ. الحديث يدور كما هو متوقع عن المشبوهين العاديين. أمس اهتم مصدر سياسي غير معروف بالتسريب لاخبار 12 بأن اسرائيل تقدر بأن حماس سترفض اطلاق سراح جميع المخطوفين الاحياء في المرحلة الثانية من الاتفاق، لأنها تريد استخدامهم كبوليصة تأمين لقادتها الذين ما زالوا على قيد الحياة. في هذه الحالة تم الادعاء بأن اسرائيل ستستأنف القتال.
باسلوب مشابه، على الاغلب في نفس القناة، اهتم محيط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومحيط وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالتشويش على تنفيذ صفقة المخطوفين في ثلاث محطات على الاقل خلال السنة الماضية. ايضا حماس ساهمت في هذا التشويش. تأخير الصفقة منذ شهر تموز الماضي كلف حياة ليس اقل من ثمانية مخطوفين و122 جندي اسرائيلي، الذين قتلوا في المعارك حتى وقف اطلاق النار في 19 كانون الثاني الماضي.
التسريبات في هذه المرة جاءت على خلفية زيارة نتنياهو في الغد في واشنطن، حيث سيلتقي في يوم الثلاثاء مع الرئيس الامريكي ترامب. رئيس الحكومة الذي حتى الآن لم يف بتعهده زيارة نير عوز، ساحة الكارثة التي شهدتها عائلة بيباس وعائلة كلدرون وعائلات اخرى، اصابته مؤخرا مشاعر الغرور. نتنياهو والمستشار المقرب جدا منه الوزير رون ديرمر على ثقة كبيرة بأنهما سينجحان في اقناع ترامب في اتخاذ مواقف كما يريدان، في اللقاء الذي يوصف بأنه الاكثر مصيرية من بين اللقاءات بين رؤساء الدولتين منذ سنوات.
رسائل مشابهة نقلت من نتنياهو الى سموتريتش على أمل أن يبقى حزب الصهيونية الدينية في الائتلاف ولا ينسحب منه بعد انتهاء الاسابيع الستة التي خصصت للمرحلة الاولى في الاتفاق. حسب هذه التنبؤات فان المفاوضات على الصفقة ستتفجر اصلا، ولذلك لن يتم تنفيذ المرحلة الثانية وسيتم استئناف الحرب. اضافة الى ذلك يعلقون هناك آمال كبيرة على الانشغال الكثيف لترامب بتصريحات علنية على الاقل، بامكانية أن يتم فرض على مصر والاردن استيعاب مئات آلاف الفلسطينيين من سكان غزة، في الوقت الذي فيه دول الخليج ستمول اعادة اعمار انقاض الحرب. الحكومة في مصر والعائلة المالكة في عمان عبرت عن معارضة كبيرة لذلك، لكن نتنياهو متفائل. من وراء هذا التطلع يختفي هدف طموح اكثر، الذي يسعون اليه في اليمين، وهو استغلال الحرب من اجل فرض طرد دائم للفلسطينيين من قطاع غزة، واعادة سيطرة اسرائيل عليه وبناء المستوطنات .
هذه الآمال لم يتم التنازل عنها حتى بعد أن قام الجيش الاسرائيلي بالانسحاب في هذا الاسبوع في اطار الاتفاق من ممر نتساريم، وسمح لمئات آلاف الفلسطينيين بالعودة الى شمال القطاع. العودة الى الشمال كانت معقدة. الدمار كبير جدا، اكثر مما قدر الكثير من العائدين. هناك حتى مشكلة في تزويد دائم لمياه الشرب في الكثير من البلدات المدمرة. بعض العائدين اضطروا الى العودة مرة اخرى الى الجنوب بسبب نقص المياه والخيام في شمال القطاع.
في هذه الاثناء اجتمعت امس في القاهرة لجنة وزراء خارجية لعدد من الدول العربية من بينها السعودية واتحاد الامارات. الى جانب مباركة وقف اطلاق النار والتأكيد على الحاجة الى الحفاظ على سكان القطاع على ارضهم ومنع تهجير آخر، قيل في البيان المشترك بأن هذه الدول تؤيد الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني. هذا ايضا ظهر مثل تحية سعودية لنتنياهو عشية زيارته في واشنطن.
