إسرائيلياتمقالات

بقلم: يوسي بيلين : إسرائيل في درس الصاروخ الحوثي … إما الضفة الغربية أو الاستراتيجية

‎‎‎‎المسار : حتى الثلاثاء القادم، بداية زيارة ترامب للشرق الأوسط ربما يكون ممكناً وقف الحرب القادمة. صحيح أنها حظيت باسم جميل قبل أن تبدأ، لكن معناها الغرق في رمال غزة، ومخاطرة عالية جداً على حياة المخطوفين المتبقين على قيد الحياة، ويقين للثمن الدموي والكلفة المالية العسيرة على الحمل. ليست الحرب هي التي ستعيد المخطوفين. ولما كانت تصفية حماس ليست واقعية، فستبقينا في غزة حتى بدون تحقق الرؤيا العبثية للاستيطان المتجدد في هذا القطاع المكتظ والبائس.

الحرب التي بدأتها إسرائيل بعد بضعة أيام من السبت إياه كانت ضرورية، لكن المس بالسكان المدنيين كان مبالغاً فيه، وإسرائيل تدفع ثمناً باهظاً بمكانتها الدولية بسبب ذلك. أهداف الحرب (تقويض، تصفية، نصر مطلق) كانت غير عملية. وذلك لم ينبع من خطأ، بل من تفكير بأن حرباً طويلة ضد حماس وما تبقى منها سيخدم مصالح شخصية وسياسية معينة.

الهدف الاستراتيجي الحقيقي بقي كما كان عقب المذبحة: إعادة كل المخطوفين، وإنهاء الحرب (بضمانات أمريكية وأخرى)، وإخلاء قيادة حماس من القطاع واستبدالها بجهة متعددة الأطراف. ستشترط الجهة الدولية دخولها إلى غزة باستئناف الحوار الإسرائيلي مع العنوان الفلسطيني الشرعي، وهذه مصلحة إسرائيلية بقدر لا يقل عنها مصلحة عربية. أما رفض حكومة إسرائيل لمثل هذا الحوار حول “الصباح التالي” فهو العائق الأساس أمام مثل هذه الخطوة، ولعل ترامب يقنع نتنياهو بالموافقة على ذلك. الأخير لن يفقد وظيفته نتيجة لذلك، لأن أحزاب الوسط – اليسار ستمنحه شبكة أمان واسعة، لمسافة متفق عليها.

مع انقضاء خطر آر.بي.جي

عندما تحدث الوطنيون الصهاينة عن ضرورة تقسيم البلاد بين إسرائيل وإطار أردني أو أردني فلسطيني وبعد تخلي الملك حسين عن الضفة الغربية – بين إسرائيل ودولة فلسطينية مجردة، اصطدموا بنوعين من النار: لم نحاول الجدال مع أحدهما– سمعت هذا في حديثي مع الحاخام تسفي يهودا كوك الذي شرح بأنه من اللحظة التي احتللنا فيها المناطق، لم نتلق تخويلاً إلهياً بالتخلي عنها. أما الثاني فهو الخطر الأمني: ماذا سيحصل إذا خرجنا من معظم الأرض وأقيمت دولة فلسطينية سيادية، وتاق أحد ما لإطلاق آر.بي.جي نحو المطار ويعرض الطيران الإسرائيلي للخطر. أعطيت لهذا أجوبة أمنية، لكن الحجة اعتبرت قوية للغاية من المعسكر الصقري العلماني.

من كان بحاجة إلى برهان على ضعف هذه الحجة، تلقاها في بداية الأسبوع عندما وصل صاروخ باليستي حوثي إلى مجال المطار وكاد يضرب البوابة 3. نعم، لإسرائيل أجوبة على هجمات ليست لدى أي دولة أخرى في العالم، لكن في عالم الصواريخ بعيدة المدى يمكن لدولة معادية وبائسة أن تضر إحدى الدول الأغنى والأقوى في العالم. وليس هذا لأن حجم الأرض غير مهم، لكن التنازل عن أرض أكبر بثلاثة أضعاف من أرض إسرائيل بخطوط الهدنة يمنحها هدوءاً شبه تام مع مصر، والسلام مع الأردن يمنحنا عمقاً استراتيجياً من 95 ألف كيلومتر مربع. لا شك أن اتفاقات السلام التي عقدتها إسرائيل جلبت لها أمناً أكبر من أي أرض احتلتها وسلاح اقتنته. وإذا لم نكمل دائرة التسويات السياسية كجزء من اتفاقات إبراهيم أو بلا صلة بها، ستكون بوابة الدخول إلى إسرائيل في خطر.

إن الانسحاب من الضفة الغربية بغير صيغة أرئيل شارون التي أصر على خطوها من طرف واحد، ودون إخلاء مستوطنات أو هدمها مثلما فعل، سيضمن أمن إسرائيل أكثر بكثير من استمرار سيطرة على الأرض لا تمنع خطر الصواريخ.