مقابل آمال نتنياهو وشركائه هناك مصادر سياسية وامنية في اسرائيل تعتبر عودة المخطوفين وانهاء القتال في غزة حجر الزاوية لخطوات ترامب في الشرق الاوسط. حسب تقدير هذه المصادر فانه بدون انهاء الحرب في القطاع فان السعودية لن تنضم الى عمليات اعادة الاعمار ولن توقع على الصفقة الضخمة مع الولايات المتحدة، التي يمكن أن تكون مرفقة ايضا باتفاق التطبيع بين اسرائيل والسعودية.
من تبذل الجهود الكبيرة للدفع قدما باستمرار عودة المخطوفين هي عائلات العائدين وعائلات المحتجزين في القطاع. يجدر الانتباه الى أنه كيف في كل تصريح للآباء يشددون على الواجب الضخم لترامب، وتقريبا يقفزون عن شكر نتنياهو. القسم الاول ينبع من فهم الحاجة الى شكر الرئيس الامريكي طوال الوقت لتشجيعه على العمل. والقسم الثاني تم القيام به بشكل متعمد من اجل أن لا يتملص نتنياهو من مواصلة الصفقة، لكن يبدو أنه ايضا من اجل اغضاب الابواق التي تطالب طوال الوقت بشكره على عمله. النشاطات امام البيت الابيض تجري بصورة متواصلة ومباشرة بهدف التأكد من أن مصير المخطوفين لن ينزل عن جدول الاعمال في واشنطن.
حتى لو كان نتنياهو يعتقد بأنه يعرف افضل من الجميع، إلا أنه يبدو أنه لا توجد أي طريقة لتوقع خطوات ترامب القادمة، الذي الضبابية والتصريحات المتناقضة هي جزء من طابع عمله الاساسي. مفترق الطرق الحالي يذكر قليلا بالتوتر بعد عرض “صفقة القرن” في شتاء 2020، في ولاية ترامب الاولى. في حينه وعد قسم في الادارة ورجال نتنياهو سارعوا الى اعلان ذلك على الملأ بـ “سيادة في اليوم الاول”. القصد كان اعتراف امريكا بضم المستوطنات في الضفة الغربية لاسرائيل، لكن في الادارة نفسها ثارت ضجة كبيرة، وفي نهاية المطاف تغلق القسم الذي يعارض الضم. تصعب معرفة الى أين ستتطور الامور في هذه المرة، لأنه توجد امور اكبر موضوعة على كفة الميزان.
——————————————-
معاريف 2/2/2025
رئيس الأركان الجديد أساس الترميم للجيش الاسرائيلي
بقلم: بن كسبيت
هذا لم يكن سهلا، واحيانا كان هذا حتى متوتر. كانت ضغوط، كانت حتى محافل اجنبية نبشت، “ميامي” حاولت قلب الجرة رأسا على عقب في اللحظة الأخيرة ومقاولو كبار أصوات في الليكود حفروا انفاقا الى مكتب وزير الدفاع، لكن في النهاية اتخذ القرار الصحيح: اللواء احتياط ايال زمير هو رئيس الأركان الـ 24 للجيش الاسرائيلي. الرجل المناسب في المكان المناسب في الزمان المناسب. اذا كان ثمة احد ما قادر على ان ينفذ الحرث العميق الذي يجب الان تنفيذه في الجيش الإسرائيلي فهو زمير.
التطورات التي أدت الى تعيين زمير تشبه جدا، تكاد تكون متماثلة لتلك التي أدت الى تعيين غابي اشكنازي رئيس للاركان الـ 19 قبل نحو 18 سنة. في الحالتين حصل هذا بعد حرب، في الحالتين اللواء الذي تم اختياره هو ذاك الذي خسر في معركة رئاسة الأركان في الجولة السابقة (اشكنازي خسر في صالح دان حلوتس، زمير خسر في صالح هرتسي هليفي)، في الحالتين المعين “مر” قبل ذلك في منصب مدير عام وزارة الدفاع.
التحدي والمهمة اللتان امام ايال زمير، كبيران على نحو خاص. قد يكونا غير مسبوقين. هذا اكبر مما كان يتعين على اشكنازي ان يفعله بعد حرب لبنان الثانية، وربما حتى مما كان ينبغي ان يفعله موتي غور بعد حرب يوم الغفران. المهمة هي ليس فقط ترميم الجيش، بناء مفهوم أمن جديد وتجديد بناء القوة وفقا لمبادئه. المهمة هي أيضا “تطهير” الجيش من التأثيرات الغريبة، تنظيفه من محافل مدنية اجتاحته من كل الاتجاهات وحمايته من التسييس. هذه مهمة سيكون من الصعب على زمير الإيفاء بها.
لماذا ايال زمير هو المرشح الأكثر مناسبة للمهمة الحالية؟ لانه مجرب، لانه مصنوع من الفولاذ، لانه خبير في الجيش البري، حيث ينصب أساس الترميم ولأنه رجل مدرعات. عندما تكون حاجة الى حرث عميق حقا ولاحد لا يجري حسابا لاعتبارات المظليين – جولاني، هناك تكون حاجة لجلب رجل مدرعات. الشعار في سلاح المدرعات هو “ما لا ينجح بالقوة ينجح بمزيد من القوة”. إذن هذا هو، ما نحتاج الان هو القوة. كما أن سلاح المدرعات اجرى في هذه الحرب عودة مبهرة واثبت بان مؤبنيه اخطأوا. كما ستكون حاجة أيضا الى الزيادة العاجلة لعدد الدبابات في الجيش بعد سنوات طويلة جدا من الانخفاض. إذ في النهاية لا تنتهي المعركة الى أن تأتي الدبابة.
ايال زمير، الذي كان السكرتير العسكري لرئيس الوزراء ومدير عام وزارة الدفاع، هو أيضا الأكثر اطلاعا من كل المرشحين على علاقات رئيس الأركان/الجيش مع المستوى السياسي: رئيس الوزراء، الكابنت، وزير الدفاع. هذا الاطلاع سيكون حرجا لنجاحه. يمكن الافتراض انه اتفق مع زمير على بضعة أمور هامة “للمستوى السياسي” قبل إقرار ترشيحه. ينبغي الافتراض بان هذه ليست مواضيع مبدئية جدا.
اقدر بانه اتفق معه على اجراء تغيير عميق في هيئة الأركان. ترفيع العميد ايتسيك كوهن (قائد المنطقة الجنوبية؟)، العميد رومان غوفمان، العميد دافيد زيني منصب تنفيذي مقنع (“ميامي”) وما شابه. من الصعب التصديق انه اتفق على تنحية رئيس شعبة الاستخبارات حديث العهد شلومي بندر. حتى لو كان ممكنا التقاط تعيينه، فهو ضابط مجرب، ذكي، بدأ منذ الان في حرث عميق في الشعبة. فبدء كل هذا مجددا لن يكون مسؤولا او صحيحا.
المرشحون لمنصب نائب رئيس الأركان هما اللواء تمير يداعي او اللواء اوري غولدن. توجد نية، ربما، لاعادة ينيف عاشور. إسرائيل كاتس قابل الأسبوع الماضي اللواء احتياط سامي ترجمان لمنصب مدير عام وزارة الدفاع. هنا أيضا، بشكل مفاجيء، يدور الحديث عن تعيين مطلوب وجدير.
لكن مع كل الاحترام للتعيينات، فان القصة الكبرى هي التجنيد. من يعتقد ان ايال زمير اتفق على شيء ما مع كاتس او نتنياهو في موضوع قانون التجنيد، نوصيه ان يعيد التفكير. زمير هو رجل ذو عمود فقري من الفولاذ. فهو ليس مغرورا، ولا معتدا بنفسه ونما لمناصبه المختلفة مع فهم للانضباط، المهنية والزعامة في وجه المرؤوسين والناس.
من يعرف زمير عن كثب لاربعين سنة خدمته العسكرية يروي انه ضابط نظيف من الخلطات وبريء من السياسة. ضابط ينظر لى الجيش لا كـ “وحدة خاصة” او منظومة خاصة بل كجهاز عظيم يحتاج اكثر من أي شيء آخر الى يد حديدية دقيقة على الدفة. ينبغي له ان يعيد الجيش الى المهنة العسكرية من البداية. من المعالجة اليومية الى المعالجة الأسبوعية (مفاهيم المدرعات) الى المهنية، الى (الطاقم، الحظيرة، السرية) الى التدريبات المرتبة، الى التقارير الصادقة، الى الاتصال بالناس. عليه أن يعيد الى المهنة العسكرية شرفها والحرص على الثقافة العسكرية الا تنزلق الى ثقافة معسكرات، خلطات او تلاعبات. زمير لن يقبل بالطلاء، لن يقبل بمشاكل المصداقية، لن يقبل باي شيء غير المئة بالمئة أداء والحد الأقصى من الجهد. عليه أن يعيد الى الجيش شرفه وان يعيد ثقة الجمهور به. عليه ان يحاول إقامة سور صيني بين الجيش والسياسيين وعليه أن يحرص على الكليات المختلفة الا تنبش بما يحصل، على ابعاد السياسيين والحرص على أن قضية مثل ادخال جابو ايرلخ الى لبنان لن تقع في الثقافة المهنية والتنفيذية للجيش.
كل هذه مهام عظمى على كاهل ضابط اجتاز اعدادا هاما وجذريا للمنصب. ولم يتحدث بعد عن مفهوم امن جديد، عن منع التعاظم، عن بناء مجدد للقوة البرية، ترميم سلاح المدرعات، حرث عميق في الاستخبارات وبالطبع: توسيع الصفوف وتجنيد الحريديم للجيش. ايال زمير سيكون رئيس الأركان الـ 24 للجيش الإسرائيلي، ودوره لن يكون اقل من تاريخي.
——————————————
يديعوت احرونوت 2/2/2025
الصهيونية انتصرت
بقلم: شمعون شيفر
أمام الطقوس التي رافقت تحرير المخطوفين والمخطوفات والتي في مركزها يافطة تقول “الصهيونية لن تنتصر”، تلقينا امس دليلا قاطعا عن أن الصهيونية انتصرت. الصهيونية انتصرت لانه بعد كارثة 7 أكتوبر نهض الإسرائيليون، انتعشوا وقاتلوا في سبيل حقهم بالعيش في هذه المنطقة، في دولة بنيت بالحروب ورغم محاولات جيراننا طردنا من هنا. كما أن مظاهر التكافل المتبادل التي رافقت الكفاح الجماهيري لاعادة المخطوفين تغلبت على سلوك الحكومة برئاسة نتنياهو وشركائه من اليمين المتطرف – أي من أولئك الذين تركوا لمصيرهم لن يبقى في الخلف.
أمر آخر تعلمناه هو أن للشعارات التي باعها لنا نتنياهو عن قدسية محوري نتساريم وفيلادلفيا والقضاء على حماس لا أساس في الواقع – واساسا لانه يوجد رب بيت جديد، دونالد ترامب. وفي سياق الأسبوع سيوجه رب البيت هذا تعليماته لرئيس وزراء إسرائيل لان يتوقف عن خيالاته عن استمرار الحرب وان يبدأ بالحرص على تحرير كل من تبقى في اسر حماس.
يردين بيباس عاد من الاسر، في الوقت الذي يوجد فيه تخوف شديد جدا على مصير اعزائه – زوجته شيريي وطفليها ارئيل وكفير. كلنا نحمل معنا في هذه الحرب صورة شيري وهي تحاول أن تدافع بجسدها عن طفليها في وجه قتلة حماس. الشاعر الأمريكي الإنجليزي تي. اس اليوت حاول، في أربعة أبيات من القصيدة ان يصف إحساس اليأس وصحوته في ضوء مشاهد الحرب العالمية الأولى فكتب: “هذا هو الطريق الذي ينتهي فيه العالم/هذا هو الطريق الذي ينتهي فيه العالم/ هذا هو الطريق الذي ينتهي فيه العالم/ ليس بانفجار بل باليباب”.
هكذا سنتذكر الحرب التي وعد نتنياهو بان ينهيها بـ “نصر مطلق”.
في طريقي الى ميدان المخطوفين الأسبوع الماضي مررت عبر أسيجة، بوابات وحواجز التصق بها عشرات افراد الشرطة والحراس – وفهمت بان نتنياهو في المحيط، يشهد في محاكمته. في ذاك الصباح كرر رئيس الوزراء مرة أخرى تساؤله عما يتهم به على الاطلاق، وكلما تواصلت هذه المحاكمة باتت ادعاءاته مقنعة أكثر فأكثر. بين لوائح اتهام خطيرة جدا من جهة وبين اجراء قضائي يجري منذ سنين وتعرقله على نحو منتظم إجراءات طبية وامراض للمتهم والقضاة وحرب في سبع جبهات لعله حقا حان الوقت لوقف هذه المهزلة.
اصطادت عيناي في متحف تل ابيب لوحة لمساعد الطيار رون أراد رسمها العاد لروم “النجم الأسود”، اسم اللوحة، التي تطل منها صورة أراد مثلما ظهرت في التوثيق الذي نشر في تلفزيون في لبنان في 2006 بعد عقدين من سقوطه في الاسر. أراد يتحدث الى امه، زوجته وابنته. في اللوحة عيناه ساقطتان، على وجهه لحية كثيفة، من فوقه “يضيء” لروم ما يبدو قمر كامل او شمس صفراء.
أفلام كهذه رأينا أيضا منذ 7 أكتوبر. أفلام بواسطتها سعت حماس لان تهدد بان مصير المخطوفين سيكون كمصير أراد الذي اختفت آثاره.
هذا الأسبوع قبل سبع سنوات رحلت زوجتي رحيلا. في لقاء عابر مع رئيس الاكاديمية الوطنية للغة، البروفيسور موشيه بار آشير قال لي: كان لي الاف الطلاب والاف الطالبات، وفقط رحيلا شيفر واحدة. في أيام الحداد السبعة جاءت الينا أربع عاملات من كافتيريا وزارة التعليم روين “بانها كانت الوحيدة من مسؤولي الوزارة التي اولتنا اهتماما، وفي كل مناسبة قدمت لنا الهدايا”.
وأنا أهدي لها ابياتا من قصيدة أخرى لـ تي.اس اليوت: “ريح شتوية عاصفة لن تجمد، شمس غاضبة لن تجفف الورود في حديقتنا وحديقتنا فقط. لكن هذا الاهداء معد لاخرين سيقرأوه، هذه كلمات خاصة تقال لها علنا”، فلتكن ذكراكِ يا رحيلا خالدة.
——————————————
يديعوت احرونوت 2/2/2025
شرق أوسط في مفترق طرق
بقلم: ايتمار آيخنر
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقلع هذا الصباح الى زيارة حرجة في واشنطن تصل الى ذروتها يوم الثلاثاء – حين يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الغرفة البيضوية في البيت الأبيض. في اللقاء سيحاول الزعيمان تركيب لوحة فسيفساء الشرق الأوسط وتقرير سلم الأولويات في كل المواضيع الملحة التي على جدول الاعمال. في الطريق الى هناك يعرف، كما يعرف نتنياهو، ستكون لنتائج اللقاءات تداعيات أيضا على مصير الحكومة وموعد الانتخابات التالية. نتنياهو هو الزعيم الأجنبي الأول الذي يدعى الى لقاء ترامب، وسيفرش له البساط الأحمر ويستضيفه في المضافة الرسمية، البلير هاوس. ولاحقا سيدعى رئيس الوزراء الى وليمة احتفالية في البيت الأبيض.
في إسرائيل يولون أهمية كبيرة جدا في اللقاءات مع ترامب ويؤمنون بان رئيس الوزراء يمكنه أن يؤثر على ترامب في تصميم سياسته للشرق الأوسط. صحيح أن لترامب غرائزه وهو يتحدث عن الشرق الأوسط قبل 20 كانون الثاني وبعده، لكن في مواضيع كثيرة لم تتخذ بعد قرارات. “في اعقاب لقائه مع ترامب سيكون ممكنا بلورة السياسة”، يشرح مسؤول إسرائيلي، “حتى ذلك الحين لا يوجد الكثير من المساحة للتقدم”.
وعليه فان المواضيع التي ستبحث في اللقاء وتصمم سلم أولويات سياسة الإدارة في المنطقة للفترة القريبة القادمة واسعة وتتراوح من صفقة المخطوفين ومسألة اليوم التالي في القطاع وحتى مسائل إقليمية أوسع ترتبط بهذا الشكل أو ذاك بغزة أيضا.
احدى المسائل المركزية التي سيبحثها الرجلان هي ما هو الأسبق: معالجة التهديد الإيراني أم التطبيع مع السعودية. ظاهرا، القصة السعودية مع الغلاف الأمني منتهية بما يكفي. نعرف كيف سيبدو التطبيع. الى جانب ذلك نعرف أيضا بان السعوديين لن يتقدموا الا اذا كان وقف نار دائم وافق سياسي ما للفلسطينيين. وعليه فمن غير المستبعد ان يحاول نتنياهو اقناع ترامب بالسير أولا بالذات نحو التهديد الإيراني. فخطوة كهذه ستخدم أيضا مصالح السعوديين وتعطي زمنا إضافيا لاتخاذ القرارات في موضوع غزة. إضافة الى ذلك، فان معالجة جذرية لإيران ستسهل لاحقا على إدارة ترامب خلق أثر دومينو لتطبيع لا يضم فقط السعودية بل ودول أخرى كاندونيسيا، ماليزيا، سوريا، لبنان، الكويت، عُمان وهكذا دواليك.
بالمقابل اذا فضل ترامب البدء بالسعودية فان هذا من شأنه أن يضع حكومة نتنياهو في اختبار وجودي. في هذا السيناريو، يمكن للرئيس الجديد ان يحشر نتنياهو في الزاوية كي ينهي الحرب ما يمكنه أن يسقط الحكومة ويؤدي الى انتخابات مبكرة. ومع ذلك، كما أسلفنا في إسرائيل يفهمون بان المسألة الإيرانية على أي حال تنخرط في المبنى الإقليمي. إسرائيل من جهتها كان يودها ان ترى عقوبات أمريكية شالة مرفقة بخيار عسكري مصداق فيما تكون خيارات ترامب هي اتفاق نووي او حملة عسكرية. في الطريق الى هناك يحتمل أن تكون عقوبات مع تهديد عسكري على خلفية رسالة ترامب في انه لن تكون لإيران قنبلة نووية. وبالتالي، البحث هو كيف التأكد من تحقق هذا الهدف. في نظر ترامب لا يريد أن يفتح حروبا وايران ليست حربه، لكن بالتأكيد توجد حروب لاخرين يمكنه أن يساعد فيها. وهكذا يعفي نفسه ترامب من التضارب بين الرغبة من شأن يكون محقق السلام وبين القدرة على مساعدة إسرائيل على الانتصار في حروبها.
بالنسبة للاسئلة الأكثر فورية، فان الرئيس بايدن خطيا والرئيس ترامب شفويا قالا لنتنياهو انهما لن يريا في العودة الى القتال خرقا للاتفاق اذا لم يتحقق اتفاق، لكن واضح للجميع ان هذا اكثر تعقيدا. فالامريكيون مشغولون ببناء أعمدة لسياسة استراتيجية فيما يؤثر الامر على الامر الاخر. بين المواضيع الأخرى التي ستطرح في اللقاء توجد أيضا أوامر الاعتقال ضد نتنياهو، استمرار نقل الذخائر من الولايات المتحدة الى إسرائيل، استمرار وقف النار في لبنان والموقف من الحكومة الجديدة في سوريا.
نتنياهو نفسه مدد الزيارة، التي يخرج اليها لأول مرة منذ صدر بحقه امر الاعتقال ولن يعود الا بعد نهاية الأسبوع. عقيلته سارة ستنضم اليه من ميامي، بعد ان لم يلتقيا 70 يوما. بعد ذلك ستعود معه الى البلاد في جناح صهيون.
——————————————
هآرتس 2/2/2025
“مصر هي المسؤولة المباشرة عن حرب أكتوبر”.. إسرائيل: لم نجد شريكاً
بقلم: أوري بار يوسف
قرار وزارة التعليم تبني استنتاجات البروفيسور يوآف غلبر، بشأن المسؤولية الحصرية لمصر عن حرب يوم الغفران، واعتبار أجوبة الطلاب بأن لسياسة إسرائيل دوراً في ذلك، بدءاً من السنة الدراسية 2026، قرار فضائحي. إلى جانب التقدير الكبير الذي يعطيه هذا القرار لغلبر باعتباره صاحب كلمة الفصل في النقاش التاريخي، فهو يشير إلى أن المهنيين في وزارة التعليم لا يفهمون المادة، وفي أسوأ الحالات يشير إلى التملق الذي يستهدف خدمة أجندة سياسية واضحة.
في هذه الحالة، يجب الفهم بأن “النقاش حول مسؤولية إسرائيل في اندلاع الحرب في 1973 لا يعتبر تاريخياً محضاً، بل له أبعاد واقعية واضحة. من يعلم طلاب إسرائيل بأنه لا يوجد شريك للتفاوض معه في 1973 فهو بذلك يعزز موقف العسكريين القائل بعدم وجود من يمكن التحدث معه، لذلك سنبقى على حد السيف إلى الأبد. وإذا تعلم طلاب إسرائيل بأنه يمكن أن يكون هناك شريك، وأنه كان يمكن منع الحرب، فسيفكرون أن هناك من نتحدث معه، وأن سياسة حكومة اليمين هي التي تمنع ذلك.
النقاش حول مسؤولية إسرائيل في اندلاع الحرب في 1973 لا يعتبر تاريخياً محضاً، بل له أبعاد واقعية واضحة
700 كلمة – الإطار الذي تخصصه “هآرتس” لمقالات الرأي – لا تكفي لنقاش عميق في مسألة دور إسرائيل في اندلاع الحرب. وأشير هنا إلى ثلاث نقاط لأشرح لماذا يبدو القرار الذي تم اتخاذه في وزارة التعليم غير منطقي.
أولاً، لا جدال حول أن مصر لم تقدم لإسرائيل عرض سلام رسمياً، لكن من المضحك رؤية ذلك كدليل على رفض مصر إنهاء النزاع. المفاوضات، كما هو معروف لكل من يشتري أو يبيع سيارة مستعملة، تبدأ باقتراحات أولية وتستمر إلى وصول الطرفين (أو لا يصلان) إلى نقطة التقاء. في هذه الحالة، قدمت مصر اقتراحات مفصلة للاتفاق في محادثات سرية أجراها مبعوث أنور السادات مع هنري كيسنجر في نهاية شباط 1973. الرد السلبي الذي حصلت عليه، بدون أن تقدم إسرائيل أي اقتراح مضاد، هو -كما وصف ذلك مبعوث السادات في مذكراته- النقطة التي أدرك فيها الرئيس المصري بأنه لا خيار باستثناء الحرب.
ثانياً، أقوال وزارة التعليم القائلة بأن “موقف مصر كان انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي كلها كشرط مسبق لإجراء المفاوضات، بدون التعهد بسلام كامل أو ترتيبات أمنية مرضية”، أقوال لن تصمد؛ لأنها كانت ستحصل على علامة متدنية جداً في أي دورة جدية في التاريخ.
في الواقع، حكومة ليفي أشكول (الذي كان مناحيم بيغن وزيراً فيها أيضاً) اتخذت في حزيران 1967، بعد بضعة أيام على انتهاء حرب الأيام الستة، قراراً يقول إن إسرائيل ستكون مستعدة للانسحاب إلى الحدود الدولية مع مصر مقابل عقد اتفاق سلام، يضمن حرية الملاحة في مضائق تيران وقناة السويس، وحرية الطيران فوق مضائق تيران وخليج السويس، ونزع السلاح من شبه جزيرة سيناء. وكان واضحاً للوزراء الذين اتخذوا هذا القرار أن اتفاق السلام لن يشمل التطبيع (العلاقات الدبلوماسية، الاقتصادية، السياحة وما شابه)، إنما إنهاء حالة الحرب وترتيبات أمنية فقط. وكانوا مستعدين للاكتفاء بذلك.
العرض المصري الأولي في المحادثات مع كيسنجر قبل ثمانية أشهر تقريباً على اندلاع الحرب، طالب بالانسحاب إلى الحدود الدولية، لكنه لم يستبعد كلياً استمرار وجود إسرائيلي في شبه جزيرة سيناء إلى حين التوصل إلى اتفاق السلام الشامل. في المقابل، وافقت مصر على إنهاء حالة الحرب بين الدولتين، وحرية الملاحة والطيران فوق مضائق تيران، وحرية الملاحة في قناة السويس، والاستعداد لنزع السلاح بشكل جزئي، لكنه واسع، من شبه جزيرة سيناء، ووقف المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل.
بكلمات أخرى، العرض المصر الأولي استجاب لشروط إسرائيل بشكل كامل: الانسحاب الكامل كما تم عرض ذلك في حزيران 1967. حتى الوزير إسرائيل غليلي، الصقر الواضح الذي رفض الانسحاب إلى خطوط 1967، اعتقد في جلسة سرية في 18 نيسان 1973 بأن ما يقف على الأجندة هو اختيار بين عرض مصر للتسوية، التي تعطي لإسرائيل كل ما طلبته في السابق، وبين “اضطرابات”، حسب قوله، أي حرب جديدة ستندلع إذا لم يحدث أي تغيير في موقف إسرائيل. ولكن موقف أعضاء الكابنت الأمني، غولدا مئير وموشيه ديان وغليلي، تلخص بالاعتقاد أنه يفضل شرم الشيخ بدون سلام على سلام بدون شرم الشيخ، وهكذا وصلنا إلى الحرب.
يجدر إضافة نقطة ثالثة إلى ذلك؛ فمع كل الاحترام الذي تعطيه وزارة التعليم ليوآف غلبر، فهناك آخرون يمكن الاعتماد على رأيهم، لأنهم يعرفون الموضوع بدرجة لا تقل عنه، وأحد هؤلاء كيسنجر، مهندس عملية الترتيبات قبل الحرب وبعدها، الذي يعد مؤيداً بارزاً لإسرائيل في إدارة نيكسون.
في كانون الثاني 2019 أجريتُ وبيرغمان مقابلة معه حول الحرب (يمكن مشاهدتها في موقع مركز حرب يوم الغفران). وتناول السؤال الرئيسي احتمالية منع الحرب والمسؤولية عن عدم منعها، وكان جواب كيسنجر واضحاً: “لم تكن إسرائيل مستعدة للعودة إلى حدود 1967. لذلك، لم يكن بالإمكان التوصل إلى اتفاق”. معظم المؤرخين، منهم أساتذة مقدرون حققوا في هذا الأمر، يوافقون على هذا الموقف، حتى لو كان لا يتساوق مع استنتاج غلبر.
لا أعرف كيف تجري عملية اتخاذ القرارات في وزارة التعليم. ولكن يجب اتخاذ قرار متزن أكثر في قضية حساسة جداً، سواء من ناحية تاريخية أو من ناحية سياسية آنية. الكرة الآن في ملعبها.
——————————————
هآرتس 2/2/2025
لترامب: كيف تفتح شهية اليمين بتهجير الفلسطينيين ثم تتحدث عن “المرحلة الثانية”؟
بقلم: أسرة التحرير
بمرور 484 يوماً منذ اختطاف عوفر كلدرون، ويردين بيباس وكيف سيغال، تحرروا أمس من الأسر وعادوا إلى إسرائيل. عودتهم المفرحة يجب أن تعزز التزام نتنياهو وحكومته لإعادة كل المخطوفين إلى البلاد عن آخرهم. محظور السماح لليمين المتطرف بجر إسرائيل إلى الحرب ثانية، بثمن التخلي عن المخطوفين وموتهم.
الأيام القريبة القادمة ستحسم أين تتجه إسرائيل. قبيل المفاوضات بين إسرائيل وحماس على المرحلة الثانية، التي يفترض أن تبدأ، يقلع نتنياهو إلى الولايات المتحدة للقاء بالرئيس الأمريكي. دعاه ترامب ليتأكد من التزام نتنياهو بالمرحلة الثانية. لن يكون الأمريكيون أكثر وضوحاً: هذا ما يريدون. لهذا أرسل المبعوث الخاص ستيف ويتكوف إلى المنطقة. ليس مثل بعض من الحكومة، الأمريكيون جديون برغبتهم في تنفيذ إسرائيل للاتفاق بكل مراحله وفي نهايته “اليوم التالي” الجديد في الشرق الأوسط: تطبيع مع السعودية.
الضغط الأمريكي على نتنياهو هام في ضوء الضغط الذي سيواصل اليمين المتطرف ممارسته عليه في ظل تهديدات بتفكيك الحكومة إذا لم يعد إلى القتال. يواصل سموتريتش الحديث عن احتلال غزة، وأحاديث ترامب عن نقل السكان فتحت له الشهية للترحيل.
على نتنياهو وترامب إبقاء إسرائيل على المسار الذي بدأت تتقدم فيه: نهاية الحرب، وإعادة كل المخطوفين. هذا هو الطريق الوحيد. من المهم الحفاظ على الاتصال البصري بالواقع. لا ينبغي التحلي بالأوهام عن حلول من العدم للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني كالترحيل إلى مصر والأردن. للتذكير، أوضحت السعودية والجامعة العربية ومصر والأردن وقطر والإمارات والسلطة الفلسطينية مجتمعة عدم قبولها اقتراح ترامب بأي حال، ودعت الأسرة الدولية للبدء في تنفيذ عملي لحل الدولتين. الواقع يلزم أيضاً بتسمية البديل السلطوي لحماس باسمه. فمحاولة عرض الجهات التي ستسيطر على معبر رفح إلى جانب القوة الأوروبية كـ “أناس يتماثلون مع حركة فتح لكنهم لا يعتبرون من السلطة الفلسطينية” تبدو محاولة سخيفة. بديل حماس يسمى السلطة الفلسطينية. حان الوقت للتوقف عن ذر الرماد في عيون الجمهور. إن خلق الأزمات أمام المرحلة الثانية سيؤدي إلى تأخير في تحرير المخطوفين. جر الأردني سيكون على حساب حياة المخطوفين. على نتنياهو إكمال الصفقة، وإنهاء الحرب، وإعادة كل المخطوفين والتعاون مع الأمريكيين والجهات الإقليمية التي تحاول إنتاج اليوم التالي في الشرق الأوسط.
—————–انتهت النشرة–